logo
المغاربة ليسوا « عباد الدوارة »!

المغاربة ليسوا « عباد الدوارة »!

وجدة سيتيمنذ يوم واحد

خلافا للسنوات الماضية التي كان فيها المغاربة أكثر انشغالا بالحديث عن أسعار الأضاحي كلما اقترب موعد عيد الأضحى، لاسيما في ظل ما باتت تشهده بلادنا من جفاف وغلاء في أسعار الأعلاف وغيرها من المواد الأساسية، تحول الحديث خلال هذه السنة عن التهافت على شراء « الدوارة » واللحوم، أياما قليلة قبل حلول « العيد الكبير »، الذي ارتأى الملك محمد السادس بصفته أميرا للمؤمنين، أن يرفع الحرج عن الأسر الفقيرة وذوي الدخل المحدود، من خلال الدعوة إلى عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد لهذه السنة، مستحضرا في ذلك التحديات المناخية والاقتصادية والتراجع الكبير في القطيع الوطني…
ففي رسالة ملكية سامية تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق يوم 26 فبراير 2025، قال جلالته: « إن حرصنا على تمكينكم من الوفاء بهذه الشعيرة الدينية في أحسن الظروف، يواكبه واجب استحضارنا لموا يواجه بلادنا من تحديات مناخية واقتصادية، أدت إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية… ولهذه الغاية، وأخذا بعين الاعتبار أن عيد الأضحى هو سنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء الشعب، لاسيما ذوي الدخل المحدود. ومن منطلق الأمانة المنوطة بنا، كأمير المؤمنين والساهر الأمين على إقامة شعائر الدين وفق ما تتطلبه الضرورة والمصلحة الشرعية، وما يقتضيه واجبنا في رفع الحرج والضرر وإقامة التيسير، والتزاما بقوله تعالى: « وما جعل عليكم في الدين من حرج »، فإننا نهيب بشعبنا العزيز إلى عدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة. إذ سنقوم إن شاء الله تعالى بذبح الأضحية نيابة عن شعبنا وسيرا على سنة جدنا المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، عندما ذبح كبشين وقال: « هذا لنفسي وهذا عن أمتي »
بيد أنه ما إن بدت أسعار اللحوم والخرفان في التراجع مباشرة بعد الرسالة المولوية الكريمة، حتى عادت الأسعار من جديد وفي ظرف وجيز للارتفاع بسبب ما أصاب البعض من « لهطة » إثر الإقبال الكثيف على شراء اللحوم وأحشاء الخرفان والأبقار أو ما يطلق عليها « الدوارة »، حيث شهدت الأسواق ومحلات الجزارة في مختلف مدن المملكة في الأيام القليلة التي تسبق عيد الأضحى ازدحاما مثيرا ومقلقا، مما أدى إلى التهاب الأسعار بشكل لافت ومخيف، لاسيما فيما يخص المنتجات الأكثر طلبا من قبيل الكبد القلب، حيث قفز سعر الدوارة إلى 800 درهم ورأس الخروف إلى 200 درهم…
وإذا كان بعض المهتمين بالشأن العام والجزارين بشكل خاص يرون في هذا التهافت على اللحوم و »الدوارة » يعكس مدى رغبة الأسر المغربية في الحفاظ على أجواء عيد الأضحى وتكريس عاداته وتقاليده رغم غياب الأضحية، ودعا باحثون في الشأن الديني إلى ضرورة » الاستهلاك المعتدل »، فيما يتأسف آخرون وهم كثر لعدم مواكبة الرسالة الملكية بحملات تحسيسية حول أهمية ما جاء في مضامينها من دعوة صريحة إلى ترسيخ قيم التضامن والقناعة، والتصدي للمضاربين و »الشناقة » من أجل حماية القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة وحتى المتوسطة وفسح مجال أمام الماشية للتكاثر.
فإن وزير العدل الأسبق والقيادي السابق في حزب العدالة والتنمية مصطفى الرميد أبى إلا أن يغتنم هذه الفرصة لغرض في نفسه ويصف في تدوينة نشرها على حسابه بموقع « فيسبوك »، أولئك المتهافتين على شراء « الدوارة » ب »الغلاة المتنطعين » و »عباد الدوارة »، رافضا بشدة مثل هذا السلوك الضار بالمجتمع والمؤذي للجيران، وما أبداه البعض الآخر من إصرار على الذبح السري رغم التوجيهات الملكية…
وهي التدوينة التي أثارت حفيظة الكثير من المواطنات والمواطنين وأثارت الجدل في المقاهي وعلى صفحات التواصل الاجتماعي وغيرها، رافضين أن تصدر مثل هذه الأوصاف المستفزة وغير المحسوبة العواقب عن وزير سابق من حزب ذي مرجعية إسلامية، وخلفت تساؤلات عميقة عن مستوى الخطاب السياسي وحدوده لدى النخب السياسية في التعاطي مع القضايا الاجتماعية التي تهم فئات واسعة من المجتمع المغربي وغيرها من الأحداث والمناسبات، إذ هناك من رأى في قوله تجن صارخ على البسطاء الذين لا يعرفون لذة الفرح إلا في العيدين الصغير والكبير: عيد الفطر وعيد الأضحى، وأنه لو لم يكن يتمتع بذبح الخرفان على طول السنة ما كان ليستكثر عليهم هذه اللحظة العابرة من الفرح…
صحيح أن إقدام البعض على الذبح السري أو التهافت على شراء « الدوارة » واللحوم، يعد خروجا على طاعة ولي الأمر وأمير المؤمنين ومخالفة لتوجيهاته السامية، ويشكل سلوكا مرفوضا. وصحيح أيضا أنه لا يجوز لأي كان في ظل هذه الظروف الصعبة إتاحة الفرصة للمضاربين في التلاعب بالأسعار والمس بالقدرة الشرائية للفقراء وذوي الدخل المحدود، فضلا عما يمكن أن يترتب عن ذلك من تفاقم الأوضاع من خلال ارتفاع أسعار اللحوم وإلحاق الضرر بالقطيع الوطني…
لكن ما ليس صحيحا هو أن يوصف المغاربة ب »عباد الدوارة » والحال أنهم ليسوا سوى عشاق للحم الخروف وأحشائه من كبد وقلب وغيرهما. وعلى مدبري الشأن العام استخلاص العبرة مما حدث، إذ ماذا أعدوا لهم من برامج بعد أن تحولت شعيرة عيد الأضحى إلى عادة مترسخة في وجدانهم؟ وأين نحن من دور الأحزاب السياسية، والمدارس التعليمية ودور العبادة ووسائل الإعلام في مواكبة الرسالة الملكية السامية الداعية إلى اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على القطيع، والقيام بما يلزم من تأطير المواطنين؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اتفاقية شراكة تجمع مؤسسة المهرجان المغربي الإيطالي ومؤسسة فرنسية لدعم مغربية الصحراء
اتفاقية شراكة تجمع مؤسسة المهرجان المغربي الإيطالي ومؤسسة فرنسية لدعم مغربية الصحراء

LE12

timeمنذ ساعة واحدة

  • LE12

اتفاقية شراكة تجمع مؤسسة المهرجان المغربي الإيطالي ومؤسسة فرنسية لدعم مغربية الصحراء

جرى أول أمس الثلاثاء، بمقر القنصلية العامة للمملكة المغربية بمدينة بوردو بفرنسا، توقيع اتفاقية شراكة وتعاون بين مؤسسة المهرجان المغربي الإيطالي، وجمعية رباط الفتح، والمؤسسة الفرنسية للتنمية والبيئة والسلام، والتي تهم دعم القضية الوطنية. وتهدف هذه المؤسسات من خلال هذه الاتفاقية إلى وضع آليات دائمة لتبادل التجارب والخبرات من أجل دعم القضية الوطنية في المحافل الإقليمية والدولية. وبهذه المناسبة أكد هوبر سيون رئيس المؤسسة الفرنسية للتنمية والبيئة والسلام، أن مؤسسته تساند بشكل دائم مبادرة الحكم الذاتي، وأشار إلى لقاء السمارة الذي تعمل مؤسسته على تنظيمه منذ سنوات، وقال إنه دليل على أن السياسة الحكيمة لجلالة الملك تتميز بالحكمة والواقعية معبرا عن مساندته لهذه التوجهات التي تخدم الأمن والسلام في المنطقة بما يعزز الاستقرار في المنطقة المتوسطية ويدعم التعاون شمال جنوب. ومن جانبه، أكد عبد الكريم بناني، رئيس جمعية رباط الفتح، على دور الديبلوماسية الموازية الحقيقية في تحسيس المؤسسات خارج التراب الوطني بأهمية القضية الوطنية، ودعا إلى تعميق التعاون بين جمعيات المجتمع المدني ونظيراتها عبر العالم لدعم الدبلوماسية العامة المؤيدة للقضية الوطنية. وبدوره شدد عبد الله خزراجي، رئيس جمعية المهرجان المغربي الإيطالي، على ضرورة استثمار هذه التجارب الغنية والثمينة في اطار مبادرات مشتركة بين هذه المؤسسات، داعيا إلى إشراك مغاربة العالم والفاعلين غير الحكوميين، في إطار برامج الدبلوماسية العامة والناعمة لدعم قضية الصحراء المغربية. واتفق الموقعون بمقر قنصلية بوردو، على توسيع الشراكات والتعاون وتبادل التجارب كذلك مع دول أخرى في أوروبا ودول العالم. ومن جانبها، أكدت نزهة الساهل، القنصل العام للمملكة المغربية ببوردو، على دعمها لهذه المبادرة التي تهدف بالأساس إلى أن تكون منصة لتعزيز الحضور الثقافي المغربي بمدينة بوردو وجهة نوفيل اكيتان من خلال التظاهرات الثقافية والفنية التي تقرب الشعوب وتبرز غنى وتنوع الهوية المغربية. وأضافت أن 'احتضان القنصلية العامة للمملكة المغربية ببوردو لهذه المبادرة، يشكل مظهرا من مظاهر تلاقح الدبلوماسية الرسمية والدبلوماسية الموازية، ونموذجا فعليا لانخراط الجالية ومكوناتها الجمعوية من خلال مشاركته الفعالة خدمة للوحدة الترابية للمملكة وتعزيز الموقف المغربي في قضية الصحراء المغربية تجسيدا للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده'. وبهذه المناسبة أعلن ممثلو المؤسسات المذكورة إلى جانب السيدة القنصل العام، على العمل على إحياء اتفاقية التوأمة بين مدينة بازاس بنواحي بوردو، ومدينة السمارة من خلال فعاليات ومبادرات مشتركة، إضافة إلى مدينة إيطالية صديقة للمغرب.

بوردو.. توقيع اتفاقية لدعم القضية الوطنية وتعزيز التعاون الثقافي
بوردو.. توقيع اتفاقية لدعم القضية الوطنية وتعزيز التعاون الثقافي

هبة بريس

timeمنذ 3 ساعات

  • هبة بريس

بوردو.. توقيع اتفاقية لدعم القضية الوطنية وتعزيز التعاون الثقافي

هبة بريس وقعت مؤسسة المهرجان المغربي الإيطالي وجمعية رباط الفتح مساء الثلاثاء اتفاقية شراكة وتعاون مع المؤسسة الفرنسية للتنمية والبيئة والسلام بمقر القنصلية العامة للمملكة المغربية بمدينة بوردو بفرنسا. ويترأس المؤسسة الفرنسية هوبر سيون و جمعية رباط الفتح للتنمية السيد عبدالكريم بناني و جمعية المهرجان المغربي الايطالي السيد عبدالله خزراجي، وتهدف هذه المؤسسات من خلال هذه الاتفاقية الى وضع آليات دائمة لتبادل التجارب والخبرات من اجل دعم القضية الوطنية في المحافل الإقليمية والدولية. وبهذه المناسبة أكد السيد هوبر سيون ان مؤسسته تساند بشكل دائم مبادرة الحكم الذاتي و اشار الى لقاء السمارة الذي تعمل مؤسسته على تنظيمه منذ سنوات وقال إنه دليل على ان السياسة الحكيمة لجلالة الملك تتميز بالحكمة والواقعية ونحن نساند هذه التوجهات التي تخدم الامن والسلام في المنطقة بما يعزز الاستقرار في المنطقة المتوسطية ويدعم التعاون شمال جنوب. اما السيد عبدالكريم بناني فأكد على دور الديبلوماسية الموازية الحقيقية في تحسيس المؤسسات خارج التراب الوطني باهمية القضية الوطنية ودعا الى تعميق التعاون بين جمعيات المجتمع المدني ونظيراتها عبر العالم لدعم الدبلوماسية العامة المؤيدة للقضية الوطنية. بدوره, قال السيد عبدالله خزراجي أن هذه التجارب غنية وثمينة ينبغي استثمارها في اطار مبادرات مشتركة بين هذه المؤسسات ودعا الى اشراك مغاربة العالم في اطار برامج الدبلوماسية العامة و الناعمة والفاعلين غير الحكوميين لدعم قضية الصحراء المغربية. واتفق الموقعون بمقر قنصلية بوردو على توسيع شركات تعاون و تبادل التجارب كذلك مع دول اخرى في اوربا و دول العالم. ومن جانبها, أكدت السيدة نزهة الساهل القنصل العام للمملكة المغربية ببوردو عن دعمها لهذه المبادرة التي تهدف بالأساس ان تكون منصة لتعزيز الحضور الثقافي المغربي بمدينة بوردو و جهة نوفيل اكيتان من خلال التظاهرات الثقافية و الفنية التي تقرب الشعوب و تبرز غنى وتنوع الهوية المغربية . 'احتضان القنصلية العامة للمملكة المغربية ببوردو لهذه المبادرة يشكل مظهرا من مظاهر تلاقح الدبلوماسية الرسمية و الدبلوماسية الموازية ونموذجا فعليا لانخراط الجالية ومكوناتها الجمعوية من خلال مشاركته الفعالة خدمة للوحدة الترابية للمملكة وتعزيز الموقف المغربي في قضية الصحراء المغربية تجسيدا للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و ايده'. وبهذه المناسبة أعلن ممثلون المؤسسات المذكورة الى جانب السيدة القنصل العام على العمل على احياء اتفاقبة التوأمة بين مدينة بازاس بنواحي بوردو ، ومدينة السمارة من خلال فعاليات و مبادرات مشتركة اضافة الى مدينة ايطالية صديقة المغرب.

مجلس جهة سوس ماسة أمام أزمة غير مسبوقة بعد تصدع أغلبية الأحرار و"البام" والاستقلال
مجلس جهة سوس ماسة أمام أزمة غير مسبوقة بعد تصدع أغلبية الأحرار و"البام" والاستقلال

اليوم 24

timeمنذ 3 ساعات

  • اليوم 24

مجلس جهة سوس ماسة أمام أزمة غير مسبوقة بعد تصدع أغلبية الأحرار و"البام" والاستقلال

يبدو أن مجلس جهة سوس ماسة، يسير نحو تصدع مكوناته الحزبية متأثرا بخلفيات خلاف بين منتخبي حزب التجمع الوطني للأحرار ومنتخبي الاستقلال والأصالة والمعاصرة، بسبب إقصاء أعضاء الحزبين الأخيرين من عضوية مكتب مجموعة الجماعات للصحة بقطب أولاد تايمة إقليم تارودانت. هذا الصراع الذي نشب بسبب توزيع المناصب، خلف عدم انعقاد أشغال دورة يونيو للمجلس الإقليمي لتارودانت، بسبب غياب النصاب القانوني، حيث غاب 27 عضوا وأغلبهم ينتمون لـ »البام » والاستقلال عن أشغال الدورة العادية لشهر يونيو للمجلس الإقليمي لتارودانت، من أصل 13 عضوا فقط. وبدأت مظاهر تصادم ونفور بين أعضاء مجلس الجهة، خصوصا بعد إصدار حزب الاستقلال و »البام » لمضامين البلاغ المشترك بين الحزبين سالفي الذكر، والذي يدعوان فيه إلى فك الارتباط مع حزب الأحرار فيما يخص تدبير مجموعة من الجماعات الترابية بسوس. غير أن الأنظار بدأت تتجه إلى الدورة العادية لشهر يوليوز لمجلس جهة سوس ماسة، المرتقب انعقادها في الأسابيع القليلة المقبلة، خاصة بعد التصدعات التي تعرفها الأغلبية بسبب شكاوي الأعضاء من ما أسموه بالتسيير الانفرادي والارتجالي لرئيس مجلس الجهة، والذي نجم عنه مقاطعة النائبة الأولى للمجلس لجميع أنشطته منذ الدورة الأخيرة. ويضاف لذلك، تعثر إنجاز مجموعة من المشاريع وتجاوز ما هو مخطط له في وثيقة البرنامج الجهوي، أعطى تباعدا في وجهات النظر بين التحالف الثلاثي الذي يقود جهة سوس ماسة. ففي وقتٍ تترقب فيه ساكنة جهة سوس ماسة ثمار الوعود الكبرى التي أطلقت مع بداية الولاية الانتدابية الحالية لمجلس الجهة، يجد المجلس نفسه أمام وضعية مالية حرجة تنذر بانهيار فعلي للمخططات التنموية التي تم الترويج لها. فبرنامج التنمية الجهوية، الذي أنجز بكلفة تقارب 6 ملايين درهم من المال العام، حدد سقفا واضحا للمساهمات المالية لمجلس الجهة في كافة المشاريع، حيث بلغت مساهمته المفترضة في المشاريع المبرمجة 9.8 مليارات درهم من أصل تكلفة إجمالية قدرت بـ 37.7. وهذا ما كذب تقرير تقييم مدى تقدم برنامج التنمية الجهوية الذي تداوله المجلس في دورة مارس 2025، حيث تجاوزت عدد الاتفاقيات والمشاريع التي تداول بشأنها المجلس إلى حدود دجنبر 2024 حاجز 305 اتفاقيات، أي ما يفوق عدد المشاريع المدرجة في البرنامج الأصلي المقدرة بـ 264 مشروعا، وهو ما رفع مساهمة الجهة إلى ما يفوق 11 مليار درهم، متجاوزة بكثير ما تم الاتفاق عليه في وثيقة التخطيط المرجعية. هذه المعطيات تكشف حسب مصادر خاصة لـ »اليوم24″، عن « خلل بنيوي في التدبير المالي، وعن عشوائية في البرمجة، وهو ما يفرغ الوثائق المرجعية لعمل الجهة، وعلى رأسها برنامج التنمية الجهوية، من مضمونها ويفقدها جدواها »، حسب تعبير المصدر نفسه. ومن مظاهر تعمق الأزمة التي يمر منها مجلس جهة سوس ماسة، يشير المصدر نفسه، إلى « ضخامة الالتزامات التعاقدية للجهة، فإلى حدود دجنبر 2024 بلغت قيمة هاته الالتزامات 7.6 مليارات درهم، في حين أن القروض التي التزمت بها الجهة لدى صندوق التجهيز الجماعي فاقت 3 مليارات درهم، وهو رقم يتجاوز بكثير القدرة الحقيقية للجهة على الاقتراض إلى نهاية 2027، وفق المؤشرات المعمول بها ». في المقابل، كانت السنوات الثلاث المتبقية من الولاية تتطلب تعبئة اعتمادات إضافية تصل على الأقل إلى 1.8 مليار درهم سنة 2025، ومثلها سنة 2026، و1.3 مليار درهم سنة 2027، مما يعني أن الجهة مطالبة بتعبئة ما يفوق 6 مليارات درهم فقط للوفاء بالتزاماتها الحالية، وهو أمر يكاد يكون مستحيلا بالنظر إلى تراجع الموارد الذاتية وتعقيدات مساطر التمويل الخارجي. في ظل هذا السياق القاتم، يصبح الحديث عن استكمال تنزيل برنامج التنمية الجهوية أقرب إلى الوهم منه إلى الواقع، خاصة عندما يتعلق الأمر بمشاريع كبرى كانت تستخدم في الخطاب السياسي كرموز للنهضة الجهوية، مثل توسيع ميناء أكادير، وتأهيل مطاري أكادير وطاطا، وإنجاز الطريق السيار للمياه، والميناء الجاف وتثنية طريق أنزا-تغازوت، وغيرها من المشاريع المهيكلة في التعليم والسياحة، ودعم الاستثمار التي باتت مجرد شعارات تُستعمل في الحملات التواصلية دون أن تجد طريقها إلى التفعيل. هذا التناقض الصارخ بين الوعود والممارسات، بين المخطط والمنجز، لا يعكس فقط سوء تقدير القدرات التمويلية للجهة، بل يُظهر غيابًا مقلقًا للتخطيط الاستراتيجي ولمبدأ الالتقائية والحكامة الجيدة. إن الوضع المالي الراهن لجهة سوس ماسة هو نتيجة حتمية لسلسلة من القرارات المرتجلة التي لم تأخذ بعين الاعتبار برمجة مالية صارمة والإمكانيات الواقعية للجهة ولا أولوياتها الحقيقية ولا التزاماتها المستقبلية، وهو ما يجعل هذه الولاية تسير نحو نهاية مأساوية قبل أوانها. فالمجلس الحالي، عوض أن يكون رافعة للتنمية ومجسدًا لآمال الساكنة، أضحى عبئا ماليا يهدد بإفلاس مجلس الجهة، مما يجعله على موعد مع انهيار تدريجي لمصداقية المؤسسات الجهوية. فهل سيساهم التصدع داخل الأغلبية المسيرة لمجلس جهة سوس في كشف مكامن الخلل بخصوص تدبير شؤون الجهة، والتي ظلت في وقت قريب سرية يتم تداولها فقط داخل الصالونات؟ أم سيعمل مكونا الأغلبية في حزبي الاستقلال و »البام » إلى الانسلاخ من دور المسير ولعب دور المعارضة لكشف تناقضات التدبير، وتوجيه ضربة سياسية لرئيس الجهة، باعتباره منسقا جهويا لحزب التجمع الوطني للأحرار بسوس؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store