logo
هل تنجح تشكيلة الحكومة السودانية بالتعامل مع الملفات الساخنة؟

هل تنجح تشكيلة الحكومة السودانية بالتعامل مع الملفات الساخنة؟

الجزيرةمنذ 5 أيام
الخرطوم- بعد نحو شهرين منذ تعيينه رئيسا للوزراء في السودان ، اقترب كامل إدريس من استكمال تشكيل حكومته بشكل متدرج عبر 5 مجموعات، وبات الشعب ينتظر أفعالا سريعة تغير واقعه المعقد، بعد أكثر من 27 شهرا من اندلاع القتال في بلاده، مما يضع إدريس فوق صفيح ساخن حسب مراقبين.
وفي مطلع يونيو/حزيران الماضي أعلن كامل إدريس عن هيكل "حكومة الأمل" المكون من 22 وزارة، بعدما حل الحكومة المكلفة منذ يناير/كانون الثاني 2022، مع استحداث هيئة للشفافية والنزاهة لمكافحة الفساد، وتعهد بالتقشف والعدل والتسامح ومحاربة التطرف.
وخلال نحو شهرين عين إدريس 20 وزيرا ، آخرهم 5 وزراء لشؤون مجلس الوزراء، والطاقة، والتحول الرقمي والاتصالات، والتعليم والتربية الوطنية، والشباب والرياضة، كما شملت هذه المجموعة لأول مرة وزراء دولة للخارجية، والمالية، والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
وبينما غاب 6 وزراء عن مراسم أداء اليمين الدستورية، يستمر الغموض حول غياب وزير الزراعة والثروة الحيوانية أحمد التجاني المنصوري بعد أسابيع من تعيينه ونفيه اعتذاره عن الوزارة، وكذلك غاب وزير الصحة المعز عمر بخيت، الذي أصيب بكسر بقدمه في مقر إقامته في البحرين وانتقل إلى بريطانيا للعلاج المتوقع أن يستمر شهورا.
التشكيل الحكومي
لا تزال وزارتا الخارجية والبيئة والاستدامة شاغرتين، وسط أحاديث رائجة عن أن إدريس سيتولى حقيبة الخارجية مؤقتا إلى جانب رئاسة الوزراء، مما أثار تساؤلات في منصات ومواقع التواصل الاجتماعي حول دوافع ذلك، في ظل ظروف تستدعي تسمية وزير خارجية لمجابهة ظروف معقدة تواجه السودان دوليا.
ومن أبرز الملاحظات على تشكيلة الحكومة عودة 5 وزراء إلى مواقعهم، وهم وزراء المال جبريل إبراهيم، والإعلام والثقافة خالد الإعيسر، والحكم الاتحادي محمد كورتكيلا، والصناعة والتجارة محاسن يعقوب، والتعليم والتربية الوطنية التهامي الزين حجر، الذي أمضى في موقعه أقل من شهر قبل إقالته بحل الحكومة.
وفي خطوة لافتة، شملت المجموعة الوزارية الأخيرة تعيين لمياء عبد الغفار وزيرة لشؤون مجلس الوزراء، وذلك لأول مرة تاريخيا، وبذلك يرتفع عدد النساء في الحكومة إلى 3، وهو أقل تمثيل نسائي في الحكومة خلال عقود خلت.
ومن الملاحظات البارزة أيضا عودة السفير عمر صديق إلى وزارته في منصب وزير دولة للشؤون الخارجية والتعاون الدولي، بعد أن شغل منصب الوزير لفترة قصيرة امتدت من أواخر أبريل/نيسان وحتى نهاية مايو/أيار الماضيين.
وقد تعاقب على الوزارة منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير عام 2019، 7 وزراء، 4 منهم خلال فترة الحرب الحالية.
ورغم أن رئيس الوزراء، قال في أول خطاب له إن "الشباب يمثلون 65% من الأمة" لم تضم الحكومة الجديدة سوى وزير شاب واحد، هو المهندس أحمد الدرديري غندور وزيرا للتحول الرقمي والاتصالات، وهو الذي تخرج في الجامعة عام 2004، حيث انتقد شباب ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي ضعف تمثيلهم وعدم مراعاة تركيبة المجتمع السوداني.
يوضح المحلل السياسي فيصل عبد الكريم، أن حكومة إدريس تواجه ملفات شائكة من حيث:
هشاشة المجموعات السياسية التي تدعمها، وظهر ذلك خلال مشاورات تشكيل الحكومة، مما يشير إلى تباين مواقف القوى المساندة للجيش التي تشعر بأن رئيس الوزراء لم يمنحها الاهتمام الكافي.
إلى جانب الاستقطاب والانقسام السياسي، الأمر الذي يضعف الدعم السياسي للحكومة ويعطل جهود أي عملية سياسية لإنهاء الأزمة في البلاد.
ووفقا لحديث المحلل للجزيرة نت فإن ثمة شكوكا حول التزام المكون العسكري تعهده بعدم التدخل في مهام واختصاصات رئيس مجلس الوزراء، حيث لم تغب أصابعهم عن مشاورات تشكيل الحكومة، ومن الصعب كذلك الحصول على دعم خارجي في ظل استمرار الحرب في أجزاء من البلاد وتقاطع الأجندة الإقليمية بشأنها، الأمر الذي يضع الحكومة أمام امتحان قاس.
وفي الشأن ذاته يعتقد خبير العلاقات الدولية والشؤون الأمنية عامر حسن، أن أمام الحكومة تحديات داخلية بالإضافة للخارجية، أبرزها:
تشغيل الجهاز التنفيذي والمؤسسات الخدمية لتحسين حياة المواطنين وتخفيف الأعباء التي فرضتها الحرب.
استغلال موارد السودان ومقدراته الكبيرة لتغيير حياة المواطنين.
وتحتاج الحكومة كما يقول الخبير للجزيرة نت إلى رؤية اقتصادية فاعلة تعيد البنية التحتية والقطاع الصناعي الذي تدمر، وتتجاوز مهام الوزارات الداخلية نحو الشؤون الخارجية، حيث لم يعد المجتمع الدولي والإقليمي مهتما بالسودان، حتى صار الإعلام يعدها "حربا منسية"، وهو ما انعكس على المساهمات في المساعدات الإنسانية وجعلها محدودة وبلا أثر.
آمال معقودة
يقول الخبير الاقتصادي محمد الناير للجزيرة نت، إن تشغيل دولاب العمل في الدولة واستعادة الخدمات -وخاصة الكهرباء- بعد دمار محطات التوليد والشبكات الناقلة يُعد من أهم الملفات، لأن الكهرباء هي محرك الإنتاج، إلى جانب تأهيل القطاع الزراعي وبناء القطاع الصناعي الذي تأثر بنسبة 80%، وإعادة توزيعه على الولايات بعدما كان مركّزا في العاصمة.
ويعتقد الناير أن رئيس الوزراء يحتاج إلى:
تفعيل مجلس الوزراء وربط وزرائه مع الولايات.
امتلاك الجرأة في اتخاذ قرارات تتعلق بالاتجاه شرقا وبناء شراكات اقتصادية والانضمام إلى مجموعة " بريكس".
وقف تهريب الذهب والتحول من التعدين التقليدي للمنظم، لتحقيق استقرار اقتصادي والدخول في استثمارات كبيرة.
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم شقلاوي، أن اكتمال تشكيل الحكومة الذي تأخر نتيجة تعقيدات التوازنات السياسية والمجتمعية، يعكس محاولات جادة لإعادة هيكلة الدولة وإعادة ثقة السودانيين في مؤسساتهم.
وتحدث الكاتب للجزيرة نت عن آمال معقودة على قدرة الحكومة أن تتجاوز الأزمات التي تواجه السودان، حيث إنها صارت أمام اختبار حقيقي لفعالية الكفاءات التي تم اختيارها في تحويل الإرادة السياسية إلى نتائج ملموسة على الأرض، وقدرتها على بناء مؤسسات فاعلة، إلى جانب استعادة الثقة الشعبية، وإرساء أسس دولة العدالة والتنمية والسلام.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ليبراسيون: إجراءات السلطة تخنق المؤسسات الصحفية الخاصة بالسنغال
ليبراسيون: إجراءات السلطة تخنق المؤسسات الصحفية الخاصة بالسنغال

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

ليبراسيون: إجراءات السلطة تخنق المؤسسات الصحفية الخاصة بالسنغال

تواجه المؤسسات الصحفية الخاصة في السنغال تحديات وجودية، أمام الضغوط الحكومية المتزايدة عليها، أدت إلى "خنقها" عبر فرض الضرائب، ووقف مصادر التمويل الحيوية لهذه المؤسسات، تحت ذريعة مكافحة الفساد والمحسوبية، وفق صحيفة ليبراسيون الفرنسية. واستعرضت الكاتبة في الصحيفة، ليب أفريك، الحال الذي وصلت إليه بعض هذه المؤسسات التي اتخذت إجراءات تقشفية كبرى ضمن مساعي البقاء، في ظل الضربات القاسية التي تتعرض لها، والتي بلغت ذروتها من حيث الشدة والانتشار، وفقا لإبراهيما ليسا فاي مسؤول تنسيق جمعيات الصحافة. وتنقل الكاتبة عن مامادو إبرا كاني، رئيس مجلس المذيعين والناشرين الصحفيين في السنغال، قوله إن "هناك إرادة سياسية للقضاء على الصحافة الخاصة"، لافتا إلى توقف دفع أموال "صندوق دعم الصحافة وتطويرها" منذ عام 2024، الذي تمت زيادة مخصصاته بنحو 50% في عام 2025، ليصل إلى 2.8 مليار فرنك أفريقي (4.3 ملايين يورو)، الأمر الذي قد يخفف من معاناة هذا القطاع الهش، وفق وصف كاني. ممارسات غير شفافة وتبرر وزارة الاتصالات في السنغال إيقاف التمويل "بإعادة صياغة الإطار التنظيمي" للصندوق، بعد تعرضه للتلاعب، إذ خصصت 65% من الميزانية لمستفيدين غير مؤهلين أو استهلكت على نفقات غير مؤهلة، بحسب مسؤول في الوزارة. وتحت الذريعة ذاتها، علقت الحكومة العقود الإعلانية مع المؤسسات الصحفية الخاصة، وطالبت بضرورة "وضع حد للممارسات غير الشفافة التي تصل أحيانا إلى حد المحسوبية، وتضر بوسائل الإعلام الجادة"، مؤكدة أن الأمر لا يتعلق بفرض عقوبات، بل بضرورة الشفافية في استخدام الأموال العامة. ونقلت الكاتبة جانبا من تداعيات الإجراءات الحكومية القاسية على المؤسسات الصحفية الخاصة، لا سيما على العاملين فيها، مثل دامي كامباتيبي المدير الفني في مجموعة "إيميديا" الخاصة، حيث يبدأ شهره الحادي عشر من دون راتب، ولديه قلق دائم بشأن إيجار منزله، ومصاريف أطفاله الثلاثة، وكبرى بناته التي اضطرت إلى التخلي عن دراسة الماجستير. وانتقلت إيميديا في أكتوبر/تشرين أول 2024 إلى مكاتب أخرى ضيقة في العاصمة دكار، لكنها أرخص بثلاث مرات من المكاتب السابقة، ويعلق كامباتيبي "لقد وضعنا الفيل في علبة ثقاب"، كمحاولة أخيرة لبقاء المجموعة التي تضم 160 موظفا على قيد الحياة. ويقول ألاسان سامبا ديوب، المدير العام لمجموعة "إيميديا" التي نشأت عام 2018، وبالكاد تتعافى من الآثار السالبة لأزمة كوفيد، إن التمويل "توقف من دون سابق إنذار، لقد خنقنا"، إذ تسهم اتفاقيات الإعلان مع الوكالات أو الشركات العامة التي عُلّقت حتى إشعار آخر بأكثر من 70% من الإيرادات للمجموعة. وبدأ نزيف الموظفين بعد شهرين أو 3 أشهر من عدم دفع الرواتب، وفق ديوب، إذ لم يبق سوى قرابة 30 موظفا متحمسا"، لافتا إلى ضربة أخرى قاسية تتمثل بالضغط الضريبي، إذ تراجع كل من الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي ورئيس الوزراء عثمان سونكو عن شطب الديون الضريبية على شركات الصحافة التي تم التفاوض عليها في مارس/آذار 2024 مع الرئيس السابق ماكي سال، واعتبروا هذه الديون المستحقة "اختلاسا للأموال العامة". هجوم على الإعلام وشن رئيس الوزراء عثمان سونكو هجوما عنيفا على وسائل الإعلام، خلال اجتماع لحزب "باستيف" في 10 يوليو/تموز الماضي، واستهدف على وجه التحديد مجموعة "إعلام المستقبل" قائلا: "سأحاربهم حتى النهاية". وبعد 4 أيام، وُضع بادارا غادياغا، الكاتب الشهير بالمجموعة، في الحبس الاحتياطي بتهمة "نشر أخبار كاذبة". كما هاجم سونكو رئيس الدولة بالقول إن "السنغال تعاني من مشكلة في السلطة"، وأعضاء المجتمع المدني، ووصفهم بـ"الحثالة" و"الممولين من الخارج". وهنا، تساءل عليون تين، أحد أقدم ناشطي المجتمع المدني ومؤسس مركز "أفريكاجوم الفكري": "هل ينوي خنقنا كما خنق الصحافة؟".

جوبا تنهي مبادرة روتو للسلام وتتحدث عن "انقلاب مقنع"
جوبا تنهي مبادرة روتو للسلام وتتحدث عن "انقلاب مقنع"

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

جوبا تنهي مبادرة روتو للسلام وتتحدث عن "انقلاب مقنع"

أعلنت حكومة جنوب السودان رسميا انتهاء مبادرة "توميني" للسلام، التي أطلقتها كينيا في ديسمبر/كانون الأول 2023، بعد أشهر من التعليق بسبب تصاعد التوترات وانعدام الثقة بين جوبا وبعض الجماعات المعارضة المنضمة حديثا للعملية. وقال المستشار الرئاسي كوال مانيانغ جوك، متحدثا باسم الوفد الحكومي، إن المبادرة انحرفت عن تفويضها الأصلي وسعت لتجاوز اتفاق السلام الموقّع عام 2018. اتهامات بالتقويض واتهمت جوبا المبادرة بمنح شرعية للتمرد وتقويض الإطار القائم للسلام، مشيرة إلى أن بعض المشاركين فيها كانوا جزءا من الحكومة، وأن ما يطرحونه لا يخرج عن سياقها. كما شكك جوك في مصادر تمويل قادة المعارضة المقيمين بالخارج، متسائلا "من أين لهم الأموال لشراء الفيلات الفاخرة إن لم تكن من فترة وجودهم في الحكومة؟". ورفض جوك مقترح "توميني" بإنشاء "مجلس القيادة" كهيئة عليا للحكم، معتبرا إياه "انقلابا مقنّعا"، ومحذرا من أن قبوله سيشجع على الابتزاز السياسي. وأضاف "إذا فتحنا هذا الباب، فلن يمنع أي شخص من جمع 5 أفراد والذهاب إلى كينيا للمطالبة بالتفاوض. يجب أن يكون هناك نظام واضح. توميني ماتت". مخاوف إقليمية كما أعربت جوبا عن قلقها من تقارير تفيد بأن "تحالف الشعب الموحد" شُجّع على تشكيل جناح عسكري أثناء وجوده في كينيا، مما اعتبرته انتهاكا لمعايير جماعة شرق أفريقيا. وكانت المحادثات التي تقودها نيروبي قد أُرجئت للمرة الثالثة في السابع من فبراير/شباط 2025 دون إحراز تقدم. ورغم أن المبادرة اعتُبرت في بدايتها محاولة جريئة من الرئيس الكيني وليام روتو لإحياء عملية السلام، بعد تعثر محادثات سانت إيجيديو في إيطاليا، فإنها انهارت تحت وطأة التجاذبات السياسية المتنافسة والشكوك المتبادلة. ولم تصدر نيروبي حتى الآن أي رد رسمي على إعلان جوبا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store