logo
على مقياس «لحتر»

على مقياس «لحتر»

العربيةمنذ 6 ساعات

علوم الاقتصاد والاجتماع طوّرت عبر عقودٍ من الزمن مقاييس خاصةً تشبه ولا تطابق مقاييس العلم التطبيقي كالرياضيات وغيرها، وظلت العلوم الإنسانية العامة تسعى جهدها لمطابقة العلوم المحضة، فتنجح حيناً وتفشل أحياناً، لأن النفس البشرية أكثر تعقيداً من حسابات الرياضيات.
تطور العلوم الإنسانية شهد تباينات عدة وتفرعاتٍ شتى، انقرض بعضها وتطور البعض الآخر، وبينما ظلت العلوم الرياضية، كالجبر والرياضيات والفيزياء والإحصاء وأمثالها، تعتمد على الأرقام والمعادلات والنتائج القاطعة، فقد سعت العلوم الإنسانية، كالأنثروبولوجيا والاجتماع والاقتصاد والسياسية ونحوها، أن تحذو حذوها، ولكنها لم تستطع حتى الآن مع كل التطور الكبير، الذي حدث لهذه العلوم الجليلة المتفرعة عن الفلسفات الكبرى.
المثال من أفضل الطرق لتوضيح الأفكار، وفي علم الجيولوجيا ثمة مقياس شهيرٌ ومتداولٌ ويعرفه الجميع في هذا العصر، وهو «مقياس ريختر» لقياس الزلازل، وهو مقياس اخترعه تشارلز فرانسيس ريختر، حيث وضع مقياساً علمياً محدداً، لتصنيف الهزات الأرضية وفق طريقةٍ علميةٍ ورياضيةٍ، وقد صار اليوم معتمداً، ويفهمه الكافة في نشرات الأخبار بمجرد ذكر الرقم في هذا المقياس.
جرت محاولات في العلوم الإنسانية لخلق مقاييس ومعايير ومؤشراتٍ، في علوم الاجتماع والسياسية والاقتصاد، تشابه تلك العلمية والرياضية، وكان طبيعياً ألا تحظى بنفس البرهنة والجودة والمعرفة الشعبية كسابقتها، ولكن قصور العلم الحالي لا يمنع المحاولة، وهو عموماً شأن تسعى له العلوم والأكاديميات في شتى دول العالم.
ظاهرة وحركات «الإسلام السياسي» مثلت حدثاً استثنائياً وكبيراً على مدى أكثر من قرنٍ من الزمان من تاريخ البشرية، وتاريخ الأمتين العربية والإسلامية، وهي ظاهرة بالغة التأثير في كل المجالات وواسعة التعدد والتشظي عبر أيديولوجيات ومفاهيم وخطاباتٍ، وعبر جماعاتٍ وتنظيماتٍ، وعبر محاولات التماهي مع الدين وجعل الدين الإسلامي، تحديداً، سبيلاً إلى «السلطة السياسية»، وعبر عقودٍ متطاولة كانت لهذه الظاهرة وعلاقاتها بالدول التي نشأت فيها وبالاستعمار والعلاقات المتشعبة معه تأثيراتٌ لا تحصى ومناوراتٌ لا تعد، ولكن ذلك لا يغني عن أي محاولاتٍ علميةٍ لرصد هذه الظاهرة الكبرى ووضعها على محك العلم والتمحيص.
«مقياس لحتر» هو مقياسٌ يراد به رصد تطورات هذه الظاهرة، وهي ظاهرة «الصحوة الإسلامية» التي تختلف في كل شيء عن «دين الإسلام»، وهو مقياس يعبر عن اعتماد الصحوة على طول اللحية وقصرها كمؤشرٍ دينيٍ على الانتماء لأيديولوجيا الإسلام السياسي لا على الانتماء للإسلام، فالخلافات الفقهية حول إعفاء اللحية من عدمه كثيرةٌ ومتشعبةٌ في أقوال فقهاء الإسلام في المذاهب المعتمدة، وهي مسألة فقهيةٌ صغيرةٌ ليست ذات شأن لدى الفقهاء المعتبرين، ولكنها تحوّلت مع «الصحوة» إلى مقياسٍ مهمٍ مع أمثالها في «الزي» و«الهيئة» و«الخطاب» و«طريقة التعامل» من أجل تمييز «الإسلاموي» عن «المسلم».
يمكن للباحث المختص أن يدرك معاني الظواهر الشكلية للتعبير عن الأديان، كما يمكن لعامة الناس إدراك انتماءات الأشخاص الدينية بناء على مظاهرهم التي يختارونها، فاليهود مثلاً يميّزون أنفسهم بالشعر المتدلي على طرفي الرأس والذي يسمونه «الزنانير»، وكذلك بـ «الكيباه» أو القبعة والغطاء الذي يوضع على منتصف الرأس، ومثل هذا يفعل أتباع الديانة «السيخية»، حيث يميزون مظهرهم بميزاتٍ معينة مثل «كيش» أو الشعر غير المقصوص و«كارا» أو سوارٌ من الفولاذ، أو مثل «النقطة الحمراء بين الحاجبين» في الديانة الهندوسية، والأمثلة لا تحصى.
أخيراً فـ «مقياس لحتر» والتسمية ليست لي، هو مقياسٌ علميٌ يفترض أن تعتمده الأكاديميات والدول لقياس تأثير الصحوة على المجتمعات والدول، لا حين تصل لمرحلة «الإرهاب»، بل قبل ذلك بكثيرٍ، لأنه يفترض بالعالم وصانع القرار أن يعرف حراك المجتمعات قبل أن تصل لمرحلتها النهائية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجامعة الإسلامية تدعم الأبحاث البينية التطبيقية
الجامعة الإسلامية تدعم الأبحاث البينية التطبيقية

الرياض

timeمنذ ساعة واحدة

  • الرياض

الجامعة الإسلامية تدعم الأبحاث البينية التطبيقية

أطلقت الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة مبادرة "دعم الأبحاث البينية التطبيقية"؛ بهدف دعم المشروعات البحثية في عدد من المجالات الحيوية والمعاصرة، وإيجاد حلول مبتكرة لقضايا محلية ودولية. ودعت الجامعة أعضاء هيئة التدريس، وطلاب الدراسات العليا للاستفادة من المبادرة والاطلاع على معايير وشروط التقديم عبر موقعها الإلكتروني خلال فترة التقديم التي تنتهي في الـ31 من شهر يوليو المقبل، مبينة أن المبادرة تمثّل تعاونًا بحثيًا بين "التخصصات النظرية" التي تشمل المجالات الشرعية، والقانون، والاقتصاد، والعلوم الاجتماعية، والدراسات الإنسانية، مع "التخصصات العلمية التطبيقية"، بما يعزّز التكامل المعرفي، ويولّد حلولًا تطبيقية مبتكرة للقضايا المحلية والدولية. وأفادت بأن المبادرة تسعى لدعم منظومة البحث العلمي البيني بين التخصصات في مجالات الذكاء الاصطناعي، واقتصاديات المستقبل الرقمية، وأبحاث الاستدامة، والصيرفة الإسلامية، وصناعة الحلال، والبنية التحتية للمدينة المنورة، للإسهام في رفع جودة وكمية الأبحاث المنشورة في قواعد بيانات شبكات العلوم، وتعزيز مكانة الجامعة ونشر إنتاجها المعرفي محليًا دوليًا، وبناء نماذج تقنية ومنتجات بحثية قابلة للتطبيق التجاري والمؤسسي.

رفع أعداد «الوكري» المهدد بالانقراض إلى 14 صقرًا
رفع أعداد «الوكري» المهدد بالانقراض إلى 14 صقرًا

الرياض

timeمنذ ساعة واحدة

  • الرياض

رفع أعداد «الوكري» المهدد بالانقراض إلى 14 صقرًا

سجّل نادي الصقور السعودي إنجازًا بيئيًا لافتًا ضمن جهوده لحماية التنوع الحيوي، بعد أن نجح من خلال برنامج "هدد" في رفع أعداد صقور "الوكري" المهددة بالانقراض إلى 14 صقرًا، وذلك بعد أن كانت أعدادها لا تتجاوز زوجين فقط في وقت سابق. وأوضح المتحدث الرسمي للنادي وليد الطويل، أن صقر "الوكري" يُعدُّ من السلالات الأصيلة والنادرة في المملكة، وأكثرها عرضة لخطر الانقراض، مشيرًا إلى أن نادي الصقور السعودي وضع خطة علمية متكاملة؛ هدفت إلى تعزيز التنوع الحيوي، واستعادة التوازن البيئي، وصون إرث الصقارة التقليدي، بما يتسق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في مجال الاستدامة البيئية. وبيّن الطويل أن النادي يطمح لأن يكون نموذجًا وطنيًا رائدًا في حماية الصقور النادرة من خلال تطبيق برامج متقدمة تستند إلى أفضل الممارسات العالمية، مع تفعيل دور المجتمع المحلي في دعم إعادة توطين الصقور، وإحياء مواكرها الطبيعية، بما يعزز فرص تكاثرها في بيئتها الأصلية. ويواصل نادي الصقور السعودي تنفيذ مبادرات نوعية؛ تهدف إلى المحافظة على الإرث الثقافي للصقارة، ونقل هذه الهوية التراثية للأجيال القادمة، بالتوازي مع دعم التوازن البيئي، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية حماية الكائنات النادرة واستدامتها.

جامعة الطائف تدخل تصنيف «QS»
جامعة الطائف تدخل تصنيف «QS»

الرياض

timeمنذ ساعة واحدة

  • الرياض

جامعة الطائف تدخل تصنيف «QS»

دخلت جامعة الطائف للمرة الأولى في تصنيف QS العالمي للجامعات لعام (2026) ضمن الفئة «901 - 950»، وذلك من خلال خمسة مؤشرات رئيسة على رأسها البحث والاكتشاف، التي تُمثل (50 %) من درجة المؤسسة، وقابلية التوظيف والنتائج تمثل (20 %)، والمشاركة العالمية (15 %)، وخبرة التعلم (10 %)، والاستدامة (5 %). وأكّدت جامعة الطائف أن تصنيف QS يعد معززًا رئيسًا في دور الجامعة في مجالات الابتكار والبحث العلمي على مستوى الساحتين المحلية والدولية، ويعكس تميزها الأكاديمي والبحثي، وجهودها الدائمة في تطوير برامجها الأكاديمية والعلمية، مشيرةً إلى أن تصنيف QS للجامعات 2026م يأخذ محور البحث والاكتشاف على السمعة الأكاديمية، بناءً على مسح عالمي للأكاديميين، التي تمثل (30 %) من درجة المؤسسة، والاقتباسات البحثية لكل عضو هيئة تدريس، التي تُمثل (20 %)، وكذلك سمعة صاحب العمل (15 %)، بناءً على مسح عالمي آخر لأصحاب العمل، ونتائج التوظيف (5 %)، الذي يهدف إلى قياس نجاح الخريجين في سوق العمل. ويركز التصنيف على معيار منظور المشاركة العالمية على الحضور الدولي، الذي يُقاس من خلال نسبة أعضاء هيئة التدريس الدوليين (5 %)، وشبكة البحث الدولية (5 %)، ونسبة الطلاب الدوليين (5 %)، حيث يعتمد منظور تجربة التعلم فقط على نسبة أعضاء هيئة التدريس إلى الطلاب في المؤسسة، بينما يعكس معيار الاستدامة جهود المؤسسة نحو التنمية المستدامة. .

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store