logo
تحت ظلال الدرون.. رسائل متفجرة في سماء بغداد- أربيل

تحت ظلال الدرون.. رسائل متفجرة في سماء بغداد- أربيل

شفق نيوز١٥-٠٧-٢٠٢٥
شفق نيوز- بغداد/ أربيل.
تحليل خاص
منذ إعلان انتهاء الجولة الأخيرة من التصعيد الإقليمي بين إيران وإسرائيل في أواخر حزيران/يونيو، يشهد العراق، وتحديداً إقليم كوردستان، تصاعداً لافتاً في وتيرة الهجمات بالطائرات المسيّرة. وتتسم هذه الهجمات بسمات مشتركة: تنفيذ دقيق، استهداف مواقع عسكرية واقتصادية حساسة، وطابع مجهول دون تبنٍّ رسمي.
من الرادارات إلى منشآت الطاقة
ابتدأت هذه الهجمات "المجهولة" باستهداف منظومات الرادار الدفاعية للقوات العراقية في قواعد بلدو التاجي وعين الأسد والناصرية، بعد ساعات قليلة من إعلان الرئيس الأمريكي ترامب، الوصول لإتفاق لوقف التصعيد بين طهران وتل أبيب.
في الأيام التالية، توسعت دائرة الاستهداف لتشمل منشآت وقواعد في إقليم كوردستان، فتعرض مطار أربيل الدولي لمحاولة هجمات متكررة بطائرات مسيّرة مفخخة، سواء بإسقاط واحدة قربه في الثالث من حزيران المنصرم وصولاً إلى أمس الثلاثاء 14 من تموز يوليو.
ويضم موقع مطار أربيل قاعدة عسكرية لقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، مما يجعله هدفاً معتاداً لهجمات فصائل شيعية موالية لإيران في السنوات الماضية، كذلك، تم اعتراض مسيّرات قرب مطار كركوك العسكري ومنشآت للجيش العراقي هناك.
الأهداف الاقتصادية كان لها نصيب كبير من هذه الهجمات؛ إذ تصاعدت الاعتداءات على البنية النفطية عندما تعرّض حقل خورمالا النفطي (جنوب غرب أربيل) لمحاولة قصف جوي بطائرات مسيّرة ليلة 14 من تموز، لكن تم إحباطه عبر دفاعات التحالف، وفي اليوم التالي، أصاب هجوم آخر حقل سرسنك النفطي في دهوك مما تسبب بحريق وأضرار في معدات الإنتاج. وهو ما وصفته وزارة الموارد الطبيعية في حكومة الإقليم بأنه 'عمل إرهابي' يهدف لضرب مصادر اقتصاد كوردستان الحيوية.
كما أكدت أن الهجوم على سرسنك أوقف الإنتاج في الموقع كإجراء سلامة، قبل السيطرة على الحريق لاحقاً.
جاءت هذه الهجمات في وقت يعاني فيه الإقليم أصلاً من صعوبات اقتصادية بسبب توقف صادرات النفط عبر خط الأنابيب إلى تركيا منذ عام 2023 نتيجة خلافات قانونية وفنية مع بغداد. ويعتمد اقتصاد الإقليم حالياً على الإنتاج المحلي والاستهلاك الداخلي في ظل تعطل التصدير. لذلك فإن أي استهداف إضافي لحقول النفط والغاز يعني مزيداً من الخسائر المالية والضغوط على حكومة أربيل.
كما أعادت أزمة الدرونات تسليط الضوء على هشاشة العلاقة بين أربيل وبغداد. حيث اتهمت حكومة إقليم كوردستان فصائل مرتبطة بالحشد الشعبي بالوقوف وراء الهجمات، فيما رفضت الحكومة الاتحادية الاتهامات دون أدلة.
وأصدرت داخلية كوردستان بياناً ثانياً اتهمت فيه بغداد بالتنصل من مسؤوليتها عن حماية الإقليم، مشيرة إلى أن الهجمات تتكرر منذ سنوات دون نتائج تحقيق. كما نفت أربيل المزاعم الإيرانية التي ترددت عن وجود مواقع إسرائيلية مستهدفة داخل الإقليم.
درونات انتحارية بدائية، لكنها فعالة
رغم زخم الأحداث، لا يزال الغموض يكتنف طبيعة الطائرات المسيّرة المستخدمة وقدراتها التقنية. فحتى الآن، لم تنشر السلطات العراقية أو الكوردية صوراً مفصلة أو معلومات رسمية عن نوعية هذه الدرونات.
لكن شظايا الحطام التي عُثر عليها في مواقع الإسقاط كشفت بعض الملامح. يوضح خبراء عسكريون ومسؤولون أمنيون تحدثت معهم وكالة شفق نيوز، أن المسيّرات تبدو من الطرازات قصيرة المدى نسبياً، إذ تُقدر مداياتها دون 10 كيلومترات. هذا يعني أنها أُطلقت من داخل الأراضي العراقية على مسافة قريبة من الهدف، وليست قادمة عبر الحدود من دولة مجاورة. كما يشير الخبراء إلى استخدام محركات احتراق صغيرة وأجنحة بدائية نسبياً في تصنيعها ما يوحي بأنها ربما مسيّرات محلية التطوير أو تم تهريب مكوناتها حديثاً للعراق.
وبحسب المصادر الأمنية فإن الهجمات الأخيرة نُفّذت باستخدام نوعين من الطائرات: الأولى طائرات تصوير مدنية تم تعديلها وتحميلها بمتفجرات، استُخدمت في هجوم أربيل؛ أما الثانية، فقد كانت طائرات انتحارية ذات قدرة بقاء قصيرة في الجو، استُخدمت في السليمانية، وتُشبه في تصميمها طائرات "شاهد" الإيرانية.
توقيت الهجمات وتنوع أهدافها يطرح تساؤلات حول دوافع الفاعلين. يرى البعض أن هذه الضربات تحمل رسائل ضغط على حكومة أربيل، التي أبرمت في الأشهر الماضية عقود غاز مع شركات أميركية دون تنسيق مع بغداد، ما دفع الأخيرة لرفع دعاوى قانونية.
حقول النفط الكوردية تمثل مصدر الدخل الأساسي للإقليم، واستهدافها قد يهدف إلى تقويض استقلاليته المالية، خصوصاً وسط تعثر التصدير إلى تركيا نتيجة خلافات قانونية. من جانب آخر، فإن استهداف المطار قد يكون إشارة إلى الولايات المتحدة، خاصة بعد توترات متكررة بين واشنطن وطهران.
ويقول الخبير العسكري علاء النشوع لشفق نيوز: "المنطقة مقبلة على حرب المسيّرات، وبدوره فإن العراق بما يحويه من فصائل مسلحة لديها هذه القوة والنوع من المناورة، وتستخدمها في التأثير المباشر على المنشآت الاقتصادية والحيوية في البلد".
ويضيف أن الحكومة العراقية لحد هذه اللحظة لم تُعطِ أي تفاصيل عن هذه الاستهدافات، باعتبار أنها جزء من الأمن القومي العراقي. لكن الفصائل المسلحة لديها طائرات مسيّرة منشأها إيراني، بعضها متطورة منها: من نوع شاهد 129، منها أبابيل 3، وكذلك مهاجر 6".
كما تشير معلومات استخباراتية إلى احتمالية استمرار الهجمات في الأيام المقبلة. ويُربط بين الدرونات التي استُخدمت في كوردستان وبين تلك التي استهدفت سابقاً قواعد التاجي والناصرية، ما يوحي بوجود منظومة تشغيل واحدة داخل العراق.
ورداً على هذه التطورات، اتخذت الحكومة العراقية سلسلة من الإجراءات الأمنية تشمل تعزيز منظومة الدفاع الجوي، تحديث قدرات الرادارات، فرض رقابة صارمة على تحليق الطائرات من دون طيار، والتنسيق بين القيادات الأمنية في بغداد وأربيل.
وأصدرت السفارة الأميركية في بغداد بياناً دانت فيه الهجمات، واعتبرتها "غير مقبولة وتُقوّض سيادة العراق"، مؤكدة أنها تُهدد الاستثمار الدولي في البلاد، وداعية الحكومة العراقية إلى التحقيق في الجهات المنفذة ومحاسبتها.
بهذا الخصوص، يقول مصدر دبلوماسي لوكالة شفق نيوز، إنه على المدى القريب، تواجه الحكومة العراقية اختباراً صعباً، حيث عليها أن تثبت قدرتها على كشف من يقف وراء المسيّرات ومحاسبته، مهما كانت الجهة.
كما لفت إلى أنه على الضفة الإقتصادية، فهذه الهجمات قد تؤدي إلى تخويف المستثمرين الأجانب وشركات الطاقة الدولية من العمل، بعدما اضطر بعضهم لوقف العمليات مؤقتاً مؤخراً، مما سيؤدي ذلك إلى زيادة المصاعب المالية وتنفيذ الخطط التنموية. ومن زاوية أخرى، قد يتضرر أيضاً قطاع الطيران المدني إذا استمر استهداف المطار أربيل بالصواريخ والمسيّرات".
وعقب هذه التطورات، وصفت الحكومة العراقية هذه الضربات بأنها تهديد مباشر لمصالح الشعب العراقي واعتداء على جهود الدولة في ترسيخ الاستقرار ودفع عجلة التنمية.
وفي بيان رسمي، اعتبر الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء صباح النعمان، أن طبيعة هذه الأعمال وتوقيتها تعكس نوايا خبيثة تهدف إلى خلط الأوراق وإلحاق الأذى بالعراق ومؤسساته الحيوية، مشيراً إلى أن القائد العام محمد شياع السوداني وجّه بفتح تحقيق فوري وموسّع لتحديد الجهات المنفذة، واتخاذ إجراءات حازمة لمحاسبة المتورطين دون تهاون أو تردد.
وأكد أن الحكومة العراقية، بجميع مؤسساتها، لن تسمح بأي تهديد يمسّ مصالح العراقيين، وأنها بصدد اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المنشآت الحيوية، وتعزيز منظومتها الدفاعية بما يصون السيادة ويمنع تكرار مثل هذه الاعتداءات.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اجتماع تنظيمي طارئ لـ PYD في هولندا
اجتماع تنظيمي طارئ لـ PYD في هولندا

حزب الإتحاد الديمقراطي

timeمنذ 2 ساعات

  • حزب الإتحاد الديمقراطي

اجتماع تنظيمي طارئ لـ PYD في هولندا

عقد حزب الاتحاد الديمقراطي PYD في هولندا اجتماعاً طارئاً لأعضاء ادارة الحزب أمس، الأحد 27 يوليو، بحضور أعضاء الادارة ومشاركة الرفيق عبدالسلام مصطفى ممثل الحزب في أوروبا. هذا وبدأ الاجتماع بالوقوف دقيقة صمت اجلالاً لأرواح الشهداء، وقدم الرفيق فوزي 'بافي مظلوم' مسؤول الحزب في هولندا كلمة ترحيبية بالحضور وشرح الغاية من الاجتماع والمتجسد بالوقوف على الوضع التنظيمي وسبل تفعيل وتطوير النضال الحزبي في هولندا. كما ابتدأ الاجتماع بتقديم الرفيق عبد السلام مصطفى للاضاءة على الوضع السياسي حيث تناولت كلمته الأوضاع السياسية في سوريا واقليم شمال وشرق سوريا واللقاءات مع الحكومة المؤقتة في دمشق والتي لم تفضي للنتائج المرجوة حتى الآن في سوريا ديمقراطية لكل السوريين. كما أكد مصطفى على الثوابت التي تتمسك بها الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية كثوابت استراتيجية في سوريا لا مركزية ديمقراطية تتسع لجميع السوريين وتصون حقوق الجميع . وفي السياق أوضح مصطفى حيثيات لقاءات باريس واللغط الاعلامي الذي دار حولها. واستمر الاجتماع بمناقشة الوضع التنظيمي من قبل جميع الرفاق الاداريين، وتم أخذ جملة من القرارات التي اتخذها الرفاق لتفعيل وتطوير العمل الحزبي في هولندا

غريب حسو: لن نسمح لأنفسنا بأن نكون متفرجين على إبادة أي مكون سوري
غريب حسو: لن نسمح لأنفسنا بأن نكون متفرجين على إبادة أي مكون سوري

حزب الإتحاد الديمقراطي

timeمنذ 4 ساعات

  • حزب الإتحاد الديمقراطي

غريب حسو: لن نسمح لأنفسنا بأن نكون متفرجين على إبادة أي مكون سوري

في تعليق على أحداث السويداء، قال غريب حسو الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطيPYD، اليوم الاثنين 28 يوليو، في تصريح خاص لموقع 'المبادرة': 'إن شعورنا الوطني سواء في الحزب أو كإدارة ذاتية ديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا يتمحور حول أننا لا نسمح لأنفسنا ولا نقبل أخلاقياً ووجدانياً أن نكون متفرجين على ما يطال المكونات السورية من إبادة وجرائم'. وأضاف حسو: 'حاولنا مراراً وتكراراً جاهدين أن نتفادى هذا القتال، وهذا الصراع، ولو كان بأيدينا الأمر لفعلنا ذلك'، مشدداً على أن تقديم الإدارة الذاتية لمساعدات إلى أهالي السويداء ومن قبل في الساحل السوري أمر 'ينبع من أخلاقنا'، منوهاً إلى أنه سبق للإدارة أن قدمت مساعدات إنسانية أخلاقية 'لأهلنا في شنكال عام 2014، عندما تعرض الإيزيديون لهجمات الإبادة'. وقال حسو إن هذه التحركات تنبع من الروح الوطنية الحقيقية، والروح التي يجب أن تتحلى بها المجتمعات الثقافية القائمة على التنوع، معتبراً أن هذا هو 'ما يمثل النخوة الوطنية الحقيقية'، مضيفاً: 'لا نتمنى أن تتكرر هذه الهجمات، أو يتعرض أي مكون من المكونات السورية لمثل هذه الجرائم لنقوم بمساعدتها'. ويؤكد الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD على أن المساعدة الحقيقية هي أن نبني سوريا لكل السوريين، وتكون فيها الوطنية للجميع، فالدروز سوريون والكرد سوريون والعرب سوريون والآشوريون والأرمن والسريان، قائلاً: 'سوريا للكل، والمساعدة الإنسانية والأخلاقية والوطنية الكبرى ستكون عندما نجتمع معاً ونرسم صورة جديدة من خلال وجود كل الثقافات والمكونات على الطاولة المشتركة، ونضع برنامجاً لسوريا المستقبل، ونحل أمورنا بيننا'. وفي ختام تصريحاته، وجه غريب حسو رسالة إلى الحكومة قائلاً: 'على الحكومة أن تقوم بما يلزم من المبادئ الوطنية الحقيقية، والنظر في هذه المبادئ، وما يجب على الحكومة الانتقالية في دمشق القيام به، هو تنفيذ هذه المبادئ'، مشدداً على أن المشكلة ليست في إرسال المساعدات التي هي واجب إنساني وأخلاقي لمكون ما وإنما التحدي الأكبر 'أن نبني هذا الوطن، ونصل إلى البناء الذي نريده'. وفي ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في مدينة السويداء وتدهور الأوضاع المعيشية فيها، استجابت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا لمناشدات الأهالي، وأعلنت عن استعدادها الكامل لإرسال مساعدات إغاثية وطبية عبر هيئة الشؤون الاجتماعية والكادحين، وسط ترحيب درزي. وعلى الرغم من تجهيز القوافل وانتهاء التحضيرات، فإن المساعدات ما تزال حتى الآن في المستودعات، بانتظار توفر ممر إنساني آمن يسمح بوصولها إلى السويداء، وتشير المعلومات الواردة إلى وجود تعقيدات من قبل سلطات الحكومة الانتقالية في سوريا، التي لم تصدر حتى اللحظة أي رد رسمي بشأن السماح بدخول القوافل.

دور الإعلام السيبراني في تشكيل الرأي العام خلال الأزمات السياسية
دور الإعلام السيبراني في تشكيل الرأي العام خلال الأزمات السياسية

موقع كتابات

timeمنذ 4 ساعات

  • موقع كتابات

دور الإعلام السيبراني في تشكيل الرأي العام خلال الأزمات السياسية

في عصرنا الرقمي الحديث، أصبح الإعلام السيبراني أحد أبرز الادوات التي تلعب دوراً حيوياً في تشكيل الرأي العام، لا سيما خلال الازمات السياسية. فمع التوسع الهائل في استخدام الانترنت ووسائل التوصل الاجتماعي، تغير مفهوم الإعلام بشكل جذري ، حيث لم يعد الإعلام حكراً على المؤسسات التلقيدية فقط، بل أصبح متاحاً لأي فرد أو جهة تمتلك القدرة على بث المعلومات عبر الفضاء السيبراني. يعرّف الإعلام السيبراني: هو كل ما يُنقل وينشر من أخبار وآراء وتحليلات، عبر الوسائل الرقمية، خاصة عبر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، أضافة الى استخدام الادوات الرقمية المتقدمة في جمع ونشر المعلومات. كما يختلف الإعلام السيبراني عن الإعلام التقليدي في سرعته الفائقة وقدرته على الوصول الى جمهور واسع في وقت قصير، كما يتيح تفاعلاً مباشراً بين المصدر والمتلقي. وخلال الازمات السياسية، يصبح الاعلام السيبراني أداة مؤثرة في توجيه الرأي العام، إذ يتم استغلاله من قبل أطراف متعددة لتشكيل مواقف سياسية، أو نشر المعلومات أو التضليل والتأثير على مسار الاحداث. لذلك، فهم هذا الدور أصبح ضرورة ملحة لكل باحث أو مهتم بالشأن السياسي والاعلامي. تشكيل الرأي العام من الاعلام التقليدي الى السيبراني يقدم علماء الإعلام والإتصال مفهوم الرأي العام: بأنه مجموعة المواقف والاتجاهات التي يحملها أفراد المجتمع تجاه قضايا معينة. ولقد كان الاعلام التقليدي مثل الصحف والتلفزيون والاذاعة، يسيطرون على تشكيل هذا الرأي من خلال ما يُقدم من تقارير وأخبار، لكن هذا الدور تغير اليوم مع صعود الاعلام السيبراني. ففي الاعلام السيبراني، لم يعد الجمهور مجرد متلق سلبي، بل أصبح مشاركاً في إنتاج ونشر المعلومات، ما يعزز تأثير الاعلام على الرأي العام. إذ يمكن لأي شخص نشر محتوى يمكن أن يتحول بسرعة الى ظاهرة إعلامية تؤثر في أعداد هائلة من الناس. الاعلام السيبراني خلال الازمات السياسية: أدوات وآليات فمن خلال الازمات السياسية، يستخدم الاعلام السيبراني مجموعة من الادوات التي تساعد على تشكيل الرأي العام بفعالية: فوسائل التواصل الاجتماعي كالفيس بوك والإنستغرام ومنصة X وغيرها، تُستخدم لنشر الاخبار والتعليقات بشكل فوري، مما يخلق أجواء من التفاعل الحي بين المواطنين والسياسيين. كذلك الحال المدونات والقنوات الرقمية التي تتيح لتحليلات متعمقة وأصوات بديلة بعيداً عن الاعلام الرسمي، أضافة الى الذكاء الاصطناعي والتحليلات الرقمية، حيث تُستخدم لمراقبة اتجاهات الرأي العام، واستهداف الجماهير برسائل مخصصة، فضلاً عن ما يعرف بالذباب الالكتروني والبروباغندا، التي تُوظف للتأثير على الجمهور من خلال نشر معلومات مضللة ومشوهة. ايجابيات الاعلام السيبراني في الازمات السياسية على الرغم من المخاطر، فإن الاعلام السيبراني يحمل فرصاً كبيرة لتعزيز الديمقراطية ورفع مستوى الوعي السياسي، وذلك من خلال نشر المعلومات بسرعة وشفافية، حيث يمكن للاعلام السيبراني كشف الاحداث والتطوررات السياسية فور وقوعها، مما يحد الاحتكار الاعلامي التقليدي. كذلك تمكين المواطنين في الاطلاع على ما يدور من حولهم، إذا يتيح للأفراد التعبير عن آرائهم، والمشاركة في الحوار العام ومحاسبة السياسيين. فضلاً عن تنويع المصادر الاعلامية: بغية التقليل من الاحتكار الاعلامي ورفع مستوى التعددية في وجهات النظر التي تُعد جزءاً من أجواء الديمقراطية. التحديات والمخاطر رغم ايجابياته التي صاحبت الثورة التكنولوجية، فإن الاعلام السيبراني يحمل معه تحديات كبيرة، تقف في مقدمتها: انتشار الاخبار الكاذبة والتضليل، فقد تستخدم الجهات المختلفة الاعلام السيبراني لنشر معلومات مغلوطة تهدف الى تزييف الواقع وتشويه سمعة الخصوم. ومنها ايضا تأجيج الخلافات والانقسامات، التي تسهل انتشار الخطابات التحريضية والكراهية وربما العنف عبر المنصات الرقمية، مما يفاقم الازمات السياسية. ومن التحديات والمخاطر، التلاعب بالرأي العام عبر الذكاء الاصطناعي، فاستخدام تقنيات متقدمة مثل البوتات والروبوتات لنشر رسائل مؤثرة مصممة خصيصا للتلاعب بالمشاعر والتجاهات السياسية. لقد شهد العالم العديد من الامثلة التي تظهر كيف يؤثر الاعلام السيبراني في الازمات السياسية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، في الانتخابات الرئاسية الامريكية عام 2016، استخدمت مجموعات متخصصة وسائل التواصل الاجتماعي لنشر معلومات مضللة بهدف التأثير على نتائج الانتخابات. أما خلال الثورة التونسية، فقد لعب الاعلام السيبراني دوراً رئيسيا في نقل الاخبار وتنظيم التظاهرات عبر شبكات التواصل، مما ساهم في إشعال شرارة التغيير السياسي. كيف التعامل مع الاعلام السيبراني أثناء الازمات السياسية؟ إن مواجهة التحديات المرتبطة بالإعلام السيبراني، ينبغي أن تبني استراتيجيات شاملة: منها تعزيز التوعية الاعلامية، فتعليم الجمهور بكيفية التحقق من الأخبار والمصادر والموثوقة، كذلك التمييز بين المعلومات الحقيقية والمزيفة التي تقود الى انهيارات وخلافات في غنى عنها. أضافة الى تنظيم الفضاء الرقمي، وذلك من خلال وضع أطر قانونية تحكم نشر المعلومات وتحارب التضليل الالكتروني. كما يمكن استخدام التكنولوجيا الذكية، من خلال الاستعانة بأدوات الذكاء الاصطناعي لرصد التحركات الاعلامية المشبوهة ومكافحة الاخبار الكاذبة. ومن الجدير الاشارة اليه، هو تشجيع الشفافية والمصداقية، فعلى وسائل الاعلام التقليدية والرقمية الالتزام بالقواعد المهنية لتقديم معلومات دقيقة وموثوقة. أما الاهتمام بالتعاون الدولي ففي هذا المجال من الاهمية الكبيرة: نظراً لطبيعة الاعلام السيبراني العابرة للحدود، فإن التعاون بين الدول ضروري لمواجهة الهجمات السيبرانية والتضليل الاعلامي، من مؤسسات لا تعد ولا تحصى تنتشر حول شبكات العالم. لقد أصبح الاعلام السيبراني أحد الاعمدة الاساسية التي تشكل الرأي العام في ظل الازمات والتحديات السياسية، فقوته تكمن في آنتشاره الواسع وسرعته الفائقة، لكن هذه القوة تحمل معها مخاطر كبيرة تتمثل في التضليل والتلاعب. لذلك، فإن بناء مجتمع رقمي واع ومدرك لكيفية استخدام هذه الوسائل هو السبيل الامثل لتوجيه الاعلام السيبراني نحو دعم الديمقراطية والاستقرار السياسي، بدلاً من أن يكون أداة للنزاعات والانقسامات. إن مستقبل الإعلام والسياسة مرتبط ارتباطا وثيقا بكيفية تعاملنا مع الإعلام السيبراني، مما يجعل دراسة هذا المجال وفهم تأثيراته ضرورة لا غنى عنها في عالمنا المعاصر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store