logo
باحثون يطوّرون مادة ذاتية الالتئام تشبه جلد الإنسان تفتح آفاق جديدة في الطب والروبوتات

باحثون يطوّرون مادة ذاتية الالتئام تشبه جلد الإنسان تفتح آفاق جديدة في الطب والروبوتات

المغرب اليوم٠٨-٠٣-٢٠٢٥

تمكَّن فريق من الباحثين من تطوير "هيدروجيل" فريد من نوعه، يجمع بين القوة والمرونة وقدرات الالتئام الذاتي، ما يفتح الباب أمام تطبيقات واعدة في مجالات مثل توصيل الأدوية، والتئام الجروح، وأجهزة الاستشعار في الروبوتات اللينة، والجلد الاصطناعي.
وتُعد الدراسة المنشورة في دورية "نيتشر ماتريالز" Nature Materials خطوة كبيرة نحو محاكاة خصائص الجلد البشري في المواد الاصطناعية.
ويُعتبر الهيدروجيل مواد هلامية ناعمة وقابلة للتمدد، تُستخدم بشكل شائع في الحياة اليومية، من مستحضرات التجميل إلى المكونات الغذائية.
فيما يتميز الجلد البشري بخصائص فريدة يصعب تكرارها، إذ يجمع بين الصلابة والمرونة، بالإضافة إلى قدرته المذهلة على الالتئام الذاتي، غالباً في غضون 24 ساعة بعد الإصابة.
حتى الآن، لم تتمكن المواد الهلامية الاصطناعية من الجمع بين هذه الخصائص، لكن الباحثين نجحوا في تطوير هيدروجيل ذي بنية فريدة، تتغلب على هذه القيود، من خلال إضافة صفائح نانوية رقيقة جداً من الطين إلى الهيدروجيل، مما أدى إلى تكوين بنية عالية التنظيم مع بوليمرات متشابكة بكثافة بين الصفائح النانوية.
ويكمن سر هذه المادة في الترتيب المنظم للصفائح النانوية، بالإضافة إلى التشابك الديناميكي للبوليمرات بينها. ووصف المؤلف الرئيسي للدراسة، تشين ليانج، العملية بأنها "بسيطة مثل الخبز".
واستوحى باحثون طريقة من الطبيعة لمنع التصاق البكتيريا على الأسطح المعدنية أثناء عمليات تصنيع اللحوم عبر محاكاة "جلود القروش" وأجنحة حشرة "السيكادا".
ولصناعة الهيدروجيل ذاتي الالتئام، اتبع الفريق عملية دقيقة ومبتكرة تعتمد على دمج الصفائح النانوية الطينية مع البوليمرات، لإنشاء بنية فريدة تجمع بين القوة والمرونة وقدرات الالتئام الذاتي.
وتبدأ العملية بتحضير خليط من مسحوق المونومرات -جزيئات صغيرة قادرة على الارتباط لتشكيل بوليمرات- مع الماء الذي يحتوي على صفائح نانوية طينية رقيقة بشكل استثنائي، والتي صممت خصيصاً لتعزيز الخصائص الميكانيكية للهيدروجيل.
وبعد تحضير الخليط، يتم تعريضه للأشعة فوق البنفسجية باستخدام مصباح مخصص، وهي عملية مشابهة لتلك المستخدمة في تثبيت طلاء الأظافر الهلامي.
وتؤدي الأشعة فوق البنفسجية إلى تفاعل كيميائي، يربط جزيئات المونومرات معاً، مما يحوّل الخليط السائل إلى مادة هلامية مرنة وصلبة، وخلال هذه العملية، تترتب الصفائح النانوية الطينية بشكل منتظم، مما يخلق بنية عالية التنظيم.
وقال الباحثون إن أحد العناصر الرئيسية في هذه العملية هو التشابك الديناميكي للبوليمرات بين الصفائح النانوية، فعندما تتعرض البوليمرات للأشعة فوق البنفسجية، تبدأ في الالتفاف حول بعضها البعض بشكل عشوائي، مما يخلق شبكة كثيفة ومتشابكة تشبه خيوط الصوف الدقيقة.
ويجعل هذا التشابك العشوائي البوليمرات ديناميكية للغاية على المستوى الجزيئي، مما يسمح لها بالتحرك، وإعادة التشابك عند قطع المادة أو إتلافها.
وبعد الانتهاء من عملية التشابك، يصبح الهيدروجيل الناتج قوياً ومرناً، مع قدرة مذهلة على الالتئام الذاتي، وعند قطع المادة، تبدأ البوليمرات المتشابكة في إعادة الارتباط تلقائياً، مما يؤدي إلى التئام الجروح، أو الشقوق في المادة.
وعلى سبيل المثال، بعد أربع ساعات من القطع، تلتئم المادة بنسبة 80 إلى 90%، وعادة ما تكون قد التحمت بالكامل بعد 24 ساعة.
وتسمح هذه العملية البسيطة نسبياً، بإنشاء هيدروجيل بسُمْك مليمتر واحد يحتوي على ما يصل إلى 10 آلاف طبقة من الصفائح النانوية، مما يمنح المادة صلابة مماثلة لجلد الإنسان ودرجة عالية من المرونة.
ويُمثّل هذا التقدم خطوة كبيرة نحو تطوير مواد جديدة مستوحاة من الطبيعة، مع إمكانيات تطبيقية واسعة في مجالات مثل الطب والروبوتات والتكنولوجيا الحيوية.
وأشار الباحثون إلى أن تلك الدراسة حلَّت معضلة كبيرة، إذ كان ابتكار الهلاميات المائية القوية والصلبة والقادرة على الالتئام الذاتي تحدياً كبيراً، لكن اكتشاف آلية تقوية الهلاميات اللينة تقليدياً، قد يُحدث ثورة في تطوير مواد جديدة مستوحاة من الطبيعة.
كما يأمل الباحثون في استخدام الهيدروجيل الجديد في ابتكار روبوتات ذات جلود قوية، وذاتية الالتئام، أو أنسجة اصطناعية تصلح نفسها تلقائياً.
ورغم أن التطبيقات العملية قد تستغرق بعض الوقت، إلا أن هذه النتائج تُعتبر قفزة نوعية في تصميم المواد، إذ قال الفريق البحثي إن هذا الاكتشاف الأساسي يمكن أن يعيد كتابة قواعد تصميم المواد.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ابتكار دواء يعالج التهابات الأذن خلال يوم واحد فقط
ابتكار دواء يعالج التهابات الأذن خلال يوم واحد فقط

أخبارنا

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • أخبارنا

ابتكار دواء يعالج التهابات الأذن خلال يوم واحد فقط

ذكرت مجلة ACS Nano أن علماء من الولايات المتحدة تمكنوا من تطوير دواء على شكل هلام، قادر على علاج التهاب الأذن الوسطى الحاد خلال يوم واحد فقط. وتبعا للمجلة فإن الدواء الجديد لا يشبه في آلية عمله المضادات الحيوية التقليدية التي يجب تناولها عن طريق الفم لعدة أيام، إذ يمكن تطبيق الدواء مباشرة على طبلة الأذن، الأمر الذي يقلل من الأضرار التي قد تسببها الأدوية على الجهاز الهضمي. ولجعل الدواء قابلا للامتصاص في طبلة الأذن قام العلماء بتغليف المضاد الحيوي سيبروفلوكساسين في الليبوزومات ذات الشحنة السلبية، أي طبقات مزدوجة من الدهون، وخلطت الليبوزومات مع هيدروجيل يتصلب عند درجة حرارة الجسم ويوفر إطلاقا تدريجيا للدواء. ولاختبار فعالية الدواء قام العلماء باختباره على حيوانات الشنشيلة المخبرية التي كانت تعاني من التهابات الأذن التي تشبه إلى حد كبير التهابات الأذن التي تصيب البشر، وأظهرت التركيبة الدوائية الجديدة فعالية ممتازة، إذ تخلصت الحيوانات من المرض في غضون 24 ساعة. ويعتقد مطورو هذا الدواء أن علاجهم سيكون مناسبا بشكل خاص للأطفال الصغار الذين يعانون من التهابات الأذن، إذ توجد صعوبة بإعطاء الأدوية التقليدية للأطفال، كما أن هذا النوع من العلاج سيقلل بشكل كبير من استعمال مضادات الحيوية في حالات أمراض الأذن المرتبطة بالالتهابات.

دراسة ثورية: هكذا يمكننا العيش على الكوكب الأحمر
دراسة ثورية: هكذا يمكننا العيش على الكوكب الأحمر

برلمان

time١٧-٠٤-٢٠٢٥

  • برلمان

دراسة ثورية: هكذا يمكننا العيش على الكوكب الأحمر

الخط : A- A+ إستمع للمقال كشفت دراسة علمية حديثة عن إمكانية تهيئة كوكب المريخ ليصبح صالحًا لحياة البشر، من خلال استخدام تقنية جديدة تعتمد على مواد عازلة تُعرف باسم 'الهيدروجيل'، تساعد في خلق بيئة دافئة ومحمية من الإشعاع تحت سطح الكوكب الأحمر. وأفاد فريق البحث، الذي نُشر عمله في مجلة Nature Astronomy، أن هذه التقنية يمكن أن تُستخدم لبناء مستوطنات بشرية صغيرة تُوفر الظروف الأساسية للحياة، كدرجات حرارة معتدلة ومياه سائلة. وتعتمد الفكرة على تغطية مناطق معينة من سطح المريخ بطبقات من الهيدروجيل، تسمح بمرور الضوء لكنها تحبس الحرارة وتمنع الإشعاعات الضارة. ويقول العلماء إن هذا الابتكار قد يُمكّن البشر من زراعة النباتات مباشرة على المريخ، وهو ما يُعد خطوة مهمة نحو الاستيطان طويل الأمد. كما أن هذه الطريقة تُعد أقل تكلفة وأكثر قابلية للتنفيذ مقارنةً بأفكار سابقة، مثل بناء قباب عملاقة أو تعديل الغلاف الجوي للكوكب. ويأتي هذا البحث في وقت تتزايد فيه الجهود الدولية لإرسال بعثات مأهولة إلى المريخ، حيث تخطط وكالة الفضاء الأميركية 'ناسا' لإطلاق أول مهمة مأهولة في ثلاثينيات هذا القرن، بينما تستثمر شركات خاصة، مثل 'سبيس إكس'، في تطوير تقنيات السفر والإقامة في الفضاء.

ابتكار جلدي ثوري من أسماك القطب الشمالي
ابتكار جلدي ثوري من أسماك القطب الشمالي

أخبارنا

time١٦-٠٤-٢٠٢٥

  • أخبارنا

ابتكار جلدي ثوري من أسماك القطب الشمالي

نجح فريق من الباحثين في مختبر إمبا السويسري في تطوير هيدروجيل مبتكر مستخلص من جيلاتين أسماك المياه الباردة، يُمهّد الطريق نحو إنتاج نموذج حي يحاكي الجلد البشري بكل طبقاته وتعقيداته. ووفقاً لما ذكرته مجلة Medical Xpress، فقد تقدّم الفريق بطلب رسمي للحصول على براءة اختراع لهذا الابتكار من المختبرات الفيدرالية السويسرية لعلوم وتكنولوجيا المواد. يمثل هذا المشروع نقلة نوعية، إذ لا يتعلّق الأمر بنموذج حاسوبي أو بلاستيكي تقليدي، بل بـ"جلد اصطناعي حي" يحتوي على خلايا بشرية وهياكل دقيقة تشبه البشرة والأدمة والغشاء القاعدي بينهما. وبهذا، يسعى الباحثون إلى محاكاة البنية الطبقية والطبيعية المتجعدة للجلد البشري، باستخدام مواد طبيعية وبتقنيات متطورة مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد والغزل الكهربائي. ويتميّز الهيدروجيل الجديد بخصائص فريدة، أهمها أنه غير منتفخ ويمكن تشكيله بسهولة لتلبية احتياجات مختلفة، مثل السمك والصلابة والشكل. وبفضل منشئه البحري، فإنه لا يُثير ردود فعل مناعية قوية، بعكس نظيره المستخرج من جيلاتين الثدييات، مما يقلّل أيضاً من خطر انتقال الأمراض عبر المادة المستخدمة. وفي حين يُنتظر أن يُحدث هذا الابتكار تأثيراً كبيراً في مجال النماذج المخبرية والتجارب الطبية، يبرز استخدام آخر أكثر آنية، وهو الضمادات العلاجية. فالهيدروجيل المتوافق بيولوجياً يمكن أن يُستخدم مباشرة لتغطية الجروح، بل وحتى دمج الأدوية بداخله لتسريع التئام الجلد وتحسين نتائج العلاج. ويؤكد الباحثون أن مستقبل هذا المشروع لا يقتصر على المختبرات، بل يمتد إلى الاستخدامات السريرية، إذ يتيح إنتاج نماذج جلدية مخصصة للمرضى بدقة كبيرة. وفي المرحلة القادمة، يخطط الفريق لإتاحة هذا الجلد الاصطناعي للباحثين حول العالم، ليصبح أداة علمية فعالة في تطوير علاجات الحروق، والأمراض الجلدية، والجراحة التجميلية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store