
سقوط الحضارات فوق أرض النبوءات
هكذا تنزلق غزّة ومعها بقايا فلسطين فوق لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثاني، وخلفه المدفأة المتأججة في البيت الأبيض! غادر ولايته الأولى ناقلاً السفارة الإسرائيلية إلى القدس، وباشر ولايته الثانية، معلناً ما كان هاجسه، بل حلمه منذ ولايته الأولى مسكوناً بالفكرة التي لطالما كان يصرّ عليها ستيف بانون صديقه ومستشاره الملقّب بكونه من أقوى الرجال في العالم والقائلة: «لندع الضفة الغربية للأردن وغزّة لمصر». ما نسمعه اليوم ليس جديداً.
هكذا ضاع أو سقط موضوع الدولتين إذن مشروعاً منتظراً تشقّق واصفرّ طويلاً عبر ألسنة زعماء العرب وممثلي العرب وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية ليحلّ بريق الزجاج يوماً وناطحات السحاب في غزّة مع ترامب الثاني القائل، بل الحامل منذ دخوله الثاني شمعةً على طوله تشي بنقل بقايا الفلسطينيين في غزة نحو الأردن ومصر.
لا جديد في تكرار التاريخ بين ترامب الأول والثاني.
يمكنني الاسترسال بوصف الرئيس دونالد ترامب الثاني بأنّه فريد، لكأنّه على اسم جدّه لأن من يتابع المكتوب في الرؤساء الجمهوريين منذ جونسون حتى ترامب تصدمه غياب الملامح الجمهورية حزباً وسلوكاً وانتماء، بقدر ما تختزن أو تجمع الجمهورية من الصفات الحزبية الديمقراطية الحرّة والجاذبة إلى أبعد الحدود. لا تعنيه الضربات. لا يقبل النصائح قط، وقد يثور في وجه الناصح. لا يعنيه منذ ما قبل دخوله البيت الأبيض سوى ما يشبه الارتجالية في تعميم القرارات للدولة العظمى.
وترطيباً لذاكرات القرّاء نذكّر بأنّ دونالد ترامب تولى زمام الولاية الأولى في 20 يناير/ كانون الثاني 2017. حاولت، في هذا المجال، العودة إلى المئة يوم من إدارة ترامب الأوّل لأنقل عن ستيفن بانون كبير مستشاريه الاستراتيجيين إلى جانبه قبل فوزه بالبيت الأبيض ب 3 أسابيع وكان لازمه منذ مايو/ أيّار 2016 في منزله في بيفرلي هيلز وبقي إلى جانبه في البيت الأبيض أكثر من مئتي يوم، لينسحب بعيداً منه فور تعيين ترامب الجنرال الصاعد جون كيلي في منصب كبير موظفي البيت الأبيض.
هكذا يكتب مايكل وولف فاتحاً صفحات كتابه Fire and Fury أي نار وغضب، الصادر في ال 2018 الذي يجعلني أقول بعدم وجود فروقات بين الرئيسين أو النسختين ترامب الأول والثاني. يبدو الثاني مسكوناً بالإعلام والإعلاميين وألذّ لحظاته عندما يوقّع على قراراته بالخط الأسود العريض، فتصطف أمامه الشاشات ليغرق عيون العالم بشخصه، عاشقاً للارتجال ولا يلتزم البرامج المعهودة التي تابعناها عبر أسلافه وخلفه، إذ يبدو للجميع حازماً ثائراً آمراً لا مجال للمناقشة، وليس من مشقّة لا يحلّها شفاهياً حتى ولو كانت من دون أية قضية، أو من أعقد القضايا التاريخية مثل فلسطين ومستقبل الفلسطينيين، بعد ما شاهده وعاناه العالم والعيون العالمية في غزّة ولبنان، إذ تتدفق التصريحات لديه بعفوية صارمة، ومن دون قياس مدى هول وقعها على السامعين والمشاهدين في العالم.
ونسأل: من يرشدنا اليوم إلى نسغ الحضارة أو معانيها أو هويتها أو يأخذنا إلى تلك الدولة، أو مجموعة الدول الكبرى التي يمكنها اختصار أو اختزان الحضارة؟ ألا يحقّ لنا القول إنّ هذا الكلمة قد أُفرغت من مضامينها وصارت وهماً معاصراً، كما صار وهماً اجترار الكلام فيها وعدم تعريتها؟
هذا اللون من الأسئلة يأخذنا مباشرةً إلى العراء الإنساني، مشدودين أو مشدوهين للتفكير بالحضارات الهندية القديمة والفرعونية وبلاد الرافدين والإغريقية والرومانية البيزنطية. ويأخذنا أيضاً إلى تقفّي معالم الحضارة المسيحية الأوروبية المدموغة بالحضارة.
يفترق العالم اليوم كثيراً عن فلاسفة تلك الحضارات وأنظمتها وشعوبها، بعدما فُقد الجوهر واكتست عصورنا بالثقافات السريعة، وأسوق الكلمة هنا بمعناها الفرنسي أي بطرائق المأكل والملبس والنوم وأساليب الحياة الاجتماعية التي تتمايز، وستبقى تتمايز بالشكل والعقل بين المجتمعات البشرية المتناسلة والمتقاربة في عصور الفضاء والذكاء المصطنع أو الاصطناعي، لكأننا بشر وأنظمة تحيا في لحظات الخلق والاكتشافات الأولى الكبرى.
كان ابن خلدون (1406- 1332) الأب الروحي القائل بسقوط الحضارات في «المقدّمة»، معتبراً أنّ غاية العمران هي الحضارة والترف، وإذا بلغ غايته سقط. ما أجمل هذا الربط بين الحضارة والترف؟
يمكنني أن أشدّ طرفي الحبل خلال 638 سنة بين ابن خلدون منذ ال 1377 والأستاذ الجامعي الكندي آلان دونو الذي نشر مؤلفه: «عصر التفاهة» في ال 2015، قائلاً بسقوط هيبة السلطات، بل سقوط البشرية في كوارث سببها من يشغلون زوايا مثلّث النظام بالسياسة والإعلام والفنون وخدمةً ذليلة لأهداف السوق العالمي. وفي المجال، أنهي مخطوطةً ستصدر لي بعنوان:«سقوط الحضارات فوق أرض النبوءات» فقد أصابت الحضارات معالم الشيخوخة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 2 ساعات
- العين الإخبارية
بولندا حائرة بين أوروبا وترامب.. حشود «اليمين» و«الوسط» تقسم وارسو
تترقب بولندا انتخابات رئاسية مهمة يتنافس فيها "اليمن" و"الوسط"، ستكون حاسمة في تحديد اصطفافها إما لجانب سياسات أوروبا أو الرئيس ترامب. وخرج اليوم الأحد عشرات الآلاف من الأشخاص إلى شوارع العاصمة البولندية وارسو لإظهار الدعم للمرشحين في انتخابات الرئاسة شديدة التنافس المقرر عقدها الأسبوع المقبل في بولندا. وتعتبر الحكومة البولندية تلك الانتخابات حاسمة لجهودها من أجل الإصلاح الديمقراطي. ويأمل رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك في حشد الدعم لمرشحه، رئيس بلدية وارسو رافاو تشاسكوفسكي المنتمي إلى تيار "الوسط"، ليخلف الرئيس الحالي المنتهية ولايته أندريه دودا، وهو يميني اعترض سبيل العديد من جهود توسك لإصلاح القضاء. وقال تشاسكوفسكي لأنصاره الذين لوحوا بالعلم البولندي بلونيه الأحمر والأبيض وعلم الاتحاد الأوروبي "بولندا بأكملها تنظر إلينا. أوروبا بأكملها تنظر إلينا. العالم بأثره ينظر إلينا"، وفقا لـ"رويترز". ووصل توسك إلى السلطة في عام 2023 بتحالف واسع من أحزاب يسارية ووسطية، على وعد بإلغاء التغييرات التي أجرتها حكومة حزب "القانون والعدالة" اليميني، والتي قال الاتحاد الأوروبي إنها قوضت الديمقراطية وحقوق المرأة والأقليات. ويواجه تشاسكوفسكي صعوبة في الحفاظ على تقدمه في استطلاعات الرأي، وذلك بعد تقدمه على منافسه كارول نافروتسكي المنتمي لتيار "اليمين" بنقطتين مئويتين في الجولة الأولى من الانتخابات التي أُقيمت في 18 مايو/أيار الجاري. وتجمع مناصرو نافروتسكي، الذين ارتدى بعضهم قبعات مكتوب عليها "بولندا هي الأهم"، في منطقة أخرى من العاصمة وارسو اليوم لإظهار الدعم لخططه الرامية إلى جعل بولندا أكثر توافقا مع سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. واتجهت "مسيرة الوطنيين الكبيرة" إلى ساحة الدستور يتقدمها تشاسكوفسكي الذي تصدر نتائج الجولة الأول، بينما تنتهي مسيرة "من أجل بولندا" الداعمة لنافروتسكي عند ساحة القصر في المدينة القديمة في وارسو. وخلال مسيرة مناصرة لتشاسكوفسكي، تعهد الرئيس الروماني المنتخب مؤخرا نيكوسور دان بالعمل الوثيق مع توسك وتشاسكوفسكي "لضمان بقاء بولندا والاتحاد الأوروبي قويين". وقوبل فوز دان غير المتوقع في الانتخابات التي جرت يوم 18 مايو/أيار الجاري على مرشح أقصى اليمين جورج سيميون المؤيد لترامب، بارتياح في بروكسل ومناطق أخرى في أوروبا، حيث كان كثيرون يخشون من أن يؤدي فوز سيميون إلى تعقيد جهود الاتحاد الأوروبي في التعامل مع حرب روسيا في أوكرانيا. وتأتي الانتخابات في بولندا في وقت تعزز فيه عودة ترامب إلى البيت الأبيض من موقف المتشككين في الاتحاد الأوروبي، ما يمنح هذه الجولة طابعًا قاريًا. ويحذر مراقبون من أن فوز مرشح اليمين قد يُحدث هزة سياسية داخل الاتحاد الأوروبي، في ظل التحديات الكبرى التي يواجهها، لا سيما العدوان الروسي على أوكرانيا، الجارة الشرقية لبولندا، وتصاعد التوترات التجارية مع أمريكا في عهد ترامب. ويهدد فوز مرشح اليمين الدعم البولندي القوي لأوكرانيا مع معارضته انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي، وتنديده بالمنافع الممنوحة لمليون لاجئ أوكراني في بولندا. aXA6IDgyLjI2LjIzMC4xNzgg جزيرة ام اند امز LV


البوابة
منذ 8 ساعات
- البوابة
الرئيس الروسي يهنئ الدول الإفريقبة بمناسبة "يوم إفريقيا"
هنا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الدول الإفريقية بمناسبة الاحتفال"بيوم افريقيا". وقال في رسالته التي وزعتها سفارة روسيا بالقاهرة اليوم:"شهد هذا العام التواريخ التذكارية وهي ذكرى مرور 80 عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية وتأسيس الأمم المتحدة وكذلك ذكرى مرور 65 عاما على اعتماد اعلان الأمم المتحدة الخاص بمنح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة. وأضاف أن الدول الإفريقية المستقلة اصبحت علي مدار العقود الماضية، الأعضاء النافذين للمجتمع العالمي وحققت الإنجازات المعترف بها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية مشيرا، إلى المشاركة المتعددة الأطراف القائمة في إطار الاتحاد الافريقي والهياكل دون الإقليمية التي تسهم في تعزيز الامن والاستقرار في القارة. وأوضح أن موسكو تدعو دائما إلى توسيع علاقات الصداقة التقليدية مع الشركاء الافريقيين وما يدل على ذلك بشكل كامل قمتي "روسيا-أفريقيا" تم عقدهما في عامي 2019 و2023 واللتين سمحتا لتحديد اتجاهات التعاون الجديدة وأسهمتا في تنسيق الجهود في الشئون الدولية. وذكر بأن المؤتمر الوزاري لمنتدي الشراكة الروسي الافريقي منح عائدا جيدا صيغة الحوار الجديدة ومن المزمع اجراء هذا الاجتماع المقبل في أحد البلدان الافريقية حتى نهاية العام. وأعرب عن ثقته بان بالجهود المشتركة سنضمن مواصلة تعزيز الروابط الروسية الافريقية متعددة الأوجه وذلك لصالح شعوبنا ومن أجل إقامة النظام العالمي متعدد الأقطاب ذي العدالة والديمقراطية.


حلب اليوم
منذ 9 ساعات
- حلب اليوم
التحركات السياسية لدمشق تمهّد الطريق أمام التعافي الاقتصادي
ينظر السوريون بإيجابية للتطورات التي تشهدها البلاد مؤخرًا، خصوصًا لناحية الإعفاءات الأمريكية التي تمهد لرفع العقوبات بشكل كامل. وبعد يومين من إعلان وزارتي الخارجية والخزانة الأمريكيتين، منح إعفاءات واسعة للحكومة السورية وعدد كبير من الهيئات والشركات؛ التقى الرئيس السوري أحمد الشرع بالمبعوث الأمريكي الخاص لسوريا توماس باراك في إسطنبول، أمس السبت. وأكد الأخير أن واشنطن ماضية في تنفيذ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حتى تُلغى العقوبات عن سوريا بشكل كامل. وفي تعليقه لحلب اليوم، وصف الصحفي السوري أحمد عودات القرار بأنه 'في غاية الأهمية'، حيث 'كان ينتظره السوريون لعقود، فهو يسهّل كثيرًا البدء بإعادة الإعمار ودخول الشركات والبدء بالاستثمارات، بالإضافة إلى تمكين عمل المنظمات على الصعيد الإنساني والاقتصادي، وهذا ما سينقل سوريا إلى مرحلة من الاستقرار تحضيرًا للبناء'. ورأى أن 'الكرة الآن في ملعب الحكومة السورية' التي 'تستطيع أن تتحرك على أكثر من مستوىً لتثبت للسوريين جميعًا أنها بصدد العمل من أجل كل سوريا، وللتنمية المستدامة وإعادة الإعمار، والانتهاء من مرحلة الدمار البشري والمادي والمعنوي والاقتصادي، والوصول إلى الازدهار'. كما أعرب عودات عن أمله في أن 'نرى خطوات جيدة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، فهما أمران مرتبطان، سواء من ناحية القرارات الغربية التي اتُّخذت لناحية رفع العقوبات، أو من ناحية السوريين أنفسهم حيث يريدون أن يروا هذا الترابط، لتثبيت دعائم الدولة على المسارين، بحيث تحقق كل احتياجات الشعب، وتتحول إلى دولة ديمقراطية تحترم مواطنيها وتعمل لتحقيق التنمية'. بدورها قالت مديرة تحرير منصة البيت الأبيض بالعربية في واشنطن، وعضو الحزب الجمهوري، مرح البقاعي، في تصريح أمس السبت، لحلب اليوم، إن سوريا ستحرر بشكل كامل من العقوبات الأمريكية خلال ستة أشهر من الآن، معربةً عن تفاؤلها بتحقيق الازدهار والتعافي. وأوضحت أن إعلان وزارتي الخارجية والخزانة الأمريكيتين جاء لتطبيق القرار التنفيذي للرئيس ترامب بضرورة رفع العقوبات عن سوريا، والذي كان قد أعلن عنه في العاصمة السعودية الرياض، بناء على طلب مباشر من ولي العهد السعودي. ولفتت الباحثة الأكاديمية والمستشارة في العلاقات الدولية؛ مؤسسة ورئيسة 'الحزب الجمهوري السوري'، إلى أن ترامب أكد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طلب منه نفس الأمر، 'كما استمعنا إلى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في جلسة الاستماع في مجلس الشيوخ حيث برر فيها سبب رفع العقوبات بسرعة، موضحًا أنه يريد لسوريا أن تسير في طريق التعافي بأسرع وقت ممكن، لتجنيبها الكثير من الفوضى ولتحقيق الاستقرار عبر دعمها؛ وبالفعل تم رفع العقوبات بشكل فوري'. كما أوضحت البقاعي أن معظم العقوبات التي هي خارج قانون الكونغرس وقانون قيصر والكبتاغون تم رفعها لمدة ستة أشهر، وخلال هذه الفترة ستُلغى بشكل نهائي، أي أنها لن تُرفع فقط بل ستنتهي، وهكذا ستكون سوريا معفاة تمامًا من أي عقوبة أمريكية، وحينها ستبدأ في رحلة التعافي وجلب الاستثمارات والبناء. وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في بيان، يوم الجمعة: إن الإعفاء من العقوبات من شأنه 'تسهيل توفير خدمات الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي وتمكين استجابة إنسانية أكثر فعالية في جميع أنحاء سوريا'. وأضاف روبيو: أن 'الإجراءات التي اتخذناها اليوم تمثل الخطوة الأولى نحو تحقيق رؤية الرئيس بشأن علاقة جديدة بين سوريا والولايات المتحدة'. وقد أصدرت الحكومة الأمريكية قرارًا بمنح إعفاءات من عدد كبير من العقوبات المفروضة على سوريا ومؤسساتها الحكومية، بما يتيح لها القيام بالكثير من الإجراءات التجارية والمالية.