
خالد بن محمد بن زايد يؤكد أهمية الشراكات مع المؤسسات المالية والاقتصادية في كازاخستان
زار سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، يرافقه قاسم جومارت توكاييف، رئيس جمهورية كازاخستان، مركز أستانا المالي الدولي، في العاصمة أستانا.
واطّلع سموّه، خلال الجولة، على أبرز ما يُقدمه المركز من خدمات مالية واستثمارية متطوّرة، والبنية التحتية المتقدمة التي يتمتّع بها، إلى جانب المشاريع الاستراتيجية التي يضطلع بها لترسيخ مكانة كازاخستان كمركز إقليمي وعالمي للمال والأعمال.
كما التقى سموّه عدداً من موظفي المركز، واستمع إلى شرح مفصّل منهم حول أبرز أدوار المركز، وآليات عمله في دعم منظومة الأعمال وجذب الاستثمارات وتسهيل الأنشطة المالية على المستويين الإقليمي والدولي.
وأكّد سموّه، خلال الزيارة، أهمية تبادل الخبرات وبناء الشراكات بين المؤسسات المالية والاقتصادية في دولة الإمارات وجمهورية كازاخستان الصديقة، إسهاماً في دعم النمو الاقتصادي المستدام وتوسيع آفاق التعاون المشترك في القطاعات المالية والاستثمارية، بما يعود بالخير والنفع على البلدين وشعبيهما الصديقين.
وكان سموّه والرئيس الكازاخستاني قد شهدا أيضاً، على هامش الزيارة، جانباً من فعاليات منتدى الأعمال الإماراتي-الكازاخستاني، الذي عُقد بحضور عدد من كبار المسؤولين ورجال الأعمال والمستثمرين من كلا البلدين، بهدف استكشاف الفرص الاستثمارية المتاحة في دولة الإمارات وجمهورية كازاخستان ودفع عجلة الجهود الرامية إلى زيادة حجم الاستثمارات المتبادلة في مختلف القطاعات الحيوية، بما ينعكس إيجاباً على النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في كلا البلدين.
وأكّد سموّه الدور المحوري الذي يضطلع به منتدى الأعمال الإماراتي-الكازاخستاني، من خلال توفير منصة فاعلة تسهم في تعزيز بناء الشراكات الاستراتيجية طويلة الأمد بين البلدين، وتبادل الخبرات والمعارف والتجارب الاستثمارية، وتعزيز التكامل الاقتصادي الشامل، وترسيخ بيئة استثمارية مرنة وجاذبة تحقق تطلعات ورؤى البلدين وقيادتهما نحو مستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة لأجيال الغد.
وكان سمو ولي عهد أبوظبي والرئيس الكازاخستاني قد شهدا على هامش أعمال وفعاليات المنتدى، توقيع وتبادل عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين جهات ومؤسسات من القطاعين العام والخاص في كلا البلدين، وذلك في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتطوير المدن الذكية ومراكز البيانات، وحماية المعلومات، والموانئ والخدمات اللوجستية، والتعليم، والزراعة، والمنتجات الغذائية.
وخلال المنتدى، وقّعت شركة AIQ، المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، اتفاقية تعاون استراتيجي مع شركة «كي أم جي» الهندسية، لدفع عجلة تطوير حلول الذكاء الاصطناعي وتسهيل تبادل المعارف بين الجانبين في هذا القطاع الحيوي.
وعلى صعيد تطوير وإنشاء مراكز البيانات، وقّعت «بريسايت» مذكرة تفاهم مع وزارة التنمية الرقمية والابتكار وصناعة الطيران والفضاء الكازاخستانية وإدارة مدينة أستانا، لبناء مركز بيانات متطوّر، بهدف دعم مشروع المدينة الذكية في أستانا، وتعزيز القدرات الوطنية في مجالات التحوّل الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة عالية الأداء.
وفي مجالات الموانئ والنقل البحري والخدمات اللوجستية، تبادلت مجموعة موانئ أبوظبي اتفاقية مبدئية مع شركة «سيمورغ إنفيست»، لتأسيس مشروع مشترك لتصميم وتطوير وتمويل وتشغيل محطة سارزها متعددة الأغراض في ميناء كوريك المطِل على بحر قزوين.
كما وقّعت المجموعة مذكرة تفاهم مع شركة «كازاخ إنفيست»، كجزء من الجهود الهادفة إلى تعزيز العلاقات التجارية بين الجانبين، وتطوير التعاون الاقتصادي بين دولة الإمارات وكازاخستان، من خلال تنظيم فعاليات مشتركة وتبادل المعلومات، وغيرها من الأنشطة الأخرى ذات العلاقة.
ووقعت مجموعة «كيزاد» ثلاث مذكرات تفاهم بشأن إطار التعاون المشترك مع كل من الغرفة الوطنية لروّاد الأعمال في كازاخستان، وشركة «كازاخ إنفيست»، والمنطقة الاقتصادية الخاصة في ميناء أكتاو، بهدف تعزيز أطر التعاون وتبادل الخبرات واستكشاف فرص الشراكة المستقبلية بين الجانبين.
وفي مجال حماية البيانات، وقّع مكتب حماية البيانات في «أبوظبي العالمي» ومكتب حماية البيانات في مركز أستانا المالي الدولي مذكرة تفاهم تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي وتقديم المساعدة المتبادلة بين الجانبين في تنظيم وإنفاذ قوانين حماية البيانات الشخصية.
وضمن الجهود الثنائية المبذولة لتعزيز تبادل الخبرات في المجالات التعليمية والتربوية، وقّعت «مجموعة الإمارات كازاخستان للاستثمار التعليمي»، ودائرة التعليم في مدينة أستانا مذكرة تفاهم لتأسيس مدرسة «سابيس الدولية أستانا»، بهدف إرساء شراكة طويلة الأمد تُركّز على بناء منظومة تعليمية متقدمة تلبي احتياجات الأجيال القادمة.
وعلى صعيد دعم القطاع الزراعي والإنتاج الغذائي الكازاخستاني، وقّعت شركة الخليج للسكر اتفاقية مع وزارة الزراعة الكازاخستانية، لتطوير مصنع متقدم لمعالجة مادة السكر في منطقة ألماتي بكازاخستان.
وفي سياق متصل، وقّعت مجموعة اللولو مذكرة تفاهم بشأن تعزيز تجارة الأغذية والمنتجات الزراعية مع مجلس المشتريات والخدمات اللوجستية في كازاخستان، وذلك بهدف استكشاف فرص التعاون في سلاسل الإمداد الغذائي وتوسيع نطاق التبادل التجاري بين الجانبين.
رافق سموّه، خلال زيارة مركز أستانا المالي الدولي وحضور فعاليات منتدى الأعمال الإماراتي-الكازاخستاني، أعضاء الوفد الرسمي المرافق.
والجدير بالذكر أن منتدى الأعمال الإماراتي-الكازاخستاني قد شمل تنظيم جلسات حوارية متنوّعة، تناولت محاور استراتيجية تعكس أولويات التعاون بين البلدين، حيث ناقشت جلسة «الحدود الرقمية» سُبل توظيف التكنولوجيا لتطوير صناعات وقطاعات حيوية مثل الرعاية الصحية والأمن الغذائي والاتصالات، فيما تناولت جلسة «استراتيجيات النمو الجديدة في قطاع التمويل» الفرص والتحديات الناتجة عن التقنيات المالية الحديثة، أمَّا جلسة «مستقبل التنمية الحضرية» فقد ركّزت على الابتكار في قطاعَي العقارات والبناء لتحقيق الاستدامة الحضرية، في حين بحثت جلسة «دفع التحول في مجال الطاقة» آليات تطوير حلول الطاقة المتجددة وتعزيز التعاون لتسريع التحول الأخضر.
وتخلّل المنتدى أيضاً عدد من الاجتماعات الثنائية بين ممثّلي القطاعين الحكومي والخاص من الجانبين، لبحث فرص إطلاق شراكات استثمارية وتجارية جديدة تدعم مسارات التنمية المستدامة في كلا البلدين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 30 دقائق
- البيان
نهيان بن مبارك: «اصنع في الإمارات» يعزز دورالإمارات في مستقبل الصناعة العالمي
أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش أن «اصنع في الإمارات 2025» منصة استراتيجية تدعم الرؤية الصناعية المستقبلية لدولة الإمارات. جاء ذلك خلال زيارة معاليه فعاليات الدورة الرابعة من معرض «اصنع في الإمارات 2025»، الذي تنظمه مجموعة أبوظبي الوطنية للمعارض (أدنيك) بالتعاون مع عدد من الشركاء الاستراتيجيين، ويستمر حتى 22 مايو الجاري. تأتي هذه الزيارة في إطار الدعم المتواصل من معاليه للمبادرات الوطنية الرامية إلى تعزيز منظومة الابتكار الصناعي وتحقيق التكامل بين مختلف القطاعات الصناعية محلياً ودولياً. وأكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان في تصريح له خلال الجولة التفقدية للمعرض أن «اصنع في الإمارات 2025» يجسد التوجه الاستراتيجي للدولة في تحويل القطاع الصناعي إلى أحد المحركات الأساسية للنمو الاقتصادي المستدام، مشيراً إلى أن الحدث بات نقطة التقاء محورية بين المبتكرين والمستثمرين وصناع القرار من داخل الدولة وخارجها. وقال معاليه إن معرض «اصنع في الإمارات» يعزز قدرة دولة الإمارات على لعب دور ريادي في مستقبل الصناعة العالمي وأكد أن المعرض ليس مجرد تظاهرة صناعية وإنما فضاء حيوي لتلاقي الأفكار والرؤى، وتحفيز الابتكار، وخلق شراكات نوعية تدعم مسيرة التنمية الوطنية. وأشار معاليه إلى أن النسخة الحالية من المعرض تعكس النضج الكبير الذي وصلت إليه الصناعات الإماراتية، ولا سيما في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، والتصنيع الذكي، والطاقة النظيفة، والصناعات الدفاعية.. مشيداً بالمستوى الرفيع للشركات العارضة، والجهود الواضحة التي تبذلها الجهات المنظمة لتوفير بيئة ملائمة للتحاور والتعاون بين المشاركين. وتفقد معاليه عدداً من أجنحة العارضين من الشركات الوطنية والدولية، واطّلع على أحدث المنتجات والابتكارات الصناعية التي تبرز مدى تطور البنية التحتية الصناعية في الدولة، ومدى قدرتها على المنافسة في الأسواق الإقليمية والعالمية. ونوه معاليه بالرؤية السديدة والتوجيهات الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، التي تمثل المرتكز الأساسي لجميع المبادرات التنموية في الدولة وخاصة تلك المتعلقة بالقطاع الصناعي، مؤكداً أن دعم سموه لهذا القطاع يعكس إيمان القيادة بأهمية بناء اقتصاد قائم على المعرفة، والابتكار، والتكنولوجيا المتقدمة. وأضاف معاليه إنه بفضل توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أصبحت دولة الإمارات اليوم في موقع متقدم ضمن خارطة التصنيع العالمية، وتبوأت مكانة رائدة بوصفها مركزاً إقليمياً للابتكار الصناعي وأكد أن القيادة الحكيمة لسموه تعد الدافع الأساسي وراء النجاحات المتلاحقة التي تحققها الدولة في هذا المجال الحيوي. وأشاد معالي الشيخ نهيان بالدور البارز الذي تلعبه مجموعة أدنيك في تنظيم الدورة الرابعة من هذا الحدث، مؤكداً أن التنظيم الاحترافي والبنية التحتية المتطورة التي وفرتها المجموعة ساهمت في إنجاح المعرض وتحقيق أهدافه. وأوضح معاليه أن الخدمات التي قدمتها أدنيك للعارضين شملت منظومة متكاملة من الدعم اللوجستي، والخدمات الرقمية، والتغطية الإعلامية المتميزة، وهو ما يعكس التزام المجموعة بتحقيق قيمة مضافة لكل من يشارك في هذا الحدث. وفي ختام الزيارة، أعرب معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان عن ثقته الكبيرة بقدرة دولة الإمارات على تحقيق قفزات نوعية في مسيرتها الصناعية، مشدداً على أهمية مواصلة الاستثمار بالموارد البشرية الوطنية، وتوفير البيئة المحفزة للابتكار وريادة الأعمال. ودعا معاليه إلى مواصلة التعاون البنّاء بين القطاعين الحكومي والخاص، لتحقيق مزيد من التقدم في هذا القطاع المحوري. وقال معاليه إن مستقبلنا الصناعي واعد، ولدينا كل المقومات التي تؤهلنا لأن نكون من رواد الصناعة عالمياً، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وبدعم جميع شركائنا في هذا المسار، وعلينا أن نستثمر في الإنسان، ونبني على ما تحقق من إنجازات، ونتطلع بثقة نحو المستقبل.


البيان
منذ 30 دقائق
- البيان
المواطن الإماراتي الديناميكي.. فلسفة التغيير المتجذر في عالم متحول
إن الإنسان بوصفه كائناً وجودياً لم يكن يوماً بمنأى عن التحولات الكبرى، التي تعصف بالزمان والمكان، بل كان دائماً في حالة تفاعل معها، إما كونه فاعلاً يسهم في صياغتها، أو متأثراً يسعى للتكيف معها، ضمن منظومة من الثوابت، ولكن يبقى السؤال المحوري هنا: ماذا يحدث عندما يتحول الإنسان من متأثر إلى صانع؟ والإجابة عن هذا السؤال المحوري تكمن في رؤية عميقة للمجتمع، الذي تتشكل فيه بذرة هذا الفكر المعاصر، وعندما تكون دولة الإمارات هي الحاضنة يبرز مفهوم «المواطن الديناميكي»، ليرسم منعطفاً جديداً لمفهوم التغيير، إذ يمكن تعريفه بأنه الكيان الواعي، الذي يجمع بين إرث الماضي وقوة المستقبل، في دولة ينسج التراث والابتكار فيها قصة متفردة، ويصبح المواطن الإماراتي رمزاً لهذه الفلسفة، فالديناميكية ليست مجرد أداة للتكيف مع التحولات، بل هي تجسيد عملي، يعيد صياغة مفهوم التغيير على الساحة العالمية، بفلسفة تتعمق في قدرة الإنسان على إيجاد المعنى في عصر متسارع، وفي دولة الإمارات تستمد قوة خطط الاستدامة من قيم الصحراء، وتتجسد هذه الفلسفة في شخصية المواطن الإماراتي، الذي يوازن بين الأصالة والمعاصرة، والذي لا يكتفي بالتكيف مع التغيير، بل يقوده حاملاً في داخله قوة الموروث، مؤمناً بأن التحول جزء من رحلة التطور الإنساني، وهي وسيلة لإعادة بناء الزمان والمكان، وتشكيل الذات والهوية. التغيير، كما تتبناه دولة الإمارات، هو أكثر من مجرد حركة تستجيب لضغوط العالم الحديث، والسباق المحموم للظفر بقصب سبق التطور المطلق؛ إنه عملية مدروسة تنبع من إيمان عميق بأن الحياة في جوهرها هي رحلة دائمة من التحولات، التغيير هنا ليس اضطراراً، بل هو اختيار واعٍ، يعكس قدرة الإنسان على رؤية الفرص وسط الأزمات، في سيرورة من العمل، الذي يواكب رؤية القيادة الطموحة؛ لذا يبرز المواطن الإماراتي الديناميكي في هذه الفلسفة كمن يعيد تعريف العلاقة بين ثلاثية الفرد والمجتمع والهوية، من خلال إدراك عميق لمسؤولياته تجاه الحاضر والمستقبل، لكن كيف أصبح نهج التغيير فلسفة وجودية في الإمارات في وقت قصير نسبياً؟ والإجابة تكمن في المزج بين التخطيط الحكيم والطموح الجريء مسرعات وطنية لتجاوز الإلف والعادة إلى نهج فريد غير مسبوق، وهو ما دأبت عليه دولة الإمارات لتحويله إلى واقع ملموس، فعام المجتمع يعد مثالاً على هذا التغيير المدروس، النابع من إيمان القيادة الرشيدة بأن الأسرة الإماراتية بؤرة ديناميكية للتطور المتجذر، مُعوِّلة على دور التربية والنهج القيمي في رسم مسارات أكثر وضوحاً لمجتمع ممتد، يواكب التطورات العالمية، وفي الوقت ذاته متمسك بالجذور، التي تعطي هذا التغيير طابعاً مميزاً، يكسبه خصوصية متفردة، فالإمارات لم تتعامل مع التغيير كرد فعل، بل أصبح جزءاً حيوياً في نسيج الهوية، والتنمية المادية والسباق التكنولوجي، فضلاً عن تمثله في القيم الإنسانية، التي تشكل هذه الرؤية، كقيم التسامح والتعايش واحترام الآخر، بالإضافة إلى برامج التعليم التي باتت تعيد هندسة العلاقة بين الإنسان ومحيطه، جامعة بين التقنية والإنسانية، لتصبح الأداة الأكثر تأثيراً لتعزيز الهوية الوطنية، بذلك تجتمع كل هذه القوى الناعمة في النسيج الديناميكي الوطني، لتؤكد أن التحول ليس مجرد سباق مادي مجرد، بل رحلة واعية لبناء مواطن عالمي بهوية إماراتية أصيلة. وعندما يكون هذا الإيمان راسخاً في عمق سياسة الدولة ورؤيتها الحكيمة يصبح المواطن الإماراتي حاضناً لهذه المسرعات ومحركاً لها، وليس متلقياً للتحولات فحسب، واضعاً نصب عينيه أن التحول يجب أن يخدم القيم الأساسية للإنسانية، وأن التحول هو دولة وشعب يسيران جنباً إلى جنب نحو آفاق عالمية، ولكن في الوقت ذاته هو تحول مترابط بحزم ومتجذر بعمق، ومتشبث بتلابيب سرود عتيق، تنساب بين تلافيفه رؤية تراثية أصيلة. وخير شاهد على ذلك التفاف العالم كله بحضاراته وثقافاته ولغاته وأعراقه المختلفة تحت مظلة ساروق الحديد في «إكسبو 2020 دبي»، بروح الهوية والتراث العتيد، حدث عالمي فريد في وطن ديناميكي مرتبط بالهوية، هكذا قدمت دولة الإمارات نفسها للعالم، دولة عالمية تكتسي بالتراث كونها أيقونة خالدة، وكما روى «إكسبو 2020 دبي» حكاية الماضي أتى مسبار الأمل ليروي فصلاً جديداً حاملاً أحلام المستقبل رمزاً آخر لرؤية الإمارات في سعي الإنسان للانطلاق إلى حدود بعيدة دون أن يتخلى عن جذوره، عن هويته، الرابط غير المرئي والحبل السري المتين، الذي يبقى شاهداً على الأصالة. وهناك أمثلة لا سبيل لحصرها تقدم فيها الإمارات نموذجاً عالمياً لما يمكن أن تحققه الأمم، التي تضع الإنسان في قلب عملية التطوير، مقدمة نموذجاً فريداً للتنمية والتطور، لتصبح رمزاً عالمياً يعيد صياغة العلاقة بين التراث والحداثة. بين الثبات والتحول: اللغة تُروس ديناميكية وفي فلسفة الديناميكية الإماراتية الثبات ليس عدواً للتحول، بل هو أساس متين يرتكز عليه الفرد والمجتمع لإطلاق العنان للإبداع، وإذا كانت الهوية الإماراتية قد تجسدت وانسجمت في سياق التغيير، الذي تشهده البلاد فإن اللغة تظل الخريطة الروحية والإرث العتيد، الذي يحفظ هذه الهوية في وجه التكتلات الفكرية، التي تفرزها العولمة، والانفتاح الافتراضي التقني. ويبقى السؤال: كيف يحافظ هذا الجسر على تماسكه في عالم تتغير فيه ملامح المعرفة واللغة بشكل دائم في وطن يقطن على ثراه أكثر من 200 جنسية مختلفة؟ وكيف يؤثر هذا الخليط في أصالة ديناميكية المواطن الإماراتي؟ الإجابة عن هذه التساؤلات تحيلنا إلى نهج دولة الإمارات، التي اتخذت من اللغة العربية وعاء يحمل القيم والأخلاق والمعارف، لتضبط حركة المواطن الإماراتي في مسار التحول المتسارع، والقدرة على خلق نسيج متين من التجدد والتكيف دون أن تفقد جوهرها العريق. هذا الوعي يُعيد بناء الزمن من خلال الانفتاح المدروس، لا سيما في ظل هيمنة اللغات الأجنبية في المجالات قاطبة، تثبت الإمارات أن اللغة العربية مرساة وجودية، تضمن الاتزان بين الانفتاح على العالم والمحافظة على الأصالة، هذا الوعي العميق يتجلى في مبادرات متعددة، مثل تعزيز اللغة العربية في التعليم، ودعم الأدب والشعر العربي، وتوظيف التكنولوجيا لخدمة المحتوى العربي الرقمي، كمبادرة تحدي القراءة العربي، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، التي تعد من أكبر المبادرات لدعم القراءة باللغة العربية في الوطن العربي، ومشروع المدرسة الرقمية، الذي يهدف إلى تقديم تعليم عالي الجودة باللغة العربية باستخدام تقنيات حديثة، فضلاً عن إنشاء الإمارات مركز أبوظبي للغة العربية لدعم الأبحاث اللغوية وتعزيز المحتوى العربي الرقمي وتنظيم الفعاليات الثقافية التي تحتفي بالعربية في أبهى حُللها، وغيرها من المبادرات الوطنية، التي تؤمن بأن اللغة ليست مجرد كلمات تُنطق، بل هي فلسفة تحمل في طياتها رؤية للوجود، وبنية فكرية تمنح المواطن الإماراتي قدرة على إعادة بناء الزمن في ثنائية فريدة، متحدثاً ومعتزاً بلغته الأصيلة، ومفكراً بلغة المستقبل في آنٍ. رؤية محمد بن زايد: الإنسان قوة دافعة للتحول وعندما يمكن المجتمع بهوية عميقة، وتؤسس أركانه بلغة رصينة، تكشف هذه الفلسفة عن صانع له نظرة مختلفة، قائد يدير هذه الديناميكية نحو أفق أرحب، فرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لا تقتصر على قيادة التحولات الاقتصادية أو الدبلوماسية أو السياسية أو التجارية أو التقنية، بل تمتد إلى بناء فلسفة عميقة تضع الإنسان في مركز كل تغيير، إذ يؤمن سموه بأن النجاح الحقيقي يبدأ من الفرد، الذي يتمكن من تطوير ذاته ليصبح شريكاً حقيقياً في بناء مجتمعه، لكن ما يميز فكر سموه هو إدراكه أن التحولات الكبرى يجب أن تكون منطلقة من قيم راسخة، وأن القيادة ليست في القدرة على التوجيه فحسب، بل في تمكين كل فرد من أن يصبح قائداً في مجاله، حيث يُعيد تشكيل بيئته وحياته استناداً إلى وعيه ودوره الفاعل، وهذه ليست مجرد فكرة نظرية، بل واقع تجلى ويتجلى، محكوماً بصيرورة دائمة، منذ أن قاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، هذا الوطن إلى مسارات يحكمها تاريخ طويل من الجهود الدؤوبة في تمكين عهد جديد لوطن يشرئب نحو الشمس، حتى أكمل هذا الوطن عامه 53، بتغير جذري كامل، لكنه مرتبط بفلسفة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان وحبه لهذه الأرض ودينها، ولغتها السامقة كنخلة باسقة في صحراء من التحديات، بقيت كما هي، ظلها ممتد، ورطبها ندي؛ لأنها نهلت من معين واحد، معين أصيل لم يتغير، هو التمسك بالهوية، فمنذ أن بدأت نهضة الاتحاد ورؤيته العميقة للإنسان صانعاً للتحولات، تلاها العديد من التحولات المهمة، كالتمكين السياسي للمرأة، والتحولات الاقتصادية، وصولاً للمهمات التاريخية التي تجاوزت عنان السماء، فعندما وصل هزاع المنصوري في مهمته «طموح زايد»، كونه أول رائد فضاء عربي، إلى محطة الفضاء الدولية ملوحاً للعالم وللوطن، مرتدياً زيه الوطني التراثي أثناء تأدية مهامه، وعندما أكمل رائد الفضاء سلطان النيادي أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب شهد العالم عمق التكوين الإنساني الأصيل للإماراتي في أصعب مهمات الإنسانية، ذلك الطموح الذي لم يقف، هذا التكوين المدفوع بإيمان ودعم عميق من القيادة، التي راهنت على المواطن، ليكون هو المعيار الأسمى للتغيير. والحوار أيضاً بقي فلسفة إماراتية وسماً للتغيير المستدام، «فالبرزة» الخاصة بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، خلقت حبلاً متيناً من التواصل البناء بين القيادة والشعب، هذا الانسجام العميق والحوار المستمر ولّد فكراً قائماً على «التشكل» عملية مستمرة لا نهائية نابعة من القرب الوطيد بين من يحكم ويُلهم، وبين من يعمل ويتغير في مشهد وطني وعالمي مؤثر، لتضع الفرد والابتكار في مركز التحول بديمومة لا تتوقف، مؤمنين أن ما تعيشه الإمارات اليوم من تنمية ليست الوجهة النهائية، بل هي حركة دؤوبة مستمرة نحو المستقبل، تُعرّف الإمارات نفسها فيها بأنها تضع الإنسان أولاً فاعلاً يختار دوره، ويشارك بفهم كامل في صنع التحول الوطني. صناعة النموذج: ديناميكية القوى الناعمة والأفكار الدخيلة بادئ ذي بدء، قد يبدو مفهوم صناعة النموذج مجرد حالة ثقافية جامدة، أو مرآة للمُثل والقيم في كل مجتمع، أو يبدو «مؤثراً» يصنع محتوى باهتاً بأفكار رأسمالية مدروسة، إلا أنها تحمل رسالة أكبر، ومضامين أعمق، تؤثر في نماء الأوطان أو اندثارها في هاوية التخبط، فصناعة النموذج الإماراتي أو «المؤثر الوطني» هي عملية متجددة تعكس هوية الوطن وقدرته على استيعاب التغيرات دون أن تفقد جوهرها، فما نتعايش معه اليوم من تصدير أفكار فارغة من نماذج، أبرزتها وسائل التواصل الاجتماعي لخلق محتوى لا يرقى بالفكر، مع تناسل محموم للمتابعين، بات يترجم فكرة مغايرة عن ماهية النموذج، وما هو دوره، وكيف يؤثر في تقديم محتوى نافع وغير مبطن بأفكار تشوه العقيدة والهوية على حد سواء. وهذا يُحيلنا إلى أهمية هذا النموذج في الصيرورة الديناميكية، لا سيما عندما نتحدث عن النموذج الإماراتي الوطني، الذي يمثل تجربة فريدة تهدف إلى بناء مجتمع متماسك وواعٍ، قادر على مواجهة الأفكار الدخيلة والسموم المتطرفة، والتحديات الثقافية، التي تفرضها العولمة، والتغيرات السريعة في المشهد العالمي، ويرتكز هذا النموذج على عدة أبعاد استراتيجية تجمع بين التمسك بالهوية الإماراتية الأصيلة والانفتاح المدروس على الثقافات العالمية، من خلال تعزيز قيم الولاء والانتماء الوطني، إلى جانب نشر ثقافة التعايش السلمي، حيث تسعى دولة الإمارات إلى خلق بيئة متوازنة، تتيح للأفراد التفاعل الإيجابي مع العالم دون المساس بالقيم الجوهرية، التي تشكل روح المجتمع، فهذا النموذج اليوم لم يعد مجرد نموذج افتراضي يطل على مواقع التواصل الاجتماعي، بل أصبح مواطناً يمثل وطنه في كل محفل، مرتكزاً على ديناميكية فريدة، تجعله يواكب التغيير بهوية أصيلة. في هذا السياق فإن هذه الصناعة تستند إلى رأس مال مهم جداً، هو التعاضد وتضافر الجهود الوطنية في القطاعات كافة؛ لضمان خلق منظومة مجتمعية واعية ومستدامة تتفاعل بحكمة وقوة مع تحديات العصر، لا سيما في الصناعات الإعلامية والتعليمية، التي تؤدي دوراً حاسماً في التنشئة الديناميكية، وتعزيز الوعي الوطني وتحصين العقول ضد الأفكار المضللة على حد سواء، فمن خلال تصميم برامج تعليمية مرنة تركز على التربية الوطنية وتعميق الفهم الحضاري يتم إعداد أجيال قادرة على تبني خطاب فكري نقدي، يعزز التمييز بين ما يخدم مصالح الوطن وما يتناقض مع هويته من أفكار مبطنة تضر بتماسك اللُّحمة الوطنية، والتطوير المستمر في الصناعات الإعلامية وأجندتها، يسهم في تطوير قنوات إعلامية وأدوات فكرية، تسهم في تشكيل وعي جماعي قادر على مواجهة الحملات الفكرية، التي تسعى لتشويه المفاهيم المجتمعية، وبث الفتن والتشرذم. علاوة على ذلك يظهر البعد القانوني بوصفه فيصلاً حاسماً، حيث عززت الإمارات موقفها الحازم لمواجهة التطرف الفكري، مع تأكيدها أهمية الحوار البنّاء، ونشر القيم الإنسانية المشتركة، في ظل رؤية قيادية مستنيرة، تجسد قوة ناعمة تسهم في تعزيز مكانة الدولة بوصفها منارة حضارية قادرة على التصدي لكل ما يهدد استقرارها وهويتها الثقافية. الإماراتي يقود الديناميكية وختاماً، عندما يتموضع التطور حجر زاوية في صياغة عهد جديد من التغيير في دولة المستقبل تتجذر العلاقة بين الإنسان الإماراتي وهويته في إطار زمني، يتسم بالمرونة، جاعلاً من التحولات الكبرى فرصاً للابتكار والتجديد. والديناميكية التي تمضي بها الإمارات تشجع الفرد على التفاعل مع التحولات بعقلية مبدعة، وتطوير أدوات تمكنه من تحويل التحديات إلى فرص، وخلق علاقة متوازنة بين الحاضر والمستقبل، لكن هذه الديناميكية لا تتوقف عند حدود الفرد أو المجتمع المحلي، فالإمارات بفلسفتها ترسخ رؤية كونية تعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والعالم، مصدرة مفهوم المواطن الديناميكي بوصفه صانعاً للمستقبل بهوية راسخة، وحاملاً لمسؤوليات عالمية تعكس القيم الإنسانية المشتركة. وبذلك تقدم الإمارات رسالة عالمية، مفادها أن التغيير بوابة لإعادة اكتشاف الذات وبناء مستقبل أكثر عدالة واستدامة، ووسيلة للتشبث بالموروث العربي الإسلامي، حيث تبقى القيم دائماً في مركز المعادلة.


البيان
منذ 30 دقائق
- البيان
تعاون بين مجلس التوازن و«سلوشنز+» في الحلول الرقمية والخدمات المشتركة
وقع مجلس التوازن، و«سلوشنز+»، إحدى شركات مبادلة، مذكرة تفاهم لتعزيز أطر التعاون بين الجانبين، بما يمهد الطريق لشراكة تُسهم في توسيع نطاق الخدمات المؤسسية، والحلول الرقمية والذكاء الاصطناعي، والخدمات المشتركة، لدعم العمليات التشغيلية المستقبلية للطرفين. وجرى توقيع المذكرة في جناح «مبادلة» خلال «اصنع في الإمارات 2025»، بحضور مطر علي الرميثي، رئيس قطاع شؤون الصناعة الدفاعية والأمنية في مجلس التوازن، والدكتور بخيت الكثيري، الرئيس التنفيذي لقطاع الاستثمار في الإمارات، مبادلة. وقع المذكرة ناصر النبهاني، العضو المنتدب لشركة «سلوشنز+»، وسالم محمد الصابري، الرئيس التنفيذي المالي لوحدة المالية والخدمات المؤسسية في مجلس التوازن. وتجسد هذه الشراكة التزام الطرفين المشترك بالابتكار، والتميز التشغيلي، والاستعداد لمتطلبات المستقبل. وأكد سالم محمد الصابري أن المذكرة التي تجمع بين خبرات «سلوشنز+» في المنصات المؤسسية والنماذج الخدمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وبين الرؤية الطموحة لمجلس التوازن، تمثّل خطوة استراتيجية نحو تقديم خدمات مؤسسية أكثر كفاءة وذكاءً وانسيابية عبر مختلف عمليات المجلس. من جهته، قال ناصر النبهاني نفخر من خلال هذه الشراكة بدعم رؤية مجلس التوازن في تطوير خدمات مؤسسية مبتكرة وحلول رقمية تسهم في تحقيق قيمة طويلة الأمد. وأضاف أن هذه المذكرة تُوظف خبرات «سلوشنز+» العميقة في خدمة الجهات الحكومية، بمجالات الحلول الرقمية، والموارد البشرية، والمالية، والمشتريات، وإدارة المرافق المتكاملة، ما يعزز دورها كشريك موثوق في التحول المؤسسي على مستوى الجهات الحكومية وشبه الحكومية في دولة الإمارات.