
إسرائيل ترسم منطقة عازلة في جنوب لبنان وترمي خرائطها للسكان
وألقت طائرة مسيّرة إسرائيلية صباح الخميس مناشير تحذيرية فوق بلدة شبعا في جنوب شرقي لبنان، حددت فيها ما وصفته بـ«الخط الأحمر» على خرائط مرفقة، محذّرة من تجاوزه. وشملت المناشير مناطق محاذية لمزارع شبعا، وجاءت مصحوبة بخريطة ملوّنة تظلل المساحة المستهدفة باللون الأحمر.
نسخة من الخريطة التي رمتها مسيّرات إسرائيلية فوق منطقة شبعا بجنوب لبنان صباح الخميس (متداول)
وتُعد هذه الخطوة جزءاً من إجراءات إسرائيلية ميدانية تشهدها المنطقة الحدودية، وتتباين التفسيرات حول أهدافها بين اعتبارها إجراءً أمنياً بحتاً، وقراءتها محاولة لتكريس واقع جديد على الأرض.
وجاء في نص المناشير: «يُمنع عبور الخط الأحمر باتجاه الحدود الإسرائيلية. كل من يدخل المنطقة الملوّنة بالأحمر يعرّض نفسه للخطر». ووفق مصادر ميدانية، فإن الخريطة تتطابق مع نطاق أمني جديد تحاول إسرائيل فرضه على طول القطاع الشرقي من الحدود. هذه السياسة سبق أن تجلت في يوليو (تموز) الماضي، حين ألقت إسرائيل منشورات على نحّالي شبعا تحذّرهم من نقل مناحلهم إلى مناطق تراها حساسة أمنياً.
وقد سبق هذا التصعيد، قيام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، يوم الأربعاء، بجولة داخل جنوب لبنان، في خطوة أريد منها عكس الواقع الأمني الجديد على الحدود.
ورأى اللواء المتقاعد من الجيش اللبناني الدكتور عبد الرحمن شحيتلي، أنّ «ما أقدمت عليه إسرائيل اليوم في مزارع شبعا، هو محاولة واضحة لفرض أمر واقع جديد على الحدود الجنوبية، وجعل هذا الخط بمثابة القسم الشمالي من خط وقف إطلاق النار الجديد المزمع بين لبنان وإسرائيل، وذلك بعد محاولة وضع خط هدنة مستحدث يبدأ من الناقورة وصولاً إلى جسر الغجر».
واعتبر شحيتلي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا المؤشر خطير للغاية، «بل أخطر من الخطير»، لأنه إذا قبل به لبنان، «فهذا يعني عملياً التنازل عن أراضٍ لبنانية مثبتة الملكية لأصحابها، وموثقة في الاتفاقات الرسمية الموقعة بين لبنان وسوريا».
وقدّر شحيتلي أن «المساحة التي يشملها الإجراء الإسرائيلي الجديد تبلغ نحو 50 كيلومتراً مربعاً»، مؤكداً أن «هذه أراضٍ لبنانية بالكامل، ولا يساورنا أي شك في هويتها».
قصف إسرائيلي على الجانب اللبناني في مزارع شبعا (أرشيفية - أ.ف.ب)
وأوضح أن هذه الخطوة «تستهدف منع أصحاب الأراضي اللبنانيين من الوصول إلى أراضيهم وزراعتها، لتكريس الاحتلال بشكل تدريجي، على غرار ما فعلته إسرائيل في الجولان، حيث بدأت بفرض وقائع ميدانية قبل أن تقدم لاحقاً على ضمها». وأضاف: «هذا الخط المرسوم يغيّر الحدود المعترف بها، ويهدد بأن يتحول إلى أساس لأي تسويات أو اتفاقات مستقبلية، وهو ما يجب التصدي له فوراً».
إثارة موضوع «الخط الأحمر» استدعت إلى الأذهان الخيمة التي نصبها «حزب الله» في يونيو (حزيران) 2023 قرب الخط الأزرق في منطقة مزارع شبعا (جبل دوف)، قبل حرب الإسناد التي اندلعت في خريف 2023. تلك الخيمة اعتُبرت يومها رسالة سياسية وعسكرية تختبر ما عرف في حينها بقواعد الاشتباك. فإدراج موقع الخيمة ضمن النطاق الملوّن اليوم يضفي بعداً إضافياً للتحذير الإسرائيلي، ويكشف سعي تل أبيب لإزالة أي تمركز رمزي أو فعلي لـ«الحزب» في نقاط متقدمة.
استعاد شحيتلي خلفية ترسيم الحدود، مشدداً على أنه «لا يوجد أي خلاف حدودي بين لبنان وسوريا، فالموضوع حُسم منذ الأربعينات عندما وُقعت خريطة حدودية بين لجنة عقارية لبنانية وأخرى سورية، وأعيد تثبيتها في ستينات القرن الماضي وبداية السبعينات عبر اجتماعات رسمية، حيث ترأس الوفد اللبناني وزير الخارجية، وترأس الوفد السوري نائب رئيس الحكومة ووزير الخارجية. وقد وافق مجلسا الوزراء في البلدين على تقارير اللجان والخرائط المرفقة، ما جعل الحدود اللبنانية - السورية مرسمة نهائياً عام 1970».
لافتة تشير إلى اتجاه مزارع شبعا على الحدود بين لبنان وإسرائيل وسوريا (المركزية)
ولفت إلى أن «المشكلات التي طرأت لاحقاً لم تكن على خط الحدود، بل على الملكيات العقارية، إذ توجد أراضٍ للبنانيين داخل الأراضي السورية وأخرى لسوريين داخل الأراضي اللبنانية، وقد اتفق على تسويتها عبر قضاة عقاريين من البلدين».
وفي ما يتعلق بمزارع شبعا، أوضح شحيتلي أن «إسرائيل احتلت الجزء الأول منها عام 1967 بعد حرب لم يشارك فيها لبنان، وكانت تلك المنطقة تضم قوات سورية واعتبرتها إسرائيل أراضي سورية. ثم توسعت إسرائيل بعد ذلك إلى مناطق أخرى بعد 1967، في فترة ما كان يُعرف بـ(فتح لاند) في العرقوب الذي كانت تتمركز فيه المنظمات الفلسطينية. أما المرحلة الثالثة فكانت بعد اجتياح 1982، وصولاً إلى احتلال أجزاء إضافية عام 1989».
ودعا الحكومة اللبنانية إلى «اتخاذ موقف رسمي وعلني وفوري، وتسجيل اعتراض واضح لدى الأمم المتحدة على هذا الإجراء، والمطالبة بإزالته فوراً، لأنه يشكل تكريساً للاحتلال ويعطل أي شروط لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلة، كما يمهّد لمحاولة ضمها على غرار ما حصل في الجولان».
وتزامن إلقاء المناشير مع إجراءات ميدانية إسرائيلية، بينها استهداف آلية مدنية في يارون، وإلقاء قنبلة على سيارة في شبعا، وقنبلة صوتية قرب أحد الرعاة، بعيد توغل قوة إسرائيلية في وادي هونين فجراً ودخول منزلين قرب العديسة تم خلع أبوابهما والعبث بمحتوياتهما. كما رصد تحليق للطيران الإسرائيلي على علو منخفض فوق بيروت والبقاع والجنوب، في رسالة واضحة بأن التحذير الورقي مدعوم بجهوزية ميدانية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مباشر
منذ 15 دقائق
- مباشر
قمة مرتقبة بين ترامب وبوتين اليوم لبحث السلام في أوكرانيا
مباشر- يجري الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين محادثات في ألاسكا اليوم الجمعة وسط آمال أمريكية تحفها الشكوك بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا لكنها مصحوبة بعرض قدمه بوتين في اللحظة الأخيرة بشأن اتفاق نووي محتمل يمكن أن يساعد الرجلين على إنقاذ ماء الوجه. وسيكون الاجتماع الذي سيعقد في قاعدة جوية تعود إلى حقبة الحرب الباردة في ألاسكا هو أول محادثات مباشرة بينهما منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض. ويأتي وسط مخاوف أوكرانية وأوروبية من أن ترامب قد يتخلى عن كييف. وذكر ترامب، الذي كان يقول إنه سينهي الحرب الروسية في أوكرانيا خلال 24 ساعة، أمس الخميس أنه اتضح أن الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات ونصف أصعب مما كان يعتقد. وقال إنه إذا سارت محادثاته مع بوتين على ما يرام، فإن عقد قمة ثلاثية لاحقة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي - الذي لم تتم دعوته إلى اجتماع اليوم الجمعة - سيكون أكثر أهمية من لقائه مع بوتين. ويضغط ترامب للتوصل إلى هدنة لتعزيز صورته كصانع سلام عالمي يستحق جائزة نوبل للسلام، وهو أمر أبدى صراحة أنه مهم بالنسبة له. وعبرت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون عن ارتياحهم لاتصال هاتفي أجروه يوم الأربعاء وذكروا فيه أن ترامب وافق على ضرورة إشراك أوكرانيا في أي محادثات بشأن التنازل عن أراض. وقال زيلينسكي إن ترامب أيد أيضا فكرة الضمانات الأمنية في تسوية ما بعد الحرب، على الرغم من أن الرئيس الأمريكي لم يشر إليها علنا. وقد هدّأ الاتصال الذي جرى يوم الأربعاء من مخاوفهم من اتفاق بين ترامب وبوتين من شأنه أن يترك أوكرانيا تحت ضغوط لتقديم تنازلات تتعلق بالأراضي وغير ذلك. ويحتاج بوتين إلى ترامب لمساعدة روسيا على الإفلات من قيود العقوبات الغربية المشددة، أو على الأقل عدم فرض المزيد من العقوبات على موسكو، وهو ما هدد به ترامب. وفي اليوم السابق للقمة، أشار زعيم الكرملين إلى احتمال حدوث شيء آخر يعرف أن ترامب يرغب فيه: اتفاقية جديدة لوضع قيود على الأسلحة النووية لتحل محل الاتفاقية الوحيدة المتبقية والتي من المقرر أن ينتهي أجلها في فبراير شباط من العام المقبل. لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا ترشيحات مخاطر النمو ببريطانيا تضع مستثمري السندات في حالة تأهب قصوى


الشرق السعودية
منذ 42 دقائق
- الشرق السعودية
زيارة صادمة من بن جفير للأسير مروان البرغوثي داخل الزنزانة
نشر وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن جفير مقطع فيديو له داخل زنزانة الأسير الفلسطيني البارز مروان البرغوثي يهدده فيه بأن "من يمس إسرائيل سيتم محوه"، فيما قالت السلطة الفلسطينية إن "اقتحام الزنزانة إرهاب نفسي ومعنوي، وانفلات غير مسبوق". وقال بن جفير للبرغوثي، الذي ظهر هزيلاً: "لن تنتصر. من يعبثون بأمة إسرائيل (...) سنقضي عليهم. عليك أن تعرف هذا". وظهر البرغوثي وهو يحاول مقاطة بن غفير، لكن المقطع القصير ينتهي قبل أن يتمكن من ذلك. البرغوثي، البالغ من العمر 66 عاماً، مسجون منذ عام 2002، ومحكوم عليه بالسجن المؤبد 5 مرات، إضافة إلى 25 عاماً. ومقطع الفيديو الذي نشره بن جفير للبرغوثي هو أول ظهور علني له منذ أكثر من عقد. "إرهاب نفسي ومعنوي" وأدان حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني، الزيارة، قائلاً إن "تهديد الوزير في حكومة الاحتلال إيتمار بن جفير، للقائد مروان البرغوثي في سجنه قمة الإرهاب النفسي والمعنوي والجسدي الذي يمارس ضد الأسرى، وضرباً للمواثيق والأعراف الدولية والإنسانية". وأضاف، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن "هذا يشكل انفلاتاً غير مسبوق في سياسة الاحتلال ضد الأسرى الفلسطينيين، ما يتطلب التدخل الفوري للمنظمات والمؤسسات الدولية لحمايتهم". وتقول عائلة البرغوثي إنه مسجون في الحبس الانفرادي منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبرعام 2023، مشيرة إلى أنه تعرض عدة مرات للضرب المبرح على يد الحراس. زوجة البرغوثي: "لم أتعرف عليه" من جانبها، قالت فدوى البرغوثي، زوجة مروان، عقب نشر الفيديو، إنها لم تتعرف على زوجها في المقطع المصور. وأضافت في بيان: "ربما جزء مني لا يريد أن يقر بكل ما يعبر عنه وجهك وجسدك، وبما عانيته أنت وبقية الأسرى". وتابعت: "ما زالوا، يا مروان، يطاردونك ويلاحقونك حتى في الزنزانة الانفرادية التي عشت فيها لعامين. ما زال الاحتلال ورموزه في صراع معك، وما زالت القيود في يديك، لكنني أعرف روحك وعزيمتك، وأعرف أنك ستظل حراً". ملاحقة مستمرة وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس، في تصريحات سابقة لـ"الشرق"، إن السلطات الإسرائيلية تقوم بنقل مروان البرغوثي من قسم عزل إلى قسم عزل آخر في سجونها. وأضاف فارس أن الوزير بن جفير "يقوم بملاحقة الأسير القائد مروان البرغوثي في السجون بهدف الاستعراض أمام الرأي العام الإسرائيلي بقدرته على إيذاء قائد من هذا الوزن". وأوضح: "يحتل مروان البرغوثي مكانة رمزية عالية بين الفلسطينيين، ولهذا تقوم السلطات الإسرائيلية بمحاولة المس به بهدف المس بهذه الرمزية الاستثنائية". وعند أي حديث عن الانتخابات العامة في فلسطين، يتصدر اسم مروان استطلاعات الرأي العام كحصان رابح في أي سباق انتخابي حال الإفراج عنه مهما كان المنافس له. وفي كل مرة يجري فيها حديث عن تبادل أسرى مع إسرائيل، يتصدر مروان البرغوثي الأسماء والتوقعات لدوره في قيادة النظام السياسي في حال تحرره من الأسر.


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
لبحث السلام في أوكرانيا والحد من الأسلحةقمة مرتقبة بين ترامب وبوتين اليوم
يجري الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين محادثات في ألاسكا اليوم وسط آمال أمريكية تحفها الشكوك بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا لكنها مصحوبة بعرض قدمه بوتين في اللحظة الأخيرة بشأن اتفاق نووي محتمل يمكن أن يساعد الرجلين على إنقاذ ماء الوجه. وسيكون الاجتماع الذي سيعقد في قاعدة جوية تعود إلى حقبة الحرب الباردة في ألاسكا هو أول محادثات مباشرة بينهما منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض. ويأتي وسط مخاوف أوكرانية وأوروبية من أن ترامب قد يتخلى عن كييف. وذكر ترامب، الذي كان يقول إنه سينهي الحرب الروسية في أوكرانيا خلال 24 ساعة، أمس أنه اتضح أن الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات ونصف أصعب مما كان يعتقد. وقال إنه إذا سارت محادثاته مع بوتين على ما يرام، فإن عقد قمة ثلاثية لاحقة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي - الذي لم تتم دعوته إلى اجتماع اليوم الجمعة - سيكون أكثر أهمية من لقائه مع بوتين.