
مناصرة إخواننا في غزة.. بين الشجاعة والخذلان
إننا نرى ما يعانيه الشعب الفلسطيني في غزة من حصار وقصف وتدمير شامل وتقتيل بالجملة، وهجوم كاسح بكافة أنواع الأسلحة من اليهود المجرمين، ونرى من إخواننا الصبر والثبات والعزة، قال تعالى: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}. وإن صمود غزة في وجه عدو غاشم عديم القيم في معركة غير متكافئة في ميزان القوى المادية أثمر دروسا، ندعو عقلاء أمتنا أن يستثمروها بمواقف فكرية وعملية على كافة المستويات.
إن ما يتعرض له إخواننا في غزة لا يجوز أبدا سكوت المسلمـين عليه ولا بقاؤهم سلبيين تجاهه، بل الواجب وفريضة الوقت أن يهبّوا هبّة رجل واحد لنصرة إخوانهم ونجدتهم وإسعافهم، جيوشا وشعوبا وحكومات. فمن الضروري الوقوف إلى جانب شعبنا الفلسطيني المظلوم المعتدى عليه، وعدم خذلان المجاهدين الذين يدافعون عن الأمة وكرامتها، ويردون العدوان الغاشم الذي لا تقف أطماعه عند حدود فلسطين بل تتعداه إلى غيرها من الدول العربية المجاورة.
إن الواجب الشرعي يحتم على الجميع السعي لدعم الغزويين بكافة أنواع الدعم المادي والعسكري والسياسي والإعلامي، واتخاذ كافة التدابير اللازمة لذلك، والحيلولة دون أي إجراء يترتب عليه إضعافها أو حصارها أو تهميش دورها، مع التأكيد على أن إغلاق المعابر أو هدم الأنفاق أو منع إمداد المقاومة بالسلاح هو من كبائر الذنوب وعظائم الموبقات.
ففلسطين قضية شعب وأمة، والوقت وقت نجدة ومناصرة، لا وقت لوم وتصفية حسابات، ولنحذر الوقوع فيما حكاه الله عن المنافقين في قوله سبحانه: {الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين}. وكل التحية والإجلال لإخواننا في غزة الذين استطاعوا بعددهم المحدود وبأسلحتهم المتواضعة أن يقاوموا جيش إسرائيل المكون من مئات الآلاف من الجنود، وتصدوا له وجها لوجه وقاوموا عدوانه المتواصل منذ أكثر من سنة ونصف. فأهالي قطاع غزة يعانون من كارثة إنسانية غير مسبوقة، في ظل تواصل العدوان والقصف العشوائي العنيف، وسط نزوح أكثر من مليوني إنسان في مخيّمات داخلية دون علاج أو غذاء أو كساء.. لذا، ندعو للمسارعة لنجدة إخواننا الجوعى والمرضى والجرحى بفك الحصار الظالم وفتح المعابر، خاصة معبر رفح الذي يمثل شريان الحياة لأهل غزة، بشكل دائم غير مشروط، التزاما بالواجب الشرعي والأخلاقي، ووفاء بحق الأخوة والجوار، واتساقا مع الشرائع السماوية، ومبادئ القانون الدولي التي تحرم محاصرة المدنيين وتعتبره جريمة ضد الإنسانية.
ويجب على المسلمين الوقوف مع إخوانهم الفلسطينيين والتعاون معهم ونصرتهم ومساعدتهم، والاجتهاد في رفع الظلم عنهم بما يمكن من الأسباب والوسائل تحقيقا لأخوة الإسلام ورابطة الإيمان، قال الله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة}، وقال عز وجل: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: 'المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه'، وقال عليه الصلاة والسلام: 'مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر'، وقال عليه الصلاة والسلام: 'المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ولا يحقره'.
ومن ترك نصرة أخيه المسلم فسيخذله الله في موطن يحب فيه نصرته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تُنتهَك فيه حرمته، ويُنتَقص فيِهم من عِرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصُر مسلما في موضع يُنتَقص فيه من عرضه، ويُنتَهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب نصرته'.
والنصرة شاملة لأمور عديدة حسب الاستطاعة ومراعاة الأحوال، سواء كانت مادية أو معنوية، وسواء كانت من عموم المسلمين بالمال والغذاء والدواء والكساء وغيرها، أو من جهة الدول العربية والإسلامية بتسهيل وصول المساعدات لهم وصدق المواقف تجاههم ونصرة قضاياهم في المحافل والجمعيات والمؤتمرات الدولية والشعبية، وكل ذلك من التعاون على البر والتقوى المأمور به في قوله سبحانه وتعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}.
وندعو عقلاء العالم والمجتمع الدولي بعامة للنظر في هذه القضية بعين العقل والإنصاف لإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه، ورفع الظلم عنه حتى يعيش حياة كريمة، وفي الوقت نفسه نشكر كل من أسهم في نصرتهم ومساعدتهم من الدول والأفراد. ونتوجه إلى أمتنا الإسلامية شعوبا وحكاما ونقول لهم: هبّوا لنصرة إخوانكم ولا تخشوا في الله لومة لائم، انصروهم بأنفسكم وأموالكم وألسنتكم وأقلامكم، وإياكم وخذلانهم فمن يخذلهم اليوم يخذله الله يوم القيامة، ومن أمسك يده ولم ينفق في سبيل نصرتهم أمسك الله عليه وقتر عليه رزقه، وتوجهوا إلى الله بالدعاء خاصة في أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل؛ وساعة نزول الغيث؛ وبين الأذان والإقامة؛ وأيام الجمع، وارفعوا إليه أكف الضراعة أن يرفع عن غزة وعن كل المظلومين هذا البلاء، وأن ينزل بأسه على القوم المجرمين، كما نسأله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين، إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حدث كم
منذ ساعة واحدة
- حدث كم
اليوم الوطني للمقاومة.. محطة سنوية لاستحضار ملاحم البطولة والوفاء التي صنعت معركة الحرية والاستقلال
تعتبر ذكرى اليوم الوطني للمقاومة، التي تصادف يوم 18 يونيو من كل سنة، محطة سنوية لاستحضار ملاحم البطولة والوفاء التي صنعت معركة الحرية والاستقلال. وهكذا، يشكل تخليد الذكرى ال71 لليوم الوطني للمقاومة، التي تقترن بذكرى استشهاد البطل محمد الزرقطوني رحمه الله، وبالذكرى 69 للوقفة التاريخية لبطل التحرير والاستقلال والمقاوم الأول جلالة المغفور له محمد الخامس رضوان الله عليه بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء، استحضارا لتضحيات شهداء الكفاح الوطني في سبيل الحرية والاستقلال والوحدة الترابية، وتجسيدا لقيم البرور والوفاء لأرواحهم الطاهرة. وبهذه المناسبة، ذكر رئيس مؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة والأبحاث، عبد الكريم الزرقطوني، بأنه في يوم 18 يونيو من سنة 1954 سقط البطل محمد الزرقطوني شهيدا مسجلا بذلك اسمه في ذاكرة الكفاح الوطني من أجل الدفاع عن القيم العليا للمغرب والدفاع عن مقدساته التاريخية التي رسخها المغاربة منذ فجر ميلاد الدولة المغربية قبل أكثر من اثني عشر قرنا. وفي كلمة لرئيس المؤسسة بمناسبة هذه الذكرى، التي تقترن بيوم استشهاد محمد الزرقطوني، قال إن هذا الأخير 'سقط شامخا شموخ جبال الأطلس بعد أن ألحق ضرباته الموجعة بقوى البغي الاستعماري وبأذنابهم وبكل من كان يدور في فلكهم'. وأضاف أن الشهيد محمد الزرقطوني لم يتردد في أي يوم من الأيام عن الجهر بالحق ولا عن التصدي لألاعيب الاستعمار ولا عن إفشال دسائسه ومكايده ضد رموز سيادة البلاد. وأكد رئيس مؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة والأبحاث، أنه 'ما إن تطاو لت فرنسا على المس برمز سيادة البلاد المغفور له الملك محمد الخامس بنفيه سنة 1953 بعيدا عن وطنه حتى تحول عمل محمد الزرقطوني إلى بركان عارم انفجر في وجه فرنسا وجعل وجودها بالمغرب يتحول إلى جحيم حقيقي وإلى طوفان عارم رفع سقف المطالب نحو الانتقام لكرامة المغاربة'. كانت المعركة قاسية، يضيف عبد الكريم الزرقطوني، والمواجهات عنيفة، وكانت الجرائم الاستعمارية ثابتة، لكن في المقابل، كانت الإرادة الوطنية صلبة، والشهادة مطلبا والإصرار ثابتا، إصرار التقت فيه الإرادة الملكية المؤمنة بقضيتها الوطنية مع الإرادة الشعبية المخلصة في الوفاء لرموز سيادتها ولحريتها وكرامتها واستقلالها فصنعت ملحمة ثورة الملك والشعب التي أجبرت الاستعمار على الإذعان للمطالب الوطنية بعودة السلطان الشرعي أولا ثم بالاعتراف بحرية المغرب واستقلاله ثانيا. وعلى امتداد هذا الطريق، يتابع رئيس المؤسسة، سقط من سقط وصمد من صمد واستبسل من استبسل فبقيت الراية خافقة تذكرنا بمناسبة ذكرى استشهاد محمد الزرقطوني يوم 18 يونيو من سنة 1954، أن طريق النضال الوطني لا يزهر إلا بتضحيات الأحرار وببطولات الأبطال وبملاحم الشهداء. وأكد أن روح الشهيد محمد الزرقطوني ورفاقه الأبرار، 'تظل منارتنا، التي تصنع مواقفنا وتنير طريقنا وتساهم في ترشيد قراراتنا، ومناسبة لاستلهام اللحظة واستثمار دروسها باعتبارها حلقة أساسية من حلقات نضال المغاربة من أجل الحرية والاستقلال'. وككل سنة يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير يوم 18 يونيو من كل سنة ذكرى اليوم الوطني للمقاومة، حيث يتم تنظيم سلسلة من المهرجانات الخطابية واللقاءات التواصلية مع أسرة المقاومة وجيش التحرير بمختلف ربوع الوطن علاوة على عقد ندوات تسلط الضوء على دلالات ومغازي هذه الذكرى من أجل الحفاظ على تلك القيم المتعلقة بالوطنية والتضحية دفاعا عن الوطن. حدث كم


الشروق
منذ 5 ساعات
- الشروق
كيف عبثت المقاومة الفلسطينية بنتنياهو؟
يقدّم نتنياهو نفسه بأنّه زعيم تاريخي للكيان، فهو رئيس وزراء في الفترات 1996-1999 و2009- 2021 و2025-2022؛ فإدارته لسلطة الاحتلال تشكّل ربع تاريخ الكيان. لكن حماس جعلت منه: أولا: الشخصية الأقل ضمانا للأمن القومي للكيان طيلة سنوات حكمه، وسيظل تاريخ السابع من أكتوبر 2023 أكثر دلالات الفشل في حماية مستوطني هذا الكيان. ثانيا: يقدّم نتنياهو نفسه سياسيا ملهما قادرا على القيادة، لكنه منذ السابع من أكتوبر تحوّل إلى مجرد شخصية عبثية تنقصه الأهداف السياسية للحرب، ويفشل فيما يعلنه عنها من أهداف، إذ أصبحت الحرب هدفا بحد ذاتها بدون أفق سياسي وهو ما يقوّض دوره كقائد سياسي يتآكل رصيده السياسي يوما بعد يوم. ثالثا: في كل سنوات إدارته لسلطة الاحتلال كانت مكافحة الإرهاب هي الشعار الغالب لسلوكه الحربي، وقد أدى به سلوكه المتوحش لاعتباره مجرم حرب. وهكذا تتجه حماس للتخلص مما ألحق بها وبالفلسطينيين عموما ليصبح صفة يشار بها لقيادة الكيان السياسية والعسكرية. رابعا: يقدّم نتنياهو نفسه حاميا ومدافعا عن وجود الكيان، لكنه أصبح متهما بتغليب مصالحه الشخصية والحزبية على حساب مصالح الكيان وهو ما يرهن مستقبله السياسي. خامسا: قدم نتنياهو مبرر حروبه بـ'حماية الحضارة الغربية والديموقراطية الوحيدة في المنطقة'، وهو اليوم يقدّم داخل الكيان نفسه بأنه أنهى الديموقراطية بمحاولاته المتكررة لجعل القضاء والجيش والإعلام مجرد أدوات للنزعة الفردية ودعم التسلطية والدكتاتورية. وقد بدت أصواتٌ من الغرب لها وزنها تتبرأ من السلوك غير الحضاري وفلسفة التوحش التي تبناها حكومة اليمين المتطرف. سادسا: قامت الدعاية الصهيونية ولعقود خلت على تشويه صورة الإسلام والعرب والمنطقة، وقد نجحت تلك الدعاية في جلب تعاطف الرأي العامّ الغربي مع الكيان مقابل خلفية عنصرية تجاه المنطقة العربية، لكن الاحتلال ومجازره اليومية بحقّ الأطفال والنساء منذ 7 أكتوبر 2023 إلى اليوم، جعلته الأكثر نبذا في العالم، وهو الخطر الذي نبه إليه العديد من الكتاب الصهاينة أنفسهم، إذ أن سلوك جيش الاحتلال يعمل على تقويض شرعية الكيان على المستوى الدولي. سابعا: يقدّم نتنياهو نفسه على أنه مشروع للانتصار الكامل على المقاومة، لكنه يتفاوض معها باعتبارها القوة المسيطرة على الميدان، وهو في مواجهة جبانة مع المدنيين خاصة من النساء والأطفال للتغطية على هزيمته الإستراتيجية في تحقيق النصر على المقاومة. ثامنا: كان الكيان الأكثر استفادة من بعض المنظمات الدولية، لكن غباء نتنياهو قاد سلطة الاحتلال لتكون في مواجهة المؤسسات الدولية واتهامها بإيواء ودعم الإرهاب، وهو ما يساهم أيضا في تراجع شرعية الكيان الدولية. تاسعا: قدم نتنياهو نفسه كقائد موحّد للكيان والغرب، لكن فلسفة التوحش قادت لظهور انقسامات داخلية و داخل المعسكر الغربي بشكل غير مسبوق. عاشرا: تحالفات نتنياهو الإقليمية، وبعد أن خضعت لنوع من السرية، أصبحت خاضعة لنوع من الانكشاف الأمني، ما جعل السياسات والخيانات أمرا مفضوحا ومتاحا مكّن الأمة العربية والإسلامية وشعوبها من معرفة نقاط ضعفها الداخلية. في دراسة للرأي العام أفريل الماضي، أعرب 24% فقط من جمهور الكيان أن لديهم مستوى عالٍ من الثقة في الحكومة إلى حدٍ كبير أو كبير جداً، في المقابل، أشار 76% إلى أن لديهم ثقة ضئيلة أو معدومة في حكومة بنيامين نتنياهو. في المقابل فإن الدعم الشعبي الفلسطيني لأحداث السابع أكتوبر قد بلغ 80٪. وهذا هو الفرق بين شرعية المقاومة وشرعية من لا شرعية له. حادي عشر: قامت سياسة نتنياهو على رفض كل مشاريع قيام الدولة الفلسطينية أو الاعتراف بها، لكنه يتابع اليوم التحول في الموقف الدولي وخاصة داخل المعسكر الغربي من مسألة الاعتراف الذي يؤشر لفشل دبلوماسي حتمي يضاف للفشل الاستراتيجي، والاتفاق الأمريكي اليمني، بعيدا عن نتنياهو يؤكد ذلك الفشل. ثاني عشر: قامت سياسة نتنياهو على التوسُّع الاقتصادي، لكن الحديث اليوم يجري عن تطور لافت لظاهرة مقاطعة منتجات الكيان، والحديث أيضا عن تراجع حلفاء للكيان عن صفقات أسلحة للتأثير في سلوكه السياسي. ثالث عشر: قادت سياسات نتنياهو بعد السابع من أكتوبر 2023 إلى التحول من الدولة إلى الجماعة، فقد أخضع كل مؤسسات الدولة لجماعة من الرعاع المستوطنين والعصابات التي تنشط خارج القانون، وهو ما يجعل سلطته مجرد تشكيل عصابي يرتقي لوصف الإرهاب بتجاوزه للقانون الدولي وكذا لخضوعه لقطعان المستوطنين كقوة مسلحة خارج القانون داخليا. رابع عشر: كانت الثقافة السائدة في منطقتنا العربية والإسلامية هي ثقافة التطبيع، لكن جرائم نتنياهو أسست للأدلة العملية الموثوقة بالصوت والصورة والشهادات وعلى المباشر كلها لسردية عربية وإسلامية فلسطينية تؤكد مظلومية الشعب الفلسطيني، لذلك فكل كلمة أو صورة أو وثيقة أو شهادة أو مقال أو قرار دولي من منظمات ومحاكم تصبح ضرورية لتوثيق الجرائم، لتكون مادة الإدانة أمام الرأي العامّ الدولي، خاصة وأن جيلا رقميا أكثر قابلية وتفاعلا مع الإعلام الرقمي الجديد بإمكانه تجاوز سردية الاحتلال التي قامت على تزييف الوعي عبر قنوات إعلامية وتعليمية وسياسية. ما يقوم به نتنياهو من جرائم يدفع أيضا لما يشبه الإجماع في العالم العربي والإسلامي على ثقافة العداء للكيان الصهيوني، ومن ثم فإن الأجيال الجديدة المقتنعة بالمظلومية الفلسطينية هي المستقبل الذي سيتعامل معه الكيان، أي أن المزيد من التهديد هو المستقبل الذي يساهم نتنياهو في صنعه بجهالة وغباء. خامس عشر: حاول نتنياهو وحكومته تسويق الكذب باعتباره حقيقة تاريخية، فالزعم بوجود جرائم قامت بها حماس، فندتها عديد التحقيقات الإعلامية الغربية. في حين ظلت الجريمة الوحيدة التي تشكل اليوم شبه إجماع عالمي هي جريمة الاحتلال والعدوان الصهيوني على أراض عربية. سادس عشر: نجح نتنياهو بعد السابع من أكتوبر في تحويل الكيان من مجتمع الإخاء الديني القومي إلى مجتمع التصدعات الداخلية، تصدع ديني علماني، تصدع مدني عسكري، تصدع سياسي قضائي، وفي النهاية تصدع داخل الائتلاف الحاكم نفسه. سابع عشر: قادت سياسات حكومة نتنياهو للتحول من الاقتصاد القيادي في المنطقة للانهيار، وهو سبب سحب العديد من الألوية العسكرية من غزة لبعث الروح في اقتصاد الكيان المنهار، والأرقام في مختلف القطاعات الاقتصادية تؤكد التوجه الحتمي نحو الانهيار. ثامن عشر: قادت سياسات نتنياهو وحكومته لتوسع المقاطعة الأكاديمية للجامعات ومؤسسات التعليم العالي في الكيان ، فمنذ شن الحرب على قطاع غزة، كشفت معطيات رسمية حدوث انخفاض لعدد الطلاب الأجانب في الجامعات في الكيان بنحو 50% منذ اندلاع الحرب، وتراجُع حجم المنشورات العلمية بنسبة 21%. وكل ذلك يؤثر على مستقبل البحث العلمي المرتبط في الكيان العسكرة والسيطرة، إذ تضمن الجامعات التفوق العسكري وكذا إيجاد مبررات للسيطرة الصهيونية. تاسع عشر: تحالف حكومي فاشل لكنه متماسك، لكنه ليس متماسكا حول إنقاذ الكيان، بل متماسك حول فكرة استمرار الحكومة بسبب نتائج دراسات الرأي العامّ الداخلي التي تؤكد تراجعه ولذلك يرى بأن مستقبله السياسي مرتبط فقط بتماسك الفاشلين، واستمرار الحرب هي مجرد استمرار أداة لاستمرار الفشل، وهو ما يؤدي لتراكم الفشل الذي سيكون بالضرورة في خدمة المقاومة. المستقبل. عشرون: في دراسة للرأي العام أفريل الماضي، أعرب 24% فقط من جمهور الكيان أن لديهم مستوى عالٍ من الثقة في الحكومة إلى حدٍ كبير أو كبير جداً، في المقابل، أشار 76% إلى أن لديهم ثقة ضئيلة أو معدومة في حكومة بنيامين نتنياهو. في المقابل فإن الدعم الشعبي الفلسطيني لأحداث السابع أكتوبر قد بلغ 80٪. وهذا هو الفرق بين شرعية المقاومة وشرعية من لا شرعية له.


الخبر
منذ 16 ساعات
- الخبر
مناصرة إخواننا في غزة.. بين الشجاعة والخذلان
إننا نرى ما يعانيه الشعب الفلسطيني في غزة من حصار وقصف وتدمير شامل وتقتيل بالجملة، وهجوم كاسح بكافة أنواع الأسلحة من اليهود المجرمين، ونرى من إخواننا الصبر والثبات والعزة، قال تعالى: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}. وإن صمود غزة في وجه عدو غاشم عديم القيم في معركة غير متكافئة في ميزان القوى المادية أثمر دروسا، ندعو عقلاء أمتنا أن يستثمروها بمواقف فكرية وعملية على كافة المستويات. إن ما يتعرض له إخواننا في غزة لا يجوز أبدا سكوت المسلمـين عليه ولا بقاؤهم سلبيين تجاهه، بل الواجب وفريضة الوقت أن يهبّوا هبّة رجل واحد لنصرة إخوانهم ونجدتهم وإسعافهم، جيوشا وشعوبا وحكومات. فمن الضروري الوقوف إلى جانب شعبنا الفلسطيني المظلوم المعتدى عليه، وعدم خذلان المجاهدين الذين يدافعون عن الأمة وكرامتها، ويردون العدوان الغاشم الذي لا تقف أطماعه عند حدود فلسطين بل تتعداه إلى غيرها من الدول العربية المجاورة. إن الواجب الشرعي يحتم على الجميع السعي لدعم الغزويين بكافة أنواع الدعم المادي والعسكري والسياسي والإعلامي، واتخاذ كافة التدابير اللازمة لذلك، والحيلولة دون أي إجراء يترتب عليه إضعافها أو حصارها أو تهميش دورها، مع التأكيد على أن إغلاق المعابر أو هدم الأنفاق أو منع إمداد المقاومة بالسلاح هو من كبائر الذنوب وعظائم الموبقات. ففلسطين قضية شعب وأمة، والوقت وقت نجدة ومناصرة، لا وقت لوم وتصفية حسابات، ولنحذر الوقوع فيما حكاه الله عن المنافقين في قوله سبحانه: {الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين}. وكل التحية والإجلال لإخواننا في غزة الذين استطاعوا بعددهم المحدود وبأسلحتهم المتواضعة أن يقاوموا جيش إسرائيل المكون من مئات الآلاف من الجنود، وتصدوا له وجها لوجه وقاوموا عدوانه المتواصل منذ أكثر من سنة ونصف. فأهالي قطاع غزة يعانون من كارثة إنسانية غير مسبوقة، في ظل تواصل العدوان والقصف العشوائي العنيف، وسط نزوح أكثر من مليوني إنسان في مخيّمات داخلية دون علاج أو غذاء أو كساء.. لذا، ندعو للمسارعة لنجدة إخواننا الجوعى والمرضى والجرحى بفك الحصار الظالم وفتح المعابر، خاصة معبر رفح الذي يمثل شريان الحياة لأهل غزة، بشكل دائم غير مشروط، التزاما بالواجب الشرعي والأخلاقي، ووفاء بحق الأخوة والجوار، واتساقا مع الشرائع السماوية، ومبادئ القانون الدولي التي تحرم محاصرة المدنيين وتعتبره جريمة ضد الإنسانية. ويجب على المسلمين الوقوف مع إخوانهم الفلسطينيين والتعاون معهم ونصرتهم ومساعدتهم، والاجتهاد في رفع الظلم عنهم بما يمكن من الأسباب والوسائل تحقيقا لأخوة الإسلام ورابطة الإيمان، قال الله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة}، وقال عز وجل: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: 'المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه'، وقال عليه الصلاة والسلام: 'مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر'، وقال عليه الصلاة والسلام: 'المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ولا يحقره'. ومن ترك نصرة أخيه المسلم فسيخذله الله في موطن يحب فيه نصرته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تُنتهَك فيه حرمته، ويُنتَقص فيِهم من عِرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصُر مسلما في موضع يُنتَقص فيه من عرضه، ويُنتَهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب نصرته'. والنصرة شاملة لأمور عديدة حسب الاستطاعة ومراعاة الأحوال، سواء كانت مادية أو معنوية، وسواء كانت من عموم المسلمين بالمال والغذاء والدواء والكساء وغيرها، أو من جهة الدول العربية والإسلامية بتسهيل وصول المساعدات لهم وصدق المواقف تجاههم ونصرة قضاياهم في المحافل والجمعيات والمؤتمرات الدولية والشعبية، وكل ذلك من التعاون على البر والتقوى المأمور به في قوله سبحانه وتعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}. وندعو عقلاء العالم والمجتمع الدولي بعامة للنظر في هذه القضية بعين العقل والإنصاف لإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه، ورفع الظلم عنه حتى يعيش حياة كريمة، وفي الوقت نفسه نشكر كل من أسهم في نصرتهم ومساعدتهم من الدول والأفراد. ونتوجه إلى أمتنا الإسلامية شعوبا وحكاما ونقول لهم: هبّوا لنصرة إخوانكم ولا تخشوا في الله لومة لائم، انصروهم بأنفسكم وأموالكم وألسنتكم وأقلامكم، وإياكم وخذلانهم فمن يخذلهم اليوم يخذله الله يوم القيامة، ومن أمسك يده ولم ينفق في سبيل نصرتهم أمسك الله عليه وقتر عليه رزقه، وتوجهوا إلى الله بالدعاء خاصة في أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل؛ وساعة نزول الغيث؛ وبين الأذان والإقامة؛ وأيام الجمع، وارفعوا إليه أكف الضراعة أن يرفع عن غزة وعن كل المظلومين هذا البلاء، وأن ينزل بأسه على القوم المجرمين، كما نسأله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين، إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه.