
عمر حرقوص يكتب: فضل شاكر.. التقاء الخطَّين المتوازيين
هذا المقال بقلم الصحفي والكاتب اللبناني عمر حرقوص*، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأيه ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
يظهر إعلان على وسائل التواصل الاجتماعي يفيد بأن فضل شاكر سيغني في إحدى الدول العربية في رابع أيام عيد الأضحى المقبل. الإعلان لم يُسبق بتمهيد، وترافقه في الخلفية أغنيته الجديدة "وغلبني"، التي تصدرت التريند وتداولها معجبوه، وكأن الفنان الغائب منذ أكثر من عقد يعود فجأة إلى الساحة الفنية.
فضل شاكر ليس مجرد فنان غائب، بل هو فارّ من وجه العدالة اللبنانية. تلاحقه تهم عدّة، منها تبييض الأموال والمشاركة في أعمال إرهابية. يختبئ في أحد أكبر مخيمات اللاجئين في جنوب لبنان، وينفي عبر حساباته الرسمية إقامة أي حفل فني، فهو لم يُنهِ بعد قضاياه في المحاكم ليتمكن من السفر. ومع ذلك، تستمر الضجة، وتبقى أحلام محبيه كبيرة.
بين صوته المحبوب وصورته المحفوظة عنه كشاب خجول لم تلطخ سيرته قضايا النساء أو المخدرات، وبين الجرائم المتهم بها، لا يزال جمهوره يردد أغانيه القديمة، ويكتب له: "يا غايب ليه ما ترجع.. أحبابك اللي يحبونك"، متناسين أن الرجل نفسه وُجهت إليه اتهامات بدعم مجموعات مسلحة حاربت الجيش اللبناني في مدينة صيدا بقيادة أحمد الأسير. ورغم تبرئته من قضية قتل عناصر من الجيش، فإن قضايا أخرى ما زالت معلقة أمام المحكمة العسكرية.
خلال عرض مسلسل "يا غايب ليه ما تسأل"، ظهر شاكر باكيًا وهو يروي تجربته منذ البداية، ودخوله عالم الغناء، ثم اعتزاله بعد انطلاق الثورة السورية، وانضمامه إلى جماعة الأسير، قبل أن يعود لاحقًا إلى الغناء من مخبئه السري.
بعض محبيه يبررون المطالبة بالعفو عنه مستشهدين بواقع عالمي متغيّر، حيث يتعامل المجتمع الدولي مع قادة حركة طالبان في أفغانستان، أو القيادة السورية الجديدة التي تتنقل بين تنظيمات القاعدة وداعش، وكذلك مع قادة الميليشيات في ليبيا والسودان وغيرها من الدول. يشيرون إلى أن كثيرين ممن صدرت بحقهم عقوبات أو مذكرات توقيف دولية يتحركون عبر العالم، من دون أن يجرؤ أحد على معاقبتهم أو إيقافهم، ويستشهدون بلقاءات الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع مع رؤساء دول، مثل دونالد ترامب وإيمانويل ماكرون. يرى هؤلاء أنه إذا كان العالم يغفر، فلماذا لا يُغفر للفنان العائد من اختفاء دام أكثر من 12 عامًا؟
هذا العالم المتغير، كما يبدو، يتجه نحو مصافحة الأيادي المتهمة بأنها ملطخة بالدم، من السودان إلى قطاع غزة، وسوريا، وأفغانستان، وليبيا. أما الغرب، الذي أسس فيه مفهوم حقوق الإنسان، فيشهد صعودًا متسارعًا لليمين المتطرف، حتى السويد – التي لطالما عُرفت باحتضان اللاجئين – بدأت تتراجع عن تاريخها، وتبحث عن سبل لسحب الجنسيات ممن وصلوا إليها هاربين من الفقر والحروب، لتعيدهم من شمال الكرة الأرضية إلى الجنوب الفقير المؤهل دائمًا للحرب.
في عام 2012، لم يكن فضل شاكر يغني على مسارح الفن، بل في ساحة الشهداء ببيروت، يردد الأناشيد الدينية وسط جماعات متشددة تناصر الثورة السورية. وعلى الطرف المقابل، كان يقف أنصار حزب الله والنظام السوري، يطالبون بمنع تحرك شاكر ورفاقه واعتقالهم. كان صوته جميلًا كما اعتاده جمهوره، لكن كلماته كانت غريبة عن عالم الفن الذي عرفه الناس من خلاله. ورغم ذلك، حين ارتفع صوته، ساد صمت لبعض الوقت في التظاهرتين المتقابلتين، وكأنما صوت "الفنان" اخترق جدار الانقسام، ليناقض تلك المقولة الشائعة: "الفن والإرهاب خطان متوازيان لا يلتقيان".
يتساءل صديق: "لماذا يضيّع هذا الرجل عمره بمجالسة المتطرفين؟" سؤال مشروع، لا سيما حين يُستمع إلى صوته الذي لا يزال يحتفظ بعذوبته، رغم السنوات التي غيّرت ملامح شخصيته ومسيرته. يعود شاكر بأغنيته "وغلبني"، متذكرًا ماضيه وحالمًا أن يعود إليه، لا كمطلوب فار، بل كنجم يلاحقه المعجبون لا رجال الأمن. صورته الجديدة تصلنا فقط عبر المعجبين، فيما يظل هو غائبًا، بانتظار أن تُغلق قضاياه، ويعود إلى "نجوميته" التي ضيّعها حينما ظن أن الحرب والإرهاب بديلان عن الفن والغناء.
السؤال الذي يردده جمهوره: "يا غايب ليه ما ترجع؟" لا يُطرح على الفنان وحده، بل على العدالة، وعلى الحقيقة، وعلى الخط الرفيع الفاصل بين الفن والجريمة، بين ما نودّ أن نتذكره، وما لا نستطيع أن نغفره.
* عمر حرقوص، صحفي، رئيس تحرير في قناة "الحرة" في دبي قبل إغلاقها، عمل في قناة "العربية" وتلفزيون "المستقبل" اللبناني، وفي عدة صحف ومواقع ودور نشر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


CNN عربية
منذ 11 ساعات
- CNN عربية
صَدمة والكثير من الأمنيات نانسي عجرم تحتفل بعيد ميلادها
صَدمه وقوالب حلوى والكثير من الأمنيات نانسي عجرم تحتفل بعيد ميلادها، إليسا تساند كارول، أحمد حلمي يحتفل بذكرى زواجه الـ 23، جورج وسوف يوجه رسالة لمروجي شائعة وفاته، و"جيه جيه" يفوز بالـ "يورو فيجن".. الأبرز في أسبوع. محاطة بمحبيها، احتفلت النجمة اللبنانية نانسي عجرم بعيد ميلادها.. بالكثير من الأمنيات، وقوالب الحلوى، وأضخمها ذلك الذي حضره لها فريقها في احتفالٍ بدأ بالصدمة حدّ الذعر الذي بدا واضحًا عليها من المفاجأة قبل أن تغمرها السعادة، وهي تحتفل معهم على أنغام أحدث أغانيها "ورانا إيه". وفي لبنان اختتمت الفنّانة اللبنانية كارول سماحة عروض مسرحيتها الغنائية "كله مسموح"، وكانت "ملكة الإحساس" إليسا قد حضرت إحدى العروض لمساندة زميلتها. وبكل ما يملك من قوة لطالما تغلب فيها على فجائع الحياة؛ يستعد جورج وسوف لإحياء سلسلة من الحفلات أواخر شهر مايو/ الجاري، ومطلع حزيران/يونيو المقبل. وعلى طريقته الساخرة نفى "سلطان الطرب" شائعة وفاته التي انتشرت الأسبوع الماضي. وبفيديو من حفل زفافه؛ احتفل النجم المصري أحمد حلمي الأسبوع الماضي بذكرى زواجه الثالثة والعشرين من النجمة المصرية منى زكي. أخيراً.. فازت النمسا بمسابقة "يوروفيجن" للأغنية للمرة الثالثة، بعد نهائي مبهر في جارتها سويسرا، حيث حصد المغني يوهانس بيتش المعروف بـ "جيه جيه" أصوات القارة الأوروبية عن أغنتيه الأوبرالية "Wasted Love حب ضائع". قراءة المزيد جورج وسوف مشاهير موسيقى نانسي عجرم


CNN عربية
منذ 17 ساعات
- CNN عربية
عمر حرقوص يكتب: فضل شاكر.. التقاء الخطَّين المتوازيين
هذا المقال بقلم الصحفي والكاتب اللبناني عمر حرقوص*، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأيه ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN. يظهر إعلان على وسائل التواصل الاجتماعي يفيد بأن فضل شاكر سيغني في إحدى الدول العربية في رابع أيام عيد الأضحى المقبل. الإعلان لم يُسبق بتمهيد، وترافقه في الخلفية أغنيته الجديدة "وغلبني"، التي تصدرت التريند وتداولها معجبوه، وكأن الفنان الغائب منذ أكثر من عقد يعود فجأة إلى الساحة الفنية. فضل شاكر ليس مجرد فنان غائب، بل هو فارّ من وجه العدالة اللبنانية. تلاحقه تهم عدّة، منها تبييض الأموال والمشاركة في أعمال إرهابية. يختبئ في أحد أكبر مخيمات اللاجئين في جنوب لبنان، وينفي عبر حساباته الرسمية إقامة أي حفل فني، فهو لم يُنهِ بعد قضاياه في المحاكم ليتمكن من السفر. ومع ذلك، تستمر الضجة، وتبقى أحلام محبيه كبيرة. بين صوته المحبوب وصورته المحفوظة عنه كشاب خجول لم تلطخ سيرته قضايا النساء أو المخدرات، وبين الجرائم المتهم بها، لا يزال جمهوره يردد أغانيه القديمة، ويكتب له: "يا غايب ليه ما ترجع.. أحبابك اللي يحبونك"، متناسين أن الرجل نفسه وُجهت إليه اتهامات بدعم مجموعات مسلحة حاربت الجيش اللبناني في مدينة صيدا بقيادة أحمد الأسير. ورغم تبرئته من قضية قتل عناصر من الجيش، فإن قضايا أخرى ما زالت معلقة أمام المحكمة العسكرية. خلال عرض مسلسل "يا غايب ليه ما تسأل"، ظهر شاكر باكيًا وهو يروي تجربته منذ البداية، ودخوله عالم الغناء، ثم اعتزاله بعد انطلاق الثورة السورية، وانضمامه إلى جماعة الأسير، قبل أن يعود لاحقًا إلى الغناء من مخبئه السري. بعض محبيه يبررون المطالبة بالعفو عنه مستشهدين بواقع عالمي متغيّر، حيث يتعامل المجتمع الدولي مع قادة حركة طالبان في أفغانستان، أو القيادة السورية الجديدة التي تتنقل بين تنظيمات القاعدة وداعش، وكذلك مع قادة الميليشيات في ليبيا والسودان وغيرها من الدول. يشيرون إلى أن كثيرين ممن صدرت بحقهم عقوبات أو مذكرات توقيف دولية يتحركون عبر العالم، من دون أن يجرؤ أحد على معاقبتهم أو إيقافهم، ويستشهدون بلقاءات الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع مع رؤساء دول، مثل دونالد ترامب وإيمانويل ماكرون. يرى هؤلاء أنه إذا كان العالم يغفر، فلماذا لا يُغفر للفنان العائد من اختفاء دام أكثر من 12 عامًا؟ هذا العالم المتغير، كما يبدو، يتجه نحو مصافحة الأيادي المتهمة بأنها ملطخة بالدم، من السودان إلى قطاع غزة، وسوريا، وأفغانستان، وليبيا. أما الغرب، الذي أسس فيه مفهوم حقوق الإنسان، فيشهد صعودًا متسارعًا لليمين المتطرف، حتى السويد – التي لطالما عُرفت باحتضان اللاجئين – بدأت تتراجع عن تاريخها، وتبحث عن سبل لسحب الجنسيات ممن وصلوا إليها هاربين من الفقر والحروب، لتعيدهم من شمال الكرة الأرضية إلى الجنوب الفقير المؤهل دائمًا للحرب. في عام 2012، لم يكن فضل شاكر يغني على مسارح الفن، بل في ساحة الشهداء ببيروت، يردد الأناشيد الدينية وسط جماعات متشددة تناصر الثورة السورية. وعلى الطرف المقابل، كان يقف أنصار حزب الله والنظام السوري، يطالبون بمنع تحرك شاكر ورفاقه واعتقالهم. كان صوته جميلًا كما اعتاده جمهوره، لكن كلماته كانت غريبة عن عالم الفن الذي عرفه الناس من خلاله. ورغم ذلك، حين ارتفع صوته، ساد صمت لبعض الوقت في التظاهرتين المتقابلتين، وكأنما صوت "الفنان" اخترق جدار الانقسام، ليناقض تلك المقولة الشائعة: "الفن والإرهاب خطان متوازيان لا يلتقيان". يتساءل صديق: "لماذا يضيّع هذا الرجل عمره بمجالسة المتطرفين؟" سؤال مشروع، لا سيما حين يُستمع إلى صوته الذي لا يزال يحتفظ بعذوبته، رغم السنوات التي غيّرت ملامح شخصيته ومسيرته. يعود شاكر بأغنيته "وغلبني"، متذكرًا ماضيه وحالمًا أن يعود إليه، لا كمطلوب فار، بل كنجم يلاحقه المعجبون لا رجال الأمن. صورته الجديدة تصلنا فقط عبر المعجبين، فيما يظل هو غائبًا، بانتظار أن تُغلق قضاياه، ويعود إلى "نجوميته" التي ضيّعها حينما ظن أن الحرب والإرهاب بديلان عن الفن والغناء. السؤال الذي يردده جمهوره: "يا غايب ليه ما ترجع؟" لا يُطرح على الفنان وحده، بل على العدالة، وعلى الحقيقة، وعلى الخط الرفيع الفاصل بين الفن والجريمة، بين ما نودّ أن نتذكره، وما لا نستطيع أن نغفره. * عمر حرقوص، صحفي، رئيس تحرير في قناة "الحرة" في دبي قبل إغلاقها، عمل في قناة "العربية" وتلفزيون "المستقبل" اللبناني، وفي عدة صحف ومواقع ودور نشر.


CNN عربية
منذ 4 أيام
- CNN عربية
مصر.. حكم قضائي بإيداع نجل محمد رمضان في دار رعاية
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أصدرت محكمة الجُنح بمدينة "6 أكتوبر" في مصر، الخميس، حكمًا بإيداع نجل الفنّان المصري محمد رمضان بإحدى دور الرعاية، في واقعة التعدي على طفل في أحد النوادي الرياضية، "دون تحديد مدة الإيداع". وذلك: "إثر غياب كل من الفنان محمد رمضان ونجله عن حضور أولى جلسات المحاكمة، في حين حضرت والدة الطفل المجني عليه، التي تمسكت باتهام نجل رمضان بالاعتداء على ابنها وإحداث إصابات به"، بحسب ما نشر موقع "بوابة الأهرام" الحكومي المصري. وتجاهل الفنّان محمد رمضان الحكم، والاتهامات الموجهة لطفله، بينما يواصل الترويج عبر حسابه الرسمي على إنستغرام الترويج لأحد أغانيه "البابا راجع".. A post shared by Mohamed Ramadan (@mr1) وكان رمضان قد اصحب نجله في زيارته الأخيرة لأمريكا، في أبريل/ نيسان الماضي، حيث شارك في حفلين بمهرجان "كوتشيلا" للموسيقى والفنون بكاليفورنيا، وأثار وقتها الكثير من الجدل بسبب إطلالته في حفله الأول. A post shared by Mohamed Ramadan (@mr1) محمد رمضان يقَبل جواز السفر المصري في حفله الثاني بـ"كوتشيلا"