logo
سعيد حجي وقضية المرأة رؤية نهضوية في سياق الحركة الوطنية المغربية

سعيد حجي وقضية المرأة رؤية نهضوية في سياق الحركة الوطنية المغربية

أخبارنا٠١-٠٦-٢٠٢٥

عائشة بوزرار
عاش سعيد حجي في فترة تاريخية حاسمة، شهدت زخما في النضال ضد الاستعمار في أفق بناء الدولة المغربية الحديثة، مما أثر بشكل عميق في تشكيل رؤيته لقضية المرأة التي اعتبرها عنصرا رئيسا من التفكير الحداثي والوطني، وبذلك فقد ربط بين تحرر المرأة والتحرر الوطني، معتبراً أن نهضة المجتمع لا يمكن أن تتحقق دون المشاركة الفاعلة للمرأة في مختلف المجالات.
ففي المجال التعليمي، كان لسعيد حجي دورا رياديا في الدفاع عن حق الفتيات في التعليم، حيث أسهمَ في تأسيس مدارس للبنات ودعم التعليم المختلط، مؤمناً بأن التعليم هو المدخل الأساسي لتحرير المرأة وتمكينها من المشاركة في بناء المجتمع، و لم يقتصر دوره على التنظير، بل شارك بشكل فعال في تطوير المناهج التعليمية وتأسيس المؤسسات التربوية.
كما تميز موقفه من قضية المرأة عبر الجمع بين المرجعية الإسلامية والحداثة؛ مستندا في ذلك إلى القيم الإسلامية الأصيلة في الدفاع عن حقوق المرأة، مع انفتاحه على المستجدات العصرية، رافضا التفسيرات المتشددة التي تحد من دور المرأة، مؤكداً أن الإسلام كرم المرأة ومنحها حقوقاً واسعة.
وفي سياق الحركة الوطنية، شجع حجي مشاركة المرأة في النضال ضد الاستعمار ، وذلك بدعم تأسيس الجمعيات النسائية والإسهام في توعيتها بحقوقها الوطنية والاجتماعية. فقد رأى أن تحرير الوطن/ الأرض لا ينفصل بتاتا عن تحرير الانسان، والمرأة التي يعتبرها أساس الأسرة، من القيود الاجتماعية والثقافية التي تعيق تقدمها، والقيام بدورها في المجتمع.
وعلى المستوى الثقافي، فقد ترك حجي إرثاً متنوعا ومهما من الكتابات والمقالات التي تناولت قضايا المرأة ، ووثق نضالاتها وحضورها الفعلي والرمزي انطلاقا من رؤية مثقف للحاضر والمستقبل، لذلك كتب كثيرا وبإلحاح في هذا الموضوع ، حتى أن كتاباته ما زالت تحتفظ بقوة الرؤية وأبعاد الاستشراف وبتلك الراهنية التي تشكل مرجعاً مهماً للباحثين والمهتمين بتاريخ الحركة النسائية المغربية.
وفي المجال الاجتماعي، دعا إلى إصلاحات جذرية تشمل قوانين الأسرة وحقوق المرأة في العمل والمشاركة السياسية. مثلما طالب بالمساواة في الحقوق والواجبات، مع مراعاة خصوصيات المجتمع المغربي وقيمه الإسلامية السمحة .
كما تميزت منهجيته في معالجة قضايا المرأة بالواقعية والتدرج، فقد أدرك أن التغيير الاجتماعي يحتاج إلى وقت وجهد متواصلين، لذلك تبنى استراتيجية تدريجية تراعي ظروف المجتمع وتقاليده.
وقد واجه سعيد حجي تحديات كبيرة من التيارات المحافظة المعارضة لأفكاره، لكنه استمر في الدفاع عن رؤيته الإصلاحية مستنداً إلى الحجج العلمية والشرعية. ونجح في التأثير في جيل كامل من المفكرين والمصلحين الذين واصلوا مسيرته في الدفاع عن حقوق المرأة، وفكر التحرر.
بناءً على كل هذه المعطيات التي تعكسها آراء مثقف مغربي في النصف الأول من القرن العشرين، اتخذت صبغة مواقف شجاعة تعكس دور ومسؤولية سعيد حجي تجاه قضايا بلده، وهي قضايا من صلب العمل الوطني والثقافي ، نرى أن سعيد حجي ينتمي إلى تيار فكري حمل رؤى مشابهة لتلك التي طرحها كل من علال الفاسي وبعض الإصلاحيين المعاصرين له بصيغ متقاربة ولكل منها خصوصيتها وزاوية معالجتها. فقد كان لكل من هؤلاء الأدباء تأثيره البارز في تشكيل الهوية الوطنية وتعزيز مفاهيم القومية والوطنية في المغرب.
تركزت أفكار علال الفاسي على القومية والهوية العربية الإسلامية، مشدداً على أهمية الاستقلال والتغيير الاجتماعي، بينما سعى محمد بن الحسن الحجوي إلى تعزيز مفهوم الدولة والمواطنة من خلال تطوير المؤسسات القانونية والإدارية، وهما معا يشتركان في الإيمان بأهمية التعليم بوصفه وسيلة للتقدم، والنضال من أجل حقوق المغاربة في زمن الاستعمار، رغم اختلاف أساليبهما، وأحيانا مواقفهما، فكل واحد منهما يمثل رؤية تساهم في تشكيل الهوية المغربية.
وقد استند الحجوي في رؤيته الإصلاحية للمرأة المغربية على منهجية علمية قائمة على الاجتهاد الفقهي المستنير ومقاصد الشريعة، مُقدماً رؤية تربط تحرر المرأة بتقدم المجتمع. دافع عن حقوقها الاجتماعية، كحق العمل والمشاركة العامة، مُنتقداً العادات المقيدة لحرّيتها، وطالب بإصلاح نظام الميراث وفق الشريعة، كما أولى اهتماماً خاصاً بقضايا الزواج والأسرة، مُنادياً بتحديد سن الزواج ومُعارضاً للزواج المبكر، وداعياً لتنظيم العلاقات الأسرية على أسس شرعية تضمن حقوق جميع الأطراف.
أما علال الفاسي والذي يعتبر من الأدباء والسياسيين المغاربة الذين تناولوا قضية المرأة بمنظور إصلاحي، مستنداً إلى أسس شرعية وفكرية متينة، فقد تميز طرحه بالجمع بين الأصالة والحداثة، حيث سعى إلى تحرير المرأة من القيود الاجتماعية والثقافية التي فرضتها التقاليد البالية، مع الحفاظ على الهوية الإسلامية والخصوصية المغربية. وقد ربط بين تحرير المرأة والتنمية الشاملة للمجتمع، معتبراً أن أي تقدم حقيقي لا يمكن أن يتحقق دون مشاركة المرأة الفاعلة. وفي هذا السياق، انتقد بشدة العادات والتقاليد التي تحول دون تمكين المرأة من حقوقها، مؤكداً أن هذه الممارسات لا تمت للإسلام بصلة.
يمكن القول إن سعيد حجي قدم نموذجاً فريداً للأديب المغربي الذي جمع بين الالتزام بالهوية الوطنية والانفتاح على العصر برؤية تملَؤُها المعرفة والرؤية الاستشرافية، حينما بيّن قضية المرأة والنهضة الشاملة للمجتمع، وأسّس لخطاب إصلاحي متوازن ما زال تأثيره مستمراً في الفكر المغربي المعاصر.
وقد ساهمت رؤيته الثاقبة وجهوده العملية في تحسين وضع المرأة المغربية وتعزيز مشاركتها في الحياة العامة. ويبقى إرثه الفكري والنضالي مصدر إلهام للأجيال الجديدة المهتمة بقضايا المرأة والإصلاح الاجتماعي في المغرب والعالم العربي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"بوليساريو" تبحث عن رتق بكارتها بعدما فضحتها صحيفة "La Vanguardia" الإسبانية
"بوليساريو" تبحث عن رتق بكارتها بعدما فضحتها صحيفة "La Vanguardia" الإسبانية

الجريدة 24

timeمنذ 3 أيام

  • الجريدة 24

"بوليساريو" تبحث عن رتق بكارتها بعدما فضحتها صحيفة "La Vanguardia" الإسبانية

ضرب مقال نشرته صحيفة La Vanguardia الإسبانية، قيادات "بوليساريو" في الصميم، بعدما فضحت الوجه الإرهابي البشع، للجبهة الانفصالية وتجنيدها للأطفال الصغار عبر برنامج "عطلة في سلام"، من أجل تغذية منظمات إرهابية تنشط في منطقة الساحل. المقال الذي تتبع مسار عدد من الأطفال الذي زجت بهم "بوليساريو" ليصبحوا "قادة" إرهابيين، أثار حفيظة قيادات الجبهة الانفصالية، مما حذا بها إلى تذييل احتجاج وجهته للصحفية الإسبانية، مشيرة من خلاله أن المقال يضر بـ"سمعة" الجبهة الانفصالية. ونشرت صحيفة La Vanguardia، مقالا أكدت من خلاله على أن العديد من أطفال الصحراويين المحتجزين في مخيمات العار، والذين الذين شاركوا في برنامج "عطلة في سلام" أصبحوا إرهابيين بل وارتقوا إلى قمة تنظيم الدولة الإسلامية في الساحل. وكشفت الصحيفة الإسبانية عن تورط جبهة البوليساريو المباشر في الإرهاب الدولي، مشيرة إلى أن "التهديد الإرهابي لإسبانيا يأتي من جماعتين تنشطان بحرية في منطقة الساحل". ووفق نفس المصدر، فإن الأمر يتعلق بـ"جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، والتي تسعى إلى التوسع في المغرب العربي، وفي حال تحقيقها لأهدافها، قد تضع الإرهابيين على أبواب شبه الجزيرة الإيبيرية. فضلا عن ذلك هناك "تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا"، الفرع الساحلي لداعش، وهو أكثر عنفا بكثير نظرا لوجود قادة صحراويين متطرفين قادرين على تحريض جهات معزولة على شن هجمات على الأراضي الأوروبية. ولفتت صحيفة La Vanguardia، أن عدد هؤلاء "القادة" الإرهابيين يقدر بحوالي عشرة صحراويين وقد ولدوا في مخيمات تندوف جنوب الجزائر، وشاركوا في برنامج "عطلة في سلام"، الذي يسمح للأطفال بقضاء الصيف في إسبانيا، بعيدًا عن ظروف المعيشة القاسية في مخيمات الاحتجاز. وإذ حذر المقال من الخطر المحذق بالمنطقة المغاربية وأوربا بسبب التوجه الإرهابي لـ"بوليساريو"، تكفل المدعو "عبد الله عربي"، ممثل الجبهة الانفصالية في إسبانيا بمراسلة La Vanguardia، محيلا على أن المقال يضر بـ"صورة" صنيعة النظام العسكري الجزائري.

إيران تهدد بضرب المنشآت النووية الإسرائيلية
إيران تهدد بضرب المنشآت النووية الإسرائيلية

الأيام

timeمنذ 3 أيام

  • الأيام

إيران تهدد بضرب المنشآت النووية الإسرائيلية

قال المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الإثنين، إن القوات الإيرانية قادرة، استنادا إلى وثائق استخبارية لديها حول المنشآت النووية الإسرائيلية، على شنّ هجمات مضادة في حال وجّهت إسرائيل ضربات للجمهورية الإسلامية. ولوّحت إسرائيل مرارا بضرب مواقع إيران النووية لمنع الجمهورية الإسلامية من حيازة القنبلة الذرية، في حين تنفي إيران على الدوام سعيها إلى ذلك. وتأخذ التحذيرات الإسرائيلية منحى تصاعديا منذ بدء المفاوضات بين طهران وواشنطن حول البرنامج النووي الإيراني في أبريل. وجاء في بيان لمجلس الأمن القومي أوردته وكالة مهر الإيرانية 'إن الوصول اليوم إلى هذه المعلومات واستكمال الحلقة الاستخباراتية والعملياتية، قد مكّن مجاهدي الإسلام من الردّ الفوري على أي اعتداء محتمل من قبل الكيان الصهيوني على المنشآت النووية الإيرانية، من خلال استهداف منشآته النووية السرية، وكذلك الردّ بالمثل على أي عمل تخريبي ضد البنى التحتية الاقتصادية أو العسكرية، بشكل دقيق ومتناسق مع نوع الاعتداء'. وذكر الإعلام الرسمي الإيراني، أن أجهزة الاستخبارات الإيرانية حصلت على 'كمية كبيرة من المعلومات والوثائق الاستراتيجية والحساسة المتصلة بالكيان الصهيوني، بما في ذلك آلاف الوثائق المتعلقة بمشاريعه ومنشآته النووية'. وقال قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، الإثنين: 'مما لا شك فيه أن هذه المعلومات الحساسة ستزيد من فعالية جهود تعزيز عملية تدمير الكيان الصهيوني المحتل، وستزيد من دقة نقطة إصابة الصواريخ الإيرانية'، وفق ما نقلت عنه وكالة مهر. وتعلن إيران من وقت إلى آخر اعتقال أفراد بتهمة التجسس، واتهمت إسرائيل بالوقوف وراء اغتيالات وأعمال تخريب مرتبطة ببرنامجها النووي. وقال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، إن هيئته لم تتلقَّ 'إشعارا رسميا' بشأن المعلومات الاستخبارية التي أفادت تقارير إعلامية بحيازة إيران لها. وفي كلمة له خلال اجتماع لمجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، قال غروسي إن المعلومات 'تشير على ما يبدو إلى مركز سوريك' الإسرائيلي للأبحاث النووية.

تقرير إسباني يكشف رسمياً عن عناصر من البوليساريو تتزعم تنظيمات إرهابية في الساحل محذرا من تصعيد أمني يهدد استقرار الضفة الأطلسية للقارة الإفريقية
تقرير إسباني يكشف رسمياً عن عناصر من البوليساريو تتزعم تنظيمات إرهابية في الساحل محذرا من تصعيد أمني يهدد استقرار الضفة الأطلسية للقارة الإفريقية

المغربية المستقلة

timeمنذ 4 أيام

  • المغربية المستقلة

تقرير إسباني يكشف رسمياً عن عناصر من البوليساريو تتزعم تنظيمات إرهابية في الساحل محذرا من تصعيد أمني يهدد استقرار الضفة الأطلسية للقارة الإفريقية

المغربية المستقلة : كشف تقرير صادر عن المركز الوطني للاستخبارات في إسبانيا أن عناصر متطرفة تنتمي إلى جبهة البوليساريو، انطلقت من مخيمات تندوف بالجزائر، قد التحقت بتنظيمات إرهابية تنشط في منطقة الساحل، في مقدمتها تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، محذرا من تصعيد أمني يهدد استقرار الضفة الأطلسية للقارة الإفريقية. ونقلت وسائل إعلام إسبانية مضامين التقرير ، مشيرة إلى أن عددا من المتشددين المنتمين للبوليساريو باتوا يشغلون مناصب قيادية مثيرة للقلق داخل هذه التنظيمات الإرهابية، في منطقة تعد من أخطر بؤر انتشار الإرهاب واحتضان الجماعات المتطرفة عالميًا. كما أوضح التقرير أن العديد من هؤلاء العناصر سبق لهم أن استفادوا من برنامج 'عطل السلام'، الذي تنظمه جمعيات إنسانية إسبانية داعمة للبوليساريو، لاستقبال أطفال من مخيمات تندوف خلال فصل الصيف، وهو ما منحهم إجادة للغة الإسبانية ومعرفة بالمجتمع الأوروبي، ما يُضاعف من خطورة دورهم في تخطيط أو تنفيذ هجمات إرهابية داخل أوروبا، وفق ما أفادت به مصادر أمنية إسبانية. وأكدت المصادر ذاتها أن أجهزة الاستخبارات الإسبانية تتابع بقلق التحولات الأخيرة في نشاط التنظيمات الإرهابية بالساحل، محذرة من توسع جغرافي خطير لجماعات مثل 'نصرة الإسلام والمسلمين'، التي تسعى للتغلغل في منطقة المغرب الكبير، و'ولاية الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا'، المصنفة بأنها أكثر تطرفاً، وتضم في صفوفها قيادات منحدرة من مخيمات تندوف. وأشار التقرير إلى أن شهر يونيو الجاري شهد تصعيدا في العمليات الإرهابية، بالتزامن مع انشغال المجتمعات المسلمة بعيد الأضحى، حيث تم شن هجمات استهدفت مواقع ومعسكرات استراتيجية، في ظل بروز اسم إياد أغ غالي، الذي يوصف بـ'زعيم الحرب الجديد'، ويقود شبكة تضم أكثر من 6 آلاف مقاتل متشدد. وفي السياق ذاته، كشف التقرير أن السلطات الإسبانية ترفع حالة التأهب الأمني، بالنظر إلى الروابط اللغوية والثقافية لبعض قادة الجماعات الإرهابية مع إسبانيا، محذرة من أن الوضع الأمني في الساحل بلغ مرحلة حرجة، وقد يشهد تطورات مفاجئة تهدد المصالح الأوروبية بشكل مباشر. ويأتي هذا التحذير في وقت أعلنت فيه سلطات الأمن الإسبانية عن توقيف شخصين في إقليم الباسك، يُشتبه في ارتباطهما بعلاقات عائلية مع مسؤولين بارزين في البوليساريو، ويواجهان تهماً تتعلق بتمجيد الإرهاب والترويج لأفكار متطرفة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store