
بدون أي ضمانات.. البعض يلهث للتنازل عن عناصر قوة لبنان
لسنوات طويلة، أثبت سلاح المقاومة دوره الحاسم في تحرير الأرض وحماية الحدود، وأسهم في ترسيخ معادلة ردع حقيقية أقرّ بها العدو الإسرائيلي نفسه، وفرض توازنًا غير مسبوق في المعادلات الإقليمية. وإلى اليوم، لا يزال هذا السلاح يشكّل ضمانة استراتيجية بيد لبنان، في ظل تهديدات مستمرة، وعدوان متواصل، وواقع إقليمي لا يمكن فيه الركون إلى 'الضمانات' الدولية أو الأميركية.
لقد سقط القناع عمّا يُسمّى بـ'الضمانات الأميركية'، فمن زعم أنه يلعب دور الوسيط بين لبنان والعدو الإسرائيلي، تحوّل إلى طرف مباشر في الضغط على لبنان لصالح العدو، بل تعدّى ذلك إلى المطالبة العلنية من مسؤولين أميركيين بنزع سلاح المقاومة، في محاولة لإضعاف لبنان من الداخل، وتمكين العدو من استباحة أرضه وسمائه. والأنكى من كل ذلك أن بعض المسؤولين الأميركيين، وعلى رأسهم المبعوث توم براك، أكّدوا أن لا إمكانية لإجبار العدو على القيام بأي شيء، كما لا يمكن تقديم أي ضمانات للبنان في هذا المجال.
في هذا السياق، تأتي مواقف الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، لتجدد التأكيد على خيار المقاومة كعنصر قوة أساسي لحماية لبنان في وجه العدوان، فالرسالة واضحة: المقاومة هدفها حماية الجميع، كل لبنان، بكل أطيافه ومكوناته، وبالتالي فالموضوع مسألة داخلية بحتة لا يجب ان تبحث بناء لضغوط او مطالب خارجية.
فقد أكّد الشيخ قاسم في كلمته يوم الثلاثاء 5-8-2025 أن 'إلغاء الطائفية السياسية يتطلّب توافقًا عامًا، وكما أن توزيع المناصب وفقًا للاطمئنان الطائفي يُعدّ ميثاقيًا، فإن المقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي أيضًا مسألة ميثاقية لا تُناقش إلا بالتوافق'، ودعا إلى 'نقاش وطني حول استراتيجية الأمن الوطني والدفاعية'، ولفت إلى أن 'الأمن الوطني يتجاوز مسألة السلاح، ويأخذ في الاعتبار تراكم القوة، ووحدتها، والدفاع عن لبنان في مواجهة العدو الإسرائيلي. الاستراتيجية ليست لنزع السلاح وفق جدول زمني كما يتوهّم البعض'.
ورغم التزام لبنان بما طُلب منه في سياق الاتفاقات المرتبطة بوقف إطلاق النار أو التفاهمات غير المباشرة، لم يلتزم العدو الإسرائيلي بوقف عدوانه، كما أن الجهات الدولية التي يُفترض أن تكون راعية لهذه التفاهمات، تواطأت وأفشلت الاتفاق بضغط مباشر على لبنان، بل وبغطاء للعدوان عليه، كما يحصل بشكل شبه يومي في الجنوب والبقاع.
وإلى جانب الضغط الخارجي، هناك محاولات داخلية مكثفة لرفع منسوب التهويل والتهديد، تُدار عبر قنوات إعلامية وسياسية، هدفها بثّ التوتر في المجتمع اللبناني، وزيادة الضغط على القوى السياسية المؤمنة بخيار المقاومة، لدفعها إلى التراجع عن مواقفها، وصولًا إلى التخلي التدريجي عن عناصر قوة لبنان، وعلى رأسها سلاح المقاومة. وهذا البعض لا يتوانى عن السير على حافة الهاوية في ما يخصّ الاستقرار الداخلي اللبناني، ولا يهمّه احتمال نشوب فتن أو توترات داخلية.
وكان مجلس الوزراء اللبناني قد التأم يوم الثلاثاء في 5-8-2025 في القصر الجمهوري، برئاسة رئيس الجمهورية جوزاف عون، وحضور رئيس الحكومة نواف سلام، حيث بحث في بند حصرية السلاح بيد الدولة. وبعد الجلسة، قال سلام: 'تم تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الجاري'، وتابع: 'سيُعرض المشروع على الحكومة قبل 31 آب/أغسطس الحالي'. وبالتزامن مع انتهاء الجلسة الحكومية، انتشر خبر استهداف طائرة مسيّرة إسرائيلية سيارة على مدخل بلدة بريتال البقاعية ما أدى الى ارتقاء شهيد، ما يثير الاستغراب: كيف يصول العدو ويجول ويعتدي على لبنان بلا حسيب أو رقيب من الدولة، بينما يذهب البعض لتقديم خدمات مجانية للعدو عبر الضغط على المقاومة؟
وبالسياق، انتقد عضو 'الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين' عدنان علامة قرار الحكومة اللبنانية الأخير بشأن سلاح المقاومة، ورأى أنه 'جاء استجابة للضغوط الأميركية، وهو ما أكده المبعوث الأميركي نفسه بقوله: إن القرار اللبناني سيُعرض على إسرائيل'، متسائلًا عن 'مفهوم السيادة في ظل هذا الواقع'.
واعتبر علامة في حديث لموقع قناة المنار أن 'قرار الحكومة يتعارض مع اتفاق الطائف الذي نصّ على تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، وتنفيذ القرار 425، والتمسّك باتفاقية الهدنة، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها'، وشدد على 'ضرورة إزالة الاحتلال إزالة شاملة، كما ورد حرفيًا في نص الاتفاق'، وأكّد أن 'المستفيد الأساسي من هذا القرار هو العدو الصهيوني، إلى جانب الولايات المتحدة وحلفائها في الداخل اللبناني'.
كما انتقد علامة أداء السلطة اللبنانية، وأكّد أنه 'أداء ضعيف ويشوبه التقصير، خاصة في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، وعدم تفعيلها لحق الدفاع المشروع المنصوص عليه في القرار 1701 والمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة'.
ولفت علامة إلى أن 'الحملة على سلاح المقاومة تستهدف إضعافها خدمةً للمشروع الصهيو-أميركي'، وأشار إلى خطورة المرحلة الحالية، خصوصًا بعد إعلان إسرائيل رسميًا أنها تلقت 800 طائرة و140 سفينة محمّلة بالأسلحة الأميركية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ضمن جسر جوي وبحري دعمًا لعدوانها على غزة و'محور المقاومة'، مؤكدًا أن 'هذا الدعم الضخم ينذر بتصعيد أخطر في المرحلة المقبلة'.
ولا شك أن الحديث عن حصرية السلاح بيد الدولة لا يمكن أن يُناقش إلا ضمن سياق مسؤوليات الدولة. فالدولة التي تُحتكر فيها القوة، يجب أن تكون هي نفسها قادرة على الدفاع عن سيادتها، وحماية شعبها برًا وبحرًا وجوًا، وأن تتحمّل كامل المسؤولية في صدّ العدوان، لا أن تكون غائبة أو عاجزة أو أسيرة قرارات الخارج، ولبنان اليوم أمام مفترق طرق حقيقي: إما أن يتمسّك بعناصر قوته ويبني عليها ليحمي نفسه وشعبه، أو أن يستسلم لابتزاز الخارج.
والأكيد أنه لا بد من الثبات على خيار المقاومة كضرورة وطنية جامعة، في مواجهة مشروع يستهدف كل لبنان. والغريب أن في لبنان من يسارع للخضوع للرغبات الأميركية ومن خلفها الإسرائيلية، بالتنازل عن عناصر القوة مقابل لا شيء، ومن دون الحصول على أي ضمانة من أي نوع كان. فماذا يمكن أن نسمّي من يقوم بمثل هذا الأمر؟
المصدر: موقع المنار
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 32 دقائق
- صدى البلد
تلال الفسطاط إطلاله على المواقع التاريخية الخالدة ..وتوجيهات سرعة الانتهاء من الأعمال
-رئيس الوزراء : -تلال الفسطاط يتمتع بـ إطلالة على المواقع التاريخية الخالدة -المشروع نقطة جذب ومقصداً سياحياً للعديد من الزائرين - سرعة الانتهاء من الأعمال بمختلف مكونات ومناطق المشروع - البدء في تشغيل المشروع وطرح مختلف الخدمات الموجودة -وزير الإسكان : جار إتمام إجراءات الاستلام الابتدائي عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعاً، اليوم؛ بمقر الحكومة بمدينة العلمين الجديدة، لمتابعة رئيس المراحل الأخيرة لتنفيذ حدائق "تلال الفسطاط" وإجراءات تشغيلها، وذلك بحضور المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان المرافق والمجتمعات العمرانية، والدكتور إبراهيم صابر خليل، محافظ القاهرة، واللواء مهندس محمود نصار، رئيس الجهاز المركزي للتعمير، والمهندس خالد صديق، رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الحضرية، والمهندس محمد أبو سعدة، رئيس مجلس إدارة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، والدكتور عبد الخالق إبراهيم، مساعد وزير الإسكان للشئون الفنية، والدكتور باهر الشعراوي، نائب رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الحضرية، والمهندس مصطفى عبد الوهاب، نائب رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الحضرية. وجدد رئيس الوزراء الإشارة إلى ما يحظى به مشروع حدائق "تلال الفسطاط" من اهتمام، وذلك بالنظر لما يحتوي عليه من العديد من المكونات والمناطق التراثية والترفيهية، هذا إلى جانب ما يتمتع به من إطلالة على العديد من المواقع التاريخية الخالدة، وهو ما يجعله نقطة جذب ومقصداً سياحياً للعديد من الزائرين، فضلا عن المساحات الخضراء الواسعة واعتباره متنزها بيئيا وسياحيا وثقافيا متميزا في قلب العاصمة القاهرة. وخلال الاجتماع، وجّه رئيس الوزراء بالعمل على سرعة الانتهاء من الأعمال المتعلقة بمختلف مكونات ومناطق مشروع حدائق "تلال الفسطاط"، والبدء في تشغيله وطرح مختلف الخدمات الموجودة به أمام الجمهور. واستعرض المهندس شريف الشربيني، مستجدات الموقف التنفيذي لمختلف مكونات مشروع حدائق "تلال الفسطاط"، لافتا إلى حجم الأعمال المنفذة والجاري الانتهاء منها بكل من المناطق الثقافية، والاستثمارية، وكذا مناطق الأسواق، والمغامرات، والتلال، والنهر، والحدائق التراثية، والقصبة، والحفائر، والبوابات والاسوار، والمخزن المتحفي، وساحة مسجد عمرو بن العاص، وما سجلته هذه المناطق من معدلات ونسب تنفيذ مرتفعة لمختلف الأعمال بها، وتمت الإشارة إلى أنه يتم الانتهاء حاليا من مختلف هذه المكونات. ولفت وزير الإسكان إلى أنه جار إتمام إجراءات الاستلام الابتدائي لعدد من مكونات مشروع حدائق تلال الفسطاط، وكذا العمل على تكثيف الأعمال بباقي المناطق والمكونات للانتهاء منها في أقرب وقت ممكن، بما يسهم في بدء الأنشطة والفعاليات بها. وتناول اللواء مهندس محمود نصار، رئيس الجهاز المركزي للتعمير، خلال الاجتماع، بشكل تفصيلي معدلات ونسب انجاز الأعمال لمختلف مكونات مشروع حدائق "تلال الفسطاط"، وموقف تنفيذ أعمال المرافق وتنسيق الموقع على مستوى المشروع، مستعرضا ما تتضمنه كل منطقة من مكونات تضم المساحات الخضراء، والبحيرات الصناعية والمباني الخدمية والمطاعم والمولات وساحات الاحتفالات. وخلال الاجتماع، استعرض المهندس خالد صديق ما تم اتخاذه من إجراءات وخطوات تتعلق بملف إدارة وتشغيل مشروع حدائق "تلال الفسطاط"، لافتا إلى تفاصيل الزيارات الميدانية التي قام بها عدد من الشركات والتحالفات الراغبة في التقدم لإدارة وتشغيل المشروع، وكذا الاستفسارات الواردة للصندوق من المستثمرين المتقدمين لإدارة وتشغيل المشروع خلال فترة نشر الإعلان. كما عرض المهندس خالد صديق، موقف قيام لجنة فحص ودراسة ملفات الشركات والتحالفات المتقدمة لإدارة وتشغيل المشروع بمهامها لتحديد الشركات المؤهلة. وفى هذا الصدد، أشار المهندس خالد صديق، إلى أنه يتم التنسيق مع وزارة الإسكان بشأن اختيار المشغل الذي يتولى أعمال تشغيل الحديقة، بما يسهم في الحفاظ على هذه الاستثمارات، وجودة أعمال الصيانة والتشغيل والإدارة.


صدى البلد
منذ 32 دقائق
- صدى البلد
عمّان تستضيف اجتماعًا أردنيًا سوريًا أمريكيًا لبحث الأوضاع في دمشق
أعلنت وزارة الخارجية الأردنية أن عمان تستضيف اجتماعا أردنيا سوريا أمريكيا مشتركا الثلاثاء المقبل لبحث الأوضاع في سوريا، وذلك حسبما أفادت قناة "القاهرة الإخبارية"، في نبأ عاجل. وأوضحت الخارجية الأردنية أن الاجتماع سيبحث سبل دعم عملية إعادة بناء سوريا. وأدانت وزارة الخارجية الاردنية بأشدّ العبارات، الخطة التي أقرّها المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر (الكابينت)، التي تستهدف ترسيخ احتلالها لقطاع غزة وتوسيع السيطرة العسكرية عليه بالكامل، باعتبارها استمرارا للخروقات الإسرائيلية الجسيمة للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وتقويضا واضحا لحل الدولتين، وحق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في إقامة دولته المستقلة على خطوط 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.


صدى البلد
منذ 32 دقائق
- صدى البلد
الأعلى للإعلام يشكر الرئيس السيسي لحل مشكلة مكافأة نهاية الخدمة للعاملين بماسبيرو
توجه المهندس خالد عبدالعزيز، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بخالص الشكر والتقدير لـ الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، على تأكيده على التزام الدولة الراسخ بإعلاء حرية الرأي والتعبير واحتضان كافة الآراء الوطنية ضمن المنظومة الإعلامية المصرية، بما يعزز من التعددية والانفتاح الفكري، وكذلك أهمية إتاحة البيانات والمعلومات للإعلام خاصة في أوقات الأزمات التي تحظى باهتمام الرأي العام. وأعرب رئيس المجلس، عن امتنانه وتقديره لموافقة رئيس الجمهورية على صرف البدل النقدي المقترح من الحكومة لـ الصحفيين وتوجيهه بحل مشكلة مكافأة نهاية الخدمة للعاملين في ماسبيرو.