logo
الشباب منبع الطاقة المتنامية في الأمة

الشباب منبع الطاقة المتنامية في الأمة

شبكة النبأ١٢-٠٥-٢٠٢٥

لماذا ينظر الإسلام إلى الشباب على أنهم ذخيرة الأمة ومنع طاقاتها؟، هذه الحقيقة لا يمكن التغافل عنها نظرا لوجودها الحقيقي في الواقع الإسلامي، فالشباب المسلم عادة هم في نقاء دائم ومستمر، ولديهم تمسك كبير في التعامل الفطري مع جميع القضايا، ويتحلون بالصدق والالتزام والاستقامة، وهذه كلها مفاتيح مهمة لنشر القيم الصحيحة...
(ينظر الإسلام إلى الشباب على أنهم ذخائر الأمة، وبناة الحضارة) الإمام الشيرازي
قد تكون أكثر المراحل العمرية قلقا بالنسبة للإنسان، هي مرحلة الشباب، لذلك تثير هذه المرحلة الحساسة سلسلة من الأسئلة المهمة جدا من قبل الشباب، وهذه الأسئلة تكون في غاية الأهمية، ولهذا فإن الإجابة عنها تضاهي هذه الأهمية، كونها ترسم للشاب طريقا واضح المعالم للنجاح في الحياة وجعلها نقطة انطلاق للفوز بسعادة الآخرة.
فما هي هذه الأسئلة، ولماذا يُطلقها الشاب على نفسه وعلى الآخرين المعنيين بالإجابة، وينتظر منهم التوضيح، بل ويبقى يلحّ في طلب الإجابة؟، السبب في ذلك حتى تفتح هذه الأجوبة أبواب التغيير أمامه، ولكي لا يبقى يراوح في مكانه في عصر باتت السرعة عنوانه في كل شيء، لهذا يواصل الشاب طرح الأسئلة، ويبقى ينتظر الإجابات على أحرّ من الجمر.
السبب في هذا الإلحاح، أن الشباب يرغبون في معرفة دورهم في الحياة، ومدى أهمية هذا الدور، وفي الحقيقة أجاب الإسلام عن جميع هذه التساؤلات الشبابية، ولو أن الشاب أتعب نفسه بعض الشيء في فهم الأحكام الشرعية والعقائد والدين، لتوصّل إلى جميع الحلول التي تضع خطواته وأقدامه على الطريق المستقيم.
الإمام الراحل، آية الله العظمى، السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله)، يطرح في سلسلة محاضراته التي تحمل عنوان (قطوف دانية الجزء السابع) هذه الأسئلة بالصيغة التالية:
(ما هي مكانة الشباب في الشريعة الإسلامية؟، وهل اهتم الإسلام بالشباب؟، وهل هناك مكان للشباب في فكر أهل البيت عليهم السلام؟، إن أمثال هذه الأسئلة تزدحم عادة في أذهان بعض الشباب وهي جميعاً ذات محور واحد وهو: الشباب ومكانتهم ودورهم في هذه الحياة).
توجد جماعات تسعى إلى تخريب العلاقة بين الشباب والدين، قد تكون هذه الجماعات داخلية وبعضها خارجية، ومنها لها أهداف عقائدية (تهدف إلى تخريب العقائد)، وبعضها ذات أهداف فكرية دينية تسعى مثلا لنشر الإلحاد بين الشباب، وهذه كلها أهداف يتم التخطيط لها في دوائر مغلقة ومعادية للإسلام والمسلمين.
فليس من مصلحة أعداء المسلمين أن يكون شبابهم على أهبة الاستعداد في مواجهة التيارات الفكرية التخريبية، وهناك من لا يريد لهذه الأمة أن تنهض من جديد، وتعيد مجدها السابق في قيادة البشرية، دينيا وأخلاقيا وعلميا أيضا، لهذا يخشى أولئك الأعداد من خروج (المارد) مجددا، ونشر العدل بين الناس، وإزاحة الظلم والظالمين على مستوى العالم.
الشباب ذخيرة الأمة ومنبع طاقاتها
لذلك يوجد من يشيع الشبهات ويطلق الإشاعات الكاذبة والمنحرفة عن الدين وهو منها براء، والهدف دائما هو النيل من عقول الشباب بالدرجة الأولى، والسبب معروف لنا، فحين يقع شباب الأمة في فخ الانحراف العقائدي والفكري، هذا يعني أن الأمة فقدت أهم الأعمدة البشرية التي ترتكز عليها كي تنافس الأمم الأخرى في مضمار التقدم والتطور.
يقول الإمام الشيرازي حول هذه النقطة بالذات:
(قد يزعم البعض من الناس أن الإسلام لم يعط للشباب تلك الأهمية التي توليها لهم الدول الأوربية والغربية، بل إنه ضيّق الخناق على كثير من المظاهر الاجتماعية، فكيف الحال بالشباب؟ وما إلى غير ذلك من الشائعات غير الصحيحة، التي يشيعها أعداء الإسلام على الإسلام ورجالاته).
ونظرا لخطورة شريحة الشباب، والأهمية الكبرى لهذه الأعمار الفتية وذات الأعداد الكبيرة، فإن الإسلام نظر للشباب على أنهم (رأس النفيضة) في هذه الأمة، فالشباب هم الفئة العمرية الأكثر عددا في تكوين الأمة الوجودي، وهم أيضا الأكثر طاقة ونشاطا وحركة على المستوى المادي، كما أنهم يملؤون المقاعد العلمية لتطوير عقولهم وإمكاناتهم المختلفة.
فالحقيقة التي يؤكد عليها الإسلام هي أن الشباب هم الاحتياط المهم لطاقات الأمة وإمكاناتها، وينظر للشباب على أنهم السند الحقيقي لبقاء هذه الأمة في المضمار التنافسي في جميع المجالات، كونهم يتمتعون بعقول ذات نزعة حضارية كبيرة وعميقة، ولديهم تطلعات تهدف إلى وضع أمة المسلمين في المكانة التي تليق بها دائما، فالشباب هم ذخائر الأمم.
لذا يقول الإمام الشيرازي: (ينظر الإسلام إلى الشباب على أنهم ذخائر الأمة، وخط الطاقة المتنامية فيها، وبناة الحضارة، وروّاد الفتح الإسلامي، ولقد اهتم الإسلام بدور الشباب كثيراً).
لماذا ينظر الإسلام إلى الشباب على أنهم ذخيرة الأمة ومنع طاقاتها؟، هذه الحقيقة لا يمكن التغافل عنها نظرا لوجودها الحقيقي في الواقع الإسلامي، فالشباب المسلم عادة هم في نقاء دائم ومستمر، ولديهم تمسك كبير في التعامل الفطري مع جميع القضايا، ويتحلون بالصدق والالتزام والاستقامة، وهذه كلها مفاتيح مهمة لنشر القيم الصحيحة.
شبابنا في مأمن من التلويث الفكري
فالشباب المسلم رغم كل وسائل ورسائل التلويث التي غزت العالم أجمع، شرقا وغربا، إلا أنها حتى هذه اللحظة لم تتمكن من غزو العقل الشبابي كما خططوا له، فالأمة لا تزال قوية بشبابها، ولا تزال تحمي عقول الشباب من تيارات التلويث الفكري والعقائدي، وهذا يجعل شبابنا في مأمن من جميع المحاولات التي تديرها جهات لا تريد الخير للمسلمين.
لهذا يبقى الشباب المسلم في علاقة متماسكة مع الدين، ومع أحكام الله، مما يجعلهم حاضرين للقيام بالدور المطلوب منهم في أية مواجهة مع التيارات المعادية.
يقول الإمام الشيرازي في هذا الجانب:
(تعود هذه النظرة الإسلامية للشباب على أنهم ذخيرة الأمة ومنبع طاقاتها إلى أمرين، أولاً: يمتاز الشباب بفطرة سليمة نقية لم تتلوث بعد بالذنوب وباقي الانحرافات الأخرى، مما يساعد على تنظيم وتعميق علاقتهم مع اللّه عزّ وجلّ، وبالتالي سوف يكونون عناصر مخلصة وفعالة في الأمة).
كذلك غالبا ما تقترن مرحلة الشباب طاقات هائلة، وحماسة كبيرة، واندفاع كبير نحو الآمال العريقة والأهداف الكبيرة، فالشباب يمتلكون الطاقات التي تؤهلهم كي يلعبوا دورا كبيرا في مجال تغيير الأمة وحماية مصالحها، نظرا للقوة والتماسك العقائدي والفكري الذي يتحلى به الشباب، وهذا يشجع على تنظيم قدرات الشباب وتنظيمها.
والهدف من هذا التنظيم للطاقات والإرادات أن يجعل الإسلام شريحة الشباب هي التي تتصدر طاقات الأمة وهي التي تتقدم أهدافها، كونها ذات قدرات عظيمة وطاقات هائلة، وهذا بالضبط ما تم تنظيمه فكريا وعقائديا، حيث تتحول جميع فعاليات وأنشطة الشباب إلى أهداف فعلية.
لذا يقول الإمام الشيرازي:
(إن مرحلة الشباب مرحلة جديدة مفعمة بطاقات هائلة، وهي بداية تنامي الآمال والأهداف، يرافقها حماس وفعاليات ونشاطات ذهنية وجسدية عظيمة، لا يمكن الاستهانة بها، فيأتي الإسلام لينظم الفعاليات والنشاطات، ويجعلها تصب في خدمة الأهداف).
هكذا تكون العلاقة بين الشباب من جهة، وبين الإسلام من جهة أخرى، في غاية التماسك، بعد أن ينظر الإسلام إلى أولوية الأهداف ويشكل ترتيبها بحسب الأهمية ويضع التخطيط الصحيح، والخطوات العملية القادرة على تحويل الأفكار والخطط إلى أهداف كبيرة يمكن تحقيقها فعليا.
وهذا يعني بالنتيجة، تشجيع الشباب على تأثيث الدنيا بأعمال الخير، وبالتالي الانطلاق من الدنيا نحو الدار الأخرى بكامل الهيبة والوقار والنجاح المضمون. (بعد ذلك يقرر الإسلام الأهداف الجيدة والنافعة من غيرها، وهكذا يأخذ بيد الشباب إلى طريق نجاحه في الدنيا والآخرة) كما يقول الإمام الشيرازي.
خلاصة ما نريد الوصول إليه، يتعلق بشريحة الشباب حصرا، فهي الأمل الكبير لهذه الأمة، في استعادة دورها التاريخي، والبقاء في ميدان التنافس العالمي، لاسيما أن نسبة الشباب المسلمين كبيرة جدا، مما يجعلها قادرة على البقاء في ميادين التنافس مع الآخرين، ولكن بشرط البقاء دائما على أهبة الاستعداد للمستجدات المتسارعة في مجال التطور والتغيير العالمي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اليمن تحتفل بعيد رجب الأصب
اليمن تحتفل بعيد رجب الأصب

شبكة النبأ

timeمنذ 5 أيام

  • شبكة النبأ

اليمن تحتفل بعيد رجب الأصب

يحتفل اليمنيون في الجمعة الأولى من شهر رجب بدخول أجدادهم في الإسلام طواعية، عكس بقية شعوب الجزيرة العربية وما جاورها. والاحتفال بالجمعة الأولى من شهر رجب ليس وليد اللحظة بل هو من الأعياد الدينية المقدسة لدى اليمنيين منذ قرون عديدة، ولهذا اليوم مكانة عظيمة لديهم لأنه من... يحتفل اليمنيون في الجمعة الأولى من شهر رجب بدخول أجدادهم في الإسلام طواعية، عكس بقية شعوب الجزيرة العربية وما جاورها. والاحتفال بالجمعة الأولى من شهر رجب ليس وليد اللحظة بل هو من الأعياد الدينية المقدسة لدى اليمنيين منذ قرون عديدة، ولهذا اليوم مكانة عظيمة لديهم لأنه من الأعياد الخاصة بهم دون سائر الأمم، عكس عيد الأضحى وعيد الفطر، يحيونه حمداً وشكراً لله على نعمة الإسلام. إنه يومٌ من أيام الله المباركة، اعتاد اليمنيين كابر عن كابر تعظيمه وإظهار كل مباهج الفرح والسرور فيه، وهو لا يقل أهمية ومكانة وقداسة في حياتهم عن أعياد الفطر والأضحى والغدير والهجرة والمولد النبوي الشريف والإسراء، يحيونه بالحمد والشكر لله على ما إمتنّ به على أجدادهم من نعمة اعتناق دين الرحمة المهداة، والإيمان برسالة خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آل الطيبين الطاهرين، طواعية، بلا جدال ولا مماراة ولا خوف، بل حُباً وعِشقاً للحق وأربابه. تُرافق مباهج الاحتفال بجمعة رجب طقوس متوارثة منذ مئات السنين، ففي السنة التاسعة للهجرة دخل الإسلام إلى اليمن، وتحديدا في أول جمعة من شهر رجب حينما وصل الصحابي الجليل مُعاذ بن جبل إلى منطقة الجَنَد بمحافظة تعز، ليبني أول جامع حيث وقفت ناقته، ويدعو الناس إلى الدين الجديد، فدخل اليمنيون في دين الله أفواجاً، ولا زالت الصوفية تحتفل بهذه الذكرى العظيمة في ذات المكان والزمان الى يومنا، يخرج الناس رجالاً ونساءً وأطفالاً إلى جامع الجند، يستمعون الخطب والأناشيد والمدائح النبوية التي تقام على هامش الذكرى، ويمكثون أياماً يعيشون خلالها أجواء الإسلام وتاريخ الإسلام في اليمن. مشروعية الاحتفال بعيد رجب: تعمل الجماعات التكفيرية بكل ما أوتيت من قوة على محاربة كل ما يذكر الناس بدينهم ونبيهم، بدعاوى ما أنزل الله بها من سلطان، وتفسيق وتكفير وتبديع المحتفلين من المؤمنين والموحدين بميلاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو هجرته أو ذكرى الإسراء أو عيد الغدير أو عيد الجمعة الأولى من شهر رجب،..، دون أن يكون لديهم أي دليل عقلي أو منطقي أو نصي مقنع، بل مجرد أهواء تُتبع، ونزوات تُبتدع، وعصبيات جاهلية تُخترع، خدمة لأولياء نعمتهم من الملوك والسلاطين. والسؤال هنا: ما هي المحرمات التي يقترفها المحتفلون بذكرى عيد رجب الأصب على سبيل المثال كي يستشيطوا غضباً؟، قد ربما هي مظاهر البهجة والشكر بما تكرّم الله به على أباء اليمنيين من نعمة الإسلام، وسجود خير الأنام شكراً لإسلامهم، وقد ربما يكون تذكر ما كان عليه جيل الفاتحين من الأنصار والمهاجرين من تفاني في خدمة ونشر الدين الخاتم، وقد ربما ما يرافق ابتهاج اليمنيين بدخول أجدادهم الاسلام وما يصاحب ذلك من فعاليات تُذَكِرُ الأحفاد بهويتهم الإيمانية، وقد ربما يكون ما سبق من الكبائر الموجبة لغضب وسخط الجبار. يقول الله سبحانه وتعالى "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب" وأي شيء أعظم وأحق بالاحتفاء من دخول الأجداد في دين الله سلمياً، عن يقين واقتناع، لا خوفاً من حد السيف كما هو حال الطلقاء. ولهذا لا غرابة أن نجد اليمنيين في مقدمة الفاتحين، وعلى أكتافهم قامة دعائم الدين، بينما تحول الطلقاء الى معول هدم للإسلام، وسهم غائر في خاصرة المسلمين على مر العصور والأزمان. يقول العلامة "عدنان الجنيد": ان إحياء ليلة جمعة رجب والاحتفال بيومها داخلة في عموم قوله تعالى: "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب"، وقوله تعالى: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون". الآية الأولى تشير إلى أن تعظيم شعائر الله تُعَدُ من التقوى، والشعائر هي معالم الدين - كما قال المفسرون - وإذا كانت مناسك الحج تُسمى بالشعائر، فإنما لكونها علامات للتوحيد والدين الحنيف، وكل ما هو شعيرة لدين الله فإن تعظيمه مما يُقرِّب إلى الله، ولاشك بأن مسجد الجند بتعز ومسجد الأشاعرة بزبيد والجامع الكبير بصنعاء، الذين أشرق نور الإسلام منهم، من أبرز علامات دين الله تعالى، وتخليد هذه المناسبة فيهم مما يقرب إلى الله تعالى. والآية الثانية تأمرنا بأن نفرح بفضل الله وبرحمته المهداة، فقد تفضل الله علينا بالإسلام ورحمنا بنبيه عليه وآله الصلاة والسلام، فأخرجنا من الجهالة الجهلاء إلى الأنوار واللألاء، فيحقُ لجميع اليمنيين أن يفرحوا بيوم جمعة رجب ويُقيموا في تلك المساجد الاحتفالات الدينية والمحاضرات المحمدية، ويربوا أجيالهم على ذلك حتى يعرفوا عظمة ما هنالك. ويؤكد العلامة "حسين أحمد السراجي" أن الاحتفاء بهذه المناسبة، وجعلها عيداً، فيه ذكرٌ وحمدٌ وثناءٌ وصلة أرحام وتفقد للفقراء والبائسين. والإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أمرٌ عظيم، وسنةٌ حسنة دعانا إليها العلي العظيم في محكم تنزيله ونبيه الهادي في صحيح مسنونه. يقول الله في محكم التنزيل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ". ويقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "من سَنّ في الإسلام سُنةً حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء". فهل هناك أعظم من الابتهاج بالهداية والتوحيد المتضمن حمد الله وشكره والثناء عليه وصلة الأرحام والتوسعة على المحتاجين والصلاة على الهادي وآله؟. بل إن كل واحدة من هذه الخصال تُعدُ مشروعاً خيرياً متكاملاً يُعتبر من صميم روح الإسلام وجوهر دعوته. إسلام أهل اليمن: أجمع المؤرخون على أن السواد الأعظم من اليمنيين أسلموا خلال الفترة 6-10 هـ، على دفعات، فُرادا وجماعات. فبعد انصراف رسول صلى الله عليه وآله وسلم من الحديبية في ذي الحجة 6 هـ، وجه رسله ورسائله الى مختلف ملوك وأمراء الدول والأقطار المعاصرة، وقبائل العرب في شمال وجنوب الجزيرة العربية، بما فيها قبائل اليمن، يدعوهم فيها الى الإسلام، ووصل أول مبعوثٍ له الى اليمن في محرم 7 هـ، وكان اليمنيون قد تعرفوا على الإسلام من خلال قوافل التجارة، ولذا سبق العديد منهم الى الإسلام، قبل بعث الرسول رسله الى الملوك ورؤساء العشائر. ووجه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أول رسالة الى رؤساء قبيلة حمير، وكانت لها اليد الضاربة في اليمن، فأرسل المهاجر بن أمية المخزومي الى أبناء "عبدكلال الحميري"، النعمان والحارث ونعيم ومروح وعريب، وهم أقيال رعين، ومعافر وهمدان. كما أرسل صلى الله عليه وآله وسلم الى أساقفة نجران، وبني معاوية من كندة في حضرموت، وبني ربيعة بن ذي المراحب، من حمير بحضرموت،..، ألخ. فتقاطرت القبائل من أنحاء الجزيرة العربية لمبايعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، على الدخول في الإسلام والسمع والطاعة، وكلما أسلم فوجٌ أرسل معهم من يعلمهم أمور دينهم، وينظم شؤن دنياهم، وكانت وفود اليمن أكثرها عدداً، بتعدد قبائلها. وتُجمِع المصادر التاريخية أن أهل اليمن أسلموا كافةً في عهد رسول الله عكس الأقوام الأخرى، فمنهم من أسلم والرسول في مكة المكرمة كما هو حال عمار بن ياسر بن عامر العنسي المذحجي وأمه وأبيه، ومنهم من أسلم بعد هجرة الرسول الى المدينة وقبل فتح مكة المكرمة كما هو حال الأوس والخزرج والأزد، وغالبيتهم أعلن إسلامه في عام الوفود. وبالمجمل يمكن تقسيم اسلام اليمنيين من حيث المكان، الى نوعين: 1 – فئة ذهبت الى رسول الله وأعلنت إسلامها بحضرته الشريفة. 2 – فئة أسلمت في اليمن دون أن تهاجر الى رسول الله ودون أن تتشرف برؤيته. وكانت همدان ودوس أول القبائل اليمنية اسلاماً والرسول لا يزال في مكة المكرمة، تبعتهم بطون كثيرة من سعد العشيرة ومذحج والأشاعرة بتهامة،..، وبعد هجرة الرسول الى المدينة وتحديداً عقب عودته من غزوة تبوك قَدِمَ الى المدينة وفدٌ كبيرٌ من همدان، يتقدمهم أقيال ووجهاء وأعيان القوم من خارف ويام وشاكر وغيرها، وكان قدومهم بعد عودة رسول الله من غزوة تبوك. يروي البيهقي في الدلائل، وابن القيم في زاد المعاد وغيرهما عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث خالد بن الوليد إلى اليمن يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوه، فبعث علياً عليه السلام وكنا فيمن عقّب على علي، ثم صفنا صفاً واحداً، وتقدم بين أيدينا وقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأسلمت همدان جميعاً في يوم واحد، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإسلامهم، فلما قرأ صلى الله عليه وآله وسلم الكتاب خرّ ساجداً، ثم رفع رأسه فقال: السلام على همدان - كررها ثلاثاً - ثم قال : "نعم الحي همدان.. ما أسرعها إلى النصر وأصبرها على الجهد، منهم أبدال – أولياء - وفيهم أوتاد – رؤساء – الإسلام". وكان بعث النبي للإمام علي عليه السلام الى همدان في رمضان من السنة العاشرة للهجرة. قال العلامة "محمد بن علي الاهدل": يكفي اليمن شرفاً أن يسجد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم شكراً لله تعالى على إسلام أهله، دلّ مصدره ببرهان ساطع على سعة مداركهم وسلامة عقولهم ومعرفتهم الحق الواضح، وتمييزه عن الباطل، فكانوا أسرع الأمم انقياداً الى الدين الإسلامي، والإيمان به، بدون احتياج الى حرب أو مناقشات جدلية، وإنما عرفوا الحق فأذعنوا له، وسلموا اليه طائعين. وقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن همدان يُعد دليلاً واضحاً على ما هو واقع ويجري في عصرنا الحاضر "وما اصبرها على الجهد"، إذ لا يوجد شعبٌ من شعوب الأرض قد صبر هذا الصبر الذي صبره الشعب اليمني، رغم الحصار الجوي والبحري والبري من قبل تحالف عدوان العاصفة من أحفاد الطلقاء، للعام السادس على التوالي. ومن لطيف ما يرويه إبن جرير في تفسيره لقوله تعالى: "ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا"، عن "عبدالله بن عباس" رضي الله عنه، قال: بينما رسول الله بالمدينة، إذ قال: "الله أكبر الله أكبر، جاء نصر الله والفتح وجاء أهل اليمن". قيل يا رسول الله: وما أهل اليمن. قال: "قوم رقيقة قلوبهم، لينة طباعهم، الإيمان يمان والحكمة يمانية". وأرسل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم العديد من الصحابة الى اليمن لإرشاد اليمنيين وتعليمهم أمور دينهم وبسط سيادة الدولة الإسلامية، أهمهم: الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، والصحابي الجليل معاذ بن جبل، وأبو موسى الأشعري. ومن طريف ما يرويه المؤرخ اليمني "محمد بن يحيى الحداد" في تاريخه، أن معاذاً عندما قدم الى اليمن، دخل من صعدة، وأمر أهلها ببناء مسجد لهم، ثم انصرف الى صنعاء، واجتمع بأهلها، وألقى عليهم كتاب رسول الله، وأمرهم ببناء جامع لهم في بستان "باذان" وهو ما يعرف اليوم بالجامع الكبير، وفي أواخر جمادى الآخرة وصل الى الجند بتعز، واجتمع له الناس في أول جمعة من رجب وخطبهم وبين لهم رسالة الإسلام التي جاء بها سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وأمر ببناء مسجده المعروف بمسجد الجند، وبعد اكتمال بنائه أٌقيمت فيه صلاة الجمعة، والتي صادفت أول جمعة من شهر رجب، وقد فرح الناس واستبشروا بأن أعزهم الله بالإسلام وحررهم من الكفر والشرك، لذا اتخذ اليمنيون الجمعة الأولى من كل رجب عيداً لهم، وألِف الناس إتيان جامع الجند في أول جمعة من شهر رجب للصلاة والذكر. بينما توجه أبو موسى الأشعري الى زبيد، وبها أقام مسجد الأشاعرة. وبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام إلى اليمن عدة مرات الى همدان وزبيد ومذحج ونجران وغيرها، فزار اليمن في أواخر السنة الثامنة للهجرة، وهي أول بعثة له سلام الله عليه، وفي السنة التاسعة للهجرة قبل حجة الوداع، وفي رمضان سنة 10 للهجرة بعثه إلى مذحج، وفي أول جمعة من رجب اجتمع الإمام علي عليه السلام بمشائخ همدان، وبعد أن أعلنوا إسلامهم على يديه بأجمعهم، صلى بهم العصر في المكان المعروف حالياً بجامع علي، في سوق الحلقة بصنعاء القديمة، وبعد إسلام همدان، أسلمت جميع القبائل اليمنية. ومكث سلام الله عليه في صنعاء 40 يوماً حاكماً ومُفقِهاً، ودخل عدن أبين وعدن لاعة من بلاد حجة وقدر خربت من زمن طويل، ويقال أنه دخل اليمن في زمن أبو بكر، ودخل عدن أبين ثانية، وخطب على منبرها. ما سبب إسلام اليمنيين طواعية؟ أتى الإسلام واليمن بلدة ممزقة، وقبائلها متناحرة، بسبب الصراع بين اليهودية والمسيحية، وما خلفه من خراب ودمار، جعل اليمن مسرحاً للطامعين من الغزاة والمحتلين، بدءاً بالرومان وعبيدهم الأحباش، وانتهاءا بالفرس، وصراع ملوك اليمن، ومع بزوغ شمس الإسلام، رأى اليمنيون أن بوابة الخلاص الوحيدة مما يعانوه هو اعتناق دين سماوي جديد يدعو اليه نبي عربي من بني هاشم من قريش. وبإسلامهم تم إزالة كل أنواع الخلافات والحروب القبلية والانقسامات الداخلية المتراكمة بين أقيال اليمن منذ عهد سيف بن ذي يزن، لهذا تسابقت الوفود اليمنية الى المدينة المنورة تعلن إسلامها وطاعتها. قال العلامة محمد بن علي الأهدل: كانت اليمن قد انحطت عظمتها، وتقوضت صروحها، وإنهار مجدها الباذخ، وسلطانها الشامخ، وتقلص ظلها وطُوي بساط عزها ومجدها، حتى لم يتبق في يدها إلا بلادها، ومنبت أرومتها، بل لم تحتفظ بها، لتفرق كلمتها، وتصدع وحدتها، بانفجار براكين الفتن الداخلية بين أقيالها وأمرائها، واستقل كل قيلٍ ببلاده، وما قدر على الدفاع عنه. وتشعبت اليمن الى ثلاث طوائف فطائفة اعتنقت اليهودية وطائفة النصرانية والثالثة بقيت على عبادة الأوثان والنجوم، فتغلبت اليهودية على النصرانية، واستبدت بها، وخدّت لها اخدوداً في مخلاف نجران اشعلت فيه النيران،..، فألقت فيه كل من رفض الرجوع الى اليهودية،..، وهكذا أتى الإسلام واليمن في حروب وصراعات يشيب من هولها الطفل الرضيع، فلم تجتمع إلا لسيد الأنبياء والمرسلين بسبب صدق إيمان أهلها، وقربهم من النور المحمدي. ....................................... المراجع: 1 – عدنان الجنيد، ذكرى مناسبة دخول الإسلام إلى اليمن واحتفاء اليمنيين بها، يمني برس، 23 مارس 2018 2 - محمد يحيى الحداد، التاريخ العام لليمن، الجزء الثاني، شركة دار التنوير للطباعة والنشر – بيروت، الطبعة الأولى 1986 3 - الدكتور محمد أمين صالح، تاريخ اليمن الإسلامي، مكتبة الكيلاني – القاهرة، الطبعة الأولى 1975 4 - العلامة محمد بن علي الأهدل الحسيني، نثر الدر المكنون في فضائل اليمن الميمون، مطبعة زهران – القاهرة، الطبعة الأولى. 5 - زيد المحبشي، اليمنيون يحتفلون بإسلام أجدادهم في الجمعة الأولى من رجب، مركز البحوث والمعلومات، 27 فبراير 2020 6 - إسراء الفاس، جمعة رجب: يوم دخل اليمنيون إلى الإسلام، موقع قناة المنار اللبنانية، 31 مارس 2017

الشباب منبع الطاقة المتنامية في الأمة
الشباب منبع الطاقة المتنامية في الأمة

شبكة النبأ

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • شبكة النبأ

الشباب منبع الطاقة المتنامية في الأمة

لماذا ينظر الإسلام إلى الشباب على أنهم ذخيرة الأمة ومنع طاقاتها؟، هذه الحقيقة لا يمكن التغافل عنها نظرا لوجودها الحقيقي في الواقع الإسلامي، فالشباب المسلم عادة هم في نقاء دائم ومستمر، ولديهم تمسك كبير في التعامل الفطري مع جميع القضايا، ويتحلون بالصدق والالتزام والاستقامة، وهذه كلها مفاتيح مهمة لنشر القيم الصحيحة... (ينظر الإسلام إلى الشباب على أنهم ذخائر الأمة، وبناة الحضارة) الإمام الشيرازي قد تكون أكثر المراحل العمرية قلقا بالنسبة للإنسان، هي مرحلة الشباب، لذلك تثير هذه المرحلة الحساسة سلسلة من الأسئلة المهمة جدا من قبل الشباب، وهذه الأسئلة تكون في غاية الأهمية، ولهذا فإن الإجابة عنها تضاهي هذه الأهمية، كونها ترسم للشاب طريقا واضح المعالم للنجاح في الحياة وجعلها نقطة انطلاق للفوز بسعادة الآخرة. فما هي هذه الأسئلة، ولماذا يُطلقها الشاب على نفسه وعلى الآخرين المعنيين بالإجابة، وينتظر منهم التوضيح، بل ويبقى يلحّ في طلب الإجابة؟، السبب في ذلك حتى تفتح هذه الأجوبة أبواب التغيير أمامه، ولكي لا يبقى يراوح في مكانه في عصر باتت السرعة عنوانه في كل شيء، لهذا يواصل الشاب طرح الأسئلة، ويبقى ينتظر الإجابات على أحرّ من الجمر. السبب في هذا الإلحاح، أن الشباب يرغبون في معرفة دورهم في الحياة، ومدى أهمية هذا الدور، وفي الحقيقة أجاب الإسلام عن جميع هذه التساؤلات الشبابية، ولو أن الشاب أتعب نفسه بعض الشيء في فهم الأحكام الشرعية والعقائد والدين، لتوصّل إلى جميع الحلول التي تضع خطواته وأقدامه على الطريق المستقيم. الإمام الراحل، آية الله العظمى، السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله)، يطرح في سلسلة محاضراته التي تحمل عنوان (قطوف دانية الجزء السابع) هذه الأسئلة بالصيغة التالية: (ما هي مكانة الشباب في الشريعة الإسلامية؟، وهل اهتم الإسلام بالشباب؟، وهل هناك مكان للشباب في فكر أهل البيت عليهم السلام؟، إن أمثال هذه الأسئلة تزدحم عادة في أذهان بعض الشباب وهي جميعاً ذات محور واحد وهو: الشباب ومكانتهم ودورهم في هذه الحياة). توجد جماعات تسعى إلى تخريب العلاقة بين الشباب والدين، قد تكون هذه الجماعات داخلية وبعضها خارجية، ومنها لها أهداف عقائدية (تهدف إلى تخريب العقائد)، وبعضها ذات أهداف فكرية دينية تسعى مثلا لنشر الإلحاد بين الشباب، وهذه كلها أهداف يتم التخطيط لها في دوائر مغلقة ومعادية للإسلام والمسلمين. فليس من مصلحة أعداء المسلمين أن يكون شبابهم على أهبة الاستعداد في مواجهة التيارات الفكرية التخريبية، وهناك من لا يريد لهذه الأمة أن تنهض من جديد، وتعيد مجدها السابق في قيادة البشرية، دينيا وأخلاقيا وعلميا أيضا، لهذا يخشى أولئك الأعداد من خروج (المارد) مجددا، ونشر العدل بين الناس، وإزاحة الظلم والظالمين على مستوى العالم. الشباب ذخيرة الأمة ومنبع طاقاتها لذلك يوجد من يشيع الشبهات ويطلق الإشاعات الكاذبة والمنحرفة عن الدين وهو منها براء، والهدف دائما هو النيل من عقول الشباب بالدرجة الأولى، والسبب معروف لنا، فحين يقع شباب الأمة في فخ الانحراف العقائدي والفكري، هذا يعني أن الأمة فقدت أهم الأعمدة البشرية التي ترتكز عليها كي تنافس الأمم الأخرى في مضمار التقدم والتطور. يقول الإمام الشيرازي حول هذه النقطة بالذات: (قد يزعم البعض من الناس أن الإسلام لم يعط للشباب تلك الأهمية التي توليها لهم الدول الأوربية والغربية، بل إنه ضيّق الخناق على كثير من المظاهر الاجتماعية، فكيف الحال بالشباب؟ وما إلى غير ذلك من الشائعات غير الصحيحة، التي يشيعها أعداء الإسلام على الإسلام ورجالاته). ونظرا لخطورة شريحة الشباب، والأهمية الكبرى لهذه الأعمار الفتية وذات الأعداد الكبيرة، فإن الإسلام نظر للشباب على أنهم (رأس النفيضة) في هذه الأمة، فالشباب هم الفئة العمرية الأكثر عددا في تكوين الأمة الوجودي، وهم أيضا الأكثر طاقة ونشاطا وحركة على المستوى المادي، كما أنهم يملؤون المقاعد العلمية لتطوير عقولهم وإمكاناتهم المختلفة. فالحقيقة التي يؤكد عليها الإسلام هي أن الشباب هم الاحتياط المهم لطاقات الأمة وإمكاناتها، وينظر للشباب على أنهم السند الحقيقي لبقاء هذه الأمة في المضمار التنافسي في جميع المجالات، كونهم يتمتعون بعقول ذات نزعة حضارية كبيرة وعميقة، ولديهم تطلعات تهدف إلى وضع أمة المسلمين في المكانة التي تليق بها دائما، فالشباب هم ذخائر الأمم. لذا يقول الإمام الشيرازي: (ينظر الإسلام إلى الشباب على أنهم ذخائر الأمة، وخط الطاقة المتنامية فيها، وبناة الحضارة، وروّاد الفتح الإسلامي، ولقد اهتم الإسلام بدور الشباب كثيراً). لماذا ينظر الإسلام إلى الشباب على أنهم ذخيرة الأمة ومنع طاقاتها؟، هذه الحقيقة لا يمكن التغافل عنها نظرا لوجودها الحقيقي في الواقع الإسلامي، فالشباب المسلم عادة هم في نقاء دائم ومستمر، ولديهم تمسك كبير في التعامل الفطري مع جميع القضايا، ويتحلون بالصدق والالتزام والاستقامة، وهذه كلها مفاتيح مهمة لنشر القيم الصحيحة. شبابنا في مأمن من التلويث الفكري فالشباب المسلم رغم كل وسائل ورسائل التلويث التي غزت العالم أجمع، شرقا وغربا، إلا أنها حتى هذه اللحظة لم تتمكن من غزو العقل الشبابي كما خططوا له، فالأمة لا تزال قوية بشبابها، ولا تزال تحمي عقول الشباب من تيارات التلويث الفكري والعقائدي، وهذا يجعل شبابنا في مأمن من جميع المحاولات التي تديرها جهات لا تريد الخير للمسلمين. لهذا يبقى الشباب المسلم في علاقة متماسكة مع الدين، ومع أحكام الله، مما يجعلهم حاضرين للقيام بالدور المطلوب منهم في أية مواجهة مع التيارات المعادية. يقول الإمام الشيرازي في هذا الجانب: (تعود هذه النظرة الإسلامية للشباب على أنهم ذخيرة الأمة ومنبع طاقاتها إلى أمرين، أولاً: يمتاز الشباب بفطرة سليمة نقية لم تتلوث بعد بالذنوب وباقي الانحرافات الأخرى، مما يساعد على تنظيم وتعميق علاقتهم مع اللّه عزّ وجلّ، وبالتالي سوف يكونون عناصر مخلصة وفعالة في الأمة). كذلك غالبا ما تقترن مرحلة الشباب طاقات هائلة، وحماسة كبيرة، واندفاع كبير نحو الآمال العريقة والأهداف الكبيرة، فالشباب يمتلكون الطاقات التي تؤهلهم كي يلعبوا دورا كبيرا في مجال تغيير الأمة وحماية مصالحها، نظرا للقوة والتماسك العقائدي والفكري الذي يتحلى به الشباب، وهذا يشجع على تنظيم قدرات الشباب وتنظيمها. والهدف من هذا التنظيم للطاقات والإرادات أن يجعل الإسلام شريحة الشباب هي التي تتصدر طاقات الأمة وهي التي تتقدم أهدافها، كونها ذات قدرات عظيمة وطاقات هائلة، وهذا بالضبط ما تم تنظيمه فكريا وعقائديا، حيث تتحول جميع فعاليات وأنشطة الشباب إلى أهداف فعلية. لذا يقول الإمام الشيرازي: (إن مرحلة الشباب مرحلة جديدة مفعمة بطاقات هائلة، وهي بداية تنامي الآمال والأهداف، يرافقها حماس وفعاليات ونشاطات ذهنية وجسدية عظيمة، لا يمكن الاستهانة بها، فيأتي الإسلام لينظم الفعاليات والنشاطات، ويجعلها تصب في خدمة الأهداف). هكذا تكون العلاقة بين الشباب من جهة، وبين الإسلام من جهة أخرى، في غاية التماسك، بعد أن ينظر الإسلام إلى أولوية الأهداف ويشكل ترتيبها بحسب الأهمية ويضع التخطيط الصحيح، والخطوات العملية القادرة على تحويل الأفكار والخطط إلى أهداف كبيرة يمكن تحقيقها فعليا. وهذا يعني بالنتيجة، تشجيع الشباب على تأثيث الدنيا بأعمال الخير، وبالتالي الانطلاق من الدنيا نحو الدار الأخرى بكامل الهيبة والوقار والنجاح المضمون. (بعد ذلك يقرر الإسلام الأهداف الجيدة والنافعة من غيرها، وهكذا يأخذ بيد الشباب إلى طريق نجاحه في الدنيا والآخرة) كما يقول الإمام الشيرازي. خلاصة ما نريد الوصول إليه، يتعلق بشريحة الشباب حصرا، فهي الأمل الكبير لهذه الأمة، في استعادة دورها التاريخي، والبقاء في ميدان التنافس العالمي، لاسيما أن نسبة الشباب المسلمين كبيرة جدا، مما يجعلها قادرة على البقاء في ميادين التنافس مع الآخرين، ولكن بشرط البقاء دائما على أهبة الاستعداد للمستجدات المتسارعة في مجال التطور والتغيير العالمي.

مركز الأزهر : العمل في الإسلام عبادة وشرف وكرامة
مركز الأزهر : العمل في الإسلام عبادة وشرف وكرامة

صدى البلد

time٠١-٠٥-٢٠٢٥

  • صدى البلد

مركز الأزهر : العمل في الإسلام عبادة وشرف وكرامة

قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية إن الإسلام قد أولى العمل مكانة رفيعة، واعتبره عبادة وسبيلاً لتحقيق الكرامة الإنسانية، مشيرًا إلى أن الله سبحانه وتعالى قد يسّر الأرض للإنسان ليسعى فيها ويأكل من رزقه، كما جاء في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور}. وأضاف المركز عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، أن الله عز وجل خلق الليل والنهار لحكمة عظيمة، فجعل النهار وقتًا للعمل والسعي، والليل وقتًا للسكون والراحة، موضحًا أن ذلك يعكس انسجام الإسلام مع فطرة الإنسان ومتطلبات حياته اليومية، مستشهدًا بقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ‌ مَعَاشًا}. وأكد المركز أن النبي ﷺ قد مدح العمل اليدوي الشريف، وبيَّن أن خير طعام يأكله الإنسان هو ما اكتسبه من كدّه وجهده، كما ورد في الحديث الشريف: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ، خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ». وشدد المركز على أن الإسلام شجّع الإنسان على الاكتساب والسعي، ولو بأبسط الأعمال، ما دام في ذلك كفاية له وعزة لنفسه، إذ قال النبي ﷺ: «لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا». وأكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية في منشوره على أن الإسلام جمع بين العبادات والارتقاء بأمور الدنيا، فقد أمر الله عز وجل بالسعي في الأرض بعد أداء صلاة الجمعة، طلبًا للرزق وقضاءً لحوائج الناس، كما جاء في قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store