
الذكرى الـ 46 لاسترجاع إقليم وادي الذهب.. ملحمة بطولية في مسيرة استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية
وذكرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، في بلاغ لها بالمناسبة، أنه في يوم 14 غشت 1979، وفدت على عاصمة المملكة الرباط وفود علماء ووجهاء وأعيان وشيوخ سائر قبائل إقليم وادي الذهب، لتجديد وتأكيد بيعتهم لأمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، جلالة المغفور له الحسن الثاني، معبرين عن تعلقهم المكين بالعرش العلوي المجيد وولائهم وإخلاصهم للجالس عليه على هدي آبائهم وأجدادهم، واصلين الماضي بالحاضر، ومؤكدين تمسكهم بمغربيتهم وتشبثهم بالانتماء الوطني وبوحدة التراب المقدس من طنجة إلى الكويرة، محبطين مخططات ومناورات خصوم الوحدة الترابية والمتربصين بالحقوق المشروعة للمملكة.
وقد ألقت وفود مدينة الداخلة وإقليم وادي الذهب بين يدي جلالة المغفور له الحسن الثاني، طيب الله ثراه، نص البيعة، بيعة الرضى والرضوان، معلنين ارتباطهم الوثيق والتحامهم بوطنهم المغرب.
وشكل هذا الحدث لحظة تاريخية كبرى في ملحمة الوحدة التي حمل مشعلها بإيمان واقتدار وتبصر وبعد نظر مبدع المسيرة الخضراء المظفرة، عندما خاطب رحمه الله أبناء القبائل الصحراوية المجاهدة قائلا: 'إننا قد تلقينا منكم اليوم البيعة، وسوف نرعاها ونحتضنها كأثمن وأغلى وديعة. فمنذ اليوم، بيعتنا في أعناقكم ومنذ اليوم من واجباتنا الذود عن سلامتكم والحفاظ على أمنكم والسعي دوما إلى إسعادكم، وإننا لنشكر الله سبحانه وتعالى أغلى شكر وأغزر حمد على أن أتم نعمته علينا فألحق الجنوب بالشمال ووصل الرحم وربط الأواصر'.
ومما زاد من بهاء وروعة هذا اللقاء التاريخي ودلالاته، قيام جلالته، طيب الله ثراه، بتوزيع السلاح على وفود القبائل في إشارة رمزية إلى استمرار الكفاح من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية وعن استتباب الأمن والأمان والاستقرار بالأقاليم الجنوبية المسترجعة إلى الوطن.
وما كادت تمر إلا بضعة أشهر حتى تحقق اللقاء مجددا بين مبدع المسيرة الخضراء وأبناء إقليم وادي الذهب، عندما حل به في زيارة رسمية بمناسبة احتفالات عيد العرش المجيد، حيث تجددت العروة الوثقى ومظاهر الارتباط القوي بين العرش العلوي المنيف وأبناء هذه الربوع المناضلة من الوطن، هذا الارتباط الذي أحبط كل مناورات خصوم الوحدة الترابية للمملكة.
فسار المغرب على درب البناء والنماء والارتقاء بأقاليمه الجنوبية إلى مدارج التقدم والازدهار، وإدماجها في المجهود الوطني للتنمية الشاملة والمستدامة والمندمجة، مدافعا عن وحدته كاملة ومبرزا للعالم أجمع مشروعية حقوقه وإجماع الشعب المغربي على الدفاع عنها والذود عنها بالغالي والنفيس.
وأكدت المندوبية السامية أن يوم 14 غشت 1979 يعد يوما تاريخيا مشهودا في سلسلة الملاحم والمكارم في سبيل تحقيق الوحدة الترابية واستكمال السيادة الوطنية. إنه تتويج لمسيرة نضالية طويلة ومريرة وزاخرة بالدروس والعبر، إذ بعد عقود من الوجود الاستعماري الاسباني بالأقاليم الجنوبية، تواصلت مسيرة تحرير ما تبقى من الأجزاء المغتصبة بدءا بمدينة طرفاية في 15 أبريل 1958 ثم سيدي إفني في 30 يونيو 1969، فالأقاليم الجنوبية المسترجعة غداة المسيرة الخضراء التي انطلقت في 6 نونبر 1975 بفضل عبقرية وحنكة جلالة المغفور له الحسن الثاني و نضالات وبطولات أبناء هذه الربوع المجاهدة، وأخيرا استرجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979.
وواصل سليل الأكرمين وباني المغرب الجديد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حمل مشعل الدفاع عن وحدة التراب الوطني، موليا عنايته القصوى لأقاليمنا الجنوبية المسترجعة ورعايته الكريمة لأبنائها، تعزيزا لأواصر العروة الوثقى والتعبئة الوطنية الشاملة والمستمرة لمواجهة كل مؤامرات خصوم الوحدة الترابية والمتربصين بأحقية المغرب في صحرائه، ومجسدا حكمة المغرب وتبصره وإرادته في صيانة وحدته الترابية المقدسة.
وهكذا، بعد مرور 46 سنة على عودة هذا الإقليم إلى الوطن، تواصل بنفس العزم والحزم والإصرار مجهود تنمية هذا الجزء الغالي من الوطن، للارتقاء به إلى قطب جهوي ليس قياسا مع جهات البلاد فحسب، ولكن بالنسبة لكافة مناطق الساحل والصحراء.
فمنذ استرجاع هذا الإقليم والأقاليم الجنوبية الأخرى، انطلقت أوراش عمل كبرى لإنجاز مشاريع وبرامج استثمارية وتنموية في كافة المجالات وعلى شتى الواجهات الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية والثقافية والبشرية وإقامة التجهيزات الأساسية والبنى التحتية والارتكازية لإرساء اقتصاد جهوي قوي وخلاق للقاعدة المادية للإنتاج وموفر لفرص الشغل.
ومن الجدير بالذكر أن تصور مشاريع تنموية دامجة ومستدامة يضع المواطن في صلب الأولويات، وهو خيار مهد الطريق أمام تحول عميق وجذري في جهة الداخلة وادي الذهب والجهات الصحراوية الثلاث، وهي مناطق من الوطن لم تشهد أية تنمية اقتصادية واجتماعية إبان فترة احتلالها. لكنها تعيش اليوم على وقع دينامية متواصلة في مختلف مجالات التنمية الشاملة والمتكاملة والمندمجة في الاقتصاد الوطني.
ويعتبر النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالعيون يوم 6 نونبر 2016، بمناسبة الذكرى الأربعين لانطلاق المسيرة الخضراء المظفرة، خطوة أخرى في المسار التنموي، ترتكز في مضمونها على التنمية المتكاملة في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
وأكدت المندوبية السامية، في بلاغها أن الاحتفاء بالذكرى الـ 46 لاسترجاع إقليم وادي الذهب ككل سنة، واستحضار قيمها ودلالاتها، ودروسها وعبرها، 'يدعونا للتأمل والتدبر لاستقراء هذه المرحلة من مظاهر ومعالم البناء والنماء التي بصمت تاريخ عهد الاستقلال الزاهر والزاخر بمشاريع وبرامج تنموية ناهضة وبانية للوحدة الترابية والاقتصاد الوطني والمجتمع الجديد المرسخ لقيم ومقاصد التطوع والتضامن والتكافل، و المعزز للعدالة الاجتماعية والمجالية'.
وأبرز البلاغ أن هذه هي الرسائل السامية التي تتوخى المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير إيصالها وانتقالها من جيل إلى جيل بما تحمله من معاني وتجليات القيم الروحية والوطنية التي ينبغي إشاعتها باستمرار في نفوس وأوساط الناشئة والشباب والأجيال المتعاقبة، لتتقوى فيها الروح الوطنية وحب الوطن والاعتزاز بالانتماء الوطني وبالهوية المغربية الأصيلة.
وأضاف أن أسرة المقاومة وجيش التحرير لتغتنم مناسبة تخليد الذكرى الـ 46 لاسترجاع إقليم وادي الذهب المجيدة، لتجدد ولاءها وإخلاصها للعرش العلوي المجيد، وتعلن عن استعدادها الكامل وتعبئتها المستمرة وراء قائد البلاد صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله من أجل تثبيت المكاسب الوطنية والدفاع عن وحدتنا الترابية غير القابلة للتنازل أو المساومة، متشبثين بالمبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع لأقاليمنا الجنوبية المسترجعة في ظل السيادة الوطنية.
وقد حظي هذا المشروع بالإجماع الشعبي لكافة فئات وشرائح ومكونات الشعب المغربي وأطيافه السياسية والنقابية والحقوقية والشبابية، ولقي الدعم والمساندة من المنتظم الأممي الذي اعتبره آلية ديمقراطية وواقعية لإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل حول أحقية المغرب في السيادة على ترابه الوطني من طنجة إلى الكويرة.
وبهذه المناسبة، أعدت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير برنامجا حافلا بالأنشطة والفعاليات المخلدة للذكرى الـ 46 للحدث التاريخي العظيم لاسترجاع إقليم وادي الذهب، يتضمن مهرجانا خطابيا بالقاعة الكبرى لولاية جهة الداخلة – وادي الذهب، يوم الخميس 14 غشت الجاري يتم خلاله تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وتوزيع إعانات مالية وإسعافات اجتماعية على عدد من أفراد هذه الأسرة المجاهدة المستحقة للدعم المادي والاجتماعي.
كما سيتم بنفس المناسبة، تنظيم برامج أنشطة وفعاليات تربوية وثقافية وتواصلية مع الذاكرة التاريخية بسائر النيابات الجهوية والإقليمية والمكاتب المحلية، وكذا بفضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير المبثوثة عبر التراب الوطني وتعدادها 106 وحدة، بتنسيق وشراكة مع القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والهيآت المنتخبة والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المغربية المستقلة
منذ 6 ساعات
- المغربية المستقلة
تزنيت : هكدا تم توديع الشيخ ' سيدي الحاج محمد التوفيق'
المغربية المستقلة : محمد البعمراني/ اقليم تارودانت في لحظة وداع وقف الجميع صامتا .قبيلة الساحل كلها من شرقها الى غربها ومن شمالها الى جنوبها .عاشت الحزن الكبير .ضاربة يديها اليمنى باليسرى معلنة عن وفاة مرشدها الاول بل مربيها الاول .سيدي الحاج محمد التوفيق .الذي لم يكن مجرد شخص عادي ._بل كان أمة .قانتا .ببركته نالت قبيلة الكريمة باربعاء الساحل مانالت..لست هنا جئت لأ ستعرض لكم منجزات وكرامات الفقيه الراحل .بل كل مافي الامر اننا لم نستوعب قط ماجرى .الموت سنة الحياة .لكن العقل لايريد حقا ان يصدق ان الفقيه رحل الى حيث يرحل اليه الجميع غيب الموت عنا رجلا قل نظيره .. ماذا عسانا نقول وقد استجمعت وانا اخط هذه الكلمات المتواضعات ان الفقيه علم ان رحيله قد حان .(هذه صفة الاولياء )أحس بذالك وأخبر به امام مسجد اخربان سيدي ابراهيم و الذي لم يكن سوى تلميذه المخلص الذي نال منه السر .أسر اليه أنه سيرحل الى دار البقاء هنا يكمن سر هذا العالم الزاهد الرباني _ الذي كنت اقولها عشرات المرات ان سيدي الحاج محمد توفيق لم يكن شخصا عاديا بل كان أمة قانتا ..ولم يكن طبعا الا من الزاهدين.المخلصين . أتذكر الان حال المحراب الذي كان يؤم به أهل القبيلة اهل العطاء والجود والكرم اهل الصفا والنقاء. قلت اتذكر حال المحراب قديكون حزينا .على فراق من كان يتخذه مكانا للقيام بأعظم شعيرة في الاسلام الا وهي .(الصلاة) اتذكر مجلسه وضيوفه واتذكر .مدحه ليلة المولد النبوي الشريف واتذكر إحسانه وزهده الى كل من لقيه ..حتى قيل انه حاتم زمانه _لم يمت لأهل الكريمةوأهل الساحل ككل _ رجلا عاديا بل مات لهم اغلى مايملكون .مات لهم السر ..مات لهم الزهد بكل ما تحمله الكلمة من معنى..أتذكر وقوفه مع طلبته.كم كان يفرح إن علم ان أحدا من طلبته وهو في قمة الاستقرار والعطاء .كان يفرح بذالك ..لما جالسته في موسم تعلاط العام الماضي .فرح فرحا لا استطيع تصوره _ وسألني عن مجموعة من الامورالعائلية والعملية . فكلما سألني الا وقلت له كذا وكذا فضحك حتى احمر وجهه رحمه الله.ياليت اهل الكريمة يدركون ماذا حل بهم .اسودت المدرسة واسودت تلك الأزقة كلها .حتى الاشجار الممتدة من المدرسة الى المقبرة حيث يرقد أهل القبيلة كلها تبكي رحيل هذا الفقيه _ الزاهد ..قيل عنه الكثير في حياته ولما مات سال مداد الكثيرين ممن عرفوا عنه الاسرار تلو الاسرار.. ماذا اقول لأهلنا في قبيلة الكريمة باربعاء الساحل اقول لكم مات السر ..ومات الكرم ..وماتت الشجاعة وماتت الشهامة ..ومات من بكى له الصغير والكبير .وبكت النساء والصبيان..رحم الله شيخنا وجعل قبره يارب روضة من رياض الجنة ..وجزى الله خيرا كل افراد قبيلة الكريمة رجالا ونساء شكرا لكم ايها الساحليون على وقوفكم معه دوما حتى لقي ربه راضيا مرضيا. اللهم اجعل القرآن الكريم شفيعا له ولنا يوم القيامة آمين


تليكسبريس
منذ 10 ساعات
- تليكسبريس
برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحوم فضيلة الشيخ جمال الدين القادري بودشيش
بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس برقية تعزية ومواساة إلى أفراد أسرة المرحوم فضيلة الشيخ جمال الدين القادري بودشيش. وجاء في برقية جلالة الملك، 'فقد تلقينا ببالغ التأثر وعميق الأسى، نعي المشمول بعفو الله ورضاه، المرحوم الشيخ جمال الدين القادري بودشيش، شيخ الطريقة القادرية البودشيشية، تقبله الله في عداد الصالحين من عباده، المنعم عليهم بالمغفرة والرضوان'. وقال جلالة الملك 'وعلى إثر هذا الحدث الأليم، نعرب لكافة أفراد أسرتكم الموقرة، ولسائر محبي الفقيد المبرور وخلصائه أتباع ومريدي الطريقة القادرية البودشيشية، داخل المغرب وخارجه، عن أحر تعازينا وأصدق مواساتنا في هذا المصاب الجلل، الذي لا راد لقضاء الله فيه، سائلينه عز وجل أن يلهمكم جميعا جميل الصبر وحسن العزاء'. ومما جاء في هذه البرقية أيضا 'وإننا لنستحضر، بكل خشوع، ما كان يتحلى به الفقيد الكبير، من خصال المؤمنين الصالحين، والأئمة المتقين، حيث كرس حياته لخدمة ديننا الإسلامي الحنيف، ونشر تعاليمه السمحة، القائمة على الوسطية والاعتدال، وترسيخ قيمه الروحية الصوفية السنية، والحث على تهذيب النفوس والتربية على مكارم الأخلاق طلبا لمرضاة الله تعالى، ومحبة في نبيه الكريم، وآله الأشراف الطاهرين، في تعلق متين بأهداب العرش العلوي المجيد، وإخلاص دائم لثوابت الأمة، ووفاء مكين للبيعة الوثقى، ولإمارة المؤمنين، التي نتقلد أمانتها العظمى'. وأضاف جلالة الملك 'وإذ نشاطركم أحزانكم في هذا الرزء الفادح، لنضرع إليه سبحانه وتعالى بأن يجزيه أحسن الجزاء وأوفاه عما أسداه لوطنه ولدينه من جليل الأعمال، وعما قدم بين يدي ربه من صالح المبرات، وأن يمطر شآبيب رحمته على روحه الطاهرة، ويسكنه فسيح جنانه، مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا'.


تليكسبريس
منذ 10 ساعات
- تليكسبريس
مؤسسة محمد الخضير الحموتي لحفظ ذاكرة الريف وشمال إفريقيا تصفع النظام العسكري الجزائري وشرذمة الريح
في بيان لمؤسسة محمد الخضير الحموتي 'المجاهد الإفريقي' لحفظ ذاكرة الريف وشمال إفريقيا، نددت فيه بالسياسة العدائية للنظام العسكري الجزائري تجاه الوحدة الترابية للمغرب، واحتضانه لقاءات مشبوهة لشرذمة من المسترزقين يدعون تمثيل الريف من مقاهي باريس وأقبية الجزائر، لا تملك سوى ضجيج التشويش وسُلوك الارتزاق. للمتاجرة باسم الريف المكون الأصيل من التراب المغربي، بتمويل سخي من عائدات النفط والغاز، وهدره أموال سوناطراك في شراء ولاءات أبواق مأجورة لفظها التاريخ قبل أن تنبذها الأرض. كما حذر بيان مؤسسة محمد الخضير الحموتي 'المجاهد الإفريقي' لحفظ ذاكرة الريف وشمال إفريقيا، كل من تسوّل له نفسه التلاعب بقضية الريف، بأن هذا الأخير سيظل شوكة في حلق كل خائن، وحصنًا منيعًا للوطنية والكرامة، وحارسًا مخلصًا لوحدة الوطن من السعيدية إلى الكويرة، لا تزعزعه مؤتمرات مشبوهة ولا لقاءات مظلمة تُعقد في عواصم تعيش على رماد الفتن. وفيما يلي بيان مؤسسة محمد الخضير الحموتي 'المجاهد الإفريقي' لحفظ ذاكرة الريف وشمال إفريقيا: 'بسم الله الرحمن الرحيم 'إن المؤسسة، بصفتها المؤتمنة على ذاكرة الريف وتاريخه ومعاركه المجيدة، تابعت بغضب شديد واشمئزاز عميق تفاصيل اللقاءات المشبوهة التي تُعقد خلف الأبواب المغلقة في الجارة الشرقية، حيث تُبعث من جديد مشاريع انفصالية عفا عنها الزمن، بتمويل سخي من عائدات النفط والغاز، وتُهدر أموال سوناطراك في شراء ولاءات أبواق مأجورة لفظها التاريخ قبل أن تنبذها الأرض. إن من يجرؤون على المتاجرة باسم الريف الأبي، كان الأجدر بهم أن يتأملوا سيرة المجاهد الإفريقي محمد الخضير الحموتي، الذي نذر حياته لتحرير الجزائر – التي تؤويهم اليوم، للأسف – وشمال إفريقيا من نير الاستعمار الغاشم. وقد نجا من مقصلة الإعدام الإسبانية بشجاعة لا يعرفونها، قبل أن تطعنه أيادٍ «صديقة» بخنجر الغدر، وهو أعزل لا سلاح له سوى حلمه بمغربٍ كبيرٍ حرٍ مستقل، وبوطن موحّدٍ من السعيدية إلى الكويرة مرورًا بطنجة. أولًا: إن ما يسمى بـ«جمهورية الريف» التي يتغنّون بها، لم تكن يومًا مشروع انفصال، بل كانت شعلة مقاومة حرّرت الأرض من الاستعمارين الإسباني والفرنسي، بقيادة كبار رجالات التحرير أمثال محمد أمزيان ومحمد بن عبد الكريم الخطابي، الذي لم ينادِ يومًا بانفصال الريف عن الوطن، بل قدّم الدماء الزكية فداءً لتحرير المغرب بأكمله. فلا جمهورية هنا إلا في خيال فئة هامشية أعماها بريق الأموال. ثانيًا: استنادهم إلى القرار 1514 يفتقر إلى الفهم التاريخي، إذ يخصّ القرار شعوبًا ترزح تحت استعمار أجنبي، لا أمّة حرّرت نفسها بدماء أبنائها منذ سنة 1956. فالريف مكون أصيل من التراب المغربي، ضمن حدود معترف بها دوليًا، ولا حديث عن «تصفية استعمار» إلا في عقول مأجورة تُستغل كأدوات ضد الوطن. ثالثًا: أما ما يروجونه عن «الأسلحة الكيماوية»، فنُذكّرهم أن من قصف الريف بالغازات السامة كانت إسبانيا الاستعمارية، بينما المغرب، رغم جراح الماضي، يطوي الصفحة بإرادة حقيقية للإنصاف والتنمية، خاضعة للمساءلة الداخلية والرقابة الحقوقية، لا لابتزاز العواصم ولا للتسوّل باسم المعاناة. رابعًا: إنّ من يدّعون تمثيل الريف من مقاهي باريس وأقبية الجزائر، لا يعدون أن يكونوا أقلية خاوية، لا تملك سوى ضجيج التشويش وسُلوك الارتزاق. أما الريفي الأصيل، فهو من حمل شرف المقاومة في دمه، لا مهنة التسوّل، وبنى الضفة الأخرى من المتوسط بعرقه وكده، لا بأوهام منصّات مأجورة. خامسًا: على هذه الشرذمة ومن يقف وراءها أن يدركوا أن وحدة المغرب وسيادته ليست قابلة للمساومة، ولا تُرهبها حملات الابتزاز. إنكم تلعبون بنار الانفصال، وستكونون أول من يحترق بها. فالمغرب، كدولة راسخة، يحترم حق الاحتجاج المشروع، ويعالج اختلالاته ضمن مؤسساته، لكنه يرفض المساس بترابه الوطني من أجل أجندات مموّلة تتغنى بالتحرر وتخضع لولاءات أجهزة غيّرت أقنعة الاستعمار ببطاقة بنكية. سادسا: الجارة الشرقية التي تموّل اليوم هذه العروض الهزيلة بأموال شعبها، هي نفسها التي لم تساند يومًا مقاومة حقيقية، بل احتضنت الخونة وأقصت الناجين من مشانق الاحتلال الإسباني. فلا عجب إذًا أن تفتح اليوم ذراعيها لمن باع قضيته مقابل ريع الغاز. وفي الختام، فإن مؤسسة محمد الخضير الحموتي 'المجاهد الإفريقي' لحفظ ذاكرة الريف وشمال إفريقيا، تحذّر كل من تسوّل له نفسه التلاعب بقضية الريف، بأنّ هذا الأخير سيظل شوكة في حلق كل خائن، وحصنًا منيعًا للوطنية والكرامة، وحارسًا مخلصًا لوحدة الوطن من السعيدية إلى الكويرة، لا تزعزعه مؤتمرات مشبوهة ولا لقاءات مظلمة تُعقد في عواصم تعيش على رماد الفتن. الريف، برجاله ونسائه الأحرار، سيبقى عصيًا على التحريف، وفيًا لوعد الشهداء من أمزيان إلى الخطابي إلى الحموتي، أولئك الذين لم يمدّوا أيديهم إلّا إلى سلاحٍ في وجه الاستعمار، لا إلى علب الصدقات تُستجدى في دهاليز الضغط الأوروبي. وكل مشروع وهمي يُطبخ تحت طاولة النفط والغاز، لن يكون سوى غبارًا تذروه رياح التاريخ في وجوه من ظنّ أن الريف سلعة تُباع أو ورقة تساوم'. توقيع مؤسسة محمد الخضير الحموتي 'المجاهد الإفريقي' لحفظ ذاكرة الريف وشمال إفريقيا' وحرر ببني انصار – الناظور، معقل ودار الثورة الجزائرية، بتاريخ: 3 غشت 2025.