logo
إلغاء ثاني حفلات المغنية الأميركية كيلاني لرفضها الجرائم الإسرائيلية

إلغاء ثاني حفلات المغنية الأميركية كيلاني لرفضها الجرائم الإسرائيلية

الجزيرة٠٦-٠٥-٢٠٢٥

تم إلغاء حفل المغنية الأميركية كيلاني آشلي ، الذي كان من المقرر إقامته في سنترال بارك في نيويورك الشهر المقبل، بسبب مواقفها الرافضة لإسرائيل، والتي أثارت جدلا كبيرا في الأوساط السياسية والشعبية.
كان الحفل، الذي يحمل عنوان "فخر مع كيلاني"، جزءا من فعاليات "شهر الفخر" في مدينة نيويورك وكان من المقرر إقامته في 26 يونيو/حزيران. تم اتخاذ قرار إلغاء الحفل بعد ضغوط كبيرة من مكتب عمدة نيويورك، إريك آدامز، الذي هدد بسحب تراخيص حفلات "سمرستيج" بسبب المخاوف الأمنية المرتبطة بالحدث.
ووفقا لصحيفة "نيويورك بوست"، مارس مكتب العمدة ضغوطا مكثفة على مؤسسة "سيتي باركس" لإلغاء الحفل، مشيرا إلى مخاوف أمنية تتعلق بالحدث. كما تلقت المؤسسة رسالة من مكتب العمدة تحذر من إمكانية تعليق تراخيص جميع حفلات السلسلة الصيفية إذا لم يتم معالجة المخاوف الأمنية التي أُثيرت بشأن الحفل.
وتطرق القرار أيضا إلى الجدل الكبير الذي أثير بشأن أداء كيلاني و إلغاء حفلها في جامعة كورنيل.
وبعد إلغاء الحفل، شكرت كيلا ماملاك ألتوس المتحدثة باسم العمدة إريك آدامز، الذي ينتمي للحزب الديمقراطي، مؤسسة سيتي باركس على استجابتها لمخاوفهم وإلغاء حفل كيلاني في سنترال بارك. وأضافت: "نتطلع إلى مجموعة رائعة من العروض الأخرى هذا الصيف".
من جانبها، وصفت منظمة "بين أميركا" (PEN America) المعنية بحرية التعبير إلغاء الحفل بأنه "عمل جبان". وقال جوناثان فريدمان، المدير الإداري في المنظمة، في بيان: "من المقلق للغاية أن نرى مسؤولين منتخبين يستخدمون مناصبهم لتحديد حدود التعبير المقبول والضغط على جهات خاصة للامتثال".
تم إلغاء حفل كيلاني في سنترال بارك بعد أقل من أسبوعين من إلغاء جامعة كورنيل لحفل آخر كانت ستشارك فيه كيلاني كالنجم الرئيسي، وذلك بسبب مواقفها السياسية المناهضة لإسرائيل. وبذلك، يصبح هذا الحفل الثاني الذي يُلغى لها في الآونة الأخيرة، في وقت تزداد فيه ردود الفعل على دعمها للقضية الفلسطينية.
وكانت جامعة كورنيل قد قررت إلغاء مشاركتها في حفل نهاية العام الدراسي في مايو/أيار، بعد حملات صهيونية واسعة ضد حضورها. وأوضح مسؤولو الجامعة أن اختيار كيلاني كان قد تسبب في "زرع الانقسام والشقاق" بين الطلاب، وفقًا لما ذكره مدير الجامعة في رسالته.
بعد إلغاء حفلها في جامعة كورنيل، نشرت كيلاني مقطع فيديو على حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي، قالت فيه: "يتم مطالبتي، للمرة المليون، بتوضيح موقفي والرد على الاتهامات بأنني معادية للسامية أو للديانة اليهودية".
وأضافت: "أنا ضد أي شكل من أشكال الإبادة الجماعية. وأعارض بشدة التصرفات التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية".
بعد إلغاء حفلها "فخر مع كيلاني"، أظهرت المغنية كيلاني نوعًا من اللامبالاة حيال القرار. وأوضحت أنها اكتشفت الأمر عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وفي منشور على إنستغرام، كتبت: "ألغوا هذا أيضا"، مع صورة ترويجية للحفل، وأضافت "هههه" إلى لقطة شاشة للبيان الرسمي من المؤسسة.
واختتمت بالقول: "أنا ثابتة في هدفي، رسالتي، فني، ومساهمتي. العودة إلى العمل على هذا الألبوم. أراكم في عطلة نهاية الأسبوع في لوس أنجلوس!".
وتعد كيلاني أبرز المشاهير المتضامنين مع الفلسطينيين، حيث لم تتوانَ في التعبير عن تضامنها العلني مع الفلسطينيين منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، وهو ما أضاف مزيدًا من الجدل حول مواقفها السياسية وأدى إلى إلغاء الحفلين الأخيرين.
تحيا الانتفاضة
والمغنية الأميركية سبق أن شاركت خريطة عبر الإنترنت تُظهر إلغاء دولة إسرائيل ورفضت إدانة حماس بعد عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسبق أن صرحت بعبارات مثل "تبا لإسرائيل"، "تبا للصهيونية"، "فلنفكك إسرائيل".
وفي فيديو موسيقي صدر عام 2024 لأغنيتها "إلى جوارك" (Next 2 U)، ظهرت كيلاني ترقص مرتدية سترة مزينة بالكوفية، بينما كان الراقصون يلوّحون بالأعلام الفلسطينية في الخلفية. وفي مقدمة الفيديو ظهرت عبارة "تحيا الانتفاضة" على خلفية سوداء.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"الحرية لفلسطين".. صرخة رودريغيز تهز منصات التواصل بعد عملية واشنطن
"الحرية لفلسطين".. صرخة رودريغيز تهز منصات التواصل بعد عملية واشنطن

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

"الحرية لفلسطين".. صرخة رودريغيز تهز منصات التواصل بعد عملية واشنطن

أثارت حادثة إطلاق النار على اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية قرب المتحف اليهودي بالعاصمة الأميركية واشنطن موجة تفاعل عارمة على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة بعد تداول اسم الشاب الأميركي إلياس رودريغيز (30 عاما) كمشتبه فيه رئيسي في العملية، واقتران الحادثة بهتافه الشهير "الحرية لفلسطين". ونقلت وسائل إعلام أميركية وعربية وإسرائيلية تفاصيل اللحظات الأولى للحادثة وتحقيقات الشرطة، وركّز كثير منها على الخلفية السياسية والشعارات التي أطلقها رودريغيز. وصفت عدة منصات عربية ورواد مواقع التواصل المشهد بأنه "صرخة عدالة ضد جرائم الاحتلال"، في حين قالت صحف إسرائيلية إن الحادث "معاداة للسامية". وفي فيديو لحظة الاعتقال، ظهر رودريغيز مكبل اليدين، ويهتف بـ "الحرية لفلسطين". ولاقى الفيديو تداولا كبيرا على منصات التواصل الاجتماعي. واعتبر ناشطون أن صرخته "الحرية لفلسطين" كانت تعبيرا عن غضب متراكم تجاه ما يجري في غزة، وأن ما قام به يأتي في سياق التضامن مع الشعب الفلسطيني. إعلان وأضاف آخرون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته مسؤولان عن مثل هذه العمليات لأن جرائمهم في غزة على مدى 19 شهرا تعدت جميع الحدود. وأشاروا إلى أن المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة لا يمكن لأي إنسان حر أن يتجاوزها، وأنه يجب على نتنياهو وقف حرب الإبادة التي يشنها على أهالي القطاع. وكتب أحد الناشطين "إلياس (رودريغيز) قدّم نموذجا حيا لشاب لم يكتفِ بالتضامن الرقمي، بل ضحى بحريته من أجل قضية آمن بها". في المقابل، برز تيار آخر يشكك في صحة ما أُعلن عن هوية المنفذ ودوافعه. فأشار مغردون إلى أن الشرطة الأميركية كثيرا ما تتسرع في تحديد المتهمين، وأحيانا تعتقل أشخاصا بناء على مظهرهم أو ملابسهم دون التأكد من الأدلة الجنائية. وانتشرت تغريدات تقول "لا يعقل أن يكون إلياس (رودريغيز) هو الفاعل الحقيقي، غالبا تم اعتقاله فقط لأنه يرتدي الكوفية وسط الحضور". في حين ذهب آخرون نحو نظريات مؤامرة، متهمين جهات استخباراتية إسرائيلية بتدبير العملية نفسها أو استغلالها سياسيا للضغط على البيت الأبيض والرئيس ترامب تحديدا، بعد مواقفه الأخيرة التي وصفت بأنها أقل دعما لإسرائيل من المعتاد. وكتب مغرد "ما حدث محاولة لإعادة ترامب إلى بيت الطاعة، ورسالة دموية للبيت الأبيض". ويتم تداول معلومات على منصات التواصل تفيد بأن إلياس رودريغيز يعمل باحثا في مجال التاريخ الشفوي لدى منظمة "صُنّاع التاريخ" في شيكاغو. يُذكر أن رودريغيز يختص بإعداد مخططات بحثية مفصّلة وكتابة سير ذاتية لقادة بارزين في المجتمع الأميركي من أصول أفريقية. وُلد رودريغيز ونشأ في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي، وحصل على درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية من جامعة إلينوي في شيكاغو. وقبل انضمامه إلى منظمة "صُنّاع التاريخ" عام 2023، عمل كاتب محتوى لصالح شركات تجارية وغير ربحية في قطاع التكنولوجيا على المستويين الوطني والإقليمي. ويعرف عن رودريغيز شغفه بقراءة وكتابة الروايات، وحضور الفعاليات الموسيقية الحية ومشاهدة الأفلام، بالإضافة إلى استكشاف أماكن جديدة. ويعيش حاليًا في حي أفونديل بمدينة شيكاغو.

قتيلان أحدهما موظف بالسفارة الإسرائيلية بإطلاق نار في واشنطن
قتيلان أحدهما موظف بالسفارة الإسرائيلية بإطلاق نار في واشنطن

الجزيرة

timeمنذ 10 ساعات

  • الجزيرة

قتيلان أحدهما موظف بالسفارة الإسرائيلية بإطلاق نار في واشنطن

أفادت وسائل إعلام أميركية نقلا عن مصادر أمنية بمقتل شخصين في إطلاق نار قرب المتحف اليهودي في العاصمة واشنطن. وذكرت الوسائل الأميركية أن أحد القتيلين في إطلاق النار قرب المتحف اليهودي بالعاصمة واشنطن موظف بالسفارة الإسرائيلية. وقال مراسل الجزيرة من واشنطن أن القتيلان هما رجل وامرأة. وفي تعليق فوري على الحادثة، قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون إن إلحاق الأذى بالدبلوماسيين وبالجالية اليهودية يعتبر تجاوزا لخط أحمر، وفق تعبيره. ولم يصدر عن السلطات الأميركية بيان رسمي حول الحادثة.

الشي الوحيد الذي أصاب ترامب فيه
الشي الوحيد الذي أصاب ترامب فيه

الجزيرة

timeمنذ 14 ساعات

  • الجزيرة

الشي الوحيد الذي أصاب ترامب فيه

بالنظر إلى حساسية الموضوع، أجد من المناسب أن أستهلّ هذا المقال بتوضيح تمهيدي. يعلم القرّاء المتابعون أنني كثيرًا ما عبّرت- من قبل- عن تحفظاتي العميقة تجاه توجهات الرئيس دونالد ترامب، لا سيما فيما يتعلق بنمطه في ممارسة السلطة، والذي يتسم في كثير من الأحيان بالنزعة الانتقامية. ومن هذا المنطلق، أود التأكيد أن مضمون هذا المقال لا ينبغي أن يُفسّر بأي حال من الأحوال على أنه تعبير عن تأييد أو إشادة شخصية. ومع ذلك، ثمة جانب في نهج ترامب الحاد والعشوائي في تقليص الإنفاق الحكومي أراه، وربما على نحو مفاجئ، منطقيًا إلى حد ما. وهو جانب يستحق أن يؤخذ بعين الاعتبار من قبل قادة الدول ورؤساء الحكومات الآخرين، حتى وإن جاء ذلك متأخرًا. على امتداد مسيرتي كصحفي استقصائي، وجّهت تركيزي النقدي نحو السلطات التي تتمتع بصلاحيات غير خاضعة للمساءلة وموارد غير محدودة، والمتمثلة فيما يُعرف بـ"أجهزة الاستخبارات"؛ تلك التي نادرًا ما تواجه عواقب ملموسة على أخطائها الجسيمة، أو تجاوزاتها الصارخة الخارجة عن إطار القانون. وغالبًا ما تخلّف تلك الأخطاء والتجاوزات عواقب إستراتيجية وإنسانية عميقة وطويلة الأمد، ومع ذلك، فإن الجواسيس والمؤسسات الغارقة في السرية التي يعملون ضمنها نادرًا ما تُواجه بالقيود أو المساءلة؛ بل على العكس، كثيرًا ما يُكافَؤُون بتخصيص مزيد من الموارد، بدلًا من محاسبتهم أو كبح جماحهم. وعوضًا عن كبح جماح هذه الأجهزة، واصل رؤساء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تغذية آلة الأمن القومي بلا تردد أو توقف. فلزمن طويل، تصرفت أجهزة الاستخبارات كما لو كانت دولة داخل الدولة، محصّنة من المساءلة بذريعة الحفاظ على الأمن القومي، ومدعومة بتواطؤ إعلامي مستتر. تمارس الكذب دون خشية، وتسرب المعلومات بشكل انتقائي للصحفيين المقرّبين منها حين يخدم ذلك مصالحها، وتدمّر حياة الأفراد تحت ستار "سري للغاية". أما الرقابة، فلطالما كانت مجرّد نكتة. والمساءلة باتت من نصيب كاشفي الفساد وحدهم، الذين يُلاحَقون ويُزجّ بهم في السجون أو يُنفون، بدلًا من أن يُكافَؤُوا على شجاعتهم. بطريقته المرتبكة والمتقلبة، يفعل ترامب ما لم يتمكّن أو لم يرغب باراك أوباما وجو بايدن في فعله: إنه يشدّ فرامل الطوارئ لإيقاف قطار منفلت. ورغم محدودية تمرّده، فإنه يستحق الالتفات إليه، ليس لأنه يمثل مشروع إصلاحٍ مبدئيٍّ، فهو بعيد عن ذلك، بل لأنه، بدافع غريزي أو انتقامي، يضع هيبة مؤسسات طالما كانت بمنأى عن المساءلة أمام اختبار تأخر كثيرًا. في هذا السياق، وجدتُ في قرار البيت الأبيض الشروعَ في تقليص حجم جهاز الأمن القومي الأميركي المتضخم، خطوةً جديرة بالترحيب، وبداية تحمل في طياتها بوادر واعدة. ففي أوائل شهر مايو/ أيار، أُعلن عن قرارَين، أرى أنهما أثارا قلقًا ملحوظًا داخل إدارة مكافحة المخدِرات (DEA)، ومكتب التحقيقات الفدرالي (FBI)، ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، كما استدعى الإعلان ردود فعل هستيرية متوقعة من حلفائهم المقرّبين في وسائل الإعلام، الذين سارعوا إلى التنديد بهذه "التخفيضات" باعتبارها تهديدًا خطيرًا لأمن الولايات المتحدة، وتشجيعًا محتملًا لأعدائها. تفيد التقارير بأن فريق ترامب يعتزم التقدّم بطلب إلى الكونغرس لتقليص ميزانيات إدارة مكافحة المخدرات (DEA)، ومكتب التحقيقات الفدرالي (FBI)، ومكاتب إنفاذ القانون التابعة لوزارة العدل، بمقدار 585 مليون دولار في عام 2026. أما التحذيرات التي صدرت- وكأنها نذر لنهاية العالم- فهي لا تقل عبثية عن الدمى المتحركة التي أطلقتها، خاصة أن هذه الوكالات ستظل تحتفظ بنصيب وافر من مليارات الدولارات المخصصة لها لمواصلة "مكافحة" الجريمة والإرهاب، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي. ورغم محدودية هذا التقليص، فإنه يُعد إشارة إيجابية على أنّ وتيرة الزيادات السنوية الروتينية في الميزانيات قد تكون وصلت أخيرًا إلى منعطفٍ حاسمٍ. ينبغي لرجال ونساء مكتب التحقيقات الفدرالي أن يشعروا بالامتنان؛ لأن هذه التخفيضات لم تكن أوسع نطاقًا وأشد عمقًا، خاصة في ضوء قناعة ترامب بأن المكتب كان سببًا رئيسيًا في العديد من الأزمات القانونية الكبيرة التي واجهها، قبل أن تقرر المحكمة العليا المنقسمة منحه حصانة شبه كاملة من الملاحقة القضائية. ورغم أن دوافع هذا التقليص قد تكون ضيقة الأفق ومحدودة النطاق، فإن خفض ميزانية المكتب، التي طالما اتسمت بالتضخم، يمثل خطوة أولى ضرورية طال انتظارها على طريق كبح البيروقراطية الأمنية المتفشية في الولايات المتحدة. وفي هذا المسار الذي يُنذر بتحول واعد، يعتزم ترامب وفريقه تقليص آلاف الوظائف ضمن ما يُعرف بـ"مجتمع الاستخبارات" الأميركي المتوسع، بما في ذلك إلغاء نحو 1200 وظيفة في وكالة الاستخبارات المركزية خلال السنوات المقبلة. وكما كان متوقعًا، قُوبلت هذه الأنباء بعاصفة من العويل الهستيري، خصوصًا من قِبل الديمقراطيين وبعض أعضاء "مجتمع الاستخبارات" السابقين، الذين تملأ وجوههم الشاشات الأميركية بوصفهم "خبراء" أو "مستشارين" في الأمن القومي، ويحظون غالبًا بمعاملة مفرطة في الاحترام من قبل مقدمي البرامج في شبكتي CNN وMSNBC. المفارقة اللافتة أن الديمقراطيين في الكونغرس كانوا، في وقت مضى، يتولّون رئاسة جلسات استماع كشفت بوضوح عن ازدراء "مجتمع الاستخبارات" الصارخ للدستور الأميركي وللحقوق التي يُفترض أنها مصونة ومقدسة. أما تلك الحقبة من المسؤولية والمساءلة، فقد أصبحت جزءًا من الماضي، ولن تعود على ما يبدو. الديمقراطيون المتحفظون، إلى جانب الصحفيين الذين يُعرفون بانتمائهم إلى التيار "التقدمي" ويملؤون شبكات الأخبار وصفحات الرأي في نيويورك تايمز وواشنطن بوست، باتوا اليوم يدافعون عن أجهزة الاستخبارات ومهامها "الأساسية"، في مواجهة رئيس يتبنى مقاربة غير تقليدية تهدف إلى فرض قيود طال انتظارها على وكالة الاستخبارات المركزية. يا لها من مفارقة تُجسد كيف تغيرت الأزمنة وتبدّلت المواقف! من اللافت أن بعض النخب الليبرالية، التي باتت تتجاهل إرثًا طويلًا من الانتهاكات، ربما تحتاج إلى تذكير بأن وكالة الاستخبارات الأميركية دأبت على تضليل السياسيين والصحفيين ضمن ما يشبه نهجًا مؤسسيًا معتادًا. لقد قوضت ديمقراطيات في الخارج، ولا تزال مؤامراتها السرية، الملطخة بالدماء، حاضرة في الذاكرة الجماعية، من سانتياغو إلى غواتيمالا سيتي وما بعدها. ومن المؤسف أن نشهد بعض الشخصيات الديمقراطية المخضرمة- ممن أمضوا سنوات إدارة بوش وهم ينددون بالتنصت غير المشروع ومواقع الاحتجاز السرية- وقد باتوا اليوم يتعاملون بردود فعل مبالغ فيها لمجرد طرح فكرة مفادها أن وكالة الاستخبارات وأجهزتها الشريكة قد تجاوزت حدود القوة المعقولة، وأصبحت تتصرف بغطرسة وخطورة تستدعي التوقف والتقييم. أما مكتب التحقيقات الفدرالي- ذاك الذي لا يزال يُعامل كمؤسسة شبه مقدسة تحمل إرث إدغار هوفر- فيا للعجب! فهؤلاء العملاء المحترمون ذوو الياقات المشدودة هم أنفسهم من سعوا إلى تقويض سمعة مارتن لوثر كينغ الابن، وتسللوا إلى حركات السلام، وأطلقوا حملات مراقبة جماعية بحق المسلمين بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول. أما الأصوات الإعلامية التي تدافع عنه بإصرار، فيبدو أنها تغض الطرف عن حقيقة جلية: أن المكانة التي يتمتع بها المكتب اليوم لم تترسخ إلا عندما بات تصويره كخط دفاع في مواجهة الترامبية يخدم مصالح سياسية بعينها. هذا هو التناقض الجوهري في سلوك المؤسسة الليبرالية: فهي تُظهر تفضيلًا واضحًا للنظام على حساب العدالة، وللسلطة على حساب الحقيقة. طالما أن "الأشخاص المناسبين" هم من يملكون أدوات القمع والمراقبة، فإنها لا تتردد في الهتاف دعمًا لهم. أما في أوتاوا ولندن وكانبيرا، فغالبًا ما نجد أن السياسيين القادمين تحت شعارات الشفافية والإصلاح، سرعان ما ينصاعون لمنطق السلطة بمجرد دخولهم دهاليز الحكم. يبدؤون بترديد الإيجازات الأمنية، وتكرار المصطلحات التقنية، وتبرير أساليب المراقبة، وكأنهم ابتلعوا اللغة والمنهج. فالمنظومة أكبر من أن تُواجه، غامضة إلى حد الإرباك، ومتجذّرة بعمق يصعب اقتلاعه. ورغم عيوبه الصارخة ومظاهر سلوكه المثيرة للجدل، فإن ترامب في هذه الحالة تحديدًا كسر أحد التابوهات الراسخة في النظام السياسي. إن كبح جماح الأجهزة الأمنية وأدوات المراقبة ليس أمرًا مستحيلًا، لكنه يتطلب إرادة حقيقية، وحسمًا في الموقف، وإدراكًا بأن سلطتها تستند إلى مجموعة من الأساطير: أسطورة الضرورة، وأسطورة الاستمرارية، وخرافة أن تلك السلطة أمر طبيعي أو حتمي. هذه الأساطير قابلة للتفكيك، ويجب تحديها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store