
ما حكم الصلاة على النبي ﷺ للشفاء من الأمراض؟.. دار الإفتاء تجيب
وأجاب على السائل الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية السابق عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء قائلا: النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم هو رحمةُ الله للعالمين؛ فهو سببُ وصولِ الخير ودفْع الشر والضر عن كل الخلق في الدنيا والآخرة، وكما أنه صلى الله عليه وآله وسلم شفيعُ الخلائقِ؛ فالصلاةُ عليه شفيعُ الدعاء؛ فبها يُستجاب الدعاء، ويُكشف الكرب والبلاء، وتُستنزَل الرحمة والعطاء، وقد أخبر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم -وهو الصادق المصدوق- أنَّ الإكثار منها حتى تستغرق مجلس الذكر سببٌ لكفاية المرء كلَّ ما أهمه في الدنيا والآخرة، ووردت الآثارُ عن السلف والأئمَّة بأنها سببٌ لجلب الخير ودرء الضر، وعلى ذلك جرت الأمَّةُ المحمديةُ منذ العصر الأول، وتواتر عن العلماء أن عليها في ذلك المعول؛ حتى عدوا ذلك من معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم المستمرَّة بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، وتواترت في ذلك النقول والحكايات، وألفت فيه المصنفات، وتوارد العلماء على النص على مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإكثار منها في أوقات الوباء والطاعون والأزمات؛ فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو رحمة الله تعالى لكل الكائنات.
إنعام الله على الأمة بإرسال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
سيدنا محمَّد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو أعظمُ مِنَن الحق على الخلق، وباب أسباب الخير الباطنة والظاهرة لكل مخلوق في الدنيا والآخرة، جعل الله رسالته رحمةً للعالمين، ودفعًا للنقمة عن المخلوقين؛ فقال سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في "الرسالة" (ص: 16-17، ط. مكتبة الحلبي): [فلم تُمْسِ بنا نعمةٌ ظهرت ولا بَطَنَت، نلنا بها حظًّا في دين ودنيا، أو دُفِعَ بها عنا مكروهٌ فيهما، وفي واحد منهما، إلا ومحمدٌ صلى الله عليه سببُها، القائدُ إلى خيرها، والهادي إلى رشدها، الذائدُ عن الهلكة وموارد السَّوء في خلاف الرشد، المنبِّهُ للأسباب التي تورد الهلكة، القائمُ بالنصيحة في الإرشاد والإنذار فيها] اهـ.
وامتنَّ الله تعالى على عباده بأن أرسلَ لهم رسولَه صلى الله عليه وآله وسلم؛ رأفةً لهم ورحمةً بهم، يدفعُ عنهم المشقَّة والعناء، ويجلبُ لهم النِّعم والارتقاء؛ قال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 128].
قال العلامة ابن عجيبة في "البحر المديد" (2/ 445، ط. حسن عباس زكي): [﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ﴾ أي: شديد شاق عليه ﴿عَنِتُّمْ﴾ أي: عَنَتُكُم ومَشقَّتُكم ولقاؤكم المكروهَ في دينكم ودنياكم ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾ أي: على إيمانكم وسعادتكم وصلاح شأنكم ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ﴾ منكم ومن غيركم ﴿رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ أي: شفيق بهم] اهـ.
وقد عبَّر عن ذلك الإمامُ العارف العلامة محمد بن أبي الحسن البكري الصِّدِّيقي الشافعي المصري (ت993هـ) شيخ أهل عصره، ومقدَّم علماء الأزهر الشريف في مصره في "لاميته" الشهيرة: "الوسيلة العظيمة"، التي ذكرها المؤرخ العيدروس في "النور السافر"، وأولها:
ما أرسل الرحمـن أو يرسلُ .. من رحمة تصعد أو تنزلُ
في ملكوت الله أو مُلكه .. من كل ما يختص أو يشملُ
إلا وطه المصطفى عبدُه .. نبيُّه مُختاره المُرسَلُ
واسطةٌ فيها وأصلٌ لها .. يعلم هذا كلُّ مَن يعقِلُ
فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم
كما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو شفيعُ الخلائق، فالصلاةُ عليه هي شفيعُ الدعاء، ومن فضلِ الله تعالى على هذه الأمَّة ورحمتِه بها أن جعل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسيلةَ الدعاءِ، وكاشفةَ البلاءِ، وجالبةَ البركاتِ، ومُستَنْزِلةَ الرحماتِ، وتوجَّه الأمر العام لجميع المؤمنين بالصلاة عليه؛ فقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]، وجعل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أفضلِ القُربات وأعظم الطاعات، بها يحقِّقُ الله تعالى المطلوب، ويُفرِّجُ الكُرُوب، ويرفعُ الوباء، ويدفعُ البلاء؛ فهي سببٌ لجلْب الخُيُور، ودفْع الشرور.
فعن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا ذهب ربع الليل -وفي رواية: ثلثا الليل- قام فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللهَ، اذْكُرُوا اللهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ». قلت: يا رسول الله! إني أُكْثِرُ الصلاةَ عليك، فكم أجعلُ لك من صلاتي؟ فقال: «مَا شِئْتَ». قلت: الربع؟ قال: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قلت: النِّصْفَ؟ قال: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قلت: فَالثُّلُثَيْنِ؟ قال: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قُلْتُ: أَجعلُ لك صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قال: «إِذن تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ» رواه الإمام أحمد، وعبد بن حُمَيْد في "المسند"، والترمذيُّ في "جامعه" وحسَّنه، والحاكمُ في "المستدرك" وصحَّحه، ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" بلفظ: «إذًا يَكْفِيكَ اللهُ مَا أَهَمَّكَ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ».
وهذا الحديثُ لا مزيدَ على دلالته في تفريج جميع الكروب الخاصَّة والعامَّة في الدنيا والآخرة.
قال العلامة الدهلوي (ت1052هـ) في "لمعات التنقيح" (3/ 68، ط. دار النوادر):
[أي: إذا صرفت جميع أزمان دعائك في الصلاة عليَّ، كُفِيتَ ما يهمك من أمور دنياك وآخرتك، على قياس: «مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ»، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق: 2-3]، فمن كان لله ورسوله، كان الله ورسوله له، جعلنا الله منهم.
قال بعضهم: لما صرف العبدُ سؤالَه وطلبَه ورغبتَه في مَحابِّ اللَّهِ ورسوله، وآثره على مَحابِّ نفسه، لا جرم استحقَّ جزاءً كاملًا، وفضلًا مخصوصًا، ويغنيه عن التشبُّث بأسباب ذلك، وهذه نكتةٌ غريبةٌ في قضاء حوائجِ العبد وكفاية مهماته لاشتغاله بالصلاة على النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم، فافهم] اهـ.
حكم الصلاة على النبي ﷺ لرفع الوباء والشفاء من الأمراض
قد تواترت الأخبار عن الأئمَّة الأخيار عبر الأعصار والأمصار بأنَّ الصلاة على المختار هي أعظمُ ما تُدرأ به الأخطار، وتوضع به الآصار والأوزار، وتُستَدْفَع به نوائب الأقدار، والملمات والمضار، حتى نقلوا في ذلك ما تتنوَّر به الصفحات، وتتعطر به الكتب والمصنفات، من متواتر الوقائع والكرامات، في تفريج الكربات، وجلاء الأزمات، ودفع الملمات، ببركة الصلاة والسلام على خير البريات، وسيد أهل الأرض والسماوات، ما عدُّوه من عظيم المعجزات المستمرة لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم بعد الممات.
قال الإمام الحافظ أبو عمرو بن الصلاح (ت643هـ) في "أدب المفتي والمستفتي" (ص: 210، ط. مكتبة العلوم والحكم) وهو يتكلم عن معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم: [فإنها ليست محصورةً على ما وجد منها في عصره صلى الله عليه وآله وسلم، بل لم تزَلْ تتجدَّد بعده صلى الله عليه وآله وسلم على تعاقب العصور؛ وذلك أنَّ كراماتِ الأولياء من أُمَّته صلى الله عليه وآله وسلم وإجابات المتوسلين به في حوائجهم ومغوثاتهم عقيب توسلهم به في شدائدهم براهين له صلى الله عليه وآله وسلم قواطع، ومعجزات له سواطع، ولا يعدها عد ولا يحصرها حد، أعاذنا الله من الزيغ عن ملته، وجعلنا من المهتدين الهادين بهديه وسنته] اهـ.
وقال الحافظُ السخاوي في كتابه الماتع "القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع" (ص: 442، ط. دار الريان) صلى الله عليه وآله وسلم: [ومن تشفَّع بجاهه صلى الله عليه وآله وسلم، وتوسَّل بالصلاة عليه، بلغ مراده، وأنجح قصده، وقد أفردوا ذلك بالتصنيف، ومن ذلك: حديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه الماضي وغيره، وهذه من المعجزات الباقية على ممر الدهور والأعوام، وتعاقب العصور والأيام، ولو قيل: إن إجاباتِ المتوسلين بجاهه عقب توسلهم يتضمَّن معجزاتٍ كثيرةً بعدد التوسلات، لكان أحسن؛ فلا يطمع حينئذٍ في عد معجزاته حاصر، فإنه ولو بلغ ما بلغ منها حاسر قاصر، وقد انتدب لها بعض العلماء الأعلام فبلغ ألفًا، وايم الله إنه لو أمعن النظر لزاد منها آلافًا تُلفَى، صلى الله عليه وآله وسلم تسليمًا كثيرًا، وحسبك قصة المهاجرة التي مات ولدها ثم أحياه الله عز وجل لها لما توسَّلت بجنابه الكريم، ويدخل هنا حديث أبي بن كعب رضي الله عنه وغيره من الأحاديث الماضية في الباب الثاني؛ حيث قال فيها: «إِذن تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ ذَنْبُكَ»، ولله الحمد] اهـ.
وقد أفرد الأئمة كتبًا في تفريج الكروب، بالصلاة على الحبيب المحبوب صلى الله عليه وآله وسلم، كما صنع الإمام الحافظ المنذري (ت656هـ) صاحب "الترغيب والترهيب" في رسالته "زوال الظما، في ذكر من استغاث برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الشدة والعمى"، والإمام أبو عبد الله بن النعمان المراكشي (ت683هـ) في كتابه "مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام، في اليقظة والمنام"، والعلامة نور الدين الحلبي الشافعي (ت1044هـ) في كتابه "بغية ذوي الأحلام، بأخبار مَن فُرِّجَ كربُه برؤية المصطفى عليه الصلاة والسلام في المنام"، والإمام العارف بالله أحمد بن سليمان الأروادي الخالدي النقشبندي (ت1275هـ) في كتابه "مفرج الكروب، بالصلاة على النبي المحب المحبوب" صلى الله عليه وآله وسلم.. وغيرهم.
فمن ذلك: ما ذكره العلامة الفيروزآبادي (ت817هـ) في كتابه "الصِّلَات والبُشَر، في الصلاة على خير البشر" (ص: 169-170، ط. سماح للنشر)؛ قال: [فمنها ما أخبرني العلامة أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الحسن، محدث مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشافهة، قال: نقل الإمام عمر بن علي اللخمي المالكي قال: أخبرني الشيخ الصالح موسى الضرير: أنه ركب في مركب في البحر المالح، قال: وقامت علينا ريح تسمَّى "الإقلابية" قلَّ مَن ينجو منها من الغرق، فضجَّ الناس خوفًا من الغرق، قال: فغلبتني عيناي فنمتُ، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: قل لأهل المركب يقولوا ألف مرة: اللهم صلِّ على سيدنا محمَّد وعلى آل سيدنا محمد صلاةً تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، وتقضي لنا بها جميع الحاجات، وتطهرنا بها من جميع السيئات، وترفعنا عندك بها أعلى الدرجات، وتبلغنا بها أقصى الغايات، من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات. قال: فاستيقظتُ وأعلمتُ أهل المركب بالرؤيا، فصلينا نحو ثلاثمائة مرة، ففرَّج الله عنا، هذا أو قريبًا منه. قال أبو عبد الله: وأخبرني الشيخ الصالح الفقيه حسن بن علي بن سيد الكل المهلني الأسواني رحمه الله تعالى بهذه الصلاة، وقال: من قالها في كل مهم ونازلة ألف مرة فرج الله عنه وأدرك مرامه] اهـ.
الإكثار من الصلاة على النبي عليه السلام عند الشدائد والنوازل
قد اتفق العلماء على أنَّ من المواطنِ التي يُستحبُّ فيها الإكثارُ من الصلاة على النبي المختار الصلاةَ عليه عند الشدائدِ والنوازلِ وحلولِ الأوبئة؛ فإنَّ كثرة الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم هي من أعظم أسباب النجاة من الأوبئة والطاعون.
كما أنَّ الخلق مأمورون بالتضرُّع والدعاء عند نزول البأس والبلاء، بل جعل الله تعالى ترْكَ الدعاء حينئذ علامةً على قسوة القلب وتزيين الشيطان؛ فقال سبحانه: ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 43]، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أعظم أسباب استجابة الدعاء.
قال الشيخ ابن القيم الحنبلي في "جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام" (ص: 484، ط. دار عالم الفوائد): [الموطن الحادي والعشرون من مواطنِ الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم: عند الهم والشدائدِ وطَلَبِ المغفرة] اهـ، وذكر حديثَ أُبَيٍّ رضي الله عنه.
وقد صنَّف في خصوص دفع الطاعون بالصلاة على النبي المأمون صلى الله عليه وآله وسلم الإمامُ الشاعرُ الأديب شهاب الدين أبو العباس بن أبي حَجَلة التلمساني الحنفي (ت776هـ)، فصنَّف كتابَه الماتع "دفع النقمة في الصلاة على نبي الرحمة"، وذلك لما فشا الطاعون الحادث بالقاهرة وضواحيها، وعمَّ غالب نواحيها، في جمادى الآخرة سنة أربع وستين وسبعمائة (764هـ)، حسبما جاء في مقدمة الكتاب، وقال فيه (ق: 3أ-3ب): [فلما كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تغفر الذنوب السالفة، وتنجي يوم الآزفة، من الراجفة تتبعها الرادفة، وغير ذلك ممَّا يكونُ سببَ السلامة، وتنجي من أهوال يوم القيامة، وكان هول هذا الطاعون الحادث.. مما خلع القلوب، وألحق من صلاة الجنازة فرضَ الكفاية بالمندوب، لا نشاهد منه إلا أهوالًا نعجز عن نعتها.. ولم أرَ ما يدفع خَطْبه المهول، مثل الصلاة على الرسول؛ إذ هي سببُ النجاة، وأعظم وسيلة وجاه، تدفع التب، وتطفئ غضب الرب، فألفتُ في فضل الصلاة عليه هذا الكتاب، العظيم البركات، المنجي من الهلكات، وسميته: دفع النقمة في الصلاة على نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم، وشرف وكرم، فدونك كتابًا يطرب السمع، ويقول لأحزاب الذنوب: سيُهزَم الجمع، مما تحصل به الزلفى، وتفوز يمناك بالمكيال الأوفى] اهـ.
ثم قال (ق: 4ب-5ب): [فاتُّفِق أنه (يعني: الطاعون) حين خصصَ وعمَّ، وأسمع ناعيه رجب الأصم، اجتمعتُ بالشيخ الإمام العلامة شمس الدين محمد بن خطيب يبرود، فأجرينا ذكر الطاعون وسببه، وما يتعلق به، فأخبرني أنَّ بعض الصالحين أخبره أن كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تدفعُ الطاعون، فتلقيت قوله بالقبول، وجعلت في كل حين أقوم وأقول: اللهم صلِّ على محمَّد وعلى آل محمَّد، صلاةً تعصمنا بها من الأهوال والآفات، وتطهرنا بها من جميع السيئات. ثم أشعت ذلك في القاهرة، وأخبرت به غالبَ أصحابي، فقال لي بعضهم حين أخبرته بذلك: يا مولانا والله الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تدفعُ كلَّ بلاء: الطاعونَ وغيره. فقابلتُه بالتعظيم، ووقع كلامُه مني بوقع عظيم، ثم اجتمعتُ بالشيخ شمس الدين المذكور، وأخبرتُه بما أجراه الله تعالى على لسان هذا القائل، من الكلام الطائل، فقال: لقد أحسن في الكلام المشار إليه، ولو رأيتُه قَبَّلْتُ يديه. ثم بعد ذلك وقع بيني وبين بعض الفقهاء بحثٌ في كلام الرجل الصالح المتقدم، فأخذت في تقويته] اهـ.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بطولات
منذ 2 ساعات
- بطولات
محمد أبو النجا "بونجا" حارس وادي دجلة يدخل في غيبوبة
كشف أحمد صابر، مدافع فريق إنبي السابق، آخر تطورات الحالة الصحية لـ محمد أبو النجا "بونجا"، حارس مرمى نادي وادي دجلة ومنتخب مصر للمحليين، بعد تعرضه لأزمة صحية. وقال صابر، إن حارس وادي دجلة، دخل في غيبوبة، بعد تدهور مفاجئ في حالته الصحية خلال الأيام الماضية. وكتب عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. حالة بونجا غير مستقرة تاني ودخل في غيبوبة تاني". وتابع: "نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيه.. الدعاء يغير الأقدار، كل اللي يشوف البوست يدعي له بنية خالصة لوجه الله يقومه لأولاده بالسلامة يا رب العالمين". وتعرض أبو النجا، لأزمة صحية وتدهورت حالته بشكل كبير، حيث نُقل إلى أحد المستشفيات لتلقي الرعاية الطبية العاجلة، لكن حتى الآن لم يُصدر وادي دجلة أي بيان بشأن حالة اللاعب.


نافذة على العالم
منذ 3 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار مصر : هل يجوز بيع أحد أعضاء الجسد لسداد الديون المتراكمة؟.. الإفتاء تحسم الجدل
الثلاثاء 5 أغسطس 2025 06:40 صباحاً نافذة على العالم - يتداول عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي سؤال حول الحكم الشرعي في بيع أحد أعضاء الجسد لسداد ديون متراكمة عليه وذلك بعد انتشار بعض التدوينات والبوستات التي تتهم البعض بالقيام بهذا التصرف . وفي هذا الصدد أصدرت دار الإفتاء المصرية في وقت سابق ، فتوى واضحة وصريحة تحرم بشكل قاطع بيع الأعضاء البشرية أو الاتجار بها تحت أي مسمى كان، وذلك ردا على استفسار حول جواز التبرع بفص من الكبد مقابل الحصول على أموال لسداد الديون. جاءت الفتوى خلال البث المباشر الذي تقوم به الدار عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، حيث أوضح الشيخ أحمد ممدوح أمين الفتوى بالدار أن جسم الإنسان أمانة من الله تعالى ولا يجوز التصرف فيه بالبيع أو الشراء، مؤكدا أن هذا الحكم شرعي قطعي لا يقبل التأويل أو التحايل. وأشار الشيخ مدوح إلى وجود فارق جوهري بين التبرع الخالص الذي يهدف إلى إنقاذ حياة الآخرين دون أي مقابل مادي، وهو أمر مشروع ومندوب إليه شرعا، وبين أخذ أي مقابل مادي ولو كان تحت مسمى "المكافأة" أو "التعويض"، حيث يتحول في هذه الحالة إلى عملية بيع محرمة لا تجوز. كما نبه إلى أن النوايا والمقاصد هي التي تحكم على الأفعال في الشريعة الإسلامية، وأن محاولة إخفاء عقد البيع تحت أي مسمى آخر لا تغير من حكمه الشرعي. وفي سياق متصل، تناول الداعية أحمد صبري إمام وخطيب وزارة الأوقاف قضية مشابهة حيث رد على سؤال إحدى السيدات التي استفسرت عن جواز بيع كلية من كليتيها لسداد ديونها وتمويل عملية جراحية لابنها المريض. وأكد صبري أن العلماء أجمعوا على تحريم بيع الأعضاء البشرية بأي شكل من الأشكال، لأن الإنسان ليس مالكا لجسده وإنما هو مستخلف فيه، وبالتالي لا يحق له التصرف فيه بالبيع أو الشراء. أما عن الحلول الشرعية الممكنة لمن يعانون من ضائقة مالية، فقد أكدت دار الإفتاء على عدة سبل منها الإكثار من الدعاء واللجوء إلى الله تعالى، والبحث عن سبل الصدقات والزكاة الشرعية، والتوجه إلى مؤسسات الإغاثة المعتمدة، مع التأكيد على أهمية الصبر والثقة بأن الله سيفتح أبواب الرزق الحلال لعباده. وجاءت هذه الفتوى في إطار حرص المؤسسات الدينية على الحفاظ على الضوابط الشرعية وحماية القيم الأخلاقية في المجتمع، ومنع أي شكل من أشكال الاستغلال المادي للجسد البشري الذي كرمه الله تعالى. واختتمت الفتوى بتحذير شديد اللهجة من أي محاولات للالتفاف على الأحكام الشرعية أو التحايل عليها تحت أي مسميات أو حجج، مؤكدة أن الشريعة الإسلامية وضعت ضوابط واضحة لحماية كرامة الإنسان وحرمة جسده، وأن أي انتهاك لهذه الضوابط يعد مخالفة شرعية كبيرة.


وكالة أنباء تركيا
منذ 4 ساعات
- وكالة أنباء تركيا
خطبة الجمعة في تركيا تحذر من تآكل القيم الأخلاقية.. الحياء شعبة من الإيمان
أكدت خطبة الجمعة، اليوم، في عموم مساجد تركيا، على أن الحياء ليس مجرد شعور، بل هو أمر إلهي وفطرة مغروسة في الإنسان، وشعبة من الإيمان. وأشارت إلى أن الإسلام يُعلي من شأن الحياء باعتباره درعاً واقياً للسلوك، ونظاماً للحياة يحفظ كرامة الفرد والمجتمع. ولفتت الخطبة إلى خطورة التهاون في قضايا الستر واللباس، ونبّهت من محاولات الترويج للتعري باسم 'الحرية' أو 'التحضر'، مؤكدةً أن هذه الممارسات تتنافى مع أوامر الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتشكل انحرافاً عن الفطرة، وتعدياً على القيم الدينية والأخلاقية. وشددت على أن حماية الحياء مسؤولية فردية ومجتمعية، تبدأ من الأسرة وتتطلب وعياً وتصحيحاً مستمراً في ظل التحديات المعاصرة. وجاء في خطبة الجمعة: في يوم من الأيام، قال النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم لأصحابه 'استحيوا من الله حق الحياء' فقال الصحابة الكرام 'يا رسول الله إنا لنستحيي من الله' فقال لهم الحبيب صلى الله عليه وسلم محذرا ومبيناً 'ليس ذلك، ولكن من استحيىٰ من الله حق الحياء، فليحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا. فمن فعل ذلك فقد استحيىٰ من الله حق الحياء'. الحياء خلق عظيم أمر به الإسلام كل مسلم، رجلا كان أو امرأة، والحياء موقف مشرف يتخذه الإنسان أمام نزوات النفس وشهواتها، وهو درع قوي يحميه من كل شر. الحياء نمط حياة، وزينة للبدن، وانعكاس للإيمان في السلوك، فقد نبّه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهمية الحياء في الحديث الذي بدأت به الخطبة حيث قال 'الحياء شعبة من الإيمان'. أما التجرد من الحياء فهو كارثة أخلاقية تهدم القيم، وتدوس على كرامة الإنسان ومكانته، وهو من أفتك مكائد الشيطان، إذ يقول ربنا جل وعلا 'يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما'. وأضافت خطبة الجمعة: نحن نعيش في زمن تنتهك فيه الخصوصية والحياء بلا حياء، إذ تروج بعض وسائل الإعلام، ومصممو الأزياء، وبعض الجهات في قطاع الموضة لفكرة التعري باسم 'الحرية' و'التحضر'، بينما يقلل من شأن الحجاب والستر. هذه المفاهيم تفرغ الإنسان من قيمته، وتجعله مجرد مادة تعرض وتستهلك. وإن عرض الإنسان لجسده وخصوصيته أمام الناس هو فساد في العقل والفطرة والضمير، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 'إن الله حيي ستير، يحب الحياء والستر'. ولذلك، فإن ارتداء الملابس القصيرة أو الشفافة، أيا كان الزمان أو المكان، يعد انتهاكا لأمر الله بالستر، وهو حرام، ومن ترتدي الملابس الضيقة التي تبرز تفاصيل الجسد، تدخل في وصف النبي صلى الله عليه وسلم 'نساء كاسيات عاريات'. فلنرب أبناءنا منذ الصغر على الحياء والأدب، ولنحبب إليهم اللباس الموافق لديننا وحضارتنا، ولنسع إلى حمايتهم من كل ما يفسد فطرتهم، فالتقصير في هذا المجال خطأ جسيم، وتفريط كبير، وإثم عظيم على الآباء والأمهات. إن إجراء عمليات التجميل بدون دافع طبي، لمجرد التجمل أو تقليد الآخرين، هو تحريف للفطرة، ورفض لخلق الله، ووقوع في فخ الشيطان، وهو حرام. فقد قال الشيطان حين طرد من رحمة الله 'ولآمرنهم فليغيرن خلق الله، وكذلك الوشم، أيا كان الهدف منه، يعتبر حراما، ويؤدي بصاحبه إلى الحرمان من رحمة الله كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما نشر الصور والمقاطع التي تظهر فيها النساء أو الرجال بلباس مخالف لديننا عبر الشاشات ووسائل الإعلام والمنصات الرقمية، فهو فعل قبيح من كل وجه، ومحرم شرعا، وقد قال الله تعالى 'إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ۚ والله يعلم وأنتم لا تعلمون'. ولفتت خطبة الجمعة إلى أن: الحياء والعفة واجب مشترك على الرجال والنساء، إذ قال الله تعالى في سورة النور 'قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن:، إذن، يجب أن تكون موازيننا في اللباس والخصوصية مبنية على أوامر الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. فاللباس الفاضح أو الضيق لا يعبر عن 'أسلوب' أو 'صورة'، بل هو مخالفة لأوامر الله، وما يروج له عبر المسلسلات، والأفلام، والمنصات الرقمية على أنه 'حرية' ما هو إلا عدوان على كيان الأسرة، والظهور في الأماكن العامة، وخاصة المؤسسات، بملابس غير لائقة هو تحد لأبسط القيم الأخلاقية. وليس ذلك تقدما، بل تخلفا، ومن يسكت عن هذه المخالفات يشارك في الإثم، لأن حفظ أخلاق وحياء أبنائنا مسؤولية جماعية علينا جميعا. واختتمت الخطبة بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم 'اللهم إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى'. خطبة الجمعة