
غزة بين "عربات جدعون" وشروط نتنياهو
يعيش قطاع غزة هذه الأيام على وقع تصعيد هو الأكبر منذ استئناف الاحتلال الإسرائيلي حربه في 18 مارس/آذار الماضي، حيث يسجل يومياً عدد شهداء يراوح ما بين 80 إلى 120، فضلاً عن مئات الإصابات. ويعمل جيش الاحتلال، المتوغل في عدة محاور، على تنفيذ عمليات نسف كبيرة تطاول مناطق، مثل حي الشجاعية وجنوب حي الزيتون وشرقي مدينة خانيونس وغربي بيت لاهيا شمالي القطاع. ويتحدث الاحتلال بصورة واضحة عن أن هذه العمليات تندرج في إطار ما يعرف بخطة "عربات جدعون" التي تستهدف وفقاً للإعلان الإسرائيلي حسم الحرب في غزة وتدمير قدرات حركة حماس وإسقاطها واستعادة الأسرى.
ويشهد القطاع استهدافات في مختلف المناطق، جنوباً ووسطاً وشمالاً، بالرغم من المطالبات الإسرائيلية المتكررة بالإخلاء جنوباً، في إطار
سعيه لتهجير أهالي قطاع غزة
من جديد وتنفيذ ما يعرف بخطة التهجير. ويتزامن
التصعيد الميداني
في إطار تطبيق خطة "عربات جدعون" مع حديث واضح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن عدم وقف الحرب نهائياً، والرغبة في عقد اتفاق مؤقت يستأنف بعدها الحرب في غزة، وهو ما ترفضه حركة حماس بشكل قاطع. ووضع نتنياهو، في خطابه أول من أمس الأربعاء، مجموعة من الشروط التي وصفت فلسطينياً بالتعجيزية، خصوصاً أنه حدد مطالب نزع السلاح والاحتفاظ بالسيطرة الأمنية على غزة واستبدال حكم حركة حماس ونفي قادتها والمقاتلين، ثم تنفيذ ما يعرف بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير غزة وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". وجاء خطاب نتنياهو ليعلن بوضوح تعثر جولة المفاوضات الأخيرة، وعدم إمكانية الوصول إلى صفقة في الوقت الراهن، في ظل هذه الشروط التي لن تحظى بقبول حركة حماس والفصائل الفلسطينية، في ظل تمسكها بضمانات فعلية لوقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي من القطاع.
سليمان بشارات: نتنياهو عبر عن حالة من التناقض بين الأهداف التي يتحدث عنها وبين قدرته على تنفيذها
محمود مرداوي: نتنياهو ماضٍ بخطة التهجير
ويتحدث القيادي في حركة حماس محمود مرداوي، في تصريح عممه على الصحافيين، قائلاً إن "الإرهابي نتنياهو يؤكد أنه ماضٍ في تنفيذ خطة التهجير القسري تحت غطاء الحرب، ويعلن صراحة أن أي تهدئة مؤقتة ستُتبع بمجزرة جديدة". ويقول: "واشنطن مطالبة بتوضيح موقفها من هذه الجريمة، وهي تتوسط باسم "السلام". كفى صمتاً على الإبادة والتهجير، إذ إن نتنياهو لا يسعى لسلام ولا تبادل أسرى، بل يواصل حرب إبادة لتحقيق "خطة ترامب" للتهجير القسري". ويعاني قطاع غزة حالياً من تجويع شديد جراء الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض عليه منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، وعدم السماح بإدخال المساعدات، باستثناء عدد محدود من الشاحنات سمح له بالوصول خلال اليومين الماضيين بعد مطالبات أميركية.
تقارير عربية
التحديثات الحية
الاحتلال يبدأ تنفيذ "عربات جدعون": المفاوضات مناورة لاستمرار الحرب
في الأثناء، يقول الباحث والمختص في الشأن الإسرائيلي، سليمان بشارات، إن خطاب نتنياهو بمثابة رسالة للعالم بأنه صاحب الرؤية والطرح، وأنه من يفرضها، سواء كان الأمر واقعياً أو غير واقعي وحمل الخطاب نمطاً استعراضياً. ويضيف بشارات، لـ"العربي الجديد"، أن النقطة الأبرز التي قدمها نتنياهو أنه لا سقف زمنياً لها، وأنها مستمرة دون أي رؤية لنهايتها، فضلاً عن تتويجها برؤية ترامب بتهجير أهالي القطاع.وبحسب بشارات، فإن نتنياهو حدد سقف تنفيذ هذه الرؤية بإعادة احتلال القطاع، ونقل السكان إلى الخارج مع السماح لبعض من يريد للبقاء تحت الحكم الإسرائيلي. ويشير إلى أن نتنياهو عبّر عن حالة من التناقض بين الأهداف التي يتحدث عنها، وقدرته على تنفيذها، فبدرجة أساسية هناك ملف الأسرى الإسرائيليين الذين لم يتمكن من استعادتهم، وهو أمر يتعارض بين العملية العسكرية الحالية وهدف استعادتهم.
ما يجري جزء من عمليات "عربات جدعون"
ويعتبر بشارات أن ما يجري جزء من عمليات "عربات جدعون"، حيث إن ما يحصل حلقة في سلسلة من الخطة التي تقوم على تنفيذها بدرجة وأسلوب متدحرج، أملاً في تحقيق الأهداف التي تريدها الحكومة برئاسة نتنياهو. وتحتفظ المقاومة الفلسطينية في غزة بـ 58 أسيراً إسرائيلياً بعد تسليم الجندي الإسرائيلي من أصول أميركية عيدان ألكسندر، في إطار تفاهمات جرت بين حركة حماس والولايات المتحدة خلال الفترة الماضية.
إياد القرا: الاحتلال يركز على إخلاء المناطق القريبة من مناطق تواجده
إلى ذلك، يقول الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا إن التصعيد مستمر على المستوى ذاته، وهو ما تريده إسرائيل خلال الفترة الحالية، عبر استهدافات مركزة ومتتالية وعمليات نزوح، خصوصاً في المناطق الحدودية للقطاع. ويؤكد القرا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن عمليات النزوح التي تجري يركز فيها الاحتلال على إخلاء المناطق القريبة من مناطق وجوده مثل شرق خانيونس والشجاعية والتفاح، وهي أداة يستخدمها للضغط على المقاومة، وهي إحدى المراحل من خطة "عربات جدعون" التي أعلن الاحتلال انطلاقها الأحد الماضي. ويعرب عن اعتقاده أن ما يقرأ في خطاب نتنياهو هو عدم التحرك ميدانياً بشكل واسع لعدم خسارة جنود في الميدان وممارسة سياسة الأرض المحروقة، بحيث لا يبقي شيئاً بالرغم من أن هذه المناطق مدمرة.
رصد
التحديثات الحية
"عربات جدعون".. فصل جديد من إبادة غزة تحضيراً لاحتلال طويل الأمد
ويشير القرا إلى أن نتنياهو يريد من وراء هذا الأسلوب إطالة أمد الحرب لفترة طويلة، بحيث لا يذهب نحو خطوة كبيرة قد تجرّ ردود فعل داخلية أو خارجية، خصوصاً أنه ليس لديه دعم دولي كبير خلال الفترة الحالية. ويلفت إلى أن نتنياهو رفع السقف كثيراً عبر شروطه، المتمثلة بتسليم الأسرى وتسليم السلاح ونفي قيادات حماس والمقاتلين ثم التهجير، وهو ما يطرح تساؤلاً عن توجهات نتنياهو، إذ إنه لو أراد التهجير، فهذا يعني أن حركة حماس لن تستجيب للشروط الأخرى. ويبين القرا أن "حماس" سبق أن أعلنت موافقتها على تسليم حكم غزة وحتى السلاح، وهي طرحت هدنة طويلة الأمد لا تقل عن 3 سنوات، وبالتالي فإن الشروط التي وضعها تصعّب المشهد التفاوضي، وتجعل المقاومة تتمسك بشرط إنهاء الحرب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
ما وراء طرح واشنطن "صفر تخصيب" بديلاً عن تفكيك البرنامج النووي الإيراني
تُعقد في روما وبرعاية عُمانية جولة المفاوضات الخامسة بين إيران و الولايات المتحدة حول الملف النووي. الإدارة الأميركية حرصت في الأيام الأخيرة على إبداء التفاؤل وإن بتحفظ. فهي "ما كانت لتنعقد لو لم يكن في اعتقادنا أنها تنطوي على احتمال تحقيق تقدم بشأنها"، كما قالت المتحدثة في وزارة الخارجية تامي بروس، الخميس. ويبدو أن هذا الاحتمال المفترض مبني على أساس أن تراجع الإدارة عن مطلب "تفكيك" المشروع الإيراني من شأنه أن يساهم في توسيع دائرة الحلحلة في المفاوضات ولو أنها استبدلته بشرط "وقف التخصيب". لكن الفرضية لا تستقيم، لأن الوقف التام للتخصيب هو عمليا تفكيك مؤجل. في مقابلته الشاملة مع شبكة أن بي سي في برنامج "لقاء مع الصحافة" في الرابع من مايو/أيار الجاري، قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إنه لن يقبل بأقل من "التفكيك الكامل" للمشروع النووي الإيراني، مؤكداً أكثر من مرة هذا الشرط. في يوم 11 مايو/أيار الجاري عقدت الجولة الرابعة في مسقط وكان واضحا من تقييمات المتفاوضين والمراقبين، أنها انتهت إلى طريق مسدود. والأرجح أنها بلغت هذه النهاية بعد اصطدامها بهذا الشرط. على الأثر، نسب إلى مصادر المبعوث ستيف ويتكوف قولها إنه إذا لم تأت إيران بأفكار جديدة فإن الجولة اللاحقة "قد لا تعقد". بعدها طرحت الإدارة على طهران عرضا وطلبت الرد عليه قبيل اللقاء القادم. بالترافق مع هذا الطرح، بدأ ويتكوف يتحدث عن شرط "الصفر تخصيب" في أي اتفاق جديد. كرر ذلك في أكثر من مقابلة مع التشديد على تمسك الإدارة بهذا المطلب الذي صار بمثابة "الخط الأحمر" في هذا المجال. "حتى 1% تخصيباً لن نسمح به"، كما قال. أخبار التحديثات الحية جولة خامسة من المفاوضات الأميركية الإيرانية: التخصيب العقدة الأساسية والثلاثاء الماضي، ردد الوزير ماركو روبيو، المعزوفة نفسها أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ. قال إن "الإدارة مصرة على وقف إيران التام للتخصيب". الرئيس ترامب أكد هو الآخر هذا الحظر، مع أنه ترك موضوع "التفكيك" معلقاً حينما قال خلال زيارته الخليجية إن إدارته "لم تتخذ مثل هذا القرار بعد". لكن في الواقع كان قد جرى تجاوزه على أساس أن التمسك به يقطع الطريق على الصفقة التي يسعى إليها الرئيس ترامب والتي يبدو أنها "تمضي في المسار الصحيح لأن الرئيس يريد التوصل إلى اتفاق" كما قالت المتحدثة في البيت الأبيض. ويأتي تأكيدها هذا في أعقاب ما نقلته معلومات إسرائيلية قبل يومين بأن حكومة نتنياهو "تعدّ لضربة عسكرية تستهدف مواقع نووية إيرانية". واضح من التوقيت أن إسرائيل، لو صح الخبر، تنوي التخريب على اتفاق بات قريب المنال. الرئيس ترامب تحدث عن الاتفاق المحتمل، خلال مكالمة هاتفية أجراها، الخميس، مع نتنياهو لتقديم التعازي بمقتل اثنين من طاقم السفارة الإسرائيلية في واشنطن. وتردد أن الرئيس ترامب وافق على طلب نتنياهو بضرورة توفير "الضمان" لعدم حصول إيران على السلاح النووي. مع ذلك "احتفظ نتنياهو بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد من يريد إزالتها". احتفاظه بهذه الورقة يحظى بتفهم ترامب الذي وضع معادلة جديدة في العلاقة مع إسرائيل تقوم على "الفصل بين المصالح الحصرية للجانبين وترك التصرف بها لصاحب الشأن مع الالتزام بالشراكة في القضايا الاستراتيجية" وفق إحدى القراءات للتباينات التي ظهرت بين الرئيس وإسرائيل في أكثر من مسألة مثل الاتفاق مع الحوثيين والتفاوض مع إيران ومع حماس. رصد التحديثات الحية "أكسيوس": إسرائيل تستعد لضرب إيران إذا انهارت مفاوضات ترامب الآن السؤال يدور حول ما إذا كان بإمكان الفريق الأميركي المفاوض حل مشكلة التخصيب مع الجانب الإيراني. تصريحات الرئيس الإيراني أمس، لا ترجح هذا الاحتمال. صفر تخصيب يعني إحالة أجهزة الطرد المركزي على التقاعد وبالتالي على تفكيك محتوم في نهاية المطاف. احتمال يستبعده أكثر من مراقب ولو أن ضغوط الجمهوريين والمحافظين خاصة في الكونغرس لا تكف عن المطالبة بمثل هذه النهاية للنووي الإيراني. وربما من هنا كلام الإدارة عن "اتفاق أقوى" من صفقة 2015، أي اتفاق يحدد مقدار التخصيب، من باب أنه ليس في الإمكان أفضل مما كان. والمعروف عن الرئيس ترامب أنه في بداية المساومة يرفع السقف، ثم يهرع إلى خفضه في اللحظة المناسبة مع الإسراع في ذات الوقت إلى إعلان النجاح في عقد الصفقة.


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
الاقتصاد الإسرائيلي مأزوم... مؤشرات سلبية في ظل التهديدات التجارية الدولية
يواجه الاقتصاد الإسرائيلي تحديات واسعة النطاق، إذ ان المؤشرات الداخلية تشير إلى تراكم في حجم الأزمات، في المقابل يتصاعد السخط الدولي والتهديد بقطع العلاقات التجارية . فحكومة بنيامين نتنياهو تتجاهل، حتى الآن، التكلفة الاقتصادية لاستمرار الإبادة الجماعية في غزة وتجويع سكان القطاع وتوسع عدوانها على الأراضي الفلسطينية خارج غزة، وسط تصدّع علاقاتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، واهتزاز علاقاتها مع الولايات المتحدة. كذلك يواجه الاقتصاد الإسرائيلي أزمات عميقة هبطت بالناتج المحلي، وانعكست على غالبية القطاعات خاصة التكنولوجيا الفائقة التي تُعتبر ركيزة اقتصادية محورية. وفي هذا الاتجاه أتى إعلان وزارة الخارجية البريطانية تعليق المفاوضات بشأن اتفاقية تجارة حرة جديدة مع "حكومة نتنياهو"، كذا أكدت مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي أنها ستناقش اتفاقية التجارة الشاملة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. إلا أن هذه التحركات لا تترك أثراً تجارياً مباشراً، حيث إن بريطانيا لا تنوي إلغاء اتفاقية التجارة الحالية. وفي ما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، فإن إلغاء الاتفاق يتطلب إجماع كل الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد، وحاليا 17 دولة فقط تؤيد إعادة النظر في الاتفاق، وسط وجود دول تميل إلى كفة إسرائيل عادة، بينها ألمانيا وإيطاليا وبلجيكا والمجر وغيرها. لكن موجة المقاطعة يبدو أنها تتجه نحو الارتفاع، إذ تضغط فرنسا على عدد من الدول الغربية للاعتراف بدولة فلسطينية والإعلان عنها رسميا خلال قمة السلام التي ينظمها الرئيس إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في يونيو/ حزيران المقبل. وتستعد إسرائيل أيضًا لاجتماع مجلس الأمن الدولي في 28 مايو/أيار، حيث من المتوقع أن تضغط عدة دول أوروبية من أجل وقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية. اقتصاد دولي التحديثات الحية إقالة رئيس الشاباك تخض الاقتصاد الإسرائيلي: هبوط الشيكل وتوقع الأسوأ وتضاف إلى ذلك تصريحات خرج بها نتنياهو في نوبة غضب من التصرفات الأميركية التي تتجاهله خلال زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى الخليج، ليقول يوم 11 مايو/ أيار الجاري، إن إسرائيل يجب أن "تفطم" نفسها عن المساعدات الأميركية. متجاهلًا مليارات الدولارات التي تدفقت من أميركا على إسرائيل منذ نشأتها، والتي تقدرها تقارير دولية بأكثر من 250 مليار دولار. الاقتصاد الإسرائيلي أمام صدمة جديدة كل هذه التطورات تضع الاقتصاد الإسرائيلي المأزوم أمام صدمة جديدة داخلية وخارجية، ما دفع موقع "كالكاليست" إلى طرح أسئلة في تقرير الخميس: "هل نحن على حافة تسونامي سياسي؟ هل ستنضم دول أخرى إلى هذه الإعلانات؟ هل لهذه التصريحات آثار اقتصادية غير مباشرة، مثل اختيار المستثمرين الاستثمار في إسرائيل؟ والسؤال الأهم بالنسبة للمواطنين الإسرائيليين هو: هل تأخذ الحكومة في الاعتبار التكاليف الاقتصادية والسياسية لاستمرار الحرب؟ فهل نتعلم الدروس من التصريحات الأوروبية؟ وهل تقديم الحد الأدنى من المساعدات يستحق ثمن تدهور العلاقات الاقتصادية، وربما الأمنية، مع هذه البلدان؟". موجة المقاطعة يبدو أنها تتجه نحو الارتفاع، إذ تضغط فرنسا على عدد من الدول الغربية للاعتراف بدولة فلسطينية التقارير الإسرائيلية تشير إلى أن نتنياهو وأعضاء حكومته يتجاهلون تأثيرات هذه التهديدات التجارية وانعكاساتها على الاقتصاد الإسرائيلي، ووفق الموقع ذاته فإن الأدلة المتراكمة تشير إلى أنه من الصعب أن يقتنع أي مراقب بأن هناك شخصاً ما يجري حسابات التكلفة والفائدة لاستمرار الحرب ووقف المساعدات. ويلفت المعهد الإسرائيلي للدراسات الأمنية في تقرير نشره في نهاية إبريل/ نيسان الماضي، أي قبل التصريحات الأوروبية والبريطانية، إلى احتمالية حدوث أزمة مالية في إسرائيل، إذ تؤثر عودة العدوان سلبًا على النمو الاقتصادي في إسرائيل بسبب تعبئة جنود الاحتياط، إذ سيتعين على الشركات مجددًا إيجاد بدائل للموظفين الذين يُستدعون للاحتياط، بالإضافة إلى زيادة النفقات المتعلقة بتعبئة جنود الاحتياط. اقتصاد دولي التحديثات الحية 2024 أحد أسوأ أعوام الاقتصاد الإسرائيلي: هبوط الصادرات والاستثمار وقد وجدت دراسة أجرتها وزارة المالية عام 2024 أن التكلفة الاقتصادية لجندي الاحتياط تبلغ حوالي 48,000 شيكل شهريًا (13.4 ألف دولار). ويشير التقرير السنوي لبنك إسرائيل لعام 2024، الذي نُشر في مارس/آذار 2025، إلى أنه لن يكون من الممكن العودة إلى القتال عالي الكثافة دون خطوات كبيرة، بما في ذلك المزيد من تخفيضات الميزانية وزيادات الضرائب. وتطلب تمويل الحرب حتى الآن جمع ديون بمبالغ هائلة، تتجاوز حتى الديون التي جُمعت خلال أزمة كوفيد-19 في عام 2020، ما رفع نسبة الدين الإسرائيلي إلى الناتج المحلي الإجمالي، من 60% في عام 2022 إلى 69% في عام 2024. والحدث الثاني الذي يُزعزع استقرار الاقتصاد الإسرائيلي هو إقرار الكنيست أكبر ميزانية للدولة على الإطلاق، والتي بلغت حوالي 620 مليار شيكل (174 مليار دولار). تؤثر عودة العدوان سلبًا على نمو الاقتصاد الإسرائيلي بسبب تعبئة جنود الاحتياط، إذ سيتعين على الشركات مجددًا إيجاد بدائل للموظفين الذين يُستدعون للاحتياط، بالإضافة إلى زيادة النفقات المتعلقة بتعبئة جنود الاحتياط وعلى الرغم من وعد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في ديسمبر/كانون الأول 2024 بألا يتجاوز العجز 4%، فإن العجز المخطط له في الميزانية المعتمدة يبلغ بالفعل 4.9%. يأتي هذا بعد عامين لم تحقق فيهما إسرائيل هدفها المخطط له من العجز بسبب الحرب إذ وصل العجز إلى 4.1% في عام 2023 و6.8% في عام 2024. أما الحدث الثالث فهو عدم الاستقرار السياسي، وفق المعهد الإسرائيلي للدراسات الأمنية، الذي اتسم بعودة الإصلاحات القضائية ومحاولات إقالة النائب العام ورئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك). منذ اندلاع الحرب، خفّضت ثلاث وكالات تصنيف ائتماني التصنيف الائتماني لإسرائيل. وفي جميع تقاريرها الصادرة منذ انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أشارت هذه الوكالات إلى مخاوف بشأن عدم الاستقرار السياسي وتفاقم الاستقطاب في المجتمع الإسرائيلي. اقتصاد دولي التحديثات الحية كالكاليست: مقاطعة صامتة تضرب الاقتصاد الإسرائيلي وتدفع السكان للهجرة وبشكل عام، انخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل من A1 قبل الحرب إلى Baa1، مع نظرة مستقبلية سلبية. هذا التصنيف قريب جدًا من Ba1، وهو المستوى الذي تُعتبر فيه السندات غير مضمونة. قد يدفع تخفيض التصنيف إلى هذا المستوى إسرائيل إلى أزمة مالية، مما يُصعّب عليها جمع الأموال من أسواق رأس المال لتمويل نفقاتها (بما في ذلك نفقات الحرب).


BBC عربية
منذ 6 ساعات
- BBC عربية
ما صحة الاتهامات التي وجهها ترامب لرئيس جنوب أفريقيا خلال لقائهما في البيت الأبيض؟ بي بي سي تقصي الحقائق
في مشهد مشحون بالتوتر داخل البيت الأبيض، يوم الأربعاء، وجه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لرئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، اتهامات مثيرة للجدل بشأن ما قيل عن استهداف المزارعين بيض البشرة في بلاده. بدأ اللقاء بين الرئيسين بأجواء اتسمت بالود والمرح، لكن سرعان ما اتخذ اللقاء منحى مختلفاً عندما طلب ترامب من فريقه عرض مقطع فيديو يُظهر في معظمه أحد المعارضين البارزين في جنوب أفريقيا، يوليوس ماليما، وهو يردد أغنية يحثّ فيها على العنف ضد المزارعين بيض البشرة. كما اشتمل الفيديو على مشاهد أظهرت صفوفاً من الصلبان، ادعى ترامب أنها تشير إلى موقع دُفن فيه مزارعون بيض البشرة بعد قتلهم، كما سلّم ترامب للرئيس رامافوزا نسخاًً من مقالات ادعى أنها توثّق حالات عنف مستشرية تستهدف الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا. ولطالما لجأ داعمو إدارة ترامب إلى المبالغة في طرح الادعاءات الرامية إلى ممارسة العنف ضد الأقلية البيضاء، ومن أبرز هؤلاء الداعمين، إيلون ماسك، والمذيع السابق في قناة فوكس نيوز، تاكر كارلسون، الذي قدّم تقارير بشأن ما وصفه بإبادة جماعية مزعومة خلال الولاية الأولى للرئيس، وقد ثبت أن بعض هذه الادعاءات غير صحيح على نحو جلي. هل تدل صفوف الصلبان على قبور مزارعين بيض البشرة؟ تضمّن المقطع الذي عرضه ترامب في المكتب البيضاوي مشاهد لصفوف من الصلبان البيضاء تمتد على جانب طريق ريفي، وقال ترامب: "هذه مواقع دفن هنا، إنها مدافن، أكثر من ألف مزارع أبيض". بيد أن تلك الصلبان لا تدل على قبور حقيقية، فالفيديو يعود لاحتجاجات نُظّمت تنديداً بمقتل زوجين من المزارعين بيض البشرة هما، غلين وفيدا رافيرتي، كانا قد قُتلا رمياً بالرصاص في مزرعتهما، بعد تعرّضهما لكمين عام 2020. وتداول مستخدمون المقطع عبر منصة يوتيوب بتاريخ السادس من سبتمبر/أيلول، أي في اليوم التالي للاحتجاجات. وقال روب هوتسون، أحد منظّمي الفعالية، لبي بي سي: "لم يكن الموقع مقبرة، بل كان نُصباً تذكارياً"، مضيفاً أن الصلبان وُضعت كـ "نصب تذكاري مؤقت" تكريماً للزوجين. ولفت هوتسون إلى أن الصلبان جرى تفكيكها لاحقاً. واستطاع فريق بي بي سي لتقصي الحقائق تحديد الموقع الجغرافي للفيديو، وتبين أنه في منطقة ضمن مقاطعة كوازولو-ناتال، بالقرب من مدينة نيوكاسل، وتُبيّن صور خدمة "غوغل ستريت فيو" الملتقطة في مايو/أيار 2023، أي بعد قرابة ثلاث سنوات من نشر الفيديو، أن الصلبان لم تعد قائمة في المكان. هل وقعت إبادة جماعية بحق مزارعين بيض البشرة؟ قال ترامب خلال الاجتماع: "كثيرون يساورهم القلق بشأن ما يحدث في جنوب أفريقيا. لدينا العديد من الأشخاص الذين يعتقدون أنهم يتعرضون للاضطهاد، ويهاجرون إلى الولايات المتحدة، ولذلك نقبل طلبات من عدة أماكن إذا شعرنا بوجود اضطهاد أو إبادة جماعية". كان ترامب قد أدلى سابقاً، في عدة مناسبات، بتصريحات بشأن موضوع "إبادة بيض البشرة"، ويبدو أنه كان يشير إلى هذا الأمر. فخلال مؤتمر صحفي عُقد في وقت سابق الشهر الجاري، قال: "هذه إبادة جماعية تحدث الآن"، في إشارة إلى مقتل مزارعين بيض البشرة في جنوب أفريقيا. وتُعدّ جنوب أفريقيا من بين الدول الأعلى عالمياً من حيث معدلات القتل. ووفقاً لإحصائيات خدمة شرطة جنوب أفريقيا، شهد العام الماضي ما يزيد على 26 ألف حالة قتل. من بين هذه الحالات، بلغ عدد القتلى داخل مجتمع المزارعين 44 شخصاً، من بينهم ثمانية مزارعين. ولا تتضمن الإحصائيات العامة المتاحة لدينا تصنيفاً لهذه الأرقام بحسب العِرق. وعلى الرغم من ذلك، فهي لا تقدم دليلاً يدعم الادعاءات المتكررة التي أدلى بها ترامب بشأن "إبادة بيض البشرة". وفي شهر فبراير/شباط، رفض قاضٍ من جنوب أفريقيا فكرة حدوث إبادة جماعية، ووصفها بأنها "وهمية على نحو واضح" و"غير واقعية". ويجمع اتحاد الزراعة في ترانسفال، الذي يمثل المزارعين، بيانات تقدم نظرة بشأن الهوية العرقية للضحايا، ويعتمد الاتحاد على تقارير وسائل الإعلام، ومنشورات منصات التواصل الاجتماعي، وتقارير أعضائه. وتشير أرقام الاتحاد للسنة الماضية إلى حدوث 23 حالة قتل لأفراد بيض البشرة خلال هجمات على المزارع، فضلاً عن مقتل 9 من أصحاب البشرة السوداء. وحتى الآن خلال هذا العام، سجّل اتحاد ترانسفال الزراعي مقتل ثلاثة من ذوي البشرة البيضاء، وأربعة من ذوي البشرة السوداء في مزارع جنوب أفريقيا. هل دعا مسؤولون في جنوب أفريقيا إلى العنف ضد مزارعين بيض البشرة؟ عرض ترامب، خلال اللقاء المتوتر، مقاطع من تجمعات سياسية شارك فيها الحضور بأداء أغنية "اقتل البور"، وهو مصطلح في جنوب أفريقيا يشير إلى المزارعين من أصل أوروبي، وهي أغنية مناهضة للفصل العنصري يصفها النقاد بأنها تحث على العنف ضد المزارعين بيض البشرة. وكانت محاكم جنوب أفريقيا قد وصفت هذه الأغنية بأنها دعوة تحض على الكراهية، إلا أن أحكاماً قضائية حديثة قضت بجواز غنائها قانونياً في التجمعات، واعتبر القضاة أنها تعبر عن وجهة نظر سياسية ولا تحرض مباشرة على العنف. وادعى ترامب أن الذين كانوا يقودون الغناء "مسؤولون" و"أفراد يشغلون مناصب حكومية". وكان من بين الذين قادوا التجمع يوليوس ماليما، الذي سبق له قيادة جناح الشباب في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم، وكان قد غادر الحزب في عام 2012 ولم يشغل أي منصب رسمي في الحكومة، ويتزعم حالياً حزب "مقاتلو الحرية الاقتصادية"، الذي حصل على نسبة 9.5 في المئة في انتخابات العام الماضي، ودخل صفوف المعارضة ضد التحالف الحزبي الجديد متعدد الأحزاب. ورداً على اتهامات ترامب، أكد رامافوزا أن حزب "مقاتلو الحرية الاقتصادية" يُعد "حزباً صغيراً لأقلية"، مشيراً إلى أن "سياسة حكومتنا تتعارض تماماً مع التصريحات التي أدلى بها". في الفيديو، سُمع شخص آخر يغني عبارة "أطلق النار على البور" في تجمع آخر. إنه الرئيس السابق جاكوب زوما، الذي انتهت ولايته في 2018، ويعود الفيديو إلى عام 2012 عندما كان يشغل منصب الرئاسة، وكان حزب المؤتمر الوطني الأفريقي قد تعهد بالتوقف عن أداء هذه الأغنية في وقت لاحق. وقد غادر زوما حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لاحقاً، ويتزعم حالياً حزب "رمح الأمة" المعارض، الذي حصل على ما يزيد على 14 في المئة من الأصوات في انتخابات العام الماضي. ما هي الوثائق التي عرضها ترامب كأدلة؟ عرض ترامب، خلال اللقاء، عدداً من المقالات التي ادعى أنها تقدم دليلاً على قتل مزارعين بيض البشرة في جنوب أفريقيا. وظهرت صورة واضحة أثناء حديث ترامب الذي قال: "انظروا! هنا مواقع دفن منتشرة في كل مكان. هؤلاء جميعهم مزارعون بيض البشرة دُفنوا". وتبين أن الصورة ليست من جنوب أفريقيا، بل هي فعلياً من تقرير عن قتل النساء في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد تحققت خدمة بي بي سي لتقصي الحقائق من الصور، مؤكدة أنها مقتطفة من فيديو لوكالة رويترز للأنباء جرى تصويره في مدينة غوما بجمهورية الكونغو الديمقراطية في فبراير/شباط.