نقطة مضيئة في أقصى جنوب شرق مصر .. معرض الشلاتين للكتاب يشهد إقبالًا جماهيريًا كبيرًا في نسخته الثانية
القاهرة في 17 أبريل /أ ش أ/ يشهد معرض الشلاتين للكتاب في دورته الثانية، إقبالًا جماهيريًا كبيرًا خلال فترة إقامته التي تستمر حتى 19 أبريل الجاري، والذي وذلك بعد نجاح دورته الأولى في صيف العام الماضي.
وتؤكد إقامة هذا المعرض للعام الثاني على التوالي حرص مصر على الارتقاء بالوعي الفكري لأبنائها في كل شبر وموقع من التراب الوطني مهما كان بعيدا أو نائيا إذ تولي الدولة المصرية، بقيادة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، اهتماما كبيرا بالمحافظات والمناطق الحدودية ووصول الخدمة الثقافية والتوعوية لأبنائها توازيا مع تكثيف الأنشطة التنموية والخدمية والصحية والتعليمية لبناء أجيال واعية ومبدعة في كل ربوع مصر.
ومنذ الساعات الأولى من الصباح يتوافد المواطنون على الأجنحة المختلفة للمعرض والذي شهد، إقبالًا كثيفًا من الجمهور منذ اليوم الأول لانطلاقه في الثالث عشر من الشهر الجاري من مختلف الفئات والأعمار؛ فيما حرص الجميع لا سيما الأطفال على تفقد كافة أجنحة المعرض والاستفادة مما يقدمه من أنشطة وفعاليات.
ويجذب معرض الشلاتين للكتاب، المواطنين والجمهور الشغوفين بالقراءة وحب المطالعة حيث تعرفوا على أحدث وأقيم الإصدارات والمؤلفات وتجولوا، لمطالعة ومعاينة كل الإصدارات التي يتم استعراضها من خلال الأجنحة المختلفة؛ الأمر الذي انعكس على حالة من الرضاء أبداها الزوار.
وفي مقابلاتهم مع بعثة وكالة أنباء الشرق الأوسط لتغطية فعاليات المعرض أكد أهالي الشلاتين والمناطق القريبة منها، مثل حلايب وأبو رماد، أنهم استفادوا مما قدمه المعرض من كتب قيمة وتخفيضات متميزة لاسيما كتب الأطفال إلى جانب المشاركة في برنامج "مصر جميلة" الذي يستهدف اكتشاف المواهب ورعايتها.
كما أبدى رواد المعرض من القراء والمواطنين إعجابهم الشديد بالإصدارات والمؤلفات المختلفة لاسيما تلك المتعلقة بتعزيز الهوية والانتماء لكل المصريين في كل شبر على ارض مصر عامة وتلك المتعلقة بالحياة الطبيعية والبيئة في مناطق حلايب والشلاتين وأبو رماد.
في غضون ذلك، أجمع مثقفون وشعراء وأدباء محليون من أبناء محافظة البحر الأحمر عموما والشلاتين خصوصا على أن معرض الشلاتين للكتاب يساهم في تعزيز الهوية المصرية ووحدة نسيج الوطن ، كما يعزز المعرض الانتماء ويرسخ مبدأ العدالة الثقافية من خلال إتاحة وصول الكتاب إلى كافة ربوع مصر وأقاليمها ومحافظاتها كحق لكل أبنائها من سواحل المتوسط شمالا إلى أقصى نقطه جنوبا على خارطه الوطن.
ومن هنا يمثل معرض الشلاتين للكتاب نافذة معرفية مهمة تُقدم إصدارات قطاعات وزارة الثقافة بأسعار رمزية، دعمًا لنشر الوعي وترسيخًا لمبدأ العدالة الثقافية ووصولها إلى كافه شرائح الشعب المصري بتكلفه معقولة.
وتضم أجنحة المعرض، في نسخته الثانية هذا العام، إصدارات متنوعة من جهات وزارة الثقافة، منها ما تقدمه هيئة قصور الثقافة من 200 عنوان حديث في مجالات الأدب، التاريخ، التراث، الفلسفة، النقد، الفنون، وأدب الطفل، إلى جانب مجموعة من الأعمال العالمية المترجمة ، وكتب كلاسيكية وتراثية.
كما تشارك الهيئة المصرية العامة للكتاب بإصدارات في مجالات الفلسفة، الأدب، التراث، وعلوم الاجتماع.
ويشارك في معرض الشلاتين الثاني للكتاب، العديد من قطاعات الوزارة، بما في ذلك دار الكتب والوثائق القومية، والمركز القومي للترجمة، والمجلس الأعلى للثقافة، والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ومركز ثقافة الطفل، والمركز القومي للطفولة والأمومة.
كما كان لافتا مشاركة هيئة المساحة المصرية في معرض الشلاتين للكتاب من خلال توفير الخرائط الموثقة عن طبوغرافية الحدود المصرية وأوجه الحياه البرية والطبيعية التي تتميز بها فضلا عن أوجه الحرف اليدوية والتراثية التي يظهر بها هذا الجزء العزيز من ارض الوطن.
وشاركت مؤسسة "دار المعارف" بنحو 120 عنوانًا، أبرزها "لسان العرب" لابن منظور ، وسلسلة "العبقريات" للعقاد.
ويهدف المعرض إلى تعزيز الثقافة ونشر المعرفة بين أهالي محافظة البحر الأحمر وخصوصًا الأطراف الحدودية النائية، وتشجيع القراءة والبحث عن المعرفة، وتوفير منصة لعرض الإصدارات الجديدة للمؤلفين والكتاب بما في ذلك المبدعين في أقاصي مصر وإتاحة الفرصة أمامهم للاحتكاك بالناشرين وهيئات الخدمة الثقافية في الدولة المصرية.
كما تتنوع فعاليات معرض الشلاتين لتتجاوز عرض الكتب والمصادر الثقافية على أرفف أجنحته إذ شملت كذلك، إقامة فعاليات مصاحبة للمعرض للأطفال والشباب، مثل برنامج "مصر جميلة" الذي يضم ورش رسم وموسيقى وحرف يدوية وفنون تشكيلية.
م س ع
أ ش أ
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المصري اليوم
منذ 8 ساعات
- المصري اليوم
150 عريسًا وعروسة.. مصطفى قمر يحيي حفل زفاف جماعي (فيديو)
أحيا الفنان مصطفى قمر حفل زفاف جماعي ضم 150 عريسًا وعروسًا، موجها الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي على دعمه لهؤلاء العرسان واهتمامه برعاية مثل هذه المبادرات. ونشر مصطفى قمر مقطع فيديو من حفل الزفاف عبر حسابه على «إنستجرام»، وعلق قائلًا: «مبروك الف مبروك اجمل 150 عروسة وعريس في فرح واحد ايه الجمال ده شكرًا سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي اللي مش بينسي اولاده وبيهتم بيهم رغم المسئوليات الكبيرة الدولية». أشار: «وشكرًا لكل القيادات القائمة على إتمام هذا العمل العظيم من بداية تجهيز العرايس ببيوتهم ومستلزماتهم والتضحية بمجهودهم ووقتهم حتي اخر لحظة لحضور حفل الزفاف الجماعي بجد انا فخور اني من البلد دي وتحيا مصر ..تحيا مصر». وكانت آخر أعمال مصطفى قمر الجزء الثاني من فيلم «حريم كريم» وشاركه البطولة داليا البحيري، بسمة، علا غانم، خالد سرحان، تيام قمر، ورنا رئيس. View this post on Instagram A post shared by Moustafa Amar (@ اقرأ أيضًا: «شمس حياتي».. ابنة مصطفى قمر تتصدر التريند بعد احتفال والدها بعيد ميلادها (صور) | المصري اليوم


بوابة الأهرام
منذ 13 ساعات
- بوابة الأهرام
صنع الله إبراهيم.. الوجه الآخر
كالعهد به, يهتم السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، بكل مايهم الإنسان، مواطنا بسيطا كان أو ذا بصمة واضحة على طريق التنمية والإبداع، وكم كان لاطلاع الرئيس على الحالة الصحية للروائى الكبير صنع الله إبراهيم، ومتابعة ما اتخذته وزارة الصحة والسكان من إجراءات ورعاية طبية شاملة منذ بداية حدوث إصابة المبدع الكبير من أثر طيب فى نفس كل إنسان يعيش على هذه الأرض ويقدر ما أنبتته من مثقفين حقيقيين. ومن لا يعرف من صنع الله إبراهيم إلا وجه الكاتب الدءوب المتفرغ لكتاباته الحرة فقد فاته الكثير، لأن صنع الله كاتب حقيقى تنسجم أفعاله مع كتاباته وأقواله وإن كان مقلا فى الأخيرين إلا أن بصمته واضحة وترجماته فى العالم الغربى تشهد على عمق تأثيره عبر الجغرافيا لا فى بيئته المصرية فقط. بيت صنع الله بمصر الجديدة لطالما كان قبلة الكتاب الشبان قبل الكبار، فلقد رأوا فيه القدوة والمثل والطموح والأمل وبيته على تواضعه يحمل ،بفضل رفيقة عمر صنع الله السيدة ليلى عويس رفيعة الثقافة العاملة بمجال الإرشاد السياحى لفترة طويلة، يحمل مع مئات الكتب الكاسية للجدران، ذوقا رفيعا متسقا مع التراث والحضارة المصرية هاضمة الحضارات. ويرد صنع الله زيارات مريديه بزيارات ودودة حسب الموقف . فطبيعى جدا أن تجده مواسيا أحد الكتاب الذين للتو ظهروا على الساحة الأدبية ولايعرفون لضياء الشهرة سبيلا. تجده فى سرادق العزاء فجأة يشد على الأيدى ويضمد جراح الفراق بكلماته التلقائية البسيطة. ومرة تجده فى تجمع شبابى لمؤازرة كاتب اجتمع عليه أعداء النور والتنوير لسبب أو لآخر ومرة يرسل ألبسة شتوية لكاتب اغترب فى شتاء أوروبا لمجرد حسه الإنسانى المسئول! لم يصدر صنع الله بجرأته « تلك الرائحة» ولا نجمة أغسطس ولا ذات ولا شرف ولا وردة ولا أمريكانلى ولا ... لكنه أصدر شعورا عاما بأن الكاتب الحقيقى موجود وبيانا غير معلن بأن الحسابات الضيقة سعيا للشهرة من أجل الشهرة غير مرحب بها فى عالم أصحاب المبادئ. سقط جسد صنع الله على الأرض وانكسرت عظمة من عظامه لكنه أبدا لم يسقط فى موقف تطلب كلمة حق أو إعرابا عن رأي. ومن ذا الذى ينسى موقفه فى دار الأوبرا المصرية رافضا جائزة كبرى لها شق مادى ضخم هو الذى يصعد سبعة أدوار على الدرج حتى يصل لشقته فإذا مافتح ضلفة خزانة وقعت لأن الأثاث تهالك ويحتاج الى صيانة؟!! من لا يعرف الوجه الآخر لصنع الله الكاتب الإنسان عليه أن يراجع نفسه فهذا رجل قلما نجد مثله ومن هنا كانت لفتة الرئيس مؤثرة وكانت توجيهاته باستمرار المتابعة وتقديم جميع أوجه الرعاية الخاصة للروائى الكبير حتى يتم الله عليه الشفاء فى قلب كل غيور على مبدعى هذا الوطن. صنع الله إبراهيم الذى تعرض فى الأول من مايو الجارى للسقوط بمنزله فانكسر عنق عظمة الفخذ الأيمن، جرى التعامل مع حالته فور وصوله إلى مستشفى معهد ناصر من قبل مجموعة من الاستشاريين الكبار،وكان التدخل الجراحى اللازم، حتى خرج من غرفة العمليات إلى قلوب المنتظرين أمامها.


بوابة الأهرام
منذ 13 ساعات
- بوابة الأهرام
بعد 60 عاما من الإبداع.. د.أحمد درويش: أعجز أحيانا عن فهم بعض نقّاد الحداثة!
قضى مايقرب من ستين عاما دارسا وأستاذا ومؤلفا ومشرفا على الدارسين إضافة الى الترجمة والتحقيق فى مجالات الأدب ونقده والبلاغة العربية والأوروبية وصلات الأدب العربى بالآداب العالمية قديما وحديثا. تجاوزت مؤلفاته وترجماته الأربعين كتابا، ومن ينسي: «النص والتلقي..حوار مع نقد الحداثة» «بناء لغة الشعر واللغة العليا» «الكلمة والمجهر» «الأدب المقارن..النظرية والتطبيق» «متعة تذوق الشعر»؟ فضلا عن عشرات المقالات المتخصصة أو الموجهة للمثقف العام. إنه الدكتور أحمد درويش صاحب الإسهام اللافت فى الإعلام الثقافى العربى المسموع والمرئى بمئات الحلقات واللقاءات، فضلا عن موقع «الظمأ للمعرفة» المجانى الذى يحتوى على كل مؤلفاته. شارك فى عشرات المؤتمرات العلمية المحلية والإقليمية والدولية، وشغل مواقع رئيسة فى خدمة الأدب والثقافة العامة فى المجلس الأعلى للثقافة والمجلس القومى للترجمة والمجلس الأعلى للجامعات كما شغل مراكز قيادية فى الجامعات المصرية والعربية، ومنها تجربته المديدة فى عُمان التى باتت عصيّة على النسيان. تخرج على يديه أجيال من الدارسين والنقاد والمفكرين فى مصر والعالم العربي. درويش كان أحد الألحان المصرية الثلاثة (هو والراحلان د. حامد طاهر ود.محمد حماسة عبداللطيف) حيث اقترح صلاح عبد الصبور أن يصدر لهم ديوانا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بعنوان «ثلاثة ألحان مصرية». لا يمل من تأكيد أننا بحاجة ماسة لثورة شاملة فى تعليم العربية ووضع مناهج لها تناسب العصر، وخاض فى سبيل ذلك ـ ولا يزال ـ معارك كبرى . فى هذا الحوار نبحر مع د.درويش فى الإبداع والنقد والترجمة، وهو إبحار لن يخلو من متعة مؤكدة، وفائدة محققة. حدّثنا عن تجربتك الإبداعية كيف بدأت؟ عن أى شيء عبرت قصائدك الأولي؟ تجربة الإبداع عندى كانت سابقة على تجربة النقد، حيث ولدت فى فترة مبكرة، مع الصبا وحتى الدراسة الثانوية، وجدت أدوات الشعر كما كنت أتصورها: سلامة النطق، سلامة الإيقاع، اكتشاف الإيقاع الخارج، وإصدار الإيقاع المنتظم، فضلا عن الروح المجنحة التى دفعتنى لقراءات كثيرة فى الشعر، كل هذا ظهر فى مرحلة الدراسة الثانوية. كل هذا جعلنى أصدر شعرا يفيض عني، وكنت أراقب سلامته وهو يتشكل. كل هذا تزامن مع فترة الريف والصبا والحب الأول، والفترة القومية.. فترة الستينيات التى امتد فيها المد القومى إلى أبعد مدي، وأشكال الصدام مع الإسرائيليين فى حربى 56 و67. عندما دخلنا الجامعة فى أواسط الستينيات، كانت تعقد مسابقات شعرية فى المجلس الأعلى للفنون والآداب، فضلا عن اهتمام الجامعات بالمواهب الشعرية، وكنا نتقدم بقصائدنا التى حصدت المراكز الأولى، فشجعتنا على الانتظام والمزيد، وأذكر أننا كنا ثلاثة نلتف حول الجوائز: كان معى الراحلان: حامد طاهر ومحمد حماسة عبداللطيف. وكان يوسف السباعى وزيرا للثقافة آنذاك ـ يعجب من ترددنا نحن الثلاثة الى منصات الجوائز المختلفة، وكنا نحضر ندوات الشعر التى تعقد فى دار العلوم، كان يحضرها كبار الشعراء آنذاك، وعلى رأسهم محمود حسن إسماعيل، على الجندي، محمد الفيتوري، صلاح عبدالصبور، أحمد عبدالمعطى حجازي. وأذكر أن صلاح عبدالصبور ـ وكان مسئولا عن هيئة الكتاب ـ اقترح أن نصدر ديوانا مشتركا فى الهيئة، وكان عنوانه «ثلاثة ألحان مصرية» كتب مقدمته أستاذنا الدكتور أحمد هيكل وكان عميدا لدار العلوم ثم وزيرا للثقافة، واستمر عطاؤنا الجماعي، وأصدرنا بعدها ديوان «نافذة فى جدار الصمت» وكتب مقدمته أستاذنا الدكتور محمود الربيعي. بعدها تفرقت بنا السبل فى الإصدارات، وكان لكل منا دواوين مستقلة. وأذكر أننى جمعت حصادى الشعرى المبكر فى ديوان سميته «أفئدة الطير». هل ظلم درويش «الناقد» درويش «الشاعر»؟ أظن ذلك، حيث شغلتنى الدراسة الأكاديمية فى قسم النقد والبلاغة، واستيقظ الحس النقدي، وربما كان هذا من أسباب انحسار الشعر، الذى ظل يحاصرنى وأحاصره، وظل عونا لى فى قراءة الأعمال الإبداعية وممارسة النقد. وماذا عن مسيرتك النقدية.. الثابت والمتحول؟ أصدرت دراسات بعد تخرجى عن الأسلوب بين الدراسات القديمة والحديثة، وكان ذلك فى وقت مبكر جدا عام 1972، وكانت إحدى الدراسات المبكرة جدا التى سعدت لتحليل الأسلوب ودراسة أنماطه.وكنت حريصا على الإفهام، والابتعاد عن جوانب الغموض، والقضايا المبهمة.وكنت أنطلق من النص وأعود إليه، وألتزم بقواعد النقد التى كانت ويقترح أن تكون. وظلت هذه طبيعة فيّ حتى الآن.. أدرس الأشياء دراسة واضحة بقدر ما يمكن أن يكون الوضوح الفني، وأبتعد عن التهويمات التى تحيط بالحديث عن النقد. لاحظت من خلال قراءاتى المتعددة أن فكرة الوضوح والحرص على إيصال الإحساس النقدى للمتلقى تغيب عن الكثير من نقاد هذا الزمان الذين يحرصون على سرد الأسماء الأجنبية التى تحدثت فى الموضوع، وسرد المصطلحات. لا أخفيك أننى أحيانا أجد نفسى عاجزا عن فهم بعض النصوص النقدية بعد قراءتها مرة أو مرتين ، وفى هذه الحالة أتوقف عن اتهام نفسى بعدم الفهم، وأتهم الآخرين الذين لا يصلون لطريقة لتوضيح أفكارهم فالفكرة الأكثر وضوحا هى الأكثر عمقا والأكثر سلامة. د. أحمد درويش مع نجيب محفوظ وفاروق شوشة وآخرين كيف ترى المشهد النقدى الآن؟ ما الذى ينقصه ليكون أكثر حضورا وأشد تأثيرا؟ نحن بحاجة إلى استعادة التوازن الذى كان موجودا فى القرن الماضي، وأن يضع النقاد فى اعتبارهم المتلقي، لأننا فى كثير من المعالجات النقدية لا نرى المتلقي، بل نرى الناقد يتحدث إلى نفسه حول المنابع التى استقى منها نظرياته، ويغفل المتلقى الذى كان عنصرا أساسيا فى عملية الإبداع النقدى عند الجيل الماضي.. جيل الرواد .. العقاد وطه حسين ورواد الثقافة العربية الممتزجة بالثقافة الغربية، الذى حقق كثيرا من التقدم بسبب مخاطبته المتلقي، ونجد ذلك عند جيل شكرى عياد ومصطفى ناصف ولويس عوض والجيل التالى مثل د.الربيعي. هؤلاء تعاملوا مع نص معين بافتراض متلق معين، وهى الفكرة التى تختفى من المشهد النقدى الحالي. هل يمكن أن يكون للبلاغة دور فى إحياء نقد عربى جاد حي.. وكيف؟ بالطبع، خاصة أننا نلاحظ جميعا أننا عندما نقرأ الخطاب البلاغى قبل أن تتجمد البلاغة، نجده خطابا ينطلق من مخاطبة متلق معين.فعبارات عبدالقاهر وغيره تخاطب كثيرا المتلقي، ونجد كثيرا عنده عبارات مثل: إذا نظرت، انظر إلى.. وعلى الناقد أيضا أن يطور البلاغة، لأنها ليست وقفا على الصورة القديمة، بل هى كامنة فى اللغة، سواء فى اللغة القديمة أو المعاصرة، بل كامنة كذلك فى العامية. والناقد الحق هو من يستطيع أن يمسك فكرة البلاغة الحقيقية فى مستوياتها المختلفة، كما كان يفعل يحيى حقى مثلا. من أخطر قضايا الإبداع العربى وأكثرها تأزما قضية القطيعة بين النقد والإبداع.. كيف تراها؟ تمثل ثقافة الناقد اللغوية والأدبية الشخصية مدخلا ضروريا وأساسيا لتناول النص الأدبي، ويؤسفنى أن أقول إن كثيرا من النقاد الذين تلمع أسماؤهم أحيانا لا يغامرون بقراءة نص أدبى شعرى على نحو خاص قراءة جهرية، لأنهم سيجدون أنفسهم أمام مآزق خطيرة فى السيطرة على اللغة وجمالياتها. لا يكفى أن يحيط الناقد ببعض القراءات العامة والايديولوجيات الخاصة والنظريات الفلسفية مع ضرورتها وأهميتها ولكن عليه أن يتعامل مع المادة الخام لصناعته. وهذا قد يفسر قلة الإقبال على نقد الشعر لدى كثير من النقاد، خاصة على نقد شعراء المعانى الدقيقة والإبحار فى أسرار اللغة عند شاعر مثل محمود حسن إسماعيل ونظرائه. قراءة محمود حسن إسماعيل ومثله عفيفى مطر والفيتورى وأمل دنقل تحتاج إلى دراية دقيقة باللغة ونظرياتها وأسرارها. كيف ترى المشهد النقدى فى السنوات الأخيرة وحتى اليوم؟ نحن فى حاجة إلى أن ننعش المشهد النقدى بدءا من إنعاش اللغة، وإنعاش النصوص، والمحاورة الجادة مع ما يقدم إلينا وتخلى النقاد عن روح المجاملة وروح الشللية وتدريب الناس كيف يشاركون فى الحياة العامة والخاصة انطلاقا من إنعاش روح نقدية جادة مثقفة تعمل على تقدم الأمة. ما الذى تختزنه ذاكرة د.درويش من فترة السربون؟ مكثت فى السربون فترة زمنية طيبة، التقيت فيها بالأساتذة المهتمين بالدراسات الشرقية والمهتمين بالنقد الأدبى والفكر. وكان على رأس المستشرقين فى فترتى اندريه ميكيل، وشارل بيلا اللذين جاءا بعد جيل الرواد السابقين بلاشير وجاك بير. ورأيت فى بيلا وميكيل إجلالا كبيرا للثقافة العربية وحرصا عليها واعتزازا بها. يتلقونها من وجهة نظر الثقافة الإنسانية العامة وبعضهم يكتب بها كميكيل الذى كان يكتب الشعر بالعربية. وكان شارل بيلا يقول إنه أفضل من يتكلم العربية بعد الجاحظ، وذلك نوع من الاعتزاز باللغة، تجلى ذلك فى تحقيقهما لروائع التراث العربي، ودرر الحاضر العربي. كان ميكيل هو الأستاذ المباشر لى ، وقد ترجمت عنه كثيرا من دراساته فى كتاب «الاستشراق الفرنسى والأدب العربي» ومن بينها دراسته اللافتة عن نجيب محفوظ. تقنيات الفن الروائى عند نجيب محفوظ»، كما ترجمت الكثير من دراساته عن ألف ليلة وليلة التى كان مهتما بها ودراسته «تقنيات الفن الروائى عند نجيب محفوظ كتبها عام 1963، وكانت أول أو من أوائل الدراسات التى عرّفت المثقف الغربى بقيمة نجيب محفوظ، ومهدت الطريق أمامه للترشح لجائزة نوبل. وكان ميكيل ـ كما أخبرنى آنذاك ـ قد رشح لهيئة جائزة نوبل اسم نجيب محفوظ للفوز بها، وكان ممن لهم حق الترشيح للجائزة . وأذكر أننى كنت حريصا على حضور محاضرات رولان بارت فى مدرسة المعلمين العليا فى باريس. كيف كان منهجك فى كل هذه التراجم؟ منهج التقريب وليس منهج التغريب كما عبر عنه الراحل د .محمد عنانى فيما بعد عند تنظيره للمسألة . كان رأيى أن الترجمة ليست تباهيا، وإنما نقل فائدة، ينبغى أن يسعى المترجم من خلالها لاستيعاب كامل للنص، وإلا نقل لفحواه فى رسالة تحل عند متلقى الترجمة كما حلت الرسالة الأولى عند متلقى الأصل.