
من قصص القرآن الكريم.. سيدنا نوح، 950 سنة في الدعوة إلى الله
تكررت قصة نوح، عليه السلام، مع قومه في القرآن الكريم في سور عديدة، وبأساليب متنوعة، فجاءت في سورة هود أكثر تفصيلًا.
وجاء الحديث عنها في سور الأعراف، ويونس، والمؤمنون، والشعراء، والعنكبوت، والصافات، والقمر بشيء من التفصيل.
وجاءت إشارة إليها في سور الأنبياء والفرقان والذاريات. وهناك سورة كاملة في القرآن سميت باسم "نوح"، تحكي لنا ما دار بين نوح وقومه، وما قاله لقومه، وما ردوا به عليه.
تفاصيل الحكاية
تفاصيل قصة سيدنا نوح مع قومه، أنه عليه السلام، كان أوّل رسول يرسله الله إلى الناس في الأرض، وقد جاء عن ابن جبير، وغيره أنّ قوم نوح كان اسمهم بنو راسب.
وقد أرسله الله إلى قوم كانوا يعبدون الأصنام، ويتخذون لها أسماء ما أنزل الله بها من سلطان، فأخذ نوح، عليه السلام، يدعو قومه بكل السبل الترغيبية والترهيبية ليقلعوا عن عبادة تلك الأوثان، ويعبدوا الله الواحد القهار.
"فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين". (يونس: 72).
وأكد لهم عليه السلام أنه لا يبتغي من وراء ذلك أي أجر، بل هو يبتغي الأجر من الله، "وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين". (الشعراء: 109)، فهو مرسل من الله، سبحانه، ومبلِّغ رسالة ربه، "يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم". (الأعراف: 59).
إلا أن قومه لم يستجيبوا له، ووصفوا دعوته بالضلال، فقالوا: "إنا لنراك في ضلال مبين". (الأعراف: 60).
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل أصروا على كفرهم وشركهم، "وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا". (نوح: 23).
استهزأ قوم نوح من الذين آمنوا معه، ووصفوهم بأنهم من أراذل قومهم، وأنهم شرذمة قليلون، يبغون الفساد في الأرض، ويعكرون صفو الحياة وبهجتها ورونقها، قال تعالى على لسان قوم نوح: "وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي". (هود: 27)، وقال أيضًا: "قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون". (الشعراء: 111)
الكافرون سخروا من نبي الله
بلغ الكبر بالكافرين أن سخروا من نبي الله نفسه، وأخذوا يتنمرون عليه، ويصفون دعوته بالضلال: "إنا لنراك في ضلال مبين".
رفض نوح، عليه السلام، أن يتخلى عن الذين آمنوا برسالته، وأن يغلق الطريق أمام من انقاد لأمر ربه، "وما أنا بطارد المؤمنين". (الشعراء:114).
استمر نوح يدعو قومه لمدة قاربت الـ1000 سنة، ومع ذلك فإن قومه لم يستجيبوا لندائه، ولم يلبوا دعوته، حتى أخبره سبحانه: "وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون". (هود: 36).
الكلمة الأخيرة، تمثلت في إنذار الناس من عذاب يوم عظيم، ومن ثم خاطبهم بقوله: "إن أنا إلا نذير مبين". (الشعراء:115).
ومع ذلك فلم تنفع معهم كل أساليب الدعوة، وحينما استيأس نوح، عليه السلام، من دعوة قومه، وتأكد بشكل نهائي، أنهم مصرون على كفرهم وغيهم، دعا عليهم.
ومن دعائه ما جاء في قوله، تعالى، على لسان نوح: "وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا"؛ أي أن يطبع الله على قلوبهم بضلالهم فلا يهتدوا إلى الحقّ، ثمّ قال، تعالى: "وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا"؛ أي ربِّ لا تترك الكافرين على هذه الأرض؛ لأنّهم إن تُرِكوا، أضلّوا الناس عن سبيل الحقّ، والهدى، ولا يلدون إلّا الذي لا يؤمن بدينك، ويجحد نعمتك.
سفينة نوح
كانت السفينة هي معجزة سيّدنا نوح، عليه السلام؛ حيث أوحى الله إليه أن يصنعَها، حتى إذا جاء أمر الله، وفار التنّور الذي كان مصنوعًا من حجارة، وقد جعل الله فوران الماء منه علامة على مجيء أمره.
وأمر الله نوحًا أن يحمل على السفينة من كلّ شيء حيٍّ زوجَين؛ ذكرًا، وأنثى.
ولم يتحدد، في أي من التفاسير، عدد الذين حُمِلوا على السفينة في الكتاب، أو السنّة، ثمّ أبحرت سفينة نوح بهم عبر المياه المرتفعة، تدفعها الريح الشديدة مُشكّلة بذلك ما يُشبه الجبال في عُلوّها، وعظمتها.
ورُوِي عن ابن كثير أنّ طول الماء بلغ خمسة عشر ذراعًا كما ورد عند أهل الكتاب، بينما ورد في رواية أخرى أنّه بلغَ ثمانين ذراعًا.
وكانت سفينة نوح مصنوعة من الأخشاب، قال تعالى: "وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ". فقد بدأ نوح صناعة السفينة بأمر الله تعالى له؛ حيث جلب الأخشاب، وصَنع من مادّتها الألواح، ثمّ وضع الألواح بجانب بعضها، وثبّتها بالدسر؛ أي المسامير، وكان قومه كلّما مَرّوا عليه يسخرون منه؛ لصُنعه السفينة على اليابسة، قال تعالى: "وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ".
فكان جزاؤهم أن أغرقهم الله سبحانه، وجعلهم عبرة لمن يعتبر.
قال تعالى: "إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين". (الأنبياء: 77).
نجا الله سيدنا نوحًا والذين آمنوا معه، وأغرق المستكبرين والرافضين لسبيل الحق، والمعرضين عن طريق الهدى، وجعلهم عبرة لمن بعدهم، "فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون * ثم أغرقنا بعد الباقين * إن في ذلك لآية وما أكثرهم مؤمنين". (الشعراء:119-121)، "قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم". (هود:48).
قصة ابن نوح
واجه سيدنا نوح عليه السلام، اختبارا هائلا في أهل بيته، حيث كفرت به زوجته، كما لم يؤمن بدعوته ابنه، فلذة كبده.
وحتى اللحظة الأخيرة، أصر الابن على عصيان أبيه، ودار حوار بين نوح وابنه الكافر، ذلك الابن الذي أصر على كفره، وأبى أن يسلك طريق الإيمان والهداية، فكانت عاقبته هي نفسها عاقبة من أصر على كفره وشركه، فكان من المُغْرَقين، ولم تنفعه شفاعة أبيه عند الله، "قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح". (هود: 46).
ومما رواه بعض العلماء: بعث الله نوحًا وهو في سن الأربعين، ومكث يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، وعاش بعد غرق قومه ستين سنة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عرب نت 5
منذ 21 دقائق
- عرب نت 5
: سؤال ديني هام: هل الجنة والنار موجودتان بالفعل الآن؟ أمين الفتوى يحسم الجدل.. فيديو
الدكتور هشام ربيعالجمعة, 04 يوليو, 2025قال الدكتور هشام ربيع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، ردًا على سؤال حول ما إذا كانت الجنة والنار موجودتين الآن أم سيتم خلقهما يوم القيامة: "إن المسائل المرتبطة بالآخرة لا نشغل بها، حتى الإنسان اللي توفى، هل هو داخل الجنة أو النار؟ لا، لا نشغل بالنا".إقرأ أيضاً..هل يجب الترتيب؟ الإفتاء تجيب عن حكم صلاة الفجر وسنتهاتنظيم الأسرة والتكاثر: أمين الفتوى يحسم الجدل الشرعي .. فيديوالشيخ خالد الجندي يكشف: أفضل الفروض الشرعية وأنواعهاصلاة الغفلة: دليلك الشامل لتعلم كيفيتها وفضلها ووقتها والأحاديث المتعلقة بهاوأضاف أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأربعاء: "نشغل بالنا بالأعمال الصالحة اللي تودينا الجنة، ونبتعد عن الأعمال اللي تودينا النار، طب هي موجودة دلوقتي ولا لا؟ تصور لو قلنا مش موجودة.. ماذا يفيد؟ أو حتى موجودة.. ماذا يفيد؟ ولا حاجة".وأوضح أن هذا من باب "علم لا ينفع، وجهل لا يضر"، مؤكدًا أن الإنسان يجب أن يشغل نفسه بما يقربه من الجنة ويبعده عن النار، مشددًا في الوقت ذاته على أن وجود الجنة والنار ثابت في القرآن الكريم، مستشهدًا بطرد إبليس من الجنة.المصدر: elbalad قد يعجبك أيضا...


عرب نت 5
منذ 22 دقائق
- عرب نت 5
: هل يجب الترتيب؟ الإفتاء تجيب عن حكم صلاة الفجر وسنتها
الإفتاءالجمعة, 04 يوليو, 2025أجابت دار الافتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها مضمونه: " حكم الترتيب بين فريضة الفجر وسنته.. حيث دخلت المسجد في صلاة الفجر وقد أُقيمتِ الفريضة ولم أُصلِّ سنة الفجر، فهل أدخل مع الإمام في صلاة الفريضة أو أُراعي الترتيب فأُصلي سنة الفجر أولًا ثم أُصلي الفريضة؟ وهل يختلف الحكم لو نمت عنها حتى طلعت الشمس؟".إقرأ أيضاً..تنظيم الأسرة والتكاثر: أمين الفتوى يحسم الجدل الشرعي .. فيديوالشيخ خالد الجندي يكشف: أفضل الفروض الشرعية وأنواعهاصلاة الغفلة: دليلك الشامل لتعلم كيفيتها وفضلها ووقتها والأحاديث المتعلقة بهاعلي جمعة يوضح .. هل هناك أشخاص لا يصيبهم السحر؟وردت دار الافتاء موضحة: ان الأصل أن تُؤدَّى ركعتي الفجر قبل صلاة الفريضة، فإذا دخل الإنسان المسجد وقد أقيمتِ الصلاة فينبغي أن يلحق بالإمام ولا ينشغل بصلاة السُّنَّة حينئذٍ، ولا حرج في صلاتها لاحقًا بعد الفريضة، ولو كان يرجو إدراك ركعة مع الإمام فله أن يصليها، وإذا نام الإنسان عن الصلاة واستيقظ بعد طلوع الشمس فيقضي صلاة ركعتي الفجر مع الفريضة ولا حرج في ذلك.بيان فضل ركعتي الفجرمِن الأمور التي رغَّبت فيها السُّنَّة المطهرة وأكدت عليها في غير موضع: ركعتا الفجر، أي: سنته؛ فقد ورد في السُّنَّة المشرفة أن ركعتي الفجر خيرٌ من متاع الدنيا، وأنهما من أفضل الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى الله سبحانه وتعالى، ولذلك لم يدعها صلى الله عليه وآله وسلم لا سفرًا ولا حضرًا؛ فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»، وعنها أيضًا رضي الله عنها أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي شَأْنِ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ: «لَهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا» أخرجهما الإمام مسلم.قال الإمام النووي في "شرحه على مسلم" (6/ 5، ط. دار إحياء التراث العربي): [«رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» أي: من متاع الدنيا] اهـ.وورد أيضًا عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَي الْفَجْرِ" متفقٌ عليه.قال الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد" (1/ 305، ط. مؤسسة الرسالة): [وكان تعاهده ومحافظته على سنة الفجر أشد من جميع النوافل، ولذلك لم يكن يدعها هي والوتر سفرًا وحضرًا، وكان في السفر يواظب على سنة الفجر والوتر أشد من جميع النوافل دون سائر السنن، ولم ينقل عنه في السفر أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلَّى سنة راتبة غيرهما] اهـ.وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَدَعُوا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، وَإِنْ طَرَدَتْكُمُ الْخَيْلُ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، وأبو داود والبيهقي في "السنن"، والبزار في "المسند"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار".وقت صلاة سنة الفجرالأصل أن تؤدى ركعتا سنة الفجر قبل الفريضة؛ لما روته أمُّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قال: «مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ: أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ» أخرجه الترمذي في "السنن"، والطبراني في "الكبير".وهذا ما قرَّره أئمة وفقهاء المذاهب المتبوعة؛ كما في "بدائع الصنائع" لعلاء الدين الكاساني الحنفي (1/ 284، ط. دار الكتب العلمية)، و"مواهب الجليل" للإمام الحطاب المالكي (2/ 66-67، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (4/ 7، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (2/ 93، ط. مكتبة القاهرة).مذاهب الفقهاء في حكم صلاة سنة الفجر بعد إقامة الصلاة والمختار للفتوىبخصوص مَن دخل المسجد لِصلاة الفجر وقد أقيمتِ الفريضة ولم يصلِّ سنة الفجر؛ فقد اختلف الفقهاء في دخوله مع الإمام للفريضة وأدائه سنة الفجر بعدها أو أدائه السُّنَّة قبل الفريضة.فذهب الحنفية إلى أنه إذا خشي فوات الركعة الأولى وإتمام الركعة الثانية مع الإمام صلى السُّنَّة، وأما إن خشي فوات الركعتين معًا دخل مع الإمام.قال برهان الدين المرغيناني في "الهداية" (1/ 71، ط. إحياء التراث): [(ومَن انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر وهو لم يصل ركعتي الفجر، إن خشي أن تفوته ركعة ويدرك الأخرى: يصلي ركعتي الفجر عند باب المسجد ثم يدخل)؛ لأنه أمكنه الجمع بين الفضيلتين، (وإن خشي فوتهما: دخل مع الإمام)؛ لأن ثواب الجماعة أعظم، والوعيد بالترك ألزم] اهـ.وقال الإمام الزيلعي في "تبيين الحقائق" (1/ 182، ط. الأميرية): [قال رحمه الله: (ومن خاف فوات الفجر إن أدى سنته ائتم وتركها)؛ لأن ثواب الجماعة أعظم والوعيد بتركها ألزم، فكان إحراز فضيلتها أولى. قال رحمه الله: (وإلا لا) أي: وإن لم يخش أن تفوته الركعتان إلى أن يصلي سنة الفجر فإن كان يرجو أن يدرك إحداهما لا يتركها؛ لأنه أمكنه الجمع بين الفضيلتين وهذا لأن إدراك الركعة كإدراك الجميع] اهـ.وذهب المالكية إلى أنه إذا دخل المسجد وقد أقيمتِ الفريضة، فلا يصلي السُّنَّة، أما إذا كان خارج المسجد أو كان الإمام في الصلاة، فإن لم يخش فوات الركعة الثانية: صلى السُّنَّة، وإلا فلا.قال الشيخ الدردير في "الشرح الصغير" (1/ 409، ط. دار المعارف) [(وإن أقيمت الصبح)، أي: صلاته، بأن شرع المقيم في الإقامة ولم يكن شخص صلى الفجر (وهو بمسجد) أو رحبته (تركها) وجوبًا ودخل مع الإمام في الصبح وقضاها بعد حل النافلة للزوال، (و) إن أقيمت الصبح وهو (خارجه)، أي: وخارج رحبته أيضًا (ركعها) خارجه (إن لم يخش) بصلاتها (فوات ركعة) من الصبح مع الإمام] اهـ.وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه إذا أقيمت الصلاة، فإنه يدخل مع الإمام في الصلاة، سواء خشي فوات الركعة الأولى أم لا.قال الإمام الجويني الشافعي في "نهاية المطلب" (2/ 342، ط. دار المنهاج): [المسبوق إذا دخل المسجد وصادف الإمام في فريضة الصبح، فلا ينبغي أن يشتغل بالسُّنَّة، بل يبادر الاقتداء بالإمام في الفريضة، ثم إذا فرغ منها، فليتدارك السُّنَّة] اهـ.وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 329): [وإذا أقيمت الصلاة، لم يشتغل عنها بنافلة، سواء خشي فوات الركعة الأولى أم لم يخش] اهـ.والمختار للفتوى: مشروعية الدخول في صلاة الفجر متى أقيمت الصلاة المفروضة، سواء خشي فوات الركعة الأولى أم لا؛ وذلك لما أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح" من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ».ولما جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كَانَ يُرَغِّبُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ حَتَّى قَالَ: «وَلَوْ رَكْعَةً»، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَإِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي وَالصَّلَاةُ تُقَامُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «أَصَلَاتَانِ مَعًا؟» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير".المصدر: elbalad قد يعجبك أيضا...

مصرس
منذ 24 دقائق
- مصرس
لماذا الإسلام دين السلام؟
قال الدكتور أيمن أبو عمر، من علماء وزارة الأوقاف، إن السلام ليس مجرد تحية أو كلمة عابرة، بل هو جوهر الإسلام ورسالة أسمى ينبع منها كل سلوك إنساني راقٍ. وأضاف الدكتور أيمن أبو عمر، خلال حلقة برنامج "منبر الجمعة"، المذاع على قناة الناس اليوم الخميس، أن الإسلام يعني الانقياد الكامل لله سبحانه وتعالى والعيش في طمأنينة وسلام داخلي، وهو ما ينعكس على العلاقات بين الناس بالمحبة والرحمة.اقرأ أيضا|أيمن أبو عمر: كف الأذى عن الناس أقل درجات الإسلام الحقيقيوأشار الدكتور أبو عمر إلى أن لفظ "السلام" يتكرر كثيرًا في القرآن الكريم، وأن الله سبحانه وتعالى هو "السلام"، ويحب أن يبعث السلام بين عباده، مشددًا على أن التحية الإسلامية "السلام عليكم" ليست مجرد تحية تقليدية، بل هي دعاء يحمل في طياته الأمن والطمأنينة، موضحا أن التكرار المستمر لهذه التحية، خاصة في أذكار الصلاة، يعزز في النفوس ثقافة السلام ويرسخها عادة يومية.وأضاف أن وصف المسلم الحقيقي يتجلى في كونه شخصًا ينشر السلام في مجتمعه، مستشهدًا بحديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"، مؤكدا أن السلام في الإسلام يعني تخلي المسلم عن الحقد والكراهية والانتقام، والرد على الإساءة بالرحمة والتسامح، لأن ذلك هو السبيل إلى بناء مجتمع متماسك وآمن.ودعا الدكتور أبو عمر إلى تجسيد قيم السلام في الحياة اليومية، مؤكدًا أن العنف والانتقام يوقعان الإنسان في دوامة من المشاكل والصراعات، بينما السلام هو المنهج القويم الذي يحقق الأمن والاستقرار.اقرأ أيضا|خالد الجندي: النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم عاشوراء قبل الهجرة