
مدارس الريادة بالمغرب.. رهان الدولة الاجتماعية لبناء جيل جديد من المتعلمين
رسم رئيس الحكومة عزيز أخنوش ملامح تحول جذري تشهده المدرسة العمومية المغربية، مؤكداً أن إصلاح التعليم بات أحد الأركان الأساسية للدولة الاجتماعية، ومحوراً استراتيجياً ضمن الأولويات الوطنية.
وقد شدد أخنوش، في العرض الذي قدمه ضمن أشغال الجلسة الشهرية للأسئلة الشفوية الموجهة لرئيس الحكومة، اليوم الإثنين، على أن هذا الورش لا يندرج فقط في سياق برنامج حكومي مرحلي، بل يستند إلى توجيهات ملكية واضحة منذ خطاب العرش لسنة 1999، حين صنّف جلالة الملك محمد السادس، التعليم كثاني أولوية بعد الوحدة الترابية.
وأكد أخنوش أن حكومته، منذ تنصيبها، حرصت على الانتقال من التشخيص إلى الفعل، من خلال إطلاق عدد من المبادرات الميدانية، أبرزها خارطة طريق إصلاح التعليم 2022–2026، التي تمثل الإطار التنفيذي لتنزيل القانون الإطار 51.17.
وقد تمحورت هذه الخطة، وفقاً لكلمة رئيس الحكومة، حول ثلاث دعائم رئيسية: تحسين التعلمات، تعزيز كفاءة الأطر التربوية، وتوفير بيئة مدرسية دامجة وجذابة.
ورداً على سؤال يتعلق بمستوى الاستثمار العمومي في التعليم، أوضح عزيز أخنوش أن الميزانية المخصصة للقطاع ارتفعت من 68 مليار درهم سنة 2019 إلى أكثر من 85 مليار درهم سنة 2025، أي بزيادة قدرها 25%.
كما تم، وفقاً لما أكده، تعبئة موارد إضافية بقيمة 9.5 مليارات درهم سنوياً حتى عام 2027، خصصت بشكل مباشر لتحسين الوضعية المهنية والاجتماعية لنساء ورجال التعليم.
هذا المجهود المالي، حسب المتحدث ذاته، جاء تتويجاً لمسار حوار اجتماعي ناجح، أسفر عن نظام أساسي موحد عزز المكتسبات ورفع من وتيرة الاستقرار المهني داخل القطاع.
وفي سياق تشخيص وضعية المدرسة العمومية، أبرز أخنوش أن التقارير الدولية والوطنية أكدت هشاشة التعلمات الأساسية. فحسب دراسة PISA 2018، احتل المغرب المرتبة 75 من أصل 79 دولة، في حين كشف تقرير PNEA 2019 أن 70% من تلاميذ المستوى السادس الابتدائي لا يتحكمون في الحد الأدنى من الكفايات.
كما أشار إلى أن 300 ألف تلميذ يغادرون المنظومة التعليمية سنوياً منذ سنة 2016، ما يمثل نزيفاً خطيراً في رأس المال البشري الوطني.
وللخروج من هذه الأزمة، أكد رئيس الحكومة أن خارطة الطريق التي تقودها الحكومة جعلت من مشروع "مدارس الريادة" رافعة مركزية لاستعادة الثقة في المدرسة العمومية، فقد تم خلال الموسم الدراسي 2022–2023، إطلاق هذا البرنامج في 620 مؤسسة تعليمية، شملت أكثر من 330 ألف تلميذ.
ووفقا للمتحدث ذاته، فقد قد تم اعتماد مقاربة TARL (التعليم حسب المستوى المناسب) التي مكنت من تحسين مستوى التلاميذ بشكل ملحوظ: أربع مرات في الرياضيات، مرتين في اللغة العربية، وثلاث مرات في الفرنسية، بحسب ما صرح به أخنوش.
نجاح هذه التجربة شجع الحكومة، وفقاً لما أكده عزيز أخنوش، على توسيع نطاق مدارس الريادة ليشمل برسم الموسم الدراسي 2023–2024، ما مجموعه 2.626 مؤسسة ابتدائية، يستفيد منها 1.3 مليون تلميذ، أي حوالي 30% من مجموع تلاميذ التعليم الابتدائي بالمغرب.
كما تم إشراك 44 ألف أستاذ وأستاذة في هذه العملية، إلى جانب 560 مفتشاً و2.626 مديراً، وتم تجهيز 30 ألف قسم دراسي بمعدات رقمية حديثة، ما وفّر بيئة تعليمية متطورة تدعم التحول البيداغوجي، حسب ما أكده رئيس الحكومة.
وأشار أخنوش إلى أن نجاح مدارس الريادة في السلك الابتدائي لم يكن كافياً لوحده، بل اقتضى التوسع إلى سلك الإعدادي، الذي يشهد بدوره نسباً مرتفعة من الهدر المدرسي.
ومن هذا المنطلق، تم إطلاق برنامج "إعداديات الريادة" خلال سنة 2024، شمل 230 ثانوية إعدادية، واستفاد منه 200 ألف تلميذ.
ويرتكز هذا المشروع، وفقاً لرئيس الحكومة، على أربعة محاور أساسية: الدعم التربوي الفردي، المواكبة النفسية، إدماج الرقمنة، وتطوير القدرات المهنية للأساتذة.
ولتأمين هذا التحول النوعي، خصصت الحكومة، حسب أخنوش، غلافاً مالياً يصل إلى 200 ألف درهم سنوياً لكل مؤسسة إعدادية مشمولة بالبرنامج، وذلك لتهيئة الفضاءات، تأهيل البنيات التحتية، واقتناء المعدات الرقمية.
وحسب ذات المتحدث، فقد تم تكوين مديري المؤسسات في إعداد مشاريع المؤسسة، وتفعيل خلايا اليقظة، وتقييم الأداء بشكل دوري، مع ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وفي إطار تعزيز الالتقائية بين السياسات العمومية، أعلن عزيز أخنوش أن برامج الدعم الاجتماعي الموجهة للتعليم، مثل منح التمدرس، وتوسيع شبكة النقل المدرسي، وتعميم المطاعم الداخلية، أصبحت اليوم أكثر استهدافاً بفضل اعتماد السجل الاجتماعي الموحد، مما يضمن توجيه الدعم للفئات الأكثر هشاشة.
وختم رئيس الحكومة مداخلته بالتأكيد على أن ورش إصلاح التعليم لا يمكن أن يُختزل في التدابير التقنية أو الحسابات المالية، بل هو رهان سياسي ومجتمعي يتطلب تعبئة شاملة، وتكاملاً بين المركز والجهات، وانخراطاً فعلياً من جميع الفاعلين، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بلبريس
منذ 2 ساعات
- بلبريس
أخنوش: التعليم ركيزة الدولة الإجتماعية (فيديو )
بلبريس - ياسمين التازي أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن العرض الحكومة في قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي و الرياضة واضح و ذو مصداقية، و يولي أهمية كبرى للتعليم باعتباره من بين ركائز الدولة الاجتماعية. و قال أخنوش، رئيس الحكومة، خلال الجلسة العمومية الشهرية المخصصة لتقديم أجوبته عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة، حول موضوع 'إصلاح وتطوير المنظومة التعليمية'، أن الحكومة تسعى الى رد الاعتبار لمهنة التدريس. رئيس الحكومة، تطرق الى نجاح الحوار الاجتماعي القطاعي والذي اعتمد التشاركية مع النقابات التعليمية ، وتعبئة الموارد المالية اللازمة للإصلاح ، مشيرا الى ان الحكومة تعمل على تعبئة 9 مليار و 500 مليون درهم كل سنة في افق 2027 بما انعكس إيجابا على الحياة اليومية لأسرة التعليم بالمغرب. و ذكر أخنوش، أن الحكومة ومنذ تنصيبها جعلت من إصلاح المنظومة التعليمية اختيارا سياسيا بأبعاد سيادية يتجاوز منطق التدبير القطاعي و يسير في اتجاه بناء مدرسة عمومية تضمن تنمية القدرات و ضمان الارتقاء الاجتماعي. رئيس الحكومة، أكد أن الحكومة لها قناعة راسخة بأن الإصلاح الشمولي للمنظومة التعليمية يتطلب توفير الامكانيات المادية اللازمة، ومن أجل ذلك عبأت الحكومة في قانون المالية 2025 ، ميزانية إجمالها 85 مليار درهم مقابل 68 مليار درهم سنة 2019. و اعتبر أخنوش أن الهاجس اليوم هو إعادة بناء الثقة في المدرسة العمومية لدى الأسر المغربية ، مشيرا الى ان التدخلات الحكومية ترتكز على ضرورة احداث قطيعة مع الاساليب السابقة في أجرأة الإصلاح و التي كانت تحول دون تمكن التلاميذ من التعلمات الأساس خلال حياتهم المدرسية والجواب على النسب المرتفعة في الهدر المدرسي في صفوف التلاميذ خصوصا في المستويات الاعدادية و الثانوية.


بلبريس
منذ 2 ساعات
- بلبريس
الفريق الاستقلالي: القضية التعليمية تحتل مكانة مركزية مباشرة بعد القضية الوطنية
بلبريس - اسماعيل عواد في جلسة الأسئلة الشفهية الشهرية المخصصة لرئيس الحكومة بمجلس النواب، تناول النائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، محمد الطيبي، استراتيجية الحكومة لإصلاح المنظومة التعليمية، مشددا على أن القضية التعليمية تحتل مكانة مركزية في السياسات العمومية، تأتي مباشرة بعد قضية الوحدة الترابية. وأشار الطيبي إلى أن الحكومة خصصت اعتمادات مالية غير مسبوقة لقطاع التربية والتعليم، بلغت 85.6 مليار درهم، بالإضافة إلى 16.4 مليار درهم مخصصة للتعليم العالي والبحث العلمي، في إطار خارطة الطريق 2022-2026 الرامية إلى إصلاح المنظومة التربوية. ولفت إلى أن التعليم يشكل رافعة أساسية للاندماج في مجتمع المعرفة ومواكبة متطلبات سوق الشغل، مع التركيز على مبادئ الإنصاف والجودة، وبناء مدرسة عمومية منفتحة على الجميع، قادرة على تعزيز الرأسمال البشري وضمان تكافؤ الفرص. وأكد أن البرنامج الحكومي يضع إصلاح المدرسة العمومية وتطوير مهنة التدريس في صلب أولوياته، غير أنه أقر بوجود تحديات كبيرة تعترض المنظومة، رغم حجم الميزانيات المرصودة، حيث لا يزال الهدر المدرسي واكتظاظ الأقسام وضعف البنية التحتية، خاصة في العالم القروي، تشكل عوائق رئيسية. كما سلط الضوء على معضلة ارتفاع أسعار الكتب واللوازم المدرسية، بالإضافة إلى النقص الحاد في التجهيزات البيداغوجية والوسائل العلمية المتطورة، والفجوة الرقمية بين المدن والقرى، مما يستدعي، حسبه، تدخلا عاجلا لمعالجة هذه الاختلالات.


بلبريس
منذ 2 ساعات
- بلبريس
أخنوش: حققنا خلال 3 سنوات ثورة في التعليم.. وزيادة أجور بـ1500 درهم
بلبريس - اسماعيل عواد قال عزيز أخنوش إن الحكومة حققت إنجازات كبيرة في قطاع التعليم خلال السنوات الثلاث الماضية، منها تسوية وضعية 115,000 موظف متعاقد وزيادة الأجور بـ1,500 درهم. وأضاف أن هذه الإجراءات ساهمت في تحسين الوضع المادي والاجتماعي لأسرة التعليم، وتعزيز الثقة في المنظومة التربوية. وتابع رئيس الحكومة أن الحكومة وفرت دعمًا اجتماعيًا مباشرًا لأكثر من 3 ملايين تلميذ، بالإضافة إلى توسيع خدمات المطاعم والنقل المدرسي. وأوضح أن هذه المبادرات تهدف إلى ضمان تكافؤ الفرص وتخفيف العبء على الأسر الفقيرة. كما أشار أخنوش إلى الجهود المبذولة لإعادة بناء المؤسسات التعليمية المتضررة من زلزال الحوز، حيث تم تأهيل 165 مؤسسة واستكمال الأشغال في 763 أخرى. وأكد أن جميع هذه المؤسسات ستكون جاهزة مع الدخول المدرسي المقبل. وأضاف أن الحكومة حافظت على أسعار الكتب المدرسية، مع تخفيضها بنسبة 25% للحفاظ على القدرة الشرائية للأسر. كما ذكر أن الوزارة تعمل على تعزيز التكوين المستمر للأساتذة، بهدف تحسين جودة التعليم. واختتم أخنوش كلمته بالتأكيد على أن إصلاح التعليم يحتاج إلى إرادة سياسية وصبر مؤسساتي، معربًا عن التزام الحكومة بمواصلة هذا المسار لضمان مستقبل أفضل لأجيال المغرب.