
الحرب تعمّق معاناة صحفيين سودانيين بمراكز اللجوء والنزوح
ومن داخل معسكر "كرياندونقو" للاجئين في أوغندا تحدث عزت للجزيرة نت قائلا "وجدتُ نفسي أغادر الخرطوم إلى مدينة ود مدني بحثا عن ملاذ مؤقت، لكن المؤقت طال، وحين ضاق بي الحال، حملني قدري إلى مدينة سنار ، ثم إلى القضارف، وهناك وجدتُ الجوع في انتظاري".
وأردف "لم يكن أمامي سوى الرحيل إلى القرى جنوب القضارف، أحمل المنجل بيد، والكرامة باليد الأخرى، فقمت باستئجار قطعة أرض صغيرة، وحرثتها بيدي وزرعتها، وكنت أقاتل وحدي في صمت الأرض، حتى حصدت محصول الذرة الأول".
ويضيف أنه باع محصول الذرة بثمن بخس، لا يكاد يبل ريقا، وبعد أن انتهى الموسم، عاد إلى القضارف مفلسا من جديد، وراح يطرق أبواب النازحين والمنظمات، فوجد أبوابا مفتوحة ووعودا مغلقة، حسب وصفه.
وقال "ضاقت بي الأرض حتى فكّرت: لماذا لا أموت هناك، في شرق النيل، بطلق ناري نظيف بدلا من الموت البطيء بالجوع هنا؟".
بائع للفلافل
وفعلا، قرَّر عزت الرحيل إلى حيث "الموت أسرع"، فاستقل حافلة ركاب من مدينة القضارف إلى مدينة ود مدني، ليجد أن قوات الدعم السريع قد سيطرت عليها، والخوف يسكن الطرقات، ويقول إنه قضى ليلته الأولى بين الخراب والرائحة الثقيلة للموت المتعفّن في الطرقات، والظلام المرعب.
و"أخيرا"، وصل إلى بيته في إحدى محليات الخرطوم، والتي كان الدعم السريع يسيطر عليها بالكامل، ويضيف "حاولت البدء من جديد؛ حملت غلاية كهربائية، وأعددت الطعمية (الفلافل)، وبعت السندويشات، ومع ابتسامات الزبائن بدأت الحياة تدبّ في قلبي ثانية، لكن سرعان ما قُطعت الكهرباء والماء والاتصالات، وظلّ هذا الحال 4 أشهر كاملة، كأنها 4 سنوات من العتمة".
وأفاد عزّت بأنه هرب مرة أخرى عبر طُرق وعرة من منطقة شرق النيل إلى مدينة القضارف، واصطحب معه هذه المرة أدوات صناعة الطعمية التي عاد لصنعها وبيعها للعابرين، حتى تمكّن من جمع مبلغ لتجديد جواز سفره، وخطّط بعدها للخروج النهائي من السودان.
وليس الجوع وحده ما دفعه للمغادرة، حسب قوله، بل الخوف من تلفيق الاتهامات، بعد أن نشر أحدهم صورة قديمة له وزعم أنها تعود لعام 2025، وخاصة باجتماع مع قادة الدعم السريع غرب كردفان.
وختم قائلا "حاليا، أمزج بين الحكاية والواقع، وبين الأسطورة والمعاناة. ومن قلب معسكر "كرياندنقو" للاجئين في أوغندا، أحاول خلق قصص غنية وعميقة تُحاكي تجارب النسيان والأمل، وتشمل تحقيقات صحفية ومقالات تستعرض قضايا اللاجئين، وقصصهم اليومية وتحدياتهم".
الصحفي الحمَّال
ويبدو أن حال عزت، الذي اضطر لصنع وبيع الطعمية والعمل في الزراعة قبل أن يصبح لاجئا، أخف وطأةً مما عاشه الصحفي محجوب حسون، الذي قادته الحرب إلى معسكر لجوء قاسٍ بجنوب السودان، حيث يعمل هناك حمالاً على "درداقة" (عربة يدوية صغيرة تُستخدم لحمل البضائع) في سوق المعسكر الصغير ليكسب قوت يومه ويُوفِّر ما يستطيع من عيش كريم لأسرته.
وقال محجوب، الذي عمل مراسلا لصحيفة "السوداني" ومستشارا للاتحاد العام للصحفيين السودانيين بولايات دارفور ، للجزيرة نت "نحن نُهَجَّر بلا صوت، ونُباد بصمت، ونُنسى وكأننا لم نكن يومًا صحفيين"، مضيفا أن الوضع المعيشي صعب للغاية في المعسكر الذي لجؤوا إليه، والذي يضم نحو 24 ألف لاجئ، فرّ معظمهم بسبب نقص الغذاء.
وواجه كثير من الصحفيين السودانيين واقعا شديد التعقيد بعد فقدان وظائفهم، وعانوا متاعب حقيقية بعد أن كانوا يعتقدون لوقت طويل بأن الصحافة وحدها هي "مهنة المتاعب"، بينما وجدوا أن المهن الأخرى التي اضطر بعضهم للعمل بها، مثل طواحين الحبوب، وأفران الخبز، وزراعة البصل، ومصانع الثلج، وبيع الأطعمة والخضروات في الطرقات، أشد تعبا.
لم يكن يدور في خلد الصحفي محجوب، الذي كان يتابع ويدافع عن قضايا عمال الشحن والتفريغ، أنه سيصبح يومًا جزءًا منهم، وأكد أنه لا يتضجّر من مهنة "حمّال" التي يمارسها الآن ويعيل بها أولاده، لكنه يناشد الجهات الصحفية والإنسانية العالمية الوقوف مع الصحفيين والمتأثرين في محنتهم، بعد أن قضى بعضهم نحبه، بينما لا يجد آخرون ما يأكلون.
وبدا محجوب منهكا في مقطع فيديو سجّله قبل أيام من داخل معسكر لجوء في جنوب السودان يضم أعدادا كبيرة من الذين فرّوا كذلك من الحرب في السودان، وكشف فيه عن تحوّله من صحفي إلى حمّال، ليكسب لقمة عيشه في المنفى الذي لجأ إليه بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة نيالا منذ 15 أبريل/نيسان 2023.
ونوّه إلى مأساة الصحفيين السودانيين الذين شُرّدوا بسبب الحرب، متسائلا "لماذا لا يسأل أحد عنهم؟ أين الاتحاد الدولي؟ أين منظمات الصحفيين؟ نحن نعيش أوضاعا مأساوية بلا دخل، وبلا سكن، وبلا صوت يسمعنا".
وأشار محجوب، إلى تفرّق زملائه بين دول الجوار، حيث أصبح بعضهم بلا مأوى أو دعم، ويعمل آخرون في مهن "هامشية"، مطالبا بإطلاق صندوق طوارئ لدعم الصحفيين السودانيين، وإعادة النظر في دور المؤسسات الصحفية الدولية التي تجاهلت واحدة من أكبر أزمات الإعلاميين في العالم العربي.
محدودية الفرص
من جهته، يقول المدرّب في مجال الحماية الصحفية والقيادي باتحاد الصحفيين السودانيين، الصحفي عبود عبد الرحيم، للجزيرة نت، إن الحرب فرضت واقعا صعبا على الصحفيين، وتسببت بتوقّف الصحف الورقية، مما استوجب السعي بشتى السبل لتوفير حياة كريمة لأسرهم.
وكشف أنه عمل لأشهر بعد الحرب في تجارة بسيطة لبيع سلع استهلاكية وتقديم خدمة تحويل الرصيد بسوق مدينة عطبرة ، لكنه مُني بالخسارة، ليدرك بعدها أنه لا بديل له سوى العودة مجددًا للعمل في مهنة الصحافة التي يحبها، فلجأ إلى مصر ، حيث يعمل الآن رئيسًا لتحرير صحيفة "المقرن" الإلكترونية.
وفي ظل محدودية فرص العمل في مكاتب الوكالات والفضائيات العربية والأجنبية داخل السودان ، انتقل صحفيون كثر للعمل في صحف إلكترونية أنشئت حديثا، لكن أغلبهم الآن يواجه ظروفا معيشية صعبة، وأصبحوا غير قادرين على إعالة أسرهم بسبب الحرب.
وأجبرت الحرب صحفيين كثيرين على العمل بمهن غير الصحافة، وتعتمد على مدخلات متوفرة ورخيصة ورأس مال صغير، وذلك في إطار التكيُّف مع واقع النزوح واللجوء الذي فرضته الحرب، وتوفير احتياجاتهم بعد توقف مؤسساتهم الإعلامية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 22 دقائق
- الجزيرة
60 ألف شخص نزحوا من شمال موزمبيق بسبب القتال العنيف
قالت إحدى الوكالات التابعة للأمم المتحدة إن ما يقرب من 60 ألف شخص فروا من إقليم كابو ديلغادو في شمال موزمبيق خلال الأسبوعين الماضيين، وسط تمرد مسلح مستمر منذ سنوات ينفّذه مقاتلون مرتبطون بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وأمس الثلاثاء، قالت المنظمة الدولية للهجرة إن الهجمات المتصاعدة التي بدأت في 20 يوليو/تموز الماضي، أدت إلى نزوح 57 ألفا، و344 شخصا، أي ما يربو على 13 ألف عائلة. وأضافت المنظمة أن منطقة تشيوري كانت الأكثر تضررا، حيث أُجبر قرابة 42 ألف شخص على الفرار، أكثر من نصفهم أطفال. وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت باولا إيمرسون رئيسة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في موزمبيق إن حوالي 30 ألف نازح حتى الآن تلقوا المساعدات الغذائية والمأوى والسلع الأساسية. وأضافت أن نقص التمويل والمساعدات الدولية جعل خطة الاستجابة الإنسانية في موزمبيق تتأخر بشكل كبير، إذ إن الدعم المطلوب لم يتحقق منه سوى 12%. قرابة عقد من التمرد ومنذ ما لا يقل عن 8 سنوات تخوض موزمبيق حربا ضد جماعات متمردة محليا تعرف باسم حركة الشباب رغم أنها لا تربطها صلة بتنظيم الصومال الذي يقاتل بنفس الاسم ضد الحكومة الفدرالية. من جانبها، أرسلت الحكومة في رواندا بعض القوات التابعة لجيشها لمساعدة موزمبيق في التصدي للجماعات المتمردة، التي ألحقت الكثير من الخسائر بالعسكريين والمدنيين معا. وبحسب بيانات صادرة عن مركز الدراسات الإستراتيجية الأفريقية فقد قتل منذ بداية التمرد أكثر من 6 آلاف شخص بينهم 364 في سنة 2024 وحدها. وفي سياق متصل، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش الشهر الماضي إن الجماعة المسلحة في موزمبيق كثفت من عمليات اختطاف الأطفال، حيث تستخدمهم كمقاتلين أو في الأعمال الشاقة، أو الزواج القسري. وأكدت المنظمة أن تجنيد الأطفال دون سن الـ15 واستخدامهم في الأعمال العدائية يُعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
صحيفة إسبانية: الكارثة الإنسانية في السودان تتفاقم في ظل انتشار الجوع والكوليرا
سلطت صحيفة "إل موندو" الإسبانية الضوء على تصاعد الأزمة الإنسانية في السودان ، في ظل استمرار "الحرب الأهلية" وانتشار الجوع والكوليرا وصعوبة إيصال المساعدات للمدنيين المحاصرين بين طرفي الصراع في عدة مناطق. وقالت الصحيفة إن أنظار العالم تتركز على الدمار الذي يُلحقه بوتين بالمدن الأوكرانية، والمجاعة المفروضة على غزّة، لكن كارثة أخرى تتفاقم بعيدا عن الأضواء. وأشارت الصحيفة إلى أن الحرب التي تدخل عامها الثالث أسفرت عن عشرات الآلاف من القتلى وملايين النازحين، فيما تصفه الأمم المتحدة بأنها "أسوأ أزمة إنسانية في العالم". وأدّى انعدام الثقة المتبادل والطموح للسيطرة على مؤسسات الدولة بين القوى المتحاربة إلى اندلاع حرب مفتوحة امتدت سريعا إلى أنحاء البلاد، مما أغرق السودان في أزمة إنسانية وأمنية بالغة الخطورة. وأضافت الصحيفة أن العاصمة الخرطوم ، التي كان يقطنها نحو 6 ملايين نسمة، تحوّلت إلى مدينة شبه خالية، لم يبقَ فيها سوى بضع مئات الآلاف بعد أن تعرضت أحياء بأكملها للتدمير. فظائع في الفاشر وفي إقليم دارفور ، تعدّ مدينة الفاشر من أكثر المناطق تضررًا، حيث تخضع لحصار قوات الدعم السريع ، ويرفض جنود الجيش السوداني التخلي عنها، بينما يعيش المدنيون منذ شهور ظروفا قاسية دون أي منفذ لدخول المساعدات الإنسانية. وقالت منظمة "محامو الطوارئ" غير الحكومية إن ما لا يقل عن 14 مدنيًا قُتلوا خلال عطلة نهاية الأسبوع على يد من وصفتها بـ"مليشيات حميدتي"، أثناء محاولتهم الفرار من المدينة المحاصرة. وذكرت المنظمة التي توثّق الفظائع منذ بداية الحرب، أن الهجوم وقع يوم السبت في قرية "قرني" الواقعة على طريق خارج المدينة. وكانت قوات الدعم السريع قد شنت هجوما جديدا في الأيام الأخيرة على المدينة التي تحاصرها منذ مايو/أيار 2024 دون أن تتمكن من انتزاعها من الجيش. إعلان وقبل يومين فقط من الهجوم الأخير، دعت الإدارة السياسية لقوات الدعم السريع المدنيين إلى إخلاء المدينة نحو قرية قرني، إلا أن انعدام الثقة حال دون استجابة الأهالي لهذه الدعوة، وفقا للصحيفة. إل موندو: العاصمة الخرطوم، التي كان يقطنها نحو 6 ملايين نسمة، تحوّلت إلى مدينة شبه خالية، لم يبقَ فيها سوى بضع مئات الآلاف بعد أن تعرضت أحياء بأكملها للتدمير. الجوع والكوليرا وقال طبيب رفض الكشف عن هويته لوكالة "رويترز"، إن الجوع بات أخطر من القصف، مضيفا: "الأطفال يعانون من سوء التغذية، والبالغون كذلك. حتى أنا، لم أتناول الفطور اليوم لأنني لم أجد شيئا آكله". وقد حذرت منظمة "اليونيسيف" الأحد من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان بسبب انتشار الكوليرا بين النازحين والسكان المحاصرين في ولاية شمال دارفور، بما يهدد حياة آلاف الأطفال. وتشير التقارير إلى تسجيل أكثر من 1180 إصابة بالكوليرا، منها نحو 300 إصابة بين الأطفال، و20 حالة وفاة على الأقل في مدينة طويلة التي تؤوي أكثر من نصف مليون نازح. أما على مستوى دارفور بأكملها، فقد تم تسجيل نحو 2140 إصابة، و80 وفاة على الأقل حتى 30 يوليو/تموز. وقال شيلدون يت، ممثل منظمة اليونيسيف في السودان: "رغم أن الكوليرا مرض يمكن الوقاية منه وعلاجه بسهولة، فإنه ينتشر في طويلة وأجزاء أخرى من دارفور، مهددا حياة الأطفال، خصوصا الأصغر سنا والأكثر هشاشة".


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
النرويج تأمر بمراجعة استثمارات صندوقها السيادي في إسرائيل
في تصعيد جديد للضغوط الأوروبية على تل أبيب، أعلنت الحكومة النرويجية أنها أمرت صندوق الثروة السيادي التابع لها، والذي تُقدّر قيمته بنحو 1.9 تريليون دولار، بمراجعة شاملة لكافة استثماراته في الشركات الإسرائيلية، وذلك في ظل تقارير إعلامية محلية تحدثت عن "ارتباط مباشر" لبعض هذه الاستثمارات بالحرب على غزة. وحسب ما نقلته صحيفة غلوبس الاقتصادية الإسرائيلية، فإن شركة "بيت شيمش إنجنز"، المدرجة في بورصة تل أبيب، كانت من أبرز الشركات التي شملها القلق النرويجي، كما أفادت صحيفة "آفتنبوستن" النرويجية أن الشركة "تدعم الطائرات المقاتلة المستخدمة في القصف الجوي على غزة". مسؤولون متشككون وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي، الذي يشرف على إدارة صندوق الثروة السيادي، صرّح للصحفيين في أوسلو بأن الحكومة تتفهم الأسئلة التي تُثار بشأن التزام الصندوق بإرشاداته الأخلاقية، موضحا أن هذه الإرشادات "تشمل عدم الاستثمار في الشركات التي تساهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان". وتابع الوزير "من الطبيعي أن يتساءل الناس عن مدى توافق استثماراتنا مع معاييرنا الأخلاقية، خاصة حين تدور الاتهامات حول تورط شركات في دعم عمليات عسكرية مستمرة ومثيرة للجدل". وفي تصريحات إذاعية محلية، قال رئيس الوزراء النرويجي يوناس غار ستوره إنه "يشعر بقلق بالغ" بشأن التقارير التي نشرتها صحيفة "آفتنبوستن"، والتي تحدثت عن حيازة الصندوق النرويجي أسهما في شركة "بيت شيمش إنجنز". وحسب الصحيفة، فإن الشركة تساهم في صيانة أو توريد مكونات حيوية للطائرات الحربية الإسرائيلية، والتي استخدمت في الغارات الجوية المكثفة على غزة في الأشهر الأخيرة. حيازة بقيمة 15.2 مليون دولار وأظهر تحقيق أجرته صحيفة غلوبس أن صندوق الثروة النرويجي امتلك، حتى نهاية عام 2024، حصة بلغت 2.09% من شركة بيت شيمش، تعادل نحو 15.2 مليون دولار أميركي. ورغم أن الصندوق لم يُعلن بعد عن بيع هذه الحصة، فإن القرار السياسي الصادر عن الحكومة بمراجعة جميع الاستثمارات، وخصوصا تلك المرتبطة بالصناعات الدفاعية، يشير إلى احتمال اتخاذ إجراءات إضافية في المستقبل القريب. سابقة الانسحاب من "باز" وليس هذا التحرك الأول من نوعه، ففي أيار/مايو الماضي، أعلن الصندوق النرويجي عن بيع حصته في شركة "باز" الإسرائيلية للطاقة، بعد أن تبين أنها "تُمارس نشاطا داخل الأراضي المحتلة"، حسب توصيف الصندوق. وقد وُصف القرار حينها بأنه "تجسيد واضح للالتزام النرويجي بعدم تمويل الانتهاكات أو الأنشطة في مناطق موضع نزاع دولي". يأتي هذا التحرك النرويجي في سياق موجة متصاعدة من الضغوط الأوروبية لمراجعة العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، خصوصا تلك المرتبطة بصناعات الأمن والدفاع، على خلفية الانتقادات المتزايدة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. وفي هذا السياق، تؤكد صحيفة غلوبس أن قضية "بيت شيمش إنجنز" تمثل اختبارا جديدا لمدى صمود الاستثمارات الأجنبية في السوق الإسرائيلية أمام العزلة الدولية المتزايدة.