
اسماعيل الشريف يكتب : جوليا
كان الطفل يبكي بلا دموع، فقد جفّت عيناه من الخوف والجوع، وكان صوته أقرب إلى أنين مخلوق لا يعرف لماذا وُلد ولا لماذا يُعاقَب- من رواية اشواق العودة، نجيب كيلاني.
جوليا، طفلة غزية في الثالثة من عمرها. أقرانها في أنحاء العالم يتعلمون العد، وقراءة الحروف، واستخدام الألوان، وربط أحذيتهم، وحفظ سور المعوذتين، ومطاردة الفراشات تحت ضوء القمر. أما جوليا، فلا تتعلم سوى شيء واحد: كيف تبقى على قيد الحياة. كيف تتغلب على جوعها، وتحمي رأسها من القنابل.
هي أصغر بكثير من أن تفهم معنى الإبادة، أو سبب تدمير منزلها، أو غياب والديها، أو لماذا استيقظت في خيمة بالية تحيط بها وجوه غريبة. أصغر من أن تدرك لماذا تجوع فلا تجد طعامًا، ولماذا لا تُغسل رأسها، أو تُسرّح شعرها، أو تزيّنه بمشبكين على شكل فراشتين.
قبل عامين، كانت حياة جوليا عادية. لم تكن تعرف أن غزة محاصرة، ولا أن صوت الزنانات يسبب الصداع. كان والداها يبتسمان لها، وتقضي معظم وقتها في حضن أمها. تتعثر حين تمشي بأسنانها اللبنية الحادتين، تأكل وتشرب وتنام على صوت أمها.
ثم جاءت طائرة حربية، وألقت صاروخًا أميركيًا بثمن مليون دولار. فقتل والديها، وجيرانها، وكل من كان يقطن في العمارة نفسها. وحدها جوليا نجت. عُثر عليها تحت الركام، تمسك بيديها قطعة حلوى وعلبة عصير برتقال. جسدها الصغير كان مغطى بالكدمات، لكنها كانت صامتة صمت القبور، تحدّق بعينين جامدتين في الفراغ.
لا تفهم جوليا سبب غياب والديها، وتردد فقط: «ضربت ماما قنبلة.» لا تدرك ما تعنيه كلمة «قنبلة»، ولا كيف يمكن أن تذيب جسد أمها أو تمزقه إلى أشلاء، بعضها دُفن، وبعضها لم يُعثر عليه، وربما اختلط بأجسادٍ أخرى حتى عجزوا عن التعرّف إلى أصحابها.
احتضنها الصحفي إسماعيل جودة، وبحث لها عن مأوى. سألته بصوت مكسور: «وين ماما؟ وين بابا؟ بدي ماما... بدي بابا.» لكنه صمت، لم يجبها، ولم يشرح لها شيئًا، فالكلمات تعجز من هول المصاب.
من المفترض أن تلعب جوليا بعروستها، لا أن تتجول بين الخيام الممزقة. من الطبيعي أن تنام على صوت غناء أمها، لا على دويّ القنابل. ينبغي لها أن تأكل وتشرب وتضحك، لا أن تمضي أيامها جائعة عطشى، محاطة بغرباء لا تعرفهم.
لكن قصة جوليا ليست استثناء. فبحسب إحصائيات اليونسكو حتى شهر نيسان، فقد 1918 طفلًا والديهم معًا، و36569 طفلًا فقدوا أحد الوالدين. أكثر من 30% من ضحايا العدوان على غزة هم من الأطفال. كل يوم، يفقد عشرة أطفال أحد أطرافهم، ومئة طفل ماتوا جوعًا، فيما تجاوز عدد الأطفال الذين بُترت أطرافهم الأربعة آلاف.
لا يكفي أن نذرف الدموع على أطفال غزة، ولا أن نكتفي بالتعاطف والدعاء، أو باحتساب الصهاينة ومن والَاهم عند الله. بل يجب أن تتحول مشاعرنا إلى أفعال. وأول هذه الخطوات هو التبرع للجهات الرسمية التي تغيث أهلنا في غزة، وعلى رأسها الهيئة الخيرية الهاشمية. كما يمكن كفالة أيتام غزة ماليًا، ودعم صمودهم على أرضهم من خلال توفير الإيواء والتعليم والقرطاسية، عبر جهات موثوقة، أبرزها لجنة زكاة المناصرة الأردنية الإسلامية. ومن الضروري كذلك دعم المؤسسات التي تقدم الرعاية النفسية للأطفال، فكل صاحب اختصاص يمكنه أن يمدّ يد العون لأطفال غزة من موقعه. اكتب، وشارك، وافضح الكيان، وانشر المواد التي تكشف جرائمه... فالكلمة سلاح، والشهادة موقف، والسكوت خيانة. ــ الدستور
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جفرا نيوز
منذ 2 ساعات
- جفرا نيوز
متقاعدة وطبيبة وطالبة يروين تجربة توقيفهن لدعم "فلسطين أكشن"
جفرا نيوز - لم تكن مارجي مانسفيلد تتصوّر أنها ستتّهم يوما بدعم "الإرهاب"، غير أن هذه المتقاعدة والجدّة لسبعة أحفاد، أوقفت في مطلع تموز لتظاهرها احتجاجا على حظر بريطانيا منظمة "فلسطين أكشن" المؤيدة للفلسطينيين. واستند قرار الحظر الذي يسري منذ تموز/يوليو، إلى قانون مكافحة الإرهاب في بريطانيا، بعدما اقتحم نشطاء في الحركة قاعدة جوّية في جنوب إنجلترا ورشّوا طلاء أحمر على طائرتين فيها، متسبّبين بأضرار بقيمة 7 ملايين جنيه استرليني (9,55 ملايين دولار). ومذاك، تنظّم مجموعة "ديفيند أور جوريز" تظاهرات تنديدا بالحظر الذي اعتبرته الأمم المتحدة "غير متناسب". وتقرّ مانسفيلد بأن "اتهامي بأنني إرهابية محتملة (شكّل) صدمة كبيرة". في الخامس من تموز، أوقفت الشرطة هذه المرأة البالغة 68 عاما خلال تظاهرة في لندن. وفي المجموع، أوقف أكثر من مئتي شخص لمشاركتهم في تجمّعات مماثلة، بحسب تيم كروسلاند من "ديفيند أور جوريز"، والذي أوضح أن الاتهام لم يوجّه رسميا إلى أيّ منهم. ويعدّ الانتماء إلى مجموعة محظورة بموجب قانون مكافحة الإرهاب في بريطانيا أو تأييدها، فعلا إجراميا يعاقب عليه بالسجن لمدّة قد تصل إلى 14 عاما. ومن المرتقب تنظيم احتجاج السبت في لندن يتوقّع القيّمون عليه أن يستقطب 500 شخص. وحذّرت الشرطة من حملة توقيفات قد تطال المتظاهرين. - "مذعورة" - وتؤكّد الحكومة البريطانية أن المتضامنين مع "فلسطين أكشن"، "لا يدركون الطبيعة الفعلية" للمجموعة. وقالت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر الثلاثاء إن المجموعة "ليست منظمة غير عنيفة"، مشيرة إلى حيازتها "معلومات مثيرة للقلق" حول مشاريعها. وقرار الحظر هو موضع طعن أمام القضاء قدّمته هدى عموري إحدى مؤسِسات "فلسطين أكشن" التي أنشئت عام 2020 كـ"شبكة أفعال مباشرة" الهدف منها التنديد بـ"التواطؤ البريطاني" مع إسرائيل، لا سيما في ما يخصّ بيع الأسلحة لإسرائيل ويتوقع عقد جلسة في هذا الخصوص في تشرين الثاني/نوفمبر. وتعرب مانسفيلد منذ سنوات عن تضامنها مع القضية الفلسطينية، وخصوصا منذ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول 2023، والتي نتجت عنها "مدارس مدمرّة" و"أطفال باتوا بلا مأوى"، على قول الجدّة. وقد دفع حظر "فلسطين أكشن" هذه المستشارة المصرفية السابقة إلى التحرّك. وهي تقرّ بأنها كانت "مذعورة" عشيّة التظاهرة. وظهرت مانسفيلد في مشاهد تداولتها وسائل الإعلام وهي تُرفع من عدّة شرطيين بعدما رفضت النهوض، وإلى جانبها سيّدة في الثالثة والثمانين من العمر. ثمّ وضعت في الحبس الاحتياطي "لحوالى 12 أو 13 ساعة" قبل إخضاعها لمراقبة قضائية شديدة يحظر عليها بموجبها المشاركة في تظاهرات أخرى والتوجّه إلى وسط لندن. وتقول مانسفيلد متأسفة "لم يعد في وسعي اصطحاب أحفادي إلى متحف التاريخ الطبيعي". وتؤكّد "نحن مجرّد أناس عاديون من بيئات مختلفة... ولسنا إرهابيين". - "مسؤولية" - وبالرغم مما آلت إليه الأمور، ليست مانسفيلد نادمة على مشاركتها في الاحتجاجات، شأنها في ذلك شأن أليس كلاك (49 عاما) طبيبة التوليد التي أوقفت في لندن في التاسع عشر من تموز/يوليو. وتقول كلاك "لا يريد أحد التعرّض للتوقيف. لكنني أشعر بكلّ بساطة بمسؤولية" التظاهر "لمن تسنّى له القيام بذلك"، مندّدة بحظر "ينتهك حرّياتنا العامة". وتكشف الطبيبة التي سبق لها أن تعاونت مع منظمة "أطباء بلا حدود"، لوكالة فرانس برس، عن "الاشمئزاز" و"الروع" اللذين ينتاباها عندما ترى مشاهد الأطفال المصابين بالهزال. وتؤكّد أنها "تحضّرت" لتوقيفها، لكنها تقرّ بأن احتجازها لاثنتي عشرة ساعة كان شاقا. وتكشف "كنت على وشك البكاء أحيانا لكنني تمالكت نفسي بمجرّد التركيز على سبب إقدامي على هذه الخطوة". وفي حال توجيه الاتهام للطبيبة النسائية، قد تخسر رخصة مزاولة المهنة. زهرة علي طالبة تدرس التاريخ في سنتها الأولى أوقفت هي أيضا في 19 تموز قبل الإفراج عنها بوضعها تحت المراقبة القضائية. وتقول الشابة البالغة 18 عاما في تصريحات لوكالة فرانس برس "بلغنا حدّا باتت فيه المجاعة في غزة مثيرة للاشمئزاز. وحكومتنا لا تحرّك ساكنا". وتشدد الطالبة على أن دخول السجن في سنّها "مسألة جلل بالنسبة إلي... (لكن) إذا ما كان في وسع أشخاص في الثمانين من العمر تحمّل الأمر، فأنا أيضا يمكنني تحمّله". ولا تعتبر زهرة علي نفسها ناشطة، لكن "مجرّد شخص عادي... يعتبر أن ما تقوم به حكومتنا مجحف".


جو 24
منذ 6 ساعات
- جو 24
ممرضة مزيفة تعالج 4000 مريض وتفجر فضيحة داخل مستشفى أمريكي
جو 24 : ألقت قوات الشرطة في ولاية فلوريدا الأمريكية القبض على امرأة انتحلت صفة ممرضة طوال عامين داخل أحد المستشفيات، بعدما تعاملت مع أكثر من 4,000 مريض دون أن تمتلك أي ترخيص رسمي لمزاولة المهنة. وبحسب صحيفة "نيويورك بوست"، فإن الشابة "أوتمن بارديسا"، البالغة من العمر 29 عاماً، كانت تعمل داخل مستشفى "أدفنت هيلث بالم كوست باركواي" منذ يوليو (تموز) 2023، وقدّمت نفسها على أنها ممرضة مؤهلة، قبل أن تُكتشف حقيقتها في مطلع العام الجاري، وتُحال للتحقيق، ثم تُعتقل يوم الثلاثاء الماضي رسمياً. وفي التفاصيل، قدّمت بارديسا أثناء التوظيف أوراقاً مزورة، استخدمت خلالها رقم ترخيص خاص بزميلة دراسة سابقة لا تربطها بها أي علاقة فعلية، واستغلت هذا الرقم لتقديم نفسها كممرضة فنية متقدمة، ما مكنها من الحصول على الوظيفة داخل المنشأة الطبية. وعند تقديمها طلب ترقية في يناير (كانون الثاني) 2025، لاحظ أحد الموظفين أن الترخيص الذي تحمله يعود لاسم مختلف في الكنية، مما أثار الشكوك. ورداً على ذلك، ادعت بارديسا أنها تزوجت مؤخراً وغيرت اسمها العائلي، لكنها لم تتمكن من تقديم أي وثيقة زواج رسمية تثبت روايتها، رغم مطالبات الإدارة المتكررة. وظهرت المفاجأة الكبرى بعد التدقيق في ملفها، حيث تبيّن أنها كانت تملك فقط ترخيصاً مساعداً منتهي الصلاحية لمزاولة التمريض المساعد، دون أي مؤهلات رسمية تخوّلها تقديم الرعاية الصحية بشكل مستقل. وأشارت التقارير إلى أن عملية الاحتيال هذه استمرت لأكثر من 18 شهراً، تعاملت خلالها بارديسا مع ما لا يقل عن 4,486 مريضاً، دون أن تنتبه الإدارة الطبية إلى وضعها غير القانوني، حتى لحظة ترشيحها لمنصب أعلى في المستشفى. وتواجه بارديسا الآن 7 تهم بمزاولة مهنة طبية دون ترخيص، إضافة إلى سبع تهم باستخدام معلومات شخصية مزورة، فيما تقرر حجزها على ذمة التحقيق، مع تحديد كفالة مالية بلغت 70,000 دولار أمريكي. وأعرب شريف المقاطعة، ريك ستالي، عن صدمته الشديدة من الواقعة، واصفاً إياها بأنها "واحدة من أخطر حالات الاحتيال الطبي التي شهدتها الولاية على الإطلاق"، مؤكداً أن "الحياة الصحية لآلاف المرضى كانت على المحك بسبب هذا التلاعب الممنهج". من جانبها، لم تصدر إدارة المستشفى بياناً تفصيلياً حتى الآن، إلا أن الواقعة قد تفتح الباب أمام ملاحقات قانونية محتملة من قبل بعض المرضى الذين تلقوا الرعاية على يد بارديسا دون علمهم بوضعها القانوني. تابعو الأردن 24 على

عمون
منذ 11 ساعات
- عمون
ديوان أبناء الكرك في عمّان يهنئ أبناءه الطلبة
عمون - مع إعلان نتائج شهادة الثانوية العامة "التوجيهي"، يتقدم ديوان أبناء الكرك في عمّان بأصدق عبارات التهنئة والتبريك لأبنائنا وبناتنا الطلبة، الذين حصدوا اليوم ثمرة تعبهم وسهرهم، ولأسرهم التي كانت الركيزة الداعمة في هذه الرحلة التعليمية الهامة. وإيماناً منا بأن الفرح الحقيقي لا يكتمل إلا عندما يكون مصوناً بالسلامة والمسؤولية، فإننا نناشد أهلنا الكرام بضرورة الالتزام بتعليمات مديرية الأمن العام، والامتناع عن إطلاق العيارات النارية أو تنظيم المواكب التي تعيق الحركة وتعرض حياة الناس للخطر. هذه اللحظات يجب أن تكون عنواناً للفرح والفخر والاعتزاز، لا سبباً للفوضى أو مخالفة القانون، ولنحفظ بفرحتنا الأرواح والممتلكات، ونثبت أننا أهل للوعي والانتماء. كما نوجه تحية خاصة لأبنائنا الذين لم يحققوا النجاح هذه الدورة، ونقول لهم: الطريق لا ينتهي هنا، وهذه محطة وليست نهاية، وأنتم قادرون على النهوض بقوة أكبر. *ليكن يوم النتائج يوماً للفرح الآمن، والفخر الكبير، والاحتفال الواعي... مبروك لنجاحكم، وبارك الله فيكم جميعاً، ليبقى أردننا الغالي آمنا ً مستقراً في ظل صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم وولي عهده الأمين الأمير الحسين بن عبد الله.