
صانع نهضة ماليزيا مهاتير محمد يحتفل بعيد ميلاده المئة
احتفل مهاتير محمد، رئيس الوزراء الماليزي السابق، ببلوغه عامه المئة، يوم الخميس، ليصبح بذلك أكبّر سياسي مُعمّر في تاريخ بلاده الحديث.
وفي بودكاست خاص، قال مهاتير: 'أنْ يبلغ المرءُ عامَه المئة، يا لَه من أمرٍ مُرعِب!'، مستعيداً على مدار الحلقة محطات فاصلة في تاريخ ماليزيا.
ورأى مراقبون في بلوغ مهاتير عامه المئة، واحتفاظِه رغم ثِقل السنين بحضور الذهن ونشاطه، إنجازاً إضافياً في حياةٍ حافلة بالإنجازات.
يُذكر أن لمهاتير محمد تاريخاً مع مرض القلب؛ حيث أجرى جراحتين في القلب بينما كان في الخمسينيات من عمره، لكنه، وهو طبيب بالأساس، ينسِب الفضل في احتفاظه بصحة جيدة إلى إقلاعه عن التدخين وعن الإفراط في تناول الطعام.
وإلى جانب كونه أكثر من عَمّر في رئاسة حكومة ماليزيا، يُعدّ مهاتير أكبر رؤساء هذه الحكومات سِنّاً، ليستحق بجدارة لقب 'كبير المنطقة' الذي أطلقه عليه أبناء بلاده.
وعلى مدى الـ 44 عاما السابقة، قضى مهاتير 24 عاما في السُلطة؛ فقد تولى رئاسة الوزراء لأول مرة خلال الفترة من عام 1981 وحتى عام 2003، ثم عاد – وهو في سن الـ 92 – إلى المنصب خلال الفترة من 2018 وحتى 2020.
وتمكّن مهاتير محمد خلال فترة حكمه من تحقيق إنجازات اقتصادية مذهلة؛ أصبحت معها ماليزيا أحدَ نمور آسيا الاقتصادية.
وبدأ مهاتير بالتعليم؛ فأعطاه أولوية وزاد ميزانية البحث العلمي والتدريب المهني، وأوفد البعثات التعليمية للجامعات الغربية، ووطد العلاقة بين المراكز البحثية والقطاع الخاص.
ونجح مهاتير محمد في تحويل ماليزيا من دولة زراعية إلى دولة صناعية حديثة، وشهدت مشروعات البِنية التحتية نقلة نوعية في عهد مهاتير، الذي اعتمد على المشاريع الطموحة، ونمَى في ظله نصيبُ الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نمواً كبيرا، ما أكسبه شعبية واسعة.
لكنْ على الصعيد السياسي، واجه مهاتير اتهامات: بقلّة الاكتراث بحقوق الإنسان، وبتكميم أفواه المعارضين، الذين رأوا أن سياساته رسخّت للمحسوبية حتى بعد مرور وقت طويل من تنحّيه.
وتجلّى ذلك في فضيحة استغلال أموال الصندوق السيادي الماليزي في عام 2015، والتي أدان فيها قضاء البلاد رئيس الوزراء نجيب رزاق بتهم الفساد.
ويرى مراقبون أن مهاتير ترك إرثا سياسيا سيئا؛ فقد فضّلت سياساته القائمة على أساس الجنس عِرقية الملايو على حساب غيرها.
وتضم ماليزيا ثلاث عرقيات رئيسية هي: الملايو، ذات الأكثرية، والصينيين والهنود، ولكل عِرقية أحزابها السياسية ولغتها الأُمّ.
Getty Images
مهاتير وياسر عرفات في العاصمة الماليزية كوالالمبور في أغسطس/آب 2001
وعلى صعيد السياسة الخارجية، أثار مهاتير محمد الجدل بآرائه التي انتقد فيها الغرب بشكل عام والولايات المتحدة وأستراليا بشكل خاص.
ولطالما انتقد مهاتير ما قال إنه تدخُّل الغرب في الشؤون الاقتصادية الآسيوية.
وإلى ذلك، تصريحاته الشهيرة عن اليهود، في أكتوبر/تشرين الأول 2003، والتي قال فيها إنهم 'يحكمون العالم بالوكالة ويرسلون غيرهم للموت نيابة عنهم'.
ولطالما أعرب مهاتير محمد عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني.
وحين هاجمه الساسة وكُتاب الرأي حول العالم، بسبب تلك التصريحات، كان ردّ مهاتير محمد، أنّ هذا الهجوم إنما يثبت صحة ما ذهب إليه.
محطات في حياة مهاتير محمد
في يوليو/تموز 1925، وُلد مهاتير في مدينة ألورستار بولاية قدح شمال غربي ماليزيا، وتميّز في دراسته حتى حصل على منحة لدراسة الطب في كلية إدوارد السابع الطبية (جامعة المالايا في سنغافورة حاليا).
وفي عامه الـ 21، انضم مهاتير إلى المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة (أمنو)، وظلّ يمارس الطب لسبع سنوات قبل أن يصبح عضوا في البرلمان عام 1964.
وفي عام 1969 فقد مهاتير مقعده في البرلمان، وطرده الحزب بعد أن كتب خطاباً مفتوحا لرئيس الحكومة آنذاك – تونكو عبد الرحمن. وكتب مهاتير محمد لاحقا كتابا يحمل اسم 'معضلة الملايو' تحدّث فيه عن تهميش سكان البلاد من المالاي وانتقدهم لقبولهم وضعية المواطن من الدرجة الثانية. وقد حاز مهاتير في ذلك الوقت على دعم القادة الشباب في المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة فعاد للحزب، وانتُخب مجددا في البرلمان، وعُيّن وزيرا للتعليم، وخلال أربع سنوات أصبح نائبا لرئيس الحزب.
في عام 1978، عُيّن مهاتير نائبا لرئيس المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة، أحد أحزاب التحالف الحاكم آنذاك.
وفي عام 1981 أصبح مهاتير محمد رئيس الوزراء الرابع لماليزيا، وظل في المنصب حتى عام 2003، وأعلن بعد ذلك طواعيةً تنازله عن السلطة واعتزاله السياسة، وهو في سن الـ 76.
وفي عام 2016، انسحب مهاتير من التحالف الحاكم وانتقل إلى المعارضة، على خلفية تُهم فساد وُجّهتْ إلى رئيس الوزراء حينها نجيب رزاق.
في عام 2018، وبينما كان في سن 92، حقق مهاتير فوزاً تاريخيا وأطاح بحلفائه السابقين، وأصبح رئيسا لوزراء ماليزيا مجدداً.
في 2022، خسر مهاتير مقعده البرلماني في الانتخابات العامة.
و
لا يزال مهاتير محمد يخطف الأضواء، ويعبّر عن رؤاه الخاصة بالوطن. ورغم تقدمه في السن، لا يزال الرجل قادراً على إثارة الانقسام حول إرثه السياسي.
وفي صحيفة مالاي ميل الماليزية، كتب برابا غانيسان، يوم الخميس يقول إنه 'يمكن أن نُحبّ مهاتير أو نكرهه، لكن يستحيل علينا أن نُنكر أنه أول سوبرمان في بلادنا'.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأيام
منذ 3 ساعات
- الأيام
العالم يزداد حرارة، هل تؤثر موجات الحر على أدمغة البشر؟
Getty Images الحرارة العالية تؤثر على الحاجز الذي يحمي الدماغ ما يجعله أكثر هشاشة وقابلية للاختراق يزداد العالم حرارة بسبب موجات الحر الشديدة الناتجة عن التغير المناخي، مما يدفع العلماء للتسابق من أجل فهم تأثير ارتفاع الحرارة على قدرات أدمغتنا البشرية. لم يكد الرضيع جيك أتمّ شهره الخامس، حتى أُصيب بأول نوبة صرع كبرى، حيث تيبس جسده الصغير ثم أخذ يرتعش بسرعة. تقول والدته، ستيفاني سميث: "كان الجو حاراً جداً، وبالتالي ارتفعت درجة حرارته، ثم رأينا ما اعتقدنا أنه أفظع شيء سنراه على الإطلاق". "لكن للأسف، كان هناك ما هو أكثر من هذا." بدأت نوبات الصرع تزداد في الطقس الحار. وفي أيام الصيف الخانقة والرطبة، كانت عائلة جيك تلجأ إلى استخدام كل أساليب التبريد الممكنة، وتصارع بشراسة للسيطرة على هذه النوبات. خضع جيك لاختبار جيني في سن 18 شهراً، وشخّص الأطباء حالته بأنها متلازمة درافيت، وهي حالة عصبية تتضمن شكلاً من أشكال الصرع، وتصيب طفلاً واحداً من كل 15 ألف طفل تقريباً. غالباً ما يصاحب هذه الحالة نوبات إعاقة ذهنية ومجموعة أمراض مثل التوحد واضطراب فرط الحركة وضعف الانتباه، بالإضافة إلى صعوبات في الكلام والحركة وتناول الطعام وحتى النوم. ويمكن أن تحدث النوبات بسبب ارتفاع الحرارة والتغيرات المفاجئة في درجات الحرارة. يبلغ جيك الآن من العمر 13 عاماً، وتوضح والدته أنه عانى من نوبات كثيرة لا تحصى مع تغير الطقس، وتقول ستيفاني: "ارتفاع درجات الحرارة في الصيف وموجات الحر تزيد من عبء التعايش مع هذه الحالة المدمرة أصلاً". وتعد متلازمة درافيت واحدة من أمراض عصبية عديدة تزداد حدتها مع ارتفاع درجات الحرارة، كما يقول سانجاي سيسوديا، من كلية لندن الجامعية، وهو رائد في مجال تأثير تغير المناخ على الدماغ وطبيب أعصاب متخصص في الصرع، وسمع الكثير من عائلات المرضى عن تزايد المشاكل خلال موجات الحر. يقول سيسوديا: "تساءلت في نفسي، بالطبع، لماذا لا يؤثر تغير المناخ أيضاً على الدماغ؟ ففي النهاية، هناك العديد من العمليات في الدماغ مرتبطة بكيفية تعامل الجسم مع الحرارة." أثناء بحثه في المراجع العلمية، اكتشف مجموعة من الحالات العصبية التي تتفاقم مع ارتفاع الحرارة والرطوبة، منها الصرع، السكتة الدماغية، التهاب الدماغ، التصلب اللويحي، والصداع النصفي، وغيرها. كما اكتشف أن آثار تغير المناخ على أدمغتنا أصبحت واضحة بالفعل. على سبيل المثال، خلال موجة الحر الأوروبية عام 2003، جاءت 7 في المئة من الوفيات الزائدة بسبب مشاكل عصبية مباشرة. وتم رصد أرقام مماثلة خلال موجة الحر في بريطانيا عام 2022. كما أن الحرارة يمكن أن تغير أيضاً الطرق التي تعمل بها أدمغتنا، مما يجعلنا أكثر عنفاً وغضباً واكتئاباً. والسؤال الآن، في ظل ارتفاع درجة حرارة العالم بسبب تغير المناخ، ما هو التأثير المتوقع للحرارة على أدمغتنا؟ Getty Images موجات الحر الشديد تؤدي إلى تغيرات في السلوك والمزاج، وغالباً ما يؤدي إلى تفاقم الحالات العصبية نادراً ما ترتفع درجة حرارة الدماغ البشري بمقدار درجة مئوية واحدة في المتوسط عن درجة حرارة الجسم الأساسية. لكن نظراً لكونه من أكثر أعضاء الجسم استهلاكاً للطاقة، فإن الدماغ يُنتج قدراً من الحرارة الذاتية (يسخن الدماغ ذاتياً)، عندما نقوم بعمليات التفكير والتذكر ونتفاعل مع العالم من حولنا. هذا يعني أن أجسامنا تبذل جهداً كبيراً للحفاظ على برودتها، وهو ما يقوم به الدم خلال دورته عبر شبكة من الأوعية الدموية من أجل الحفاظ على درجة الحرارة، وكذلك التخلص من الحرارة الزائدة. هذا ضروري لأن خلايا دماغنا حساسة جداً للحرارة. وهناك فهم أيضاً لأن وظيفة بعض الجزيئات التي تنقل الرسائل بين هذه الخلايا تعتمد على درجة الحرارة، ما يعني أنها كفاءة عملها تتأثر إذا ارتفعت درجة حرارة أدمغتنا أو حتى إذا انخفضت. يقول الدكتور سانجاي سيسوديا: "لا نفهم تماماً كيف تتأثر المكونات المختلفة لهذه الصورة المعقدة (من الخلايا الدماغية). لكن يمكننا تخيلها كأنها ساعة، لم تعد جميع الأجزاء تعمل معاً بشكل صحيح." على الرغم من أن الحرارة الشديدة تغير آلية عمل أدمغة الجميع، وقد تؤثر سلباً على اتخاذ القرارات وتدفع الناس إلى مخاطر أكبر، إلا أن المصابين بأمراض عصبية هم الفئة الأكثر تضرراً غالباً، لأسباب عديدة، منها على سبيل المثال ضعف عملية التعرق بسبب بعض الأمراض. ويوضح سيسوديا أن تنظيم الحرارة وظيفة دماغية، وقد "تتعطل إذا لم تعمل أجزاء معينة من الدماغ بشكل صحيح." ففي بعض حالات مرض التصلب اللويحي، يبدو أن درجة حرارة الجسم الأساسية تتغير. كما أن بعض الأدوية التي تعالج الأمراض العصبية والنفسية، مثل الفصام، تؤثر على تنظيم درجة الحرارة، مما يجعل من يتناولونها أكثر عرضة للإصابة بضربة الشمس، أو ما يُعرف طبياً بالإجهاد الحراري، كما أنهم أكثر عرضة للوفاة المرتبطة بالحرارة. يمكن لموجات الحر، التي تؤدي إلى ارتفاع الحرارة ليلاً، أن تؤثر على جودة النوم مما يؤثر على مزاج البشر، وقد يؤدي هذا إلى تفاقم أعراض بعض الحالات المرضية. يقول الدكتور سيسوديا: "بالنسبة للعديد من المصابين بالصرع، فإن قلة النوم يمكن أن ترفع خطر الإصابة بنوبات مرضية." Getty Images مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية نتيجة لتغير المناخ، سيزيد ذلك من الضغط على أجسادنا وأدمغتنا تشير الدلائل إلى أن حالات دخول المستشفيات ومعدلات الوفيات بين المصابين بالخرف تزداد أيضاً خلال موجات الحر. قد يرجع هذا جزئياً إلى التقدم في السن، نظراً لأن كبار السن أقل قدرة على تنظيم درجة حرارة أجسامهم، لكن الضعف الإدراكي لديهم قد يعني أيضاً ضعف القدرة على التكيف مع الحرارة الشديدة، فهم مثلا قد لا يشربون كمية كافية من الماء، أو ينسون إغلاق النوافذ، أو يخرجون في وقت ذروة الحرارة. كما أن هناك ارتباط أيضاً بين ارتفاع درجات الحرارة وزيادة حالات السكتة الدماغية والوفيات. في إحدى الدراسات التي حللت بيانات وفيات السكتة الدماغية من 25 دولة، وجد الباحثون أن الحرارة الشديدة أدت إلى حدوث حالتي وفاة إضافيتين من بين 1000 حالة وفاة ناجمة عن السكتة الدماغية الإقفارية. تقول بيثان ديفيز، أخصائية طب الشيخوخة في مستشفيات جامعة ساسكس البريطانية: "قد لا يبدو هذا العدد كبيراً. ولكن مع بلوغ عدد الوفيات حول العالم بسبب السكتة الدماغية إلى سبعة ملايين وفاة سنوياً، فإن الحرارة العالية تتسبب في أكثر من 10 آلاف حالة وفاة إضافية بالسكتة الدماغية سنوياً". وحذرت بيثان وزملاؤها من أن تغير المناخ من المرجح أن يفاقم هذا الوضع في السنوات القادمة. ولأن البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل الأكثر تضرراً من تغير المناخ وتشهد أيضاً أعلى معدلات السكتات الدماغية، فإنها سوف تعاني من تزايد هذه الحالات المرتبطة بالحرارة. وتضيف بيثان ديفيز: "سيؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تفاقم الفجوة الصحية بين البلدان وبعضها، وحتى داخل البلد نفسها ستزداد الفجوة بين الطبقات الاجتماعية". وتتزايد الأدلة حول وجود خطر أكبر على كبار السن وأصحاب الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدني، فهم أكثر عرضة لخطر الوفيات المرتبطة بالحرارة. كما أن ارتفاع درجة حرارة العالم يضر بالنمو العصبي للأطفال الأصغر سناً. وتقول جين هيرست، أستاذة صحة المرأة العالمية في إمبريال كوليدج لندن بريطانيا: "هناك ارتباط بين الحرارة الشديدة ومشكلات الحمل السيئة، مثل الولادات المبكرة". وقد وجدت مراجعة منهجية حديثة للأبحاث العلمية أن موجات الحر ترتبط بزيادة نسبة الولادة المبكرة إلى 26 في المئة، مما قد يؤدي إلى تأخر النمو العصبي وضعف إدراكي للأطفال. Getty Images ارتفاع درجات الحرارة قد تؤثر على آلية عمل الدماغ البشر وانتقال الرسائل بين الخلايا العصبية وتضيف جين: "مع ذلك، هناك الكثير مما نجهله. مثلاً من هم الأكثر عرضة للخطر ولماذا؟ لأن هناك 130 مليون امرأة تلدن أطفالاً كل عام، وكثيرات منهن في بلدان حارة، ولا يحدث لهن هذا." كما أن الحرارة المفرطة الناجمة عن تغير المناخ قد تؤدي لضغوط إضافية على الدماغ، مما يجعله أكثر عرضة للتلف وبالتالي إصابته بأمراض عصبية تنكسية. فالحرارة تؤثر أيضاً على الحاجز الذي يحمي الدماغ عادة، مما يجعله أكثر هشاشة وقابلية للاختراق، ويزيد من خطر انتقال السموم والبكتيريا والفيروسات إلى أنسجة الدماغ. قد يزداد هذا الأمر أهمية مع ارتفاع درجات الحرارة وأيضاً انتشار البعوض الذي ينقل فيروسات قد تسبب أمراضاً عصبية، مثل زيكا وشيكونغونيا وحمى الضنك. يقول توبياس سوتر، عالم الحشرات الطبية في المعهد السويسري للصحة الاستوائية والعامة: "يمكن أن يؤثر فيروس زيكا على الأجنة ويسبب صغر الرأس". ويضيف: "ارتفاع درجات الحرارة واعتدال الحرارة في فصول الشتاء يعني أن موسم تكاثر البعوض (يكون طويلاً) يبدأ مبكراً وينتهي متأخراً." ويمكن لموجات الحر أن تؤثر على مجموعة كبيرة من العمليات النفسية، بدءاً من النبضات الكهربائية للخلايا العصبية، ومروراً بخطر التفكير في الانتحار، والقلق المناخي، وقد تؤثر حتى على فاعلية الأدوية المستخدمة لعلاج الحالات العصبية. لكن العلماء ما زالوا يعملون على التحديد الدقيق لكيفية تأثير ارتفاع درجات الحرارة على أدمغتنا. يؤثر الحر على الناس بطرق مختلفة جداً، بعضهم يزدهر في الطقس الحار، بينما يجده آخرون لا يُطاق. يقول سيسوديا: "قد تكون هناك عوامل مختلفة ذات صلة بهذه الحساسية المختلفة، وقد يكون أحدها الاستعداد الوراثي." يمكن للمتغيرات الجينية أن تؤثر على هياكل البروتينات التي قد تجعل بعض الناس أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ. ويضيف: "قد تكون هناك خصائص كامنة مرتبطة باستجابة الإنسان للحرارة، لن تظهر إلا في حالة وجود ضغوط بيئية حرارية تؤدي في النهاية لخروجها"، "ما نراه اليوم من أعراض لدى الأشخاص المصابين باضطرابات عصبية قد تظهر على أشخاص غير مصابين بها مع تقدم تغير المناخ". لا تزال هناك أسئلة أخرى بحاجة إلى إجابة. على سبيل المثال، هل درجة الحرارة القصوى، أم طول موجة الحر، أم درجة الحرارة الليلية، هي الأكثر تأثيراً؟ قد يختلف الأمر من شخص لآخر أو حسب الحالة العصبية. لكن تحديد الفئات المعرضة للخطر وأسباب معاناتها أمر مهم جداً للمساعدة في وضع استراتيجيات لحماية الفئات الأكثر ضعفاً. قد يشمل ذلك أنظمة إنذار مبكر أو تأمينات لتعويض عمال اليومية عن الأجور التي سيخسرونها لعدم العمل بسبب الحر الشديد. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عندما تم تأكيد أن شهر يوليو/تموز 2023 هو الشهر الأكثر حرارة على الإطلاق: "لقد انتهى عصر الاحتباس الحراري، وبدأ عصر الغليان العالمي". تغير المناخ حاضر ويتفاقم، وعصر ارتفاع درجة حرارة الدماغ بدأ الآن.


الأيام
منذ 6 ساعات
- الأيام
هوس أكياس الكافيين: موضة بين المراهقين تثير قلق بعض الخبراء
Getty Images يقول خبراء إن أعدداً متزايدة من المراهقين في الولايات المتحدة يستخدمون أكياس الكافيين للحصول على دفعة من الطاقة، وسط مخاوف من أن تنتشر هذه الظاهرة قريباً في المملكة المتحدة. هذه الأكياس الصغيرة، التي تشبه أكياس الشاي وتُوضع بين الشفة واللثة، تمنح جرعة سريعة من الكافيين تصل مباشرة إلى مجرى الدم. بعض المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي يروجون لهذه المنتجات، وينصحون بها مرتادي الصالات الرياضية لتحسين الأداء، أو الطلاب الراغبين في البقاء متيقظين أثناء الامتحانات. ويقول الدكتور روب فان دام، من جامعة جورج واشنطن، إن متجر "تيك توك" يبيع الكثير من العلامات التجارية والنكهات التي قد تجذب الشباب. لكن مع احتواء الكيس الواحد على كمية من الكافيين تعادل كوبين من القهوة، لن يكون من السهل تناول جرعات كبيرة تؤدي إلى آثار جانبية سيئة، بحسب قوله. هناك بالفعل قلق متزايد في المملكة المتحدة بشأن استخدام الشباب لأكياس النيكوتين أو "السنوُس". كما أن أكياس الكافيين غير لافتة للنظر – إذ قد يصعب ملاحظة وجودها في الفم – ما يجعل من السهل إخفاؤها عن الأهل والمعلمين. بعض مستخدمي هذه المنتجات يتفاخرون عبر الإنترنت بشعورهم بـ"النشوة" عند استخدام كيسين في الوقت نفسه للحصول على جرعة مضاعفة من الكافيين. وبما أن الكافيين يُمتص بسرعة، فقد تبدأ آثاره بعد دقائق من تناوله وتستمر لساعات عدة. ويمكن أن تصل المستويات إلى حد الخطر. وقال الدكتور فان دام لبي بي سي: "قد يكون لدى الشباب تحمل أقل للكافيين، وهناك احتمال أن ينتهي بهم الأمر في غرفة الطوارئ إذا تناولوا الكثير منه". لماذا الكافيين وما الذي يحدث عند الإفراط فيه؟ Getty Images الكافيين مادة منبهة يمكن أن تجعلك أكثر يقظة وأقل شعوراً بالنعاس، بسبب تأثيرها على الدماغ والجهاز العصبي. يقول لويس جيمس، من كلية علوم الرياضة والتمارين الصحية في جامعة لوبورو، إن هناك أدلة قوية على أن الكافيين يمكن أن يجعل ممارسة الرياضة أسهل شعوراً. وأصبح من أكثر المكملات استخداماً بين الرياضيين. أثناء ممارسة الرياضة، ينتج الجسم مادة كيميائية تُسمى "الأدينوزين" تجعلك تشعر بالتعب. يعمل الكافيين على حجب مستقبلات الأدينوزين في الأعصاب، فيقل إدراك الدماغ للألم والإرهاق. لكن تأثيره يمتد إلى أجزاء أخرى من الجسم أيضاً – بما في ذلك الجهاز القلبي الوعائي – ما قد يكون محفوفاً بالمخاطر. المستويات العالية يمكن أن تسبب سرعة ضربات القلب، واضطرابات في النظم القلبي، ونوبات تشنجية. ورغم ندرتها، وُثقت حالات وفاة بسبب الإفراط في تناول الكافيين. بعض الأشخاص أكثر حساسية للكافيين من غيرهم، وقد يصابون بالغثيان والقلق والتهيج، ويعانون من الصداع حتى عند جرعات أقل. بشكل عام، يُعتبر تناول ما يصل إلى 400 مليغرام من الكافيين يومياً آمناً لمعظم البالغين الأصحاء – أي ما يعادل نحو أربعة أكواب من القهوة الفورية. الشاي يحتوي على كمية أقل قليلاً، لذا فإن خمسة أكواب يومياً غالباً ما تكون مقبولة. ويُنصح النساء الحوامل بتقليل الاستهلاك اليومي إلى 200 مليغرام أو أقل. الأطفال والمراهقون أكثر عرضة للمخاطر واحتمال التسمم بالكافيين، ولهذا السبب تُلزم قوانين الاتحاد الأوروبي مشروبات الطاقة التي تحتوي على أكثر من 150 مليغرام من الكافيين بحمل تحذير: "محتوى مرتفع من الكافيين. غير موصى به للأطفال أو النساء الحوامل أو المرضعات". انتبه إلى المشروبات أو الأطعمة الأخرى التي تحتوي على الكافيين يقول الدكتور فان دام إنه من السهل تناول كميات مفرطة من الكافيين، لأنه موجود في كثير من المشروبات وبعض الأطعمة، لذلك من المهم التحقق من كمية ما تستهلكه. ويضيف: "بينما يصعب تناول جرعة زائدة من القهوة، فإن هذه المنتجات تجعل الأمر أسهل، خاصة إذا كان الشباب يستخدمون مشروبات الطاقة أيضاً". ويشير إلى أن بعض المنتجات تحتوي، عند فحصها في المختبر، على كمية من الكافيين تفوق ما هو مذكور على الملصق. Getty Images • القهوة: يحتوي الكوب على نحو 100 إلى 140 مليغرام من الكافيين، لكن النسبة قد تختلف كثيراً • الشاي: يحتوي الكوب على نحو 75 مليغرام. • مشروبات الطاقة: غالباً تحتوي على 80 مليغرام في عبوة حجمها 250 مل. • المشروبات الغازية: عادة تحتوي على نحو 40 مليغرام في العبوة. • الشوكولاتة: يوجد نحو 25 مليغرام من الكافيين في لوح شوكولاتة داكنة وزنه 50 غراماً، ونحو 10 مليغرام في لوح شوكولاتة بالحليب بنفس الوزن. يقول أطباء الأسنان إن استخدام هذه الأكياس على المدى الطويل قد يسبب تهيجاً في اللثة، تماماً كما يحدث مع "السنوُس" وأكياس النيكوتين. ويخشى بعض الخبراء أن تكون أكياس الكافيين بوابة لاستخدام هذه المنتجات الأخرى. تقول باني سورش، رئيسة قسم التغذية العلاجية في "كليفلاند كلينك" بلندن والمتحدثة باسم الجمعية البريطانية للتغذية، إن استخدام الأكياس قد يبدو "موضة" أو أمراً غير ضار، لكن هناك خطراً حقيقياً في جعل استخدام المنبهات أمراً طبيعياً بين المراهقين والشباب، ما قد يخلق أنماطاً من الاعتماد. وأضافت لبي بي سي: "بينما قد يمنح الكافيين دفعة مؤقتة، فإنه قد يعرقل النوم ويفاقم التعب بمرور الوقت، خصوصاً لدى الأطفال والمراهقين الأكثر حساسية لتأثيراته". إذا كان الشباب سيتناولون الكافيين، فإن الجمعية البريطانية للتغذية وهيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا تنصحان بالحذر. وتقترح الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية ألا يتجاوز الحد الأقصى للأطفال والمراهقين 3 مليغرام لكل كيلوغرام من وزن الجسم، أي أن الطفل الذي يزن 30 كيلوغراماً يجب ألا يتناول أكثر من 90 مليغرام في اليوم. بدلاً من اللجوء إلى الكافيين، تقول سورش إنه من الأفضل التركيز على الوجبات المنتظمة، وشرب الماء، والأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية التي تدعم مستويات طاقة ثابتة طوال اليوم. وتؤكد أن النظام الغذائي الصحي الذي يحتوي على ما يكفي من الحديد والبروتين والكربوهيدرات بطيئة الامتصاص يجب أن يفي بالغرض.


الأيام
منذ 2 أيام
- الأيام
'كأنه فيلم خيال علمي': ولادة طفل من جنين مجمد منذ 30 عاماً
Getty Images تعتبر العديد من وكالات تبني الأجنة المسيحية في الولايات المتحدة أن برامجها تنقذ الأرواح. صورة أرشيفية شهدت ولاية أوهايو الأمريكية ولادة طفل من جنين تم تجميده لأكثر من ثلاثين عاماً، في ما يُعتقد أنه أطول فترة زمنية يُحتفظ فيها بجنين قبل أن يُفضي إلى ولادة ناجحة، محققاً بذلك رقماً قياسياً عالمياً جديداً. ليندسي (35 عاماً) وزوجها تيم بيرس (34 عاماً)، استقبلا طفلهما "ثاديوس دانيال بيرس" يوم السبت الماضي. وقالت ليندسي لمجلة MIT Technology Review: "بالنسبة لعائلتنا، كان الأمر وكأنه من فيلم خيال علمي". ويُرجّح أن يكون هذا الجنين هو الأقدم من حيث فترة التجميد (عملية يتم فيها تجميد البويضات المخصّبة وتخزينها بطريقة معينة لاستخدامها لاحقاً) قبل الولادة الحيّة، متجاوزاً الرقم السابق المسجل عام 2022 لتوأمين وُلدا من جنينين مجمّدين منذ عام 1992. حاول الزوجان بيرس إنجاب طفل طيلة سبع سنوات، قبل أن يقررا تبني الجنين الذي أنجبته ليندا أرتشرد (62 عاماً)، مع زوجها آنذاك في عام 1994 من خلال التلقيح الصناعي. في ذلك الوقت، أنتجت السيدة أرتشرد في البداية أربعة أجنة. أصبح أحدها ابنتها البالغة الآن 30 عاماً، وتركت الثلاثة الأخرى في التخزين. وعلى الرغم من انفصالها عن زوجها، لم ترغب أرتشرد في التخلص من الأجنة أو التبرع بها للأبحاث أو إعطائها لعائلة أخرى بشكل مجهول. وأوضحت أنها أرادت البقاء جزءاً من حياة الطفل، نظراً لأنه سيكون شقيقاً بيولوجياً لابنتها. وقد واصلت دفع آلاف الدولارات سنوياً لتأمين تخزين الأجنة، إلى أن تعرفت على وكالة مسيحية تُدعى Nightlight Christian Adoptions، تدير برنامجاً لتبني الأجنة يُعرف باسم Snowflakes (رقاقات الثلج). وتُصنّف هذه الوكالات، عملية التبني هذه على أنها "إنقاذ حياة". يسمح البرنامج الذي استخدمته السيدة أرتشرد للمتبرعين باختيار العائلة المستقبلية، بما يشمل تحديد صفات دينية وعرقية وجغرافية. وقد اختارت آرشرد أن يكون الزوجان من ذوي البشرة البيضاء، ومسيحيين، ويقيمان داخل الولايات المتحدة، وفقاً لما قالته لمجلة MIT Technology Review. في النهاية، انطبقت تفضيلاتها على الزوجين بيرس. العملية الطبية أُجريت في عيادة Rejoice Fertility في ولاية تينيسي، والتي أكدت أن نهجها يقوم على محاولة نقل أي جنين تستلمه، بغض النظر عن عمره أو ظروف حفظه. قالت السيدة بيرس إنها وزوجها لم يخططا "لتحطيم أي أرقام قياسية"، وإنما "أرادا فقط إنجاب طفل". أمّا السيدة أرتشرد فقد صرّحت لمجلة MIT Technology Review بأنها لم تلتقِ بالطفل شخصياً بعد، لكنها ترى بالفعل تشابهاً بينه وبين ابنتها.