logo
حسين الشرع.. تعرف إلى والد الرئيس السوري

حسين الشرع.. تعرف إلى والد الرئيس السوري

خبرني٢٢-٠٤-٢٠٢٥

خبرني - خبير اقتصادي وكاتب وباحث أكاديمي في مجال النفط، من مواليد عام 1944، وهو والد الرئيس السوري أحمد الشرع، تأثر بالفكر القومي الناصري منذ المرحلة الثانوية، ونشط في المظاهرات الطلابية الرافضة لانفصال سوريا عن مصر عام 1963. لاحقته السلطة وحاولت اغتياله، مما اضطره إلى الفرار إلى الأردن ثم العراق حيث أكمل دراسته الجامعية، ثم عاد إلى بلاده وعمل في مجال النفط، لكنه غادرها من جديد عام 1979 بسبب القيود السياسية التي فرضت عليه وعمل في السعودية باحثا اقتصاديا.
المولد والنشأة
ولد حسين علي الشرع عام 1944 في مدينة فيق السورية في الجولان، وكانت تتبع حوران، وتبعد عن مدينة القنيطرة نحو 50 كيلومترا جنوبا، وعاشت عائلته متنقلة بينها وبين قرية جيبين التي تبعد عن القنيطرة نحو 7 كيلومترات شرقا، وهاجر جده لأبيه من الجولان بعد احتلال إسرائيل المنطقة عام 1967.
تتحدر أسرته من عائلة غنية كانت من كبار ملاك الأراضي، إذ ملكت نحو 85% من أراضي فيق، واشتهرت بعراقتها وعلمها وارتباط نسبها بسلالات تتصل بآل بيت النبوة، وكانت لهم مكانتهم عند أبناء المنطقة في الوجاهة والصلح والسلطة منذ الفترة العثمانية وحتى الانتداب الفرنسي، وامتدت أسرهم وتناسبت مع عائلات من حوران والأردن وفلسطين ودمشق.
وكان جده لأبيه يمتلك نحو ألفي دونم وزعت في ما بعد على العاملين فيها وكان عددهم 80، إذ كان أغلب السوريين في تلك الفترة لا يفرقون بين العامل وصاحب الأرض إيمانا منهم بأن "الملك وأصحابه لله".
ناضل جده وأعمامه ضد المستعمر الفرنسي، وشاركوا في ثورة الزوية في الجولان السوري عام 1920، وشاركت فيها أسر عدة أبرزها آل الشرع (قرية جيبين) وآل السلامات (قرية العال) وآل طحان، وقد أرّخها حسين الشرع في كتاب.
كبر الشاب حسين وترعرع في فيق ودرس في البداية بالكتّاب وتعلّم الحساب، ثم التحق بالتعليم النظامي واستمر فيه حتى المرحلة الثانوية حين بدأ يتأثر بالفكر القومي والرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.
أبناؤه
أحمد الشرع
تولى الرئاسة عقب خلع الرئيس السوري بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، وكان في السابق قياديا في المعارضة المسلحة، وهو الابن الثالث لحسين الشرع، ولد عام 1982.
درس الطب في جامعة دمشق، لكنه قرر "اختيار طريق الجهاد" ومقاومة الغزو الأميركي عام 2003 فالتحق بـتنظيم القاعدة، وسجن على إثرها 5 سنوات.
انتقل لاحقا إلى سوريا وأسس "جبهة النصرة" فرعا للقاعدة، وعرف حينئذ باسم أبو محمد الجولاني، ولاحقا أعلن انشقاقه وفك ارتباطه عن الجبهة في يوليو/تموز 2016 لاختلافه معها على المنهج، وأعلن تأسيس "جبهة فتح الشام"، وصارت لاحقا تعرف بـ"هيئة تحرير الشام".
برز اسمه أمينا عاما لـ"إدارة العمليات العسكرية" التي أطلقت معركة "ردع العدوان" في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، واستطاعت إسقاط نظام الأسد في 12 يوما، ثم اختير رئيسا لإدارة المرحلة الانتقالية في البلاد في 29 يناير/كانون الثاني 2025.
ماهر الشرع
الابن البكر لحسين الشرع، من مواليد دمشق عام 1973، وهو طبيب متخصص في أمراض النساء وعلاج العقم والإخصاب. يحمل الدكتوراه في العلوم الطبية، تخصص جراحة نسائية عام 1999، إلى جانب دبلوم في إدارة النظم الصحية، وتخرج من الأكاديمية الحكومية الروسية "فارونيش الطبية" عام 2000.
عمل مستشارا للتلقيح الصناعي في "مستشفى أورينت للإخصاب والوراثة" في دمشق عام 2008، ثم انتقل إلى العمل في "مستشفى أبها للولادة والأطفال" في السعودية عام 2014، وانتقل بعدها إلى العمل في روسيا والتحق بمركز "عيادة كلاس إس" عام 2018.
شغل منصب مستشار وزير الصحة في حكومة الإنقاذ السورية بمحافظة إدلب ومنصب وزير الصحة فيها، وأكسبه ذلك خبرة في إدارة القطاع الصحي، كما عمل مستشارا في مستشفيات الشمال السوري بين عام 2022 و2023.
وعين في حكومة تصريف الأعمال، التي أعلن عنها بعد سقوط الأسد، وزيرا للصحة، ثم عين بعد تشكيل الحكومة الانتقالية نهاية مارس/آذار 2025 أمينا عاما للرئاسة السورية.
حازم الشرع
الابن الثاني لحسين الشرع، وهو من مواليد عام 1975، يحمل درجة البكالوريوس في الحقوق من جامعة دمشق، والماجستير ثم الدكتوراه في العلوم الاقتصادية والقانونية (2013-2015) من الجامعة المصرية الأميركية الدولية.
عمل محاميا في دمشق ومديرَ مبيعات المنطقة ثم المنطقة الجنوبية ثم مدير المبيعات والقدرات، وبعدها انتقل إلى العمل في شركة "جود الدولية" ثم انتقل إلى العراق وتولى منصب مدير أعمال في مجموعة "فتال" عام 2014 ثم منصب المدير العام لـ"شركة بيت الإمارات" عام 2017.
انتقل بعدها إلى العمل في إقليم كردستان العراق بشركة الحياة لإنتاج المشروبات الغازية والمعدنية المحدودة وتولى منصب المدير العام ونائب الرئيس التنفيذي في يوليو/تموز 2022.
الدراسة والتكوين العلمي
درس حسين الشرع البكالوريوس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة بغداد وتخرج فيها عام 1969، ويحمل أيضا درجتي الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد.
فكره
تأثر حسين الشرع بالفكر الناصري مع تصاعد الفكر القومي العربي الاشتراكي في ستينيات القرن العشرين وتعاقب الانقلابات في البلاد برعاية حزب البعث بالعراق وسوريا، وتزامنت عودته إلى بلاده بعدما غادرها بانقلاب الحركة التصحيحية التي تزعمها الرئيس السوري حافظ الأسد، مما جعله متمسكا بالوحدة أكثر ورافضا للتقسيم.
وطرح منظوره في الحل السياسي للمسألة السورية في حال الانتقال السياسي في البلاد -قبل سقوط الأسد-، ببناء دولة مدنية ديمقراطية تعددية أساسها المواطنة لا التمييز على أساس العرق أو الدين أو المذهب، ويضمن هذا دستور جديد للبلاد يؤكد استقلالها والاعتراف بسيادة الشعب المطلقة، في ظل احترام الحريات والرأي الآخر والتعددية السياسية مع حرية عمل الأحزاب، إضافة إلى فصل الجيش والأمن عن السياسة وتقديم المجرمين للمحاكمة.
ويختلف الأب عن ابنه أحمد الشرع كما ذكر الأخير في مقابلة أجراها معه الصحفي الأميركي مارتن سميث في فبراير/شباط 2021، فبينما كان والده يركز على الدول العربية وأمل توحيدها والعمل لأجلها، وسّع الشرع اهتمامه ليشمل الأمة الإسلامية.
لكنه تأثر بوالده كما يقول من حيث الرغبة في النضال من أجل حقوق المظلومين ومن طابعه الثوري عموما، والذي ورثه من فكره القومي، واتفقا على حب فلسطين والرغبة في الدفاع عنها، إذ كان الحديث الأبرز المتأصل في المنزل على مدار الساعة.
التجربة العروبية
برز نشاط الشرع مع إعلان توقيع ميثاق الاتحاد بين مصر وسوريا عام 1963، إذ بدأ نشاط حزب البعث آنذاك في النكوص عن الاتفاق والتفرد بالسلطة، ولم تمر 3 أشهر حتى انقلب البعثيون وصفّوا شركاءهم الناصريين، فاحتدم الصراع في الشارع السوري خاصة في المدارس والجامعات.
انخرط الشرع ورفاقه في المظاهرات المناهضة للانفصال وشكّلوا قوة ضد "الحكومة الانفصالية" في منطقتهم، وكانوا يتظاهرون في كل مناسبة ممكنة، منها عيد الشجرة وذكرى وعد بلفور وقرار تقسيم فلسطين، مما جعله في مصب استهداف السلطة التي كانت ترد على المظاهرات بالرصاص الحي.
في إحدى المظاهرات حاول جنود السلطة اغتيال الشرع لكنهم أصابوا بدلا منه فتاة فقتلوها، فتخفّى في منزل في الطريق حتى استطاع الفرار باتجاه غابة الزيتون جنوب فيق حيث التقى زملاءه، وبقي معهم حتى اليوم الموالي حين عادوا إلى مدينتهم وكانت الدراسة معطلة 3 أياما حدادا على القتيل.
وعندما عاد حسين الشرع وزملاؤه إلى مقاعد الدراسة توعدهم المدير بالعقاب الشديد، فخرج الشرع من بين زملائه مواجها المدير ثم نادى باقي الطلبة لتعطيل الدراسة 3 أيام إضافية ردا على ما حدث، وكان عددهم حينئذ 600، امتثلوا جميعهم للإضراب ما عدا 10 خافوا الاعتقال.
مساء ذلك اليوم اعتقل الشرع وغيره من قادة الحراك في المدارس الثانوية وأُلقوا في ثكنات عسكرية تحت الأرض، ثم نقلوا إلى سجن المزة في دمشق العاصمة، لكن وجهاء وعشائر المنطقة وقفوا أمام الجيش وطالبوا بإطلاق سراح الشباب، فأطلق سراحهم عقب 4 أيام وتوّعدهم بالأذى في حال عادوا للتظاهر.
في المهجر
اضطر الشرع إلى مغادرة البلاد نظرا لسوء الأوضاع السياسية والأمنية فيها، فانتقل إلى الأردن وكانت القاهرة هدفه، واعتقل هناك، وحالت الخلافات السياسية بين البلدين دون تحقيق مراده، فخُيّر بين السعودية والعراق، فاختار بلاد الرافدين إذ كان يرأسها عبد السلام عارف الذي كان معروفا بقربه من عبد الناصر.
تقدم الشرع للدراسة في الثانوية الإعدادية المركزية في العراق، ونجح فيها مما أهله للدراسة في الجامعة، وكان ينوي دراسة الهندسة، لكنه في النهاية التحق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة بغداد وتخرج عام 1969.
ويقول أحمد الشرع إن أباه عاد إلى الأردن في تلك الفترة بعد احتلال إسرائيل الجولان السوري، وعمل مع الفدائيين الفلسطينيين، ثم عاد إلى بغداد لإكمال دراسته فيها حتى عام 1971.
قرر حسين الشرع بعدها العودة إلى سوريا أواخر ثمانينيات القرن العشرين، وفور وصوله سجن للمرة الثالثة قبل أن يخرج بعد توصله لتسوية مع مديرية الأمن السياسي، وحاول البحث عن عمل حكومي لكنه رُفض، فعمل مدرسا للغة الإنجليزية في درعا عاما، قبل أن ينتقل للعمل في الشركة العامة للنفط، وعين مديرا للشؤون الاقتصادية ومستشارا في وزارة النفط في حكومة محمود الزعبي.
وكان الزعبي يهدف إلى إنعاش الاقتصاد السوري الذي كان يعاني حينئذ، وعرض على الشرع العودة إلى القطاع العام ليساعده في تنفيذ خطته، عبر رفع عوائد النفط وغيره من الموارد الطبيعية لأقصى حد ممكن، لكن انتهى الأمر بالمستشار النفطي ضحية للنظام الإداري، إذ رفض توقيع عدد من الأوراق لصفقات تجارية مخالفة للقانون طلبها منه مسؤولون في النظام السوري.
استطاع الشرع في تلك الفترة إنجاز كثير من الدراسات عن قطاع النفط في بلاده، ودرّب عددا من الشباب الموظفين في قطاع النفط، وكان مزارا لطلبة الماجستير والدكتوراه ممن كانوا يدرسون في الخارج، وفي تلك الفترة ترشح لعضوية مجلس محافظة القنيطرة عام 1972.
وترشح الشرع عام 1973 لمجلس الشعب السوري، لكنه لم يقبل بسبب خلفيته السياسية، إذ لم يكن بعثيا. وبقي الشرع يعمل في المجال النفطي حتى عام 1979 حين تعاقد مع وزارة البترول السعودية وعين في منصب باحث اقتصادي.
عمل الشرع إضافة لعمله السابق كاتبا لمقالات سياسية واقتصادية وإستراتيجية في جريدة "الرياض" عام 1980، ثم انتقل للعمل كاتبا في جريدة الجزيرة عام 1988، وعاد بعدها إلى دمشق وعين مستشارا لرئاسة مجلس الوزراء، ومديرا للعمليات في مكتب تسويق النفط الذي كان يتبع الزعبي حينئذ.
انتقادات حكومة ابنه
في فبراير/شباط 2025 ظهر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي نسب إلى والد الرئيس السوري، وكان ينتقد فيه سياسة خصخصة الحكومة مؤسسات بالقطاع العام، مما أشعل منصات التواصل الاجتماعي، في لفتة غير معتادة -كما يقولون- لانتقاد أب يوصف بالاشتراكي سياسات حكومة ابنه.
وكتب حسين الشرع في المنشور الرائج "ما سمعته حول خصخصة شركات ومؤسسات القطاع العام الاقتصادي أود أن أقول بملء الفم هذا خطأ كبير، ذلك أن هذا القطاع العام أُقيم في عشرات السنين وهو ثروة قومية وملك للشعب. إذا كان هناك ترهل وفساد وخسائر فهذا لا يعود للبنى الأساسية، بل يرجع إلى الإدارات الجاهلة التي أدارتها بلا خبرة ولا اهتمام لأنها اعتبرتها ملكا لها تعمل فيه كما تشاء".
وظهر حسين الشرع في أول أيام عيد الفطر في قصر الشعب أثناء استقبال الرئيس السوري للمهنئين بالمناسبة، وكان أول مشهد مصوّر يظهر فيها علانية بعد تداول إشاعات وفاته، ومن المشاهد النادرة له على وسائل التواصل الاجتماعي، ولاقت رواجا كبيرا بسبب انحناء ابنه لتقبيل يده.
تصميم خاص قراءة في القيامة السورية
الكتب والمؤلفات
أنجز الشرع قبل ذهابه إلى العمل في السعودية كتابين، الأول "النفط بين الإمبريالية والتنمية" ونشر في لبنان عام 1974، وكتاب "البترول والمال العربي في معركة التحرير والتنمية" في العام نفسه.
كما ألف "النفط والتنمية الشاملة في العالم العربي" عام 1983، وتحدث فيه عن دور فائض الأموال العربية وما يمكن لها أن تفعله في الاقتصاد العالمي.
وكتب عددا من الكتب عن الاقتصاد السعودي أبرزها "التقييم الاقتصادي ومستقبل التنمية في المملكة العربية السعودية" عام 1983، و"الاقتصاد السعودي في مرحلة بناء التجهيزات الأساسية" عام 1984 ودعا فيه إلى دمج قطاع النفط بغيره من القطاعات.
وله أيضا كتاب "الأهمية الاقتصادية للطرق والمواصلات في التنمية" عام 1987، وأتبعه بكتابين هما "الأهمية الاقتصادية للموانئ في التنمية"، و"الأهمية المركزية للكهرباء في التنمية الشاملة" عام 1988، وأصدرهما في الرياض.
وأصدر أيضا كتاب "منظمة أوبك 1960-1985: التحولات الكبرى والتحدي المستمر" في دمشق عام 1987، وكتب رواية "الرؤوس الحامية" عام 2020، وهي رواية سياسة اقتصادية اجتماعية، وفي العام نفسه أصدر كتاب "الشقة 43″ و"بؤس النظام العربي".
وأرّخ الشرع للثورة التي أشعل فتيلها أجداده من آل الشرع ضد الانتداب الفرنسي على سوريا في كتاب "ثورة الزويّة السورية المنسية 1920-1927" في عام 2020.
ومن كتبه الأخرى "بغداد مدينتي" عام 2021 و"قراءة في القيامة السورية" عام 2022 و"العبودية التاريخية ومنهجية الاستعباد في حكم سوريا" عام 2023، وكتاب "الأحزاب السياسية في البلاد العربية".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وانتهت الحرب على الإرهاب
وانتهت الحرب على الإرهاب

جفرا نيوز

timeمنذ 2 ساعات

  • جفرا نيوز

وانتهت الحرب على الإرهاب

جفرا نيوز - إسماعيل الشريف التقارير التي تفيد بأنني قلت إن أوباما وكلينتون أسّسا داعش تأخذ كلامي بجدية زائدة. ألا يفهمون السخرية؟... سأكون صادقًا، لم تكن سخرية كبيرة- ترامب. في أوائل الثمانينيات، حين كنت طفلًا، كان الشيخ عبد الله عزام – رحمه الله – يحضر إلى مسجد الشريعة أثناء حرب أفغانستان، ويجلس بعد صلاة الجمعة مع بعض أصدقائه يحدّثهم عن مجريات الحرب. كانت قصصه تدور حول كرامات المجاهدين وظهور الملائكة التي تقاتل إلى جانبهم ضد جيش الاتحاد السوفييتي، فتأسر القلوب وتلهب المشاعر. أعلم أن نوايا الشيخ ورفاقه كانت صادقة، لكنه لم يحدثنا يومًا عن مجلته الجهاد، التي خُصصت لتغطية أخبار حرب أفغانستان بهدف جذب التمويل وتجنيد الشباب. كانت المجلة تُطبع بسبعين ألف نسخة على نفقة الولايات المتحدة، وتُوزَّع في مختلف أنحاء العالم الإسلامي والولايات المتحدة، وتصل إلى اثنين وخمسين مكتبًا مخصصًا لتجنيد الشباب للذهاب إلى هناك. بل إن القنصلية الأمريكية في جدة كانت تمنح تأشيرات للراغبين في «الجهاد» للسفر إلى الولايات المتحدة والتدرب هناك. وبعد هذه السنوات الطويلة، لا يختلف اثنان على أن المجاهدين قد خاضوا حربًا بالوكالة عن الولايات المتحدة وحلفائها في أفغانستان لقتال الروس هناك. ثم في أوائل التسعينيات، انتقل أولئك المجاهدون، بعد أن هزموا الاتحاد السوفييتي، إلى البوسنة والهرسك، حيث حاربوا إلى جانب الأمريكيين. لكن سرعان ما حوّلتهم الولايات المتحدة إلى أعداء، ليكونوا بيادق في خطتها التالية، حتى بلغ هذا العداء ذروته في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حين اتهمت واشنطن تنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن بالوقوف وراء الهجمات. وأثناء التحضيرات للحرب، التقى الصحفي الشهير روبرت فيسك بأسامة بن لادن في أحد كهوف أفغانستان. بدأ الشيخ أسامة الحديث بسؤاله عن مجريات الأحداث في العالم، ويذكر فيسك أن مصدر معلوماته آنذاك كان نسخة قديمة من مجلة نيوزويك يعود تاريخها إلى ثلاثة أشهر مضت. انطلقت بعدها ما عُرف بـ»الحرب على الإرهاب»، فتوجّهت الولايات المتحدة لمحاربة حلفاء الأمس في أفغانستان، ثم اتهمت العراق زورًا بوجود صلة له بتنظيم القاعدة، فغزته واحتلته. وقد بلغت كلفة هذه الحرب الطويلة نحو 8 تريليونات دولار، وراح ضحيتها قرابة 950 ألف إنسان تحت القصف المباشر، بالإضافة إلى 4.7 مليون شخص بشكل غير مباشر نتيجة لانهيار المنظومات الصحية وانتشار الأمراض. كما تسببت في تهجير ما يزيد على 38 مليون شخص من أوطانهم. ثم لم تلبث أن ظهرت عشرات التنظيمات الإرهابية التي تلقت دعمًا من جهات متعددة، وكان هدفها الأساسي تمزيق الدول الحاضنة لإيران، لكسر «الهلال الشيعي» الممتد من طهران إلى بيروت. وسرعان ما بلغت هذه التنظيمات من القوة ما مكّن «داعش» من السيطرة على مساحات واسعة من العراق وسوريا، لكنها كما ظهرت بسرعة، اختفت بسرعة أكبر. في عام 2017، قدّمت النائبة في الكونغرس الأمريكي تولسي غابارد مشروع قانون بعنوان قانون وقف تسليح الإرهابيين، بهدف منع الولايات المتحدة من تقديم أي دعم مالي أو عسكري لجماعات مثل القاعدة، وداعش، وجبهة النصرة. إلا أن المشروع تم تعطيل طرحه للتصويت، ولم يُقر. والآن، يأتي دونالد ترامب، رجل «السلام» و»أمريكا أولًا»، وصاحب الصفقات، الذي منع في ولايته الأولى رعايا سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة، ووصف الإرهابيين بأنهم «أسوأ حثالة في التاريخ». ومع ذلك، رأيناه حين أصبح أعداء الأمس شركاء اليوم.

اسماعيل الشريف يكتب : وانتهت الحرب على الإرهاب
اسماعيل الشريف يكتب : وانتهت الحرب على الإرهاب

أخبارنا

timeمنذ يوم واحد

  • أخبارنا

اسماعيل الشريف يكتب : وانتهت الحرب على الإرهاب

أخبارنا : التقارير التي تفيد بأنني قلت إن أوباما وكلينتون أسّسا داعش تأخذ كلامي بجدية زائدة. ألا يفهمون السخرية؟... سأكون صادقًا، لم تكن سخرية كبيرة- ترامب. في أوائل الثمانينيات، حين كنت طفلًا، كان الشيخ عبد الله عزام – رحمه الله – يحضر إلى مسجد الشريعة أثناء حرب أفغانستان، ويجلس بعد صلاة الجمعة مع بعض أصدقائه يحدّثهم عن مجريات الحرب. كانت قصصه تدور حول كرامات المجاهدين وظهور الملائكة التي تقاتل إلى جانبهم ضد جيش الاتحاد السوفييتي، فتأسر القلوب وتلهب المشاعر. أعلم أن نوايا الشيخ ورفاقه كانت صادقة، لكنه لم يحدثنا يومًا عن مجلته الجهاد، التي خُصصت لتغطية أخبار حرب أفغانستان بهدف جذب التمويل وتجنيد الشباب. كانت المجلة تُطبع بسبعين ألف نسخة على نفقة الولايات المتحدة، وتُوزَّع في مختلف أنحاء العالم الإسلامي والولايات المتحدة، وتصل إلى اثنين وخمسين مكتبًا مخصصًا لتجنيد الشباب للذهاب إلى هناك. بل إن القنصلية الأمريكية في جدة كانت تمنح تأشيرات للراغبين في «الجهاد» للسفر إلى الولايات المتحدة والتدرب هناك. وبعد هذه السنوات الطويلة، لا يختلف اثنان على أن المجاهدين قد خاضوا حربًا بالوكالة عن الولايات المتحدة وحلفائها في أفغانستان لقتال الروس هناك. ثم في أوائل التسعينيات، انتقل أولئك المجاهدون، بعد أن هزموا الاتحاد السوفييتي، إلى البوسنة والهرسك، حيث حاربوا إلى جانب الأمريكيين. لكن سرعان ما حوّلتهم الولايات المتحدة إلى أعداء، ليكونوا بيادق في خطتها التالية، حتى بلغ هذا العداء ذروته في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حين اتهمت واشنطن تنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن بالوقوف وراء الهجمات. وأثناء التحضيرات للحرب، التقى الصحفي الشهير روبرت فيسك بأسامة بن لادن في أحد كهوف أفغانستان. بدأ الشيخ أسامة الحديث بسؤاله عن مجريات الأحداث في العالم، ويذكر فيسك أن مصدر معلوماته آنذاك كان نسخة قديمة من مجلة نيوزويك يعود تاريخها إلى ثلاثة أشهر مضت. انطلقت بعدها ما عُرف بـ»الحرب على الإرهاب»، فتوجّهت الولايات المتحدة لمحاربة حلفاء الأمس في أفغانستان، ثم اتهمت العراق زورًا بوجود صلة له بتنظيم القاعدة، فغزته واحتلته. وقد بلغت كلفة هذه الحرب الطويلة نحو 8 تريليونات دولار، وراح ضحيتها قرابة 950 ألف إنسان تحت القصف المباشر، بالإضافة إلى 4.7 مليون شخص بشكل غير مباشر نتيجة لانهيار المنظومات الصحية وانتشار الأمراض. كما تسببت في تهجير ما يزيد على 38 مليون شخص من أوطانهم. ثم لم تلبث أن ظهرت عشرات التنظيمات الإرهابية التي تلقت دعمًا من جهات متعددة، وكان هدفها الأساسي تمزيق الدول الحاضنة لإيران، لكسر «الهلال الشيعي» الممتد من طهران إلى بيروت. وسرعان ما بلغت هذه التنظيمات من القوة ما مكّن «داعش» من السيطرة على مساحات واسعة من العراق وسوريا، لكنها كما ظهرت بسرعة، اختفت بسرعة أكبر. في عام 2017، قدّمت النائبة في الكونغرس الأمريكي تولسي غابارد مشروع قانون بعنوان قانون وقف تسليح الإرهابيين، بهدف منع الولايات المتحدة من تقديم أي دعم مالي أو عسكري لجماعات مثل القاعدة، وداعش، وجبهة النصرة. إلا أن المشروع تم تعطيل طرحه للتصويت، ولم يُقر. والآن، يأتي دونالد ترامب، رجل «السلام» و»أمريكا أولًا»، وصاحب الصفقات، الذي منع في ولايته الأولى رعايا سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة، ووصف الإرهابيين بأنهم «أسوأ حثالة في التاريخ». ومع ذلك، رأيناه حين أصبح أعداء الأمس شركاء اليوم. ــ الدستور

جولة ترامب .. الرابحون والخاسرون
جولة ترامب .. الرابحون والخاسرون

عمون

timeمنذ يوم واحد

  • عمون

جولة ترامب .. الرابحون والخاسرون

اسُتقبل الرئيس الاميركي بحرارة وحفاوة اكثر من تلك التي استقبل فيها في ولايته الاولى عندما زار السعودية ودول الخليج عام 2017، وهذه الحفاوة هي نتيجة طبيعية (لتحالف النفط والقوة) الذي ابتدأ بين واشنطن والسعودية واستكمل لاحقا بين واشنطن وبقية دول الخليج العربي، فلقد وضعت البذور الاولى لهذا التحالف عام 1945 في اللقاء التاريخي بين الملك عبدالعزيز آل سعود مع الرئيس الاميركي فرانكلين روزفلت المنتصر وقتذاك في الحرب العالمية الثانية في البحيرات المُرة في قناة السويس على ظهر المدمرة الاميركية «كوينسي»، في ذلك الوقت ل? تكن «اسرائيل» موجودة على الخارطة لا السياسية ولا الجغرافية. اعتقد ان ترامب في ولايته الاولى واليوم في ولايته الثانية يعيد من حيث يدري او لا يدري هذا التحالف التاريخي ولكن في ظروف مختلفة اصبحت فيها «اسرائيل» لاعبا رئيسيا في الشرق الاوسط، لاعباً تضخم حجمه وتحديدا في العقد الاخير وبعدما احكم اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو سيطرته على دولة الاحتلال، ففي هذا العقد كبل اليمين الاسرائيلي وهو «الابن الضال» كبل «الاب الاميركي» العجوز العاجز والضعيف امامه على الرغم من ان «دولة الاحتلال» تعد وبالحسابات سواء المالية او العسكرية او الامنية او حتى الاخلاقية عبئا كبيرا على واشنطن. وبالعودة لجولة ترامب في المنطقة نجد ان اسرائيل ليست من بين الرابحين في هذه الجولة الترامبية ولكنها وبحكم العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن لم تكن من الخاسرين مثلما هو حال الشعب الفلسطيني الذي وبمجرد دخول طائرة ترامب اجواء المنطقة اوعز نتنياهو لقادة جيشه النازي بزيادة القصف والتدمير في غزة بوتيرة غير مسبوقة وذلك لايصال رسالة لترامب مفادها انا لست (طوع يمينك) والدم الفلسطيني ليس محرما لدي ولن تستطيع ان تحرمه عليّ، والمقال كتب وترامب ومبعوثه للشرق الاوسط ستيف ويتكوف كانا قد غادرا المنطقة دون ادنى جهد باتجاه وقف?المجازر بحق الغزيين ولا حتى لساعة واحدة باستثناء تلك الساعة التى تمت خلالها عملية الافراج عن الرهينة الاميركي عيدان الكسندر. الاشقاء في الخليج كانوا هم هدف ترامب من هذه الجولة وبالتأكيد هم اكبر الرابحين وعقدوا صفقات ترليونية مع واشنطن في قطاعات استثمارية مهمة كالطاقة والذكاء الصناعي والتسليح العسكري وغيرها من القطاعات وهي لا تشكل خسارة لهم باي حال من الاحوال لانها ستعود عليهم بعوائد مالية مربحة بالاضافة الى نفوذ سياسي في العاصمة واشنطن ويمكن ان تم من اليوم التفكير الجدي لهذه الدول بتنظيم هذا النفوذ المالي ببنائه على اسس سياسية «لخدمة العرب ومصالحهم في ظل عالم يتصارع بصورة وحشية، يمكن له ان يكون اكثر قوة وباضعاف من اللوبي الصهيون? الذي مازال يهيمن على الجالس في المكتب البيضاوي. بكل تأكيد ان اكبر الرابحين هي تركيا وبالمعية معها هو احمد الشرع والنظام الجديد الذي يتأسس في سوريا، وهنا من المهم ان ننتبه الى التحول الكبير في شكل الشرق الاوسط الذي اخذ يشكله طرفان اقليميان رئيسيان وهما السعودية وتركيا في ظل وجود الرئيس ترامب الداعم لهما (ليس الشرق الاوسط الذي تحدث عنه نتنياهو بتبجح ولم ير النور)، ومن المهم التوقف هنا عند التحول الكبير في العلاقة بين الرياض وانقرة بعد سبع سنوات، ومن المهم ان ننتبه الى المفارقة الكبري في موضوع احمد الشرع شخصياً وتنظيمه السياسي وكيف كان احمد الشرع وبتسميته ?ابو محمد الجولاني» وزعيم جبهة النصرة ثم رئيس هيئة تحرير الشام والذي كان مطلوبا لواشنطن وبمكافأة مالية قدرها 10 ملايين دولار من قبل واشنطن الى شخص مهم يجلس مع دونالد ترامب لمدة عشرين دقيقة على هامش القمة الخليجية – الاميركية ويصفه ترامب بانه شخص لطيف ورجل قوي ووعده برفع العقوبات عن سوريا. بالنسبة لنا في الاردن لم نربح من هذه الجولة هذا صحيح ولكننا لم نخسر، غير ان الاهم لنا الآن هو «تحسس» واقعنا الجيوسياسي بعد هذه الجولة الترامبية والتى تستدعي منا استنهاض مصالحنا الوطنية العليا وعزيز وحدتنا الوطنية باتجاه ان تكون وحدتنا الوطنية هي القلعة المنيعة في وجه التهجير والوطن البديل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store