logo
القصر الجمهوري السوداني... لعنة «الخروج عنوة»

القصر الجمهوري السوداني... لعنة «الخروج عنوة»

الشرق الأوسط٢١-٠٣-٢٠٢٥

سقط الحاكم العام البريطاني للسودان الجنرال تشارلز غوردن، برصاصة أطلقها «البيرقدار» حامل العلم المهدوي «مرسال حمودة»، داخل القصر الرئاسي الواقع على ضفاف النيل، عام 1885، ثم قطع «الأنصار» الغاضبون بسيوفهم رأسه وعلقوه على أسنة حرابهم، ليعلنوا بذلك انتصار أم الثورات السودانية «الثورة المهدية»، وميلاد أول حكم وطني في السودان 26 يناير (كانون الثاني) 1885.
ومنذ ذلك الوقت ظل «القصر» رمزاً للسيادة السودانية، وظل رؤساء البلاد يطلون من هذا المكان الذي كان الجنرال غوردن يدير منه البلاد ويراقب منه معركته الأخيرة، عام 1885، إلى أن سيطرت عليه «قوات الدعم السريع»، عام 2023، وطردت حاكمه قائد الجيش الرئيس عبد الفتاح البرهان إلى شرق البلاد منذ قرابة العام. فهل ثمة «إحالات» تاريخية في المشهد السوداني أو «لعنة ما»، فمعظم الرؤساء الذين دخلوا «قصر غوردن» خرجوا منه عنوة؟
جلس «إسماعيل الأزهري» على «كرسي غوردن» بوصفه أول سوداني يحكم البلاد بصفته رئيساً لمجلس السيادة خلال الفترة من 1956- 1958، قبل أن يطيح به انقلاب نوفمبر (تشرين الثاني) 1958 الذي قادة الجنرال إبراهيم عبود، وظل هناك داخل القصر لمدة 6 سنوات، ليغادره مكرهاً بثورة أكتوبر (تشرين الأول) الشعبية 1964 التي أطاحت بحكمه، وأصوات المتظاهرين تطالب برأسه.
في «الديمقراطية الثانية»؛ أي في الفترة 1964 - 1969، دخل القصر مجلس رئاسي ترأسه لأيام سر الختم الخليفة، ثم عاد الأزهري لرئاسة مجلس السيادة، قبل أن يخرج منه مجدداً بانقلاب الجنرال جعفر النميري مايو (أيار) 1969. ظل النميري جالساً على كرسي غوردن 16 عاماً، لكن سيرة الدم أخرجته منه عنوة بثورة شعبية هو الآخر في العام أبريل (نيسان) 1985.
بعد ثورة أبريل 1985، اختير السيد «أحمد الميرغني» رئيساً لمجلس السيادة، وجلس على مكتبه في «قصر غوردن» لعدة أشهر، وخرج منه مكرهاً أيضاً بانقلاب نظام ما سمي بثورة الإنقاذ الوطني بقيادة الجنرال عمر البشير في يونيو (حزيران) 1989.
يعد عمر البشير أطول رؤساء السودان جلوساً على كرسي الرئاسة، فقد حكم البلاد زهاء الثلاثين عاماً، وخلالها «زهد» في القصر التاريخي القديم، وأنشأ قصراً جديداً على الطراز المعماري الحديث، وقيل وقتها إنه «هدية صينية»!
ويحمل إهداء «الصين» السودان قصراً رئاسياً بديلاً و«موازياً» لقصر غوردن، إشارة إلى أن التاريخ لا يزال يعمل في الحاضر، فالجنرال غوردن قبل أن يأتي إلى السودان، نكل بالصين والصينيين، فهل ثمة إشارة «صينية» لمحو الأثر الذي يشير إلى الرجل؟
البشير هو الآخر خرج عنوة من قصره «الجديد والقديم» بثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019 التي أطاحت بحكمه، وألقت بالرجل الذي يواجه تهماً بجرائم عقوبتها الإعدام، خارجه.
بعد الثورة التي أطاحت بالبشير، اختير قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان رئيساً لمجلس السيادة، واختير قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» نائباً له، وكانت مكاتبهما متجاورة في «قصر الصين»، لكن «اللعنة المجاورة» انتقلت للرجلين، واشتعلت الحرب بينهما، وطرد الثاني الأول من قصره، لكنه لم يستطع البقاء فيه، ليظل رمزاً يصطرعان عليه، إلى أن استعاده «البرهان» مجدداً بعد أن تحول إلى حطام قصر، فهل يزيل الدم والرصاص «الشؤم» المحيط بالقصر الجمهوري؟
في السادس والعشرين من يناير (كانون الثاني) 2015، افتتح الرئيس عمر البشير قصره الجديد، وانتقلت إدارة الحكم من القصر الجمهوري القديم (قصر غوردن باشا) إلى المبنى «الصيني» الفخيم والجديد. لم يختر البشير موعد افتتاح «القصر الرئاسي الجديد» اعتباطاً؛ إذ اختار له أن يوافق ذكرى مقتل الحاكم العام البريطاني للسودان الجنرال تشارلز غوردن، في التاريخ ذاته قبل 130 عاماً، ويطلق عليه يوم «تحرير الخرطوم».
وأتى البريطانيون بالجنرال غوردن من المستعمرة البريطانية «الصين»، بعد أن أفلح في هزيمة ثورة الفلاحين الصينيين المعروفة بـ«التانينغ»، ليقمع الثورة المهدوية في السودان، لكن الثوار المهدويون «قتلوه» على سلم قصره.
وهكذا انتصروا لأنفسهم و«ثأروا» لثوار الصين من بطش الجنرال «سيئ الصيت» لدى الصينيين، كأنما العقل الذي رسم سيرة الافتتاح في ذلك التاريخ، أراد شكر الصين على بناء القصر، من خلال رسالة من التاريخ. إنها «مكافأة أخلاقية» للصينيين.
يتكون المبنى الجديد من 3 طوابق، خصص الأعلى منها مكتباً رئاسياً، والثاني لنواب الرئيس، و10 قاعات اجتماعات، و7 صالات استقبال، فضلاً عن المكاتب الإدارية والتحكم والإعلام، بالمبنى موقف للسيارات في الطابق تحت الأرضي «بدروم»، إضافة إلى 14 مصعداً.
ولا تعرف على وجه الدقة، التكلفة الفعلية للمبنى شديد الفخامة، الذي قال عنه وزير الرئاسة صلاح ونسي في كلمته ليلة الافتتاح: «هو الأكبر والأشمخ في كل أفريقيا بلا مثيل»، بيد أن مدير متحف القصر الجمهوري ومدير إدارة العلاقات العامة عبد الناصر سر الختم، قدر التكلفة، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» وقتها، بحدود (40 - 45) مليون دولار أميركي.
في عام 2007، وفي أثناء زيارة الرئيس الصيني السابق «هو جنتاو» تم توقيع اتفاقية إنشاء القصر الرئاسي السوداني الجديد، وتناقلت وسائل الإعلام وقتها أن الصين ستمول بناء القصر وفقاً لمنحة قدرها 40 في المائة، على أن تمول الحكومة السودانية قرضاً صينياً بالمبلغ الباقي، بيد أن الخرطوم أعلنت في الافتتاح أن القصر شيد كلياً بـ«منحة صينية»، وهو ما أشار إليه مدير العلاقات العامة بالقصر سر الختم بقوله: «العلاقات السودانية - الصينية تطورت وقويت كثيراً بين لحظة التوقيع واكتمال التشييد، وهو ما جعل بناء القصر منحة صينية كاملة».
وبغض عن النظر عن التكلفة الفعلية للقصر، فإن المعارضة السودانية في ذلك الوقت رأت في بناء قصر رئاسي جديد في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها البلاد «ترفاً وسوء تقدير للأولويات» بلا مبرر، وقال المتحدث باسم تحالف قوى الإجماع الوطني بكري يوسف لـ«الشرق الأوسط»: «المعارضة حائرة من الرسالة التي يريد النظام إيصالها ببناء القصر»، وأضاف: «علاقات السودان الدولية متراجعة، ولا يزوره إلا عدد محدود من المسؤولين الدوليين، لو أن هناك علاقات منفتحة لقلنا إن النظام يريد تجميل صورة البلاد، لكن حتى هذا لا يوجد».
وقال وزير الرئاسة ونسي في كلمته لافتتاح القصر إن القصر القديم مرت عليه منذ بنائه حتى اليوم 190 عاماً، مما أصابه بالبِلَى، وكثرت عليه عمليات الترميم لحفظه وصيانته، وإن دواعي التجديد استلزمت إقامة القصر الرئاسي الجديد لتمثيل الإرادة السودانية.
فنياً، يرى مدير متحف الرئاسة سر الختم القصر إبداعاً معمارياً يمزج بين استقراء التاريخ وتجسيد الإيمان بالمستقبل، وبين تمثيل الإرادة السودانية والتعبير عن الهوية الثقافية، ولا يغفل ذكرى الأسلاف وما يمكن استلهامه من مقاومتهم للاستعمار ورفع علم الاستقلال. ويمزج قصر البشير الجديد بين الطراز المعماري العربي الإسلامي بأبوابه ونوافذه الواسعة المنحنية «آرش» والقبة التي تزينه ذات النمط المعماري التركي والحديث.
لكن التشكيلي عصام عبد الحفيظ رأى أن القصر الجديد لا يحمل أي معالم لجماليات سودانية، وقال: «كأنه قصر من الخزف الصيني نقل من الصين إلى السودان»، وأضاف: «كل معالمه غير سودانية، حتى القبة التي تعلوه تختلف عن القباب السودانية هرمية الشكل».
وعلى الرغم من أن إدارة العلاقات العامة بالقصر نفت الاعتداء على حديقة القصر التاريخية، فإن عبد الحفيظ ندد بشدة بما أسماه «قطع أشجار تاريخية» عمرها أكثر من مائة عام، وقال: «أنا أحب القصر القديم». وأوضح سر الختم أن البناء وتأثيثه وتزيينه جمع بين معالم الثراء والتنوع الثقافي في البلاد، فيما تجسد اللوحات ومسميات قاعات القصر «التاكا، وجبل مرة، والبجراوية، وكنانة» هذا التنوع، وتعطيه إطلالته على النيلين الأزرق والأبيض، منظراً أخاذاً.
أما «قصر غوردون»، أو القصر الرئاسي القديم الذي سيظل قصراً رئاسياً، حسب إدارة العلاقات العامة بالقصر الجمهوري، فله تاريخ حافل، بدأ بمقتل الجنرال تشارلز غوردن الحاكم البريطاني في العهد التركي بيد أنصار الثورة المهدية على سلمه عام 1885م. كما شهد أول احتفال باستقلال البلاد، ورفع الرئيس إسماعيل الأزهري، أول رئيس سوداني، علم الاستقلال على ساريته، وأنزل علمي الإدارة الثنائية «المصري والبريطاني» في الأول من يناير 1956.
وشهدت ردهاته أحداثاً وصراعات سياسية في الفترة الوطنية، أهمها احتجاز الرئيس الأسبق جعفر النميري داخله لفترة قصيرة إبان انقلاب يوليو (تموز) 1971. وينتهي عنده في قلب الخرطوم من جهة الجنوب «شارع القصر» الذي كان يعرف سابقاً باسم شارع فيكتوريا، فيما يسير بمحاذاته من جهة الشمال «شارع النيل»، والذي أبعد عنه شمالاً بعد أن كان يمر من خلاله.
بُني القصر الرئاسي أول مرة عام 1832 من الطين والطوب الذي جلب من بقايا آثار مدينة سوبا عاصمة مملكة علوة القديمة، وأطلق عليه وقتها اسم «سرايا الحكمدار»، ثم «سرايا الحاكم العام»، ثم عرف بـ«القصر الجمهوري» بعد استقلال السودان، تماهياً مع تسميات مقار الرؤساء في بلدان العالم.
وفي 1972 أطلق عليه الرئيس النميري «قصر الشعب»، عقب فشل انقلاب الرائد هاشم العطا ضده، ثم عاد له اسم القصر الجمهوري بعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام النميري أبريل 1985. وتعد سارية القصر الثلاثية، والسلم «الدرج» الذي قتل عليه غوردون أشهر معالم القصر القديم، وتحول السلم إلى لوحة تجسد مصرع الجنرال غوردون، رسمها التشكيلي الآيرلندي جورج ويليام، وهي موجودة في متحف مدينة «ليدز» البريطانية.
بكل هذا المحمول، يعود «الجيش» إلى القصر الجمهوري بعد أن فارقه قائده مكرهاً لأكثر من عام، لكنه ليس ذاك القصر الجديد الأنيق، ولا ذاك التاريخي المعتق، فقد دمرت الحرب المكان وحولته إلى أطلال قصر، فهل قضت الدانات والمقذوفات والمقاتلات والمسيرات على «لعنة ما» مخبأة بمكان ما داخل «قصر غوردون»؟ أم يعود لسيرته القديمة المتجددة؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رئيس وزراء جديد للسودان.. كامل إدريس بين آمال الشارع وجدل التنافس على الشرعية
رئيس وزراء جديد للسودان.. كامل إدريس بين آمال الشارع وجدل التنافس على الشرعية

الشرق السعودية

timeمنذ 4 أيام

  • الشرق السعودية

رئيس وزراء جديد للسودان.. كامل إدريس بين آمال الشارع وجدل التنافس على الشرعية

أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الاثنين، مرسوماً بتعيين كامل الطيب إدريس عبد الحفيظ رئيساً للوزراء، وسط جدل سياسي بشأن قانونية القرار ومدى إمكانية البناء عليه. وكان إدريس مسؤولاً سابقاً في الأمم المتحدة، وكان مرشحاً في مستقلاً في انتخابات الرئاسة عام 2010، في مواجهة الرئيس المعزول عمر البشير، بحسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا). واشتهر إدريس، وهو قانوني، بعمله في رئاسة المنظمة العالمية للملكية الفكرية في جنيف لفترتين، كما كان عضواً في لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة. وأعلن مجلس السيادة السوداني أن البرهان أصدر قراراً بإلغاء التوجيه السابق الخاص بإشراف أعضاء المجلس السيادي على الوزارات الاتحادية والوحدات. وتباينت آراء السياسيين السودانيين بشأن قانونية القرار، حيث رأت مصادر، تحدثت لـ"الشرق"، أن القرار خطوة جيدة لما يحمله من عودة المكون المدني للسلطة، تتمحور حول تشكيل حكومة كفاءات وإعادة النازحين وتوفير مناخ سياسي ومدني للانتخابات وإعادة الإعمار، فيما يرى آخرون أن التعيين غير قانوني، متهمين البرهان بأنه "يريد استخدام إدريس لفك الحظر الدولي". وكان هناك من حذر من انزلاق السودان إلى التقسيم في ظل ما أسماه سياسيون "التنافس على الشرعية"، مع سعي البرهان وحلفاءه لتشكيل حكومة، مقابل سعي قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) مع حلفائه لتأسيس حكومة أخرى. الوثيقة الدستورية ويرى الخبير الدستوري الدكتور نبيل أديب أن القرار يتماشى مع الوثيقة الدستورية وبنوده، مؤكداً أن التعيين قانوني، لأنه ضمن المادة 21 من الوثيقة الدستورية الجديدة، مشيراً إلى أنه في ظل عدم وجود مجلس تشريعي (برلمان)، يقوم مجلس السيادة بتعيين رئيس الوزراء، لأن الفقرة الأولى من المادة 21 – وفق أديب - تنص على أن مجلس السيادة رأس الدولة، ورمز سيادتها ووحدتها، وفي حالة فقدان رئيس الوزراء لمنصبه يتم تعيين شخص للمنصب من قبل رأس الدولة. وأوضح أديب، في حديث مع "الشرق"، أن الفترة الانتقالية الأولى (فترة حكومة عبد الله حمدوك) بعد سقوط نظام عمر البشير، شهدت فراغاً دستورياً، وأنه كان يفترض لاحقاً تعديل الوثيقة الدستورية لعام 2019، إلا أن قوى التحالف السياسي المدني المعروف باسم "الحرية والتغيير" لم تقر أياً من هياكل السلطة، لأنهم "كانوا يسعون إلى تعزيز استقلالية القرار دون فرض أي رقابة على السلطة". واعتبر أديب أن قرار البرهان بتعيين إدريس "ضرورة، وليس انتزاعاً لسلطة غير موجودة بالأساس"، وقال إن دور تأسيس هياكل جديدة للدولة (تشريعية وتنفيذية وقضائية) سيكون الآن على عاتق إدريس؛ لأنه يملك الآن صلاحيات كاملة، وليس البرهان. وكانت التعديلات التي أقرها الاجتماع المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء على "الوثيقة الدستورية"، في فبراير، أثارت جدلاً كبيراً في السودان، إذ تباينت الآراء بين من اعتبرها تكريساً لوضع جديد يكون فيه للمؤسسة العسكرية "القول الفصل" في شؤون الحكم والإدارة، ومن رأى فيها ضرورة تتطلبها "الظروف الدقيقة" التي تمر بها البلاد خلال الحرب. "خارطة طريق" وبنظرة إيجابية، يرى الطاهر الساتي، رئيس تحرير صحيفة "اليوم التالي" السودانية، أن تعيين كامل الطيب إدريس عبد الحفيظ رئيساً للحكومة جاء في إطار خارطة طريق تنتهي بالانتخابات في غضون فترة زمنية، قد تصل إلى 24 شهراً بتقديره. وقال الساتي، في حديث مع "الشرق"، إن المسودة، التي أعدتها الحكومة وقدمتها للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومنبر جدة، تتمحور حول تشكيل حكومة كفاءات وإعادة النازحين وتوفير مناخ سياسي ومدني للانتخابات وإعادة الإعمار، وكان من أبرز أهدافها "تحقيق إنهاء التمرد من قبل الميليشيات عبر الحوار المدني"، بحسب تعبيره. "استعادة الصوت المدني" واتفق معه رئيس التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية مبارك أردول، واصفاً قرار البرهان بأنه "خطوة صحيحة"، إذ يعتبر تعيين إدريس "استعادة للصوت المدني داخل الحكومة"، وأن عمله سيكون بناء عملية حوار مدني بين الأطياف السياسية لإنهاء جميع الأزمات الداخلية. وقال أردول لـ"الشرق": "هناك عمل ينتظر إدريس لصالح جميع الخدمات الداخلية للشعب، فضلاً عن الاستفادة من علاقاته الخارجية على سبيل المثال استعادة عضوية الاتحاد الإفريقي والاندماج مع المجتمع الدولي". وأضاف أن إدريس أمامه فرصة لتكوين حكومة مدنية لتأدية المهام التعددية التي كانت تقوم بواسطة العسكريين، قائلاً: "يمكن أن تكون هذه بداية الوصول للمرحلة النهائية المتمثلة في عقد الانتخابات"، واصفاً إدريس بأنه "شخص غير متحزب وغير منتم لجماعات الإسلام السياسي". ملفات إدريس أما الكاتب والمحلل السياسي خالد التيجاني فيرى أن إدريس سيتعامل مع الملفات المدنية والعلاقات الخارجية فقط، مشيراً إلى وجود فراغ حكومي بسبب الحرب، إذ كانت الحكومة تدار من وكلاء وزارات، بحسب قوله. ويعتقد التيجاني، في حديث مع "الشرق"، أن صلاحية إدريس الكاملة التي منحها له البرهان ليست المشكلة، وأن التحدي الأكبر هو كيفية الممارسة العملية على الأرض، ويضيف أنه "منذ عام 2019 (فترة حكم حمدوك) كان عمل الحكومة شرفياً، وكان المكون العسكري يتحكم في المنصب، ويمارس كل الصلاحيات". كما انتقد ما وصفه بالشراكة السياسية التي أقامها حمدوك مع العسكريين، فقال إنها تحولت إلى تحالف سياسي، أدى إلى تنازل المدنيين عن الصلاحيات ليديرها العسكريون. وأضاف أن التحدي الماثل أمام إدريس يكمن في القضايا الداخلية المتعلقة بتقديم الخدمات للشعب، والتي كانت مدمرة بسبب الحرب، وتوقع أن تكون صلاحياته إدارية، وأـ يستفيد البرهان من العلاقات الخارجية لرئيس الحكومة الجديد. "وضع غير دستوري" في المقابل، رفض رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل المهدي هذا التعيين، وقال إن "الوضع ككل غير دستوري، والعسكريون معزولون دولياً لسببين، هما استمرار الحرب وما يعرف بانقلاب 25 أكتوبر 2021". واتهم المهدي، في حديث لـ"الشرق"، مجلس السيادة بالتسبب في هذه العزلة التي قال إنها أدت إلى عدم دعم البنك الدولي للسودان، فضلاً عن تعليق العضوية في الاتحاد الإفريقي، وانسحاب البرهان من منظمة إيجاد". واتهم المهدي رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان بأنه "انقلب على ميثاق ثورة ديسمبر 2019، بعد انقلابه على حمدوك"، معتبراً أن قراره بتعيين إدريس رئيساً للحكومة "محاولة لإعادة العلاقات مع الدول الغربية والإقليمية وإضفاء بعض الشرعية له". وعمل إدريس عضواً في السلك الدبلوماسي السوداني برتبة سفير، وهي المرحلة التي رسخت حضوره في المحافل الدولية، فضلاً عن توليه لفترتين منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) في جنيف. ولفت المهدي إلى أن إدريس يتمتع بعلاقات خارجية منذ أكثر من 40 عاماً ويحمل الجنسية السويسرية، لكنه، بحسب المهدي، استقال عام 2009 بسبب شبهة فساد في تزوير عمره بشهادة الميلاد خلال توليه منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو)". وقال إن "إدريس لديه مهمة صعبة في إقناع الغربيين بشرعية البرهان، فالشروط التي يطلبها المجتمع الدولي تتضمن إجراء حوار مدني سياسي ينتهي بحكومة مدنية، وعزل البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)". وأوضح المهدي أن أقصى ما يمكن فعله، هو الحصول على موافقة المجتمع الدولي بشأن مسار للفترة الانتقالية، ربما خلال 6 أشهر، لوضع رؤية تؤدي إلى الوصول للانتخابات والتحول الديمقراطي من حكم المجلس السيادي إلى حكومة مدنية". ويرى الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني شريف محمد عثمان أن "تعيين إدريس يفتقد أي تشريع قانوني، ولن يقدم للسودانيين أي فائدة بسبب وضع البلاد"، معتبراً أن "الأهم الآن هو عودة البرهان وحميدتي إلى المفاوضات لإنهاء هذه الحرب الضروس". واتهم عثمان البرهان، في حديث مع "الشرق" بأنه "يجري تعيينات وإقالات بشكل منفرد وغير دستوري". الفوضى والتكنوقراط كما يرى مستشار قائد قوات الدعم السريع عمران عبدالله حسن أن هذا التعيين باطل عملاً بقاعدة "ما بني على باطل فهو باطل". وقال لـ"الشرق": "مهما كانت أهلية وكفاءة رئيس الوزراء، الطيب إدريس، إلا أن هذا التعيين باطل من الناحية الدستورية"، محذراً من أن "هذا التعيين مصيره الفوضى". ورد عليه اللواء متقاعد من الجيش السوداني محمد خليل الصائم، فوصف الخطوة بأنها مهمة جداً من أجل تقديم شيء للشعب السوداني، وقال إن الحكومة الجديدة ستكون حكومة تكنوقراط، لافتاً إلى أن "إدريس غير متحزب، فهو ليس عسكرياً ولا ينتمي إلى التيار الإسلامي". واتهم الصائم، وهو أيضاً أكاديمي في العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية، خلال حديثه لـ"الشرق"، قوات الدعم السريع بأنها من انقلب على دستور 2017 بعدما أجاز البرلمان عام 2017 أثناء حكم البشير قانون قوات الدعم السريع، بعدما كانت ميليشيا "الجنجويد" عام 2013، ثم خططوا لاغتيال قائدهم موسى هلال، مطالباً الدعم السريع بعدم التحدث عن "الانقلابات".

الإمارات و السودان الإسقاطات البغيضة والسرديات السخيفة
الإمارات و السودان الإسقاطات البغيضة والسرديات السخيفة

الأمناء

time٢٩-٠٣-٢٠٢٥

  • الأمناء

الإمارات و السودان الإسقاطات البغيضة والسرديات السخيفة

مع سيطرة اللغط بعد استحواذ الجيش السوداني وكتائب الإخوان المسلمين على الخرطوم، زاد انتقاد الإمارات وتعززت سردية دعمها لقوات الدعم السريع. هذه السردية التي يتبناها الجيش السوداني وجماعات الإخوان المساندة تهدف أولاً إلى شيطنة الإمارات وإبعاد تهمة الحرب الأهلية عن الأطراف المتقاتلة، وهي الدعم السريع والجيش السوداني ومجموعة من المليشيات الإيديولوجية والمناطقية. والحقيقة أن ما يحصل في السودان هو نتيجة طبيعية لثلاثة عقود من دكتاتورية العسكر والإخوان بقيادة عمر البشير، وهي فترة كانت من أسوأ فترات الحكم في السودان، تميزت بالفساد، وأصبح السودان خلالها مقراً لاستضافة رموز الإرهاب العالمي من الفنزويلي كارلوس إلى أسامة بن لادن. كانت مرحلة دكتاتورية البشير والإخوان مرحلة مجازر دارفور وتشكيل قوات الجنجويد التي لعبت دوراً محورياً في هذه المذابح، كما أنها كانت المرحلة التي فقد فيها السودان ثلث أراضيه وثروته النفطية بعد هزيمة النظام أمام المتمردين الجنوبيين واستقلال جمهورية جنوب السودان. ومع سقوط نظام البشير وإبعاد الإخوان المسلمين بثورة شعبية في أبريل 2019، انتقل السودان إلى حكم مدني انتقالي، لكنه لم يلبث أن تعرض لانقلاب عسكري في 25 أكتوبر 2021 بقيادة البرهان قائد الجيش وحميدتي قائد الدعم السريع، حيث تم اعتقال رئيس الوزراء المدني عبد الله حمدوك. وسرعان ما دب الخلاف بين العسكر، لتندلع الحرب الأهلية في أبريل 2023. ومن الواضح أن هذه الحرب هي صراع بين بقايا جنرالات البشير على السلطة، ويعقد من المشهد الانقسام الواضح بين وسط السودان والخرطوم الذي يدعم الجيش، والغرب الدارفوري الذي يدعم الدعم السريع، بأبعاد إثنية وقبلية وعنصرية واضحة. وحيث إن الإخوان المسلمين منبوذون بسبب ارتباطهم بالدكتاتور البشير، رأت الجماعة أن عودتها للحكم مرهونة بانتصار الجيش الذي نشأ في كنف هذه المؤسسة عبر العقود الثلاثة الماضية. وبالتالي، فإن التفسيرات الساذجة التي تستهدف الإمارات تتجاهل هذا المشهد المعقد وشره العسكر إلى السلطة، وهو الذي حكم السودان في معظم سنواته منذ الاستقلال في عام 1956. فجوهر الصراع هو رغبة العسكر في الحكم وتطلع الإخوان للسلطة على حساب الشعب السوداني. والجدير بالذكر أن أغلبية دول العالم لا تعترف بأي من الطرفين المتحاربين كسلطة شرعية في السودان. أما الموقف الإماراتي في السودان فله خلفية تاريخية عريقة، إذ بلغت جملة المساعدات الإماراتية 3.5 مليار دولار عبر السنوات، ووقفت الإمارات مع السودان في محنته وقادت الجهد الإنساني وسط أزمة وكارثة إنسانية متفاقمة، واتخذت موقفاً متساوياً من الطرفين في الحرب العبثية الحالية. كما كانت الإمارات ضمن كل المساعي للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في السودان، من جدة إلى البحرين إلى جنيف، وأعلنت مؤخراً عن دعم إنساني بقيمة 200 مليون دولار في أديس أبابا، وطالبت بهدنة إنسانية في شهر رمضان الفضيل. ومن الجانب السياسي، طالبت الإمارات بوقف فوري لإطلاق النار بين الأطراف المتقاتلة، وبمسار سياسي يؤدي إلى عودة الحكم المدني. ومن جهة أخرى، واستناداً إلى دروس الحرب في اليمن، أدركت الإمارات ضرورة لجم التدخل الإيراني في السودان، وسط تقارير موثقة عن اعتماد الجيش على المسيّرات الإيرانية، وأعربت عن القلق من عودة التطرف والإرهاب إلى السودان، بناءً على سجل نظام البشير الذي ينتمي إليه الطرفان. ومن هنا نرى كذب سردية العسكر والإخوان في شيطنة الإمارات، فالحرب كما رأينا جزء من مشهد معقد وصراع بين بقايا النظام السابق على السلطة.

بعد عامين من الحرب... "نيويورك تايمز" تدخل الخرطوم وتقف على أطلالها
بعد عامين من الحرب... "نيويورك تايمز" تدخل الخرطوم وتقف على أطلالها

Independent عربية

time٢٤-٠٣-٢٠٢٥

  • Independent عربية

بعد عامين من الحرب... "نيويورك تايمز" تدخل الخرطوم وتقف على أطلالها

أصبحت "نيويورك تايمز" أول صحيفة غربية يدخل مراسلوها الخرطوم منذ اندلاع الحرب الأهلية بين الجيش وقوات "الدعم السريع" قبل عامين، وذلك بعد أيام من استعادة الجيش السيطرة على القصر الجمهوري وبعض مناطق العاصمة، في تحول قد يعيد رسم مسار الحرب. ويصور التقرير الخرطوم كمدينة مهجورة تماماً، ولم يتبق من أيامها المفعمة بالأمل إلا عدد قليل من الجداريات الباهتة والمثقوبة بالرصاص، التي تذكر بانتفاضة 2019 التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير، ويشير إلى أن بعض المحتجين الشباب الذين شاركوا بالانتفاضة حملوا السلاح مع الجيش واحتفلوا أخيراً في الجمهوري بإخراج قوات "الدعم السريع". 8 حرب السودان حرب السودان 1/8 مقاتلو الجيش يستعيدون القصر الجمهوري (ا ف ب) مقاتلو الجيش يستعيدون القصر الجمهوري (ا ف ب) 2/8 احتفالات السودانيين بعد استعادة القصر الجمهوري من الدعم السريع ( ا ف ب) احتفالات السودانيين بعد استعادة القصر الجمهوري من الدعم السريع ( ا ف ب) 3/8 صورة حديثة لمقاتلي الجيش السوداني أمام القصر الجمهوري بعد استعادته ( ا ف ب) صورة حديثة لمقاتلي الجيش السوداني أمام القصر الجمهوري بعد استعادته ( ا ف ب) 4/8 صورة حديثة لمقاتلي الجيش السوداني أمام القصر الجمهوري بعد استعادته ( ا ف ب) صورة حديثة لمقاتلي الجيش السوداني أمام القصر الجمهوري بعد استعادته ( ا ف ب) 5/8 صورة حديثة لمقاتلي الجيش السوداني أمام القصر الجمهوري بعد استعادته ( ا ف ب) صورة حديثة لمقاتلي الجيش السوداني أمام القصر الجمهوري بعد استعادته ( ا ف ب) 6/8 صورة حديثة لمقاتلي الجيش السوداني أمام القصر الجمهوري بعد استعادته ( ا ف ب) صورة حديثة لمقاتلي الجيش السوداني أمام القصر الجمهوري بعد استعادته ( ا ف ب) 7/8 جانب من الحرس الرئاسي في مهمة تأمين القصر قبل اندلاع الحرب (حسن حامد - اندبندنت عربية) جانب من الحرس الرئاسي في مهمة تأمين القصر قبل اندلاع الحرب (حسن حامد - اندبندنت عربية) 8/8 القصر الجمهوري قبل اندلاع الحرب (حسن حامد - اندبندنت عربية) وكتبت "نيويورك تايمز"، "في القصر الرئاسي الذي مزقته المعارك في قلب العاصمة السودانية المدمرة، تجمع الجنود بعد ظهر الأحد تحت ثريا ضخمة، يحملون بنادقهم وقاذفاتهم على أكتافهم ويستمعون إلى الأوامر، ثم خرجوا عبر السجاد الأحمر الذي كان يرحب يوماً بالضيوف الأجانب، متجهين إلى وسط المدينة الخالي، في مهمة لتطهير الجيوب الأخيرة من مقاومة مقاتلي "قوات الدعم السريع" الذين اشتبكوا معهم طوال عامين". دمار هائل أظهرت المشاهد الميدانية في واحدة من أكبر المدن الأفريقية بوضوح التحولات الكبيرة التي طرأت على الحرب في الأيام الأخيرة، من دون أن تقدم مؤشراً على اقتراب نهايتها، وبدا حجم الدمار واضحاً وصادماً بالنسبة إلى أول فريق صحافي غربي يدخل المدينة منذ اندلاع الحرب. وبحسب التقرير فإن جامعة الخرطوم، التي كانت مركزاً للنقاشات السياسية أصبحت عرضة للنهب، في حين تحولت مبان وزارية شاهقة ومقار شركات، بني بعضها بأموال من احتياطات السودان الضخمة من النفط والذهب، إلى هياكل محروقة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) كما تعرض القصر الجمهوري الذي شيدته الصين، وكان حتى سنوات قليلة مقراً مشتركاً لقادة الجيش المتناحرين لدمار هائل، إذ انهارت الأسقف والجدران وغطى الغبار والركام الأجنحة الوزارية وقاعات الاستقبال. وكان المصير نفسه لمقر القيادة العامة للجيش، إذ حوصر عدد من كبار الجنرالات طوال أول 18 شهراً من الحرب. تراجع "الدعم السريع" وبحلول يوم الأحد استعاد الجيش السيطرة على البنك المركزي ومقر جهاز الاستخبارات الوطني وفندق كورنثيا الشاهق المطل على نهر النيل، ويرى مدير مشروع القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية آلان بوسويل أن "سيطرة الجيش على كامل المدينة مسألة وقت"، مرجحاً تراجع قوات "الدعم السريع" إلى معقلها في دارفور. ومع ذلك، لا أحد يتوقع نهاية قريبة للحرب، فكلا الطرفين يحظى بدعم قوى خارجية سلحتهما بصورة مكثفة خلال العامين الماضيين، وقدر نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار أخيراً وجود 36 مليون قطعة سلاح صغيرة في البلاد، التي كان عدد سكانها قبل الحرب 48 مليوناً. وبحسب الأمم المتحدة، أجبرت الحرب بين الجيش و"الدعم السريع" 12 مليون شخص على النزوح، وأودت بحياة عشرات الآلاف، وأطلقت الشرارة لواحدة من أسوأ المجاعات في العالم منذ عقود، وسط مخاوف من تحول الحرب إلى صراع إقليمي يشمل دولاً مجاورة مثل جنوب السودان وتشاد. ووثقت "نيويورك تايمز" آثار المعركة العنيفة الجمعة الماضية التي انتهت بسيطرة الجيش على القصر الجمهوري، ومقتل مئات من مقاتلي قوات "الدعم السريع" وفرار آخرين. وأظهر مقطع فيديو تحققت منه الصحيفة عشرات من الجثث على طريق القصر، بجانب مركبات محترقة أو مثقوبة بالرصاص. وقال الضابط الذي التقط الفيديو، "إنه موسم اصطياد الفئران". وكشف المتحدث باسم الجيش عن أن "مئات" من مقاتلي "الدعم السريع" قتلوا، في حين أكد بعض الجنود أن عشرات من قوات الجيش أيضاً لقوا حتفهم في هجمات بالطائرات المسيرة وفي معارك أخرى. مساعي السلام فشلت مساعي إدارة الرئيس السابق جو بايدن في التوسط في اتفاق سلام العام الماضي، وليس واضحاً ما إذا كان الرئيس دونالد ترمب سيبدي اهتماماً بالنزاع الدموي الذي تخشى دول الجوار تحوله لصراع إقليمي. ويرى أنصار ترمب أن الموارد المعدنية الهائلة في السودان قد تجذب انتباهه، وفق التقرير. ومع تطهير وسط المدينة من قوات "الدعم السريع"، انتقلت المعركة إلى مطار الخرطوم الدولي، الذي يبعد نحو كيلوين ونصف عن القصر، وتظهر صور الأقمار الاصطناعية أن مدرجات المطار تعرضت لقصف كثيف، وتتناثر فيها بقايا طائرات مدنية دمرت منذ اندلاع القتال عام 2023. واعتمد الجيش السوداني أيضاً على الطائرات المسيرة والمساعدة الخارجية، ففي العام الماضي حصل على طائرات إيرانية ساعدته في التقدم داخل الخرطوم، كما تسلم ثماني طائرات تركية من طراز "بيرقدار" TB2، التي يعتبرها المسؤولون الأميركيون من أكثر الأسلحة فاعلية في النزاعات الأفريقية، بحسب وثائق حصلت عليها "نيويورك تايمز". ومع انتقال السيطرة من قوات "الدعم السريع" إلى الجيش، أعرب مسؤولون في مجال حقوق الإنسان عن قلقهم من احتمال تعرض المدنيين المتهمين بالتعاون مع المتمردين لأعمال انتقامية، وفق التقرير. وفي يناير الماضي، وجهت اتهامات للجيش بتنفيذ اعتداءات وحشية ضد مشتبه بهم في دعم قوات "الدعم السريع"، بعد استعادة السيطرة على مدينة ود مدني. وقال متطوعون في غرف الطوارئ، التي تدير مئات المطابخ الخيرية في الخرطوم، إنهم يخشون أن يستهدفوا أيضاً. وأوضحت "نيويورك تايمز" بأنه إذا نجح الجيش في حسم معركة الخرطوم، فمن المرجح أن تنتقل بؤرة الحرب إلى إقليم دارفور، إذ تفرض قوات "الدعم السريع" حصاراً خانقاً على مدينة الفاشر المنكوبة، وهي المدينة الوحيدة في دارفور التي لا تزال خارج سيطرتها. وفي يوم الجمعة الماضي، استولى "الدعم السريع" على بلدة المالحة، على بعد نحو 210 كيلومترات شمال الفاشر، وأفاد سكان بأن المقاتلين يمنعونهم من مغادرة المدينة، وسط تقارير عن اعتقالات وعمليات قتل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store