logo
هدنة جمركية بين واشنطن وبكين: هل توقف الحرب التجارية أم لعبة وقت؟

هدنة جمركية بين واشنطن وبكين: هل توقف الحرب التجارية أم لعبة وقت؟

النهار١٣-٠٥-٢٠٢٥

في تحول مفاجئ ومثير في مسار الحرب التجارية، أعلنت الولايات المتحدة والصين عن اتفاق مؤقت لخفض الرسوم الجمركية بينهما لمدة 90 يومًا. فهل هي هدنة حقيقية أم مجرد استراحة قبل العاصفة؟
خفض مفاجئ في التعريفات.. والأسواق ترحب
بحسب البيان المشترك الصادر من جنيف، وافقت الولايات المتحدة على خفض الرسوم الجمركية من 145% إلى 30% على الواردات الصينية، فيما ستخفض الصين من جانبها تعريفاتها على المنتجات الأميركية من 125% إلى 10%، بدءًا من 14 أيار/مايو.
رد الفعل في الأسواق كان فورياً: قفزت العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 بنسبة 3%، وارتفعت أسعار النفط، وتقدمت عوائد سندات الخزانة، كما تعزز الدولار أمام معظم العملات، وارتفع اليوان الصيني في التعاملات الخارجية بنسبة 0.5%. تنقل المستثمرون واضح من أدوات الملاذ الآمنة إلى أدوات المخاطر. بالتالي عمليات جني أرباح الذهب كانت واضحة وقد تستمر في الفترة القادمة وصولاً إلى مستويات 3,000 دولار للأونصة مع كسر مستويات 3,200 دولار.
لكن خلف هذا الارتياح الظاهري، يختبئ الكثير من الأسئلة: هل ستحقق هذه الهدنة اختراقاً في المفاوضات؟ أم أنها مجرد إعادة تدوير لتجارب سابقة انتهت بخيبة أمل؟
من "تحرير التجارة" إلى "تحرير المعركة"
في مشهد يعيد إلى الأذهان العام 2018، حين أُعلن عن تعليق الحرب التجارية مؤقتًا قبل أن تنهار التفاهمات، تبدو هذه الهدنة الجديدة وكأنها إعادة إنتاج لسيناريو معروف، حيث تُمنح الأسواق "فسحة أمل" سرعان ما تتلاشى.
البيت الأبيض وصف الاتفاق بأنه "صفقة تجارية"، بينما وصفته بكين بأنه آلية مؤقتة للتفاوض. لكن لم يُحدد أي هدف واضح للطرفين، ولا توجد ضمانات بعد انتهاء المهلة.
"نحن لا نسعى للانفصال عن الصين"، هكذا صرح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسينت، مشيرًا إلى مفاوضات محتملة تقود إلى اتفاقات شراء مستقبلية من جانب بكين.
رغم نبرة التفاؤل، فإن العديد من الرسوم المفروضة خلال ولاية ترامب الأولى لا تزال قائمة. الرسوم الحالية لا تشمل الضرائب القطاعية المفروضة على جميع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، مما يعني أن هذه التهدئة ليست شاملة.
تأتي هذه الهدنة في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأميركي أول انكماش فصلي منذ جائحة كورونا، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3% في الربع الأول من 2025. ومع أن سوق العمل لا يزال متماسكًا — بإضافة 177 ألف وظيفة في أبريل وثبات البطالة عند 4.2% — إلا أن تراجع الاستثمارات وارتفاع الواردات بسبب التوقعات بزيادة الرسوم، زعزع ثقة المستهلكين والمستثمرين.
هذه المعطيات تُدخل الاحتياطي الفيدرالي في مأزق مزدوج: بيانات توظيف قوية تؤجل خفض الفائدة، وانكماش اقتصادي يضغط نحو التيسير.
هل تكون الهدنة بداية الحل؟ أم فخاً زمنياً؟
الاتفاق الحالي يمنح الجانبين 90 يومًا من "الهدوء النسبي"، لكن التجربة التاريخية تُشير إلى أن مثل هذه التهدئات كثيرًا ما تكون فخاخًا زمنية، تؤجل الانفجار ولا تمنعه.
في 2020، وقعت واشنطن وبكين ما عُرف باتفاق "المرحلة الأولى"، لكن الصين فشلت في تنفيذ التزاماتها الشرائية، بينما قفز العجز التجاري الأميركي معها لاحقًا، ما وضع اللبنة الأولى للمعركة الجديدة.
الآن، ومع عودة ترامب، وصعود النبرة القومية في السياسات الاقتصادية، تبقى كل الاحتمالات مفتوحة.
الأسواق تأمل... لكنها لا تثق
رغم الارتفاعات القوية في الأسهم والسلع، إلا أن مراقبي السوق يدركون أن الهدنة لا تكفي لبناء مراكز استثمارية طويلة الأمد. المطلوب أكثر من خفض رسوم — المطلوب خريطة طريق واضحة.
حتى ذلك الحين، سيظل التوتر هو العنوان العريض، والأسواق ستتنقل بين موجات من الأمل والذعر، في انتظار ما إذا كان 2025 سيشهد فعلاً نهاية للحرب التجارية، أم بداية فصل أكثر دهاءً منها. لكن على الأقل قد يبدو الموجة الأولى من تحركات الأسواق تُرحب بهدنة وتهدئة؛ دفعت فيها المستثمرين إلى شراء المخاطر والابتعاد عن الملاذات الآمنة.
نتذكر - في عالم الاقتصاد... الهدنة لا تعني دائماً السلام، بل غالبًا ما تكون مجرد لحظة تنفس بين معركتين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الولايات المتحدة تُغلق رسمياً مكتبها للشؤون الفلسطينية في القدس المحتلة
الولايات المتحدة تُغلق رسمياً مكتبها للشؤون الفلسطينية في القدس المحتلة

الميادين

timeمنذ 20 دقائق

  • الميادين

الولايات المتحدة تُغلق رسمياً مكتبها للشؤون الفلسطينية في القدس المحتلة

أغلقت الولايات المتحدة الأميركية رسمياً مكتبها للشؤون الفلسطينية في القدس المحتلة، وفقاً لمذكرة داخلية لوزارة الخارجية الأميركية - اطلعت عليها - صحيفة "ذي غارديان" البريطانية، وهو ما اعتبرته الصحيفة أنه يعني عملياً إلغاء قناة التواصل الدبلوماسية المخصصة للفلسطينيين مع واشنطن. اليوم 12:04 اليوم 11:03 يأتي هذا الإغلاق، الذي دخل حيز التنفيذ، يوم الجمعة، عقب إعلان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في وقت سابق من هذا الشهر دمج المكتب في السفارة الأميركية في القدس. وتجدر الإشارة إلى أنه في كانون الأول/ديسمبر 2017، أعلن ترامب خلال ولايته الأولى نقل السفارة الأميركية من "تل أبيب" إلى القدس، وقال "اتخذت قراراً أنه حان الوقت للاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل"، حد قوله. يأتي ذلك، في الوقت الذي يواصل فيه "جيش" الاحتلال الإسرائيلي اقتحام مدن الضفة الغربية ومخيماتها، حيث شهدت جنين وطولكرم ونابلس وغيرها من المناطق اقتحامات واعتقالات، منذ ساعات فجر أمس الاثنين، وحتى اليوم.

العدالة المفقودة في تعميمَي مصرف لبنان: هل يضع الحاكم الجديد حدًّا للتمييع؟
العدالة المفقودة في تعميمَي مصرف لبنان: هل يضع الحاكم الجديد حدًّا للتمييع؟

لبنان اليوم

timeمنذ 37 دقائق

  • لبنان اليوم

العدالة المفقودة في تعميمَي مصرف لبنان: هل يضع الحاكم الجديد حدًّا للتمييع؟

بقلم العميد المتقاعد دانيال الحداد يبدو أن حاكم مصرف لبنان الجديد كريم سعيد قد أتمّ الاطلاع على مختلف تفاصيل الأزمة المالية والاقتصادية التي عصفت بلبنان مع نهاية العام 2019، وأصبح لديه التصور الأولي لمعالجة أوضاع المصارف وحل قضية المودعين بطريقة تدريجية. وبانتظار إقرار القوانين الخاصة بذلك، لا بدّ من معالجة سريعة للثغرات التي تشوب التعميمين 158 و166، اللذين صدرا في أيام الحاكم السابق رياض سلامة، سواء لجهة كيفية احتساب الدفعات الشهرية أو لجهة قيمة هذه الدفعات. التغرة الكبرى في التعميمين والتي لا تمتّ للعدالة بأيّ صلة هي وضع جميع المودعين في سلة واحدة، وهو القرار الذي اعتمده الحاكم السابق رياض سلامة، تجنّباً لثورة صغار المودعين الذين يشكلون العدد الأكبر من المودعين، بحيث ساوى بين الجميع في الدفعات الشهرية بمعزل عن حجم الودائع، فمثلاً من لديه وديعة بقيمة 10 ملايين دولار في المصرف يستطيع حالياً سحب 500 دولار شهرياً من خلال التعميم 158، و250 دولاراً من خلال التعميم 166، ومن لديه 5 آلاف دولار يستطيع سحب المبلغ نفسه في التعميمين، وهو أمرٌ لا يقبله عقل أو منطق، وهو بمثابة رسالة شديدة السلبية لكبار المستثمرين في المصارف مستقبلاً، لأن اعتماد سياسة الرأس الواحد، لا تصلح للاستثمار في لبنان ولا في أيّ بلد آخر. معالجة هذه الثغرة الخطيرة، لا تحتاج إلى الكثير من العناء والدراسات، ، بل الى اعتماد طريقة من اثنتين : قاعدة الشطور: وهي احتساب قيمة الدفعات الشهرية لكل مودع وفق حجم وديعته، فمثلاً إذا انطلقنا من أن قيمة الدفعة الشهرية لوديعة بقيمة 100 ألف دولار وما دون هي 500 دولار، تزاد هذه الدفعة تدريجياً في حال تخطّى حجم الوديعة الـ 100 الف دولار، وذلك ضمن حد أدنى وحد أقصى للسحب الشهري، يتراوح على سبيل المثال بين 500 دولار و3000 دولار. قاعدة النسبية: وهي تمكين المودع من سحب نسبة معينة من وديعته سنوياً ضمن حدّ أدنى وحدّ أقصى للسحب الشهري، وعلى سبيل المثال، نسبة 6 أو 7٪ من الوديعة سنوياً شرط على الاّ يقل السحب الشهري عن 500 دولار ولا يزيد عن 3000 دولار مهما كان حجم الوديعة. في الخلاصة، اعتماد إحدى هاتين الطريقتين، يؤدي إلى شيء من العدالة النسبية بين المودعين، لا العدالة الكاملة بطبيعة الحال، والرهان يبقى على قرار الحاكم المشهود له بخبرته الواسعة في مجالات القانون والاقتصاد والمال، والأهم أنه بات اليوم بحكم الظروف الراهنة، متحرّراً من موبقات السياسة والشعبوية الرخيصة.

انخفاض أسعار الذهب مع ارتفاع طفيف للدولار
انخفاض أسعار الذهب مع ارتفاع طفيف للدولار

النشرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • النشرة

انخفاض أسعار الذهب مع ارتفاع طفيف للدولار

تراجعت أسعار الذهب، مع ارتفاع طفيف للدولار والتفاؤل بشأن وقف إطلاق النار المحتمل بين روسيا وأوكرانيا الأمر الذي خفف الطلب على الأصول الآمنة. وانخفضت العقود الآجلة للذهب لشهر حزيران المقبل (Comex) بنسبة 0.51% إلى 3217 دولار للأونصة. فيما تراجعت العقود الفورية بنسبة 0.25% إلى 3221.40 دولار للأونصة، بحسب ما أظهرته التداولات. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد صرح أمس بأن روسيا وأوكرانيا ستبدآن على الفور مفاوضات من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وسجل الذهب، الذي يعتبر أصلا آمنا، مستويات قياسية مرتفعة متعددة هذا العام وهو في طريقه إلى الارتفاع بنسبة 22% حتى الآن هذا العام.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store