logo
أدعية عيد الأضحى: ما يقال في يوم عرفة وعند النحر

أدعية عيد الأضحى: ما يقال في يوم عرفة وعند النحر

الرجلمنذ 6 ساعات

تتجلى الروحانيات العظيمة في عيد الأضحى المبارك، حيث تسمو النفوس بالإيمان والتقرب إلى الخالق، بينما تنبض القلوب بالتكبيرات، وتمتلئ الألسنة بالأدعية، وتتزين الأيام بأريج العبادة والتضحية، والدعاء المستجاب.
في السطور التالية نصحبكم في رحلة بين أفضل الأدعية في يوم عرفة والعيد وذبح الأضحية، لنغمر أنفسنا في هذه الأجواء الروحانية، ونستقبل هذه الأيام المباركة بقلوب مفعمة بالحب والخشوع.
أدعية مستحبة في يوم عرفة
يوم عرفة، التاسع من ذي الحجة، هو اليوم الذي تتفتح فيه أبواب السماء، وتتسابق فيه القلوب للدعاء والتضرع إلى الله، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير".
وهذا الدعاء الذي يعد جوهرة يوم عرفة، يعكس عظمة التوحيد ويفتح أبواب الرحمة لمن أخلص في ترديده، ولا يقتصر الدعاء في هذا اليوم على الحجاج الواقفين بعرفات، بل يعم جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، حيث يستحب لهم أن يغتنموا هذه الفرصة العظيمة للإكثار من الدعاء والتضرع لله جل وعلا.
ومن الأدعية المستحبة التي يمكن أن يرددها المسلم: "اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي، فاقبل معذرتي، وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي، وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنبي"، وهذا الدعاء يعبر عن التوبة والافتقار إلى الله، وهو من أجمل ما يمكن أن يقال في لحظات الخشوع.
وهناك أيضًا دعاء يجمع خير الدنيا والآخرة: "اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار"، وهو دعاء شامل يعكس طموح المسلم في تحقيق التوازن بين الدنيا والآخرة.
وينصح المسلمون في هذا اليوم بالإكثار من الدعاء، سواء بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو بما يفتح الله به على قلوبهم، لأن الدعاء في يوم عرفة مستجاب بإذن الله، ويستحب أيضًا الصيام لغير الحاج، مما يزيد من أجر هذا اليوم العظيم، حيث تجديد العهد مع الله بينما تتجلى معاني الإخلاص والتضرع.
تعبيرية عن الدعاء - المصدر: Shutterstock
أفضل أدعية تقال في يوم العيد
يستقبل المسلمون بزوغ فجر يوم النحر، أول أيام عيد الأضحى، بقلوب مفعمة بالفرح والإيمان، حيث يرتفع الدعاء بين التكبير، فيما يستحب للمسلم أن يملأ ساعاته الأولى بالتسبيح والتقرب إلى الله.
وعند الاستعداد لصلاة العيد يردد المسلم دعاء يعكس تواضعه وطموحه الروحي: "اللهم إني أسألك خير المسألة، وخير الدعاء، وخير النجاح، وخير العمل، وخير الثواب، وخير الحياة، وخير الممات، وثبتني، وثقل موازيني، وحقق إيماني، وارفع درجتي، وتقبل صلاتي، واغفر خطيئتي، وأسألك الدرجات العلا من الجنة".
هذا الدعاء يعد بوابة لاستقبال اليوم بروح متفائلة ونفس مطمئنة، وبعد أداء صلاة العيد يستحب أن يقول المسلم: "اللهم اجعلني من أهل الطاعة، واجعلني من عبادك الصالحين، وأعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"، ليؤكد ارتباطه بالله في لحظات الفرح والاجتماع.
ولكن ما يميز يوم النحر حقًا هو التكبيرات التي تملأ الأجواء، حيث يردد المسلمون: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد"، وهذه التكبيرات التي تبدأ من غروب شمس يوم عرفة، وتستمر حتى عصر آخر أيام التشريق، وتعد من أجمل سنن العيد، فهي تحيي القلوب وتذكر المسلم بعظمة الله.
وتتردد هذه الكلمات في المساجد والبيوت وحتى في الشوارع، لتخلق أجواء إيمانية تملؤها البهجة والسكينة، حيث إن الإكثار من هذه الأدعية والتكبيرات في يوم العيد ليس مجرد عبادة، بل هو تعبير عن الفرح الروحي الذي يعيشه المسلم في هذه المناسبة المباركة.
الدعاء في يوم عرفة - المصدر: وزارة الحج والعمرة
أدعية تقال عند نحر الأضحية
تتجلى في نحر الأضحية واحدة من أعظم شعائر عيد الأضحى، حيث يحيي المسلمون سنة سيدنا إبراهيم عليه السلام، ويتقربون إلى الله بقلوب مفعمة بالإيمان، وهذه الشعيرة التي تعد سنة مؤكدة لمن استطاع، تتطلب أدعية محددة تقال لحظة الذبح لتكتمل العبادة.
وعندما يهم المسلم بالنحر يبدأ بقول: "بسم الله، والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، هذا عني (أو عن فلان إذا كان يذبح عن غيره)، اللهم تقبل مني"، وهذا الدعاء يعكس التواضع والشكر لله، ويؤكد أن الأضحية هي تقرب إليه وحده.
وهناك دعاء آخر مستحب يردد فيها المقبل على النحر: "اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك، ومن محمد حبيبك"، ليربط المسلم فعله بسنة الأنبياء العظام.
ويشترط في الأضحية أن يوجهها المسلم نحو القبلة، وأن يسمي الله عند الذبح، مع الحرص على أن تكون الأضحية خالية من العيوب، وبعد الذبح يستحب توزيع لحم الأضحية على ثلاثة أقسام، وهي قسم للأهل وقسم للأقارب والأصدقاء وقسم للفقراء والمحتاجين، لتعم الفرحة وتتجلى معاني التكافل الاجتماعي.
وترديد هذه الأدعية أثناء النحر ليس مجرد طقس، بل هو تعبير عن الارتباط الروحي بين العبد وربه، وعن إحياء قيم التضحية والعطاء التي يرمز إليها عيد الأضحى.
صورة تعبيرية للأضحية - المصدر: وزارة الحج والعمرة
اقرأ أيضًا: الهيئة العامة لشؤون الحرمين ترفع كسوة الكعبة ضمن ترتيبات استقبال الحجاج
كيف تعلم أطفالك دعاء العيد؟
إن تعليم الأطفال أدعية عيد الأضحى وتكبيراته هو أكثر من مجرد واجب ديني، إنه استثمار في بناء جيل يحمل الإيمان في قلبه، ويحيي سنن الإسلام بفخر، ولجعل هذه العملية ممتعة ومثمرة، يمكن للآباء والأمهات اتباع أساليب إبداعية تجمع بين التعليم والترفيه.
وعلى سبيل المثال يمكن تخصيص وقت يومي خلال العشر الأوائل من ذي الحجة لترديد التكبيرات مع الأطفال، مثل "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله"، بصوت مرتفع ومبهج ليترسخ النشيد الإيماني في أذهانهم.
كما يمكن تعزيز هذا الطريقة باستخدام تسجيلات صوتية لتكبيرات العيد بأصوات عذبة، مما يجعل التجربة ممتعة ومؤثرة.
إضافة إلى ذلك يمكن سرد قصة سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام بأسلوب مشوق، مع ربطها بدعاء الذبح، ليفهم الأطفال المعنى العميق للأضحية.
وفي يوم العيد يشجع الأطفال على المشاركة في ترديد التكبيرات أثناء الذهاب إلى الصلاة أو عند نحر الأضحية، مما يجعل العيد تجربة حية لا تنسى، كما يمكن استخدام بطاقات ملونة تحمل أدعية مختصرة، مع مكافآت صغيرة عند حفظها، لتحفيز الأطفال على التعلم.
وهذه الأساليب لا تعلم الأطفال الأدعية فحسب، بل تزرع فيهم حب العبادة وتجعل العيد مناسبة للتعلم والفرح معًا.
عيد الأضحى ليس مجرد مناسبة دينية، بل رحلة إيمانية تجمع بين الدعاء والتضحية والفرح، ومن يوم عرفة حيث تتفتح أبواب الرحمة للدعاء المستجاب، إلى يوم النحر، حيث تتجلى معاني العطاء والتقرب إلى الله، يعيش المسلمون لحظات من السمو الروحي.
كما أن الأدعية التي تردد في هذه الأيام سواء في صلاة العيد أو عند نحر الأضحية أو في وقفة عرفة، هي جسور تربط العبد بخالقه، ومن خلال تعليم الأطفال هذه الأدعية نضمن أن يظل هذا الإرث الإيماني حيًا في القلوب.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

755 ألف حاج يصلون المملكة عبر المنافذ المختلفة حتى 21 مايو
755 ألف حاج يصلون المملكة عبر المنافذ المختلفة حتى 21 مايو

مباشر

timeمنذ 25 دقائق

  • مباشر

755 ألف حاج يصلون المملكة عبر المنافذ المختلفة حتى 21 مايو

الرياض- مباشر: أعلنت المديرية العامة للجوازات أن عدد الحجاج القادمين إلى المملكة لأداء مناسك الحج لهذا العام 1446هـ بلغ 755,344 حاجًا حتى نهاية يوم الأربعاء 23 من ذي القعدة 1446هـ، الموافق 21 مايو 2025، وذلك عبر جميع المنافذ الجوية والبرية والبحرية. وبيّنت الجوازات أن عدد الحجاج القادمين عبر المنافذ الجوية بلغ 725,297 حاجًا، فيما وصل عبر المنافذ البرية 27,225 حاجًا، وعبْر المنافذ البحرية 2,822 حاجًا. وأكدت المديرية تسخير كافة إمكاناتها لتيسير دخول ضيوف الرحمن، من خلال دعم منصاتها في المنافذ الدولية بأحدث التقنيات، وتشغيلها بكوادر بشرية مؤهلة تتحدث لغات متعددة، بما يضمن سرعة وسلاسة الإجراءات في مختلف المنافذ. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال آبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا

منطقة القصيم تُسهم في ثلث الإنتاج السمكي من الاستزراع المائي بالمملكة
منطقة القصيم تُسهم في ثلث الإنتاج السمكي من الاستزراع المائي بالمملكة

أرقام

timeمنذ ساعة واحدة

  • أرقام

منطقة القصيم تُسهم في ثلث الإنتاج السمكي من الاستزراع المائي بالمملكة

تُعد منطقة القصيم من أبرز مناطق المملكة في مجال الاستزراع السمكي، من خلال إنتاج أنواع عديدة من الأسماك مثل: أسماك البلطي - تُشكل حوالي 95% من الإنتاج بالقصيم -، وأسماك الكارب، وأسماك المبروك، وأسماك الحفش، وأسماك الزينة بأنواعها، بما يميزها من توفر المياه الجوفية والظروف البيئية المناسبة، التي جعلتها كفيلة في المساهمة بشكل كبير في تحقيق الأمن الغذائي الوطني، في ما يُمثل حوالي ثلث الإنتاج من الاستزراع المائي الداخلي، بحسب الإحصاءات الأخيرة التي قدمتها الجمعية السعودية للاستزراع المائي. وتُبرز منطقة القصيم اهتمامها في مجال استزراع أسماك البلطي والمبروك، من خلال إسهامها بحوالي 20% من إجمالي إنتاج البلطي بالمملكة، إضافة إلى أكثر من 70 نوعًا من أسماك الزينة، التي تُسوق منتجاتها في محلات الأسماك المنتشرة في مناطق المملكة جميعها، وتُصدر أيضًا إلى دول الخليج العربي وأوروبا. وتُستخدم المياه الجوفية في منطقة القصيم لتغذية برك الأسماك، مما يُمكّن المزارعين المهتمين بهذا المجال أيضًا بتعدد مداخيلهم الزراعية، إذ تُتيح هذه المزارع فرصًا استثمارية أخرى، عبر استغلال هذه الموارد الطبيعية في تربية الأسماك، واستخدام مياه بُركها في ريّ النباتات والخضروات لتكون سمادًا طبيعيًا وحيويًا مليئًا بالعناصر المفيدة التي قد تخدم المزروعات من الخضروات وغيرها التي اشتهرت بمها منطقة القصيم. وتهتم مزارع القصيم السمكية بشكل رئيسي على استزراع أسماك البلطي النيلي (Oreochromis niloticus)، إذ يُعد من أكثر أنواع الأسماك نجاحًا في الاستزراع بالمياه العذبة، ويتميز هذا النوع بقدرته على التكيف مع الظروف البيئية المحيطة به. وأوضح يوسف المناور -أحد المهتمين في مجال الاستزراع السمكي بالقصيم-، أن الاستزراع يُعد من المشاريع الناجحة في المنطقة ويشهد إقبالا كبيرًا من المزارعين، لما تتميز به مزارع المنطقة باستخدام تقنيات متقدمة مثل نظام إعادة تدوير المياه (RAS)، الذي يسمح بتربية الأسماك في البيئات المحكومة التي تقتصد في توفير المياه، وتستخدم الأعلاف الصحية في تغذية الأسماك المتكونة من الذرة وفول الصويا وغيرها التي تعمل على تحقيق الإنتاجية العالية، لافتًا الانتباه إلى أنه يستخدم المياه المستخرجة من أحواض الأسماك لري النخيل، الأمر الذي يُكسب المزرعة إنتاجًا عضويًا للتمور. وبين أحد العاملين في محال بيع الأسماك أن سمك البلطي لم يكن معروفًا في السابق، وليس عليه إقبال ورغبة من المستهلكين، وليس متوفرًا بكثرة، أما الآن بفضل نجاح زراعته بالمنطقة وجودته وقيمته السوقية غير المرتفعة والثابتة، أصبح مطلوبًا بكثرة الآن. يذكر أن قطاع الاستزراع السمكي في المملكة شهد مؤخرًا تطورًا ملحوظًا في كميات الإنتاج، حيث ارتفع حجم الإنتاج من 32 ألف طن في 2016م إلى 119 ألف طن في 2022م، بحسب ما ذكرته الجمعية السعودية للاستزراع المائي، إذ تستهدف المملكة مواكبة الإنتاج مع معدل الاستهلاك للفرد من المنتجات السمكية وتحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة 59%، حيث تُسهم منطقة القصيم بشكل كبير في هذا النمو، الذي يُعزز من مكانتها كمركزًا رئيسيًا للاستزراع السمكي في المملكة. وتُولي المملكة اهتمامًا كبيرًا بتطوير قطاع الاستزراع المائي، حيث تهدف الإستراتيجية الوطنية إلى رفع إنتاج المملكة من منتجات الاستزراع المائي إلى أكثر من 600 ألف طن بحلول عام 2030، يشمل ذلك تطوير تقنيات استزراع الأسماك، بالتعاون مع جهات مثل وزارة البيئة والمياه والزراعة، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، والجمعية السعودية للاستزراع المائي.

ضرورة التوسعة الفقهية في المناسك
ضرورة التوسعة الفقهية في المناسك

العربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربية

ضرورة التوسعة الفقهية في المناسك

يصادف عيد الأضحى المبارك هذا العام 1446هـ يوم الجمعة العاشر من ذي الحجة، فعليه لا يصح إقامة صلاة الجمعة في المسجد الحرام في يوم العيد، فهي على خلاف الأصل في حق إقامتها لنهيه عليه الصلاة والسلام عن عيدين في يوم واحد. ما زالت صورة الحرم المكي ماثلة أمامي في ما حدث في العام الهجري 1430 عندما صادف عيد الأضحى يوم الجمعة، فصلى الناس في الحرم المكي واقفين متلاحمة أجسادهم رجالاً ونساء في صحن الطواف لاستحالة ركوعهم وسجودهم من شدة الزحام في ذلك اليوم وحتى انتهاء الصلاة وخطر الموت محدق بهم. فهل مثل هذا التلاحم -وزيادة الطين بِلة بإقامة الصلاة فيهم- من باب التيسير ورفع الحرج الذي يستشف إليه الشارع الحكيم في العبادات كلها ناهيك عن الحج وما فتئ الرسول (عليه الصلاة والسلام) في يومه يقول لكل من فعل كذا وكذا.. «افعل ولا حرج»؟ أليس هذا من باب التيسير ورفع الحرج عن المسلمين وفيه دلالة على نبذ التشدد والتزمت وعدم التهميش في العبادات وترك المقاصد الكبرى والأصول العظمى التي طفحت بها صفحات الوحيين، وفي مقدمتها حفظ النفس. بل بعض من هذه التشددات هو على خلاف الأصل في الأحكام الفقهية، فالأصل في صلاة الجمعة إذا صادفت يوم عيد ألا يصليها الناس، وتحل محلها صلاة الظهر. قال عطاء بن أبي رباح فيما رواه أبو داود في السنن «صلى بنا ابن الزبير في مكة يوم عيد في يوم الجمعة أول النهار. ثم رحنا عند الظهيرة إلى صلاة الجمعة فلم يخرج إلينا فصلينا صلاة الظهر وحدانا. وكان ابن عباس في الطائف. فلما قدم ذكرنا له ذلك فقال: أصاب السنة». وعطاء هو أفقه الصحابة في أحكام المناسك. وابن العباس حبر الأمة وفقيهها. والحكم عندهم هو على ما حكم به الرسول بعدم صلاة الجمعة في يوم العيد. فكيف تتم مخالفة سنة رسول الله بأداء صلاة الجمعة في يوم العيد وفي يوم يرى فيه الموت من شدة الزحام دون صلاة ناهيك عن الركوع والسجود؟! كتلٌ متلاحمة يحدق بها الموت في صحن الطواف والرجال والنساء في تلاصق والإمام قائم يصلي بهم في المكبرية سالماً آمناً بعيداً عن أخطار ومشاق ما يعانيه المسلمون أمام عينيه. الدولة حاولت بكل ما تستطيع أن تعمل على توسعة المكان لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الحجاج، وننتظر تفعيل التوسعة الفقهية. كان الرسول عليه الصلاة والسلام لمجرد هطول شيء من الأمطار أو هبوب العواصف أو شدة البرد أو وجود الوحل في الطرقات يأمر بلال أن يقول في الأذان «صلوا في رحالكم» بدلاً من عبارة «حي على الصلاة». وقد قصر وجمع عليه الصلاة والسلام أربع صلوات في المدينة من غير سفر ولا مرض ولا مطر ولا برد. وعندما سئل قال: «لكي لا تحرج أمتي»، وهل ثمة حرج هذه الأيام أكبر من مواجهة الموت في صحن الطواف؟! فالواجب إزاء هذه التهلكة والعذاب عدم إقامة الصلوات المفروضة في المسجد الحرام في جماعة اعتباراً من فجر يوم العيد إلى فجر يوم الثالث عشر من ذي الحجة. والتوجه إلى مساجد مكة المكرمة وأرضها كلها حرم ومن الجائز إقامة الجمع والجماعات في هذه المساجد بدلاً من المسجد الحرام. كان بعض اليفع والصغار قبل أعوام ينتشرون على جسر الجمرات يوم النفرة الأولى من منى وبأيديهم مكبرات الصوت يصرخون في الحجيج يحذرونهم من الرجم قبل الزوال ويتكدس الحجاج في وقت الظهيرة، ثم يتدافعون عند الزوال، ويبدأ الزحام والسقوط يقصف أرواح الأبرياء بسبب هذه الفتاوى المتشددة. ولما تكرر إزهاق ألوف الأرواح على جسر الجمرات قالوا بجواز الرجم قبل الزوال! فهل سيتكرر هذا المشهد في الحرم المكي وتحدث كارثة لا سمح الله وسط هذا الزحام والتكدس، وعندها يتم ترك صلاة الجماعة في المسجد الحرام خلال هذه الأيام؟! من الواجب أيضاً في حق مؤسسات الطوافة التنبيه على حجاجهم بضرورة قصر وجمع الصلوات طيلة إقامتهم في مكة المكرمة والمدينة المنورة، فهذا الحكم الشرعي. وقد قال عليه الصلاة والسلام في فتح مكة: «يا أهل مكة أتموا فإننا على سفر»، وقد أقام عليه السلام فيها تسعة عشر يوماً يقصر ويجمع. فلو اتبع الحجاج هذا الهدي النبوي لنقص هذا التلاحم والتزاحم في أماكن العبادة إلى النصف تقريباً. وقصر الصلاة وجمعها عزيمة عند الجمهور. والعزيمة معناها أن من الواجب في حقهم هذا القصر والجمع. والقول عند الحنفية والشافعية أن من أتم الصلوات في السفر فقد أساء وعليه الإعادة حتى لو خرج وقتها. وقد اختلف الفقهاء في مسألة جواز القصر والجمع إذا كان المسافر مقيماً في بلد مثل حال الحجاج إلى أكثر من اثني عشر فريقاً، فقيل إنه يجوز القصر إن نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام بلياليها. وقيل بل يقصر أبداً حتى يرجع إلى موطنه الذي خرج منه ما لم ينوِ الاستيطان. وليس لأي من أقوال تحديد أكثر مدة القصر أصل في الشرع لا في حديث صحيح ولا ضعيف ولا حتى موضوع. قال ابن تيمية من جعل للمقام حدّاً من الأيام إما ثلاثة أو أربعة أو عشرة.. فإنه قال قولاً لا دليل عليه من جهة الشرع، فالأصل الرجوع إلى العلة وهي السفر، وهذه ملازمة لجميع الحجاج. ولقد أقام ابن عمر في أذربيجان ستة أشهر يجمع ويقصر في الصلوات. وأقام أنس بن مالك سنتين في نيسابور يقصر ويجمع. فالواجب اتخاذ الأيسر والأسهل، وهذا من تشوق الشارع الحكيم لليسر ورحمته للعباد. بعيداً عن التشدد والغلو والعناد فالحكومة لم تقصر مع ضيوف الرحمن، لكنها محكومة بجغرافية المكان، ويبقى على العلماء الأخذ بالأيسر حتى تتلاحم الجهود ويخرج الحج بالصورة التي يريدها ولي الأمر ويسعى إليها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store