
دعوة من المطران عودة... ماذا قال؟
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة ، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.
بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "نسمع في إنجيل اليوم صلاة الرب يسوع التي بها خاطب الله الآب قائلا: «إحفظهم باسمك الذين أعطيتهم لي ليكونوا واحدا كما نحن» (يو 17: 11). قال هذه الكلمات لأنه عارف بما ستواجهه الكنيسة من هجمات واضطهادات بعد موته وقيامته وصعوده إلى السماوات. لذلك، نجده يؤكد على هذه الصعوبات المقبلة بقوله: «إحترزوا من الأنبياء الكذبة، الذين يأتونكم بثياب الحملان، ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة» (متى 7: 15). هذه الذئاب تتغلغل في المجتمع، تبث أفكارا كاذبة مضللة، مدفوعة بالجهل أو الحسد، أو مفتشة عن مجد أو ربح، وتشوش نفوس البسطاء وتضللهم. سمعنا في رسالة اليوم: «سيدخل بينكم بعد ذهابي ذئاب خاطفة لا تشفق على الرعية، ومنكم سيقوم رجال يتكلمون بأمور ملتوية». هذه الأمور حصلت في القرون الأولى وما زالت تحصل في أيامنا لأن طبيعة البشر شريرة إن لم تطهرها دموع التوبة وإن لم يتخل الإنسان عن كبريائه وعن حقده على أخيه الإنسان، وبقي في العمى الروحي كما كان قايين الذي قتل أخاه حسدا وحقدا".
أضاف: "اليوم، تقيم كنيستنا المقدسة تذكار الآباء القديسين المجتمعين في المجمع المسكوني الأول، منذ 1700 سنة، الذين انتصروا على أحد تلك الذئاب الخاطفة، المدعو آريوس، الكاهن الإسكندراني الذي هاجم وحدة الكنيسة وإيمانها القويم. لقد علم آريوس أن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح خليقة خلقها الله من العدم، عندما خلق جميع الكائنات. بكلام آخر، أنكر آريوس أن ألوهة المسيح هي نفسها ألوهة أبيه، ونأسف أننا نجد في يومنا هذا من لا يزالون يؤمنون بمثل هذه التعاليم الخاطئة والمضلة عن الرب يسوع أمثال شهود يهوى وغيرهم من البدع. لذا كان لا بد للكنيسة من أن تدحض الكذب والضلال المؤديين إلى الموت الروحي، فاجتمع الآباء القديسون في سبعة مجامع مسكونية ليسطروا التعليم القويم بشكل عقائد ثابتة. ففي المجمع الأول الذي نعيد لآبائه اليوم، الذي انعقد سنة 325 في مدينة نيقية في آسيا الصغرى، وضع الجزء الأول من دستور الإيمان الذي ما زلنا نتلوه حتى يومنا هذا في صلواتنا، معلنين إيماننا بالإله المثلث الأقانيم، المتساوي في الجوهر. يبدأ دستور الإيمان بالتأكيد على أقنوم الله الآب. لقد علمنا الإبن أن نصلي «أبانا الذي في السماوات...» (مت 6: 9). هذه التسمية، أو الخاصية الإلهية لم تكن معروفة في عالم العهد القديم، حين كان الله يدعى إلها وخالقا وسيدا وملكا وقاضيا، إلا أننا نلنا هذه العلاقة البنوية مع الله من خلال ابنه. هذا ما نستشفه من إنجيل اليوم، حيث نجد تأكيدا على تلك العلاقة في كلمات الرب يسوع: «هم كانوا لك وأنت أعطيتهم لي» (يو 17: 6). تؤكد هذه الكلمات أن المسيح اتخذ البشر، الذين كانوا مخلوقين وعبيدا لله، ولم يعرفوا الله إلا كخالق وقاض، فجعلهم خاصته، وبذلك أصبح كل البشر أبناء لله بالتبني، كما نقرأ في رسالة الرسول بولس إلى أهل غلاطية: «أرسل الله ابنه... ليفتدي الذين تحت الناموس، لننال التبني» (4: 5). أما الجزء الثاني من القسم الأول من دستور الإيمان الذي وضعه آباء المجمع الأول، فقد أكد على أقنوم ابن الله، مظهرا أنه يحوي طبيعتين، واحدة بشرية وثانية إلهية، ويشدد على أن طبيعة المسيح الإلهية هي طبيعة الآب، كما نردد في دستور الإيمان: «إله حق من إله حق». يشير الرب يسوع إلى طبيعته الإلهية في صلاته التي سمعناها في إنجيل اليوم حيث يقول: «والآن مجدني أنت يا أبت عندك بالمجد الذي كان لي عندك من قبل كون العالم» (يو 17: 5). نفهم بوضوح أن الرب يسوع ليس إنسانا عاديا، أو خليقة من مخلوقات الله. هو يقول لنا بنفسه إنه كان مع الآب قبل أن يخلق العالم، كما نقرأ في إنجيل يوحنا: «في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله» وقد تجسد وحل بيننا «ورأينا مجده، مجدا كما لوحيد من الآب» (1: 14). إذا تأملنا هذه الكلمات نفهم أخطاء الهرطوقي آريوس الفادحة".
وتابع: "يقول القديس نيكولاي فيليميروفيتش إن صلاة «إحفظهم باسمك» لم تكن فقط «من أجل الرسل... بل أيضا من أجل آباء المجمع المسكوني الأول الذين حفظهم الآب من أخطاء آريوس وأوحى إليهم، وأنارهم وقواهم من أجل الدفاع عن الإيمان القويم وتثبيته... هذه الصلاة هي من أجلنا جميعا، نحن المعمدين في الكنيسة الرسولية، الذين عرفنا إسم الرب يسوع المخلص». هذا ما نقرأه في نهاية الصلاة التي سمعناها في إنجيل اليوم: «ولست أسأل من أجل هؤلاء فقط بل من أجل الذين يؤمنون بي بكلامهم» (يو 17: 20) ما يعني أن صلاة يسوع الكهنوتية تشملنا أيضا".
وختم: "دعوتنا اليوم أن نحفظ أنفسنا في المسيح من كل تعليم ضال ومضل، ونستنير بنعمة الروح القدس ، ونتقوى بكلمة الرب في إنجيله، ونحفظ العقائد الإلهية، ونثبت في الإيمان المستقيم أمام عواصف التعاليم المضلة التي تبقى كاذبة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النشرة
منذ ساعة واحدة
- النشرة
عراقجي: إذا كان هدف المفاوضات النووية حرماننا من نشاطنا السلمي فالاتفاق لن يكون ممكنا
أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري بدر عبد العاطي في القاهرة، أن لدى إيران ومصر "إرادة لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي"، مشددًا على أهمية تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات. وفي الشأن الإقليمي، أعرب عراقجي عن أمله "بتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية وتبادل الأسرى"، مؤكدًا دعم بلاده لأي جهد يساهم في إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني. وعن الموقف من العمليات التي ينفذها "أنصار الله" في البحر الأحمر، قال عراقجي إن "هذه العمليات موجهة ضد السفن الإسرائيلية أو تلك التي تتجه نحو الكيان الصهيوني"، معتبرًا أنها "جزء من الرد على العدوان المستمر على غزة". وفي الملف النووي، جدد وزير الخارجية الإيراني رفض بلاده "امتلاك الأسلحة النووية"، مؤكدًا أن "إيران لا تسعى إلى امتلاكها، لكنها لا يمكن أن تتخلى عن حقها في تخصيب اليورانيوم". كما دعا إلى جعل منطقة الشرق الأوسط "خالية من الأسلحة النووية"، مشددًا على أن "الأمن والاستقرار الإقليميين يتطلبان تعاونًا جماعيًا وشفافية في السياسات الدفاعية". وتابع :"إذا كان هدف المفاوضات النووية حرماننا من نشاطنا السلمي فالاتفاق لن يكون ممكنا، ونحن واثقون من سلمية برنامجنا النووي وليس لدينا ما نخفيه"، مضيفا :"مستمرون في المفاوضات حتى تأمين مصالحنا والدبلوماسية هي الحل". واختتم عراقجي تصريحاته بالتأكيد على "استعداد إيران لتوسيع الحوار مع الدول العربية، وفي مقدمتها مصر، لما فيه مصلحة شعوب المنطقة واستقرارها".


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
سلام: بري أكثر من مُتفهّم... ولم أقل كلمة خارج البيان الوزاري أبوابي مفتوحة لحزب الله في أيّ وقت... وأنا أيضاً أترك مكاناً للود مع رعد
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب رعد تعليقاً على كلام سلام: سنلاقيه بأقرب وقت وندلي برأينا فيما نراه مصلحةً لشعبنا وبلدنا أشار رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، تعليقاً على تصريح رئيس الحكومة نواف سلام من عين التينة، الى أنه "شكرا لودّ رئيس الحكومة وسنلاقيه في أقرب وقت، وندلي برأينا فيما نراه مصلحةً لشعبنا وبلدنا". استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، رئيس الحكومة نواف سلام، وتم البحث في تطورات الاوضاع العامة والمستجدات السياسية والميدانية وملف إعادة الاعمار. استمر اللقاء لساعة، تحدث بعده سلام: "الموضوع لا "تبريد ولا تسخين"، الموضوع هو ما التزمناه في البيان الوزاري حرفيا. أنا لم أخرج بكلمة عنه ولا أقل لا كلمة زيادة ولا كلمة ناقصة منه. وهذا ما اعلنته قبل أسبوع وإثنين وثلاثة وأربعة خمسة وأردده، وبري أكثر من متفهم لهذا الشيء وهو يعرف أنني لم أقل كلمة خارج ما نحن متفقون عليه في البيان الوزاري، وهذا ما صوت عليه النواب وكلنا ملتزمون به". أضاف: "من جهة ثانية، بحثنا مع الرئيس بري موضوع إعادة الإعمار في الجنوب، وهو ذكرني بأنني قلت بانني ملتزم بالإعمار، وأكدت له مرة ثانية أنني ملتزم، وأصلا من أول يوم الذي نالت فيه الحكومة الثقة، كنت في اليوم التالي في الجنوب لماذا ذهبت الى الجنوب هل للسياحة؟ أبدا بالعكس إنما لتأكيد التزامنا من جهة بالانسحاب "الإسرائيلي" الكامل، وثانيا التزامنا بالإعمار. ونواصل الجهد إن كان مع البنك الدولي أو مع الدول المانحة، من أجل حشد الدعم المطلوب لإعادة الإعمار. ونحن مستمرون في هذا الشيء، وإن شاء الله قريبا ترون من الأموال القليلة التي استطعنا حشدها لليوم، كيف سوف نحرك عملية إعادة الإعمار في الجنوب". اضاف : "في الموضوع الاصلاحي لم ار لدى الرئيس بري أية هواجس، البعض نقل لبري كلاما مجتزءا حول كلام قلته عن السلام أو كلام من هذا النوع، انا كل ما قلته انا أكيد مع السلام المبني على المبادرة العربية، مبادرة السلام العربية، التي تقول بحل الدولتين وتوضح حل الدولتين وعاصمتها القدس الشريف، وأيضا عودة اللاجئين الى ديارهم وفقا للقرار الدولي رقم 194، هذا ما نحن ملتزمون به". وحول حجم الاموال المطلوبة لإعادة الاعمار، وهل العملية مرتبطة بنزع السلاح، قال سلام: "أولا نحن بحاجة لأكثر من 7 مليار، التقديرات الأولية للبنك الدولي تقدر الأضرار بـ 14 مليارا، هل نحن قادرون على جمع 14 مليارا بشهر أو بسنة أكيد لا، ولكن نحن كان طموحنا خلال الاجتماع الذي حصل في واشنطن من شهر تقريبا، أن نحصل على 250 مليون دولار من البنك الدولي وهذا حصلنا عليه، وعلى 75 مليونا من الفرنسيين ونحن نسعى الى اللقاء لكي نقدر على جمع مليار دولار قريبا". أضاف "وخلال زيارة الرئيس ماكرون للبنان وهو كان صاحب فكرة مؤتمر لإعادة الاعمار لم يكن هناك ربط بعملية سحب السلاح، وأيضا عندما أقر البنك الدولي مبلغ الـ 250 مليون دولار لم أر ربطا في عملية السلاح، عملية السلاح مسألة موجودة في البيان الوزاري والذي يذكر بوضوح عن حصر السلاح، واعتقد كلنا ملتزمون بها. كما نحن ملتزمون بإتفاق الطائف الذي يقول ببسط سلطة الدولة على كامل اراضيها". وحول العلاقة مع حزب الله وامكانية حصول لقاء مع كتلة "الوفاء للمقاومة" وتصريح النائب محمد رعد، قال سلام: "أنا ايضا "اترك للود مع الحاج محمد رعد، وسنقابل الود بالود". وأهلا وسهلا بالحاج محمد والحزب، في الوقت الذي يريدونه سواء في المنزل او في السرايا وفي الوقت الذي يختارونه". وكان رئيس المجلس، إستقبل نقيب اطباء لبنان الياس شلالا، ومدير عام مستشفى اوتيل ديو نسيب نصر، وعميد كلية الطب في جامعة القديس يوسف البروفسور ايلي نمر.


الشرق الجزائرية
منذ 2 ساعات
- الشرق الجزائرية
ندوة تكريمية في الذكرى 25 لغياب ريمون إده
نقيب المحررين 'عندما دعاني الدكتور سايد درغام باسم اللقاء الوطني- حركة فكرية انسانية للتحدث في الندوة التكريمية للعميد ريمون اده الذي عاد إلى لبنان من منفاه الباريسي منذ ربع قرن، ليعانق في رقاده الاخير تربته التي أحب، وناضل- من موقعه كنائب، ووزير،ورئيس حزب -من أجل سيادته وصون استقلاله ونقله من دولة المزارع المتوالدة والمتناسلة إلى رحاب الدولة الديموقراطية التي تحترم حقوق الإنسان وتؤسس لحداثوية تكون جسر عبور لمستقبل واعد يحتضن التنوع والحق في الاختلاف، ويضيء على آفاق في حجم رسالة هذا الوطن المسكوني الذي يحتوي على غنى الانسانية النوعي، كما يقول موريس الجميل السياسي والمفكر، تهيبت الموقف. وقلت في سري : هل اعتذر عن عدم قبول الدعوة، أو أقدم مستجيرا بالله لكي استطيع ان أفي الموضوع حقه؟ إن هناك اسبابا عدة كانت تدفع بي إلى الاعتذار منها اني كنت زمن معرفتي بالعميد كتائبيا ملتزما، ناشطا، في المدرسة والجامعة والمجتمع، ومن بيئة على خصومة مع الكتلة الوطنية، وكانت تتحكم بي مشاعر متناقضة حيال هذا الرجل الذي عاش حياة سياسية صاخبة، يثير من حوله الضجيج اذا صرح، وتلهج الصالونات- وهو كان أحد أبرز نجومها- بالنكات التي كان يطلقها وتصيب سهامها الاقربين والابعدين، حتى أن السياسيين – ومنهم أصدقاء له ورفاق- كانوا يخافون لسعات لسانه ويتحاشونها . وفي الذكرى الخامسة والعشرين على رحيله لا يسعني إلا أن اشهد انه كان عنوان النزاهة والجرأة والعدالة، رافضا الظلم،ولا يخشى قولة الحق ولو في حضرة اعتى السلاطين جورا، وحريصا على الدستور وتطبيق القانون، ولا تعرف الطائفية والمذهبية إلى عقله وقلبه سبيلا'. أضاف: 'العميد إده كان يريد لبنان على مقاس تاريخه الحضاري، سيدا، مستقلا،لا تعلو قممه الا راية الارز ،وقلعة منيعة ممتنعة للديموقراطية في هذا الشرق البائس الذي افرغ هذه الكلمة من مضامينها. كان لريمون أده مناصرون كثرا في عائلة القصيفي التي أفخر بالانتماء اليها ، وكان عدد من اقارب والدتي في قريتي الكفور من أعمال فتوح كسروان من أركان الكتلة الوطنية محليا وعلى مستوى لبنان، وكان والدي الكتائبي على خصام دائم معهم منخرطا حتى العظم بسياسة حزبه. وأول إحتكاك لي بالعميد إده يرقى إلى مطالع سبعينيات القرن المنصرم عندما بدأت عملي الصحافي في ' جريدة البيرق'. كنت ازوره صباح كل يوم مع زملاء لي في المهنة، بمكتبه الكائن في ساحة النجمة على بعد أمتار قليلة من المجلس النيابي، لتسقط الاخبار والوقوف على رأيه من الاحداث'. وتابع: 'كانت الحلقة تنعقد بحضور إميل خوري، فيليب ابي عقل، وانا ،إضافة إلى المرحومين أنيس غانم وفوزي مبارك . وكنت احاول إحراجه ببعض الأسئلة لاخراجه، وكان سريع الانفعال، مستنفرا لاطلاق أجوبة نارية تتناول الشيخ بيار الجميل والكتائب. وثمة من همس للأخير بأن اسئلتي ' الملغومة' للعميد هي وراء هجومه المتكرر عليه، فاستدعاني وطلب مني أن أكف عن هذا العبث لأنه لا يرغب السجال مع أحد، خصوصا مع ' العميد يللي لسانو ما بعوف حدا، كيف اذا هالحدا هوي انا، يا جوزف ريمون إده ناقم على الله،لانو خلقني'. وقد كرر لي رئيس الكتائب هذه العبارة عندما اتصلت به ذات ليلة طالبا رده على تصريح من العيار الثقيل تناوله فيه العميد، لنشره في جريدتي ' البيرق' و' العمل'. واذكر انه قال لي: ' كنت ساغلق سماعة الهاتف وعدلت عن ذلك، وانبهك باني ارفض أن يسألني احد عن ريمون اده، ولا يهمني ما يقوله، أصبحت معتادا عليه، ومعه فالج ما تعالج لن ارتاح من تعليقاته، ولن يكف عن اطلاقها ضدي إلا عندما توافيني المنية. اعمل معروف ما بقى تطلب مني رد على اي تصريح للعميد ' قالها بعصبية ' طابشا' السماعة بقوة'. وقال: 'وقد كتب الزميل غانم سلسلة مقالات في عدد من الصحف اللبنانية الصادرة في سيدني- اوستراليا يتحدث فيها عن ' المناكفات' مع إده، خصوصا عندما ' يتكهرب' من اي سؤال اطرحه عليه يرى فيه 'بخا'، فيطلق العنان للسانه الذي يماثل سوط الحوذي عندما ينهال به على حصانه. ولست اعتقد ان الخصومة التي تشكلت بين الرجلين مردها تنافر الامزجة فحسب، لكنها تعود في جزء وازن منها إلى إختلاف كبير في الخيارات السياسية والنظرة إلى كيفية إدارة شؤون البلاد. وفي الجامعة اللبنانية كنا نلتقي محازبي ما كان يطلق عليه ' الحلف الثلاثي': الكتائب اللبنانية، الوطنيون الاحرار، الكتلة الوطنية في إطار:' حركة الوعي – القوة الجامعية اللبنانية' إلى جانب ممثلين عن تجمعات مناطقية، ونشأت صداقات متينة بيني وبين عدد من أركان طلاب الكتلة حينذاك ،وكانت تجمعنا مناسبات مختلفة من دون أن يفسد الخلاف في الود قضية. واذكر مرة أن صديقة العمر كلود بويز،الامينة العامة السابقة للحزب التي أحيت نبضه طوال فترة ولايتها في منصبها، دعتني ورفيقة لي في كلية التربية تنتمي إلى حزب الكتائب إلى عشاء ساهر أقامته الكتلة في فندق ' فينيسيا'، وكان ' العميد' وأركان حزبه في استقبال المدعوين ففاجأه وجودي وقال بصوت عال:' فالانكو في ديارنا' وتوجه إلى رفيقتي وكانت على درجة عالية من الجمال وذات ابتسامة ساحرة' كيف بتضهري يا مسكينة مع هالكتائبي ' فكان ردها سريعا' يا عميد انا كتائبية ونسيبة الدكتور جورج سعاده' فرد ضاحكا:'ضيعانك ما بهنيكي…شو صايبك حتى وقعتي هالوقعه' وسألها:'بيطلعلي بوسي انا بحب الحلوين' وكان له ما أراد'. وقال: 'هناك الكثير من القفشات والنكات التي لا يسمح الوقت بايرادها. وهي تدل الى روح الدعابة المتمكنة منه، وسرعة الخاطر المتأصلة فيه، والجرأة التي تتجاوز حدود التخاطب السلس إلى ما يجرح ويستولد الحقد أحيانا ويقول نائب رئيس حزب الوطنيين النائب والوزير الراحل كاظم الخليل-رحمه الله- في مذكراته غير المنشورة والتي ستدفع إلى الطبع قريبا ان العميد ريمون إده كان يتعمد 'استفزاز الشيخ بيار' و' زكزكته ' في الاجتماعات التي كان يعقدها ' الحلف الثلاثي' في منزله على طريق المطار فترتذاك،إذ كان ' العميد' يتناول من جيبه جريدة ويتظاهر بقراءتها في كل مرة يعطى الحديث للشيخ بيار أثناء الاجتماع، وكان الخليل يتدخل منتهرا العميد طالبا اليه طي الجريدة، والاستماع إلى رئيس الكتائب،وكم مرة استدعاه إلى غرفة جانبية ليدخل معه في' خناقة' على هذا التصرف. وآخر مرة التقيت فيها العميد إده كانت في مطلع التسعينيات في باريس بمطعم ' فوشون' في ' المادلين' بدعوة من النقيب ملحم كرم- طيب الله ثراه- بحضور المحاميين فايز ساره،ورودريك حويس، وكان اللقاء مفعما بالود والحنين إلى الايام المنصرمة، وتطلع إلى النقيب كرم قائلا :' صاحبك كل قرايبو كتلويي، سواء من جهة امو وجهة بيو..'. وتابع: 'يا قصيفي ولا كلمة سياسة الليلة، خلينا ننكت ونحكي نهفات عن صاحبنا وصاحبك المير مجيد يللي بحبو كتير ' وكان يقصد المغفور له الأمير مجيد أرسلان. وهكذا كان. هذه الباقة من الطرف ابحت لنفسي سردها مع بعض التصرف إجلالا لحرمة الموت وحرصا على مشاعر ذوي من كانوا هدفا لنكاته ومقالبه، بعدما أصبح هؤلاء طي اللحد'. ولا بد ومن باب التذكير، والإضاءة أن أشير إلى ثلاث: اولا: كانت تربط آل إده بآل الجميل علاقات صداقة وطيدة زمن المغفور لهم الرئيس إميل إده، الصيدلي يوسف الجميل، والدكتور امين الجميل، الذين فروا من لبنان إلى أرض الكنانة بعدما بلغت الاخير معلومات موثوقة أن العثمانيين سيلقون القبض على هؤلاء الثلاثة ويسوقونهم إلى الديوان العرفي في عاليه، وربما سيعلقون على حبل المشنقة. معا غادروا لبنان ومعا عادوا. وكان اده الاب مع الصيدلي يوسف من أركان حزب الكتلة الوطنية ، ورشح الأول الثاني لرئاسة الجمهورية، فاعتذر. بيد ان هذه المودة لم تنتقل إلى الأبناء ، كما لم تسر بينهم ' الكيمياء' وفرقتهم السياسة، وباعدت كثيرا، لكن ذلك لم يمنع قيام تحالفات سياسية وانتخابية ظرفية بين حزبي الكتائب اللبنانية والكتلة الوطنية، والتعاون الوزاري في غير حكومة، ولاسيما الحكومة الانقاذية الأولى بعد أحداث العام 1958، والائتلاف الطالبي على مستوى جامعات لبنان. ثانيا: كان الود مفقودا بين الرئيس كميل شمعون والاخوين ريمون وبيار اده، ورفض الأول دعم ترشيح أحدهما لخلافته في رئاسة الجمهورية قبيل انتهاء ولايته في العام 1958،مؤثرا عليهما قائد الجيش فؤاد شهاب،وذلك لأسباب لا مجال لذكرها في هذا الملتقى. ومع ذلك تحاشى الاثنان تبادل' اللكمات' الكلامية إلا نادرا وباسلوب لا يخلو من التورية والغمز ، على عكس ما كانت حال العميد مع الشيخ بيار. ثالثا: هناك تشابه كبير بين اللواء فؤاد شهاب الذي خلف شمعون في رئاسة الجمهورية وبين العميد ريمون إده لناحية الايمان بضرورة بناء دولة عصرية، وإدارة رشيقة، ومؤسسات فاعلة، وقضاء نزيه، وعدالة إجتماعية. لكن هذا التشابه لم يترجم تعاونا بينهما، وسرعان ما استحال عداء مكشوفا، بعدما ترسخت لدى العميد قناعة بأن العهد الشهابي جنح إلى عسكرة 'مقنعة' تأباها طبيعته الرافضة لكل ما يتنافى مع مرتكزات الدولة المدنية، ودعامتها الأولى الحرية والديموقراطية'. وختم: 'قد يكون لغيري تقويم آخر لريمون إده، وتقدير مختلف لسلوكه السياسي، ومواقفه الحادة والقاطعة كشفار السيف، ولاسلوبه اللاذع في انتقاد اخصامه ومن لا تروق له سياساتهم، إلا أنه كان عنيدا…عنيدا بالحق ومن أجله…لم تتلوث يداه بمال حرام، عاش موفور الكرامة، مرفوع الجبين، ناصع الكف، وهكذا مات على رجاء قيامة وطن احبه ولم يقترع على ثيابه، أو يبيعه بثلاثين من الفضة'.