
الوطن والدولة فی آراء الإسلامیین المعاصرین- الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
1- رؤية الوطن من خلال العقيدة الإسلامية:
وهو تيار الإسلاميين التقليديين الذين ينظرون إلى الوطن والدولة من خلال الإسلام وأحكامه الشرعية حصراً، وهي النظرة الأصولية العقدية الموروثة؛ إذ يفصِّلون مفهوم الوطن ومفهوم الدولة على مقاس أحكام الشريعة الإسلامية، بنصوصها الأصلية، وهي التي تؤكد على أن الوطن هو وطن الإسلام والمسلمين، وهو الوطن الإسلامي، وكذلك الدولة الإسلامية، التي هي الدولة المتشكِّلة عقدياً، قبل ولادة القانون الدولي والقانون الدستوري الحديث والدولة الوطنية، وبالتالي؛ فإن تشكيل الوطن والدولة في إطار الشريعة الإسلامية يكون على أساس العقيدة حصراً، ولا يكون فيه للحدود الجغرافية أو القانون الدولي أو القانون الدستوري أي دخل.
والحقيقة؛ أن هذا التيار لا يمكن أن يجد له موطئ قدم على أرض الواقع الضاغط والمحسوم، على كل الصعد الجغرافية والقانونية والسياسية، وسيصطدم بأول تجربة حكم يخوضها، وسيضطر إلى تكييف فقهه وأوضاعه وفق متطلبات القانون الدولي والقانون الدستوري، وإلّا سيجد نفسه منفيّاً خارج الواقع. وهو ما حدث مع الجماعات الإسلامية العالمية التي نظّرت لقواعدها في الفقه السياسي الإسلامي على أساس العقيدة حصراً، ومآلات هذا التنظير الذي يؤسس لوطن ودولة عقديين عالميين لا حدود جغرافية لهما وتتسعان لكل المسلمين دون اشتراط الجنسية أو التابعية السياسية، كجماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير وحزب الدعوة الإسلامية، لكنها سرعان ما تراجعت تراجعاً واقعياً عندما عاشت تجربة الحكم في إطار الوطن الجغرافي السياسي والدولة الوطنية، واضطرت إلى الانخراط في صفوف التيار الثالث، كما سيأتي.
2- رؤية الإسلام من خلال الوطن:
وهو تيار الإسلاميين الليبراليين الذين ينظرون إلى الإسلام من خلال الوطن؛ فتكون نظرتهم قانونية سياسية وضعية وليست تأصيلية عقدية، وهي النظرة التي تفصِّل أحكام الشريعة الإسلامية والفقه السياسي الإسلامي على مقاس الوطن بحدوده الجغرافية وقانونه الدستوري وأحكام القانون الدولي، وبذلك تكون نظرتهم متطابقة مع النظرة الوضعية للوطن والدولة.
وقد انجرف هذا التيار تدريجياً في موجات الشعارات القومية والوطنية الوضعية، المتعارضة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وكان انجرافاً عاطفياً وانفعالياً ابتداءً، لكنه تحوّل إلى موقف فكري سياسي، ثم استحال تياراً وطنياً كأي تيار وطني غير إسلامي علماني، وأدار ظهره لكل القواعد العقدية والشرعية في موضوع الوطن والدولة وفي موضوع السياسة الخارجية، وصار يتخبّط بين انتماءاته الإسلامية التاريخية وبين عدم قدرته على تكييف هذا الانتماء لحل إشكاليات القانون الدولي والقانون الدستوري، وبذلك؛ فشل في ضمان إسلاميته ووطنيته معاً، أي أنه أضاع المنهجين. ومثال ذلك بعض الجماعات الإسلامية العراقية والإيرانية والمصرية والمغاربية والتركية، أو الخارجين على نظرية جماعات التيارين الأول والثالث.
3- الرؤية التأصيلية الواقعية الجامعة:
وهي رؤية تيار الإسلاميين الذين يجمعون بين النظرة إلى الوطن من خلال الشريعة الإسلامية وأحكامها الثابتة، والنظرة إلى الشريعة الإسلامية من خلال الوطن بحدوده الجغرافية وخصوصياته القانونية والسياسية، وهم الإسلاميون التأصيليون الواقعيون، أي الذين يستندون إلى مبدأ التحول في أحكام الشريعة عند تغير موضوعات الأحكام، ويقومون بعملية تأصيل وتجديد متداخلة ومترابطة؛ ليكون الناتج وطناً إسلامياً ودولة إسلامية عقدية ملتزمة بثوابت القانون الدولي والقانون الدستوري، وتناور في مساحات المتغيرات، وخاصة على مستوى السياسة الخارجية، في إطار عملية تكييف فقهي وقانوني دقيق.
وقد سمح هذا التأصيل الشرعي المتفاعل مع الواقع، لجماعات التيار الثالث، ضمان وطنيتها وإسلاميتها في الوقت نفسه؛ إذ ظلت تضع عيناً على العقيدة والشريعة والعين الأخرى على إلزامات القانون الوضعي بكل تفاصيله، وقد نجحت في الوصول إلى أهداف المنظومتين الوطنية والعقدية معاً، كما هو الحال مع الجماعة الإسلامية في باكستان (المودودي) وحزب الرفاه في تركيا (أربكان) والجمهورية الإسلامية في إيران (الإمام الخميني).
/انتهى/

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المشهد العربي
منذ ساعة واحدة
- المشهد العربي
خادم الحرمين يوجِّه باستضافة 1300 حاج من 100 دولة
وجَّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، اليوم الجمعة، باستضافة 1300 حاج وحاجة من 100 دولة لأداء المناسك لهذا العام، وذلك ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين للحج، الذي تُنفِّذه وزارة الشؤون الإسلامية السعودية. وأوضح الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية السعودي المشرف العام على البرنامج، أن هذا التوجيه يعكس ما تقوم به القيادة السعودية في خدمة قضايا الأمة الإسلامية، ويؤكد رسوخ موقع المملكة الريادي للعالم الإسلامي. وأضاف آل الشيخ، أن الوزارة بدأت فور صدور التوجيه، تسخير جميع الإمكانات والطاقات لتقديم أفضل الخدمات للضيوف، حيث أعدّت خطة تنفيذية متكاملة تشمل برامج إيمانية وثقافية وعلمية، وزيارات ميدانية لأبرز المعالم الإسلامية والتاريخية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، مع تنظيم لقاءات مع علماء وأئمة للحرمين، مما يُعزِّز الأثر الروحي والمعرفي لهذه الرحلة. وعدّ الوزير البرنامج من المبادرات النوعية والمتميزة التي تهدف إلى توثيق الصلات مع القيادات الدينية والعلمية والفكرية في العالم الإسلامي، وتعزيز التواصل الحضاري والدعوي، مبيناً أنه استضاف منذ انطلاقته قبل 29 عاماً نحو 65 ألف حاج وحاجة من 140 دولة، وفَّرت لهم منظومة متكاملة من الخدمات اللوجيستية والدينية والصحية والثقافية، بدءاً من لحظة ترشيحهم وحتى عودتهم لبلدانهم بعد أداء المناسك. وأكد آل الشيخ، أن هذه الاستضافة تُمثِّل صورة مشرقة من صور عطاء السعودية الذي لا ينضب في خدمة الإسلام والمسلمين، وتجسد رؤيتهما في تعميق علاقاتها مع الشعوب الإسلامية، وتعزيز الحضور الإيجابي عالمياً، تحقيقاً لمستهدفات «رؤية 2030» في بُعديها الإسلامي والإنساني. وثمّن وزير الشؤون الإسلامية ما يقدمه خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، من جهود جليلة لخدمة الإسلام والمسلمين، سائلاً الله أن يديم على البلاد أمنها واستقرارها وريادتها في شتى المجالات.


صوت الأمة
منذ 3 ساعات
- صوت الأمة
أبو شامة: تقرير استخبارات فرنسا عن الإخوان يكشف تغلغلا خطيرا يهدد مجتمعهم
قال الكاتب الصحفى محمد مصطفى أبو شامة، مدير المنتدى الاستراتيجى للفكر، إن تقرير الاستخبارات الفرنسية حول جماعة الإخوان المسلمين أثار جدلًا واسعًا فى الداخل الفرنسى، بعد تسريبه إلى وسائل الإعلام قبل نشره رسميًا من قبل الرئاسة، وهو ما دفع الصراع بين الحكومة والمعارضة إلى الواجهة من جديد. وأضاف أبو شامة، فى مداخلة على الهواء عرضته قناة "القاهرة الإخبارية"ـ أن التقرير الاستخباراتى – وليس الصحفى – سلّط الضوء على ما وصفه بـ"الاختراق الإخوانى المتصاعد" فى المجتمع الفرنسى، مشيرًا إلى أن الجماعة نجحت فى التغلغل داخل عدد من المدن عبر مؤسسات دينية وتعليمية وخيرية، مستغلة حالة الاضطهاد النسبى التى يشعر بها بعض المسلمين فى فرنسا. وأكد أن جماعة الإخوان توظف المظلومية التاريخية للقضية الفلسطينية لبناء خطابها السياسى داخل أوروبا، تمامًا كما فعلت فى العالم العربى منذ نكبة 1948، وهو ما يدفع مؤسسات أمنية غربية إلى التحذير من خطورتها على الاستقرار المجتمعي. وأشار أبو شامة، إلى أن التقرير تضمن مقترحات عدة، كان أبرزها الاعتراف الرسمى بدولة فلسطين كخطوة للحد من تصاعد "الإسلاموفوبيا" داخل فرنسا، موضحًا أن هذا البند كان الأكثر إثارة للدهشة، كونه يربط بشكل مباشر بين التمدد الإخوانى فى غزة وبين ظاهرة الخوف من الإسلام فى الداخل الأوروبي. واختتم أبو شامة تصريحه قائلًا: "التقرير وضع توصيفًا دقيقًا لطبيعة الأزمة، وبيّن كيف أن جماعة الإخوان تستثمر كل الأزمات لصالح تمددها السياسى بوصفها جماعة وظيفية ممتدة منذ عقود".


صوت الأمة
منذ 3 ساعات
- صوت الأمة
أستاذ بالجامعة الإسلامية: رابعة العدوية كانت تحب الخير للجميع ونشأت فى بيئة فقيرة
استضاف برنامج "مدد" الذى يقدمه الإعلامى عبد الفتاح مصطفى على قناة الحياة، الدكتور محمد حسن معاذ القاضى، الأستاذ المساعد بالجامعة الإسلامية بإندونيسيا، للحديث عن سيرة ومسيرة العابدة رابعة العدوية. وقال محمد حسن:" السيدة رابعة العدوية لها أكثر من لقب، ولم تتزوج، وصحبها الكثير من العباد والزهاد، كانت عابدة وعارفة بالله، وهى أم الخير لأنها كانت تحب الخير للجميع، ونشأت فى بيئة فقيرة منذ اللحظة الأولى". وأضاف محمد حسن، أن رابعة العدوية كانت كلما جاء الليل كانت تذهب إلى مخدعها فكانت تتوضأ وتصلى، وتناجى ربها، وكانت لها كرامات كثيرة فهى كانت تستر من الكرامة، لأن الكرامة عند أهل الله هى عين الاستقامة، وكانت تقول إن النساء تستتر من الكرامة كما تستر المرأة من حيضتها". برنامج مدد هو أول برنامج من نوعه يرصد جهود إحياء مدرسة الإنشاد المصرية، والقضايا الصوفية المتنوعة، ويمزج بين القيم الروحية للتصوف والتراث الفنى والغنائى المرتبط به، ويلقى الضوء على الجوانب الروحية فى الإسلام.