
د. بوعيدة يكتب....قضيتنا الوطنية..حين يشيخ الخطاب وتتمرد المرحلة
بلبريس - بلبريس
كأننا نعيش في شريط يُعاد بثه دون أن تُضاف إليه لقطة واحدة جديدة.
منذ خطاب جلالة الملك في افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة، كُشف الستار عن مرحلة جديدة، لكنها – وللأسف – لم تجد من يقرأها، من يفك شفرتها، من يغوص إلى ما وراء الكلمات..
فالفاعل السياسي والمدني ظل وفيًا لعاداته القديمة، كأن الزمن لم يمسّه، وكأن سياق الخطاب لا يعنيه إلا كعرض مسرحي آخر.
هناك من لا يزال يتعامل مع قضيتنا الوطنية كما لو أنها عقد امتياز حصري لا يقبل المنافسة ولا المشاركة، وكأن الوطن وثيقة ملكية باسمه الشخصي.
منهم من يرى في الاختلاف مسًّا بالثوابت، وفي الرأي الآخر خيانة عظمى، وكأن حب الوطن لا يُقاس إلا بمقدار ما يُردَّد من شعارات، لا بما يُقدَّم من نقد صادق ومقترح جريء.
لم نعد بحاجة إلى من يرتدي 'الدراعة' ليمنح نفسه شرعية الحديث، ولا إلى من يُتقن فنون الخطابة أكثر من فنون الفهم.
القضية أكبر من اللباس، أعمق من الخطاب، وأسمى من الصراعات الصغيرة التي تُدار خلف الكواليس.
الملك دعا إلى الكفاءة، لكن الكفاءة هنا تُترجم بعلاقات النسب والولاء، لا بعمق التحليل، لا بامتلاك المشروع، ولا بالقدرة على فهم التحولات الجيوسياسية.
إنه الزمن نفسه يعود، بالوجوه نفسها، بالعناوين ذاتها، بندوات تُعيد اجترار الكلام القديم بلغة جديدة باهتة، دون أن تغيّر شيئًا من المعنى أو المضمون.
نحن في أمسِّ الحاجة إلى شيء مختلف..
إلى ثورة ناعمة في المفاهيم..
نحتاج إلى خطاب لا يصرخ، بل يُقنع..
لا يلعن، بل يُناقش..
نحتاج إلى اختيار الكلمات كما يختار الجراح موضع شقّه بدقة، بحذر، وبحب.
نحتاج إلى أن نُشرك الجميع، حتى أولئك الذين يختلفون معنا، فحب الوطن لا يُقاس بالتطابق في الرأي، بل بالصدق في النية.
نحتاج إلى مساحة تحمي النقد ولا تخنقه، لأن أكثر الناس حبًا لهذا الوطن هم من يتألمون حين يرون العبث يُعيد نفسه بثقة العارفين.
نحن جيل لم يراكم الثروات، ولم يتخذ من القضية جسرًا إلى المناصب، جيل يُحب هذا الوطن كما تُحب الأم وليدها: حبًا قاسيًا، صامتًا، لكنه لا يساوم.
كم يُوجعنا ألّا يتغير شيء، أن تبقى الندوات على حالها، والأصوات نفسها، واللغة ذاتها، والوجوه نفسها تذهب وتعود دون أثر يُذكر.
أن نناقش مستقبل الصحراء ونحن لم نتصالح بعد مع أنفسنا، ولم نكتشف بعضنا البعض بعد.
أن نرفع راية الوحدة ونحن نغرس خناجر التخوين في ظهور من يختلفون معنا في زاوية النظر.
أيها المتحدثون باسم الوطن..
ليس من يرفع صوته أكثر هو من يحب هذا الوطن أكثر، وليس من يختزل القضية في صورة ولباس هو الأدرى بها.
الفهم لا يُمنح، بل يُبنى، والحقيقة لا تُحتكر، بل تُناقش.
الدبلوماسية المغربية تحت قيادة صاحب الجلالة حققت انتصارات على الأرض، اعترافات دولية، ومكاسب استراتيجية، بينما نحن – نخب الداخل – ما زلنا نُصارع بعضنا البعض في زوايا معتمة، كأننا نخشى النور، نخشى أن نُرى كما نحن: بلا مشروع، بلا أفق، بلا شجاعة للاعتراف بأننا بحاجة إلى بداية جديدة.
دعونا نُخرج القضية من قيد الشعارات.. دعونا نمنحها لغة جديدة..
لغة المصالحة، مع الذات أولًا، ثم مع الآخر، ثم مع التاريخ الذي يُكتب الآن، ولا ينتظر..
نحتاج إلى خطاب لا يكتفي بترديد ما قيل، بل يخلق ما لم يُقل بعد..
خطاب لا يرث، بل يبتكر..
فالقضية لم تعد تحتمل المزيد من الجمود، ولا المزيد من التمثيل الرديء على مسرح الواقع..
ولأننا نحمل وجع الوطن في صدورنا، نعرف جيدًا أن الأوطان لا تُبنى بالصوت العالي، بل بالعقل العميق، ولا تُحمى بالرقابة، بل بالحقيقة.
وما أقسى أن يظل الوطن حبيس خطابات لا تُشبهه..
وأن تتحول قضيته الأولى إلى قصيدة مكسورة الوزن، يكتبها من لا يعرف لغة الأرض، ولا وجع أهلها…
د. عبد الرحيم بوعيدة
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عبّر
منذ 2 ساعات
- عبّر
عندما تتحوّل المزحة إلى لغم: فيديو مغربية يهزّ إسبانيا ويُحرج الجالية
انتشر مقطع فيديو قصير لامرأة مغربية مقيمة في إسبانيا، بشكل مهول في منصات التواصل بالجارة الشمالية، وهي تلوّح بفنجان قهوة وتبتسم من الأذن إلى الأذن، قبل أن تُلقي بجملة أثقل من جبل 'تييد': 'علاش نخدم؟ كاينين دافعي الضرائب كيخلصو كلشي!' هذه العبارة كانت كافية لقلب مواقع 'إكس' و'إنستغرام' رأسًا على عقب، وإشعال 'تيك توك' كما يشتعل هشيم الصيف في سهول الأندلس. انهالت تعليقات الإسبان كالسيل، بين من عرض 'دفع ثمن ترحيلها بكل سرور'، ومن حمّل السياسيين مسؤولية 'فتح الباب لمن يسخر من دافعي الضرائب'. أنا أعيش… وغيري يتعب صاحبة هذا 'المزاح الثقيل'، لم تُخفِ ضحكتها وهي تقول إنها 'ستقضي الصيف في المغرب بطائرة، وتعود إلى إسبانيا في قارب مطاطي لتستقبلها متطوعة من الصليب الأحمر بهاتف آيفون وحضن دافئ!' في ظاهرها نكتة، لكن في باطنها إعادة تدوير لكليشيه قديم: العيش على حساب الغير. وما كان ليبقى طرفة عابرة، تحول إلى عاصفة إلكترونية عاتية، خصوصاً في ظلّ حملة انتخابية أوروبية محتدمة، حيث المزاج العام لا يحتمل استفزازات بهذا الشكل. فيديو مغربية يتحوّل من المزاح الى رصاصة طائشة المثير أن الغضب لم يتوجّه فقط نحو المرأة، بل طال السياسيين أيضًا، الذين 'مدّوا السجادة الحمراء'، حسب تعبير بعض المعلقين، 'لكل من يطرق الباب'. وبين الدعوات إلى 'الترحيل الجماعي'، والاقتراحات بـ'ترحيل السياسيين أولًا'، انقسم النقاش إلى تياراتٍ تعكس أزمة ثقة وهوية وانتماء. فيديو المغربية.. من لقطة عفوية إلى وصمة جماعية ما تقوله أو تفعله فرديًا قد يُلبس الجالية المغربية بأكملها ما لا يليق بها. هنا يكمن خطر التعميم، الذي يغذّيه تصريح طائش أو 'مزحة' غير محسوبة. وقد تتحوّل لقطةٌ عفوية إلى سحابة سوداء تطارد صاحبها، بل وقد تلاحق صورة الوطن سنواتٍ طويلة. الاحترام لا يُقاس بعدّاد المشاهدات في زمن اللهاث وراء 'الترند'، قد يظن البعض أن السخرية والاستفزاز طريق مختصر إلى الشهرة، لكنها شهرة ملوثة، كفيديو المغربية المثير للجدل، الذي سرعان تحوّل الى شر مستطير، وتشوّه لصورة الجالية والوطن معًا.


بلبريس
منذ 2 ساعات
- بلبريس
وزارة الصحة الإيرانية تعلن مقتل 627 شخصا في الهجمات الإسرائيلية
بلبريس - وكالات قال متحدث باسم وزارة الصحة الإيرانية اليوم الأربعاء إن الهجمات الإسرائيلية على إيران أسفرت عن مقتل 627 شخصا وإصابة 4870 آخرين. وكتب حسين كيرمانبور على موقع 'اكس' أن معظم القتلى كانوا في طهران. وقالت شبكة 'اتش ار ايه ان ايه' لحقوق الإنسان ومقرها الولايات المتحدة إن أكثر من ألف شخص قتلوا على مدار 12 يوما، مشيرة إلى معلومات من مخبرين ومصادر علنية . وقد شنت إسرائيل هجوما على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية في 13 يونيو، وقتلت أيضا العديد من كبار العلماء النوويين، مما أدى إلى تبادل لإطلاق النار بين الجانبين لمدة 12 يوما. ووافقت إسرائيل وإيران على وقف لإطلاق النار دخل حيز التنفيذ أمس الثلاثاء.


جريدة الصباح
منذ 2 ساعات
- جريدة الصباح
عودة الدفء بين التازي ومورو
عادت المياه إلى مجاريها بين يونس التازي، والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، وعمر مورو، رئيس الجهة نفسها، المنتمي إلى التجمع الوطني للأحرار، وعضو مكتبه السياسي، المعروف بهدوئه وعدم الرد سريعا على الإساءات التي تلحقه من قبل خصومه السياسيين، ولو كانوا حتى من داخل أحزاب التحالف الحكومي. ويلعب