logo
البابا فرنسيس عربيا.. بعيون دامعة نظر إلى الشرق الأوسط

البابا فرنسيس عربيا.. بعيون دامعة نظر إلى الشرق الأوسط

اليمن الآن٢٥-٠٤-٢٠٢٥

في صباح مشمس من مارس 2021، وقف طفل ملوحا بعلم عراقي صغير، على حافة الرصيف في مدينة النجف، يتأمل موكبا رسميا لم يَعْهد له مثيلا من قبل.
وسط الجموع، لمح الطفل الثوب الأبيض للزائر الغريب وهو يخطو على مهل داخل أزقة المدينة المقدسة لدى المسلمين الشيعة. لم يكن ذلك الطفل يعلم على الغالب أنه كان شاهدا على واحدة من الزيارات البابوية التي ستسجل في كتب التاريخ باعتبارها لحظة نادرة ومفصلية في علاقة الأديان في الشرق الأوسط.
في تلك الزيارة التي وقّتها البابا مع بدء تعافي الكوكب من فايروس كورونا، وبدء تعافي العراق من "داعش"، زار البابا الراحل المناطق التي دمرها داعش في أور والموصل، وحمل معه للعراق عموماً وللمسيحيين خصوصاً رسالة أمل رمزية لكنها شديدة العمق: "السلام ممكن، حتى من قلب الألم".
خلال لقائه بالمرجع الشيعي الأعلى، علي السيستاني، في المدينة الشيعية المقدسة، بحث رأس الكنيسة الكاثوليكية مع رأس الحوزة "التحديات الكبيرة التي تواجهها الإنسانية"، وقد شكل ذلك اللقاء "فرصة للبابا ليشكر آية الله السيستاني لأنه رفع صوته ضد العنف والصعوبات الكبيرة التي شهدتها السنوات الأخيرة، دفاعاً عن الضعفاء والمضطهدين، بحسب بيان وزعه المكتب الصحفي للكرسي الرسولي بعد اللقاء.
منذ حمله لقب "صاحب القداسة" في العام ٢٠١٣، أولى البابا فرنسيس أهمية كبيرة للبقعة الجغرافية التي تتنازعها الحروب والنيران على طول خريطة الشرق الأوسط. والتفت البابا بعين دامعة، الى البشر الذين يُدفعون بسبب الحروب والمآسي إلى البحار هرباً من الموت على اليابسة.
خرج صوت البابا من أروقة الفاتيكان، بخشوع وألم، ليعبر بنبرة أب قلق على أبنائه وبناته في تلك البقعة من العالم، من تمييز بينهم على أساس أديانهم أو طوائفهم.
رفع البابا صوته وصلواته لضحايا الهجرة، ووقف على شاطئ المتوسط منادياً العالم: "أولئك الذين غرقوا في البحر لا يبحثون عن الرفاه، بل عن الحياة". وفي لقائه بلاجئين سوريين خلال زيارته إلى اليونان، طلب "ألا يتعامل العالم مع المهاجرين كأرقام، بل كوجوه وأرواح".
لا يمكن الفصل بين رؤية البابا فرنسيس لقضايا الشرق الأوسط وبين خلفيته الآتية من أميركا اللاتينية، كما يشرح الباحث في العلاقات الإسلامية المسيحية روجيه أصفر لموقع "الحرة".
يقول أصفر إن "المنطقة التي أتى منها البابا وشهدت صعود لاهوت التحرير وتعيش فيها الفئات المسحوقة والديكتاتوريات، لابد أن تخلق لديه حساسية تجاه قضايا شعوب الشرق الأوسط التي تعاني من نموذج مشابه من الديكتاتوريات".
وايضاً يجب الأخذ بعين الاعتبار، بحسب أصفر، المعرفة العميقة لدى البابا بالإسلام، "ومع كل الاستقطاب الديني الذي نشهده في العالم، وصعود الإسلاموفوبيا، تمكن البابا من نسج علاقات جيدة بالعالم العربي والمرجعيات الدينية فيه وخصوصاً مع الأزهر وتوقيعه وثيقة الأخوة الإنسانية التي تعتبر متقدمة جداً في مجال الحوار بين الأديان".
جال البابا في زيارات مختلفة توزعت على دول عربية، وحط في العام ٢٠١٧ في مصر، بعد تفجيرات استهدفت الكنائس القبطية، والتقى حينها بشيخ الأزهر، أحمد الطيب، وشارك في مؤتمر للسلام. هناك قال إن "الإيمان الحقيقي هو ذلك الذي يدفعنا إلى محبة الآخرين، لا إلى كراهيتهم".
بعدها بسنتين، زار الإمارات في زيارة تاريخية لأول بابا يزور شبه الجزيرة العربية، ووقع مع شيخ الأزهر وثيقة "الأخوّة الإنسانية" التاريخية، داعياً من قلب الخليج إلى "نبذ الحرب، والعنصرية، والتمييز الديني". كما ترأس قداساً حضره أكثر من 100 ألف شخص في استاد زايد، ليقول للعالم: "الإيمان يوحّد ولا يُفرّق".
ما فعله البابا هو "كسر الحواجز وتأسيس منطلقات نظرية لاهوتية وشرعية وفقهية مع الجانب المسلم والتعاون لتأسيس للعيش معاً بشكل أفضل"، يقول أصفر. ويتابع: "البابا انطلق في ذلك من سلطته المتأتية من صلاحية قوية جداً على رأس هرم الكنيسة الكاثوليكية التي تضم أكبر جماعة مسيحية في العالم".
حينما وقع انفجار هائل في مرفأ بيروت في أغسطس من العام ٢٠٢٠، عبّر البابا فرنسيس عن تضامنه العميق مع الشعب اللبناني، ووصف لبنان بأنه "رسالة" في التعايش، داعيًا العالم لعدم التخلي عنه: "لبنان لا يمكن أن يُترك وحيدًا... هو كنزٌ يجب الحفاظ عليه".
خصص صلوات كاملة لأجل "نهضة لبنان من الرماد"، وكان يخطط لزيارة بيروت قبل أن تؤجل الزيارة بسبب وضعه الصحي. وأبدى اهتماماً كبيراً بأزمة السودان، وتدهورها في السنوات الأخيرة إلى انتهاكات شنيعة لحقوق الإنسان، فرفع الصلوات لسلام السودانيين ودعا إلى حماية المدنيين مما سماه "أسوأ أزمة إنسانية في العالم".
كما عبّر البابا فرنسيس مراراً عن قلقه العميق من تدهور الأوضاع بين الاسرائيليين والفلسطينيين في الشرق الأوسط وانسحاب الصراع إلى دول أخرى مثل لبنان.
خلال زيارته لبيت لحم عام 2014، آتياً من الأردن، تحدث عن السلام وأهميته وعن حق الفلسطينيين كما الإسرائيليين بالأمان.
وبعد الهجوم الذي شنّته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، أدان البابا فرنسيس بوضوح قتل المدنيين واختطاف الأبرياء، مع دعوة لوقف العنف من الجانبين: "أتابع بألم ما يحدث في إسرائيل وفلسطين... أدعو إلى الوقف الفوري للعنف الذي يحصد أرواحًا بريئة. الإرهاب والعنف لا يحققان السلام أبدًا".
ودعا إلى إطلاق سراح الرهائن وفتح ممرات إنسانية لغزة، مؤكدًا أن "كل إنسان له الحق في العيش بكرامة، سواء كان فلسطينياً أو إسرائيلياً".
في العام ٢٠٢٢ شارك في "ملتقى البحرين للحوار"، في زيارة ثانية الى الخليج، كشفت عن اهتمامه بتلك البقعة من العالم، حيث دعا إلى احترام الحريات الدينية، والحوار بين المذاهب والأديان، مؤكدًا أن "الاختلاف لا يجب أن يتحول إلى صراع".
لم يكن البابا الراحل فرنسيس يوماً زائراً غريباً عن المنطقة، وعن الشرق الأوسط، بل كان يحمل في قلبه الحب لجميع شعوب العالم، ويحمل بلسانه لغة الحوار والعدالة التي يفهمها الجميع بمعزل عن اختلاف لغاتهم.
كان يعرف كيف يقارب الصراعات الحساسة بحسّ إنساني عال وبشجاعة ملحوظة، فيقف إلى جانب المدنيين دائما في الصراعات العسكرية، ويدعو المتحاربين إلى انهاء حروبهم وتجنيب المدنيين قسوة الحروب ومآسي القتل والدمار والتهجير.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بابا الفاتيكان الجديد يدعو لوقف فوري للحرب على غزة وإمدادها بالمساعدات
بابا الفاتيكان الجديد يدعو لوقف فوري للحرب على غزة وإمدادها بالمساعدات

وكالة الصحافة اليمنية

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • وكالة الصحافة اليمنية

بابا الفاتيكان الجديد يدعو لوقف فوري للحرب على غزة وإمدادها بالمساعدات

متابعات/وكالة الصحافة اليمنية/م دعا البابا لاوون الرابع عشر كبار المسؤولين في العالم إلى وقف الحروب قائلا على غرار سلفه البابا فرنسيس 'لا للحرب'، وذلك في عظته الأولى من الشرفة المطلة على ساحة القديس بطرس. وقال البابا في الأحد الأول لخدمته كأسقف روما 'أمام المشهد المأساوي الحالي حيث هناك هذه الحرب العالمية الثالثة المجزأة بحسب ما كرر أكثر من مرة البابا فرنسيس، أتوجه أنا أيضا إلى كبار العالم مكررا النداء الآني دائما: لا للحرب أبدا'. وأضاف: 'أحمل في قلبي معاناة الشعب الأوكراني الحبيب'. وحض 'على بذل كل ما يمكن لبلوغ سلام حقيقي، وعادل ودائم في أسرع وقت ممكن'، كما دعا إلى 'إطلاق سراح جميع السجناء وإلى إعادة الأطفال إلى عائلاتهم'. وقال البابا البالغ 69 عاما في شأن الحرب على غزة أنه 'يتألم بشكل كبير أمام ما يحدث في قطاع غزة'، ودعا إلى 'وقف فوري لإطلاق النار، وتقديم المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين المنهكين، وإطلاق سراح جميع الرهائن' الإسرائيليين المحتجزين في القطاع. واحتشد عشرات الآلاف في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان لمتابعة كلمة البابا في الأحد الأول لخدمته كأسقف روما إذ تشكل تقليديا فرصة للحبر الأعظم لتناول المستجدات على الساحة الدولية.

الدخان الأبيض يعلن انتخاب بابا جديد للكنيسة الكاثوليكية
الدخان الأبيض يعلن انتخاب بابا جديد للكنيسة الكاثوليكية

اليمن الآن

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • اليمن الآن

الدخان الأبيض يعلن انتخاب بابا جديد للكنيسة الكاثوليكية

شهدت ساحة الفاتيكان اليوم حدثاً تاريخياً بتصاعد الدخان الأبيض من مدخنة كنيسة سيستين، إيذاناً باختيار البابا الجديد للكنيسة الكاثوليكية في جولة ثانية من التصويت شارك فيها 133 كاردينالاً. وبعد فشل الجولة الأولى التي أطلقت دخاناً أسود، جاءت الجولة الثانية حاسمة بتوافق أغلبية الثلثين، حيث حصل المرشح الفائز على الأقل 89 صوتاً، مع استمرار سرية تفاصيل التصويت. وتتوجه الأنظار حالياً إلى شرفة كاتدرائية القديس بطرس التي ستشهد الإعلان الرسمي للبابا رقم 267، المنتظر أن يظهر أمام الحشود المحتفلة التي ملأت الساحة بأجراس الكاتدرائية وهتافاتها الحماسية. ويأتي انتخاب البابا الجديد بعد وفاة البابا فرنسيس في 21 أبريل عن عمر 88 عاماً، منهياً فترة حبرية استمرت 12 سنة. كيف رد البيت الأبيض على بكاء سيلينا غوميز تعاطفًا مع المهاجرين اختبار جديد لعمر مرموش.. موعد مباراة مانشستر سيتي ضد آرسنال للمرة الثانية .. إصابة البابا فرنسيس بكدمة في ذراعه اليمنى بعد سقوطه في مقر إقامته البابا فرنسيس يكشف عن محاولة اغتياله في العراق اغتيال السياسي الهندي البارز بابا صديقي في إطلاق نار بمومباي

اليمن وغزة على عهد ووعد السيد حسن نصرالله.. سنصلي في الأقصى
اليمن وغزة على عهد ووعد السيد حسن نصرالله.. سنصلي في الأقصى

وكالة الصحافة اليمنية

time٠٦-٠٥-٢٠٢٥

  • وكالة الصحافة اليمنية

اليمن وغزة على عهد ووعد السيد حسن نصرالله.. سنصلي في الأقصى

تحليل/د.ميخائيل عوض/وكالة الصحافة اليمنية// بنظرته الثاقبة وإيمانه الصادق ووعده الحق، تحمل السيد حسن نصرالله عبء الدفاع عن اليمن ومشروعية حربه. فحمل قضيته في قلبه وعقله، وناصرها بلا تردد أو هوادة، كما لم يفعل أحد. وتعامل مع أهله وقضيته كقضية قومية ودينية وإنسانية ذات أولوية، ولم يحد قيد أنملة، برغم عواصف التشهير والتطاول وتحميله شخصياً مسؤوليات ما لحق باللبنانيين، وخاصة الشيعة من عسف واضطهاد ومصادرة أملاك وطرد من دول الخليج. عبقريته وإيمانه راسخ كالعارف بمسارات الأزمنة والتاريخ وحقائق الجغرافية والقاطع بالثقة بأن اليمن وشعبه وقيادته قادرون، وهم 'رجال؛ رجال' وسيكونون أشدَّ الأنصار والأوفياء لروحه ودمه ولأرواح الشهداء. الرهان الاستراتيجي على اليمن في إطلالته الأولى بعد الطوفان العجائبية، أوفى اليمن شعباً وقيادةً ولجاناً وجيشاً حقهم، وشرح بإسهاب عن صدقهم وأمانتهم وقدراتهم، ورسم على اليمن رهانات استراتيجية. هو حقاً قائد استثنائي وشامل، قلَّ أَن تلد الأمم كمثله. فإيمانه عميق، وقراراته صائبة ودقيقة، ومعرفته استثنائية، ووعده حق لا يخيب. وعد بالنصر مجدداً، وشرح عناصر القوة، ووصف إسرائيل بأوهن من بيت العنكبوت، وأنذر المستوطنين بالرحيل قبل فوات الأوان، عندما لن يجدوا مطاراً او مرفأً أو وسائط للهروب. عدد المواقع والمصانع، ومناطق وعناصر ضعف وهشاشة إسرائيل، وحذر من أنَّ بنيتها التحتية البالغة كلفتها ١٣٠ مليار دولار لن يستغرق تدميرها نصف ساعة، وحذر. صاروخ اليمن يثبت كذبة قوة إسرائيل وأمريكا اليوم مع صاروخ اليمن الميمون، الذي دكَّ مطار بن غوريون، وأسقط كذبة وافتراءات قوة إسرائيل وأمريكا وعالمهم المهيمن، وصاحب القوة التي ترهب أمم وقارات ودول، وتُسقِط نُظم عن بعد. تتضح حقيقة الأمور، وتُعري حملات التضليل والتوهيم والتوهين. وتجعل 'عراضات' نتنياهو الصوتية وعضلاته 'الخلبية'، بقصف معسكرات خاوية في سورية، وقصف أكشاك من خشب وتنك في القرى الحدودية، واغتيال مواطنين عزل، ما هي إلا 'عنتريات' خاوية لا أكثر. صاروخ من اليمن على بعد٢٤٠٠ كيلو متر، يجاوز كل قواعد وبحرية أمريكا والأطلسي، وستة طبقات دفاع جوي، بما فيها درة الانتاج الأمريكي 'الثاد' يصل هدفه ويتبختر، فينبأ بالخبر اليقين! خبر أن اليمن قادر، واقترب من وضع تهديد السيد نصرالله موضع التنفيذ، بتحويل إسرائيل إلى صحراء معتمة، بلا كهرباء ولا ماء ولا انترنت ولا صناعات لا يحتمل العيش فيها المستعمرون. من بعد ٢٤٠٠ كم صاروخ يمني يضرب مطار بن غوريون، ويَخرج 'سريع' ويعلن الحصار الجوي على إسرائيل، وتندهش قيادتها وأحبابها، ولا يجدون طريقةً أو سلاحاً أو قدرةً على معاقبة اليمن، الذي قاتل أقوى قوى الكون. وينتصر منذ ٢٠٠٤ أول حرب على 'صعدة'، فقد استنفذ وأفشل كل القوى والأدوات والتحالفات والحشود العسكرية، وآخرها حلف الازدهار وأساطيل ترمب. إنه يمن الإيمان والحكمة، والرجال الصادقون، والشعب الذي يتقاطر أسبوعياً بالملايين إلى الساحات، يهتف 'الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، يا قدس إنَّا قادمون.' قد يقول قائل؛ الجنوب والبقاع كان أقرب، وصواريخه أكثر فعاليةً، وأقدر، والمسافة تقاس بعشرات الكيلومترات، ولا أطواق حماية ودفاع عربية وإسلامية وأمريكية أطلسية عن إسرائيل، تعيق وصول الصواريخ اليمنية وتقلل فاعليتها. فلماذا لم تفعلها المقاومة من لبنان، وعلى عين وحياة السيد حسن نصرالله؟ هو قول محق، وتساؤلات في مكانها، وحوافزها وقائع الميدان. فكما اليمن يسجل أسطورة لم يتنبأ بها أحد، كذلك في الميدان تسطر غزة وكتائبها أساطير لم تخطر على بال، ولم يتخيلها العقل قط. المقاومة اللبنانية قادرة التجاوز و النهوض من جديد للحرب أحكامها، ولقياداتها حق الاختيار، والتقرير متى وكيف ومن أين تخوض حربها، ومتى تضرب ضرباتها. فلم يكن خطأ بايناً أو محققاً أَن لم يأمر السيد بتدمير البنى التحتية، وجعل فلسطين أرضاً لا تقبل بقاء المستعمرين. وقد يكون في الأمر إنَّ؛ كالاختراقات والسيطرة الالكترونية الإسرائيلية، التي يمكن أنها حالت دون انطلاق الصواريخ لأهدافها. وفي قول آخر أنَّ رجالها أصيبوا وخرجوا من الميدان باكراً بفعلة البيجرات. لسنا واثقين من الأمر، ولا نعرف الأسباب التي حالت دون دك البنى التحتية، وإطلاق يد قوة الرضوان وعزيز وأخواتها للعبور. لكن ثقتنا مطلقة بأن رجال 'السيد والعماد وسليماني'، والأسلحة التي أوصلوها، والخبرات والعلوم التي زرعوها، قادرة على التجاوز والنهوض من جديد، والتمكن واستعادة فاعلية السلاح لاستخدامه. مادام الرجال سطروا ويسطرون الأساطير في ميادين غزة، وفي القرى، والمواجهات على الحافة، وكان رجال المسيرات والصواريخ عند الوعد، وأمطروا تل ابيب، وألزموا نتنياهو أن يهرول لطلب وقف النار. لم تفت الفرص، ولا انكسر المحور، ولم يتخلى عن خيار المقاومة والاشتباك، ومازال في غزة واليمن يحقق إنجازات إعجازية. غزة قلبُ قلب المحور، واليمن أصلب القبضات، وإن اهتز عاموده الصلب في لبنان وتوعك، إلا أنه لم يقع ولن يقع أبداً. أن تستمر غزة صامدة صابرة، وتقدم التضحيات، وتجوع ولا ترفع راية بيضاء، ولا تقبل شروط نتنياهو لوقف النار. أن ينهض رجالها الأساطير من بين الركام، ويؤلمون الجيش وقواته، ويستأنفون الكمائن والهجمات، وتدمير الآليات، وإيقاع نخبة الجيش الإسرائيلي بالكمائن والعبوات، وتعود قذائف الياسين والعبوات وتثخن القوات البرية، وتلزم نتنياهو بالوقوف على التخوم مرتهباً من الهجمات. وأن يبدأ جيشه بالتمرد، ورفض الخدمة، والالتحاق، يعني أنَّ الحرب جارية وأنَّ محور المقاومة بقلبه وقبضته قادر ويؤهل المسارح لهزيمة إسرائيل، ومنعها من تحقيق أي من أهداف حربها. بل وأكثر هزيمة أمريكا وحلفها وأساطيلها وعلى رأسها ترمب، المحارب والمقامر، والذي هدد وتوعد اليمن، وعبره إيران، وأخفق. بل صار يعزل قادته، بدءاً من مستشاره للأمن القومي، والبقية تأتي. فأبطال اليمن وغزة يفقدون إسرائيل آخر عناصر قوتها، التي تتظاهر بها، ويفاخر بها نتنياهو. البنية التحتية عُطب إسرائيل وعقب أَخيلها، وقد جاوزت في اعتداءاتها كل الضوابط والقواعد والقوانين، ولم تترك مشفى أو مدرسة أو فريق إسعاف إلا واستهدفته، ودمرت بالتشارك مع الأمريكيين وقبلهم السعوديين كل البنى التحتية في اليمن. والقاعدة الإيمانية التي يلتزمها اليمن والمحور: واعتدوا عليهم بمثل ما اعتدوا عليكم… سلمت الأيادي والعقول والقلوب الصابرة المجاهدة. فالأمل معقود على غزة وشعبها، بثباته وصبره، وعلى الفصائل التي تقاتل بشراسة وأسطورية. وعلى يمن الخير والسعادة والإيمان والحكمة. نَم قرير العين يا سيد حسن نصرالله، يا أعزَّ الرجال، وأقدر القادة. فالرجال مازالوا على الوعد، وما زرعته ورفاقهم الشهداء والقادة يثمر، وتستمر وتستمرون نماذج حجة في أعناق الأمة وشعوبها ورجالها الأشداء المؤمنين. فالوفاء لكم يبقى ويتعزز، والتزام عهد وولاء وبيعة، ليتحقق وعدك ونصلي في الأقصى. هذا وعد غزة والضفة ورجالها، ووعد الأرواح التي تُزهق في كل مكان، وهذا التزام الفصائل في فلسطين، وقبضة المحور التي تتجسد باليمن قبضة فولاذية لا تلين ولن تنكسر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store