logo
"غرفة العمليات" الأميركية... أسرار لا يعرفها إلا الحاضرون

"غرفة العمليات" الأميركية... أسرار لا يعرفها إلا الحاضرون

Independent عربيةمنذ 4 ساعات

ثلاثة اجتماعات أجراها الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع فريق مستشاريه في الأيام القليلة الماضية لبحث كيفية التعامل مع المواجهات الإسرائيلية- الإيرانية الراهنة، كانت كفيلة بأن تجذب انتباه العالم إلى غرفة، يقال إنها صغيرة من ناحية الحجم، تقع في البيت الأبيض بواشنطن وفيها تتابع أحداث طارئة وتتخذ قرارات كبرى على صعيد أميركا والعالم.
"غرفة العمليات" تسمية تطلق على هذه القاعة التي تقع في مركز إقامة الرئيس الأميركي في واشنطن، ويعود تاريخها إلى بداية سبعينيات القرن الماضي، فيما اتخذت بداخلها قرارات مصيرية وتمت متابعة أحداث هزت العالم، لعل أبرزها متابعة تنفيذ عملية قتل زعيم "القاعدة" السابق أسامة بن لادن.
فما قصة هذه الغرفة، متى أنشئت وكيف تحولت إلى "مطبخ القرارات الحاسمة"؟ وما أبرز القرارات التي اتخذها المجتمعون داخلها؟
افتتاح في عهد الرئيس جون كينيدي
تنوه التقارير إلى أن فكرة إنشاء غرفة العمليات في البيت الأبيض طرحت للمرة الأولى على الرئيس السابق دوايت أيزنهاور في خمسينيات القرن العشرين، لكنها لم تنفذ. وبعدها بسنوات وفيما كان الرئيس جون كينيدي، وبعد أشهر قليلة من تسلمه منصبه عام 1961، يواجه نكسة عملية "خليج الخنازير"، والتي فشل خلالها بالإطاحة بحكم فيديل كاسترو في كوبا بسبب "نقص المعلومات"، تولدت قناعة تامة في واشنطن بأنه لا بد أن تكون هناك قاعة أو غرفة يتواصل فيها الرؤساء الأميركيون بشكل آمن ويجتمعون بمستشاريهم في وقت الأزمات، وفيها يتم تبادل المعلومات والتقارير الاستخباراتية.
فاتخذ القرار بإنشاء هذه الغرفة، وقد نفذت الأمر كتيبة البناء التابعة للبحرية الأميركية خلال أسبوع واحد وبتكلفة 35 ألف دولار، وهي في الحقيقة ليست مجرد غرفة، بل مركز قيادة آمن تحت الأرض، ويتم الدخول إليه من المدخل السفلي من الجناح الغربي للبيت الأبيض، في مكان كان سابقاً صالة للعبة "البولينغ".
وفي تقرير نشرته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، تكشف أن غرفة العمليات هذه محاطة من ثلاث جهات بمكاتب صغيرة متعددة، ومحطات عمل، وفيها طاولة اجتماع وشاشات كبيرة وأجهزة كمبيوتر ومعدات اتصالات. كما أنها معزولة تماماً لناحية الصوت، أي كل ما يتم تباحثه بداخلها لا يمكن أن يسمع من الخارج، كذلك فإن كل جزء من هذا المركز مخصص لوظيفة معينة.
وفي عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن تم تجديدها بالكامل عام 2023 لتشمل تكنولوجيا أكثر تطوراً مواكبة للتطورات التكنولوجية المتقدمة ومنعاً لأية اختراقات سيبرانية.
5
"غرفة العمليات"... قرارات مصيرية ومعلومات حساسة
"غرفة العمليات"... قرارات مصيرية ومعلومات حساسة
1/5 الرئيس ليندون جونسون يتابع حرب الأيام الستة عام 1967 من غرفة العمليات (مواقع التواصل)
الرئيس ليندون جونسون يتابع حرب الأيام الستة عام 1967 من غرفة العمليات (مواقع التواصل) 2/5 غرفة العمليات في عهد الرئيس جون إف. كينيدي (موقع غرفة العمليات الأرشيفي)
غرفة العمليات في عهد الرئيس جون إف. كينيدي (موقع غرفة العمليات الأرشيفي) 3/5 جورج بوش يلوح لرئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي خلال مؤتمر عبر الفيديوعام 2007 من غرفة العمليات (ا ف ب)
جورج بوش يلوح لرئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي خلال مؤتمر عبر الفيديوعام 2007 من غرفة العمليات (ا ف ب) 4/5 باراك أوباما أثناء متابعة العملية ضد أسامة بن لادن في غرفة العمليات عام 2011 (ا ف ب)
باراك أوباما أثناء متابعة العملية ضد أسامة بن لادن في غرفة العمليات عام 2011 (ا ف ب)
5/5 فكرة إنشاء غرفة العمليات في البيت الأبيض طرحت للمرة الأولى على الرئيس دوايت أيزنهاور (ا ف ب)
الوظائف الأساسية و"الكتاب الصباحي"
من الوظائف الأساسية لهذا المركز مراقبة الأزمات العالمية على مدار الساعة وتحليل المعلومات الاستخباراتية من مختلف الوكالات الأميركية، وبخاصة الـ"سي آي أي"، إضافة إلى التواصل الآمن مع القادة حول العالم عبر تقنيات متطورة للاتصالات الآمنة تتضمن في الحالات الصعبة بيانات مشفرة، وأيضاً عند وقوع أحداث كبرى أو تطورات أمنية على صعيد العالم يزود الفريق العامل في هذا المركز الرئيس وكبار المسؤولين ومجلس الأمن القومي بآخر المستجدات والمعلومات، بخاصة قبل استخدام قرارات مصيرية، وأخيراً في حالات الهجمات أو الكوارث الكبرى، يتم تنسيق ردود الفعل العسكرية والدبلوماسية من هذه الغرفة.
ويكشف موقع الـ"سي آي أي" أن يوم الفريق المناوب المراقب في هذه الغرفة أو المركز يبدأ بتحضير "الكتاب الصباحي"، ويُعد هذا الكتاب للرئيس، ونائب الرئيس، وكبار موظفي البيت الأبيض، ويحتوي على:
- نسخة من النشرة الاستخباراتية اليومية الوطنية
- الملخص الصباحي لوزارة الخارجية
- البرقيات الدبلوماسية
- تقارير استخباراتية مختارة ذات صلة بالمبادرات الدبلوماسية الجارية أو بموضوعات واردة في جدول أعمال الرئيس
ويُوضع "الكتاب الصباحي" عادةً في سيارة مستشار الأمن القومي عند اصطحابه للعمل، فيما يتضمن الروتين الصباحي أيضاً الإيجاز اليومي للرئيس الذي تعده وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويسلم يدوياً ويعرض على الرئيس وأعضاء مجلس الأمن القومي من قبل أحد ضباط الوكالة.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
العاملون في "غرفة العمليات"
يعمل في غرفة العمليات الأميركية طاقم مكون من نحو 130 شخصاً عبر فرق مناوبة، ويتضمن ضباطاً من الاستخبارات والدفاع، محللي معلومات، موظفين تقنيين وموظفين من مجلس الأمن القومي، فيما تُدار الغرفة بواسطة "مدير غرفة العمليات"، وهو منصب رفيع غالباً ما يشغله ضابط سابق في الجيش أو وكالة استخبارات، كما لا يسمح الدخول إليها لمن ليس لديه عمل أو تصريح خاص، حتى من موظفي البيت الأبيض.
أيضاً يمنع على أي شخص سيدخل إلى هذا المكان أن يحمل هاتفاً محمولاً أو أي جهاز تقني آخر، فيما المحادثات التي يجريها الرؤساء لا تسجل، وبدلاً من ذلك، يستمع موظفون عبر سماعات الرأس لما يدور في المحادثات ويدونون كل شيء يدوياً، ثم يقارنون رواياتهم لاحقاً.
قرارات مصيرية "طبخت" داخلها
جلس في هذه الغرفة 12 رئيساً أميركياً من جون كينيدي إلى الرئيس الحالي دونالد ترمب، وخلال وجودهم في هذا المركز اتخذوا قرارات مصيرية امتد تأثيرها من الداخل الأميركي وصولاً إلى كل الدول، فيما تفاوت الحضور بين رئيس وآخر.
يتذكر العالم جيداً صورة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما حين كان رئيساً وقد دخل هذه الغرفة واجتمع مع فريقه ومستشاريه ونائبه، لاتخاذ قرار غير مسبوق ومتابعة تنفيذه وهو عملية قتل أسامة بن لادن في مايو (أيار) عام 2011. ومن هذه الغرفة أيضاً تابع المعنيون أحداث 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 إذ شكلت حينها الغرفة مركز التنسيق الأساسي لحظة بلحظة.
يكشف الكاتب الأميركي الإعلامي جورج ستيفانوبولوس في كتابه "غرفة العمليات- القصة الداخلية للرؤساء في الأزمات" الذي يقع في 368 صفحة ونشر في مايو عام 2024، بعضاً من أهم المحطات التي شهدتها تلك الغرفة، ويقول إن المناوبين في هذه الغرفة رفضوا مغادرة المكان في هجوم 11 سبتمبر وطلب منهم تدوين أرقام الضمان الاجتماعي للتعرف إليهم في حال وقوع هجوم جوي على البيت الأبيض.
ويلفت الكاتب إلى أنه خلال حرب فيتنام، استخدم الرئيس السابق ليندون جونسون غرفة العمليات أكثر من أي رئيس آخر على الإطلاق في محاولة للحصول على أية معلومة من فيتنام قد تساعد في إنقاذ أرواح الجنود الأميركيين هناك، قائلاً إن "غرفة العمليات المركز العصبي لإدارة حرب فيتنام".
كما يستعيد المشهد الاستثنائي عندما طلب الرئيس جيمي كارتر من داخل هذه الغرفة المساعدة من وسطاء حكوميين سريين لإنقاذ الرهائن الأميركيين في إيران عام 1979.
في المقابل، كان الرئيس ريتشارد نيكسون يتجنب استخدام الغرفة بسبب عدم ارتياحه لنطاق عمل مجلس الأمن القومي، وهو شعور أطلق عليه مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية السابق هنري كيسنجر اسم "متلازمة غرفة العمليات".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عرض أوروبي لـ"تفاوض شامل" مع إيران بنموذج "العراق 1991"
عرض أوروبي لـ"تفاوض شامل" مع إيران بنموذج "العراق 1991"

Independent عربية

timeمنذ 19 دقائق

  • Independent عربية

عرض أوروبي لـ"تفاوض شامل" مع إيران بنموذج "العراق 1991"

مع تصاعد الحرب بين إيران وإسرائيل وتبادل الضربات بين الطرفين، تسعى الدبلوماسية الأوروبية إلى إنهاء الصراع عبر المفاوضات، بينما قالت إيران اليوم الجمعة إنها لن تناقش مستقبل برنامجها النووي وهي تحت القصف الإسرائيلي، فيما أعلن البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترمب سيتخذ قراراً في شأن تدخل أميركي محتمل خلال أسبوعين. وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن باريس وبرلين ولندن ستقدم "عرضاً تفاوضياً شاملا" للإيرانيين في جنيف الجمعة، يشمل القضايا النووية وأنشطة الصواريخ الباليستية وتمويل الفصائل المسلحة في المنطقة. وأكد ماكرون على هامش معرض باريس الجوي أنه "يجب إعطاء الأولوية للعودة إلى المفاوضات الجوهرية". ويلتقي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في جنيف في وقت لاحق الجمعة مع نظرائه البريطاني ديفيد لامي والفرنسي جان نويل بارو والألماني يوهان فادفول، إضافة إلى مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس. وينسق الأوروبيون جهودهم خلال غداء قبل الاجتماع المقرر عقده نحو الساعة الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المحلي (13.00 بتوقيت غرينتش). وقال ماكرون إن الملف النووي الإيراني "يشكل تهديداً ويجب ألا يكون هناك أي تراخ في هذا الأمر"، لكن "لا أحد يستطيع أن يعتقد بجدية أن هذا التهديد يمكن معالجته بالعمليات الحالية فقط". وأضاف أن "هناك منشآت تتمتع بحماية شديدة" و"لا أحد يستطيع اليوم أن يحدد بشكل قاطع مكان وجود اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة (...). لذلك، يتعين استعادة السيطرة على هذا البرنامج، من خلال الخبرة الفنية والتفاوض أيضا". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وبحسب مصدر دبلوماسي فإن هذا المقترح الشامل قد يتناول مثلاً "تحديد إطار للتحقق المتعمق من المنشآت النووية الإيرانية (...) ويمكننا أن ننص على دخول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى كل مكان لإجراء عمليات التفتيش دون إعلام مسبق". وأضاف المصدر أن "هذا سيكون نموذجاً للتفتيش يشبه ما تم تطبيقه في شأن النووي في العراق بعد عام 1991 وحرب الخليج التي شهدت هزيمة صدام حسين". ودعا ماكرون إسرائيل أيضاً إلى وقف ضرباتها على "البنى التحتية المدنية" الإيرانية. وأكد أن "لا شيء يبرر استهداف البنى التحتية للطاقة والسكان المدنيين". كما شدد على ضرورة عدم "نسيان الوضع في غزة، الذي يتطلب اليوم، لأسباب إنسانية وأمنية أيضاً، وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن، واستئناف إدخال المساعدات الإنسانية واستئناف العمل السياسي". قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الجمعة إن بريطانيا تعمل مع السلطات الإسرائيلية لترتيب رحلات طيران عارض للمواطنين البريطانيين من تل أبيب عند معاودة فتح المجال الجوي. وأضاف في بيان "في إطار جهودنا لدعم المواطنين البريطانيين في الشرق الأوسط، تعمل الحكومة مع السلطات الإسرائيلية لتوفير رحلات طيران عارض من مطار (بن جوريون في) تل أبيب عند معاودة فتح المجال الجوي". وأغلق مطار بن جوريون الأسبوع الماضي بسبب الحرب الجوية المتصاعدة بين إسرائيل وإيران. ونصحت لندن يوم الاثنين مواطنيها في إسرائيل بتسجيل وجودهم لدى السلطات البريطانية، مؤكدة أنها تراقب الوضع وتدرس خيارات للمساعدة. وأضافت أنها زادت من دعمها اللوجيستي للمواطنين الذين لجأوا إلى مغادرة إسرائيل باستخدام الطرق البرية عبر الأردن ومصر. وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن المستشار فريدريش ميرتس بحث في اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الجمعة الصراع بين إسرائيل وإيران. وأضاف المتحدث أن الزعيمين تحدثا عن جهودهما الدبلوماسية الرامية لمنع مزيد من التصعيد في المنطقة ووعدا بالتنسيق الوثيق من الآن فصاعداً. وقال البيت الأبيض أمس الخميس إن ترمب سيقرر ما إذا كان "سيمضي قدماً أم لا" في المشاركة الأميركية في الصراع خلال الأسبوعين المقبلين نظراً إلى احتمال عقد مفاوضات مع إيران قريباً. وقال دبلوماسيان قبل الاجتماع الذي سيضم فرنسا وبريطانيا وألمانيا ومسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إنه سيتم إبلاغ عراقجي بأن الولايات المتحدة لا تزال منفتحة على إجراء محادثات مباشرة.

كم تبلغ التكلفة التي تتكبدها إسرائيل وإيران في الحرب يوميا؟
كم تبلغ التكلفة التي تتكبدها إسرائيل وإيران في الحرب يوميا؟

المرصد

timeمنذ ساعة واحدة

  • المرصد

كم تبلغ التكلفة التي تتكبدها إسرائيل وإيران في الحرب يوميا؟

كم تبلغ التكلفة التي تتكبدها إسرائيل وإيران في الحرب يوميا؟ صحيفة المرصد: كشفت تقارير دولية عن الحجم المتصاعد لتكاليف الحرب بين إسرائيل وإيران، في ظل استمرار القصف المتبادل واستخدام أنظمة دفاعية وهجومية متطورة، وسط تحذيرات من تداعيات اقتصادية متفاقمة حال استمرار الصراع لفترة طويلة. 200 مليون دولار وبحسب تقديرات خبراء نقلتها صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن تكلفة الحرب بالنسبة لإسرائيل تصل إلى نحو 200 مليون دولار يوميًا، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى النفقات الضخمة لاعتراض الصواريخ والمسيرات الإيرانية، إلى جانب تشغيل سلاح الجو الإسرائيلي بكثافة. تكلفة تشغيل ويؤكد يهوشوا كاليسكي، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، أن نظام "مقلاع داود"، القادر على إسقاط الصواريخ قصيرة وطويلة المدى، تصل تكلفة تشغيله في كل مرة إلى نحو 700 ألف دولار، باعتبار أنه يستخدم على الأقل صاروخين اعتراضيين. نظام "أرو 3" أما نظام "أرو 3" المصمم للتصدي للصواريخ الباليستية بعيدة المدى، فيكلف حوالي 4 ملايين دولار لكل اعتراض، في حين تبلغ كلفة صاروخ "أرو 2" نحو 3 ملايين دولار. الطائرات الحربية وتشمل التكاليف الإسرائيلية أيضًا تشغيل عشرات الطائرات الحربية، منها مقاتلات إف-35، والتي تبلغ كلفة الطيران بها 10 آلاف دولار لكل ساعة، إضافة إلى كلفة التزود بالوقود والذخائر، مثل القنابل الموجهة من طراز JDAM وMK84. مباني كما قدرت الصحيفة الأميركية أن كلفة إصلاح الأضرار الناجمة عن القصف الإيراني في مدن مثل تل أبيب وحيفا وبئر السبع تصل حتى الآن إلى نحو 400 مليون دولار. 12 مليار دولار ويرجح خبراء اقتصاديون أن الاقتصاد الإسرائيلي قادر على تحمّل صراع قصير الأمد، إلا أن استمرار الحرب لشهر قد يكلف البلاد ما يصل إلى 12 مليار دولار. المنشآت العسكرية والنووية في السياق نفسه، تكبدت إيران أيضًا خسائر فادحة نتيجة الضربات الإسرائيلية، خصوصًا على المنشآت العسكرية والنووية، وسط تقديرات بأن الخسائر المادية تصل إلى ملايين الدولارات. مليون دولار وتشير مصادر إسرائيلية إلى أن إيران أطلقت حتى الآن نحو 450 صاروخًا باليستيًا و200 طائرة مسيرة، حيث تبلغ تكلفة الصاروخ الباليستي الواحد، مثل "عماد" و"خيبر" و"فاتح-1"، نحو مليون دولار على الأقل، بحسب نوعه ومداه الذي يتراوح بين 1500 و2000 كيلومتر.

لماذا تبني أميركا أكبر سفارة لها في المنطقة على الأراضي اللبنانية؟
لماذا تبني أميركا أكبر سفارة لها في المنطقة على الأراضي اللبنانية؟

Independent عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • Independent عربية

لماذا تبني أميركا أكبر سفارة لها في المنطقة على الأراضي اللبنانية؟

على وقع أزمات مالية وسياسية وأمنية خانقة، تبني الولايات المتحدة بهدوء أكبر سفارة لها في الشرق الأوسط على أطراف العاصمة اللبنانية بيروت. مشهد قد يبدو متناقضاً للوهلة الأولى، ولماذا تستثمر واشنطن في بلد منهار؟ لكن خلف هذا التناقض الظاهري، تتكشف معالم تحول استراتيجي عميق في النظرة الأميركية إلى لبنان، ليس كدولة بحد ذاتها، بل كنقطة ارتكاز جيوسياسية وسط تصدّع النظام الإقليمي بأكمله. فالسفارة ليست مجرد بعثة دبلوماسية، بل مركز عمليات متقدم يُهيئ الأرضية على ما يبدو لمرحلة ما بعد "حزب الله"، ويعيد رسم حدود النفوذ بين واشنطن وطهران، في لحظة تتراجع فيها باريس عن قيادة الملف اللبناني، وتتقدم واشنطن بحضور استخباراتي وسياسي غير مسبوقين. أكثر من مليار دولار تكلفة المشروع وكانت صور للمبنى قيد الإنشاء، في منطقة عوكر الواقعة على بعد 13 كيلومتراً شمال بيروت، نشرتها السفارة الأميركية في بيروت على حسابها على موقع "إكس"، أثارت جدلاً واسعاً وانقساماً في لبنان حول الهدف من وجود مبنى، بسبب حجمه الهائل ورفاهيته، في بلد يرزح أكثر من 80 في المئة من سكانه تحت خط الفقر. ويبدو المجمّع وكأنه مدينة خاصة، وتبلغ مساحته نحو 90 ألف متر مربع من المباني، و120 ألف متر مربع من المساحات المكشوفة. ويقوم ببناء هذا المشروع مكتب عمليات البناء ما وراء البحار (OBO) في الخارجية الأميركية. ووفقاً لبعض التقارير الصحافية فإن تلك المساحة تقارب ضعفين ونصف ضعف مساحة الأرض التي يقع عليها البيت الأبيض، أو أكثر من 21 ملعباً لكرة القدم. وكانت السفيرة الأميركية السابقة في لبنان، إليزابيث ريتشارد، هي من وضعت حجر الأساس للمجمع، في أبريل (نيسان) 2017 لينطلق المشروع العمراني الضخم. وقالت السفيرة حينها، إن "وضع حجر الأساس لمجمع السفارة الجديد هو رسالة قوية للشعب اللبناني بأننا معكم على المدى الطويل. ونحن نعتزم مواصلة روح التعاون والشراكة التي سادت في رحلتنا سوياً منذ مئتي سنة تقريباً". وأضافت أن المشروع الجديد المطل "على عاصمة نابضة بالحياة وعلى البحر المتوسط الذي يحبس الأنفاس، يملأني بالتفاؤل حول المستقبل". وتابعت "آمل بأننا نتشاطر هذا التفاؤل الذي يدفع الجيل القادم إلى مواصلة العمل من أجل بناء لبنان آمن ومستقر ومزدهر". وقالت السفارة على موقعها على الإنترنت إن "مرافِق السفارة الأميركية الجديدة في بيروت تمثل أفضل ما في الثقافة الأميركية من هندسة وتكنولوجيا واستدامة وفن وتنفيذ للبناء". وأن المجمع سيوفر منبراً آمناً ومستداماً وحديثاً وداعماً لموظفي السفارة في تمثيل الحكومة الأميركية في لبنان وفي الإدارة الدبلوماسية اليومية. وكان السفير الأميركي السابق في لبنان ديفيد هيل قد أعلن ومنذ عام 2015 عن مخطط بناء المجمع الجديد، مؤكداً أن هذا الاستثمار الذي تبلغ كلفته نحو مليار ومئتي مليون دولار، يؤكد على "الالتزام الطويل بالشراكة" بين الولايات المتحدة ولبنان. وكشف هيل أن "مساحات السفارة التي يرتادها الجمهور بشكل واسع، أي القسم القنصلي وقسم الدبلوماسية العامة، صُممت كي تخلق تجربة ممتعة لزوارنا حيث سيتم نصب أنواع الفنون الأميركية واللبنانية في هذه المساحات". يُذكر أن قيمة البناء هي ضعف الموازنة التي رُصدت لبناء السفارة في بغداد المقدرة بـ600 مليون دولار. وأشار موقع للاستخبارات الفرنسية حينها إلى أن المجمع الجديد سيكلف نحو مليار دولار، ويضم مستشفى ومركزاً تقنياً ومباني سكنية ومركزاً لجمع المعلومات لـ"سي آي أي". موقع استخباراتي متقدم وكالعادة أثارت صور السفارة جدلاً واسعاً في لبنان، فمنهم من رأى أن السفارة ليست مجرد بعثة دبلوماسية، بل مركز متقدم لعمليات استخباراتية أميركية على مستوى الشرق الأوسط، نظراً لضخامتها المحيرة التي تتجاوز بكثير الحاجة الاعتيادية لأي بعثة دبلوماسية في بلد صغير كلبنان. هذا التصور لم يأتِ من فراغ، فالمبنى يتميز بتحصينات أمنية عالية، ومساحة تبلغ عشرات آلاف الأمتار، ويتضمن مرافق متعددة تتجاوز العمل القنصلي، ما غذى الشكوك حول وظيفة هذا المجمّع. البعض يرى أن الولايات المتحدة تسعى إلى تحويل السفارة إلى نقطة مراقبة واختراق لجبهات إقليمية متعددة، من سوريا إلى "حزب الله"، ومن الممرات البحرية إلى التمدد الإيراني، وأنه سيكون بمثابة "مركز قيادة" سياسي- أمني في منطقة تنهار فيها الدولة وتتوسع فيها شبكات النفوذ. في المقابل، يعتبر آخرون أن هذه الشكوك تعكس أزمة ثقة داخلية مزمنة في لبنان، وسرديات سياسية توظف ضد واشنطن لأهداف أيديولوجية. بالنسبة لهؤلاء، فإن الأهداف الأميركية تتطلب بنية متطورة لحماية طاقم دبلوماسي في بلد غير مستقر، وأن حجم المبنى يعكس ببساطة مركزية لبنان في الحسابات الأميركية الأمنية وليس بالضرورة "تآمراً" على سيادته. لكن ما لا يمكن تجاهله، هو أن هذا المبنى، قبل أن يُفتتح رسمياً، بات مرآة لانقسام اللبنانيين حيال الدور الأميركي في بلادهم، بين من يرى فيه حماية وردعاً، ومن يعتبره علامة استتباع ووصاية. يشار إلى أن وزارة الخارجية الأميركية كانت قد أعلنت عن نيتها افتتاح السفارة في عام 2022، إلا أن الموعد تم ارجاؤه إلى العام الحالي 2025، وأخيراً وخلال جولة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في المنطقة، ارتفع منسوب التفاؤل لدى بعض اللبنانيين لدرجة أنهم توقعوا أن ترمب سيعرج على لبنان لافتتاح السفارة. لبنان بوصفه منصة إقليمية لا دولة مستقلة لم تعد النظرة الأميركية إلى لبنان محصورة في كونه دولة ذات سيادة تعاني من انهيار اقتصادي، بل بات يُنظر إليه كمنصة استراتيجية متعددة الاستخدامات، منصة للمراقبة، وللضغط، وللمساومة، وربما لاحقاً لإعادة بناء التوازن الإقليمي. من هذا المنظور، لا يُستغرب أن تستثمر واشنطن في بنية دبلوماسية وأمنية ضخمة في بلد يعاني من شلل المؤسسات وعدم استقرارها بين الحين والآخر. فجغرافية لبنان وموقعه على تماس مع سوريا وإسرائيل، ومع ما يحتويه من فصائل ومنظمات لا تتبع للدولة كـ "حزب الله" والفصائل الفلسطينية، تحول إلى صندوق أسود للمصالح المتشابكة، وأميركا تريد أن تضع يدها عليه. في هذا السياق كان الكاتب والباحث في الشؤون الأميركية، وليد فارس، قد أشار في حديث صحافي، إلى أن الاستخبارات الأميركية تحتاج إلى موقع كهذا في المنطقة لمراقبة التهديدات الأمنية التي تتعرض لها الولايات المتحدة من النظام الإيراني والميليشيات العاملة معه، وكذلك من التنظيمات الأصولية. وأشار فارس إلى أن الموقع على شاطئ المتوسط يشكل مكاناً استراتيجياً متميزاً ويوفر قدرة أفضل على إقامة شبكة اتصالات مع البحرية الأميركية. ولهذا فإن الاستخبارات محظوظة لقدرتها على مراقبة منطقة واسعة من موقعها في لبنان تمتد من شاطئ المتوسط إلى حدود باكستان. السفارة كقاعدة استخبارات متقدمة وفي الحقيقة، ما يُبنى في عوكر ليس مجرد مقر إداري للسفراء، بل قلعة محصنة تدمج العمل الدبلوماسي بالأمني والتقني. حجمه الهائل، مساحته التي تفوق مساحة الفاتيكان، والتحصينات التي تُحيط به، كلها تشير إلى طابع غير تقليدي للبعثة. عملياً، نحن أمام مركز استخبارات إقليمي يمكن أن يتابع ما يجري في الجنوب اللبناني، وداخل سوريا، وعلى مقربة من الساحل الشرقي للمتوسط، أي مسرح صراع الطاقة الجديد، فضلاً عن كونه نقطة جمع معلومات حول النفوذ الإيراني والحركة الروسية في المنطقة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) مرحلة ما بعد "حزب الله"؟ لا يبدو أن واشنطن تعول على ضربة عسكرية تنهي وجود "حزب الله" في لبنان، بل على عملية تفكيك ناعمة ومديدة، تبدأ بخنق الحزب مالياً، وتستكمل عبر تفكيك شرعيته الداخلية. في هذا السياق، تلعب السفارة دور غرفة العمليات السياسية، حيث تُدار اللقاءات مع الشخصيات اللبنانية، وتُحدد الخطوط الحمر لأي تسوية مقبلة. الهدف النهائي لا يتمثل فقط في تحجيم "حزب الله"، بل في فرض معادلة جديدة، دولة لبنانية تحت رعاية دولية، لا دولة مرتهنة لمحور إقليمي. أفول الدور الفرنسي وصعود الأميركي منذ عام 2020، تراجعت قدرة فرنسا على التأثير في لبنان، رغم محاولات الرئيس إيمانويل ماكرون تقديم نفسه كحاضن للكيان اللبناني. فشل المبادرة الفرنسية في تشكيل حكومة، وعدم قدرة باريس على فرض أي مسار سياسي مستقر، فتح الباب أمام تقدم أميركي تدريجي. اليوم، تحولت واشنطن من داعم عن بعد إلى راعٍ مباشر للمسار اللبناني، ووجودها الميداني عبر السفارة هو ترسيخ لهذا التحول. لم تعد فرنسا "الأم الحنونة"، بل أصبحت شاهداً من بعيد على مسرح يتقدمه الأميركيون بثقة ووفرة موارد. الرهان الأميركي على الجيش اللبناني وعلى رغم هشاشة المؤسسة العسكرية، ما زالت واشنطن ترى في الجيش اللبناني الأداة الشرعية الوحيدة القابلة للاستثمار. لذلك، تشكل السفارة مركزاً للتنسيق بين وزارة الدفاع الأميركية والجيش، من حيث التدريب والدعم والرقابة. هذا الدعم ليس مجانياً، بل مشروط بالابتعاد عن أي تحالف مع "حزب الله"، والجاهزية لتولي دور أمني أكبر في حال فرضت تسوية إقليمية ترتيبات جديدة على الحدود اللبنانية– الإسرائيلية، أو داخل العمق اللبناني نفسه. الولايات المتحدة تريد استعادة دورها الإقليمي عبر لبنان وللإضاءة على هذا التحليل، سألت "اندبندنت عربية" الكاتب والمحلل السياسي جوني منير، رأيه حول الموضوع، والذي أشار إلى أن "دائماً ما تعكس السفارة اهتمام الدولة ذات الصلة بالمكان الموجودة فيه. لهذا عندما كان النفوذ الفرنسي هو الأعظم شأناً في لبنان، أقامت فرنسا حينها أكبر سفارة لا تزال حتى اليوم (قصر الصنوبر) وكانت مكان إقامة السفير أيضاً. ومن ثم بدأ نفوذ الولايات المتحدة عبر سفارتها قبل أن يتم تفجيرها (أبريل/ نيسان 1983)، ومعلوم أن المكان كان مستأجراً، وحاولت أن تبدأ بإنشاء مقر دائم وذلك منذ عام 2000، ووقع اختيارها حينها على موقع في منطقة الحدث أي على أبواب الضاحية الجنوبية لبيروت، وكان من الواضح حينها أنها تريد إقامة علاقات جيدة مع البيئة الشيعية. ولكن من بعد حرب يوليو (تموز) 2006، وفشلها في إخراج إيران من لبنان، وهذا هو المعنى الحقيقي للقرار 1559، عدلت عن رأيها واستقر الاختيار على مكان إنشاء المجمع الآن". اليد العليا لأميركا ويتابع الكاتب جوني منير، أنه "بالتالي إن بناء سفارة بهذا الحجم يعني أن هناك قراراً من قبل الولايات المتحدة بأن يكون نفوذها في البلد هو الأقوى، وهذا ما تثبته الأحداث الحالية. أيضاً هي تريد أن يكون حضورها ليس فقط للاهتمام بالشأن اللبناني، بل لإستعادة الدور الذي كانت تقوم به قبل الثمانينيات (قبل تفجير المبنى)، بحيث ترى المنطقة من خلال المرآة اللبنانية، أي استعادة دورها الإقليمي". ويضيف منير وبحسب معلوماته "إن طاقم عمل السفارة سيتعدى الـ1000 موظف، وأكبر قسم هو من سيتولى العلاقات العامة، والذي سيشرف على التواصل مع مختلف الشرائح اللبنانية. بحيث ستجس نبض المنطقة من خلال لبنان، لأن لبنان يضم مختلف التوجهات والرؤى الإقليمية، ما يعطيها ميزة التفوق باستشراف الأحداث مبكراً. ولكن الأهم في هذا الموضوع، عدم قلقها من مستقبل لبنان، وهي متمسكة بأن تكون صاحبة النفوذ الأكبر". ويختتم أن "إيران كانت قد شيدت سفارة كبيرة لها وانتقل طاقمها إلى المبنى الجديد في منطقة بئر حسن (فبراير/ شباط 2023)، لأنها كانت تعتقد أو ترسم سياستها بأنها ستكون صاحبة النفوذ الأول في لبنان. ولكن الحرب التي قامت أخيراً (حرب الإسناد) والعنوان الذي طُرح لاحقاً أي إخراج إيران من لبنان، وتمسك الولايات المتحدة بقرارها بأن تكون صاحبة النفوذ الأساس والكامل في البلد، يضع الأمور بمكان آخر، ومن هنا نستطيع فهم استمرارية الصراع بين الولايات المتحدة وإيران في لبنان، على رغم النتائج التي أفضت إليها الحرب العسكرية الإسرائيلية". لبنان تحت المجهر الأميركي في المحصلة، إن بناء أكبر سفارة أميركية في الشرق الأوسط في لبنان لا يعكس حرصاً على العلاقات الثنائية فقط، بقدر ما يكشف عن نية في التحكم بإيقاع اللعبة الإقليمية من نقطة التقاء الصراعات الكبرى. السفارة هي تجسيد مادي لعودة أميركا إلى لبنان بصفتها "الراعي الصلب"، لا الوسيط الناعم، في لحظة يتراجع فيها الفرنسيون، ويتحول فيها محور طهران نحو الزاوية. وبينما ينتظر اللبنانيون مخرجاً من أزمتهم، تُكتب من حولهم خرائط جديدة لا يكون فيها للبنان حق القرار، بل دور المنصة، والميدان، وربما الحقل التجريبي الأخير.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store