
مى زيادة.. العيش فى المستقبل
فيما قدمت من كتابات إبداعية وفكرية متنوعة، وفيما قامت به من أدوار ثقافية وصحفية متعددة، بلورت مي زيادة (1886 ـ 1941) مشروعا استثنائيا في الأدب العربي والثقافة العربية خلال العقود الأولى من القرن الماضي، تمثّل هذا المشروع في إبداعات مغامرة انطلقت من نزوع للتجديد والتجدد، كما تمثّل في إنجازات سارت في وجهات عدة، منها ما اتصل بصياغة صورة جديدة للمرأة العربية المبدعة والمثقفة، وعلاقتها بذاتها وبمن حولها وبما حولها، واهتمامها بمجتمعها وبالعالم من حولها.. واقترن هذا كله بعمل دائب، متنوع ومتصل، من أجل بث الوعي للوصول إلى عالم أفضل، فيه لن تقتصر هذه الصورة الجديدة للمرأة على شخصية أو على شخصيات نسائية استثنائية محدودة، بل تسود فيه علاقات جديدة تغدو معه هذه الصورة تعبيرا جماعيا عن وضع عام جديد... وبوجه عام، شيّد مشروع مي زيادة، في مجمله، مثالا مشهودا، كبير القيمة، على ما يمكن تسميته "العيش في المستقبل".
كتبت مي زيادة، بالعربية والفرنسية والإنجليزية، كتابات كثيرة في مجالات بعضها ينتمي إلى الأنواع الأدبية المعروفة، ومنها الشعر (مثل ديوانها: "أزاهير حلم")، والمذكرات (مثل كتابها: "سوانح فتاة")، والمقالات التي تطرقت إلى شتى ألوان المعرفة؛ الحضارة والاجتماع والعمران والتاريخ والفن والسياسة، وقد تم جمع بعض هذه المقالات في كتب (مثل: "الصحائف").. كما أسهمت مي زيادة بعدد كبير من المحاضرات والكلمات، هي بحد ذاتها نصوص جميلة، ألقتها في أماكن عديدة، وتم تجميعها في كتب أيضا (مثل "رسالة الأديب" و"غاية الحق" و"كلمات وإشارات").. إلخ.
وفي هذه الإسهامات تأسست كتابات مي زيادة الأدبية، من ناحية، على مغامرة إبداعية تجترح الحدود والتصنيفات التي كانت سائدة، في زمنها، حول الأنواع الأدبية، وتستكشف مساحات جديدة للتعبير الأدبي، والكتابة في أشكال أدبية سوف تتنامى فيما بعد تحت مسميات جديدة، من مثل "النصوص الدرامية" و"قصيدة النثر"، وغيرها، كما انطلقت هذه الكتابات من احتفاء واضح بالنزوع الحواري، والاهتمام بطرح التساؤلات والأسئلة.. وفي ناحية أخرى، طرحت كتابات مي زيادة ومقالاتها أفكارا أساسية تناقش وتعيد النظر في كثير من التصورات الشائعة المجحفة حول بعض المواضعات والتقاليد الاجتماعية وغير الاجتماعية المكبّلة للمرأة، وتوقفت عند الوضع الراهن الذي تحياه المرأة في زمن ميّ وفي مجتمعها العربي، وعند الأوضاع الممكنة والمأمولة التي يمكن أن تحياها في أزمنة أخرى..
..بهذا المعنى، كان قطاع كبير من كتابات مي زيادة، ومن أفكارها، يمضي في اتجاهات سوف تتنامى مع حركة التاريخ، في فترة أو في فترات لاحقة لزمن كتابتها، ومن هنا كانت سلسلة الاكتشاف، وإعادة الاكتشاف، للقيم التي حفلت بها تجربة مي زيادة، فيما بعد رحيلها، خلال فترات متعددة، وهي سلسلة لا تزال حلقاتها ممتدة حتى الآن، في زمننا هذا، الذي هو زمن المستقبل بالنسبة مي.
ومع تجربة "العيش في المستقبل" التي انتمت إليها مي زيادة على مستوى الكتابة التي كتبتها، وعلى مستوى الأفكار التي طرحتها والقضايا التي دافعت عنها، كانت الأدوار العملية التي قامت بها موصولة بالتوجه ذاته.. فمثلا لم يقف إسهام مي زيادة عند حدود الدعوة إلى تحرر أو تحرير المرأة، والإعلاء من شأن مشاركاتها الثقافية والمجتمعية، وإنما كانت تجربتها كلها مثالا كبيرا على السعي المغامر، في السياق الذي عاشت فيه، إلى تحقيق هذه الدعوة؛ إذ شاركت مشاركات فعالة خلال أدوار عدة قامت بها في العمل الصحفي، وخلال الانتقالات إلى منتديات ومحافل مختلفة لإلقاء محاضرات وكلمات كثيرة في مناسبات عديدة، وخلال الصالون الأدبي الشهير الذي نظمته وشاركت فيه مشاركة الأكفاء مع قامات ثقافية كبيرة من الأدباء والمثقفين الرجال..وكانت في هذا كله تقدم مثالا عمليا، وتجسيدا متحققا، لما كانت تدعو إليه في الكتابة.. كما كانت في هذا كله تقطع خطوات إلى الأمام باتجاه ما كانت تصبو إليه نساء كثيرات، أو ما كان يجب أن تصبو إليه نساء كثيرات.
في كلمة ألقتها أمام جمع حاشد، بحفل كبير أقامه "النادي الشرقي" بالقاهرة، في أبريل من عام 1914 (ولنلاحظ التاريخ المبكر)، وتم نشرها كاملة في الجزء الثاني من كتابها (كلمات وإشارات) [نشر ضمن مؤلفاتها الكاملة التي جمعتها وحققتها سلمى الحفّار الكزبري]، دافعت ميّ زيادة عن "النهضة النسائية" التي "تمتد يوميا في أقاصي المسكونة"، بتعبيرها، وأكدت أن "مدنيّة الغد" ليست "مدنيّة الرجل وحده، بل هي مدنيّة الإنسانية؛ لأن المرأة آخذة بالصعود إلى مركزها الحقيقي بقرب الرجل"، وأن "موجة من النور، نور الارتقاء النسائي، تزداد ارتفاعا واتساعا مع الأيام"، وهكذا يمكن لهذا الوضع المأمول أن يتبلورمعنى "المرأة الجديدة" التي هي، بتعبيرها أيضا، "مستودع آمال المستقبل".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مصراوي
منذ 3 أيام
- مصراوي
مي عمر تنشر صورًا من مشاركتها في فعاليات "أقوى نساء" بالرياض
شاركت الفنانة مي عمر جمهورها مجموعة من الصور الجديدة عبر حسابها الرسمي على موقع "إنستجرام"، من مشاركتها في فعاليات "أقوى نساء Fortune"، التي أُقيمت في العاصمة السعودية الرياض. وظهرت مي خلال الصور بإطلالة أنيقة، ارتدت فيها بلوزة باللون الوردي وبنطالًا باللون الأسود، ولاقت الصور تفاعلًا واسعًا من متابعيها. وعلّقت مي على الصور قائلة: "فخورة بمشاركتي في فعالية أقوى نساء Fortune في الرياض. محاطة بالقوة والرؤية والهدف. تحية لكل امرأة تقود، وتلهم، وترفع من حولها". وتعد فعالية "أقوى نساء Fortune" واحدة من أبرز الفعاليات التي تحتفي بإنجازات النساء في مجالات متعددة، وتسلّط الضوء على القيادات النسائية في المنطقة. يُذكر أن مي عمر شاركت مؤخرًا في موسم دراما رمضان 2025 ببطولة مسلسل "إش إش"، إلى جانب ماجد المصري، إدوارد، هالة صدقي، انتصار، عصام السقا، محمد الشرنوبي، علاء مرسي، إيهاب فهمي، وشيماء سيف، وغيرهم من النجوم.


الأسبوع
منذ 4 أيام
- الأسبوع
بعد اتهام مي نور الشريف وشقيقتها سارة في قضية نصب.. اعرف القصة كاملة
مي وسارة نور الشريف فرحة بكري تصدرت مي وسارة نور الشريف، التريند على منصات التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية، بعد أن ترددت أنباءً عن تورطهما في قضية نصب على مساعد مهندس زراعي بمبلغ31 مليون و500 ألف جنيه. تفاصيل تورط مي وسارة نور الشريف في النصب على مساعد مهندس زراعي بدأت تفاصيل قضية النصب بعد تلقى قسم شرطة الشيخ زايد بلاغاً تقدّم به مساعد مهندس زراعي، اتهم فيه الفنانة مي نور الشريف وشقيقتها سارة، ابنتَي الفنان الراحل، بالاستيلاء على مبلغ مالي قدره 31 مليون جنيه و500 ألف جنيه، تم دفعه كمقدّم لشراء قطعة أرض، من دون إتمام الصفقة أو إعادة المبلغ. وأوضح مقدّم البلاغ، أن الاتفاق كان على شراء قطعة أرض في منطقة نزلة البطران في الهرم، بمبلغ إجمالي قدره 31 مليوناً و500 ألف جنيه، حيث تم دفع العربون المتفّق عليه كبداية لإجراءات البيع الرسمية. وأضاف في أقواله أمام جهات التحقيق أنه فوجئ بتراجع الشقيقتين عن الصفقة من دون تقديم أسباب واضحة، ورفَضتا إعادة المبلغ الذي تم دفعه، واعتبر ذلك إخلالاً ببنود الاتفاق، واستيلاء غير قانوني على أمواله، وهو ما دفعه لتحرير البلاغ. وبعد تلقي البلاغ، باشرت الأجهزة الأمنية في قسم شرطة الشيخ زايد التحقيق في ملابسات الواقعة، وأفادت مصادر أمنية بأن الجهات المختصة تدرس الوثائق والعقود المبرمة بين الطرفين.


الدستور
منذ 5 أيام
- الدستور
حزن عميق.. مى القاضى تودع "جوجو" رفيقتها الوفية بعد 10 سنوات
عبرت الفنانة مي القاضي عن حزنها الشديد لفقدان كلبتها الأليفة "جوجو"، التي توفيت بعد أن كانت رفيقتها المقربة لأكثر من 10 سنوات. وفاة كلبة مى القاضى ونشرت عبر حسابها على "إنستجرام" رسالة مؤثرة قالت فيها: "الكلبة بتاعتي جوجو ماتت يا جماعة.. أكتر من 10 سنين لازقين في بعض، فجأة مشيتي كدة يا جوجو؟"، وأضافت: "كنتِ بـ تفرحيني.. تريحيني.. دلوقتي صاحية بدور عليكي ومش لاقياكي يا مومي". وأكملت قائلة: "أغلى صاحبة فـ حياتي سابتني ومشيت.. أنا حرفيًا عايشة أصعب أيام حياتي، الفراغ كبير أوي وجوايا وجع مش مفهوم"، واختتمت رسالتها بتعبير عن حزنها قائلة: "وحشتيني يا جوجو.. حبيبة قلبي.. هتفضلي في قلبي على طول يا مومي". كم عمر مى القاضى وفي سياق آخر، ردت مي القاضي على الشائعات التي تم تداولها حول عمرها، حيث قيل إنها تبلغ من العمر 40 عامًا، وأوضحت في لقائها التليفزيوني أنها تبلغ من العمر 35 عامًا فقط، وستكمل عامها الـ36 في نهاية هذا العام، وأضافت أنها فوجئت بتداول هذه الشائعة، مشيرة إلى أن مثل هذه الأخبار ليست صحيحة. اعتزالها الرقص كانت قد أعلنت مي القاضي اعتزالها أدوار الرقص الشرقي نهائيًا، بعد أن تصدرت الـ"ترند" في شهر رمضان بفضل مشاهد الرقص التي قدمتها مؤخرًا، وأوضحت أنها توقعت ردود فعل سلبية على هذا الدور، لكنها لم تكن تتوقع أن تصل الانتقادات إلى هذه الدرجة. وقالت إنها صعقت عندما رأت مشهد رقصها، مشيرة إلى أن البذلة التي كانت ترتديها لم تكن من اختيارها، وأنها لم تكن راضية عن شكلها في هذا الدور. وأشارت القاضي إلى أنها اجتهدت كثيرًا للتحضير لهذا الدور، حيث تدربت على الرقص لمدة خمسة أشهر، وكان التدريب يشمل حصتين أسبوعيًا مدتهما ساعتان، وأضافت أنها واجهت صعوبة كبيرة في تعلم الرقص، معتبرة أن الأمر كان يشبه تعليم شخص بالغ كيفية السير، كما أنها عملت على تغيير صوتها لتتناسب مع شخصية الراقصة، حتى إنها تعلمت كيفية الزغردة.