
هل يفتح الاتحاد الأفريقي صفحة جديدة مع السودان؟
وتأتي هذه التصريحات في لحظة مفصلية من الحرب السودانية أعقبت تغييرات كبيرة على المستوى الميداني بتقدم القوات المسلحة السودانية في العديد من المحاور الإستراتيجية، في ظل فشل المبادرات المختلفة للدفع نحو تسوية سلمية.
علاقة متوترة
طبع التوتر علاقة الاتحاد الأفريقي والسودان منذ انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، والذي تلاه تعليق الاتحاد عضوية السودان ، معتبرا ما حدث "تغييرا غير دستوري للسلطة".
وقد جاء هذا القرار ضمن سياسة الاتحاد الأفريقي الصارمة تجاه الانقلابات العسكرية في القارة، حيث شدد على ضرورة العودة إلى المسار الانتقالي المدني كشرط أساسي لأي انخراط رسمي مع السلطات السودانية.
ومع اندلاع الحرب في السودان في أبريل/نيسان 2022 تزايدت المبادرات الأفريقية لكبح جماحها، وبرز منها إعلان الاتحاد "خارطة طريق" لحل الأزمة السودانية في مايو/أيار 2023 تضمنت 6 محاور رئيسية، منها الوقف الشامل لإطلاق النار، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وبدء حوار سياسي شامل، واستعادة النظام الدستوري.
كما شُكلت في يناير/كانون الثاني 2024 لجنة رفيعة المستوى معنية بالسودان ضمت 3 شخصيات أفريقية بارزة برئاسة الممثل السامي للاتحاد الأفريقي لإسكات السلاح الدكتور محمد بن شمباس.
لكن أحد أبرز ملامح العلاقة بين الاتحاد الأفريقي والسودان شكّلها الخلاف الحاد بين الأخير ورئيس المفوضية الأفريقية السابق موسى فكي محمد الذي وصفت ورقة صادرة عن مجموعة الأزمات الدولية إدارته لاستجابة المفوضية للحرب في السودان بـ"الفوضوية".
وفي هذا السياق، اتهم الجيش السوداني فكي والمفوضية بالانحياز لصالح أطراف معينة، خصوصا بعد لقاءات مثيرة للجدل بين مسؤولي الاتحاد ومستشارين لقوات الدعم السريع، مما فاقم التوتر وأدى إلى "حرب بيانات" بين الخارجية السودانية والاتحاد الأفريقي.
ويرى محللون أن هذه الاتهامات أضعفت مصداقية الاتحاد الأفريقي لدى الحكومة السودانية، وأدت إلى تراجع التعاون مع مبادراته، كما انعكست على فعالية اللجنة الرفيعة المستوى التي أخفقت في تحقيق تقدم ملموس بملف إيقاف الحرب.
سياق متغير
التوتر وعدم الثقة اللذان وسما علاقة المفوضية الأفريقية والسودان بين خريف 2021 ومطلع العام الحالي كانا سببا رئيسيا وراء المفاجأة التي رافقت تصريحات لافتة أدلى بها رئيس المفوضية الأفريقية محمود علي يوسف في 19 مايو/أيار الجاري عقب لقاء جمعه بعضو مجلس السيادة الانتقالي ورئيس وفد السودان إلى قمة الجامعة العربية في بغداد إبراهيم جابر.
وفي إفادته أكد يوسف أن السودان يعد القلب النابض للقارة الأفريقية، مضيفا "نحن نستبشر خيرا ونتفاءل كثيرا بأن القوات المسلحة السودانية بدأت تسيطر على مناطق كثيرة"، معربا عن أمله في أن يتمكن السودان من استعادة مكانته الطبيعية ضمن محيطه الإقليمي والدولي.
ورغم ما أثارته هذه الكلمات من جدل فإنها تأتي متطابقة مع ما أدلى به يوسف في مؤتمر صحفي بعد زيارته بورتسودان في أكتوبر/تشرين الأول 2024، حيث صرح بأن الحرب الحالية "فُرضت على السودان من قبل التمرد"، وأن بوادر "انتصار القوات المسلحة السودانية الآن واضحة".
ولا يمكن فصل التصريحات الأخيرة لرأس المفوضية الأفريقية عن سياق شهد تحولا نوعيا في العلاقة بين المؤسسة القارية والحكومة السودانية خلال الأشهر الأخيرة.
وهو ما يعزى إلى مجموعة من العوامل يأتي في مقدمتها التغير الذي تم في أعلى هرم قيادة المفوضية الأفريقية في فبراير/شباط من هذا العام بتولي وزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف رئاسة المفوضية ونائبته الجزائرية سلمى مليكة الحدادي.
وتمثل تصريحات يوسف في بورتسودان -التي زارها باعتباره وزيرا لخارجية بلاده- نقلة في موقف الأخيرة.
وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز تبون صرح خلال استقباله رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان في يناير/كانون الثاني 2025 بوقوف بلاده إلى جانب السودان لتجاوز الظروف الصعبة "ومواجهة قوى الشر"، في ما اعتبره العديد من المراقبين إشارة إلى قوات الدعم السريع وداعميها الخارجيين.
وكانت أصداء هذا التغيير إيجابية في السودان، حيث صرح وزير الخارجية السوداني السابق علي يوسف الشريف بسعادة بلاده بفوز يوسف برئاسة المفوضية، ووصف هذا التغيير بأنه "مفيد للسودان".
بدوره، أبدى مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة في زيارته لجيبوتي في مارس/آذار الماضي ثقة السودان في قدرة القيادة الجديدة لمفوضية الاتحاد الأفريقي على تصحيح مسار المفوضية والقيام بدورها في إيجاد الحلول للقضايا الأفريقية.
هذا الانفتاح السوداني على القيادة الجديدة للمفوضية الأفريقية يعزوه مراسل الشؤون الدبلوماسية والإقليمية لصحيفة ستاندارد الكينية موانغي ماينا إلى سعي القيادة السودانية بعد سنوات من الغياب إلى إصلاح العلاقات واستعادة مكانتها في الإيغاد والاتحاد الأفريقي.
مقاربة جديدة
ويشير العديد من المراقبين إلى أن انتخابات المفوضية في فبراير/شباط الماضي لم تسفر عن قيادة جديدة فحسب، بل كذلك عن مقاربة مختلفة في التعاطي مع الأزمات الأفريقية، ومن ضمنها الحرب المستعرة في السودان.
وتعد هذه المقاربة امتدادا لنقاش واسع بشأن كيفية وجدوى تعاطي الاتحاد الأفريقي مع دول الانقلابات من خلال الأدوات التقليدية كتعليق العضوية وفرض العقوبات، حيث تشير -على سبيل المثال- ورقة صادرة عن مجموعة الأزمات الدولية المرموقة إلى نجاعة هذا النهج في أوائل هذا القرن في عدد من الحالات، وهو ما تضاءلت احتمالاته بشكل كبير حاليا.
وفي السياق السوداني، تأتي هذه المقاربة كجزء من تحرك إقليمي شامل من تجلياته موقف مجلس السلم والأمن الأفريقي المطالب بإعادة فتح مكتب الاتصال التابع للاتحاد الأفريقي في بورتسودان في أكتوبر/تشرين الأول 2024 على الرغم من استمرار تجميد عضوية السودان ورفض الاتحاد الأفريقي الاعتراف بسلطة الانقلاب.
هذا البحث عن أدوات أكثر واقعية وفاعلية ترافق مع إعلان رئيس المفوضية عن رفض الاتحاد الأفريقي للتدخلات الخارجية في الشأن السوداني، وضرورة البناء على الحلول الأفريقية لأزمات القارة، مما يشير -وفق العديد من المحللين- إلى رغبة في دور أكبر للتكتل القاري بالملف السوداني.
ويتناغم هذا مع تصريحات يوسف لصحيفة "ميل آند غارديان" والتي انتقد فيها إبان حملته نهج المفوضية تجاه السودان، والذي وصفه بـ"عدم النجاح"، موضحا أن الأزمة السودانية ستكون من أولوياته، إلى جانب ملفات أخرى في القارة.
هذه الرغبة تأتي في أعقاب عدد من المتغيرات، من أبرزها التقدم الكبير للجيش السوداني الذي عبر يوسف عن سعادته به، وكذلك ما أشارت إليه الدكتورة منى عبد الفتاح في مقال من أهمية الاستقرار في السودان وتأثير موقعه على دول شمال وشرق أفريقيا، إضافة إلى دول حوض النيل.
وهكذا، فقد تجلى التخوف الأفريقي من تحول الحرب السودانية إلى سيناريوهات أكثر تعقيدا في رفض مجلس السلم والأمن الأفريقي إعلان الحكومة الموازية في السودان في مارس/آذار الماضي، وهو ما اعتبرته وزارة الخارجية في بيان لها دعما "للشعب السوداني ومؤسساته الوطنية".
وضمن هذا السياق يأتي إعلان يوسف عن بدء حوار مع المجلس السيادي السوداني، لبحث الأزمة السياسية وسبل عودة السودان إلى العضوية الكاملة في الاتحاد التي وضعها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان شرطا للانخراط في مساعي الحلول الأفريقية.
ورغم السجال الحاد بشأن من يملك شرعية تمثيل الخرطوم في المؤسسات القارية والدولية فإن تصريح يوسف في بغداد يحمل وزنا سياسيا كبيرا، فهو يعني ضمنيا أن الاتحاد الأفريقي يعترف بوجود سلطة شرعية، ويرفض الدعوات التي تطالب بالتعامل مع السودان كدولة فاقدة للشرعية أو مفتوحة للتدخل الخارجي.
هذا التوجه يعضده تصريح لرئيس الآلية الأفريقية المعنية بالسودان محمد بن شمباس الذي أوضح في لقاء على الجزيرة مباشر أن المجلس السيادي هو "السلطة التي يعمل معها الاتحاد الأفريقي"، داعيا الشعب السوداني إلى بناء سلطة "أكثر شرعية" في البلاد عبر عملية انتقالية شاملة.
وفي إشارة إلى تغيرات في تعاطي الاتحاد الأفريقي مع الأزمة السودانية، كشفت "سودان تريبون" في 21 مايو/أيار الجاري عن مصادر داخل الاتحاد عن ترتيبات جارية بين المفوضية والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) بمشاركة مسؤولين من الأمم المتحدة لإنشاء آلية جديدة للملف السوداني برئاسة "إيغاد".
ردود فعل وتداعيات
وأثارت تصريحات يوسف حالة من الجدل في الساحة السودانية، حيث اعتبرها البعض دعما للجيش السوداني وتعزيزا لشرعيته في مواجهة خصومه العسكريين والسياسيين.
وعلى الضفة الأخرى، قوبلت التصريحات برفض صريح من قوات الدعم السريع التي اعتبرتها في بيان "انحيازا سافرا" و"خرقا لقيم الحياد والموضوعية" التي يجب أن يتحلى بها الاتحاد الأفريقي، ووصفتها بأنها محاولة لتجيير موقف الاتحاد لصالح الجيش السوداني، كما حذرت من مغبة استمرار المفوضية في هذا النهج، معتبرة أن ذلك يتناقض مع دور الاتحاد كوسيط محايد.
ويشير مراقبون إلى أن هذه التصريحات قد تزيد تمسك الطرفين بمواقفهما، مما سيضيف المزيد من التعقيدات أمام الوساطة الأفريقية.
ورغم أن تصريحات رئيس المفوضية الأفريقية تشير إلى مقاربة جديدة في التعاطي مع الأزمة السودانية فإن القرار النهائي بشأن رفع تجميد عضوية السودان يتخذ حصريا بواسطة مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي يربط هذه الخطوة بتحقيق انتقال ديمقراطي مدني، وليس من صلاحيات رئيس المفوضية أو حتى المفوضية مجتمعة اتخاذ هذا القرار بشكل منفرد.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
أسباب ابتعاد جنوب أفريقيا عن واشنطن وتقاربها مع الصين
في أواخر شهر يوليو/تموز 2025 صرح الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" بأنه قد يتغيب عن قمة قادة مجموعة العشرين المقبلة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني بجنوب أفريقيا، وأنه قد يُرسل ممثلا آخر لتمثيل الولايات المتحدة. ومثل هذا التصريح وغيره، يؤشر على مستوى تدني علاقات جنوب أفريقيا مع الولايات المتحدة منذ عودة "ترامب" إلى الرئاسة الأميركية، حيث تصاعدت التوترات الجيوسياسية والاختلافات الأيديولوجية بين الدولتين، كما تباينت مواقفهما من القضايا الدولية الجارية، مما جعل ترامب يتعامل مع بريتوريا بطريقة عدائية. علاقات بريتوريا مع واشنطن تتعدد جوانب العلاقات بين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، كما تتسم بفترات من التعاون والتوتر؛ إذ بعد انتهاء الأبارتهايد (أو نظام الفصل العنصري) 1994، دعمت واشنطن التحول الديمقراطي في جنوب أفريقيا، واستقبل الرئيس بيل كلينتون، الزعيم نيلسون مانديلا في أول زيارته الرسمية، وأُطلقت اللجنة الثنائية الأميركية الجنوب أفريقية 1995. وأدى تنامي العلاقات الاقتصادية إلى صدور "قانون النمو والفرص في أفريقيا" (African Growth and Opportunity Act = AGOA) 2000، والذي منح العديد من منتجات جنوب أفريقيا إمكانية الوصول إلى السوق الأميركية معفاة من الرسوم الجمركية، فأصبحت الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري لجنوب أفريقيا (قبل أن تزيحها الصين التي تُعد اليوم أكبر شريك تجاري لها). وتستورد الولايات المتحدة من جنوب أفريقيا السيارات ومكوناتها، والأحجار الكريمة والمعادن بما فيها اللؤلؤ، ومنتجات الحديد والصلب، والألمنيوم، وبعض المنتجات الزراعية كالحمضيات والنبيذ. وشكل- في عام 2024- اللؤلؤ والأحجار الكريمة النسبة الكبرى من الواردات، تلتها المركبات ومنتجات الحديد والصلب. كما قدمت الولايات المتحدة أكثر من 10 مليارات دولار أميركي كمساعدات لجنوب أفريقيا منذ 2001، خُصص حوالي 86% منها للمبادرات الصحية. ومع ذلك، ورغم تلك العلاقات؛ فإن سياسة الولايات المتحدة المتمثلة في المشاركة البناءة مع نظام الفصل العنصري، وبقاء نيلسون مانديلا على قائمة مراقبة الإرهاب الأميركية حتى 2008، وغيرهما من المظالم التاريخية، شكلت السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا بعد انتهاء الأبارتهايد، نحو اتخاذ موقف مستقل وغير منحاز. وفي حين أن التدهور الحالي في العلاقات بين بريتوريا وواشنطن يعود إلى سنوات ماضية، إلا أنه بلغ ذروته عند عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025، وتبع ذلك إصدار الإدارة الأميركية أمرا تنفيذيا في 7 فبراير/شباط 2025 اتهمت فيه جنوب أفريقيا بارتكاب أفعال فاضحة. محفزات تدهور العلاقات تتحدد أسباب أو محفزات التدهور الحالي للعلاقات بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة الأميركية في عدة نقاط سياسية وحوادث منذ 2023، هي: 1- نهج ترامب القومي والتعاملي في ظل تعميق بريتوريا علاقاتها مع منافسي واشنطن الجيوسياسيين: لقد استهدفت سياسة "أميركا أولا" والنهج المعاملاتي اللذان انتهجهما ترامب في سياسته الخارجية، دولة جنوب أفريقيا منذ عودته إلى الرئاسة الأميركية، وذلك من خلال مبدئه النابع من عدم رضاه عن النظام العالمي القائم، ورغبته في استخدام التعريفات الجمركية كوسيلة لحماية الشركات الأميركية، وتعزيز التصنيع المحلي، ومعالجة اختلالات التجارة. وقد فاقم تدهور العلاقات بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة تعميق بريتوريا علاقاتها مع منافسي واشنطن الجيوسياسيين الرئيسيين، وخاصة روسيا، والصين، وإيران. وكانت نقطة خلاف رئيسية موقف بريتوريا المحايد تجاه الحرب الروسية الأوكرانية، رافضة إدانة موسكو رغم الضغوط الدولية. واعتبرت واشنطن مشاركة جنوب أفريقيا في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا والصين في فبراير/شباط 2023 استفزازية، لتزامنها مع الذكرى السنوية الأولى للحرب الروسية الأوكرانية. وزادت من توتر العلاقات اتهامات السفير الأميركي آنذاك في مايو/أيار 2023 بأن جنوب أفريقيا زودت روسيا بالأسلحة، على الرغم من نفي جنوب أفريقيا هذه الادعاءات، ولم يعثر التحقيق على أي دليل على ذلك. وقد استشهد المسؤولون الأميركيون باستمرار- كدليل على تحالف جنوب أفريقيا مع الخصوم- بالارتباط الاقتصادي والدبلوماسي القوي لجنوب أفريقيا مع الصين، وعلاقاتها المتجددة مع إيران. 2- موقف جنوب أفريقيا من الإبادة الجماعية في غزة: ساهمت السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا تجاه القضايا الدولية الحساسة في تأجيج التوترات؛ إذ شكلت قضية بريتوريا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في ديسمبر/كانون الأول 2023 نقطة تحول حاسمة، متهمة إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة. وفي خطوة تعكس الدعم الثابت لإسرائيل، سارعت واشنطن إلى رفض القضية، ووصفتها بأنها لا أساس لها وغير مجدية. 3- دور جنوب أفريقيا في مجموعة البريكس يتعارض التأكيد المستمر لجنوب أفريقيا على سياستها الخارجية المستقلة وغير المنحازة مع التوقعات الغربية والمصالح الأميركية. وتنظر بريتوريا إلى عضويتها في مجموعة البريكس -التي تضم البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا- كآلية لتعزيز نظام عالمي متعدد الأقطاب، حيث تتمتع دول الجنوب العالمي بقدرة أكبر على التأثير. بل وتركز مناقشات حكومة جنوب أفريقيا ومجموعة البريكس على زيادة التجارة باستخدام عملاتها الوطنية لتقليل الاعتماد على الدولار الأميركي. وقد فسرت الولايات المتحدة كل هذه المواقف وغيرها على أنها تحدٍ لهيمنتها العالمية. 4- سياسات جنوب أفريقيا المحلية تخطت محفزات تدهور العلاقات بين بريتوريا وواشنطن إلى السياسات المحلية بجنوب أفريقيا، وتحديدا قانون مصادرة الأراضي رقم 13 لعام 2024 الذي يسمح بإعادة توزيع الأراضي دون تعويض في بعض الحالات. إذ تنتقد إدارة ترامب هذا القانون، رغم أنه يهدف إلى معالجة أوجه عدم المساواة الإثنية التاريخية التي استمرت بعد حقبة الأبارتهايد، حيث إن البيض، الذين يشكلون حوالي 9% من السكان، يمتلكون ما يقرب من 72% من الأراضي الزراعية، في حين أن السود، الذين يشكلون حوالي 75% من السكان، يمتلكون حوالي 4% فقط من الأراضي الزراعية المملوكة بشكل فردي. ورغم وضوح أهداف القانون وأهميته في تحقيق العدالة الاقتصادية والتنموية في جنوب أفريقيا؛ فإن إدارة ترامب أصدرت أمرا تنفيذيا اتهمت فيه جنوب أفريقيا- بدون أدلة موثوقة- بارتكاب أفعال شنيعة تشمل اضطهاد الأقلية البيضاء، وإبادة جماعية للبيض، وتطبيق التمييز العنصري من خلال إصلاح الأراضي. وقد نفت حكومة جنوب أفريقيا هذه الادعاءات، معتبرة إياها معلومات مضللة. ومع ذلك، أصرت إدارة ترامب على روايتها بالاضطهادات المزعومة، وعرضت اللجوء وإعادة التوطين السريع على "الأفريكان" في خطوة تبدو مشحونة عنصريا وتذكر بالسياسات الأميركية التي كانت تفضل الأبارتهايد، وتنحاز له ضد السود. مظاهر تدهور العلاقات: يمكن ملاحظة مظاهر تدهور العلاقات بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة الأميركية في أربع نقاط رئيسية، هي: 1- تعليق المساعدات المالية الأميركية تمارس الولايات المتحدة الأميركية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف دولا مختلفة بما في ذلك جنوب أفريقيا. وكان من أكثر هذه الإجراءات الملحوظة ما أصدرته إدارة ترامب، 24 يناير/كانون الثاني 2025، من تجميد عالمي لجميع مشاريع المساعدات الممولة من الولايات المتحدة، بما في ذلك تلك المخصصة لجنوب أفريقيا. وقد أثرت هذه الخطوة بشكل خاص على خطة الرئيس الطارئة للإغاثة من الإيدز التي تعد حجر الزاوية في الشراكة الصحية بين واشنطن وبريتوريا، حيث وفرت تمويلا كبيرا لمبادرات مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، وقد تلقت جنوب أفريقيا ما يقارب 8 مليارات دولار أميركي من هذه المبادرة منذ 2003. وقد أدى تجميد التمويل إلى فقدان وظائف في قطاع الصحة بجنوب أفريقيا، ويهدد بإلغاء سنوات من التقدم في مجالي الوقاية والعلاج من الإيدز، الأمر الذي جعل حكومة جنوب أفريقيا تبدأ جهود الاعتماد على الذات من خلال إعادة تخصيص مواردها الخاصة لسد فجوة تمويل المبادرة الصحية. 2- عرقلة الاتفاقيات التجارية عمدت إدارة ترامب إلى عرقلة اتفاقيات التجارة، وفرض تدابير اقتصادية عقابية على جنوب أفريقيا. فعلى سبيل المثال، فرضت واشنطن اعتبارا من 7 أغسطس/آب 2025 رسوما جمركية بنسبة 30% على الواردات من جنوب أفريقيا، وهي أعلى رسوم جمركية تُفرض على السلع من أي دولة أفريقية جنوب الصحراء الكبرى. ومن المتوقع أن تُعرض هذه الرسوم ما بين 30 ألفا و100 ألف وظيفة في جنوب أفريقيا للخطر، فتؤثر بشدة على قطاعات رئيسية مثل صناعات السيارات، والزراعة، والنسيج، التي تُعد الولايات المتحدة سوقا تصديرية رئيسية لها. ورغم الإعلان عن تعليق هذه الرسوم الجمركية المتبادلة لمدة 90 يوما لإتاحة الفرصة للمفاوضات، فإن التهديد الشامل بفرضها لا يزال قائما. 3- تسريع منح الجنسية الأميركية للمزارعين "الأفريكان" البيض زاد من الضغط الاقتصادي والدبلوماسي على جنوب أفريقيا ما أقدم عليه الرئيس ترامب من نهج انتقائي في سياساته، أبرزه تسريع منح الجنسية الأميركية للمزارعين "الأفريكان" البيض الذين يدعي اضطهادهم في جنوب أفريقيا. إعلان ففي 7 فبراير/شباط 2025 صدر أمر تنفيذي بعنوان "التصدي للإجراءات الصارخة لجمهورية جنوب أفريقيا" ووجه وزارة الخارجية لإعطاء الأولوية لإعادة توطين اللاجئين "الأفريكان" بصفتهم ضحايا تمييز عنصري ظالم. وقد أفادت التقارير بأن ما يقرب من 70 ألف جنوب أفريقي "أفريكاني" أبدوا اهتمامهم بهذا البرنامج. 4- العزل الدبلوماسي والتهديد بإنهاء الامتيازات التجارية سعت إدارة ترامب إلى عزل جنوب أفريقيا من المحافل الدولية وتجاهلها، كما هددت بسحب الامتيازات التجارية. فعلى سبيل المثال، قاطع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو اجتماعات مجموعة العشرين التي استضافتها جنوب أفريقيا في فبراير/شباط 2025، متهما بريتوريا بمصادرة الممتلكات الخاصة، والترويج لمفاهيم أيديولوجية مثل "التضامن والمساواة والاستدامة". ويتجلى التجاهل الدبلوماسي أيضا في تغيب وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، عن اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين. وهناك توقعات بإمكانية إنهاء إدارة ترامب، بعض الامتيازات التجارية، وتحديدا "قانون النمو والفرص في أفريقيا"، الذي يمنح العديد من المنتجات الجنوب أفريقية إمكانية الوصول إلى السوق الأميركية دون رسوم جمركية، حيث من المقرر انتهاء صلاحيته في سبتمبر/أيلول 2025، ولا توجد أي مؤشرات على تجديده، وهو ما يعرض وضع جنوب أفريقيا، كأكبر مستفيد من هذا القانون، للخطر. ويضاف إلى ما سبق أنه في مارس/آذار 2025 طُرد إبراهيم رسول، سفير جنوب أفريقيا لدى الولايات المتحدة، من قِبل وزير الخارجية روبيو، في إجراء دبلوماسي لاذع، اعتُبر ردا على انتقاداته إدارة ترامب، ودفاعه عن الفلسطينيين. كما عُلقت المساعدات العسكرية والتعاون مع قوات الدفاع الوطني الجنوب أفريقية في أبريل/نيسان 2025. وكل هذه الإجراءات تُجسد مجتمعة سعي واشنطن المتعمد لعزل جنوب أفريقيا على الساحة العالمية. التداعيات الجيوسياسية المحتملة لتدهور العلاقات بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة تداعيات جيوسياسية قد تؤثر على ديناميكيات القوة العالمية واستقلالية الجنوب العالمي، نظرا إلى أن بريتوريا تعتبر عدم انحيازها في قضايا دولية بشكل عام، أحد مبادئها في السياسة الخارجية، رافضة الإملاءات أو التسلط من القوى الأجنبية. كما أن حكومة جنوب أفريقيا تعتبر موقفها من قضايا دولية، مثل الحرب على غزة واتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية، مناصرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي، ونابعة من تاريخ مشترك من الاستعمار والأبارتهايد، وهو موقف مبدئي يدافع عنه "حزب المؤتمر الوطني الأفريقي"، ويناضل من أجله. ومن المفارقات أن التعاملات العدائية التي يمارسها ترامب ضد جنوب أفريقيا بدأت تعزز انحياز بريتوريا إلى منافسي الولايات المتحدة الجيوسياسيين، وتحديدا روسيا التي امتنعت بريتوريا عن التصويت ضدها في قرارات الأمم المتحدة التي تدين غزوها لأوكرانيا، حيث تأثر الموقف الجنوب أفريقي بالعلاقات التاريخية لـ"حزب المؤتمر الوطني الأفريقي" مع الاتحاد السوفياتي الذي دعم كفاحه ضد الأبارتهايد. ويزداد التعاون الاقتصادي والدبلوماسي القوي لجنوب أفريقيا مع الصين، إلى جانب تقربها وتجديد علاقاتها مع دول مثل إيران، والبرازيل، حيث تعتبرها بريتوريا عنصرا أساسيا في تنويع سياستها الخارجية. ومن الملاحظ أيضا أن الإجراءات العقابية التي اتخذها ترامب تدفع جنوب أفريقيا نحو تحالفات إستراتيجية مع دول الجنوب العالمي، بعيدا عن النفوذ الغربي، وذلك لإعادة التوازن نحو شراكات متنوعة لتأكيد دورها في عالم متعدد الأقطاب. ويسهم اعتماد "حزب المؤتمر الوطني الأفريقي" على إرثه المناهض للاستعمار في تبرير تحركاته الخارجية التي تلقى صدى لدى قاعدته الشعبية، وهو ما يعزز التزام بريتوريا بسياسة التضامن مع الحركات العالمية المناهضة للاستعمار، حتى لو تطلب ذلك صداما مع القوى الغربية. وبالرغم من الصدامات والتهديدات الأميركية، تواصل جنوب أفريقيا تحركاتها داخل مجموعة البريكس؛ إذ يشكل توسع المجموعة، التي تضم الآن إيران، والمملكة العربية السعودية، من بين دول أخرى، ومناقشاتها حول "التخلي عن الدولرة" (أي تقليل الاعتماد على الدولار الأميركي في التجارة الدولية)، تحديا مباشرا للنظام المالي الدولي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة. ويؤكد الموقف الجماعي لدول الجنوب العالمي، التي غالبا ما تقوده دول مثل جنوب أفريقيا، على ما يُسمى "النفاق" الغربي و"ازدواجية المعايير" في تطبيق القانون الدولي، وخاصة فيما يتعلق بالأزمات مثل تلك الدائرة في أوكرانيا وغزة. كما أن نهج ترامب في السياسة الخارجية – الذي يتسم بالأحادية والانتقائية – قد يُنفر دول الجنوب العالمي، ويُقدم للصين وروسيا وغيرهما مبررا بأن الولايات المتحدة قوة مثيرة للمشاكل. يضاف إلى ما سبق أن طريقة تعامل ترامب مع رئيس جنوب أفريقيا وقادة الدول الخمس (الغابون، وغينيا بيساو، وليبيريا، وموريتانيا، والسنغال) الذين زاروا البيت الأبيض مؤخرا، والضغط على دول أفريقية لقبول المهاجرين المرحلين من الولايات المتحدة مع رفض دول مثل نيجيريا للفكرة، كلها تنذر باستمرار تقلص النفوذ الأميركي في أفريقيا. ومن خلال تنفير صوت رئيسي في الجنوب العالمي مثل جنوب أفريقيا، وتعريض القادة الأفارقة للكمين والإهانة أثناء زياراتهم الدبلوماسية بهدف إبداء التفوق الأميركي، بما في ذلك إيقاع الرئيس رامافوزا في كمين أثناء زيارته للبيت الأبيض في مايو/أيار 2025، حيث عرض ترامب تقارير كاذبة تزعم وقوع إبادة جماعية للبيض في جنوب أفريقيا، إضافة إلى قطعه حديث الرئيس محمد ولد الغزواني أثناء القمة المصغرة مع الدول الأفريقية الخمس يوليو/تموز الماضي؛ فإن واشنطن تصور القادة الأفارقة- أمام العالم- كـ"رعايا مخلصين" للاستعمار الحديث، مما يعرض هؤلاء القادة لانتقادات وطنية في بلادهم، ويدفعهم إلى الابتعاد عن واشنطن والتقارب مع غيرها منعا للإحراج. ويؤكد على ما سبق أن تقارير حديثة كشفت تنسيق الصين جهودا مع جنوب أفريقيا، والمملكة العربية السعودية لتشكيل جبهة موحدة ضد القيود التجارية الأميركية. كما أفادت تقارير أخرى بداية شهر أغسطس/آب الجاري بأن استهداف سياسة ترامب الخارجية، الدول الأفريقية المختلفة قد أجبر هذه الدول على البحث عن شركاء تجاريين جدد، والابتعاد أكثر عن الحساسيات الاقتصادية الأميركية، وذلك في محاولة للتكيف مع الواقع الجديد المتمثل في رسوم التصدير الأميركية العالية وغير المنطقية. تجدر الإشارة إلى أن جنوب أفريقيا بذلت محاولات للتواصل الدبلوماسي مع واشنطن؛ إذ بالرغم مما تواجهه هذه الجهود من تحديات كبيرة؛ بسبب نهج ترامب العدائي ورد إدارته الاستعلائي، بما في ذلك منع مساعد رئيس جنوب أفريقيا من الحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة للتفاوض مع واشنطن، فإن الرئيس رامافوزا أجرى مكالمات هاتفية معه لمناقشة الرسوم الجمركية وقضايا أخرى. كما تسعى بريتوريا إلى إبرام صفقة تجارية، تتضمن مقترحات لشراء الغاز الطبيعي المسال الأميركي وتبسيط قواعد واردات الدواجن الأميركية، وغير ذلك مما يضمه العرض المعدل من الصفقة التجارية الذي أعلنه وزير التجارة الجنوب أفريقي، في مسعى لخفض معدل الرسوم الجمركية البالغة 30% التي فرضتها واشنطن على الصادرات الجنوب أفريقية إلى الولايات المتحدة.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
قمة "سادك" تختتم أعمالها بمدغشقر بالدعوة لتعزيز التكامل
اختتمت في عاصمة مدغشقر أنتاناناريفو أعمال القمة 45 لرؤساء دول وحكومات مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية (سادك)، وسط إشادة واسعة بتنظيم مدغشقر للقمة، ومطالبات بتسريع وتيرة التكامل الإقليمي في مجالات الصناعة والزراعة والطاقة. وجاءت القمة هذا العام تحت شعار: "تعزيز التصنيع، وتحول القطاع الزراعي، والانتقال الطاقي من أجل سادك أكثر صمودا"، حيث ناقش المشاركون سبل دفع التنمية المستدامة وتوسيع التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء، في ظل تحديات متزايدة تواجه المنطقة. وفي الجلسة الختامية، أعلن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا انتخاب بلاده لرئاسة المجموعة لعام 2026، واستضافتها للقمة المقبلة في أغسطس/آب من العام القادم، وذلك بعد مرور نحو عقد على توليها المنصب للمرة الأولى. وقال رامافوزا في كلمته "أشعر بالتواضع أمام الثقة التي منحتموني إياها، وأتطلع إلى الترحيب بكم جميعا في جنوب أفريقيا ، البلد الأجمل في العالم"، مؤكدا التزام بلاده بدعم أجندة سادك وتعزيز حضورها القاري. كما شهدت القمة إعادة تعيين إلياس ماغوسي أمينا عاما للمجموعة لولاية ثانية، بعد توليه المنصب عام 2021، حيث هنّأه رامافوزا مشيدا بجهود الأمانة العامة في الحفاظ على مهنية المنظمة واستشراف مستقبلها. وفي السياق ذاته، وجّه رئيس جنوب أفريقيا شكره لحكومة مدغشقر وشعبها على نجاح التنظيم، مشيدا بالبنية التحتية للمؤتمرات والفعاليات الجانبية، من بينها "أسبوع التصنيع" والحوارات الرفيعة المستوى التي اعتبرها "دليلا على قدرة مدغشقر على لعب دور قيادي في التعاون الأفريقي". وتُعد هذه أول مرة تستضيف فيها مدغشقر قمة "سادك" منذ 20 عاما، في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشرا على تصاعد دورها في المنظومة الإقليمية، رغم التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجه دول الجنوب الأفريقي.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
أنباء عن مفاوضات جديدة بين الكونغو ومتمردي "إم 23" بقطر
نقل موقع أفريكا نيوز عن مسؤول قطري قوله أمس الأحد إن مسودة اتفاق لإنهاء القتال بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وحركة "إم 23" قد تم تبادلها مع الحكومة والمتمردين. وأضاف المسؤول المعني بجهود الوساطة -دون أن يورد الموقع اسمه- "ندرك التحديات القائمة على الأرض، ونأمل أن يتم تجاوزها سريعا عبر الحوار والالتزام الصادق". وتأتي هذه التصريحات قبيل الموعد النهائي المحدد اليوم الاثنين، والذي تم الاتفاق عليه الشهر الماضي بين كينشاسا وحركة "إم 23" بهدف التوصل إلى اتفاق سلام. وأوضح المسؤول أن الجدول الزمني لم يُحترم، لكن "الطرفين استجابا بشكل إيجابي للوسيط، وأعربا عن رغبتهما في مواصلة المفاوضات". وكانت خارطة الطريق الواردة في "إعلان المبادئ" الموقّع في 19 يوليو/تموز الماضي بقطر قد دعت إلى بدء المفاوضات بحلول 8 أغسطس/آب الجاري، على أن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول اليوم الاثنين. ومنذ أن استأنفت حركة "إم 23" حملتها المسلحة في نهاية عام 2021 سيطرت على مناطق واسعة في شرق الكونغو الديمقراطية، مما أدى إلى أزمة إنسانية متفاقمة. وشهد مطلع هذا العام تصعيدا جديدا في القتال، حيث سيطرت الحركة على مدينتي غوما وبوكافو الرئيسيتين، وأقامت إداراتها الخاصة فيهما. وأشار المسؤول إلى أن قطر "تستضيف حاليا جلسة مهمة من المفاوضات في الدوحة تهدف إلى متابعة تنفيذ الإعلان والتوصل إلى اتفاق نهائي". ولم يصدر أي تعليق من كينشاسا أو حركة "إم 23" بشأن التصريحات الأخيرة. وعلى الأرض في شرق الكونغو لا تزال أعمال العنف مستمرة، وقد تصاعدت منذ 8 أغسطس/آب الجاري في محيط بلدة مولامبا، حيث ظل خط المواجهة مستقرا نسبيا منذ مارس/آذار الماضي. واتهم الجيش الكونغولي يوم الثلاثاء الماضي حركة "إم 23" بشن "هجمات متعددة" على مواقعه في شرق البلاد، مما يهدد وقف إطلاق النار الهش. ووفقا للأمم المتحدة، فر أكثر من مليوني شخص من أعمال العنف منذ يناير/كانون الثاني الماضي في إقليمي كيفو الشمالي والجنوبي حيث تنشط حركة "إم 23".