
"ثقافة السلام" كيف تعزز من حماية الموارد البيئية في المنطقة ؟
لم تعد حماية الموارد البيئية بمعزل عن بناء "ثقافة السلام" في المنطقة "أمراً ممكناً" في ظل ما تشهده دول من حروب أشعل فتيلها "النزاع على المصادر الطبيعة"، والتي طال أمدها، بل وانعكاساتها السلبية على البيئة.
اضافة اعلان
ولكن هذه الثقافة لا يمكن بناؤها قبل إحلال "الثقة المتبادلة" بين الدول، وإيجاد "لغة مشتركة فيما بينها"، وصولاً إلى إشاعة السلام في المنطقة، وفق خبراء.
وتتبع تلك الخطوة إنشاء منصة أو مركز إقليمي مختص بالأوضاع المختلفة في المنطقة، يهدف إلى جمع الدول على طاولة الحوار، لمناقشة التحديات المشتركة، وإيجاد الحلول لها، وجمع البيانات المختلفة بشأنها، لتكون المفتاح لحماية البيئة، وتحقيق التنمية المستدامة.
اتجاهان للحل
من وجهة نظر المدير التنفيذي للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه د. مروان الرقاد، فإن هنالك اتجاهين في هذه المسألة، أحدهما يرتكز على كيفية استخدام الموارد الطبيعية كأداة للسلام، في حين يتمثل الثاني بالسلام الذي يؤدي إلى حمايتها.
وشدد الرقاد على أن النزاعات، أو الخلافات الجيوسياسية تكون قائمة بشكل أساسي على المصادر الطبيعية، مثل ما نشهده حالياً بين تركيا والعراق، ومصر وأثيوبيا.
وتبنت الشبكة الفكر الذي يتحدث به الأمير الحسن بن طلال، والمبني على تحقيق التوازن من خلال تعزيز المواطنة البيئية التي تتطلب رفع الوعي بين الأفراد حول أهمية المصادر المائية في تحقيق الحياة الكريمة لهم، بحسبه.
وهذا النهج كذلك تُعززه مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط التي أطلقها الأمير الحسن في عام 2010، من خلال تعزيز التعاون على مصادر المياه العابرة للحدود باعتباره أحد الأدوات لبناء الثقة والتفاهم وثقافة السلام، كما أشار الرقاد.
وأضاف إن الحروب تنعكس تأثيراتها بالضرورة على الموارد البيئية، وخاصة في ظل استخدام العديد من الأسلحة، والتي أدت على سبيل المثال إلى زيادة وتيرة العواصف الترابية في العراق.
ومن أجل تعزيز ثقافة السلام على المستوى الإقليمي، فإن هنالك حاجة ملحة لوجود جهات دولية إقليمية تحظى بالثقة بين الدول التي تكاد تكون "معدومة" في المنطقة العربية، حسب رأيه.
ومن هنا، يرى، ضرورة انطلاق المبادرات القائمة على الفكر الشامل، مثل تأسيس مراكز إقليمية تحظى بثقة المجتمعات المحلية، وأصحاب المصلحة.
وقال إن ذلك يجب أن يترافق وتنفيذ نشاطات على أرض الواقع تكون بمثابة نماذج على مستوى المنطقة تُبنى عليها في نهاية المطاف الثقة فيما بين الدول، بعيداً عن النمط التقليدي في العمل مثل عقد ورش تدريبية ودون نتائج ملموسة على حياة المنخرطين فيها.
ومن الأمثلة على ذلك مشروع سما السرحان الذي نفذته الشبكة سعياً إلى بناء السلم المجتمعي داخل المجتمعات المضيفة للاجئين السوريين، كما ذكر.
سورية نموذجا
ورجح الرقاد إمكانية تطبيق مثل هذا المشروع في سورية، على سبيل المثال، بهدف رفع كفاءة استخدام المياه، والذي قد يؤدي إلى حدوث فائض في نهاية الأمر، وفق توقعاته.
ومن ذلك المنطلق، برأيه، يمكن أن تساعد الدول بعضها بعضا على إيجاد حل لمواجهة الظروف المتماثلة من جفاف وقلة هطول أمطار، وغيرها.
وأوضح أن الدبلوماسية المائية يمكن تطبيقها في أكثر من تجاه، من بينها القائم على القنوات الرسمية، والذي يتسم بالبطء في الإنجاز، ما يتطلب اللجوء إلى بناء التفاهم على المياه بين المجتمعات المحلية في الدول نفسها.
وكان الأمير الحسن بن طلال في رؤيته الشخصية، المنشورة على موقعه الرسمي، أكد "الحاجة الماسّة إلى ثقافة سلام؛ إذ انبلج فجْرُ الألفيّة الجديدة على عالَمٍ تتفشّى فيه النزاعات المتأجّجة والصّراعات المدمّرة".
وشدد سموه على أنه "لا بُدّ من قيام مبادرة عالميّة تعتمد جميعَ الموارد السياسيّة والاقتصاديّة والتكنولوجيّة والثقافيّة الممكن تصوّرها لتحسين الظروف المحلّيّة وتقديم سيناريوهات للمصالَحة".
الثقة المتبادلة أولوية
وفي رأي المستشار الإقليمي في دبلوماسية التعاون في قضايا المياه م. مفلح العلاوين، فإن إدارة المصادر البيئية تعد إحدى الأدوات لتحفيز التعاون، والتنمية المستدامة والاستقرار، والتي تقود في نهاية الأمر إلى بناء ثقافة السلام.
وقدم العلاوين شرحاً أكثر تفصيلاً لرأيه، بأن وجود الثقة المتبادلة بين الدول، واللغة المشتركة، وصولاً إلى إشاعة السلام في المنطقة، من شأنه أن يسهم، نهاية المطاف، في وضع خطة وإستراتيجيات مشتركة، وتنفيذ مبادرات لإدارة المصادر البيئية.
وكل ذلك يتطلب تحديد التحديات البيئية المشتركة، وعبر تطبيق النهج القائم على الأدلة، في محاولة لتطوير الإدارة الخاصة بالموارد، والتي لا تكون إلا من خلال فتح الحوار والنقاش لبناء الثقة، وتحقيق الاستقرار والسلام، بحسبه.
وشدد على أن التعاون بين الدول للحد من التحديات، وإيجاد الحلول المناسبة لها، ستكون نقطة انطلاق في بناء ثقافة السلام التي ستصبح بمثابة المظلة لهذا النهج التعاوني.
وعلى صعيد إدارة الموارد البيئية، وفي ظل الحروب التي يشهدها الإقليم، لا بد من وجهة نظره كذلك أن يقوم الخبراء والجهات المختصة بإجراء تقييم حول أثر هذه النزاعات على تدهور هذه المصادر، وربطه بالتكلفة الاقتصادية التي ستتكبدها هذه الدول والشعوب.
لذلك فإن السلام لا بد أن يكون عاما وشاملا، والذي ينطلق من نقطة أبعد من حماية المصادر البيئية، ليأخذ الأبعاد الخلافية على الأراضي، والدين والسيادة، وتوازن القوى وغيرها، وفق العلاوين.
إلا أن الأدوات التي يمكن اللجوء إليها من أجل بناء السلام بين الدول، تتطلب التأكيد على مبدأ "الدفع مقابل ما أحدثته الدول من تدهور بيئي"، والذي ترافقه زيادة في وتيرة العواصف الترابية على سبيل المثال، والتي تنعكس على الاستقرار، والصحة، كما أفاد.
وتابع قائلاً: "لو كانت الثقة موجود بين الدول لشهدنا عملاً مشتركاً فيما بينها لمكافحة هذه الظواهر التي لا تعرف حدودا وإنما طبيعة جغرافية".
وتعد الرؤية التي يتحدث بها الأمير الحسن بن طلال حول بناء ثقافة بناء السلام من خلال وجود هيكل أو مظلة أو منصة تختص بالأوضاع الاقتصادية والبيئية وغيرها، وتجمع ما بين المشرق العربي، الذي يفتقر إلى وجود مثل هذه المنصات، المفتاح لحماية البيئة، وتحقيق التنمية المستدامة، وفق العلاوين.
كما سيساعد وجودها على بناء رؤية واضحة تجمع الدول تجاه قضاياها وتحدياتها المشتركة، ووضع حلول لها وبصورة توافقية فيما بينها، تبعاً له.
:
"السلام العادل والمستدام" أهم محاور المنتدى العالمي الثاني لثقافة السلام
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 5 ساعات
- رؤيا نيوز
المومني : سنلاحق قانونيا كل من يسيء للأردن ومواقفه بملف المساعدات
قال وزير الاتصال الحكومي، محمد المومني، أن الأردن سيطبق القانون وسيلجأ للملاحقة القانونية ضد كل من يستغل موضوع المساعدات الأردنية المتجهة إلى غزة للإساءة للمملكة ومواقفها الثابتة. وبين عبر وسائل الإعلام، انه رغم كل المعيقات الإسرائيلية ، يفخر الأردن بأنه أول من يبادر ويرسل المساعدات. وأشار المومني إلى أن المملكة مستمرة في استخدام كافة أدواتها للضغط من أجل إدخال المزيد من المساعدات، ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني ووقف العدوان. واكد الوزير بأن ما يصل إلى غزة حالياً 'ما هو إلا جزء قليل مما هو مطلوب'، 'لكن هذا يجب ألا يقلل من شأن المساعدات أو النبل الإنساني الذي تمثله'


رؤيا نيوز
منذ 6 ساعات
- رؤيا نيوز
بيان مصري يرد على ادعاءات غلق معبر رفح
أكدت وزارة الخارجية المصرية، أن معبر رفح لم يغلق من الجانب المصري مطلقا، مشددة على أن الجانب الفلسطيني من المعبر يقع تحت سيطرة إسرائيل، التي تمنع العبور من خلاله. واستهجنت مصر ما وصفته بـ'الدعاية المغرضة' التي تستهدف تشويه دورها الثابت في دعم القضية الفلسطينية، مستنكرة ما تردد من اتهامات 'غير المبررة' حول مساهمتها في الحصار المفروض على قطاع غزة من خلال منع دخول المساعدات الإنسانية. وأوضح البيان أن هذه الاتهامات 'الواهية' تفتقر إلى المنطق وتتعارض مع الموقف المصري ومصالحه، كما تتجاهل الدور الذي لعبته القاهرة ومازالت 'منذ بدء العدوان الاسرائيلي على القطاع، سواء فيما يتعلق بالجهود المضنية من أجل التوصل لوقف إطلاق النار، أو من خلال عمليات الإغاثة وتوفير وإدخال المساعدات الإنسانية التي قادتها مصر عبر معبر رفح'. كما لفت البيان إلى جهود الإعداد والترويج لخط لإعادة إعمار قطاع غزة، التي تم اعتمادها عربيا وتأييدها من عدد من الأطراف الدولية، والتي ركزت على إنقاذ الفلسطينيين الأبرياء في قطاع غزة وإدخال المساعدات، ومقاومة محاولات التهجير القسري والاستيلاء على الأرض وتصفية القضية الفلسطينية. واتهمت الخارجية المصرية بعض 'التنظيمات والجهات الخبيثة' بالوقوف وراء 'الدعاية المغرضة والتي لا تستهدف سوي إيجاد حالة من عدم الثقة بين الشعوب العربية'. وأكد البيضان على استمرار مصر في جهودها الرامية إلى رفع المعاناة عن سكان القطاع، والعمل على وقف إطلاق النار، وضمان تدفق المساعدات، وبدء عملية إعادة الإعمار. كما شددت القاهرة على التزامها بدعم وحدة الصف الفلسطيني وتوحيد الضفة الغربية وقطاع غزة، والبدء في عملية سياسية لتنفيذ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية وخطوط الرابع من يونيو 1967.


الرأي
منذ 7 ساعات
- الرأي
"مخيمات اللاجئين الفلسطينيين" تثمن موقف الملك من كسر الحصار على غزة
ثمنت لجان خدمات المخيمات والهيئات الاستشارية ومؤسسات المجتمع المدني والفعاليات الشعبية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في المملكة، موقف جلالة الملك عبدالله الثاني، من كسر الحصار على قطاع غزة وإيصال المساعدات، محركا بذلك الضمير الإنساني العالمي لكي يلتفت إلى مسؤولياته بحماية المدنيين من أطفال ونساء في وقت تتفاقم فيه الكارثة الإنسانية بشكل غير مسبوق في قطاع غزة المنكوب. وأشادت اللجان في بيان اليوم الخميس، بالجهود السياسية والدبلوماسية الحثيثة التي بذلها الأردن بقيادة جلالة الملك، لإنجاح إيصال المساعدات إلى غزة، رغم كل الصعوبات والمخاطر التي يواجهها خلال عملية إرسال قوافل المساعدات من التأخير في عمليات التفتيش على المعابر من قبل قوات الاحتلال، والاعتداءات المتكررة من المستوطنين الإسرائيليين على الشاحنات. وأكدت الموقف الأردني الثابت تجاه قطاع غزة، ورفض التهجير، وأن الأولوية القصوى للأردن اليوم هي إيصال المساعدات الإنسانية، وإنقاذ المدنيين، ودعم صمود الأشقاء الفلسطينيين على أرضهم في وجه الكارثة الإنسانية المتفاقمة.