
إيران لن تُسلّم بكسرها: لا خيار سوى المواجهة
حسن فحص
لا شكّ أنّ الهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية الثلاث، وبغضّ النظر عن حجم الأضرار والتدمير اللذين لحقا بها، كان من المفترض ألّا يشكّل مفاجأة للقيادة الإيرانية، وأن لا تكرّر هذه القيادة ما حصل ليل الثالث عشر من الشهر الجاري بابتلاع خديعة التفاوض مع الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب، وإلّا لكانت مصداقاً للمأثور الديني: 'لا يُلدغ المؤمن من جحر مرّتين'.
الهجوم الأميركي الذي استهدف درّة المشروع والبرنامج النووي الإيراني في منشأة فردو، بالقرب من مدينة قم، 'العاصمة الدينية' للنظام الإسلامي، التي لا تبعد أكثر من 150 كيلومتراً عن العاصمة السياسية طهران، جاء تتمّةً لمسارٍ وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنّه استكمالٌ للعمليّات والضربات العسكرية والأمنيّة التي بدأتها إسرائيل قبل أكثر من أسبوع.
على الرغم من تأكيد الإدارة الأميركية، بناءً على ما قالته من إجراء تواصل مع النظام الإيراني، أنّها لا تضع في خططها من هذه الضربة تغيير النظام أو القضاء عليه، لم يُدخل الهجوم الذي نفّذته القوّات الجوّية للجيش الأميركي الشرق الأوسط فحسب، بل منطقة غرب آسيا بأكملها، في حالةٍ من عدم الاستقرار غير مسبوقة.
الوكالة ساهمت في المخطّط
أكّدت معلومات خاصّة أنّ إيران قامت بإخلاء وتفريغ المنشآت الرئيسية الثلاث التي استهدفتها الضربة الأميركية، وهي فوردو، نطنز وأصفهان، قبل بدء الهجوم الإسرائيلي، وأنّ هذه الخطوة جاءت بناءً على معلومات حصلت عليها إيران من الوثائق الإسرائيلية السرّية التي استولت عليها، والتي كشفت وجود مخطّط لاستهداف هذه المنشآت.
لعبت تقارير مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، التي قدّمها للجانب الإسرائيلي، دوراً رئيسياً في كشف ما تحويه هذه المنشآت، وحجم تحصيناتها، وقدراتها التكنولوجيّة.
لقد أكّدت الجهات المعنيّة في حرس الثورة والوكالة الإيرانية للطاقة الذرّية إخلاء هذه المنشآت من مخزون اليورانيوم المخصّب بمختلف مستوياته.
كشفت التطوّرات الميدانية التي تلت الهجوم الأميركي نيّة كلا الطرفين (الإيراني والإسرائيلي) الاستمرار في التصعيد وتوجيه الضربات المتبادلة بينهما، وهو ما يُحبط كلّ الرهانات التي عقدتها الإدارة الأميركية على إمكان العودة إلى طاولة التفاوض وإنهاء هذه الحرب. وقد كان وزير الخارجية الإيراني، عبّاس عراقجي، واضحاً في التعبير عن الموقف الإيراني، عندما اتّهم واشنطن وتل أبيب بنسف طاولة التفاوض.
تقوم المعادلة الثلاثية، التي باتت إيران تعتمدها بعد الضربة الأميركية، على أنّ النظام لا يزال وسيبقى راسخاً ولا يمكن القضاء عليه، وأنّ إيران لم ولن تتراجع عن موقفها وليست على استعداد لتقديم تنازلات، وأنّ البرنامج النووي لم يدمّر وسيستمرّ في فعّاليّاته بعد انتهاء هذه المرحلة المؤقّتة.
تقول إيران إنّ المنشآت الثلاث التي ضربتها طائرات B2 الاستراتيجية الأميركية وصواريخ 'التوماهوك' قد تعرّضت لموجات من الضربات الإسرائيلية في الأيّام الماضية، وأنّ ما حقّقته هذه الضربة الجديدة ليس سوى زيادة حجم التخريب في الوحدات السطحية المفرغة، باستثناء أضرار سطحية محدودة في منشأة فوردو عند مداخلها لم تنجح الطائرات الإسرائيلية في تحقيقها في السابق.
لن يدفع الهجوم الأميركي، الذي نسف طاولة التفاوض حسب الموقف الإيراني، النظام إلى الخروج من حالة ضبط النفس في ردّ فعله واللجوء إلى ضربات مدروسة ودقيقة دفاعاً عن سيادته. إلّا أنّ إيران لن تكون على استعداد للعودة إلى طاولة التفاوض بالسرعة والآليّة اللتين يريدهما الرئيس الأميركي.
تسعى إيران من خلال ضبط النفس والاحتفاظ بحقّ الردّ على العدوان الأميركي إلى أن لا تعطي الذرائع لواشنطن ودول الناتو لتحويلها إلى دولة مارقة ودفعها إلى الخروج من المواثيق الدولية. لذلك تعمل إيران على توفير غطاء دولي لأيّ قرار قد تتّخذه لاحقاً، من خلال اللجوء إلى المؤسّسات الدولية، لتحميلها مسؤوليّاتها القانونية. ولذلك دعت مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرّية رسميّاً إلى اجتماع طارئ بهدف اتّخاذ موقف واضح من الهجوم الأميركي، والتأكيد أنّ التصعيد الأميركي ضرب كلّ الأطر والقوانين الدولية في الأمم المتّحدة ومجلس الأمن وحقوق الإنسان، وأنّ العدوان كان بمنزلة إعلان وفاة معاهدة الحدّ من انتشار أسلحة الدمار الشامل التي لم تقدّم الحماية لإيران وبرنامجها النووي.
إيران لن تذهب إلى التّفاوض مهزومة
في مقابل إشارات إيران إلى رغبتها بالإبقاء على القنوات الدبلوماسية والتفاوضيّة مفتوحة، وإلى أنّ أيّ مفاوضات رهن بوجود طرف يريد التفاوض لا الخداع، وضعت جميع خياراتها التصعيديّة والآليّات للردّ على الاعتداءات الأميركية على الطاولة، ويعود القرار في هذا الشأن للمرشد الأعلى والجهات المعنيّة غير الدبلوماسيّة.
قبل أن تقرر إيران الردّ بضرب القواعد الأميركية في عدد من دول الخليج، كانت الخيارات المطروحة أمامها، تتوزّع بين:
1- إقفال مضيق هرمز أمام صادرات الطاقة من نفط وغاز، بالتزامن مع إغلاق مضيق باب المندب بالتعاون مع حليفها الحوثي في اليمن.
2- تحريك المواجهات البحريّة ضدّ الأساطيل الأميركية في المنطقة باستخدام ترسانتها من غوّاصّات صغيرة انتحاريّة موجّهة عن بعد وزواق من النوع نفسه، وألغام بحريّة وصواريخ أرض بحر من نوع 'ياخونت' الاستراتيجية.
3- استهداف سلسلة القواعد الأميركية المنتشرة في المحيط الجغرافي لإيران، وصولاً إلى قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي.
النظام الإيراني لن يذهب إلى طاولة المفاوضات مهزوماً أو تحت النار وضغط الخسائر التي تلحق به، كما ترغب إدارة ترامب، وسيكون خياره الأوّل الاستمرار في المواجهة، والتركيز في الدرجة الأولى على توسيع ردّه واستهداف عمق تل أبيب باعتبارها المستفيدة الأولى من تفجير طاولة التفاوض وإدخال المنطقة في هذا المنحى التصعيدي الخطير، وسيكون الردّ على الخيانة الأميركية بجعل الإسرائيلي يدفع ثمن ما حصل وقام به.
لكن المرشد الإيراني، الذي يرى أنّ الدفاع عن السيادة الإيرانية يعادل بقاء النظام واستمراره وانتقاله إلى من يأتي بعده بالحدّ الأدنى من الخسائر، لن يذهب إلى خطوة متسرّعة، خاصّة أنّه سبق أن منح المسار الدبلوماسي الكثير من الفرص من أجل تجنّب هذه اللحظة، ولذلك سيسعى إلى عدم الوقوع في الفخّ الإسرائيلي
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 26 دقائق
- النهار
اقصر الحروب أكثرها تغييرًا
مع اعلان رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب وقف النار، تكون منطقة الشرق الأوسط قد شهدت على واحدة من أقصر الحروب في تاريخ العالم لكن لا شكّ في أنها قد تكون أكثرها تغييرًا. فبعد حرب دامت 12 يومًا دخلت فيها قوى إقليمية ودولية وجرّ اليها البعض الآخر، فكيف إذن بـ12 يومًا فقط أن ترسم فجرًا جديدًا للشرق الأوسط تهندسه؟ مما لاشكّ فيه أن حرب الـ12 يومًا كما سماها ترامب كبدّت كلاً من إسرائيل وإيران خسائر مادية وبشرية ضخمة. فقد تكبّدت إسرائيل مئات ملايين الدولارات يوميًا لتتصدّى صواريخها الاعتراضية للصواريخ والمسيرات الإيرانية، ناهيك بمئات ملايين أخرى لتشغيل نظام "مقلاع داود" وباقي أنظمة الحماية المتخصصة بإسقاطال الصواريخ القصيرة والطويلة المدى، وقد قدرت الأضرار المادية بنحو 400 مليون دولار بين أحياء بئر السبع وحيفا وتل أبيب ومبانيها، في حين اقتصرت الخسائر البشرية على 30 قتيلًا. أما في المقلب الآخر، فكان للنظام الإيراني الكمّ الأكبر من الخسائر الكبيرة والجسيمة التي تقدر بالمليارات والتي طاولت مناطق مدنية وعسكرية عديدة ،ناهيك بتدمير المنشآت النووية نطنز، فوردو واصفهان التي إستغرق إنشاؤها سنواتٍ طوال وسلسلة طويلة من النقاشات والتفاوض، والتي ستكلف عملية إعادة بنائها ثمنًا باهظًا في حال حصلت أساسًا. لكن تكلفة إيران الكبرى كانت في خسائرها البشرية إذ قتل نحو 650 شخصًا واصيب الآلاف وبين القتلى قادة عسكريون كبار كرئيس الأركان محمد حسين باقري وقائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي. بين خسائر إيران وخسائر اسرائيل تبقى الولايات المتحدة الرّابح الأكبر من هذه الحرب، إذ استطاعت ترسيخ نفسها قوة بارزة ولاعباً أساسياً على الخارطة الشرق أوسطية، كما استطاعت تسديد ضربة قوية لتهديد دائمٍ لها ولقوة بارزة على الساحة الدولية والتي قد تأخذ وقتًا لتتعافى من هذه الضربة الأمر الذي يؤمن استدامة و حماية في وجه كل خطر يحدق بإسرائيل، الولاية الـ51 لأميركا في الشرق الأوسط. قد تظهر الحرب إيران واسرائيل كسائر الحروب التي يشهدها عالمنا، ولكن لمن يقارب الأحداث الإقليمية عن كثب يمكنه ملاحظة تغيّرات عدة، أولها أن الردّ على كل من أميركا وإسرائيل اقتصر فقط على الجمهورية الإسلامية في إيران من دون تحرّك أي من االأذرع المسلحة لنظام خامنئي إن كان في اليمن أو العراق أو لبنان الأمر الذي قد يدل على بداية نهاية مفهوم "وحدة الساحات". ثانيًها، ورغم شدّة الضربات على إيران من أميركا واسرائيل، إلا أن الردّ كان إما خجولًا و إما غير مجدٍ، فبعدما ألحقت الولايات المتحدة الدمار بثلاث منشآت نووية لإيران، بادلتها الجمهورية الإسلامية بضرب قاعدة أميركية في قطر حفاظًا على ماء الوجه، بعد إبلاغ الولايات المتحدة والدوحة الأمر الذي قد يدل على عدم إستطاعة إيران التصعيد وانكفاء وهج قوتها. مع إنتهاء حربٍ،أخافت العالم من أن ترمي الدّول في أتون حرب عالمية ثالثة، استطاعت الولايات المتحدة أن تقوم بحسم المعركة وإحراز ضربة مشلة للنظام الإيراني قد تمنعه من الصعود إلى مكانته السابقةنفسها الأمر الذي سيرسم ملامح جديدة لشرق أوسط جديد. لكن السؤال الأهم للمرحلة المقبلة يبقى هل من الممكن لهذا الشرق الأوسط الذي لم يعرف يومًا الهدوء أن يبصر السلام بعد عقود من إستعمال القوة والحديد والنار؟


IM Lebanon
منذ 28 دقائق
- IM Lebanon
ترامب يستعرض نتائج الضربة على إيران: تقدّم كبير في غزة
أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب سلسلة تصريحات نارية تناول فيها ملفات الشرق الأوسط، حلف الناتو، والملف الإيراني، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لن تسمح لطهران بامتلاك سلاح نووي أو حتى بتخصيب اليورانيوم. وقال ترامب اليوم الاربعاء، إن الضربات الأميركية على منشآت نووية إيرانية، خصوصًا في فوردو، تسببت في 'دمار كامل'، مشبّهًا تأثيرها بما حدث في هيروشيما وناغازاكي. وأشار إلى أن استخدام صواريخ 'توماهوك' دمّر البنية التحتية النووية بشكل كبير، مضيفًا أن القدرات الصاروخية الإيرانية تراجعت لعقود. وفي ما يتعلق بالوضع الإقليمي، وصف وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل بأنه 'يسير على ما يرام'، ولفت إلى أن هذه الضربة ستساهم أيضًا في تسريع التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن في غزة، مع إحراز 'تقدّم كبير' على هذا الصعيد. كما شدد على أن حلف الناتو سيصبح 'قويًا جدًا'، معلنًا أن الحلف سيرفع الإنفاق الدفاعي إلى 5%. وفي رسالة تحذير لطهران، قال: 'إذا عادت إيران لطموحاتها النووية، سنقصفها مجددًا'. واختتم ترامب بالقول إن تقييم نتائج الضربة لا يزال قيد المتابعة الاستخباراتية، ما يدلّ على تعقيد الوضع ومرحلة الترقب الحذر.


صدى البلد
منذ 28 دقائق
- صدى البلد
الرئيس الأمريكي: إيران لن تحصل على سلاح نووي ولن تستمر في التخصيب
أفاد قناة "القاهرة الإخبارية" بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صرح بأن الولايات المتحدة قد تنتهي إلى إقامة علاقات جيدة مع إيران، رغم التوترات المتصاعدة في المنطقة. ترامب: وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل يسير بشكل جيد شاهد.. ترامب ينشر فيديو عن قصف إيران بقاذفات بي2 د. منال إمام تكتب: ترامب علامة فارقة في التاريخ السياسي الأمريكي الحديث ويتكوف: ترامب يتطلع إلى اتفاق سلام شامل مع إيران إسرائيل وجهت ضربات قاسية لصواريخ إيران وقال ترامب إن إسرائيل وجهت ضربات قوية للصواريخ الإيرانية خلال الأيام الأخيرة، في إشارة إلى تصعيد العمليات العسكرية بين الجانبين. لا سلاح نووي لإيران وأضاف ترامب في تصريحاته أن إيران لن تحصل على سلاح نووي، مؤكدًا أن طهران لن تتمكن من مواصلة تخصيب اليورانيوم، وهو ما يعكس استمرار موقفه المتشدد تجاه البرنامج النووي الإيراني.