logo
"نعم للترانسفير".. انهيار الديمقراطية وصعود خطاب الإبادة الدينية بإسرائيل

"نعم للترانسفير".. انهيار الديمقراطية وصعود خطاب الإبادة الدينية بإسرائيل

الجزيرةمنذ 9 ساعات

القدس المحتلة- قبل عقدين من الزمن، وضع الحاخام يتسحاق غينزبورغ، الأب الروحي لحركة " شبيبة التلال" الاستيطانية، تصورا أيديولوجيا يسعى إلى تقويض النظام الديمقراطي في إسرائيل، وإقامة حكم ديني يستند إلى تفوق اليهود على كامل أرض فلسطين التاريخية، وتهجير الفلسطينيين بالقوة.
الآن، وبعد " طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتصاعد نفوذ التيار الديني القومي المتطرف داخل إسرائيل، يبدو أن هذه الرؤية أصبحت أقرب من أي وقت مضى إلى التحقق، وفق ما كشفه تحقيق موسع نشرته صحيفة هآرتس.
ويشير التحقيق إلى أن التحولات التي شهدتها إسرائيل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 تعكس تقدما ملحوظا في تنفيذ مشروع إقصائي متطرف، تتجلى ملامحه في مختلف مؤسسات الدولة.
ففي المشهد الإعلامي، تخلَّت المؤسسات الإسرائيلية عن مبادئ "التوازن المهني"، وتبنت خطابًا تحريضيًا قائمًا على الانتقام، مما رسخ مشاعر الكراهية والتحريض على العنف.
في حين لعب القضاء دورا فعالا في إضفاء الشرعية القانونية على سياسات حرب الإبادة في غزة ، إذ صادق قضاة -ينتمي بعضهم إلى المستوطنين وتيار الصهيونية الدينية- على قرارات تمنع إدخال المساعدات الإنسانية، وذهبوا إلى حد وصف العدوان بأنه "حرب توراتية".
وفي قطاع التعليم، تزايدت مؤشرات التوجه نحو خطاب قومي ديني متشدد، ويتم فصل المعلمين الداعين إلى المساواة، ويلقن الطلاب مفاهيم تقوم على التطهير العرقي وتبرير الإبادة الجماعية.
وأعد التحقيق شاي حيزكاني، أستاذ التاريخ والدراسات اليهودية في جامعة ميريلاند، وتامير سوريك، أستاذ التاريخ في جامعة ولاية بنسلفانيا، ويتكامل عمل الباحثين في هذا التحقيق ليقدما قراءة جديدة ومتكاملة لحقبة مفصلية من التاريخ الفلسطيني، تجمع بين التحليل الوثائقي والتأريخ.
واعتمد التحقيق على استطلاع رأي أُجري في مارس/آذار الماضي، لصالح جامعة ولاية بنسلفانيا، وشمل عينة تمثيلية من 1005 يهود إسرائيليين، وأظهرت النتائج تحولا مقلقا نحو دعم خطاب ديني متطرف يدعو إلى التهجير والعنف الجماعي ضد الفلسطينيين.
وحسب نتائج الاستطلاع، فإن 82% من المشاركين أيدوا الترحيل القسري لسكان قطاع غزة، و56% أيدوا طرد الفلسطينيين من داخل أراضي 1948 ، و47% وافقوا على تكرار ما تعرف بـ"مجزرة أريحا التوراتية" عبر تنفيذ إبادة جماعية عند اقتحام المدن الفلسطينية.
ويظهر الاستطلاع أن 65% قالوا إن هناك "تجسيدا معاصرا" للعدو التوراتي المعروف بـ"العماليق"، و93% من هؤلاء أكدوا أن وصية "محو العماليق" لا تزال سارية حتى اليوم.
ولم يكن خطاب الحاخام غينزبورغ منذ البداية تنظيريا فقط، فمنذ عام 2005، دعا علنا إلى تفكيك ما سماها "قشور الدولة"، أي المؤسسات العلمانية الإسرائيلية، باعتبارها عوائق أمام تطور "الشعب اليهودي" في أرضه.
واستلهم غينزبورغ من "القبلانية" (القبالة)، وهي معتقدات وشروحات روحانية فلسفية تفسر الحياة والكون والربانيات، تصنيفا روحانيا يقسم الدولة إلى 4 "قشور" أو طبقات يجب كسرها، وهي الإعلام، والقضاء، والحكومة، والجيش.
إعلان
ويؤمن أن الثلاثة الأولى يجب تدميرها بالكامل، أما الجيش، فهو "قشرة صالحة للأكل"، يمكن إصلاحه عبر التخلص من "القيم غير اليهودية" التي تمنعه من ممارسة القتل وفق التوراة.
وقدم غينزبورغ مبررات دينية واضحة للقتل الجماعي، مشيدا بمرتكبي مذابح مثل باروخ غولدشتاين ، الذي نفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل.
واعتبر أن الوقت قد حان لظهور "كسارة البندق"، وهو شخص يهودي بسيط تقوده رغبة بدائية في الانتقام، غير مقيد بالقيم الأخلاقية أو القوانين، سينفذ إبادة كاملة بحق غير اليهود، وخاصة الفلسطينيين.
خطاب التطرف
وبالنسبة للحاخام غينزبورغ، جاءت لحظة " السابع من أكتوبر/تشرين الأول" لتكون فرصة تاريخية لتسريع تنفيذ رؤيته، ففي إحدى نشراته بعد الهجوم، كتب أن "وحشية العماليق" تستوجب إبادة كاملة دون تردد، بل واعتبر أن التضحية بالأسرى الإسرائيليين في غزة ثمن مقبول في سبيل تحقيق "النصر الكامل".
ويبدو أن أفكاره لم تعد محصورة في الهامش، فقد أظهر استطلاع مارس/آذار 2024 أن النسبة الداعمة للتطهير العرقي والإبادة ارتفعت بشكل حاد، مقارنة بعام 2003 حين أيد 45% فقط ترحيل سكان غزة، و31% طرد الفلسطينيين في الداخل.
وتعكس نتائج استطلاعات الرأي -يقول سوريك- "هذا التوجه المتصاعد الداعم للترانسفير والإبادة"، إذ يظهر الجيل الشاب في إسرائيل دعما أكبر لسياسات التهجير الجماعي والعنف ضد الفلسطينيين، مقارنة بجيل آبائهم، وتعكس هذه المعطيات تصاعد النزعة الفاشية داخل المجتمع الإسرائيلي، وانتقالها من هامش الخطاب إلى صلب السياسات الرسمية والمؤسساتية.
واللافت أكثر، يضيف سوريك "هو تغلغل هذا الخطاب المتطرف حتى بين الإسرائيليين العلمانيين"، إذ أيد 69% من العلمانيين -حسب الاستطلاع- الترحيل الجماعي لسكان غزة، و31% أيدوا الإبادة الجماعية استنادا إلى رواية أريحا التوراتية.
وهذا يعكس، بحسب سوريك، غياب بديل حقيقي داخل التيار العلماني للصهيونية المسيحانية، إذ لم يقدم التيار العلماني منظومة متماسكة قائمة على حقوق الإنسان بوصفها خيارا بديلا، فبات الخطاب الديني المتطرف هو المهيمن، حتى على الفئات التي يفترض بها مقاومته.
واستعرض التحقيق كيف تهاوت القشور الأربع؛ حيث تخلَّى الإعلام عن المهنية واحتضن خطاب الانتقام والطرد، والقضاء تحوَّل إلى أداة شرعنة للعنف.
أما الجيش، فتم اختراقه أيديولوجيا، وأغلب المجندين لم يرفضوا سياسات القتل والطرد، فقط 9% من الرجال تحت سن 40 رفضوا هذه الأفكار.
وشهد التعليم تحولًا جذريا في العقدين الأخيرين، مع تزايد تأييد التطهير العرقي لدى خريجي المدارس، إذ أيد 66% ممن هم تحت 40 عاما طرد الفلسطينيين من الداخل.
ولا تقتصر رؤية غينزبورغ على الهيمنة الدينية بل تسعى إلى هدم فكرة الدولة ذاتها، إذ صرح بأنه "تجب الإطاحة بأي حكومة، حتى تلك التي تقام وفق التوراة، في حال لم تخدم هذا المشروع". ويبدو أن الانقسامات السياسية، وتكرار الانتخابات، وتراجع سلطة القانون، كلها تصب في اتجاه تحقيق هذه الرؤية.
والتحول الأخير ليس مجرد رد فعل على "العنف" الفلسطيني أو هجوم حماس ، يقول شاي حيزكاني، "بل نتيجة تراكمات عقود من تغذية الفكر الاستيطاني في المناهج والإعلام والنظام السياسي والصهيونية، باعتبارها حركة استعمار استيطاني، تنطوي في جوهرها على إمكانية التطهير العرقي والإبادة"، كما حدث بتجارب استيطانية أخرى حول العالم.
ورغم خطورة هذا المسار -يتابع حيزكاني- فإنه ليس حتميا، وإن وقف انزلاق إسرائيل نحو نظام أبارتايد ديني "يتطلب رفضا كاملا لمبدأ التفوق اليهودي، سواء أكان دينيا أو علمانيا، وإعادة تخيل الهوية الإسرائيلية بوصفها هوية قائمة على المساواة بين البحر والنهر، وليس على الامتياز الديني والعرقي".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نهاية إسرائيل القريبة على يد الحريديم
نهاية إسرائيل القريبة على يد الحريديم

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

نهاية إسرائيل القريبة على يد الحريديم

بالرغم من الصورة التي تحاول حكومة نتنياهو إظهارها أمام العالَم باعتبارها حكومة موحدة ومتماسكة، فإنه لا يخفى على مُطّلع هشاشةُ هذه الحكومة، إلى درجة جعلت صمودَها حتى اليوم أمرًا غير مألوف. وبالرغم من أن عنوان إسقاط الحكومة الذي يتوقعه أغلب المراقبين، هو وقف الحرب الشعواء التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والذي سينتج عنه بالضرورة انسحاب الثنائي سموتريتش وبن غفير أو أحدهما من الحكومة والعمل على إسقاطها، فإن النظرة الأوسع إلى طبيعة التركيبة التي تتكون منها هذه الحكومة تكشف للمراقبين لاعبًا خطيرًا يمكن أن يكون القشة التي تقصم ظهر الائتلاف الحكومي في إسرائيل، بل وتزعزع التماسك الهش في الشارع الإسرائيلي برمته، وهذا اللاعب هو "الأحزاب الحريدية". الحريديون في إسرائيل هم التيار الديني التقليدي الذي يعتبر أن وجود هذه الدولة مرتبط بشكل أساسي بمدى التزامها بأحكام التوراة، وهؤلاء يشكلون نسبة ليست هينة في المجتمع الإسرائيلي، تزيد على 13٪ من المجموع الكلي للسكان الذي يتضمن الدروز وفلسطينيي الداخل. أما نسبتهم إلى مجموع اليهود البالغ عددهم 7 ملايين شخص في إسرائيل فتصل إلى 17٪، وذلك بعد أن كانت نسبتهم غداة النكبة الفلسطينية وإنشاء دولة الاحتلال لا تتجاوز 2.6٪. وترى دائرة الإحصاء الإسرائيلية أنهم مرشحون للوصول لنسبة 35٪ بحلول عام 2059. هذه النسبة المرتفعة تتناسب حاليًا مع تمثيلهم في الكنيست، حيث يسيطرون على 18 مقعدًا من أصل 120 بنسبة تصل إلى 15٪ من مجموع المقاعد. ويأتي حزب (شاس) في مقدمة الأحزاب الحريدية في الكنيست حيث يسيطر على 11 مقعدًا، يليه حزب (يهدوت هتوراه) الحريدي الذي يشغل 7 مقاعد. بحسبة بسيطة، يتبين أن حكومة نتنياهو تستند إلى أغلبية هشة لا تتجاوز أربعة مقاعد، إذ يحوز ائتلافه 64 مقعدًا فحسب، من أصل 120؛ منها 32 لحزب الليكود، و14 لتحالف الصهيونية الدينية بزعامة سموتريتش وبن غفير، بينما تستحوذ الأحزاب الحريدية على ما تبقى. وبينما نجد أن معظم الأصوات المطالِبة بإسقاط الحكومة تنبع من معسكر الصهيونية الدينية، مركِّزة على ضرورة استمرار الحرب في غزة ومنع دخول المساعدات الإنسانية، فإن الأحزاب الحريدية تتبنى ملفًا مختلفًا تمامًا، ألا وهو تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي، وهو بالنسبة لها القضية المحورية التي قد تدفعها إلى الانسحاب من الائتلاف. لكنها، على خلاف شركائها، لا ترفع صوتها بالتهديد ولا تلوِّح بالانسحاب كل حين، كما يفعل بن غفير وسموتريتش يوميًا تقريبًا. تجنيد الحريديم ملفٌّ أساسي تعيش إسرائيل أزمته منذ عقود، حيث بدأت عادة إعفائهم من الخدمة العسكرية منذ زمن ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل، الذي أعفى 400 مهاجر من الحريديم من التجنيد الإجباري في الجيش، لعدة اعتبارات، كان منها أنهم لم يشكلوا نسبة كبيرة من السكان في ذلك الوقت كما أسلفنا، إضافة إلى رغبته في كسب ود تيارات التفسيرات التقليدية الدينية التي كانت تتردد في دعم فكرة قيام دولة لليهود آنذاك، حيث قطع لهم تعهدًا بأن تحترم إسرائيل التقاليد الدينية اليهودية. كما كان يرغب في تأكيد صورة إسرائيل باعتبارها دولة يهودية بما يمكن أن يقنع أطيافًا مختلفة من اليهود في العالم للهجرة إليها. وكان سبب إصرار الحريديم على الإعفاء من التجنيد في الجيش، أنه يتعارض مع مبادئهم، حيث يرون أن وظيفتهم في الدنيا هي قراءة التوراة وتفسيرها، وهم يؤمنون بأن هذا العمل مقدس وعظيم لدرجة الإيمان بأنه سبب استمرار الحياة على كوكب الأرض، فهم يرون في تدارس التوراة مهمة ربانية لخدمة العالَم كله والحفاظ عليه من الدمار! وهذا يعني أن هذه الفئة لا ترى لدولة الاحتلال فضلًا عليها في شيء، بل إنها ترى أن لها الفضل في استمرار الحياة في دولة الاحتلال ونجاة جيشها في حروبه، ولا سيما في هذه الحرب. وهو ما أشار له الحاخام الأكبر لطائفة السفارديم الشرقيين يتسحاق يوسف في تصريحه الشهير: "من دون المدارس الدينية لم يكن الجيش لينجح، فالجنود لم ينجحوا إلا بفضل أهل التوراة". وهذا الحاخام نفسه هو الذي هدد بمغادرة أبناء طائفته جميعًا دولة الاحتلال إلى غير رجعة في حال فرض التجنيد الإجباري عليهم. أتباع التيار الحريدي كانوا قد استفادوا كثيرًا من وصول الليكود للحكم في إسرائيل، ذلك أن الليكود كان دائمًا حريصًا على إرضائهم؛ كسبًا لدعمهم في الانتخابات وتشكيل حكوماته المتعاقبة، ولم يكونوا يشكلون له أية أزمة باعتبار أن طلباتهم في العادة لا تتجاوز الحفاظ على ميزانيات المدارس الدينية والالتزام ببقاء إعفائهم من التجنيد الإجباري الذي يعتبر من صميم متطلباتهم الدائمة من أية حكومة. يعتبر هؤلاء الحريديون أن دخول الجيش يمكن أن يؤثر في عقيدتهم، لأنهم لا يرون في العلمانيين الإسرائيليين أكثر من مجموعة من العلمانيين، فهم يحتقرونهم، وبدا ذلك في أكثر من موقف، منها على سبيل المثال ما فعله وزير الإسكان في حكومة نتنياهو عن حزب "يهدوت هتوراه" يتسحاق غولدكنوبف، الذي أشعل أزمة العام الماضي عندما ظهر في فيديو يرقص مع عدد من أنصاره وهم يهتفون "نموت ولا نتجند، ولا نقبل بحكم الكفار" في إشارة إلى العلمانيين في دولة الاحتلال. وكان اليمين في إسرائيل قد نجح في عام 2015 في تمرير قانون في الكنيست يعفي الحريديم من التجنيد الإجباري في الجيش، ولكن المحكمة العليا تدخلت وألغت هذا القانون تحت بند المساواة، وأمرت بإيجاد تشريع لا يتضمن إعفاء الحريديم، وكانت تلك بداية الأزمة الفعلية التي تفاقمت في ظل المعركة الحالية التي أتعبت جيش الاحتلال واضطرته لاستدعاء الاحتياط لتعويض النقص الحاد في الجنود. وبالرغم من ذلك لم تُحل المشكلة، مما أدى إلى تصاعد الأصوات العلمانية القومية التي تطالب بتجنيد الحريديم إجباريًا كما نص قرار المحكمة العليا. وبما أن غالبية الأصوات المنادية بتجنيد الحريديم، هم من العلمانيين يسارًا ويمينًا، فإن الأحزاب الحريدية عادت لتراها وكأنها معركة بين أنصار التوراة وأنصار الهرطقة، أو بين النور والظلام، وبالتالي تتصاعد صيحات الاستهجان لديهم؛ رفضًا للانصياع لرأي هؤلاء الذين يريدون منهم ترك دراسة التوراة والاختلاط بهم في الجيش بما يؤدي لنسيان التوراة والانحراف عن الشريعة. في المقابل، تتصاعد بين العلمانيين سواء من اليساريين أو القوميين اليمينيين في إسرائيل دعوات الضغط على الحريديم للتجنيد أسوة بغيرهم. وحجتهم هي عدم منطقية أن يدفع الجنود حياتهم ثمنًا للدفاع عن مجموعة من المتدينين الذين لا يقدمون شيئًا للمجتمع ولا يدافعون عنه، بل ويحتقرونه. وهذا الانقسام الذي نزل إلى الشارع ينذر الآن بمزيد من التشظي لدى المجتمع الإسرائيلي نفسه. للحق، فإن الطبيعة الحادة لتصريحات قادة الحريديم هي التي تزيد الهوة اتساعًا بين الطرفين، فإعلان أن "الموت على يد العرب خير من التجنيد في الجيش" ، وأنه "من الأفضل أكل لحم الخنزير على الوجود في مجتمع علماني وفكر علماني"، وإعلان بعض رموزهم أنه "لا يوجد ثقافة مشتركة بين الإسرائيليين العلمانيين والحريديم"، إلى غير ذلك من التصريحات التي تنقلها وسائل الإعلام الإسرائيلية من حين لآخر، كل هذا يشي بأنه لا يوجد أرضية مشتركة بين الحريديم والعلمانيين على اختلاف مشاربهم وأفكارهم. وهذا يعني أن الأزمة التي تتصاعد حاليًا بين الطرفين تنذر بأن تتوسع في الشارع ولا تكتفي فقط بأن تكون في أروقة الحكومة والكنيست. إذن، فأزمة الحريديم بعيدة عن الحل في ظل النظرة الاستعلائية التي ينظر بها كل طرف إلى الآخر، وهي مرشحة للتفاقم في الفترة القادمة، فالجيش يحتاج أوامر التجنيد الإجبارية، ونتنياهو يواجه عقبات من داخل ائتلافه ضد فكرة تشريع قانون يعفي الحريديم من الخدمة الإلزامية في الجيش، استجابة لمطالب حزبي شاس ويهدوت هتوراه في ظل معارضة المحكمة العليا، ومعارضة الغالبية العظمى من الشارع الإسرائيلي (70٪) لهذا الإعفاء. السؤال المطروح هنا: إلى أي مدىً يمكن أن تتسع أزمة الحريديم؟ إن الغالبية العظمى من آراء المحللين في هذا الشأن تقف في إجابة هذا السؤال عند احتمالية إسقاط حكومة نتنياهو في حال انسحاب الحريديم منها، ولكني أرى أن هناك أبعادًا أعمق بكثير من مجرد إسقاط حكومة نتنياهو. فالشارع الإسرائيلي لم يكن يومًا منقسمًا على نفسه كما هو اليوم. وفي الوقت الذي يهاجم فيه المنضوون تحت ألوية جيش الاحتلال طلبةَ المدارس الدينية الحريدية بزعم أن الجنود ليسوا ملزمين بالتضحية بدمائهم لأجل حفنة من الطلبة الذين لا يعملون شيئًا غير الدراسة والحديث في الأحكام الفقهية، فإن الحريديم يُصَعِّدون لهجتهم ضد نظام الدولة بالكامل، ويتكلمون بوضوح عن ضلال المجتمع الإسرائيلي من خارج الحريديم، أي ضلال أكثر من 80٪ من سكان هذه الدولة من اليهود لا من العرب! وبالتالي فإن الرفض المتبادل يمكن أن يؤدي فعليًا إلى الاشتباك في الشارع واندلاع أعمال عنف من شأنها أن تؤدي إلى اضطرابات أكبر بكثير من كل ما يتخيله الطرفان. عندما يهدد زعيم السفارديم بمغادرة كفره بالمواطنة الإسرائيلية وبفكرة الوطن القومي لليهود، وهو بذلك يعلن بوضوح عدم ارتباطه وأتباعه بالمشروع الصهيوني ولا اقتناعهم بإمكانية بقاء الدولة أو حتى الانتماء إليها، وبذلك فإنه يزرع في إسرائيل بذور التفتت والتآكل الداخلي الذي يخشاه المحللون الإسرائيليون جميعًا ويتوقعونه في نفس الوقت.

ما الفرق الإسرائيلية المشاركة في عملية "عربات جدعون" لاحتلال غزة؟
ما الفرق الإسرائيلية المشاركة في عملية "عربات جدعون" لاحتلال غزة؟

الجزيرة

timeمنذ 8 ساعات

  • الجزيرة

ما الفرق الإسرائيلية المشاركة في عملية "عربات جدعون" لاحتلال غزة؟

أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن الجيش أدخل كل ألوية المشاة والمدرعات النظامية إلى قطاع غزة ، لتنفيذ عملية " عربات جدعون"، وقالت إن فرقة المظليين كانت آخر ما دخل القطاع، حيث أتمت دخولها خلال الـ24 ساعة الماضية. وقالت الهيئة إن العملية تتركز في هذه المرحلة على محورين رئيسيين، هما شمالي قطاع غزة ومنطقة خان يونس جنوبا، في حين قالت إذاعة "كان" الإسرائيلية الرسمية إن الجيش يستعد لإدخال ألوية عسكرية جديدة إلى غزة خلال الأيام المقبلة. وتقضي خطة الجيش -حسب قناة كان- بإدخال 5 فرق عسكرية للسيطرة الكاملة، وكي تعمل وتسيطر بالكامل على قطاع غزة ووسطه. ووفقا لهيئة البث الإسرائيلية، فإن عملية "عربات جدعون"، التي أعلنتها إسرائيل مطلع مايو/أيار الجاري، تهدف في نهايتها إلى الاحتلال الكامل لقطاع غزة. الفرق المشاركة في العملية وأشار تقرير -أعده وليد العطار للجزيرة- إلى أن 5 فرق عسكرية تشارك في العملية إحداها الفرقة 252، التي تعمل في وسط القطاع وشماله ويطلق عليها "عصبة سيناء"، تتكون من قوات احتياط، ويقودها العميد يهودا فاخ. وتضم هذه الفرقة عدة ألوية، وهي تابور (454) نيران، ولواء القدس (16) مشاة، والنقب (12) مشاة، وهرئيل (10) مدرعات، واللواء الساحق (14) مدرعات. وهناك أيضا الفرقة 36 -التي تسمى "عصبة البركان"- وقد دخلت قطاع غزة للمرة الثانية خلال الحرب في أبريل/نيسان الماضي، ووسعت عملياتها في رفح، تحت قيادة العميد موران عومر. وتشمل هذه الفرقة 5 ألوية هي: غولاني (1) مشاة، واللواء (7) مدرعات، وعصبة براك (188) مدرعات، وعصبة غولان (282) مدفعية، ولواء عتصيوني (6) مشاة في صفوف الاحتياط. أما الفرقة الثالثة 143، أو "فرقة غزة"، التي تعرضت لضربة قوية خلال هجوم طوفان الأقصى، فتعمل حاليا في غلاف غزة، وقد تمكنت -حسب الجيش الإسرائيلي- من تطويق حي تل السلطان في رفح، ويقودها حاليا براك حيرام. وتضم 3 ألوية: هغيفن (7643)، وقطيف (6643)، ولواء (261) إسناد مشاة. ومن بين الفرق المشاركة في العملية أيضا الفرقة 98، المعروفة باسم "عصبة النار"، والتي قاتلت القتال في خان يونس وقامت بعمليات في شمال القطاع، ويقودها حاليا غاي ليفي. ‎وتتشكل هذه الفرقة من ألوية: المظليين (35)، وعوز (89)، وعصبة مقلاع داوود (214)، وعصبة نصف النار (551)، وعصبة حد الرمح (55)، ‎وكتيبة لبيد (492)، وعصبة البجع (8237)، ووحدة الكوماندوز (5515). وأخيرا، تشارك الفرقة 16، المعروفة باسم "لواء الفولاذ"، التي عملت في رفح بعد شمال القطاع، ثم المناطق الوسطى، وقادت العمليات العسكرية في مستشفى الشفاء، ويقودها حاليا العميد ساغيف داهان. ‎وتعمل 5 ألوية تحت مظلة هذه الفرقة، وهي الناحال (993) مشاة، وغفعاتي (84) مشاة، وعصبة أعقاب الحديد (401) مدرعات، وعصبة عامود النار (215) مدفعية، وعصبة الشارون (5) مشاة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store