
إنذار أمريكي من تأثير نفوذ طهران على علاقات بغداد مع أربيل
شفق نيوز/ أثار تصريح وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، ماركو روبيو، بشأن تصاعد النفوذ الإيراني في العراق واعتباره "يشكّل تهديداً جدّياً للمصالح الأمريكية"، قلقاً من قرب الاستدارة الأمريكية نحو العراق للتعامل معه وفق علاقة جديدة لا يستبعد فيها اتخاذ "إجراءات لازمة" على البلاد.
وفي شهادة أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، ذكر روبيو، أمس الأربعاء، أن "نفوذ إيران في العراق شهد تزايداً واضحاً، وتسرّب إلى مفاصل الحكومة، مما يشكّل تهديداً جدّياً للمصالح الأمريكية.
وقد ظهر ذلك في مواقف الفصائل التي سبق أن هاجمت المصالح الأمريكية داخل العراق، وتستعدّ لتكرار ذلك مستقبلاً".
"لا تدخل" بالقرار العراقي
وبينما يرى مراقبون أن هذه التصريحات هي مؤشر على مجموعة أمور، يعتبر عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، علي نعمة البنداوي، أنها "تصريحات غير موفقة، حيث إن العراق فيه حكومة منتخبة من البرلمان المنتخب من الشعب، لذلك واقع الحال يدل على عكس ما تحدث به الوزير الأمريكي".
واضاف البنداوي لوكالة شفق نيوز، أن "هذه التصريحات لم تكن مفاجئة، وهي ليست بجديدة، إذ سبق وأن تم التصريح بها، رغم أن العراق يبسط سيادته على الأرض العراقية ولا توجد تدخلات لدول الجوار في القرارات العراقية، كما أن العراق لا يسمح بأي تدخلات في شؤونه الداخلية من قبل أي طرف".
واكد النائب، أن "العراق بدأ في استعادة عافيته بالانفتاح على دول الجوار والإقليمية وعلى مستوى المجتمع الدولي، وذلك على أساس المصالح المشتركة، كما تلعب الحكومة العراقية دوراً في تقريب وجهات النظر بين شعوب المنطقة من أجل إحلال السلام، وفي الدرجة الأولى بتحسين العلاقة مع دول الجوار".
"تهديدات جدية"
عضو الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وفاء كريم اتفق، مع النائب البنداوي، بأن "المطالب الأمريكية بإنهاء النفوذ الإيراني في العراق ليست بجديدة، بل هي مستمرة منذ سنوات وخاصة ما يتعلق بالمساعدات اللوجستية للفصائل المسلحة والميليشيات التي شكلت خطراً على المصالح الأمريكية وحلفاءهم".
واوضح كريم لوكالة شفق نيوز، أن "إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تبنت مشروع تحرير العراق من إيران وحصر السلاح بيد الدولة ونزع السلاح من الميليشيات والفصائل، خاصة وأن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وعد في أكثر من مناسبة بإنهاء الفصائل والميليشيات ودمجهم مع القوات المسلحة".
واشار كريم إلى أن "هذه المطالبات الأمريكية تدخل في الصفقة النووية مع إيران بضرورة التخلي عن حلفائها في المنطقة، لذلك يجب على العراق الرضوخ في ظل الوضع الراهن والمتغيرات الأمنية والجغرافية التي حصلت وضعف الهلال الشيعي في المنطقة".
وحذر من، أن "التهديدات الأمريكية جدية لكنها دائماً ما تنتظر أولاً طبيعة المعالجة من الجانب العراقي، وفي حال لم يتم حل هذه الميليشيات والفصائل وإنهاء تهريب النفط والدولار إلى إيران، فمن المتوقع اتخاذ إجراءات لازمة على العراق".
ما وراء الموقف الأمريكي؟
من جهته، رأى أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية ورئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، أن "التصريحات الأمريكية تؤشر على أن إيران لا تزال تمتلك تأثيراً كبيراً على الداخل العراقي، كما أنها تأتي في إطار رؤية أمريكية لم تفصل العراق عن إيران، كما في المذكرة الرئاسة للأمن القومي التي تم من خلالها إعادة الضغوط القصوى على إيران، وأُدرج العراق ضمن هذه المذكرة".
واضاف الشمري لوكالة شفق نيوز، أن "هذه التصريحات تؤشر على أن حكومة محمد شياع السوداني لم تستجب للاشتراطات الأمريكية في قضية إنهاء التمدد الإيراني في مؤسسات الدولة أو حلفاءهم في السيطرة على السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإخفاق أو عجز الحكومة عن تفكيك السلاح وإنهاء عمل الميليشيات في الداخل العراقي، والتهديد بالاستمرار في استهداف المصالح الأمريكية".
ونتيجة لذلك، ذكر الشمري، أن "الجانب الأمريكي يجد أن العراق وفق هذه التركيبة، يمثل خطراً كبيراً على الأمن القومي الأمريكي".
وتابع: "كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتقد أن هناك تأثيرات إيرانية كبيرة تُعيق تطور العلاقة ما بين بغداد وأربيل، في ظل وجود محاولة لإعاقة تنفيذ الاتفاقات الأخيرة التي أبرمتها حكومة إقليم كوردستان خاصة في مجال الطاقة، ما يهدد المصالح الأمريكية".
واعتبر الشمري، أن "مثل هكذا تصريحات سيكون لها أثر كبير على العلاقة بين بغداد وواشنطن، خاصة وأن مستوى وطبيعة هذه العلاقة لم يتضح إلى الآن، ما قد يعطي مؤشراً على قرب الاستدارة الأمريكية نحو العراق على مستوى السياسة مع العراق أو ما يرتبط مع حكومة السوداني أو حتى مع الفصائل المسلحة".
وكان وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، ماركو روبيو، أكد في شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، بأن "على العراق أن يحترم كيان الحكم الذاتي لإقليم كوردستان، وأن يلتزم كذلك باحترام الشركات الأمريكية التي تزاول نشاطها هناك".
وتأتي هذه التصريحات في وقت أبدت فيه وزارة النفط العراقية، أول أمس الثلاثاء، اعتراضها على إبرام اتفاقات بين حكومة إقليم كوردستان والشركات الأمريكية في قطاع الطاقة التي جرى توقيعها الاثنين الماضي في العاصمة الأمريكية واشنطن.
وردت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كوردستان، أول أمس الثلاثاء، على وزارة النفط العراقية، مؤكدة أن الاتفاقيتين المبرمتين مع شركتي HKN وWesternZagros الأمريكيتين ليستا جديدتين، وقد تم تصديقهما سابقاً من قبل المحاكم العراقية باعتبارهما قانونيتين ولا تشوبهما أية إشكالات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الحركات الإسلامية
منذ ساعة واحدة
- الحركات الإسلامية
شادي المنيعي.. زعيم "أنصار بيت المقدس"
" شادي المنيعى " يكفى هذا الاسم للتدليل على رقم صعب في المعادلة الأمنية بسيناء حيث لم يتمكن الأمن حتى الأن من فك شفرة هذا الجهادي العشريني الذى يرتبط اسمه بأكثر العمليات عنفا وضراوة ضد أجهزة الأمن على مدار فترات حكم المجلس العسكري ومرسى والسيسي . الفتى الذي لم يتجاوز الثلاثين من عمره، أدار معركة عنيفة مع الأمن في رفح، صار لغزاً لدى أجهزة الأمن بالرغم من صغر سنه وحصوله على مؤهل عال" بكالوريوس خدمة اجتماعية" إلا أن انتماءه لعائلة المنيعي العريقة في سيناء وقرابته بعدد من الجهاديين مثل خليل المنيعي دفعته لأن يسلك نفس المسار . المتهم من السلفية الجهادية ومتورط في اختطاف الجنود السبع وهو شقيق خليل المنيعي، ومتورط هو وشقيقه في اقتحام ومهاجمة قسم ثالث العريش أثناء أحداث ثورة 30 يونيو، ومطلوب ضبطه وإحضاره في عدة قضايا ومن العناصر الخطرة في سيناء . يعيش الشاب في قرية المهدية برفح تلك القرية الحدودية التي تُعد معقلاً للجهاديين في سيناء . بدايات المنيعى وظهوره في أعقاب تنحي مبارك وتردد بقوة بعد تفجيرات سيناء التي توالت منذ تولي المجلس العسكري شئون البلاد، وإبان الانتخابات الرئاسية السابقة منع شادي المنيعي المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي من دخول الشيخ زويد ورفح لإقامة مؤتمر جماهيري . هذا فيما تحول " شادي المنيعي"، بسرعة خاطفة من رجل يعمل في تهريب البضائع والسلاح عبر الأنفاق إلى زعيم أكبر جماعة تكفيرية في سيناء، "أنصار بيت المقدس"، ليتم القبض عليه مؤخرًا وينتظر مصيره النهائي في السجن . كان "المنيعي" قد كوّن علاقات واسعة مع جماعة التوحيد والجهاد عام 2000، على يد "أسامة النخلاوي" المتهم الرئيسي في تفجيرات طابا وشرم الشيخ، وابن عمه سليمان حرب المنيعي، ليتحول من تاجر مخدرات إلى تكفيري . وشارك في تأسيس جماعة بيت المقدس، بحسب خبراء أمنيين الذين أكدوا بدورهم أن مجموعة من التكفيريين الهاربين من غزة، انضموا للمنيعي، وجماعة التوحيد والجهاد، وأسسوا الجماعة الجديدة، التي أصبحت بمثابة الذراع العسكرية لجماعة الإخوان، للضغط على القوات المسلحة في حالة رفض تنفيذ أجندة الإخوان المسلمين، ظنًا منهم أنهم سيمثلون عقبة قوية تهدد أفراد الجيش المصري وقياداته إذا ما فكر أحدهم في مواجهة المخطط الإخواني، الذي كان يتضمن توطين الفلسطينيين في سيناء . وعقب سقوط الرئيس المعزول محمد مرسي، بدأ شادي المنيعي ينفذ ما كان قد اتفق عليه مع جماعة الإخوان، بتكثيف هجماتهم الإرهابية ضد قوات الجيش والشرطة، ونشر الفوضى بشمال سيناء وبعض المحافظات الأخرى، بل وإعلان شمال سيناء إذا ما نجحوا في مخططهم إمارة إسلامية، لاستضافة الجهاديين المنتشرين في كل أنحاء العالم، ليمثلوا تهديدًا غير مسبوق للدولة المصرية . ونجح شادي المنيعي، في النجاة بأعجوبة من الموت المحقق في يوليو الماضي، عندما حاول بالإضافة إلى أربعة من رجاله، استهداف مدينة إيلات بصاروخ جراد من داخل فناء خاص بمنزله جنوب رفح، في محاولة منهم لخلق أزمة على الحدود المصرية - الإسرائيلية، ولكن طائرة للجيش نجحت في تحديد موقعهم وقامت بقصفهم، عقب انصراف المنيعي بدقائق معدودة، ونجحت في تدمير قاعدة الصواريخ، بالإضافة إلى قتل الثلاثة الآخرين، وخرجت جماعة "أنصار بيت المقدس" يوم 26 يوليو 2013 ببيان تؤكد من خلاله أنها فقدت خيرة قياداتها في هذه العملية . ولمرة أخرى نجح "المنيعي" في الإفلات من الموت المحقق الأسبوع الماضي، عندما هاجمت قوات الجيش بؤر الإرهاب بقرية المهدية، وأطلقت النار عليه ولكنه اختفى فجأة، داخل المنطقة المتواجد بها، والتي حاصرتها قوات الجيش المصري وقامت بهدم أكثر من منزل له، وظلت تطارده، حتى سقط مؤخرًا . كانت الصدمة قوية للإرهابي شادي المنيعي، بعدة إلقاء القبض على أربعة تكفيريين من أقاربه التابعين لجماعة "أنصار بيت المقدس"، تلا ذلك قتل أحد قيادات جماعته خلال مواجهة مع الجيش المصري، جنوب العريش، فما كان منه وجماعته إلا الرد بعملية اغتيال العقيد محمد مبروك واستهداف قوات الجيش والشرطة . وأخيرًا سقط "المنيعي" في قبضة رجال الأمن، لتكون آخر عملياته التي خطط لها هي قتل 11 من جنودنا البواسل، وسيدفع وكل من يؤيدونه ثمن أرواح جنودنا غاليًا، ومازالت الحرب على الإرهاب قائمة، ومازالت مصر تدفع ضريبة قبولها لحكم جماعة الإخوان لعام واحد، لكنها دائمًا اعتادت أن تنتصر . للمزيد عن مقتله أضغط


الحركات الإسلامية
منذ ساعة واحدة
- الحركات الإسلامية
النص الكامل لتقرير مجلس الدفاع والأمن القومي الفرنسي حول مؤامرة جماعة الإخوان
ترأس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الأربعاء، في قصر الإليزيه، اجتماعًا لمجلسي الدفاع والأمن القومي، لبحث توسع حركات الإسلام السياسي بفرنسا، وملف حركة جماعة الإخوان المسلمين. عقد هذا الاجتماع عقب صدور تقرير حصلت" البوابة نيوز" على النص الرسمي له، أعده مسئولان رسميان رفيعا المستوى، بطلب من الحكومة الفرنسية، وخلص إلى أن جماعة الإخوان تشكل تهديدا للتلاحم الوطني. شارك في الاجتماع كل من رئيس الحكومة، فرانسوا بايرو، ووزراء الداخلية، والخارجية، والاقتصاد والمالية، والتربية الوطنية، والتعليم العالي، والرياضة، حيث أن القطاعات الثلاثة الأخيرة "مستهدفة بشكل خاص من قبل هذا التدخل من الأسفل"، كما جاء في بيان قصر الإليزيه. وقال الإليزيه: "نحن جميعا متفقون تمامًا على أننا لا ينبغي أن نضع جميع المسلمين في خانة واحدة، لأننا نحارب الإسلاموية وتجاوزاتها المتطرفة، ولا نحارب الإسلام فى ذاته". وقال مستشارون للرئيس: إن ماكرون أراد اتخاذ إجراءات بأسرع وقت ممكن لمواجهة ظاهرة متجذرة تزايدت مؤخرًا، مشيرين إلى الخطر الذي يشكله تنظيم الإخوان المسلمين على الأمن القومي الفرنسي، ولم يعلن حتى الآن توصيات الاجتماع، مع احتمال تصنيف بعض الإجراءات كمعلومات سرية. وخلص التقرير الذي أعده مسئولان رسميان رفيعا المستوى، بطلب من الحكومة الفرنسية، إلى أن الجماعة تشكل تهديدا للتلاحم الوطني، مع تنامي تشدد إسلامي من القاعدة على المستوى البلدي، صعودًا إلى قمة المجتمع وفق الوثيقة. وانفردت "البوابة نيوز" بنشر التفاصيل الكاملة لهذا التقرير حول مؤامرة جماعة الإخوان على فرنسا. وتعتمد جماعة الإخوان المسلمين في بلدانها المختلفة على دوائر متحدة المركز، ويتكون مركزها من "دائرة داخلية" من الناشطين الملتزمين. ومن المحتمل جدًا وجود هذه المنظمة في فرنسا، نظرًا لوجودها في كل مكان آخر في أوروبا. ويقال: إن عدد أعضائها لا يتجاوز بضع مئات، لكن حركة "الإخوان"، عندما نفهمها على نطاق أوسع، تشمل كل أولئك الذين يتبنون أساليب عملها، على اتصال بهذه "الدائرة الداخلية" أو مستوحاة منها، بأهداف مختلفة: إعادة الإسلام، أو الانفصال أو التخريب في بعض الأحيان، وكان الأمر يتعلق بتحديد الجهات الفاعلة والهياكل بما في ذلك الأقمار الصناعية ونطاق عمل وتأثير الإخوان المسلمين في فرنسا. طالع التقرير كاملًا باللغة العربية والفرنسية من


الحركات الإسلامية
منذ ساعة واحدة
- الحركات الإسلامية
انتصارات الخرطوم ومعركة دارفور: الجيش يوسّع قبضته والدعم السريع يرد بالمسيّرات
يشهد المشهد السوداني تصاعدًا عسكريًا وسياسيًا حادًا، مع استمرار الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع للسيطرة على مفاصل الدولة. ففي وقت تُوسّع فيه القوات المسلحة نطاق سيطرتها ميدانيًا، خصوصًا في وسط وغرب السودان، تتجه في الوقت ذاته لتعزيز موقعها السياسي من خلال خطوات نحو إدارة مدنية مؤقتة تأمل أن تُكسبها اعترافًا دوليًا. هذه التطورات تأتي في أعقاب معركة طويلة للسيطرة على العاصمة الخرطوم، التي أعلن الجيش استعادتها بالكامل في 20 مايو، في تحول يُعدّ الأكبر منذ اندلاع الحرب الأهلية في أبريل 2023. في المقابل، ترد قوات الدعم السريع على الخسائر العسكرية بتصعيد هجماتها بالطائرات المسيّرة، في محاولة لتعطيل جهود الجيش نحو بسط الاستقرار وفرض إدارة مدنية فعالة في المناطق المحررة. وتستهدف هذه الحملة بنية تحتية حساسة في الشرق والشمال، لا سيما في بورتسودان، لإرباك الإمداد اللوجستي للقوات المسلحة، وإضعاف قدرتها على مواصلة التقدم في جبهات القتال الرئيسية، خاصة في دارفور وجنوب كردفان. الجيش السوداني يوسع هجماته صعّدت القوات المسلحة السودانية عملياتها العسكرية ضد قوات الدعم السريع في وسط البلاد، في مسعى لتهيئة الطريق نحو استعادة السيطرة على مناطق غرب السودان. وتمكنت وحدات الجيش منتصف مايو من استعادة مدينة "الخواي" وعدد من المواقع الأخرى الواقعة على الطريق السريع الرئيسي الذي يربط شرق السودان بغربه. وتكتسب "الخواي" أهمية استراتيجية نظرًا لقربها من مدينة "النهود" – البوابة الإدارية والعسكرية إلى إقليم غرب السودان. وكانت القوات المسلحة قد سيطرت على "النهود" و"الخواي" في فبراير ضمن تقدمها من مدينة الأبيض – عاصمة شمال كردفان – نحو الغرب، إلا أن الدعم السريع شنّ هجومًا مضادًا في أوائل مايو أعاد فيه السيطرة على هذه المناطق. وتبعد "النهود" نحو 215 ميلًا شرق مدينة "الفاشر" – عاصمة ولاية شمال دارفور – حيث تحاصر قوات الدعم السريع منذ أبريل 2024 مواقع الجيش السوداني على الطريق الاستراتيجي الرابط بين دارفور وبقية السودان. وتكمن أهمية "النهود" كذلك في اتصالها بعدد من الطرق الثانوية التي قد يستخدمها الجيش للتوغل نحو دارفور من عدة محاور. ومنذ يونيو 2024، باتت المدينة مركزًا إداريًا للقوات المسلحة في ولاية غرب كردفان، وتضم مطارًا محليًا لم تُسجل فيه أي حركة طيران موثقة خلال العام الأخير رغم نشاطه في تتبع المركبات. في الجنوب، تقدمت القوات المسلحة السودانية من مدينة الأبيض حتى أصبحت على بُعد 32 ميلًا فقط من "الدلنج" في جنوب كردفان، وذلك في 13 مايو الجاري. وكان الجيش قد تمكّن جزئيًا من كسر حصار قوات الدعم السريع على "الدلنج" من الجنوب في فبراير 2025، ويواصل الآن التقدم من الشمال لاستكمال فك الحصار المستمر منذ عامين. ويمثل تحرير "الدلنج" خطوة محورية تتيح للجيش فتح جبهة جديدة نحو الغرب لفك الحصار عن قواته في غرب كردفان، ومنها إلى عمق دارفور. أما في شمال السودان، فقد استغل الجيش انشغال قوات الدعم السريع بجبهات الوسط ليستعيد، مع القوة المشتركة المتحالفة معه، منطقة "الأترون" شمال دارفور في 18 مايو، بعد تحرك عسكري من منطقة "الدبة". ويرجح مرصد حرب السودان أن قوات الدعم السريع سحبت بعض عناصرها من الشمال لإسناد جبهات القتال في الوسط، ما أتاح للقوات الحكومية استعادة بعض المواقع دون قتال مباشر. وفي تطور متصل، أعلنت الإدارة المدنية التابعة لقوات الدعم السريع في غرب كردفان حالة الطوارئ في 18 مايو، ووجهت نداءً عامًا إلى قادتها الميدانيين والمقاتلين للالتحاق بخطوط المواجهة ضمن تعبئة عسكرية شاملة. تقوض لوجستيات الدعم السريع وتقطع خطوط الإمداد تمكّنت القوات المسلحة السودانية من السيطرة على منطقة العطرون في شمال دارفور، ما يشكل ضربة استراتيجية لقوات الدعم السريع، إذ يقوّض هذا التقدم قدراتها اللوجستية ويُعيق جهودها في توسيع نطاق الهجمات في شمال السودان. وتكمن أهمية "العطرون" في وقوعها على طريق رئيسي يربط شمال دارفور بولاية الشمالية، مما يمنح الجيش موقعًا دفاعيًا متقدمًا يمكن استخدامه كمنطقة عازلة ضد هجمات الدعم السريع، وكذلك كنقطة انطلاق لأي عملية عسكرية مستقبلية في دارفور. ويُعد الاستيلاء على العطرون أيضًا تطورًا مهمًا في قطع خطوط الإمداد القادمة من جنوب وغرب دارفور، إضافة إلى تقليص عمليات التهريب عبر الحدود المفتوحة مع ليبيا وتشاد، التي تعتمد عليها قوات الدعم السريع لتوريد الأسلحة والوقود والمركبات بالتعاون مع جماعات مسلحة وشبكات تهريب. ضربة لمطار الدعم السريع في الشمال استخدمت قوات الدعم السريع مطارًا بالقرب من العطرون في عملياتها، سواء لتلقي الإمدادات أو لشنّ هجمات بالطائرات المسيّرة ضد مدن تقع تحت سيطرة الجيش. وباستعادة هذه المنطقة، يكون الجيش السوداني قد نجح في تحييد قاعدة جوية كانت تشكل تهديدًا مباشرًا لمواقعه الحيوية في شمال البلاد. ورغم هذا الإنجاز، فإن موقع العطرون، الذي يبعد نحو 525 ميلًا عن مدينة الفاشر، لا يُعد نقطة انطلاق مثالية لهجمات واسعة النطاق، خاصة بعد أن استولت قوات الدعم السريع في مارس/آذار على منطقة "المحلية"، الواقعة على بعد 110 أميال فقط شمال الفاشر، والتي تتمتع بأهمية استراتيجية أكبر. في تحول مفصلي، أعلنت القوات المسلحة السودانية فرض سيطرتها الكاملة على ولاية الخرطوم في 20 مايو، بعد استعادة آخر قاعدة عسكرية لقوات الدعم السريع في أم درمان يوم 19 من الشهر ذاته. وبذلك تكون القوات المسلحة قد أكملت إعادة بسط نفوذها على مدن العاصمة الثلاث: الخرطوم، بحري، وشرق النيل، بعد أن بدأت عملياتها في أم درمان خلال أبريل. عقب هذا التقدم العسكري الحاسم، عينت القوات المسلحة مسؤولين سياسيين جددًا في الحكومة الانتقالية التابعة لها، في خطوة تهدف إلى تعزيز شرعيتها المحلية والدولية، واستعادة الحد الأدنى من مؤسسات الحكم والإدارة في العاصمة، تمهيدًا لمرحلة جديدة من التفاوض السياسي المحتمل. جهود للشرعية السياسية تقابلها حرب بالطائرات المسيّرة تزامنت المكاسب العسكرية التي حققتها القوات المسلحة السودانية مؤخرًا مع تحرّكات سياسية تهدف إلى كسب الشرعية الدولية وتقديم إدارة مدنية فعالة في المناطق التي استعادت السيطرة عليها. ففي خطاب ألقاه في فبراير 2025، أعلن الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش، عن نيّة القوات المسلحة تشكيل حكومة تكنوقراط لوضع دستور جديد والتحضير لانتخابات بعد استعادة العاصمة الخرطوم. وفي 19 مايو، عيّن البرهان كامل إدريس، المسؤول الأممي السابق، رئيسًا للوزراء، ضمن خطوة ترمي إلى إظهار الجدية في الانتقال نحو الحكم المدني. كما ضمّ مجلس السيادة الانتقالي بقيادة الجيش امرأتين للمرة الأولى، وجرّد المجلس من سلطاته الرقابية على الحكومة التنفيذية، في إشارة إلى الرغبة في إرساء فصل واضح بين السلطات. وبحسب ما نقلته صحيفة "سودان تريبيون"، فإن هذه الإجراءات تُعدّ جزءًا من خطة متكاملة لإعادة عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، والتي جرى تعليقها عقب الانقلاب المشترك بين الجيش وقوات الدعم السريع في عام 2021. ورغم ترحيب الاتحاد الأفريقي بتعيين إدريس، إلا أن مصادر مطلعة داخل الاتحاد لا تزال تشكك في قرب رفع تعليق العضوية، مشيرة إلى ضرورة اتخاذ خطوات أكثر مصداقية نحو الحكم الديمقراطي. ردّ الدعم السريع: تصعيد مسيّر لإرباك الحكم وإعاقة الإمداد وفي مقابل هذه الخطوات السياسية، لجأت قوات الدعم السريع إلى تصعيد لافت في حملات الطائرات المسيّرة بهدف تقويض شرعية القوات المسلحة السودانية وإثبات قدرتها على المنافسة في عموم السودان. تسعى قوات الدعم السريع من خلال هذا التصعيد إلى جعل المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش غير قابلة للإدارة، فضلًا عن استهداف البنية التحتية الحيوية وتعطيل خطوط الإمداد. وقد بدأت قوات الدعم السريع هذه الحملة منذ مطلع 2025، مستهدفة منشآت حيوية مثل سد مروي ومطاري دنقلا وعطبرة، قبل أن توسّع نطاق عملياتها لتصل إلى بورتسودان، العاصمة الإدارية الفعلية للقوات المسلحة، في مايو الجاري. وشنت مسيّرات الدعم السريع غارات يومية استمرت لتسعة أيام على الأقل، استهدفت خلالها منشآت تخزين الوقود، مستودعات الذخيرة، محطة كهرباء، قاعدة عسكرية، ومطار المدينة. وفي هجمات لاحقة، استهدفت مسيّرات الدعم السريع سجنًا في الأبيض في 10 مايو، وثلاث محطات كهرباء في أم درمان في 14 مايو. ويُنظر إلى هذه الهجمات باعتبارها محاولة واضحة لإعاقة قدرة القوات المسلحة على إدارة المناطق الشرقية وتعزيز جبهاتها في الوسط والغرب، عبر ضرب مراكزها اللوجستية ومحاور الإمداد الرئيسة. خاتمة: تتخذ الحرب في السودان منحى متداخلًا ومعقدًا، إذ لم يعد الصراع مقتصرًا على الجبهات العسكرية فحسب، بل باتت المعركة على شرعية الحكم وإعادة بناء الدولة في قلب المعادلة. تسعى القوات المسلحة السودانية لاستثمار انتصاراتها الميدانية لإعادة تشكيل المشهد السياسي، عبر تقديم حكومة تكنوقراط وإجراءات رمزية لتوسيع التمثيل المدني، بينما يظل المجتمع الدولي مترددًا في منح الشرعية الكاملة ما لم تقترن هذه التحركات بإصلاحات جوهرية ملموسة. في المقابل، تواصل قوات الدعم السريع استخدام وسائل الحرب غير التقليدية، مثل الطائرات المسيّرة، لإبقاء يدها فاعلة في ساحة الصراع، وتعطيل خطوط الإمداد الحيوية لقوات الجيش. هذه الهجمات لا تستهدف الأهداف العسكرية فحسب، بل تطال البنية التحتية الحيوية، في مسعى واضح لإفشال أي مشروع لاستعادة الحكم المركزي. يبقى مستقبل السودان معلقًا على توازن القوة بين طرفين يتنافسان على الأرض والشرعية. وبينما يسعى الجيش إلى حسم عسكري يوازيه تقدم سياسي، تراهن قوات الدعم السريع على حرب استنزاف طويلة قد تمنع خصمها من تحقيق الاستقرار المطلوب. وفي ظل استمرار انقسام المجتمع الدولي، وغياب أفق لحل تفاوضي شامل، فإن السيناريوهات تظل مفتوحة على مزيد من التصعيد، أو انكفاء مؤقت بانتظار جولة جديدة من المواجهة.