
علي (ع) وميزان العدالة
ننطلق الى رحاب علي بن ابي طالب (ع) الواسعة ومنه عدالته السياسية التي صارت مضربا للمثال، ومنها نستقرئ فشل الاساليب القمعية التي مارسها حكام الجور لاسيما الذين حكموا الناس تحت لواء الاسلام والشريعة السمحاء، فكان علي (ع) لوحده المثل الاعلى للحاكم الاسلامي العادل وماعداه هم نماذج شيطانية بديكور إسلامي...
ثمة إرشيف طويل لفتى الاسلام الاول لايمكن اختصاره بهذه العجالة واقتضابه بكلمات محدودة المعنى، فالحديث عن علي بن ابي طالب (ع) يفتح أكثر من افق بل الآفاق كلها، فهو كالبحر يغترف منه الانسان ماشاء، فحياته عليه السلام كلها آفاق رحبة يتيه فيها من يسبر غورها وقد لايصل الى مقصوده، فعلي بن ابي طالب(ع) اختصر بحياته تاريخ الرسالة الاسلامية وجوهرها ومعناها المحمدي الاصيل وهو كان التطبيق العملي لها.
آفاق علي (ع) متعددة خاصة السياسية منها ويطيب لي ان الجَ احد هذه الافاق واطلّ عليها من كوة الاستكشاف وحب الفضول لرجل ملأ الدنيا وشغل التاريخ انه الافق الاجتماعي/ السياسي وفي وقت أصبح الحديث عن حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية والمساواة ضربا من الخيال العلمي وترفا فكريا وفلسفة لا مكان لها في الواقع، لكنها كانت واقع حال يومي عند علي بن ابي طالب ومنهج عمل.
ولو كان علي بن ابي طالب (ع) رجلا عاديا لمرّ عليه التاريخ مرور الكرام كنموذج للإنسان الانسان، ولكن ان يكون على راس هرم لدولة تعادل رقعتها الجغرافية بمقاييس اليوم بأكثر من خمسين دولة تشكّل بالحسابات الجيوبولوتيكية والاهمية الجيوسياسية قلب العالم والعصب الحيوي للدولة الإسلامية، فنرى من يتربع على 'عرش' هذه الدولة يعيش في مستوى اجتماعي اقلّ من رعاياه بل هو أفقرهم، ويشير الى بطنه بعد ان شدها بحزام (صوّتى ماتشائين لا تشبعين حتى يشبع فقراء المسلمين).
وفي مضمار العدالة الاجتماعية يعطينا كذلك علي بن ابي طالب (ع) اعلى وأكمل المبادئ ذات الامثلة العملية فضلا عن النظرية حيث يتطابق العمل مع التطبيق وتتساوق المبادئ والافكار مع الافعال والاعمال وينسجم المثال مع الواقع، ونجد ان كل ذلك قد تطابق تطابقا كاملا في فكر وعمل علي بن ابي طالب (ع) الى حد اذهل كل متصفح لسيرته العظيمة، بل وجعل ذلك التطابق من الصعب او المستحيل تكرار ذلك عند غيره فصارت عدالته الاجتماعية والسياسية بصمة انفرد بها وحده.
ومن هذا التمهيد ممكن ان ننطلق الى رحاب علي بن ابي طالب (ع) الواسعة ومنه عدالته السياسية التي صارت مضربا للمثال، ومنها نستقرئ فشل الاساليب القمعية التي مارسها حكام الجور لاسيما الذين حكموا الناس تحت لواء الاسلام والشريعة السمحاء، فكان علي (ع) لوحده المثل الاعلى للحاكم الاسلامي العادل وماعداه هم نماذج شيطانية بديكور إسلامي، وما حادثة منع الماء عنه وعن جيشه في صفين الا مثلا من امثلة لاتعد ولاتحصى عن اخلاق المعصوم كيف لا والامام علي هو راس العصمة وامام المعصومين (ع) فكان ان سمح لجيشه بان يسمح بتدفق المياه الى جيش عدوه الذي منعه بالأمس.
وهذا المثل هو القمة في الرحمة والانسانية المتأتية عن الحكم الرشيد، وليس هنالك مثل اعلى من علي (ع) في التعاطي مع الحكم الرشيد سوى معلمه واستاذه النبي الاكرم صلى الله عليه وآله. ولا اعتقد انه توجد نخبة حاكمة تستطيع ان ترتقي الى مصاف العلو الذي كان عليه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


MTV
منذ ساعة واحدة
- MTV
01 Jun 2025 09:19 AM ميقاتي في ذكرى رشيد كرامي: لا تزال مواقفه خير مثال لما يحمي الوطن
قال الرئيس نجيب ميقاتي: "تمر السنوات والرئيس الشهيد رشيد كرامي حاضر في البال والوجدان. نستذكره رجل دولة تولى مهمات أساسية حُفرت في التاريخ اللبناني بأحرف الوطنية والشهامة. كما نستذكره زعيماً وطنياً لا تزال مواقفه الوطنية في الزمن الصعب خير مثال لما يصون الوطن ويحميه. رحمه الله".


بيروت نيوز
منذ 2 ساعات
- بيروت نيوز
كان رجل دولة وزعيماً وطنياً
قال الرئيس نجيب ميقاتي: تمر السنوات والرئيس الشهيد رشيد كرامي حاضر في البال والوجدان. نستذكره رجل دولة تولى مهمات أساسية حُفرت في التاريخ اللبناني بأحرف الوطنية والشهامة. كما نستذكره زعيما وطنيا لا تزال مواقفه الوطنية في الزمن الصعب خير مثال لما يصون الوطن ويحميه. رحمه الله. ]]>


شبكة النبأ
منذ 3 ساعات
- شبكة النبأ
مفهوم دعاوى الحسبة في ضوء قرار المحكمة الاتحادية العليا
دعوى الحسبة يجوز لاي شخص ان يقيمها حتى لو لم يملك المصلحة فيها، وهذا المفهوم الذي تبنته المحكمة في توصيف (دعاوى الحسبة) قد يكون غير مسبوق حتى لو أوردته على سبيل التشبيه في حيثيات الحكم، لان قواعد المرافعات العامة تعتبر شرط المصلحة أساس في كل دعوى بل ان... ان المهمة الأساسية للقرارات القضائية هي بيان الاحكام التي وصلت اليها المحكمة في ضوء المنازعة التي تنظرها، وبعد المرافعة فتصدر الحكم القضائي الذي يوضح قبول الدعوى او ردها كلا او جزءً، لكن للاحكام القضائية أدوار أخرى، لا تقل أهمية عن الفصل في النزاع، فهي تسهم في قياس جودة التشريع، وبيان نقاط ضعفه، ومدى انسجامه مع الواقع، والحاجة الى تعديله، كما يسهم الاجتهاد القضائي المتمثل بتلك الاحكام في اثراء الجانب المعرفي لدى المختصين في علم القانون وفن القضاء، ويؤدي دوراً فاعلاً في نشر الثقافة القانونية في المجتمع، ومن هذه الغايات التي يهدف اليها الحكم القضائي تجد كثيراً من العاملين في المجال القانوني والقضائي والحقوقي بشكل عام يدرس ويحلل الحكم القضائي، اما بالتعليق او القراءة العامة. وحيث ان القضاء الدستوري سواء في العراق او في الخارج يعد الجهة القضائية العليا، وان احكامه تمثل خلاصة الفكر القانوني لكبار الحكام، وكان دستور العراق لعام 1925 يطلق على أعضاء المحكمة المختصة بالقضاء الدستوري (كبار الحكام)، ومن خلال الحرص على متابعة كل ما يصدر من احكام للقضاء الدستوري، التي تنشر جميعها في موقع المحكمة الاتحادية العليا الإلكتروني، وهو امر لابد من ان نقدم الشكر لمن أسس لهذه الفكرة منذ تشكيل المحكمة الاتحادية العليا عام 2005، بإتاحتها لعموم الجمهور وبأيسر السبل، وعند قراءة قرار المحكمة الاتحادية العليا العدد 44/اتحادية/2025 في 22/4/2025 لفت الانتباه الى مصطلح ورد فيه يتعلق (بالدعاوى الحسبية)، حيث ذكر في القرار ان الدعوى الدستورية ليس من (دعاوى الحسبة) وعلى وفق الاتي (لا مصلحة للمدعي في طرح هذا الموضوع على هذه المحكمة ذلك أن الدعوى الدستورية وإن كانت تتضمن ابعاداً تستهدف تحقيق مصالح عامة فيما تستهدفه إلا أنها ليست من الدعاوى الحسبية التي يسوغ لكل من شاء اقامتها). وما استوقفني في القرار محل البحث ما ذكر فيه بان دعوى الحسبة يجوز لاي شخص ان يقيمها حتى لو لم يملك المصلحة فيها، وهذا المفهوم الذي تبنته المحكمة في توصيف (دعاوى الحسبة) قد يكون غير مسبوق حتى لو أوردته على سبيل التشبيه في حيثيات الحكم، لان قواعد المرافعات العامة تعتبر شرط المصلحة أساس في كل دعوى بل ان المحكمة الاتحادية العليا تكاد تكون قد افاضت كثيراً واكثر من سواها في ذلك، عندما سارت بنحو رد الدعاوى بسبب تكييفها وقراءتها للمصلحة في الدعوى، وكان لنا قول في هذا الصدد في اكثر من موضع سواء بالكتب التي صدرت لي او بما نشرته في الصحف والمواقع الالكتروني، واخرها المنشور الموسوم (من هو المدعي الذي تتوفر فيه المصلحة عند إقامة دعاوى حماية المال العام امام القضاء الدستوري؟). ولغرض معرفة ماهية دعوى الحسبة وهل فعلاً يجوز لاي شخص اقامتها، سأعرض لها مع الإشارة الى بعض الملاحظات حول القرار أعلاه وعلى وفق الاتي: 1. ماهية دعوى الحسبة: ان دعاوى الحسبة مصطلح فقهي لا وجود له في القانون العراقي وانما يشير فقه القواعد الإجرائية في الدعاوى الشرعية الى تعريفها بانها (إقامة الدعوى في حق من حقوق الله حسبةً)، كما وردت إشارة اليها في الأسباب الموجبة لقانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 وجاء في (للدعوى الشرعية من طبيعة خاصة يتصل بعضها بنظام الحسبة وبالحل والحُرمة)، وحتى هذه الالتفاتة اليسيرة لدعاوى الحل والحرمة، فان تلك الأسباب الموجبة اقرنتها بابطال عريضة الدعوى، حيث جاء فيها ( فلا تكون الدعوى في هذه الحالات حقاً خالصاً لاصحابها، ولذلك لا يجوز للمدعي ان ان يطلب في الدعوى الشرعية ابطال عريضة الدعوى اذا كانت تتعلق بأمر من هذه الأمور التي دل المشرع على حرصه عليها). لكن في قانون المرافعات وعند تنظيم دعاوى الأحوال الشخصية لم يرد فيه نص خاص في دعاوى الحسبة او الدعاوى الشرعية وهي في العادة (دعاوى الزواج والطلاق والتفريق والنسب)، وبذلك فان الدعاوى الشرعية والتي تتعلق بدعاوى الحسبة لابد من توفرها على الشروط التي تطلبتها نصوص قانون المرافعات المدنية وهي (الاهلية والخصومة والمصلحة وغيرها مما ورد في القانون). ولم يسمح القانون لاي شخص ان يقيم دعوى شرعية تتعلق بالطلاق او الزواج او التفريق او النسب، من تلقاء نفسه مالم يكن شخصاً تصح خصومته وله مصلحة ويترتب على اقراره حكم وعلى وفق ما ورد في المادة (4) مرافعات التي جاء فيها (يشترط ان يكون المدعى عليه خصما يترتب على اقراره حكم بتقدير صدور اقرار منه وان يكون محكوما او ملزما بشيء على تقدير ثبوت الدعوى)، باستثناء بعض الأشخاص بما يملكون من صفة خاصة بهم يمنحها القانون او بقرار قضائي وعلى وفق ما ورد في الشق الثاني من المادة أعلاه التي جاء فيها (ومع ذلك تصح خصومة الولي والوصي والقيم بالنسبة لمال القاصر والمحجوز والغائب وخصومة المتولي بالنسبة لمال الوقف . وخصومة من اعتبره القانون خصما حتى في الاحوال التي لا ينفذ فيها اقراره) ولمن يرغب في المزيد من المعرفة فان كثير من الدراسات المتعلقة بالدعوى وكيفية اقامتها ومنها ما منشور في الانترنيت رسالة ماجستير للأستاذ نهاد وحيد جبار في رسالته الموسومة (النظام القانونيُّ لدعَاوى الحِل والحُرمة، دراسة مقارنة بالفقه الاسلامي) التي تمت مناقشتها في كلية القانون جامعة القادسية عام 2021، وما تم عرضه لا يتفق مع ما أشار اليه قرار الحكم محل البحث المتعلق بدعاوى الحسبة. لكن لابد من التمييز بين الاخبار عن مخالفة البعض لنواميس المجتمع الثابتة والمتعلق منها بالحل والحرمة، فان وجود هذه المكنة تكون في القضاء الجزائي، حيث ان الفعل اذا كان يشكل جريمة فان من واجب كل من علم بوقوع الجريمة ان يخبر الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية، حتى لو لم يكن متضررا من تلك الجريمة، لكن لا يسمى مشتكياً وانما يسمى مخبراً ودوره ينتهي عند الاخبار فقط، وهذا ما اشارت اليه المادة (47/1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل التي جاء فيها (لمن وقعت عليه جريمة ولكل من علم بوقوع جريمة تحرك الدعوى فيها بلا شكوى او علم بوقوع موت مشتبه به ان يخبر حاكم التحقيق او المحقق او الادعاء العام او احد مراكز الشرطة)، وهذا يختلف عن نطاق الدعوى المدنية التي تتصف بها دعاوى الحسبة وكذلك الدعوى الدستورية. 2. الدعوى الدستورية: وحيث ان قرار الحكم قد أشار الى دعاوى الحسبة للمقارنة مع الدعوى الدستورية، بحث اعتبرها من الدعاوى التي تختلف عن دعاوى الحسبة، ورتب على تلك المقارنة عدم جواز إقامة الدعوى الدستورية الا على أساس المصلحة التي يجب توفرها في المدعي الذي يقيم الدعوى، لذلك لابد من بيان ماهية الدعوى الدستورية وبإيجاز شديد حيث كتب عنها كثيرا في المؤلفات التي تتعلق بها، وكانت لنا مساهمة في ذلك من خلال الكتب التي صدرت عن القضاء الدستوري، وبإمكان من يريد المزيد من المعرفة العودة الى ما متوفر في المكتبات منها. والدعوى الدستورية كما شاع التعريف الغالب عنها (هي كل دعوى متعلقة بمسألة من مسائل الدستور والتي ترفع أمام المحكمة الدستورية المختصة في الدولة، أما معناها الخاص فيتمحور حول دعوى دستورية القوانين ويراد بها مخاصمة القانون المخالف للدستور بدعوى أصلية يرفعها الطاعن أمام القضاء وبعد فحص القانون المطعون بدستوريته تحكم المحكمة إما الحكم بعدم الدستورية أو رد الدعوى). وتتسم الدعوى الدستورية بانها لا تشبه الدعاوى في القضاء الاعتيادي، فهي تجمع بين أسلوب الدعوى الاعتيادية بمعنى ممكن إقامتها من مدعي ذي مصلحة على مدعى عليه، ومن الممكن أن تكون على شكل دفع أو طلب من جهة حددها القانون. كما تمتاز بانها دعوى عينية وشخصية لأن المدعي في هذه الدعوى قد يكون فرد أو هيئة من هيئات الدولة، والمدعى عليه هو القانون المطعون في دستوريته، وعن الطبيعة العينية لها ناجم عن كونها تتعلق بخصومة تجاه القانون أو النص القانوني المطعون فيه ولا تمثل حقاً شخصياً مثل طلب التعويض أو غير ذلك فضلاً عن عدم توقف القاضي عند طلبات المدعي أو الطاعن وإنما له أن يبحث في أي أمر يتعلق بدستورية النص ويفتش عن الأسباب الأخرى التي تغافل عنها، بمعنى إن القاضي الدستوري يُقلِب القانون على كافة وجوهه حتى لو لم يذكرها المدعي وهذا الأمر محل جدل وخلاف فقهي لدى المختصين في القانون الدستوري لان بعضهم يقصر الأمر على إن الدعوى الدستورية هي دعوى عينية فقط، وتتمثل بتشخيص المخالفات الدستورية في النصوص القانونية حتى لو لم تكن محل للطعن المقدم اليها الا انها وجدت نص اخر غير مطعون فيه يمثل خرقاً للدستور، وهذا اتجاه المحكمة الاتحادية العليا الذي استقر على التصدي من تلقاء نفسها للحكم بعدم دستورية النصوص التي تجد فيها مخالفة دستورية، حيث إنها تصدت إلى مادة في قانون بيع وإيجار أموال الدولة لم تكن محلاً للطعن بموجب قرارها العدد 213/اتحادية/2021 في 9/2/2022. وهذا يعني وبشكل واضح ان الدعوى الدستورية التي تتعلق بالطعن بعدم الدستورية المصلحة مفترضة في من يقيمها، لان الطعن بقانون يخالف الدستور هو من مصلحة الجميع، لأنه طلب تنقية المنظومة التشريعية من تلك القوانين التي تشكل مخالفة دستورية وانها بحكم الدستور تعد باطلة وعلى وفق ما ورد في المادة (13/ثانياً) من الدستور التي جاء فيها (لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور، ويُعد باطلاً كل نص يرد في دساتير الاقاليم أو اي نص قــانوني آخــر يتعارض معه). وحيث ان القانون يسري على جميع العراقيين فان مصلحة كل عراقي مفترضة في وجود قانون سليم يتفق واحكام الدستور، وله ان يتصدى الى أي خرق من اجل حماية الحقوق الدستورية التي اقرت بموجب وثيقة الدستور، اما الانتقاء بين دعوى واخر، فانه امر نسبي يعود تقديره الى المحكمة، لكن يتبقى المصلحة مفترضة الوجود في كل طاعن بعدم دستورية أي قانون، وتكاد الدعوى الدستورية تكون اشمل من دعاوى الحسبة في حق من يقيمها المتاح للجميع بل لا توجد أي أوجه للمقارنة مطلقاً، لان دعاوى الحسبة وان كانت تمس الامن المجتمعي الا ان اثار الحكم الصادر فيها لا يتعدى أطرافها، اما الدعوى الدستورية فان اثرها يتعدى اطراف الخصومة الى جميع العراقيين، بحكم نطاق سريان القانون الذي يتصف بالعموم والتجرد. ومن ثم فان الطاعن في التشريع الفرعي (النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا) محل بحث الدعوى (44/اتحادية/2025) يتوفر على المصلحة في اقامتها. 3. ملاحظات عامة: كما لوحظ وجود بعض الأمور التي لابد من الإشارة اليها بعجالة دون الافاضة في الشرح والتحليل، لان لا محل لها في هذه القراءة للقرار القضائي، وعلى وفق الاتي: أ. لوحظ ان المدعى عليه في هذه الدعوى هو السيد رئيس المحكمة الاتحادية العليا اضافة لوظيفته، بمعنى الخصم فيها هي المحكمة الاتحادية العليا، وان هيئة المحكمة ذاتها التي اقرت التشريع الفرعي (النظام الداخلي)، فهل يجوز ان تكون هي التي تفصل في الدعوى، واذا لابد من ذلك لعدم وجود هيئة أخرى، فهل يجوز لرئيس الهيئة القضائية التي تنظر الدعوى وهو الخصم ايضاً فيها؟ مع ان المحكمة الاتحادية العليا وفي هيئتها السابقة قبل تعديل قانون المحكمة في عام 2020 كانت لها سابقة في ذلك، عندما أقيمت دعوى الطعن بقانون مجلس القضاء الأعلى وكان رئيس المحكمة الاتحادية في حينه رئيس المجلس فانه امتنع عن الحضور والمشاركة في تشكيل المحكمة، مع انه قد فك ارتباطه بالمجلس بموجب القانون محل الطعن في حينه وعلى وفق ما ورد في قرارها العدد 87/اتحادية/2013 في 16/9/2013. ب. لوحظ ان المحكمة ردت الدعوى شكلاً بداعي عدم توفر المصلحة، مع ان المدعي محامٍ ويتعامل مع الدعاوى الدستورية بحكم توكله فيها، والنظام الداخلي محل الطعن يمس خطواته عند إقامة الدعوى وحتى انتهائها، فهو قد يشكل عائق له، ومن مصلحته إزالة هذا العائق، فكيف لا يتوفر عليها في هذه الدعوى، ثم من له المصلحة في مثل هذه الدعوى؟ ولم تبين لنا المحكمة كيفية الطعن بهذا النظام الداخلي وكأنه عصي على الطعن.