
اسماعيل الشريف : هل بقي لنا ما نقول؟
إذا كان السارق يكذب، فالسرقة لا تكذب - مثلٌ تركي.
أنهيتُ مؤخرًا دورة متقدمة في تعظيم الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي، ركّزت على توظيف قدراته في مجالات متعددة كالبحث والكتابة والتحرير وتحليل البيانات والتصميم وأتمتة المهام، بما يعزز الكفاءة ويُسرّع الإنجاز. جوهر الدورة كان في إتقان ما يُعرف بـ»هندسة التوجيه» (Prompt Engineering)، أي فنّ صياغة التعليمات المرسلة لبرامج الذكاء الاصطناعي بدقة ووضوح. فكلما ازداد التوجيه إحكامًا، جاءت المخرجات أدقّ وأكثر فاعلية.
ومن أبرز ما خرجت به من تلك الدورة، وللأسف أنني أصبحت قادراً على تمييز المحتوى المُنتَج بواسطة الذكاء الاصطناعي، سواء كان مقالًا أو محادثة أو تصميمًا. لقد أدركت حجم التغلغل العميق لهذه الأدوات في تفاصيل حياتنا اليومية. زوجتي تفاجئني أثناء النقاش السياسي بقولها: «سألتُ شات جي بي تي، وأجابني كذا وكذا». وصديقي يزعم أن الذكاء الاصطناعي أصبح مستشاره النفسي، وابني يرى فيه أقرب أصدقائه، بينما أصبحت ابنتي تعتمد كليًا عليه في تصاميمها، حتى باتت دراستها في مجال التصميم بلا جدوى.
صديقي يمازحني قائلًا إن للمهنة أثرًا ينعكس على تصرفات أصحابها، فالحلّاق مثلًا أول ما يلفت انتباهه هو الرأس بتفاصيله، أما أنا، فأوّل ما يستوقفني في المقالة هو فكرتها ثم بناؤها. ومع المهارات التي اكتسبتها، بدأت ألحظ أن كثيرًا من المقالات تُولّد باستخدام الذكاء الاصطناعي، حتى تلك التي تُنسب إلى كتّاب كبار.
أتفهم لجوء بعض الكتّاب المبتدئين إلى هذه الأدوات لصناعة محتوى يمنحهم حضورًا أو يقربهم من طموحاتهم، لكن أن يفعل ذلك كاتب مخضرم له باع طويل في المهنة، فذلك يُعدّ خيانة لقرائه، ولمؤسسته، ولنفسه.
في الماضي، كان الكتّاب يصغون للإذاعات، ويطالعون المجلات، ويجالسون الناس، ويعودون إلى الكتب والمراجع حين يكتبون. أما اليوم، فنحن نلجأ إلى محركات البحث، وهذا لا غضاضة فيه. بل إن الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لتوسيع البحث، أو إثراء الفكرة، أو تحسين الأسلوب، أمر مشروع ومفيد. الإشكال لا يكمن هنا.
الإشكال يبدأ حين يتنازل الكاتب كليًا عن أفكاره وروحه وضميره، ويُسلّم مقالته لجهاز لا يفكر ولا يشعر، فقط ليرتاح أو ليوفر وقتًا. هنا لا يعود الكاتب كاتبًا، بل يصبح ناقلًا لمخرجات آلة.
نستطيع أن نسمح للذكاء الاصطناعي أن يفكر عنا، ويختار لنا الروايات، ويصوغ نصوصنا، ويرسم صورنا، ويصنع لنا الرأي والموقف. بل ربما نعامله ككائن بشري، وقد نتورط في مشاعر تجاهه. لكن السؤال الأهم: إلى أي حدّ نرغب أن يستبدلنا؟ أن يتحكم في وعينا وقراراتنا؟
كم من العرق والتنهيدة والحبّ نودّ أن نحتفظ به؟ كم من العجز نرضى أن نعيشه حين نعجز عن صياغة فكرة، أو رسم لوحة، أو التقاط خاطر؟ أن نتقبل سخافة مقالتنا، وسطحيّة أفكارنا، وركاكة بيت الشعر الذي نرسله لمن نحب. تلك هي البشرية: بخيباتها وشراراتها، بإبداعها وتعثرها.
نحن أمام تحدٍ غير مسبوق، علينا أن نقرر فيه: إلى أي مدى نريد أن نحتفظ بإنسانيتنا؟ اليوم، بات بمقدورنا أن نختار كمّ الوعي الذي نريده، ومقدار الأرض التي نُبقيها تحت أقدامنا، والريح التي تعبث بشعورنا، والمطر الذي يدغدغ وجداننا. الخيار بأيدينا، لكن الثمن قد يكون أنفس ما نملك: أن نكون بشرًا.
لكن، ماذا لو كان الذكاء الاصطناعي هو من كتبها كاملة؟ ــ الدستور
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 15 ساعات
- أخبارنا
"OpenAI" تضيف وكيل شات جي بي تي إلى جهاز ماك
أخبارنا : أضافت "OpenAI" وضع الوكيل الجديد إلى تطبيق شات جي بي تي على نظام macOS، وهو متاح الآن لمشتركي Plus. عند استخدام شات جي بي تي عبر تطبيق ماك، سيظهر الوكيل كأحد الخيارات في شريط الأدوات أسفل نافذة المطالبة. قم بتحديده، وستجد نفسك الآن في وضع الوكيل، بحسب تقرير نشره موقع "techradar" واطلعت عليه "العربية Business". أطلقت "OpenAI" وضع الوكيل، أو ChatGPT Agent، الأسبوع الماضي، وهو طريقة تجمع بين قوة البحث العميق وخصائص الوكيل لوكيلها السابق، المسمى Operator. خلال حفل الإطلاق، استعرض سام ألتمان وزملاؤه العديد من استخدامات الوكيل، مثل التخطيط للفعاليات الكبيرة، كحفلات الزفاف، أو إنتاج عرض تقديمي يعتمد على مجموعة واسعة من البيانات التي يتعين عليه البحث عنها. تصف "OpenAI" وكيل شات جي بي تي بأنه "شات جي بي تي الذي يمكنه التفكير والتصرف، والاختيار بشكل استباقي من مجموعة أدوات المهارات الوكيلة لإكمال المهام نيابةً عنك باستخدام جهاز الكمبيوتر الخاص به." تُقدم "OpenAI" أيضًا نسخة من تطبيقها لمستخدمي ويندوز، ولكن لم يُضف وضع الوكيل إليها بعد. وشكي بعض المستخدمين من عدم ظهور أيقونة الوكيل الجديدة في شريط أدوات تطبيق ماك حتى الآن. من المفترض أن يتم إصلاح هذه المشكلة مع طرح التغيير، ولكن إذا كنت تستخدم تطبيق شات جي بي تي لنسخة أجهزة ماك ولم يظهر زر الوكيل أسفل واجهتك، فيمكنك الوصول إليه من خلال كتابة "شات جي بي تي" وستظهر قائمة من الخيارات، أحدها هو "وضع الوكيل". إصدار سطح المكتب من شات جي بي تي أكثر تكاملاً مع نظام التشغيل من مجرد استخدامه في متصفح الويب. على سبيل المثال، يمكنك تشغيل شات جي بي تي من أي شاشة على سطح المكتب باستخدام اختصار لوحة المفاتيح. استخدم Option + Space على نظام macOS أو Alt + Space على نظام ويندوز. يتميز إصدار سطح المكتب من تطبيق شات جي بي تي أيضًا بوضع الصوت المتقدم، ما يتيح لك الدردشة مع شات جي بي تي في الوقت الفعلي باستخدام الميكروفون.


أخبارنا
منذ 15 ساعات
- أخبارنا
روبوتات الذكاء الاصطناعي تزدهر.. لكن عرش "غوغل" لم يهتز بعد
أخبارنا : رغم النمو المتسارع الذي تشهده روبوتات الدردشة الذكية، لا تزال محركات البحث – وتحديدًا "غوغل" – تهيمن على مشهد الإنترنت العالمي. وبينما تتوسع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، تشير أحدث الإحصاءات إلى أن زمن استبدال محركات البحث لم يحن بعد. بحسب تقرير صادر عن شركة OneLittleWeb، ارتفعت حركة المرور على أبرز 10 روبوتات دردشة ذكية بنسبة 80.92% بين أبريل 2024 ومارس 2025، لتصل إلى 55.2 مليار زيارة، مقارنة بـ 30.5 مليار زيارة في الفترة نفسها من العام السابق. لكن رغم هذا الصعود اللافت، فإن هذه الأرقام لا تزال ضئيلة أمام ما تسجله محركات البحث، بحسب تقرير نشره موقع "androidheadlines" واطلعت عليه "العربية Business". إذ حصدت أفضل 10 محركات بحث – وعلى رأسها "غوغل"– ما يُقدّر بـ 1.86 تريليون زيارة خلال الفترة نفسها، وهو ما يعادل 34 ضعفًا من حركة روبوتات الدردشة. "غوغل".. الملك الذي لا يُنافس وعلى الرغم من الشعبية المتزايدة لـ شات جي بي تي، الذي قاد مشهد الذكاء الاصطناعي التفاعلي بعدد زيارات بلغ 47.7 مليار (+67.09%)، فإن "غوغل" بمفرده سجل 1.63 تريليون زيارة – أي أكثر بـ 26 مرة من أقرب منافس من فئة روبوتات الدردشة. اللافت في التقرير أن محركات البحث التقليدية شهدت انخفاضًا طفيفًا في حركة المرور بنسبة 0.51%، إلا أن بعض المحركات مثل "بينغ" و"ياندكس" سجّلت نموًا لافتًا بلغ 27.77% و32.65% على التوالي، مدفوعة بدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في نتائج البحث. وقد بدأت "غوغل" بالفعل في تعزيز منصتها بخيارات مثل "نظرة عامة بالذكاء الاصطناعي" و"وضع الذكاء الاصطناعي"، مما يعكس التوجه الجديد الذي يجمع بين قوة البحث التقليدي وسرعة الذكاء الاصطناعي. أسماء جديدة تُحقق قفزات غير مسبوقة في مشهد الذكاء الاصطناعي، برزت منصات ناشئة مثل "ديب سيك" و"غروك"، حيث سجلت الأولى نموًا تجاوز 100,000%، فيما قفزت الثانية بنسبة غير مسبوقة بلغت 350,000% خلال عام واحد فقط. تُظهر البيانات أن روبوتات الدردشة الذكية باتت جزءًا متزايد الأهمية من استخدامات الإنترنت اليومية، لكنها حتى اللحظة لا تُهدد عرش محركات البحث. بل يبدو أن المسارين يسيران جنبًا إلى جنب، كلٌ يخدم المستخدم بطريقته: الأول عبر تفاعلات فورية ذكية، والثاني عبر نتائج دقيقة وعالم من المعلومات المنظمة. لذلك، وفي المستقبل القريب على الأقل، يبقى البحث التقليدي هو العملاق الحقيقي للويب، بينما تتسلل أدوات الذكاء الاصطناعي إلى حياتنا بوتيرة مذهلة.

الدستور
منذ يوم واحد
- الدستور
الذكاء الاصطناعي يفضّل الصحافة في نحو نصف ردودها على الأسئلة
وكالات في وقت تتسارع فيه وتيرة الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في البحث وصناعة المحتوى، كشفت منصة "موك راك" (Muck Rack) الأميركية، في تقرير حديث، عن دور حيوي يلعبه المحتوى الصحفي في تغذية استجابات هذه النماذج الذكية. وبحسب التقرير، فإن نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الرئيسية، مثل "تشات جي بي تي" و"جيمناي" و"كلود"، تستشهد بالصحافة في نحو نصف ردودها على الأسئلة التي تتطلب معلومات حديثة أو آنية، مما يعكس أهمية الصحافة في تعزيز جودة مخرجات هذه النماذج. وأوضح التقرير أن أكثر من 27% من الاستشهادات عبر مليون اختبار أجري على المنصة تعود لمصادر صحفية، بينما ترتفع النسبة إلى 49% عند التعامل مع أسئلة ترتبط بمواضيع راهنة، مثل آخر تطورات العلاجات الطبية أو الأوضاع السياسية والاقتصادية. ومن اللافت أن الذكاء الاصطناعي يُظهر ميلاً واضحًا إلى المحتوى الإخباري المنشور خلال الأشهر الـ12 الماضية، حيث اعتمد نموذج "تشات جي بي تي" على محتوى حديث في 56% من استشهاداته الصحفية، مقابل 36% لنموذج "كلود" المطور من قبل شركة Anthropic. كما أظهر التقرير أن نوعية الأسئلة تؤثر في مصادر الاستشهاد؛ فبينما تميل الأسئلة "الذاتية" أو التي تطلب نصائح وإرشادات عملية إلى الاستشهاد بـ"المدونات ومحتوى الشركات"، فإن الأسئلة ذات الطابع الإخباري أو التحليلي تعتمد بدرجة أكبر على المؤسسات الصحفية المرموقة. وتصدّرت وكالة رويترز وصحف فايننشال تايمز، تايم، فوربس، وأكسيوس قائمة أكثر المصادر الإخبارية التي استشهدت بها نماذج الذكاء الاصطناعي، سواء في "تشات جي بي تي" أو "جيمناي". ويرى مراقبون أن هذا التوجه يعيد التأكيد على أهمية الصحافة الاحترافية كمصدر موثوق للمعلومة، في عصر تتداخل فيه خيوط المحتوى التوليدي مع الحقائق الإخبارية. كما يُبرز التحدي المستقبلي أمام المؤسسات الإعلامية في كيفية تنظيم استخدام محتواها من قبل أدوات الذكاء الاصطناعي، دون الإضرار بحقوق النشر أو فقدان السيطرة على سرديتها.