
عمدة الدار البيضاء تستنفر المقاطعات.. اجتماعات مكثفة لإنهاء أزمة العدالة المجالية
تعيش مدينة الدار البيضاء على وقع جدل متصاعد حول العدالة المجالية بين مقاطعاتها الست عشرة، حيث تتزايد الانتقادات بشأن التفاوت في توزيع المشاريع التنموية، وهو ما دفع عمدة المدينة، نبيلة الرميلي، إلى تكثيف زياراتها الميدانية لمختلف المقاطعات، بهدف الوقوف على التحديات التي تواجه كل منطقة، ورصد الإكراهات التي تعيق تنفيذ المشاريع المقررة.
هذه التحركات تأتي في سياق مطالب متزايدة من المنتخبين والساكنة بضرورة تحقيق توزيع عادل للموارد، وضمان استفادة جميع الأحياء من فرص التنمية بشكل متوازن.
ضمن هذا الإطار، عقدت العمدة اجتماعات مع عدد من رؤساء المقاطعات لمناقشة سير المشاريع، حيث التقت اليوم الخميس بمحمد كليوين، رئيس مجلس مقاطعة الفداء، بحضور أعضاء من المكتب المسير، وذلك لاستعراض المقررات والاتفاقيات المصادق عليها من طرف مجلس جماعة الدار البيضاء، وتقييم مدى تنفيذها، إضافة إلى تسطير برنامج لتسريع تنزيلها.
هذه الخطوة تأتي بعد اجتماعات مماثلة، كانت قبلها زيارة لمقاطعة سيدي البرنوصي، حيث ناقشت مع رئيس المقاطعة، سعيد صابري، سبل تفعيل مقررات المجلس، وتسريع الجدولة الزمنية للأشغال المبرمجة، خاصة تلك المتعلقة بالشركات المنتدبة لتنفيذ المشاريع.
كما شمل اللقاء مناقشة قرارات نزع الملكية، بالتنسيق مع إدارة أملاك الدولة، في خطوة تهدف إلى تجاوز العراقيل القانونية التي تحول دون إنجاز بعض المشاريع الكبرى.
تزايدت شكاوى المنتخبين بشأن غياب الإنصاف في توزيع الاستثمارات، حيث عبّر العديد منهم عن امتعاضهم من الفجوة الكبيرة بين مختلف المقاطعات. بعض المناطق تحظى بتمويلات ضخمة ومشاريع متكاملة، بينما تعاني أخرى من تهميش واضح، ما يهدد بتعميق الفوارق الاجتماعية داخل المدينة.
وكان مصطفى الحيا، عضو مجلس جماعة الدار البيضاء عن حزب العدالة والتنمية، من بين الأصوات التي دقت ناقوس الخطر خلال الدورة الأخيرة للمجلس، حيث أكد أن غياب العدالة المجالية لم يعد مجرد مزاعم، بل أضحى واقعًا ملموسًا، موضحًا أن بعض المقاطعات تعاني نقصًا مهولًا في البنية التحتية والخدمات الأساسية، في حين أن مناطق أخرى تحظى بأولوية في توزيع الميزانيات.
بدوره، شدد مصطفى منظور، المستشار الجماعي عن حزب التقدم والاشتراكية، على أن استمرار هذا التفاوت قد يؤدي إلى احتقان اجتماعي متزايد، خاصة في ظل التوسع العمراني وارتفاع الكثافة السكانية في بعض الأحياء التي لم تُخصص لها موارد كافية.
وأشار منظور إلى وضعية الأسواق المتردية في مقاطعة الحي الحسني، داعيًا إلى إعادة تأهيلها بشكل يضمن استفادة التجار والسكان من مرافق لائقة، بدل استمرار حالة الإهمال التي تطبعها منذ سنوات.
توقيت هذه الانتقادات لا يخلو من حساسية، إذ تتجه الدار البيضاء إلى استضافة أحداث رياضية كبرى، على رأسها كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، وهو ما يفرض تحديات هائلة على البنية التحتية للمدينة.
ويتطلب الاستعداد لهذه التظاهرات العالمية تخطيطًا استراتيجيًا، يراعي جميع المقاطعات، بدل التركيز على مناطق بعينها، لضمان جاهزية العاصمة الاقتصادية في مختلف المجالات، من طرق ومواصلات إلى مرافق رياضية وخدمات حضرية متطورة.
في موازاة ذلك، أعربت عدة جمعيات مدنية عن استيائها من استمرار التهميش الذي يطال بعض الأحياء، على غرار مولاي رشيد، سيدي مومن، ليساسفة والتشارك، حيث لا تزال هذه المناطق تعاني من اختلالات تنموية كبيرة، تجعلها خارج دائرة التحولات التي تشهدها مناطق أخرى.
الفاعلون الجمعويون نبهوا إلى أن انتشار العشوائية وضعف الخدمات الأساسية في هذه الأحياء يعرقل أي تصور مستقبلي لجعل الدار البيضاء مدينة حديثة ومتطورة، معتبرين أن التركيز على مناطق بعينها، وإقصاء أخرى، يضرب في العمق مبدأ المساواة في التنمية.
في ظل هذا الوضع، تتعالى الأصوات المطالبة بإحداث قطيعة مع السياسات السابقة، واعتماد منهجية جديدة قائمة على التوزيع العادل للمشاريع بين جميع المقاطعات، وفق رؤية منصفة تضمن تطورًا متوازنًا للمدينة ككل.
هذه المطالب تضع العمدة نبيلة الرميلي أمام اختبار حقيقي، فإما أن تنجح في فرض سياسة تنموية أكثر عدالة، تضع حدًا للتفاوتات المجالية، أو تستمر هذه الإشكالات في تأجيج الغضب الشعبي، في وقت يحتاج فيه المجلس الجماعي إلى تعزيز الثقة بينه وبين المواطنين، لضمان انخراطهم في رؤية تنموية أكثر شمولية.
شارك المقال
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


كش 24
منذ 2 أيام
- كش 24
بعد تقرير مجلس الحسابات.. البيجيدي: وضعيتنا سليمة اتجاه الخزينة
قال حزب العدالة والتنمية، ردا على بعض القراءات المتداولة بخصوص مضامين التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات حول مالية الأحزاب السياسية برسم السنة المالية 2023، إن وضعيته سليمة تجاه خزينة الدولة. وانتقد أمين المال الوطني لحزب "المصباح" ما أسماه ببعض القراءات المتحيزة وغير الموضوعية لنتائج التدقيق التي تعني الحساب السنوي لهذا الحزب. وصرح المجلس الأعلى للحسابات بصحة النفقات المنجزة من طرف الحزب برسم الدعم العمومي السنوي لسنة 2023 والتي بلغت 634.066,64 درهم. وأكد الحزب في توضيحاته وضعية الحزب اتجاه الخزينة سليمة، وأنه قام خلال سنتي 2023 و 2024 بإرجاع مبلغ إجمالي قدره 286.348,67 درهم إلى الخزينة، بعد إرجاع5.785.122,02 درهم إلى الخزينة برسم الدعم غير المستحق برسم اقتراع 8 شتنبر 2021 لانتخاب أعضاء مجلس النواب ومجالس الجهات والجماعات، وإرجاع501.226,65 درهم إلى الخزينة من الدعم السنوي غير المستعمل من الدعم الإضافي الخاص بالدراسات والمهام والأبحاث المنجزة برسم سنة 2022. وصرح مجلس الحسابات في نفس التقرير بأن 15 حزبا لم يقم إلى حدود متم شهر مارس 2025 بإرجاع مبالغ مجموعها 21,96 مليون درهم إلى الخزينة، وهي مبالغ من الدعم غير المستحق أو غير المستعمل أو المستعمل لغير الغايات التي منح لأجلها من طرف هذه الأحزاب.


أخبارنا
منذ 2 أيام
- أخبارنا
"البيجيدي" يرد على تقرير مجلس الحسابات ويتهمه ب"الانتقائية"
خرج حزب العدالة والتنمية، اليوم الأربعاء، ببلاغ ناري يرد فيه على تقرير المجلس الأعلى للحسابات، مؤكداً أن وضعيته المالية سليمة ولا تشوبها شائبة، وأن ما جاء في التقرير من ملاحظات حول حساباته المحلية "غير دقيق" ويُغفل معطيات جوهرية. وقال "البيجيدي" إن نفقاته لسنة 2023، التي بلغت 634.066,64 درهماً، صُرّح بصحتها من طرف المجلس نفسه، مشيراً إلى أنه قام بإرجاع ما مجموعه 286.348,67 درهماً للخزينة خلال سنتي 2023 و2024، إضافة إلى إرجاع مبلغ ضخم بلغ 5.785.122,02 درهم كدعم غير مستحق لاقتراع 8 شتنبر 2021. كما لم يغفل الحزب التأكيد على أنه أرجع أيضاً مبلغ 501.226,65 درهماً من الدعم السنوي الإضافي المخصص للدراسات والمهام، برسم سنة 2022، مبرزاً أنه قدّم حسابه السنوي المؤشَّر عليه من خبير محاسباتي معتمد وبدون أي تحفظ، وفي الآجال القانونية، دون أن تُسجل عليه أية ملاحظة. وفيما يخص الملاحظات المثيرة للجدل المرتبطة بتحصيل جزء من واجبات الانخراط ومساهمات المنتخبين المحليين، والتي زعم المجلس أن الحزب لم يقدم ما يثبتها بما قيمته 556.785,60 درهماً، فقد وصفها الحزب بـ"غير الدقيقة"، موضحاً أنه أدلى فعلاً بوثائق وإيصالات سمحت بتخفيض مبلغ الملاحظة من أزيد من 2.2 مليون درهم إلى المبلغ المذكور. واتهم الحزب مجلس الحسابات بتجاهل المعطيات المقدمة في جوابه على الملاحظات الأولية، خاصة ما يتعلق بوصولات وقسيمات الإيداع ونسخ الشيكات، معتبراً أن بعض هذه الوثائق تخص مساهمات نوابه البرلمانيين وتُقتطع من المنبع بشكل واضح لا لبس فيه. وفي لهجة شديدة، انتقد "البيجيدي" ما وصفه بـ"القراءة الانتقائية والموجهة" للتقرير، مؤكداً أن الوثائق الداعمة لمساهمات الوزراء والبرلمانيين السابقين أُدرجت بالحساب السنوي، وأن تقارير التمثيليات المحلية لسنة 2023 مرفقة بكل ما يلزم من إثباتات ووثائق رسمية. وختم الحزب بلاغه بالتشديد على أن وضعيته تجاه خزينة الدولة سليمة، وأنه يلتزم بالقانون ومبادئ الشفافية والحكامة في كل صغيرة وكبيرة، مع مواصلة تفاعله الإيجابي مع كل ملاحظات وتوصيات المجلس الأعلى للحسابات. في المحصلة، يبدو أن "البيجيدي" قد قرر ألا يمرّ تقرير المجلس مرور الكرام، بل اختار المواجهة المباشرة، فهل سنشهد جولات جديدة من تبادل التصريحات في الأيام المقبلة؟


لكم
منذ 2 أيام
- لكم
'البيجيدي' يرد على 'مجلس الحسابات': وضعية الحزب سليمة تجاه خزينة الدولة
صرح حزب العدالة والتنمية، اليوم الأربعاء، أن النفقات المنجزة من طرفه برسم الدعم العمومي الممنوح له سنة 2023 صحيحة، ووضعية الحزب سليمة تجاه الخزينة، منتقدا التصريح غير الدقيق لمجلس الحسابات فيما يتعلق بالتقارير المالية لتمثيلياته المحلية. وقال الحزب في بلاغ له إن مجلس الحسابات صرح بصحة النفقات المنجزة من طرف 'البيجيدي' سنة 2023 والتي بلغت 634.066,64 درهم، حيث قام خلال سنتي 2023 و 2024 بإرجاع مبلغ إجمالي قدره 286.348,67 درهم إلى الخزينة، بعد إرجاع5.785.122,02 درهم إلى الخزينة برسم الدعم غير المستحق برسم اقتراع 8 شتنبر 2021 لانتخاب أعضاء مجلس النواب ومجالس الجهات والجماعات. كما أن الحزب قام بإرجاع 501.226,65 درهم إلى الخزينة من الدعم السنوي غير المستعمل من الدعم الإضافي الخاص بالدراسات والمهام والأبحاث المنجزة برسم سنة 2022. و أشار الحزب إلى أنه قدم حسابه السنوي المشهود بصحته من طرف خبير محاسب دون تحفظ، داخل الأجل القانوني، ولم يسجل المجلس أية ملاحظة بشأن الوثائق المكوّنة لهذا الحساب. وأضاف أنه أدلى بمخرجات الدراسات والمهام والأبحاث المنجزة في إطار الدعم السنوي الإضافي، في حين يواصل إنجاز الدراستين اللتين تم الشروع فيهما. وبخصوص الملاحظة المتعلقة بوثائق الإثبات بشأن تحصيل الحزب لجزء من واجبات الانخراط والمساهمات المالية للمنتخبين على مستوى بعض التمثيليات المحلية للحزب، والتي لاحظ المجلس أن الحزب لم يقدم وثائق الإثبات القانونية بشأن تحصيل جزء منها، والتي يتجاوز عددها 400 كتابة مجالية بما مجموعه 556.785,60 درهم، فقد اعتبر الحزب أن هذا التصريح غير ظقيق. وأوضح 'البيجيدي' بأن ما جاء في تقرير المجلس بكون الحزب أشار في جوابه على الملاحظات الأولية بأن 'التقارير المالية لتمثيلياته المحلية لسنة 2023 تتضمن الوصولات والوثائق المثبتة لتلك المبالغ غير أنه لم يدل بها'، هو تصريح غير دقيق لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار كون الحزب أدلى بمجموعة من هذه الوصولات والوثائق، وهو ما مكن من انتقال المبلغ موضوع الملاحظة من 2.268.102 درهم بتاريخ التوصل بالملاحظات الأولية من طرف المجلس، إلى556.785,60 درهم الوارد في تقريره النهائي، وهو الأمر الذي تجاهله المجلس وهو يصرح بأن الحزب لم يدل بهذه الوصولات والوثائق المثبتة. وأضاف البلاغ 'كما أن الحزب وفي معرض جوابه على الملاحظة الأولية للمجلس 'بأن الحزب قدم بخصوص بعض العمليات نسخ لشيكات أو لقسيمات إيداع شيكات أو لقسيمات إيداع النقود، ولاحظ أنها لا تمكن من تحديد طبيعة المورد وصفة المانح (منتخب أو منخرط أو غير ذلك).'، أوضح بأن وثائق الإثبات المتعلقة بتحصيل واجبات المنتخبين على المستوى المركزي، تتعلق أساسا بمساهمات أعضاء الحزب بمجلس النواب، ويتم اقتطاعها من المنبع'. وأكد الحزب أنه تم تضمين الوصولات والوثائق المثبتة لمساهمات الوزراء والبرلمانيين السابقين في الحساب السنوي للحزب لسنة 2023. وأما بخصوص وثائق الإثبات المتعلقة بتحصيل واجبات المنخرطين وواجبات المنتخبين على مستوى تمثيليات الحزب المحلية، فقد أرفق الحزب بجوابه التقارير المالية لهذه التمثيليات لسنة 2023 والتي تتضمن الوصولات والوثائق المثبتة لتلك المبالغ. وانتقد 'البيجيدي' القراءة الانتقائية الموجهة أساسا ضده، واعتبر أن التقرير يثبت مرة أخرى وضعية الحزب السليمة اتجاه الخزينة وتشبته الصارم بالقانون وبمبادئ الشفافية والحكامة الجيدة في تدبير شؤونه المالية، وتفاعله الإيجابي والمتواصل مع توصيات المجلس الأعلى للحسابات.