logo
الصهيونية "الوظيفية"

الصهيونية "الوظيفية"

الغد١١-٠٥-٢٠٢٥

لا يمكن فهم الحروب الصهيونية المُتكررة، أسوة بحرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة، فهماً كاملاً إلا بوضعها داخل إطار المصالح والمخططات الإمبريالية في منطقة الشرق الأوسط، فالكيان المُحتل مجرد مُستعمرَة تابعة ذات وظائف وفوائد محددة، ولم ينتهِ دوره بعدْ بالنسبة للمنظومة الأميركية – الغربية.
اضافة اعلان
وهذا الدور «الوظيفي» الذي يؤديه الكيان الصهيوني للغرب بإتقان وتفانٍ هو الذي يطيل في عمره الافتراضي؛ لاسيما إذا كان مدعوماً من قِبل المؤمنين بالعقيدة «الاسترجاعية» المُمثلة بما يُعرف «بالصهيونية المسيحية»، والتي سادت منذ القرن السادس عشر ووصلت ذروتها في القرن التاسع عشر، عصر الإمبريالية، وما زالت مستمرة بقوة حتى اليوم في رفد الاحتلال، مادياً وفكرياً ولوجستياً، لمواصلة جرائمه ضد الشعب الفلسطيني.
وبما أن «الأسطورة» الدينية تتكيف «وظيفياً» مع الواقع الاقتصادي والتاريخي، إذا لزم الأمر؛ فإن فلسطين المحتلة، في المنظور الاستعماري الغربي، ليست مجرد أرض اليهود «الأم» وفق النبوءة الإنجيلية، التي تتحقق بعودتهم حتى يتسنى الإسراع في هدايتهم وتحويلهم للمسيحية، كشرط أساس لحلول العصر الألفي السعيد (ألف عام سيحكم فيها المسيح المخلص العالم ويسودها السلام والطمأنينة)، بل تحولت «الأسطورة» هنا من مجرد فكرة دينية إلى برنامج استعماري يضمن الوجود الاستيطاني الصهيوني في قلب المحيط العربي، لتحقيق المصالح الإستراتيجية الاقتصادية السياسية الغربية.
ورغم أن أنصار «العقيدة الاسترجاعية» ينظرون إلى اليهود كجماعة دينية يمكن تنصيرها، ولكنهم في نفس الوقت يعتبرونهم مجرد جماعة «وظيفية» يمكن توطينها في فلسطين أو في غيرها من الأماكن لخدمة المصالح الاستعمارية، «فالأسطورة» بحسبهم يمكن أن «ترتدي زياً دينياً مثالياً، مع احتفاظها ببعدها السياسي»، حسب الكاتب الصهيوني البولندي «ناحوم سوكولوف». وقد توافق الاقتراح الصهيوني لحل ما يُسمى «المسألة اليهودية» مع تلك الصيغة الاستعمارية الأوروبية لحل مشاكل المجتمع الغربي.
تجسدت تلك الفلسفة الاستعمارية، عبر التفاوض الصهيوني – الغربي على عدة أراضٍ لتحويلها إلى «وطن يهودي»، بما فيها شبه جزيرة سيناء ومنطقة العريش وجزء من كينيا وأوغندا وجزء من قبرص والكونغو وموزمبيق والعراق وليبيا وفلسطين، وسورية وإكوادور ومدغشقر. إلا أن الصهيونية، التي تُوظف الدين لخدمة مشروعها الاستعماري الاستيطاني، ارتكزت على البعد العقيدي المرتبط بالديانة اليهودية عندما وقع الاختيار على فلسطين. إذ رغم أن فكرة «العودة» ليست جديدة، حيث آمن بها عامة اليهود تقريباً بزعم إعادة بناء «الهيكل»، المزعوم، وإقامة مملكة سليمان تحت قيادة المسيح المنتظر، غير أن الصهيونية التفـت على ذلك المفهوم بالدعوة إلى إقامة دولة لليهود في فلسطين بوسائل سياسية وبالاعتماد على العمل اليهودي الذاتي لتسريع مجيء «المخلص».
وفي العقلية الغربية– الصهيونية؛ كان من دوافع اختيار فلسطين موقعاً للاستيطان قوة «الأسطورة» التي تجمع اليهود حولها، فكان لا بد من العودة إلى التراث اليهودي القديم وإلى المطلق الديني، بمزج المفاهيم القومية بالمزاعم الدينية، من دون خلع الإطلاق الديني على الرموز القومية، وإنما استقاء رموزها وأفكارها القومية من التراث الديني ثم إفراغها من محتواها الروحي والأخلاقي ونقلها من مجالها الديني، حيث تجد شرعيتها الوحيدة، إلى المجال السياسي لإخراج صيغ شبه دينية تخدم المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة.
وعلى تلك الأرضية الخصبة بالأساطير الزائفة؛ التي تمزج المفاهيم القومية بالمزاعم الدينية المُستقاة من نصوص التوراة والتلمود العنصرية التوسعية؛ تم تحويل فلسطين إلى «أرض الميعاد»، واليهود إلى «شعب» متميز، والعقيدة الدينية الأصلية إلى أسطورة قومية، مع إضفاء «الشرعية» الدينية المزعومة على دعوات «إسرائيل الكبرى» و»التاريخية» و»التوراتية»، والتي تنطلق جميعها من منظور صهيوني استعماري توسعي في فلسطين المحتلة والمنطقة.
لا يخرج مشروع «الشرق الأوسط الجديد»، الذي تسعى الدوائر الأميركية – الغربية لطرحه مرة أخرى من رحم إبادة غزة وأزمة لبنان، عن إطار الدور الوظيفي للكيان الصهيوني. و»نتنياهو» يجد الفرصة مناسبة لتحقيق أطماعه التوسعية القديمة بالمنطقة، طالما بقيت مهمته قائمة، ولكنه سيغادر حالما تنتهي، سواء بالنفاذ أم الفشل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تصعيد خطير.. منع جامعة "هارفارد" من قبول طلبة دوليين
تصعيد خطير.. منع جامعة "هارفارد" من قبول طلبة دوليين

البوابة

timeمنذ ساعة واحدة

  • البوابة

تصعيد خطير.. منع جامعة "هارفارد" من قبول طلبة دوليين

أخطرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب جامعة هارفارد العريقة بقرارها الجديد بمنعها من قبول الطلبة الدوليين في كلياتها، في خطوة تمثل "تصعيدا كبيرا" في إطار الضغط على الجامعة من أجل التناغم مع أجندة ترامب. إدارة ترامب والجامعة تبادلتا الاتهامات خلال الأيام الأخيرة بشأن قانونية "طلب سجلات" من وزارة الأمن الداخلي. وزيرة الأمن الداخلي كرسيتي نويم، بعثت رسالة للجامعة جاء فيها "أكتب إليكم لأخطركم بأنه ابتداء من الآن سيتم، إلغاء اعتماد برنامج الطلاب وتبادل الزوار في جامعة هارفارد". وكانت وزارة التعليم الأميركية أبلغت جامعة هارفارد في وقت سابق، أنها ستجمد مليارات الدولارات من المنح البحثية وغيرها، كما تقوم إدارة ترامب باستخدام نفوذ التمويل الاتحادي لإجبار شركات محاماة وجامعات وغيرها على إجراء تغييرات شاملة في السياسات. الجامعة، التي تدعم حرية التعبير، عبّر طلابها من خلال احتجاجات سلمية، عن رفضهم لحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة. وصعدت إدارة ترامب إجراءاتها ضد جامعة هارفارد في الأسابيع القليلة الماضية، إذ بدأت مراجعة رسمية لتمويل اتحادي يبلغ نحو 9 مليارات دولار للجامعة، وطالبتها بحظر ممارسات التنوع والمساواة والشمول، واتخاذ إجراءات صارمة ضد بعض الجماعات الداعمة للفلسطينيين. ورفضت جامعة هارفارد الشهر الماضي، العديد من مطالب ترامب، ووصفتها بأنها هجوم على حرية التعبير والحرية الأكاديمية، كما رفعت دعوى قضائية على إدارة ترامب بعد أن علقت الإدارة نحو 2.3 مليار دولار من التمويل الاتحادي للمؤسسة التعليمية، في حين تعهدت الجامعة أيضا بمواجهة التمييز في الحرم الجامعي. المصدر: الجزيرة

حكم بإعدام أحد رجال صدام
حكم بإعدام أحد رجال صدام

رؤيا نيوز

timeمنذ 2 ساعات

  • رؤيا نيوز

حكم بإعدام أحد رجال صدام

أصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا اليوم الخميس، حكما بالإعدام بحق أحد مسؤولي النظام العراقي السابق لارتكابه جرائم قتل وإعدام مواطنين وإخفاء جثثهم في مقابر جماعية. وفي بيان له، أوضح مجلس القضاء الأعلى في العراق أن 'المحكمة الجنائية العراقية العليا أصدرت حكما بالإعدام بحق أحد أزلام النظام السابق خير الله حمادي عبد جارو، عن جريمة ارتكابه جرائم قتل بحق 198 شخصا من أهالي (منطقة) بلد عام 1981، والمشاركة في تنفيذ عمليات الإعدام بحق المواطنين وإخفاء جثثهم عن طريق المقابر الجماعية'. وأضاف بيان 'القضاء الأعلى' أن 'المجرم شغل منصب مدير أمن بلد وشغل مناصب عدة في محافظات مختلفة قبل 2003'. كما ذكر البيان أن المتهم 'شارك باعتقال وقتل مواطنين من أهالي قضاء بلد بتهمة الانتماء الى حزب الدعوة الإسلامية، إضافة إلى المقابر الجماعية أثناء فترة عمله في الأجهزة القمعية آنذاك'.

إسقاط وسحب الجنسية من 1292 شخصاً في الكويت
إسقاط وسحب الجنسية من 1292 شخصاً في الكويت

رؤيا نيوز

timeمنذ 2 ساعات

  • رؤيا نيوز

إسقاط وسحب الجنسية من 1292 شخصاً في الكويت

أقرت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، اليوم الخميس، سحب وفقد وإسقاط الجنسية عن 1292 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء. جاء ذلك خلال الاجتماع الذي عقدته اللجنة برئاسة النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ فهد يوسف الصباح رئيس اللجنة، بحسب بيان وزارة الداخلية. ونص قرار اللجنة على فقد شهادة الجنسية الكويتية وفقاً للمادتين 10 و11 من قانون الجنسية رقم 15 لسنة 1959، وتعديلاته، من عدد 8 حالات، بسبب الازدواجية. كما تقرر سحب شهادة الجنسية وفقاً للمادة 21 من القانون ذاته، من عدد 189 حالة، غش وأقوال كاذبة (تزوير)، وممن قد يكون اكتسبها معهم بطريق التبعية. وأقرت اللجنة سحب الجنسية الكويتية وفقاً للمادة 13 فقرة 1 من قانون الجنسية، من عدد 73 حالة غش وأقوال كاذبة (تزوير)، وممن قد اكتسبها معهم بطريقة التبعية 'أعمال جليلة'. كما أقرت اللجنة إسقاط الجنسية وفقاً للمادة 14 فقرة 3 من قانون الجنسية، من عدد 1 حالة، بسبب المساس بولائه للبلاد، في حين سحبت الجنسية الكويتية وفقاً للمادة 13 فقرة 4، وفق ما تقتضيه مصلحة البلاد العليا، من عدد 50 حالة، حسب إحصاء 1959، وممن يكون قد اكتسبها معهم بالتبعية. ونص قرار اللجنة على سحب الجنسية وفقاً للمادة 13 فقرة 4 من القانون وتعديلاته 'مصلحة عليا للبلاد، من عدد 967 حالة أعمال جليلة، وممن يكون قد اكتسبها بالتبعية، إضافة إلى سحب الجنسية وفقا المادة والفقرة ذاتها مسلحة عليا من 4 حالات. يُذكر أن اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية يترأسها رئيس مجلس الوزراء بالإنابة، الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، وتُعنى بالنظر في الحالات المرتبطة بمنح أو سحب الجنسية ضمن إطار القوانين المنظمة. وتعد قضية الجنسية من القضايا الحساسة التي تمس الأبعاد القانونية والإنسانية في الكويت، حيث شهدت الفترة الأخيرة تزايداً ملحوظاً في القرارات المتعلقة بسحب الجنسية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store