logo
كيف تبدو الحياة في أسعد دولة في العالم؟ #عاجل

كيف تبدو الحياة في أسعد دولة في العالم؟ #عاجل

سيدر نيوز١٩-٠٤-٢٠٢٥

احتلت فنلندا المرتبة الأولى في تصنيف السعادة العالمي للعام الثامن على التوالي، لكن عامل الجذب الحقيقي للزائرين يتمثل في القيم الأصيلة التي تجسد نمط حياة الفنلندي من توازن وانسجام مع الطبيعة، ورضا بسيط.
ويميل الفنلنديون إلى التفاعل مع لقب 'الأسعد في العالم'، الذي منحهم إياه تقرير السعادة العالمي الصادر من الأمم المتحدة في مارس/آذار 2025، للعام الثامن على التوالي، بنوع من الفتور المصحوب بالدهشة. وعلى الرغم من ذلك، تحتفل شركات السياحة الفنلندية بتنامي اهتمام الزائرين، الذين باتوا يربطون بين فنلندا ومفهوم السعادة، أملاً في خوض تجربة تلك 'السعادة الفنلندية' بأنفسهم.
وعلاوة على ذلك، لا ينبغي للزائر أن يتوقع الترحيب بضحكات أو عبارات يملؤها المرح عند وصوله إلى مطار هلسنكي، أو حال نزوله من إحدى عبّارات البلطيق في ميناء العاصمة، إذ أن فنلندا دولة واقعية وعملية ولا تحب التعقيد.
وعلى الرغم من أن الفنلنديين عموما يشعرون بامتنان، بل وربما حالة من النشوة، حيال التقدير الذي ميّزهم عن غيرهم في تقرير السعادة الأممي، إلا أنهم، مع قبولهم لذلك، يرون أن كلمة 'السعادة' ليست الكلمة الأدق في التعبير، ويلفتون إلى أن كلمات مثل 'الرضا'، أو 'القناعة'، أو 'الرضا عن الحياة' تُعدّ – في نظر الكثيرين – أنسب الكلمات والأكثر ملاءمة على الإطلاق.
أربع طرق لتكون أكثر سعادة في عام 2025
وكان الرئيس الفنلندي، ألكسندر ستوب، قد كتب مؤخراً على فيسبوك قائلا: 'لا يشعر أحد بالسعادة طوال الوقت، أحياناً تجعلنا الظروف نعجز عن تحقيق ذلك، بيد أن ضمان توافر أساسيات، مثل الأمان، والحرية، والمساواة، تعد بداية طيبة'.
وعلى الرغم من أن مفهوم السعادة في فنلندا قد يبدو معقداً ومرتبطاً بسياق ثقافي، إلا أنه متأصل بعمق في سياق الحياة اليومية، فبدلاً من البحث عن لحظات السعادة باستمرار، يعتمد النهج الفنلندي على التوازن، والتلاحم بالآخرين، والشعور بالرضا، وهي خصال تجذب الزائرين.
ولا يعد هذا الشعور أمراً يشاهده الزائرون فحسب، بل يمكن المشاركة فيه بطريقة مباشرة، من خلال التفاعل مع طبيعة البلاد، والاستمتاع بثقافة الساونا، وتناول المأكولات، والتصاميم المستدامة، فضلا عن أسلوب الحياة المتبع.
ويُعلّق تييمو أهولا، مدير العمليات الدولية في مؤسسة 'زوروا فنلندا'، قائلاً: 'ننظر إلى السعادة الفنلندية على أنها محصّلة تلك العناصر الخمسة، لكننا لا نقوم بقياس أو جمع بيانات لتقييم السعادة بوصفها عنصر جذب مستقل بذاته'.
ويرى أهولا، أنه من أجل اختبار الجوانب الحقيقية للحياة الفنلندية، والتي تُشكّل حجر الأساس في ترتيبها المتقدم في مؤشرات السعادة، ينبغي استكشاف ثقافة الساونا الفنلندية، التي أصبحت عامل جذب وتزداد شهرتها على مستوى العالم.
كما شدد على أن فنلندا تُعد من الدول الآمنة، لافتاً في ذات الوقت إلى بعض المخاطر المحتملة القليلة التي يمكن أن يواجهها الزائرون، من بينها هجمات حيوان الرنّة المتجول بحرية في شمال لابلاند، مضيفا في ذات الوقت إلى أن جيلاً جديداً من الطهاة الفنلنديين أصبحوا يتمتعون بثقة الزائرين، ويحظون باحترام دولي نظرا لإسهامهم في تعزيز الاهتمام المتزايد بالمطبخ الفنلندي.
كما تتميز فنلندا بوجود مطعم حائز على نجمة ميشلان في أقصى الشمال، وهو مطعم 'تابيو' الواقع في منطقة روكا-كوسامو، فضلا عن منطقة 'سايما لايكلاند' التي تحمل لقب 'منطقة فن الطهي الأوروبي' لعام 2024.
وتهتم العديد من المطاعم في هلسنكي بالاستفادة من الثروات الطبيعة الصالحة للأكل، كالفطر، والتوت، والأسماك، والحيوانات البرية، المتاحة للجميع في غابات فنلندا الواسعة، وأرخبيلها الساحلي، ومجاريها المائية، وذلك بفضل قانون يُعرف باسم 'حق كل إنسان'، والذي يمنح الجميع حرية التنقّل في الطبيعة وجمع ثمارها.
'التفاعل مع الطبيعة'
تعد هلسنكي نقطة بداية ونهاية بالنسبة لمعظم الزائرين للبلاد، كما أنها نافذة حية مباشرة على حالة الرضا الوطني، ومدينة ساحلية تمتد على طول أرخبيل طبيعي ساحر وأراضٍ مستصلحة بمياه البحر.
ويستطيع الزائر استئجار دراجة من العديد من المحطات المنتشرة في أرجاء المدينة، لينطلق بها مستكشفاً مسارات الدراجات المتعرجة بمحاذاة الساحل، أو الاستمتاع وسط 'الحديقة المركزية'، وهي مجموعة من الغابات تمتد من قلب المدينة إلى أقصى الشمال.
وترتبط زيادة مستويات مادة الإندورفين، التي يشعر بها المرء نتيجة إحساسه بالراحة والاستمتاع بالموارد الطبيعية الوفيرة، ارتباطاً وثيقاً بمؤشرات السعادة التي تعتمدها الأمم المتحدة مثل متوسط العمر المتوقع، والحرية، والمشاعر الإيجابية، وتظهر هذه الصلة بوضوح في نشاط شركة 'سايما لايف'، وهي شركة متخصصة في تنظيم أنشطة تتفاعل مع الطبيعة في منطقة 'سايما لايكلاند' بشرقي فنلندا، والتي تديرها ماري أهونين، خبيرة الصحة النفسية ومرشدة رحلات التنزه.
وتعدّ أهونين من أبرز المدافعين عن التوازن النفسي الذي توفره الطبيعة الفنلندية وأسلوب الحياة هناك، وتقوم بإرشاد ضيوفها من خلال تجارب يطلق عليها 'شينرين-يوكو' (أي الاستمتاع في الغابات)، فضلا عن الساونا التقليدية على ضفاف البحيرات، والسباحة في المياه البرية، ورحلات جمع الفطر والتوت، إضافة إلى الطهي على النار في الهواء الطلق.
وتقول: 'قد نكون في فنلندا بسطاء بشكل مفرط، ويجب علينا أن ننظر إلى حالة السعادة العالمية بشكل إيجابي. أنا مثال حي على تطوير مشروع تجاري بفضل الدعم المتوفر لريادة الأعمال، وهناك من يقولون إن حالفك الحظ بأن تُولد في فنلندا، فهذا أشبه بالفوز باليانصيب'.
هذا التشبيه يعني تحقيق الرضا والتوازن في الحياة، والعيش براحة والتمتع بـ 'ما يكفي' من الناحية المادية، لذا لابد من تفادي الخلط بين هذا السقف من التوقعات وبين نقص الطموح أو القدرة على الابتكار، فهذا البلد موطن أجهزة هواتف 'نوكيا'، رائدة الاتصالات المحمولة، وعلامة 'فيسكارس' المميزة لأدوات الحدائق والمقصات، وأيقونة 'ماريميكو' في عالم الأقمشة والملابس.
'صمود وصلابة'
لا يعني ذلك أن فنلندا محصّنة أمام الضغوط الاقتصادية أو الخلافات، فعلى الرغم من ذلك، قد يسبب الشتاء الطويل المظلم ضغوطاً على الصحة النفسية للأفراد.
كما تنطوي فكرة السعادة الفنلندية أيضاً على توافر جرعة من الـ 'سيزو': وهو مفهوم يصعب ترجمته، يمثل حالة من الصمود، والصلابة، والشجاعة، والمثابرة، وتشرح الكاتبة الفنلندية-الكندية كاتيا بانتزار، التي تناولت بشكل موسع هذه السمة المميزة، ما هي الـ 'سيزو' وتقول 'هي طريقة تفكير تُمكّن الأفراد والمجتمعات من العمل معاً في مواجهة التحديات بدلاً من الاستسلام أو إلقاء اللوم وانتقاد الآخرين'.
وتلفت إلى أن الدول الأربع الأولى في تقرير السعادة العالمي هي دول تقع في منطقة الشمال، وجميعها تتمتع بأنظمة رفاهية قوية تهدف إلى دعم المصلحة العامة، وتقول إن 'السعادة مسألة ثقافية جدا، ففي فنلندا، هناك العديد من الأمثلة على السعادة اليومية التي تتوفر وتكون في متناول الجميع، سواء كانت متمثلة في الطبيعة، حيث يستمتع كل شخص في فنلندا بالذهاب إلى أقرب غابة أو حديقة أو شاطئ أو مسطح مائي طبيعي، أو ممارسة الساونا، أو تلك التي تتمثل في الذهاب إلى المكتبات العامة، أو الاستفادة من وسائل النقل العامة الآمنة والفعّالة، أو تناول ماء الشرب النظيف المجاني، أو التعليم أو الرعاية الصحية'.
وتُسلّط بانتزار الضوء على خصائص العلاج بالتباين في رفع الحالة المزاجية للفرد، أي الاستمتاع بحمامات الساونا الساخنة ثم بحمامات باردة، كوسيلة يومية لتحفيز المزاج وتحسينه، وتقول: 'من السهل جداً عمل ذلك في مدينة هلسنكي، التي تحيط بها المياه. عندما لا يكون عليك السفر لمسافات طويلة أو دفع رسوم مرتفعة للتمتع بحمام سريع، يصبح من الأسهل عمل ذلك بشكل منتظم، سواء قبل العمل أو بعده أو خلال استراحة الغداء'.
ويوجد بعض الفنلنديين الذين يشككون في تسمية بلدهم بـ 'أسعد دول العالم'، ويقول يوهان روهيا، متقاعد: 'لا أجد من السهل اعتبار فنلندا أكثر دول العالم سعادة'.
ويضيف: 'في دول فقيرة مثل تايلاند ونيبال، يبدو أن الناس يشعرون بالراحة رغم الصعوبات التي يواجهونها، لكن في فنلندا، قد تسمع البعض أحياناً يقولون إنهم ربما كانوا أكثر سعادة إذا كانوا في مكان آخر. لكن في داخلنا، مع ما نمتلكه، نحن سعداء'.
وتشمل الدول العشر التي احتلت مراكز متقدمة في تقرير السعادة لعام 2025، بترتيب تنازلي: فنلندا، الدنمارك، آيسلندا، السويد، هولندا، كوستاريكا، النرويج، إسرائيل، لوكسمبورغ، والمكسيك. وتعتمد نتائج التقرير على نتائج استطلاعات رأي تأخذ في الحسبان عوامل مثل المساواة (أو غيابها)، الدعم الاجتماعي، الناتج المحلي الإجمالي للفرد، متوسط العمر المتوقع، الحرية، الكرم، تصورات الفرد بشأن الفساد، المشاعر الإيجابية، والاستعداد للتبرع والعمل التطوعي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كيف تبدو الحياة في أسعد دولة في العالم؟ #عاجل
كيف تبدو الحياة في أسعد دولة في العالم؟ #عاجل

سيدر نيوز

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • سيدر نيوز

كيف تبدو الحياة في أسعد دولة في العالم؟ #عاجل

احتلت فنلندا المرتبة الأولى في تصنيف السعادة العالمي للعام الثامن على التوالي، لكن عامل الجذب الحقيقي للزائرين يتمثل في القيم الأصيلة التي تجسد نمط حياة الفنلندي من توازن وانسجام مع الطبيعة، ورضا بسيط. ويميل الفنلنديون إلى التفاعل مع لقب 'الأسعد في العالم'، الذي منحهم إياه تقرير السعادة العالمي الصادر من الأمم المتحدة في مارس/آذار 2025، للعام الثامن على التوالي، بنوع من الفتور المصحوب بالدهشة. وعلى الرغم من ذلك، تحتفل شركات السياحة الفنلندية بتنامي اهتمام الزائرين، الذين باتوا يربطون بين فنلندا ومفهوم السعادة، أملاً في خوض تجربة تلك 'السعادة الفنلندية' بأنفسهم. وعلاوة على ذلك، لا ينبغي للزائر أن يتوقع الترحيب بضحكات أو عبارات يملؤها المرح عند وصوله إلى مطار هلسنكي، أو حال نزوله من إحدى عبّارات البلطيق في ميناء العاصمة، إذ أن فنلندا دولة واقعية وعملية ولا تحب التعقيد. وعلى الرغم من أن الفنلنديين عموما يشعرون بامتنان، بل وربما حالة من النشوة، حيال التقدير الذي ميّزهم عن غيرهم في تقرير السعادة الأممي، إلا أنهم، مع قبولهم لذلك، يرون أن كلمة 'السعادة' ليست الكلمة الأدق في التعبير، ويلفتون إلى أن كلمات مثل 'الرضا'، أو 'القناعة'، أو 'الرضا عن الحياة' تُعدّ – في نظر الكثيرين – أنسب الكلمات والأكثر ملاءمة على الإطلاق. أربع طرق لتكون أكثر سعادة في عام 2025 وكان الرئيس الفنلندي، ألكسندر ستوب، قد كتب مؤخراً على فيسبوك قائلا: 'لا يشعر أحد بالسعادة طوال الوقت، أحياناً تجعلنا الظروف نعجز عن تحقيق ذلك، بيد أن ضمان توافر أساسيات، مثل الأمان، والحرية، والمساواة، تعد بداية طيبة'. وعلى الرغم من أن مفهوم السعادة في فنلندا قد يبدو معقداً ومرتبطاً بسياق ثقافي، إلا أنه متأصل بعمق في سياق الحياة اليومية، فبدلاً من البحث عن لحظات السعادة باستمرار، يعتمد النهج الفنلندي على التوازن، والتلاحم بالآخرين، والشعور بالرضا، وهي خصال تجذب الزائرين. ولا يعد هذا الشعور أمراً يشاهده الزائرون فحسب، بل يمكن المشاركة فيه بطريقة مباشرة، من خلال التفاعل مع طبيعة البلاد، والاستمتاع بثقافة الساونا، وتناول المأكولات، والتصاميم المستدامة، فضلا عن أسلوب الحياة المتبع. ويُعلّق تييمو أهولا، مدير العمليات الدولية في مؤسسة 'زوروا فنلندا'، قائلاً: 'ننظر إلى السعادة الفنلندية على أنها محصّلة تلك العناصر الخمسة، لكننا لا نقوم بقياس أو جمع بيانات لتقييم السعادة بوصفها عنصر جذب مستقل بذاته'. ويرى أهولا، أنه من أجل اختبار الجوانب الحقيقية للحياة الفنلندية، والتي تُشكّل حجر الأساس في ترتيبها المتقدم في مؤشرات السعادة، ينبغي استكشاف ثقافة الساونا الفنلندية، التي أصبحت عامل جذب وتزداد شهرتها على مستوى العالم. كما شدد على أن فنلندا تُعد من الدول الآمنة، لافتاً في ذات الوقت إلى بعض المخاطر المحتملة القليلة التي يمكن أن يواجهها الزائرون، من بينها هجمات حيوان الرنّة المتجول بحرية في شمال لابلاند، مضيفا في ذات الوقت إلى أن جيلاً جديداً من الطهاة الفنلنديين أصبحوا يتمتعون بثقة الزائرين، ويحظون باحترام دولي نظرا لإسهامهم في تعزيز الاهتمام المتزايد بالمطبخ الفنلندي. كما تتميز فنلندا بوجود مطعم حائز على نجمة ميشلان في أقصى الشمال، وهو مطعم 'تابيو' الواقع في منطقة روكا-كوسامو، فضلا عن منطقة 'سايما لايكلاند' التي تحمل لقب 'منطقة فن الطهي الأوروبي' لعام 2024. وتهتم العديد من المطاعم في هلسنكي بالاستفادة من الثروات الطبيعة الصالحة للأكل، كالفطر، والتوت، والأسماك، والحيوانات البرية، المتاحة للجميع في غابات فنلندا الواسعة، وأرخبيلها الساحلي، ومجاريها المائية، وذلك بفضل قانون يُعرف باسم 'حق كل إنسان'، والذي يمنح الجميع حرية التنقّل في الطبيعة وجمع ثمارها. 'التفاعل مع الطبيعة' تعد هلسنكي نقطة بداية ونهاية بالنسبة لمعظم الزائرين للبلاد، كما أنها نافذة حية مباشرة على حالة الرضا الوطني، ومدينة ساحلية تمتد على طول أرخبيل طبيعي ساحر وأراضٍ مستصلحة بمياه البحر. ويستطيع الزائر استئجار دراجة من العديد من المحطات المنتشرة في أرجاء المدينة، لينطلق بها مستكشفاً مسارات الدراجات المتعرجة بمحاذاة الساحل، أو الاستمتاع وسط 'الحديقة المركزية'، وهي مجموعة من الغابات تمتد من قلب المدينة إلى أقصى الشمال. وترتبط زيادة مستويات مادة الإندورفين، التي يشعر بها المرء نتيجة إحساسه بالراحة والاستمتاع بالموارد الطبيعية الوفيرة، ارتباطاً وثيقاً بمؤشرات السعادة التي تعتمدها الأمم المتحدة مثل متوسط العمر المتوقع، والحرية، والمشاعر الإيجابية، وتظهر هذه الصلة بوضوح في نشاط شركة 'سايما لايف'، وهي شركة متخصصة في تنظيم أنشطة تتفاعل مع الطبيعة في منطقة 'سايما لايكلاند' بشرقي فنلندا، والتي تديرها ماري أهونين، خبيرة الصحة النفسية ومرشدة رحلات التنزه. وتعدّ أهونين من أبرز المدافعين عن التوازن النفسي الذي توفره الطبيعة الفنلندية وأسلوب الحياة هناك، وتقوم بإرشاد ضيوفها من خلال تجارب يطلق عليها 'شينرين-يوكو' (أي الاستمتاع في الغابات)، فضلا عن الساونا التقليدية على ضفاف البحيرات، والسباحة في المياه البرية، ورحلات جمع الفطر والتوت، إضافة إلى الطهي على النار في الهواء الطلق. وتقول: 'قد نكون في فنلندا بسطاء بشكل مفرط، ويجب علينا أن ننظر إلى حالة السعادة العالمية بشكل إيجابي. أنا مثال حي على تطوير مشروع تجاري بفضل الدعم المتوفر لريادة الأعمال، وهناك من يقولون إن حالفك الحظ بأن تُولد في فنلندا، فهذا أشبه بالفوز باليانصيب'. هذا التشبيه يعني تحقيق الرضا والتوازن في الحياة، والعيش براحة والتمتع بـ 'ما يكفي' من الناحية المادية، لذا لابد من تفادي الخلط بين هذا السقف من التوقعات وبين نقص الطموح أو القدرة على الابتكار، فهذا البلد موطن أجهزة هواتف 'نوكيا'، رائدة الاتصالات المحمولة، وعلامة 'فيسكارس' المميزة لأدوات الحدائق والمقصات، وأيقونة 'ماريميكو' في عالم الأقمشة والملابس. 'صمود وصلابة' لا يعني ذلك أن فنلندا محصّنة أمام الضغوط الاقتصادية أو الخلافات، فعلى الرغم من ذلك، قد يسبب الشتاء الطويل المظلم ضغوطاً على الصحة النفسية للأفراد. كما تنطوي فكرة السعادة الفنلندية أيضاً على توافر جرعة من الـ 'سيزو': وهو مفهوم يصعب ترجمته، يمثل حالة من الصمود، والصلابة، والشجاعة، والمثابرة، وتشرح الكاتبة الفنلندية-الكندية كاتيا بانتزار، التي تناولت بشكل موسع هذه السمة المميزة، ما هي الـ 'سيزو' وتقول 'هي طريقة تفكير تُمكّن الأفراد والمجتمعات من العمل معاً في مواجهة التحديات بدلاً من الاستسلام أو إلقاء اللوم وانتقاد الآخرين'. وتلفت إلى أن الدول الأربع الأولى في تقرير السعادة العالمي هي دول تقع في منطقة الشمال، وجميعها تتمتع بأنظمة رفاهية قوية تهدف إلى دعم المصلحة العامة، وتقول إن 'السعادة مسألة ثقافية جدا، ففي فنلندا، هناك العديد من الأمثلة على السعادة اليومية التي تتوفر وتكون في متناول الجميع، سواء كانت متمثلة في الطبيعة، حيث يستمتع كل شخص في فنلندا بالذهاب إلى أقرب غابة أو حديقة أو شاطئ أو مسطح مائي طبيعي، أو ممارسة الساونا، أو تلك التي تتمثل في الذهاب إلى المكتبات العامة، أو الاستفادة من وسائل النقل العامة الآمنة والفعّالة، أو تناول ماء الشرب النظيف المجاني، أو التعليم أو الرعاية الصحية'. وتُسلّط بانتزار الضوء على خصائص العلاج بالتباين في رفع الحالة المزاجية للفرد، أي الاستمتاع بحمامات الساونا الساخنة ثم بحمامات باردة، كوسيلة يومية لتحفيز المزاج وتحسينه، وتقول: 'من السهل جداً عمل ذلك في مدينة هلسنكي، التي تحيط بها المياه. عندما لا يكون عليك السفر لمسافات طويلة أو دفع رسوم مرتفعة للتمتع بحمام سريع، يصبح من الأسهل عمل ذلك بشكل منتظم، سواء قبل العمل أو بعده أو خلال استراحة الغداء'. ويوجد بعض الفنلنديين الذين يشككون في تسمية بلدهم بـ 'أسعد دول العالم'، ويقول يوهان روهيا، متقاعد: 'لا أجد من السهل اعتبار فنلندا أكثر دول العالم سعادة'. ويضيف: 'في دول فقيرة مثل تايلاند ونيبال، يبدو أن الناس يشعرون بالراحة رغم الصعوبات التي يواجهونها، لكن في فنلندا، قد تسمع البعض أحياناً يقولون إنهم ربما كانوا أكثر سعادة إذا كانوا في مكان آخر. لكن في داخلنا، مع ما نمتلكه، نحن سعداء'. وتشمل الدول العشر التي احتلت مراكز متقدمة في تقرير السعادة لعام 2025، بترتيب تنازلي: فنلندا، الدنمارك، آيسلندا، السويد، هولندا، كوستاريكا، النرويج، إسرائيل، لوكسمبورغ، والمكسيك. وتعتمد نتائج التقرير على نتائج استطلاعات رأي تأخذ في الحسبان عوامل مثل المساواة (أو غيابها)، الدعم الاجتماعي، الناتج المحلي الإجمالي للفرد، متوسط العمر المتوقع، الحرية، الكرم، تصورات الفرد بشأن الفساد، المشاعر الإيجابية، والاستعداد للتبرع والعمل التطوعي.

خبراء البيئة: جهود مصر لتطوير السياحة تعرض الطبيعة البكر للخطر بشاطئ على البحر الأحمر
خبراء البيئة: جهود مصر لتطوير السياحة تعرض الطبيعة البكر للخطر بشاطئ على البحر الأحمر

صوت بيروت

time١٥-٠٤-٢٠٢٥

  • صوت بيروت

خبراء البيئة: جهود مصر لتطوير السياحة تعرض الطبيعة البكر للخطر بشاطئ على البحر الأحمر

يوصف شاطئ رأس حنكوراب على ساحل البحر الأحمر في جنوب مصر، بمياهه الصافية ورماله البيضاء المنبسطة، بأنه جوهرة محمية وادي الجمال، حيث يوجد أحد آخر نظم البيئة البحرية البكر التي لم تُمس حتى الآن في البلاد. يقع الشاطئ على بعد مسافة تقطعها السيارة في 90 دقيقة من مطار مرسى علم الدولي، وعلى مسافة أربع ساعات من مدينة الغردقة سريعة النمو، وهو محاط حاليا بسور خشبي، ويحاول النشطاء وقف أعمال التطوير فيه التي تشمل، وفقا لخطط التطوير الأصلية، إقامة عشرات الوحدات على شكل أكواخ ومطعما ومزرعة. ويحذِّر دعاة الحفاظ على البيئة من أن النظام البيئي الهش، الذي يؤوي السلاحف والشعاب المرجانية والأعشاب البحرية وأنواعا لا حصر لها من الأسماك، أصبح مهددا، فيما يخشى السكان المحليون من فقدان مورد طبيعي نفيس إلى الأبد. وتبيع مصر تراخيص استثمار في المحميات الوطنية للمطورين على أمل زيادة الدخل ومواجهة أزمتها الاقتصادية. وتختلف المشروعات من حيث الحجم والنطاق. وتعد السياحة من أهم ركائز الاقتصاد المصري. وقدرت الأمم المتحدة في تقرير أصدرته في الآونة الأخيرة بأن عائدات السياحة السنوية بلغت14.1 مليار دولار في عام 2024 أي أكثر من ضعف إيرادات قناة السويس. ومع وصول أعداد الزائرين إلى 17 مليونا في عام 2024 بزيادة سنوية بلغت 17 بالمئة، ترى مصر أن هناك إمكانية لزيادة عدد السائحين عن طريق تحسين البنية التحتية وربط الرحلات الجوية وإتاحة الفرصة لقضاء عطلات في المناطق الساحلية والصحراوية. واستقبلت تركيا 62 مليون سائح، واليونان 35 مليونا، ودبي 18.7 مليون، في عام 2024. ويحذر دعاة الحفاظ على البيئة وسكان محليون من أن أي بناء ولو بسيط على الشاطئ سيدمر واحدة من آخر المحميات البحرية البكر في مصر. وقالت أسماء علي المديرة التنفيذية لمؤسسة إيكوريس المصرية، التي تعمل على تعزيز الوعي بأهمية الحفاظ علي البيئة والتنمية المستدامة، إن المحمية الوطنية والشاطئ من أهم مواقع التنوع البيولوجي في العالم. وأضافت 'هذه المنطقة مهمة لأنها مصنفة عالميا إنها منطقة من أهم مناطق التنوع البيولوجي في العالم. بتحوي كائنات قابلة للإنقراض، منها كائنات بحرية، فيها أهم الشعاب المرجانية…، بها أيضا سلاحف بحرية مهددة بالإنقرض، وبها طبعا أشجار مانجروف. بها تنوعي بيولوجي كبير'. وقال شريف بهاء الدين، أحد مؤسسي محمية وادي الجمال، إن السائحين يبحثون عن الطبيعة البكر وليس المنتجعات الخرسانية. وأوضح أن 'السياح بيروحوا الأماكن دي علشان بيدوروا على إللي مش عندهم. بيدوروا على طبيعة بكر، مش ريزورتس خرسانة. ممكن السائح يقعد في فندق فخم يستريح فيه، بس لما بيحب يروح محمية بيبقى رايحها يشوف الطبيعة على أصلها'. وأضاف 'أصلا فكرة المحمية إنها تحمي الطبيعة البكر دي. منطقة صغيرة بتتسحب من منطقة كبيرة علشان تبين الطبيعة هنا كانت عاملة إزاي، زي مرجع لأصل الطبيعة. فلما إحنا نغير دا، يبقى أصلا تبقى محمية ليه؟'. ومضى قائلا 'إحنا مش بنقول إننا ضد التطوير، بس ما الدنيا واسعة طول الساحل الشرقي على البحر الأحمر. فلو هنتكلم على التطوير خلينا نتكلم على نبني فين. لكن لو هنتكلم على حنكوراب أو المحمية بشكل عام، فأنا في رأيي إن أفضل حاجة ممكن نبنيها هناك هي إننا منبنيش حاجة خالص'. وتقول جمعية الحفاظ على البيئة بالغردقة (هيبكا)، وهي منظمة غير حكومية، إن الشعاب المرجانية مهمة جدا لأنها واحدة من أكثر الكائنات تحملا لتغير المناخ في العالم ولديها القدرة على إعادة الإنتاج وحتى حماية بعض الأنواع من الانقراض. * إيرادات المحميات الوطنية سمحت تعديلات قانونية على مدى العقد الماضي بإقامة مشروعات تجارية على مساحات من المحميات الوطنية. وقالت وزيرة البيئة ياسمين فؤاد إن عدد المشروعات داخل المحميات ارتفع من عشرة مشروعات في عام 2016 إلى 150 في عام 2024 مع زيادة الإيرادات بنسبة 1900 بالمئة. وعرض جهاز شؤون البيئة المصري على المستثمرين في البداية تشغيل رأس حنكوراب في السياحة، وإن كان بشروط صارمة، لكن الوزيرة قالت في عرض تقديمي حديث لوادي الجمال إن المسؤولية انتقلت الآن إلى صندوق حكومي. ورفضت الإدلاء بمزيد من التصريحات. وطعنت جمعيات معنية بالحفاظ على البيئة في القرار أمام النائب العام وقالت إن التطوير لا يتوافق مع قوانين حماية البيئة وسيلحق أضرارا بمورد عام. ويقول السكان المحليون إنهم مهمشون. وكانت السياحة البيئية البسيطة مصدر رزق لكثير منهم قبل منعهم فعليا من ارتياد الشاطئ. وقال محمد صالح، وهو واحد من شيوخ القبائل 'أنا كنت بروح الشاطئ ببلاش، دلوقتي علشان أروح بدفع 250 جنيه (نحو خمسة دولارات) لكل فرد، يعني علشان آخد العيال (الأبناء) ونروح هندفع أكتر من 1000 جنيه'. وأضاف 'لو هيعملوا سياحة وتطوير كان من باب أولى ياخدونا يشغلونا إحنا وأولادنا، يعملوا أكل بدوي، رحلات بدوية، يسألونا ممكن نقدم إيه. لكن إللي حصل عبارة عن تجاهل تام… حتى الخفر جايبينهم من برا (من خارج المنطقة). ولا سألونا محتاجين إيه أو نقدر نساعدهم إزاي ولا حاجة'. وتقول وزيرة البيئة ومسؤولون مصريون آخرون إن من الممكن الدمج بين السياحة البيئية والاستثمار. ودافعت عن تطوير الشاطئ ومحمية وادي الجمال وقالت إنه توسع محكم يضمن الاستدامة ويحقق إيرادات. وأضافت أن وزارة البيئة ستراقب وتقيم المشروعات المقترحة في المناطق الحساسة، مثل رأس حنكوراب ورأس بغدادي والثقب الأزرق وهو موقع عالمي شهير للغوض. غير أن المنتقدين يرون أن الوزارة تفتقر إلى الموارد اللازمة للقيام بذلك. ويقول خبراء الحفاظ على البيئة إن مصر فقدت خبراتها البيئية بسبب انخفاض الأجور ومحدودية الموارد. وقال عضو في منظمة غير حكومية إن محمية وادي الجمال كان لديها 20 متخصصا في الحياة البرية يراقبون التنوع البيولوجي في عام 2007. أما الآن، فلم يعد هناك سوى عدد محدود. ولم ترد وزارة البيئة أو الهيئة العامة للاستعلامات على طلب من رويترز للتعليق. وقال المحامي البيئي أحمد الصعيدي 'مش عارف مين جاب لهم فكرة الاستثمار في المحميات. إللي بيحصل بيقوض مفهوم السياحة البيئية إللي المفروض يكون من خلال حفاظ الدولة على البيئة'. وأضاف 'إزاي تسليم أرض محمية لمستثمر أو قطاع خاص هيحافظ على البيئة؟ المستثمر بيدور على الربح، عكس الدولة إللي بتكون ملتزمة بحسب القانون والدستور بالحفاظ على مواردها الطبيعية وتراعي حقوق الأجيال الجاية'. (الدولار = 51 جنيها)

'دولة مُعادية': ما الذي يدفع بعض المسافرين لتجنب زيارة الولايات المتحدة؟ #عاجل
'دولة مُعادية': ما الذي يدفع بعض المسافرين لتجنب زيارة الولايات المتحدة؟ #عاجل

سيدر نيوز

time٠٥-٠٤-٢٠٢٥

  • سيدر نيوز

'دولة مُعادية': ما الذي يدفع بعض المسافرين لتجنب زيارة الولايات المتحدة؟ #عاجل

مع ازدياد عدد الدول التي تُصدر تحذيرات بشأن السفر إلى الولايات المتحدة، يقرر بعض الزوار الامتناع عن زيارتها تماماً. إليكم أسباب تعديل العديد من الأجانب لخطط سفرهم وما قد يترتب على ذلك بالنسبة للأمريكيين. مع تنفيذ الرئيس دونالد ترامب لسياسات جديدة واسعة النطاق، وفرضه رسوماً جمركية على حلفائه القدامى، وقيادته حملة صارمة ضد الهجرة، بدأ بعض المسافرين الدوليين بإعادة النظر في خططهم لزيارة الولايات المتحدة. أسفر تشديد الرقابة الحدودية في البلاد في الآونة الأخيرة عن احتجاز سياح كنديين وأوروبيين، مما دفع دولاً مثل ألمانيا والمملكة المتحدة والدنمارك وفنلندا والبرتغال إلى إصدار تحذيرات سفر إلى البلاد. والآن، تتصاعد الدعوات لمقاطعة شاملة للسفر إلى الولايات المتحدة. كان التجاهل ملحوظاً بشكل خاص من جانب كندا، الجارة الشمالية للولايات المتحدة، والتي تستقبل أكثر من 20 مليون زائر سنوياً، وهو العدد الأكبر مقارنة بأي دولة أخرى. رداً على مقترحات ترامب بشأن الرسوم الجمركية وتهديداته المتكررة بضم كندا، دعا رئيس الوزراء السابق جاستن ترودو مواطنيه قائلاً: 'حان الوقت لاختيار كندا'، مشيراً إلى أن ذلك قد يشمل تعديل خطط العطلات الصيفية والبقاء داخل البلاد. يبدو أن هذا النداء لقي استجابة واسعة، إذ يعزف العديد من الكنديين الغاضبين عن قضاء عطلاتهم في الولايات المتحدة، في فبراير/شباط، شهدت عمليات عبور الحدود تراجعاً بأكثر من 20 في المئة، وفقاً لهيئة الإحصاء الكندية. وتقدّر جمعية السفر الأمريكية أن انخفاضاً بنسبة 10 في المئة، فقط في أعداد الزوار الكنديين قد يؤدي إلى خسارة 2.1 مليار دولار من الإنفاق السياحي وفقدان 14 ألف وظيفة. في حين يتجاهل بعض الكنديين الولايات المتحدة بسبب التغييرات السياسية، يقول آخرون إنهم ببساطة لا يشعرون بالأمان كما كانوا يشعرون في السابق. قالت الصحفية الكندية المتخصصة في السفر، كيت دينجوول: 'أنا وشريكي قررنا إلغاء خطط عطلتنا في الولايات المتحدة هذا العام، أشعر بالقلق بشأن العبور عبر الحدود وإمكانية احتجازي هناك، خاصة مع توتر العلاقات بسبب مواقف ترامب تجاه كندا، في الوقت الحالي، زيارة أمريكا تبدو غير مريحة'. ألغى كيث سيري، الكاتب والممثل الكوميدي المقيم في مونتريال، كيبيك، خمسة عروض كانت مقررة في أبريل/ نيسان، بمدينة نيويورك، بما في ذلك أربعة ضمن مهرجان (نيويورك سيتي فرينج) القادم، وذلك بسبب التوتر السياسي القائم. وكتب على صفحته على فيسبوك: 'هذا القرار سيحرمني، بالطبع، من فرصة مشاركة الفنون التي أقدمها مع الكثيرين منكم في نيويورك الذين عرفتهم وأحببتهم، مع ذلك، فإن الحقيقة هي أنني لا أشعر بالأمان للسفر إلى الولايات المتحدة حالياً، وأشعر بنفور شديد من إنفاق أموالي بأي شكل من الأشكال قد يدعم اقتصاد دولة معادية'. في الأشهر الأخيرة، تعرض بعض الكنديين لإجراءات أمنية حدودية مشددة أكثر من أي وقت مضى، حتى أولئك الذين يمتلكون سجلات سليمة ووثائق سارية. وقد تصدرت امرأة العناوين العالمية بعد أن احتجزتها إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) لمدة أسبوعين في ظروف قاسية، وفقاً للتقارير، بعد إلغاء تأشيرتها. قال عمار تشارلز معروف، المواطن الكندي الذي يعمل كاستراتيجي للنمو في شركة المحاماة الدولية 'غولينغ دبليو إل جي': 'نحن بلد يفخر بقيم مثل الشمول والمساواة وحقوق الإنسان، حتى وإن لم نكن دائماً مثاليين في تطبيقها. ولكن عندما تتناقض هذه القيم مع ما يحدث عبر الحدود، يصبح من الصعب تبرير المشاركة، المناخ السياسي يثير تساؤلات أوسع، حول نوع المعاملة التي نُسهم في تطبيعها؟ وما هي الافتراضات التي يتم تبنيها بشأن من هو مرحب به ومن هو غير مرحب به؟'. ليس الأمر أن الكنديين لا يسافرون دولياً؛ بل إن الكثير منهم يستبدلون وجهاتهم التقليدية، يقول معروف إن المكسيك وأمريكا الجنوبية وأوروبا كلها تبدو أكثر ترحيباً في الوقت الحالي. وأضافت دينغوال: 'كاليفورنيا ستكون موجودة عندما ينتهي كل هذا، لكنني أشعر أن هناك أقل خطراً في الذهاب إلى البرتغال بدلاً من ذلك'. من اللافت أن كل هذا يحدث في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة نمواً قياسياً في قطاع السفر والسياحة. تشير مارتا سوليغو، الأستاذة في جامعة نيفادا في لاس فيغاس ومديرة أبحاث السياحة في مكتب التنمية الاقتصادية بالجامعة، إلى تقرير اتجاهات التأثير الاقتصادي لعام 2024 الصادر عن المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC)، الذي أظهر أن الولايات المتحدة هي أكبر وجهة للسفر والسياحة في العالم. لم يقتصر الأمر على تحقيق هذا القطاع عائداً اقتصادياً غير مسبوق بلغ 2.36 تريليون دولار أمريكي، بل تشير توقعات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي إلى أن الاقتصاد الأمريكي سيضيف أكثر من 800 ألف وظيفة في قطاع الترفيه والضيافة. 'لم يحصل أن فكّر شخص قبل ترامب بالسطو الكامل على بلدان مثل قطاع غزة وكندا'- الشرق الأوسط ترامب يوقف خطة فرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المئة على الصلب والألومنيوم من كندا تقول سوليغو: 'تساعدنا هذه الأرقام على فهم أهمية القطاع في الولايات المتحدة، حيث تُظهر أن انخفاض السياحة من البلدان الرئيسية المصدرة للسياح قد يسبب ضرراً كبيراً للاقتصاد الأمريكي، عواقب هذه القضايا قد تؤثر على الشركات الكبرى الموجودة في الولايات المتحدة، مثل سلاسل الفنادق، بالإضافة إلى الأعمال الصغيرة.' لقد بدأ التغير في أنماط السفر بالفعل في ترك تأثير ملموس على الاقتصاد الأمريكي. قامت شركة 'توريزم إيكونوميكس' مؤخراً بتحديث توقعاتها للسياحة الوافدة إلى الولايات المتحدة من نمو متوقع بنسبة 8.8 في المئة، إلى تراجع بنسبة 5.1 في المئة، معزّزة هذا التغيير بـ'تأثر' مشاعر السفر، و'الرسوم الجمركية الشاملة'، و'تغيرات أسعار الصرف' التي جعلت السفر إلى الولايات المتحدة أكثر تكلفة. وقال جيف لي، نائب وزير مجلس الوزراء السابق لولاية كاليفورنيا ومنسق الولاية الفيدرالي خلال إدارة ترامب الأولى: 'إن الجمع بين حظر السفر وتقليص السفر إلى الولايات المتحدة يمكن أن يكون له تأثير مادي على السياحة والتنمية الاقتصادية'. في ولاية كاليفورنيا فقط، ساهم الزوار من خارج البلاد بأكثر من 24 مليار دولار في الاقتصاد المحلي في عام 2023، وفقاً لتقرير لي، وأضاف: 'من المحتمل أن يؤدي فقدان هذا المبلغ إلى تأثيرات سلبية على الأفراد والأموال التي تجنيها الحكومات المحلية، من الصعب قياس خسارة السمعة، ولكنني لا أتصور أن المناطق التي تشهد مقاطعة نشطة ستساهم في ذلك'. ورغم أن التأثير الواسع لمقاطعة السفر إلى الولايات المتحدة قد يكون له آثار كبيرة على المستوى الوطني والحكومي، فإن بعض منظمات المناصرة تحذر من أن فقدان إيرادات السياحة سيؤثر بشكل ملموس على الأفراد. قال توماس ف. غودوين، رئيس تحالف المعارض والمؤتمرات: 'يتأثر العمال الأمريكيون والشركات الصغيرة بمقاطعة السفر إلى الولايات المتحدة'. وأشار غودوين إلى أن أكثر من 99 في المئة، من قطاع الفعاليات التجارية والمهنية في الولايات المتحدة يتألف من شركات صغيرة، وأن أكثر من 80 في المئة من جميع العارضين هم شركات صغيرة أمريكية ودولية. وأضاف: 'عندما يمتنع مسافرو الأعمال الدوليون عن القدوم إلى الولايات المتحدة، فإن الجميع، بدءاً من بناء أجنحة المعارض ومتعهدي الخدمات العامة، وصولاً إلى مقدمي الطعام في أماكن الفعاليات والعمال المهرة، يعانون – وليس السياسيين أو الحكومة، للمقاطعات آثار سلبية على الفنادق، سيارات الأجرة، المطاعم، الفنانين المحليين، تجار التجزئة وغيرهم'. كما أن هنالك تكلفة يصعب قياسها: التأثير العالمي للثقافة الأمريكية. قالت نيري كارا سيلامان، خبيرة ريادة الأعمال في جامعة أكسفورد ومؤلفة كتاب 'رواد: ثمانية مبادئ لاستدامة الأعمال من رواد الأعمال المهاجرين' الذي سيصدر قريباً: 'إن انخفاض أعداد الزوار في الولايات المتحدة يُشير إلى فقدان الولايات المتحدة لقوتها الناعمة، ذلك النفوذ الذي كانت تتمتع به في السابق من خلال الانفتاح والريادة الثقافية وحسن النية العالمية'. وأضافت: 'إذا استمر هذا التوجه، فقد يُجبر مجالس السياحة أو حتى الحكومات المحلية على صياغة خطابات مضادة لاستعادة الثقة، مع ذلك، لست متأكدة من مدى فعاليتها، لأن سياسات الحكومة هي التي تُحدد الاتجاه النهائي وتُؤثر على الانطباع العام'. كما تشير سيلامان إلى أن لمقاطعة السفر تكلفة طويلة الأجل على الثقافة والاقتصاد والابتكار بشكل عام. وقالت: 'عندما يبدأ الأكاديميون والعلماء والفنانون والمصممون ورواد الأعمال باختيار دول أخرى بدلاً من الولايات المتحدة، فإن الولايات المتحدة لن تخسر زوارها فحسب، فعلى المدى الطويل، ستفقد قدرتها التنافسية وحسن نيتها، وستتحول إلى مجتمع مغلق يعيق النمو والابتكار'. يظهر هذا التأثير الإنساني للمقاطعات بأشكال متعددة، كما أشار المحامي جون بيك من ميسوري. وقال: 'لقد عملت مع مئات غير المواطنين على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، ورأيت بنفسي كيف يمكن للسياسات بين الحكومات أن تؤدي إلى وقوع الأفراد – مسافرين دائمين، وطلاب، وعائلات – في فخّ هذه السياسات'. وأضاف: 'نادراً ما يتعلق الأمر بالسياسة، بل يتعلق بفوات حفلات الزفاف، أو الصفقات التجارية الضائعة، أو عدم القدرة على زيارة أحد الوالدين المحتضرين'. يقول بيك إنه عمل مع ما لا يقل عن 80 عميلاً أجّلوا أو ألغوا رحلاتهم إلى الولايات المتحدة بسبب عداء حقيقي أو مُتصوّر خلال السنوات القليلة الماضية. يُسبّب هذا تعقيداتٍ مع العائلات المُشتّتة، والشركات الدولية التي لا تستطيع نقل المواهب بسرعة، وخسارة الأعمال بسبب صعوبة التنقل، ورغم ارتفاع المخاطر الجيوسياسية، إلا أن هناك جانباً إنسانياً على جانبي الحدود. وأضاف: 'معظم الأمريكيين لا علاقة لهم بالسياسات التي تُحبط المسافرين العالميين، إنهم يريدون فقط السلامة والإنصاف والكرامة، هذا ما نحتاج إلى حمايته'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store