
الثوب الأردني يعود إلى الواجهة ومطالبات بتعزيز حضوره في الأسواق العالمية
من صندوق خشبي قديم احتفظت به في منزل العائلة، بدأت قصة نساء أردنيات في بعث الحياة مجددا في الأثواب المطرزة التي كانت يوما زينة الجدات، لتتحول لاحقا إلى مشروع وطني يسعى للحفاظ على الهوية التراثية ونقلها للأجيال الشابة بروح عصرية.
اليوم، لم يعد الثوب الأردني حكرا على المناسبات التقليدية، بل عاد بقوة إلى الواجهة، خاصة بين جيل الشباب، كرمز للأناقة، حيث تتفاوت أسعار هذه الأثواب بين 100 إلى 1000 دينار أردني للأثواب اليدوية الدقيقة، بينما تتاح خيارات أرخص تبدأ من 40 دينارا للمنتجات المصنعة على الماكنة.
ومع تنامي الاهتمام المحلي والعربي بهذا الفن، يبرز الثوب الأردني كمنتج ثقافي وسياحي قادر على أن ينافس عالميا، في ظل الحاجة إلى دعم ممنهج وتحفيز للإنتاج اليدوي، بحسب الباحثة في التراث الأردني الدكتورة فاطمة النسور.
من صندوق الذكريات إلى مشروع وطني
وتستذكر النسور كيف كانت بدايتها، قائلة منذ نعومة أظافري أحببت الملابس التراثية، عشت بين جيلين، جيل الجدات حيث كن يجلسن معا للتطريز والخياطة، وجيل الحداثة، وكنت أرافق والدتي لشراء الأقمشة من أسواق السلط.
وتضيف النسور بأنه بعد وفاة والدتها، وجدت صندوقا مليئا بالثياب القديمة المطرزة من مختلف مناطق الأردن مثل السلط ووادي شعيب، وأخرجت هذه الكنوز وأدركت بأنها لا تستطيع الاحتفاظ بها لنفسها فقط، فقررت إنشاء جمعية تهتم بهذا التراث وتحافظ عليه وتنقله للأجيال.
تطوير الثوب دون طمس هويته
عن كيفية الجمع بين الحداثة والأصالة، تشير النسور إلى أن رؤيتها في تصميم الأزياء تنبع من حبها للوطن والتراث، موضحة بدأت بإعادة تصميم الأثواب بما يتماشى مع الذوق الحديث، لكن دون التنازل عن الروح الأصلية لها، موضحة أن الجيل الجديد يحب الموضة، لذلك حاولت أن تقدم لهم هذه الأثواب بشكل عصري يحاكي التراث.
وتستشهد بتجربة لها عام 2005 في المغرب، حيث مثلت الأردن في مهرجان ثقافي، وتقول بأنه "عندما رأوني بالثوب المطور عرفوا فورا أنني من السلط، بسبب اللون الأزرق المميز والأردان الطويلة"، وتضيف بأنه" كان ثوبا عصريا لكنه حافظ على هويته التراثية، وقد نال إعجاب الحضور المغربي رغم غنى ثقافتهم بالزي التقليدي".
ماذا يميز الأثواب الأردنية عن غيرها؟
تصف النسور الثوب السلطي بأنه أحد أبرز رموز الأزياء التراثية الأردنية، موضحة أنه يتكون من 16 ذراعا من قماش الغزالين، ويتميز بلونه الأزرق وتطريزاته الفريدة التي تستوحي من الزهور والطبيعة المحيطة بالمرأة السلطية، مشيرة إلى أن الردن يوضع على الرأس مع العصبة، بينما يتميز الثوب بتفاصيل دقيقة تبرز أنوثة المرأة وهويتها المحلية.
يتميز الثوب الأردني بحسب النسور بدقة القطبة وطبيعة الزخارف، مثل "القناطر" و"الحروزة" و"المنجل" الرفيع الذي لا يتجاوز المليمترين، بخلاف التصاميم الفلسطينية على سبيل المثال، كما يختلف شكل القبة، التي تكون مستطيلة وطويلة لتتناسب مع "الدلق" الذي يزين صدر المرأة، مضيفة بأن لكل منطقة أردنية طابعها، ففي معان مثلا، نجد القطب الممتدة التي تقطع بطريقة فنية، وفي إربد تدمج الأقمشة البيضاء أو الخضراء في الأكمام والجناب، ما يمنح الثوب تميزا محليا واضحا.
الجيل الجديد يعود للتراث
ترى النسور أن هناك إقبالا متزايدا من الشباب على ارتداء الأزياء التراثية، خاصة في الأعراس والمناسبات الوطنية، لما تحمله من جمالية وخصوصية، موضحة أن الثوب اليدوي مكلف، لكنه يحمل روحا لا توجد في الثياب الجاهزة، كل قطبة تحمل قصة، وكل خيط يحاك بحب.
وتأمل النسور أن تعود المصممات الأردنيات إلى الخياطة اليدوية والابتعاد عن الإنتاج التجاري الرديء، فالثوب الأردني قادر أن يغزو العالم مثل القفطان المغربي، كما تدعو السفارات الأردنية في الخارج إلى اعتماد الزي الوطني في المناسبات، لنشر الثقافة الأردنية بطريقة راقية ووطنية.
من جانبه يشير عضو غرفة تجارة عمان وممثل قطاع الألبسة، أسعد القواسمي، إلى أن الأثواب التراثية والشعبية باتت تتصدر المناسبات الاجتماعية والوطنية والسهرات الرمضانية، حيث أصبحت النساء يحرصن على ارتدائها لإضفاء لمسة من البهجة والتميز، مضيفا أن هذه الأزياء لم تعد مقتصرة على السيدات المتقدمات في السن، بل باتت تجذب الفتيات الصغيرات بفضل التطويرات الحديثة التي أدخلت عليها، مثل الألوان الزاهية والتطريزات الملفتة، إضافة إلى استخدام التكنولوجيا في تصميمها.
ويوضح القواسمي أن الطلب على هذه الأثواب يشهد ارتفاعا ملحوظا خلال مواسم معينة مثل رمضان والصيف ومناسبات الأعراس، مبينا أن الأزياء دخلت في طور جديد يشمل تصاميم عصرية مثل "الأوفرهول" والأطقم القصيرة، والتي أصبحت رائجة في حفلات السيدات، خصوصا في فصل الصيف، كما ظهرت تصاميم شتوية ثقيلة تناسب أجواء البرد والصهرات الخارجية.
أسعار متفاوتة وفرص تصدير واعدة
بحسب القواسمي، فإن أسعار الأثواب التراثية تختلف بشكل كبير بحسب طريقة تصنيعها. فالثوب اليدوي المصنوع بدقة عالية ويستغرق إنجازه من أسبوعين إلى شهر، قد يصل سعره إلى ما بين 300 إلى 800 دينار أردني، وأحيانا يتجاوز الألف دينار إذا ما استخدمت فيه خامات فاخرة، أما الثوب المصنع جزئيا باستخدام الآلات، فيتراوح سعره بين 70 إلى 150 دينارا.
ويشير إلى أن هناك تفاوتا كبيرا في الأسعار بين الأثواب اليدوية المصنوعة بدقة عالية وتستغرق أسابيع لإنجازها، وبين الأثواب المنتجة جزئيا أو كليا باستخدام الآلات، والتي يمكن إنتاج العشرات منها يوميا، ويرى أن هذا التفاوت صحي ويتيح خيارات مناسبة لمختلف القدرات الشرائية، خصوصا أن بعض الأثواب اليدوية قد تصل أسعارها إلى مئات الدنانير.
وفيما يخص التصدير، يؤكد القواسمي أن هناك اهتماما خارجيا بالأثواب الأردنية، لا سيما من دول شمال أفريقيا ودول الخليج، لكن حجم التصدير لا يزال دون الطموح، مطالبا بضرورة دعم هذا القطاع من خلال تخفيض ضريبة المبيعات وكلف الطاقة، ودعم اليد العاملة، مما سيعزز من قدرته على المنافسة الخارجية ويساهم في تحويله إلى اقتصاد قائم بحد ذاته يخلق فرص عمل محلية ويظهر التراث الأردني على الساحة العالمية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عمان نت
منذ 3 أيام
- عمان نت
الثوب الأردني يعود إلى الواجهة ومطالبات بتعزيز حضوره في الأسواق العالمية
من صندوق خشبي قديم احتفظت به في منزل العائلة، بدأت قصة نساء أردنيات في بعث الحياة مجددا في الأثواب المطرزة التي كانت يوما زينة الجدات، لتتحول لاحقا إلى مشروع وطني يسعى للحفاظ على الهوية التراثية ونقلها للأجيال الشابة بروح عصرية. اليوم، لم يعد الثوب الأردني حكرا على المناسبات التقليدية، بل عاد بقوة إلى الواجهة، خاصة بين جيل الشباب، كرمز للأناقة، حيث تتفاوت أسعار هذه الأثواب بين 100 إلى 1000 دينار أردني للأثواب اليدوية الدقيقة، بينما تتاح خيارات أرخص تبدأ من 40 دينارا للمنتجات المصنعة على الماكنة. ومع تنامي الاهتمام المحلي والعربي بهذا الفن، يبرز الثوب الأردني كمنتج ثقافي وسياحي قادر على أن ينافس عالميا، في ظل الحاجة إلى دعم ممنهج وتحفيز للإنتاج اليدوي، بحسب الباحثة في التراث الأردني الدكتورة فاطمة النسور. من صندوق الذكريات إلى مشروع وطني وتستذكر النسور كيف كانت بدايتها، قائلة منذ نعومة أظافري أحببت الملابس التراثية، عشت بين جيلين، جيل الجدات حيث كن يجلسن معا للتطريز والخياطة، وجيل الحداثة، وكنت أرافق والدتي لشراء الأقمشة من أسواق السلط. وتضيف النسور بأنه بعد وفاة والدتها، وجدت صندوقا مليئا بالثياب القديمة المطرزة من مختلف مناطق الأردن مثل السلط ووادي شعيب، وأخرجت هذه الكنوز وأدركت بأنها لا تستطيع الاحتفاظ بها لنفسها فقط، فقررت إنشاء جمعية تهتم بهذا التراث وتحافظ عليه وتنقله للأجيال. تطوير الثوب دون طمس هويته عن كيفية الجمع بين الحداثة والأصالة، تشير النسور إلى أن رؤيتها في تصميم الأزياء تنبع من حبها للوطن والتراث، موضحة بدأت بإعادة تصميم الأثواب بما يتماشى مع الذوق الحديث، لكن دون التنازل عن الروح الأصلية لها، موضحة أن الجيل الجديد يحب الموضة، لذلك حاولت أن تقدم لهم هذه الأثواب بشكل عصري يحاكي التراث. وتستشهد بتجربة لها عام 2005 في المغرب، حيث مثلت الأردن في مهرجان ثقافي، وتقول بأنه "عندما رأوني بالثوب المطور عرفوا فورا أنني من السلط، بسبب اللون الأزرق المميز والأردان الطويلة"، وتضيف بأنه" كان ثوبا عصريا لكنه حافظ على هويته التراثية، وقد نال إعجاب الحضور المغربي رغم غنى ثقافتهم بالزي التقليدي". ماذا يميز الأثواب الأردنية عن غيرها؟ تصف النسور الثوب السلطي بأنه أحد أبرز رموز الأزياء التراثية الأردنية، موضحة أنه يتكون من 16 ذراعا من قماش الغزالين، ويتميز بلونه الأزرق وتطريزاته الفريدة التي تستوحي من الزهور والطبيعة المحيطة بالمرأة السلطية، مشيرة إلى أن الردن يوضع على الرأس مع العصبة، بينما يتميز الثوب بتفاصيل دقيقة تبرز أنوثة المرأة وهويتها المحلية. يتميز الثوب الأردني بحسب النسور بدقة القطبة وطبيعة الزخارف، مثل "القناطر" و"الحروزة" و"المنجل" الرفيع الذي لا يتجاوز المليمترين، بخلاف التصاميم الفلسطينية على سبيل المثال، كما يختلف شكل القبة، التي تكون مستطيلة وطويلة لتتناسب مع "الدلق" الذي يزين صدر المرأة، مضيفة بأن لكل منطقة أردنية طابعها، ففي معان مثلا، نجد القطب الممتدة التي تقطع بطريقة فنية، وفي إربد تدمج الأقمشة البيضاء أو الخضراء في الأكمام والجناب، ما يمنح الثوب تميزا محليا واضحا. الجيل الجديد يعود للتراث ترى النسور أن هناك إقبالا متزايدا من الشباب على ارتداء الأزياء التراثية، خاصة في الأعراس والمناسبات الوطنية، لما تحمله من جمالية وخصوصية، موضحة أن الثوب اليدوي مكلف، لكنه يحمل روحا لا توجد في الثياب الجاهزة، كل قطبة تحمل قصة، وكل خيط يحاك بحب. وتأمل النسور أن تعود المصممات الأردنيات إلى الخياطة اليدوية والابتعاد عن الإنتاج التجاري الرديء، فالثوب الأردني قادر أن يغزو العالم مثل القفطان المغربي، كما تدعو السفارات الأردنية في الخارج إلى اعتماد الزي الوطني في المناسبات، لنشر الثقافة الأردنية بطريقة راقية ووطنية. من جانبه يشير عضو غرفة تجارة عمان وممثل قطاع الألبسة، أسعد القواسمي، إلى أن الأثواب التراثية والشعبية باتت تتصدر المناسبات الاجتماعية والوطنية والسهرات الرمضانية، حيث أصبحت النساء يحرصن على ارتدائها لإضفاء لمسة من البهجة والتميز، مضيفا أن هذه الأزياء لم تعد مقتصرة على السيدات المتقدمات في السن، بل باتت تجذب الفتيات الصغيرات بفضل التطويرات الحديثة التي أدخلت عليها، مثل الألوان الزاهية والتطريزات الملفتة، إضافة إلى استخدام التكنولوجيا في تصميمها. ويوضح القواسمي أن الطلب على هذه الأثواب يشهد ارتفاعا ملحوظا خلال مواسم معينة مثل رمضان والصيف ومناسبات الأعراس، مبينا أن الأزياء دخلت في طور جديد يشمل تصاميم عصرية مثل "الأوفرهول" والأطقم القصيرة، والتي أصبحت رائجة في حفلات السيدات، خصوصا في فصل الصيف، كما ظهرت تصاميم شتوية ثقيلة تناسب أجواء البرد والصهرات الخارجية. أسعار متفاوتة وفرص تصدير واعدة بحسب القواسمي، فإن أسعار الأثواب التراثية تختلف بشكل كبير بحسب طريقة تصنيعها. فالثوب اليدوي المصنوع بدقة عالية ويستغرق إنجازه من أسبوعين إلى شهر، قد يصل سعره إلى ما بين 300 إلى 800 دينار أردني، وأحيانا يتجاوز الألف دينار إذا ما استخدمت فيه خامات فاخرة، أما الثوب المصنع جزئيا باستخدام الآلات، فيتراوح سعره بين 70 إلى 150 دينارا. ويشير إلى أن هناك تفاوتا كبيرا في الأسعار بين الأثواب اليدوية المصنوعة بدقة عالية وتستغرق أسابيع لإنجازها، وبين الأثواب المنتجة جزئيا أو كليا باستخدام الآلات، والتي يمكن إنتاج العشرات منها يوميا، ويرى أن هذا التفاوت صحي ويتيح خيارات مناسبة لمختلف القدرات الشرائية، خصوصا أن بعض الأثواب اليدوية قد تصل أسعارها إلى مئات الدنانير. وفيما يخص التصدير، يؤكد القواسمي أن هناك اهتماما خارجيا بالأثواب الأردنية، لا سيما من دول شمال أفريقيا ودول الخليج، لكن حجم التصدير لا يزال دون الطموح، مطالبا بضرورة دعم هذا القطاع من خلال تخفيض ضريبة المبيعات وكلف الطاقة، ودعم اليد العاملة، مما سيعزز من قدرته على المنافسة الخارجية ويساهم في تحويله إلى اقتصاد قائم بحد ذاته يخلق فرص عمل محلية ويظهر التراث الأردني على الساحة العالمية.

السوسنة
منذ 3 أيام
- السوسنة
28 تربويًا يحصدون جوائز الملكة رانيا للتميز
السوسنة - مندوبًا عن جلالة الملكة رانيا العبدالله، كرّم وزير التربية والتعليم والتعليم العالي عزمي محافظة، الأربعاء، 28 تربويًا من الفائزين بجائزتي الملكة رانيا العبدالله للمعلّم والمرشد التربوي المتميز، في احتفال أُقيم في قصر الثقافة بمدينة الحسين للشباب.وشمل التكريم الفائزين في الدورة الـ19 لجائزة المعلم المتميز، والدورة السادسة لجائزة المرشد التربوي المتميز، والدورة الخامسة لجائزة مديريات التربية الداعمة للتميز، بحضور شخصيات تربوية وإعلامية، وشركاء الجمعية من القطاعين العام والخاص.وأكد الوزير محافظة أن الوزارة حولت برامج التميز إلى استراتيجيات مؤسسية مستدامة، وأشار إلى تبني نماذج تعليمية متميزة مثل "صف الفرح" و"الجدران التفاعلية"، المنفذة في مدارس عديدة.من جانبها، أعلنت المدير التنفيذي للجمعية لبنى طوقان، عن إطلاق "جائزة المدارس الداعمة لبرامج التميز"، وشجعت المدارس على استخدام المنصة الإلكترونية الجديدة لتوثيق رحلتها التربوية.وفازت مديريات الشونة الجنوبية ولواء الجامعة وقصبة إربد بجائزة المديريات الداعمة للتميز، فيما حصلت معلمات من عجلون، القويسمة، لواء الجامعة، ماركا، إربد، جرش، الزرقاء الأولى، على مراكز متقدمة في فئات الجائزة.كما حصلت المرشدة التربوية أسماء أبوهندي من القويسمة على المركز الثالث في جائزة المرشد التربوي المتميز، ومنحت الجمعية 14 معلمة ومرشدة شهادات تقدير على مستوى المملكة، و50 تربويًا على مستوى المديريات.وتضمّن التكريم حوافز مالية للفائزين: 4 آلاف دينار للمركز الأول، 3 آلاف للثاني، وألفي دينار للثالث، بالإضافة إلى 400 دينار للمكرّمين على مستوى المملكة، و3 آلاف دينار لمديريات التربية الفائزة لدعم التميز والإبداع. أقرأ أيضًا:


سواليف احمد الزعبي
١٨-٠٥-٢٠٢٥
- سواليف احمد الزعبي
قلم 'مونت بلانك 149' وأقلامي!
#قلم ' #مونت_بلانك 149″ وأقلامي! من قلم د. ماجد توهان الزبيدي كان الكاتب مولعاً في الصفوف الدراسية الثانوية من الأول الثانوي ولسنة التوجيهي بالكتابة بقلم حبر سائل مع قنينته من الحبر الأسود ومثلها من الحبر الأزرق ،لكنّه قلم من صناعة صينية ،وليس من ماركات عالمية ،كنّا نطلق عليه 'ريشة'، نقوم بتعبئته من حين لآخر، ثم ،راح،منذ إنتهاء الثانوية العامة وبدء الأيام الأولى للسنة الجامعية الأولى يكتب بقلمي حبر 'باركر'و'شيفر' سائل من الصناعة الأصلية،يشتريهما من أسواق مدينة الرياض مع قنيني حبر سائل أسود وأزرق ،ويكتب محاضراته ورسائله،ويتباهي بتعليق القلمين في جيبة قميصه! وتعود بدايات علاقة الكاتب مع أقلام 'باركر'عندما وجد وهو في الصف الثاني الإبتدائي/الأساسي، أثناء سيره عام 1966م ،قلم حبر 'باركر'جاف لونه أبيض وأحمر على حافة شارع بلدة 'المشارع' في الأغوار الشمالية لنهر الأردن ،في المنطقة المواجهة الآن لمحطة وقود 'الغزاوي' وشمال مسجد المرحوم الشيخ محمود البشير الغزاوي،ويكاد أن يحصر الآن موقع القلم بين عمودي كهرباء! وكان المرء يحتفي بإقتناءه أطقم من أقلام الحبر السائل والجاف معا،إلا أنه لم ير قلما من الحبر السائل او الجاف من ماركة'مونت بلانك' إلّا في مرحلة لاحقة من عمره في بداية تسعينيات القرن الماضي عندما أهداه صديق له مقيم في الولايات المتحدة قلما من ذلك النوع دون إنتباه من المُهدى له للرسمة البيضاء في أعلى رأس القلم إلى أن نبههُ للأمر زميل له بمركز الأبحاث الفلسطيني بقبرص! كانت صدمة المُهدى له عندما أمعن النظر في تلك الرسمة ،فإذا بها 'النجمة السداسية'تلك التي تتوسط علم دويلة المستعمرة بفلسطين المحتلة، فألقى باليراع دون سابق تخطيط بالأرض ثم داس عليه، إلى أن تهشّمَ وخرج عن خدمتي الإقتناء والعمل معاً! عرف الكاتب وقتها أن هذا النوع من الأقلام هو الأعلى سعراّ بين أنواع أقلام الحبر في واوروبا الولايات المتحدة وان شركة يهودية اوروبية اميركية تتولّى تصنيعه،وان معظم المتصهينين من الألمان وأمثالهم من الأوروبيين والأميركيين من 'المسيحيين الصهيونيين' يكتبون به ،ويتفاخرون بإقتناءه والترويج له لوجود 'النجمة السداسية' في أعلى رأس غطاه!والشركة المصنعة بدات العمل عام 1908 بألمانيا ثم إفتتحت لها مقرات بالولايات المتحدة واخذت تتاجر بالعطور أيضا بالإسم ذاته 'مونت بلانك' وبتجارات أخرى في ضور تغوّل الرأسمالية الإستهلاكية وشركاتها الإستعمارية سارقة ثروات الشعوب وخيراتها. اليوم بالصدفة شاهد الكاتب صورة للرئيس الأميركي ترامب في جولته العربية الخليجبة وقد أهدته إحدى الدول التي زارها ضمن ما أهدته ،قلم حبر من ماركة'مونت بلانك149″ بقيمة مليون ونصف المليون دولار أميركي بما يوازي مليون دينار أردني وربما يزيد عن ذلك قليلاً. وأضاف الخبر المرفق بصورة للرئيس وهو يرفع القلم أمام آلات التصوير:إن القلم مرصع ب1400 قطعة من الجواهر! ولو علمنا ان تكلفة إنشاء بيت واحد لعائلة عربية فقيرة من 70 مترا مربعا لا تتجاوز 10 آلاف دينار أردني، كبيوت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة او الأردن أو سوريا ،فإن قيمة ذلك القلم الذي فرح به الرئيس الأميركي تؤمن بناء مئة 100 بيت لمئة 100 عائلة عربية! رحم الله أيام دراساتي العليا ببغداد،على نفقتي الخاصّة،عندما كان الكاتب وزملاؤه يشترون أطقم اقلام حبر سائل وجاف من ماركتي 'باركر' و'شيفر' إضطر أصحابها من معلمين ومحاضرين وادباء وصحافيين عراقيين لبيعها في مكتبات وأسواق شعبية وفي الشوارع بسبب الحاجة بأثمان لا تتعدى الدينار أو الدينارين من العملة الأردنية في ضوء هبوط سعر صرف الدينار العراقي والذي وصل في مرحلة ما من نهاية تسعينيات القرن الماضي لخمسة آلاف دينار عراقي لكل دينار أردني! ويتذكر الكاتب الآن بعد أن ألقى بقلمه من ماركة'مونت بلانك' تحت قدمه وسحقه،كيف فغر فمه طويلاَ وهو يرى احد أصدقاءه من كبار الكتاب والباحثين الفلسطينيين من وزن الباحث والمفكر الكبير عبد الوهاب المسيري رحمه الله ،يقتني مجموعة من أقلام 'مونت بلانك' وتعلوها 'النجمة السداسية' ،دون اي إكتراث منه لعتاب الكاتب له ،وهو المفكر والباحث المنغمس في النضال الوطني وفي وظيفته الرسمية ! هي مجرد أطياف من ذكريات مرّ بها الكاتب وعلاقته باقلام الحبر السائل والجاف من ماركات عالمية منذ سن الثامنة ولنصف قرن لاحق في زمن باتت أقلام الحبر الصينية أم' البريزة 'و'الشلن' من ماركة 'بيك' واخواتها تّزيّن جيوب المعلمين وأساتذة الجامعات وطلبتها في الزمن الراهن،زمن ترامب ومن هو على شاكلته في الفكر والمبادىء والعلم والثقافة!(15 أيار)