
الوالي رشيد بنشيخي يشرف على تدشين المكتبة الوسائطية الكدية بمراكش احتفالًا بعيد العرش
وقد حضر هذا الحدث الثقافي البارز ثلة من الشخصيات الرسمية والمدنية، من ضمنهم الكاتب العام لولاية الجهة، المدير الجهوي لوزارة الثقافة والشباب – قطاع الشباب، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، رئيس مجلس مقاطعة جليز، المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بالإضافة إلى مدير المكتبة حسن البوهي، وعدد من المنتخبين وفعاليات المجتمع المدني.
تُعد المكتبة الوسائطية الكدية ثمرة شراكة مؤسساتية جمعت بين شركة العمران مراكش آسفي التي ساهمت بـ6.5 ملايين درهم، والمديرية الجهوية للثقافة بمبلغ 2.4 ملايين درهم، إلى جانب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي خصصت 1 مليون درهم، ليصل إجمالي الاستثمار إلى 9.9 ملايين درهم.
وقد شُيِّدت هذه المعلمة الثقافية على مساحة إجمالية تقدر بـ755 مترًا مربعًا، بينما بلغت المساحة المبنية 1330 مترًا مربعًا موزعة على ثلاثة طوابق، تشمل:
الطابق الأرضي: فضاء استقبال، قاعة للمطالعة مخصصة للأطفال، وأخرى للكبار.
الطابق الأول: قاعة ثانية للمطالعة، قاعة للندوات، وقاعة للورشات.
الطابق الثاني: يضم فضاءً إداريًا، قاعة أرشيف ومعالجة، إلى جانب مشروع استوديو سمعي بصري.
ويهدف هذا المشروع إلى دعم البنية التحتية الثقافية بحي الكدية، وتعزيز التنشيط الثقافي المحلي، وتسهيل الولوج إلى المعرفة، خاصة لفائدة الأطفال والتلاميذ والطلبة والباحثين، وكذا تمكين الجمعيات النشيطة في مجالات الثقافة والفنون من فضاء مؤهل واحترافي.
وتوفر المكتبة خدمات متنوعة، تشمل فضاءات للقراءة والمطالعة، وتنظيم لقاءات أدبية وثقافية، وورشات تكوينية وفنية، تحت إشراف المديرية الجهوية للثقافة بمراكش آسفي، التي تتولى تدبير هذا المرفق.
وفي تصريح له بالمناسبة، أكد حسن البوهي، مدير المكتبة الوسائطية الكدية، على أهمية هذه المؤسسة في تشجيع القراءة والمطالعة وتطوير قدرات الناشئة، معتبرًا أن المشروع يمثل 'خطوة مهمة نحو الانفتاح على المحيط الخارجي، وتحويل المكتبة إلى فضاء حي للأفكار والمبادرات في مجالات الثقافة والعمل المدني'.
ومن المنتظر أن تُشكل هذه المكتبة إضافة نوعية للمشهد الثقافي بمقاطعة جليز ومحيطها، ورافعة حقيقية للتنمية الاجتماعية والثقافية بالمنطقة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليوم 24
منذ 7 ساعات
- اليوم 24
مشاريع تنموية جديدة لتعزيز العرض الصحي وتعزيز البنيات التحتية والرياضية بإقليم اشتوكة
أشرف محمد سالم الصبتي عامل إقليم اشتوكة أيت باها، على تدشين وإعطاء انطلاقة الأشغال لمشاريع ذات بعد تنموي تهم تعزيز البنيات التحتية ودعم القطاع الصحي وخلق بنيات تقافية وترفيهية. وجاءت هاته التدشينات في سياق احتفالات الشعب المغربي بذكرى عيد العرش المجيد، حيث أشرف اليوم عامل الإقليم على تدشين وإعطاء انطلاقة الأشغال لمشاريع ذات بعد تنموي تهم تعزيز البنيات التحتية ودعم القطاع الصحي وخلق بنيات ثقافية وترفيهية. وتم بالجماعة الترابية لبيوكرى زيارة المركب الثقافي الرايس سعيد اشتوك، الذي شمله مشروع إعادة تهيئة شامل رصد له غلاف مالي قدره 5,3 ملايين درهم وممول من طرف وزارة الثقافة. وشملت عملية تأهيل المركب تجهيز وتهيئة قاعة العروض، الفنية والمسرحية التي تتسع لـ260 مقعدا، بالإضافة إلى المكتبة وقاعة المعوميات، وهي تدخلات أخرجت المركب التقافي في حلة جديدة، وجعلته مؤهلا لاحتضان عدد من الأنشطة الفنية والمسرحية في شروط جيدة. إلى ذلك اطلع عامل الإقليم والوفد المرافق على تقديم وعرض برنامج التأهيل الحضري لمدينة بيوكرى لسنوات 2024, 2027، وهو مشروع رصد له غلاف مالي يتجاوز 287 مليون درهم ، وهو ممول في إطار اتفاقية شراكة بين وزارة الداخلية ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير وسياسة المدينة ومجلس جهة سوس ماسة والجماعة الترابية لبيوكرى. ويشمل المشروع عددا من التدخلات التي تهم تأهيل وتقوية الإنارة العمومية وتهيئة الشارع الرئيسي والأرصفة والممرات وإحداث ساحات عمومية ومساحات خضراء، وتدخلات أخرى يشملها البرنامج بهدف تحسين جمالية المركز الحضري لبيوكرى كحاضرة الإقليم، وتجويد نمط العيش وتوفير مختلف المرافق لفائدة الساكنة المحلية. وفي نفس الإطار تم تسلم عدد من الآليات والشاحنات، وهو مشروع ممول من طرف وزارة الداخلية ورصد له غلاف مالي قدره 5,14 ملايين درهم، ويهدف إلى تمكين الجماعة من عدد من الوسائل اللوجستكية والرفع من قدراتها لتدبير عدد من المرافق. وبغية تعزيز المرافق الإدارية والنهوض بالخدمات المقدمة للمرتفقين، تم وضع الحجر الأساس لبناء المقر الجديد لجماعة بيوكرى بغلاف مالي قدره 13 مليون درهم، بتمويل وزارة الداخلية. وبجماعة واد الصفاء أشرف عامل الإقليم على تدشين مركز صحي قروي وسكنين وظيفيين، وهو مشروع تم إنجازه في إطار برنامج التقليص من الفوارق المجالية والاجتماعية وممول من طرف صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية. وسيساهم هذا المشروع الذي رصد له غلاف مالي قدره 2,1 مليون درهم في تقريب عدد من الخدمات الصحية لفائدة ساكنة دواري أيت واكمار وادوز أوسعود، وتدارك النقص الحاصل في البينات الصحية في هذه المناطق الآهلة بالسكان، وتحسين الولوج إلى الخدمات الطبية الأساسية. وبالجماعة الترابية لأيت باها، وفي أجواء احتفالية بمناسبة عيد العرش المجيد، قام السيد العامل بوضع الحجر الأساس لبناء الشطر الأول من المسبح الجماعي، وهو مشروع رصد له غلاف مالي قدره 4.144 ملايين درهم. وممول من طرف الجماعة الترابية لأيت باها. وتضم هذه المنشأة الرياضية والترفيهية التي تم إنجازها على مساحة 1850 متر مربع، مسبحا للكبار وآخر للصغار، ومرافق إدارية وصحية ومحلا للتجهيزات التقنية وخزانا مائيا، وهو مشروع نوعي بجماعة أيت باها والمناطق المجاورة، وسيمكن من إحدات فضاء رياضي وترفيهي بمواصفات عصرية، يقدم خدماته لفائدة الساكنة المحلية، ومن الشباب خصوصا، ويكفيهم عناء التنقل إلى المدن الشاطئية في فصل الصيف.


يا بلادي
منذ 14 ساعات
- يا بلادي
من الأسطح إلى الزرابي.. رحلة DAIS بين فن الغرافيتي والتراث المغربي
DR سعيد صباح، شاب ينحدر من مدينة مكناس، شقّ طريقه إلى عالم الغرافيتي بدافع شغفه بثقافة الهيب هوب ورقص البريك منذ مطلع الألفية الجديدة. واليوم، بعد أن أصبح فنان غرافيتي بارزًا يبلغ من العمر 35 عامًا، يعزو الفضل في اكتشافه لهذا الفن، الذي نشأ في نيويورك أواخر الستينيات وبداية السبعينيات، إلى عمه المقيم في الولايات المتحدة. "كان عمي يعيش في أمريكا، وكان يجلب لنا الهدايا في كل مرة يزور فيها المغرب"، يتذكر سعيد، المعروف بلقب "تاج DAIS"، في حديث مع موقع يابلادي. "كان يعرف أنني مولع برقص البريك، وفي أحد الأيام أهداني مجلة تتضمن صورة لغرافيتي. ما إن وقعت عيناي عليها حتى شعرت بإلهام كبير". عندما كان سعيد في الثالثة عشرة من عمره، لم يتردد في التعبير عن شغفه المتنامي. صعد إلى سطح منزل والديه وبدأ في الرسم، مدفوعًا بشغف داخلي لا يتوقف. "رسمت على كل الجدران والأرضية... كان السطح بأكمله مغطى بالغرافيتي"، يتذكر. وبعدها انتقل إلى غرفته، حيث غطى كل الجدران والسقف، بل حاول حتى رسم السلم. "عندها تدخّل والداي وقالا لي: "يجب أن تهدأ قليلًا""، يقول ضاحكًا. وبعد أن مُنع من مواصلة الرسم داخل المنزل، حمل سعيد شغفه إلى الشارع. رفقة أصدقاء يشاطرونه نفس الهواية، شرع في خوض مغامرة محفوفة بالمخاطر لرسم جدران المدينة. يروي "كنا نذهب إلى مسارات السكك الحديدية لنرسم هناك، إذ لم يكن أحد يعترضنا. من هناك كانت البداية". بموارد محدودة، كان سعيد يلجأ إلى الارتجال. "كانت لدي بعض علب الطلاء، لكني كنت أعتمد أساسًا على بقايا الطلاء من ورشة أخي، الذي كان يعمل في تصميم المساحات وتركيب الستائر"، يتذكر. "كنت أجمع كل ما يتبقى من الطلاء. وذات يوم، اكتشف مخبئي وقال لي: "إذًا هنا يذهب كل طلائي!" ومنذ ذلك الحين، بدأ يعطيني إياها عن طيب خاطر". نشأ سعيد في مدينة مكناس، المعروفة بمشهدها النابض بموسيقى الراب وعشقها لثقافة الهيب هوب. في ذلك الوقت، لم يكن يعتمد على الإنترنت أو التلفاز للحصول على الإلهام. "كنا نتعلم عن الهيب هوب والغرافيتي أساسًا من الأصدقاء المقيمين في الخارج، والذين كانوا يزوروننا خلال العطل"، يوضح. "كانوا يجلبون مجلات وصورًا، وبعضهم كان يلتقط صورًا لأعمال غرافيتي في الخارج ويعرضها علينا... من برونكس، بروكلين...". تفانٍ يومي في الغرافيتي كان شغف سعيد بالغرافيتي طاغيًا لدرجة أنه كان يكرّس له كل يوم، سواء برسم توقيع جديد أو تغطية جدار آخر. "كان الأمر ينطوي على مخاطر"، يستحضر. "في بعض الأحيان كانت الشرطة أو أصحاب العقارات يمسكون بي، فأتوسل إليهم أن يتركوني. بالنسبة لهم، ما كنت أفعله بدا غريبًا". وفي عام 2009، وبعد سنوات من الرسم على جدران مكناس، حصل أخيرًا على أول مشروع مدفوع الأجر. "رسمت جداريّة لمتجر ألعاب فيديو، وتلقيت 2000 درهم. أنفقتها كلها على علب طلاء، لأكتشف لاحقًا أنها منتهية الصلاحية، ولهذا كانت رخيصة"، يروي ضاحكًا. في عام 2010، وبينما ظلّ وفيًا لفن الغرافيتي، بدأ سعيد في العمل على لوحاته الخاصة، مستكشفًا أفكارًا بصرية جديدة ومتنوعة. وخلال هذه المرحلة، كان دعم عائلته حاضرًا بقوة. "عندما كنا نرسم الغرافيتي، كنا نضيف دائمًا رسمة إلى جانب الحروف، وليس فقط التاجات. الناس أحبوا ذلك أكثر، ووجدوه أكثر تعبيرًا. يعود الفضل في ذلك إلى والدي"، يتذكر سعيد. كان عمره عشر سنوات فقط عندما اعتاد والده أن يجمعه مع إخوته وأخواته بعد صلاة العشاء لجلسات رسم عائلية. "كنا نرسم شيئًا ونريه له، فيبدي رأيه: "هذا جيد"، أو "كان عليك تكبيرها"، أو "حاول مرة أخرى". هذا جعلني أحب الرسم. وقد ساعدني ذلك لاحقًا في تطوير مهاراتي، حتى في مجال الغرافيتي". من الهيب هوب إلى الجذور المغربية في الوقت الذي كان فيه DAIS يكتسب شهرة واسعة داخل مجتمع الغرافيتي، عبر مئات الجداريات المنتشرة في المغرب وخارجه، بدأت نفس المهارة تُلهِم مشروعًا فنيًا فريدًا من نوعه. مشروع لم يبتعد عن الغرافيتي، بل ظلّ متجذرًا بعمق في الثقافة المغربية. بدأ سعيد في الرسم على السجاد، معيدًا تدوير الزرابي المغربية التقليدية، دون أن يمحو نقوشها الأصلية، بل كما يقول: "يمنحها حياة جديدة". راودته الفكرة أثناء زيارة لمدينة خنيفرة، حين طلبت منه والدته مساعدتها في بيع سجادة. لكن الفكرة لم تأخذ شكلاً جديًا إلا في عام 2020، حيث قرر التفرغ لها من خلال البحث والتجريب والتطوير المستمر. بدأ سعيد يرسم وجوه النساء الأمازيغيات على الزرابي، سواء المصنوعة يدويًا أو المصنعة صناعيًا. وقد بيعت أول سلسلة من أعماله، المكونة من 13 سجادة، عبر صديق لأحد أفخم الفنادق في أكادير. "الرسم على السجاد يشبه الوشم"، يشرح. "فهو لا يُخفي النمط الأصلي، بل يضيف طبقة فنية فوقه". يوضح أنه يعمل على إعادة تدوير الزرابي القديمة التي يقتنيها من المزادات، ويمنحها حياة جديدة، مع الحفاظ على نقوشها الأصلية تحت التصميم الجديد. ويضيف: "إنه عمل محفوف بالمخاطر"، إذ إن كل رسمة تمثّل جهدًا فنيًا فريدًا، يمكن لخطأ صغير فيه أن يُفسد الزربية بالكامل. ومع ذلك، يواصل بثقة: "لكنني أتقن التقنية... هذا هو سر المهنة"، يقولها مبتسمًا. يعمل سعيد اليوم مع فريق مقره في أكادير يتولى مهام التواصل، التسويق، والمبيعات، إضافة إلى إدارة علاقات العملاء المرتبطة بفنه على الزرابي. وفي الوقت نفسه، لا يزال الغرافيتي يشكل جزءًا لا يتجزأ من حياته. "هذا هو عملي، وأنا أمارسه منذ زمن. أقدّم كل شيء: الغرافيتي، والفن، والسجاد"، يقول بفخر. وأثناء تجولك في شوارع الدار البيضاء، قد تصادف إحدى بصماته الفنية: وجه صبي صغير على جادة "طان طان"، أو لوحة أخرى على جادة محمد السادس بالقرب من محطة الوقود. ولم تقتصر جدارياته على المغرب فحسب، بل امتدت إلى إسبانيا، والبرتغال، والسنغال، والمملكة العربية السعودية. وبالإضافة إلى أعماله في الفضاء العام، تلقى سعيد طلبات خاصة من شركات كبرى مثل "أورنج" و"OCP" لإنجاز قطع فنية مخصصة. "اليوم، أصبح الغرافيتي أكثر قبولًا. الناس يعترفون به كفن، وأصبح جزءًا لا يتجزأ من الفضاءين العام والخاص"، يقول سعيد. "في الماضي، كنت أذهب مع صديقي ونسأل الناس إن كان بإمكاننا الرسم على جدرانهم أو مبانيهم. بعضهم كان يوافق، بينما آخرون كانوا يردون: "لا، أريد شلالًا"، أو "أريد خيولًا". لم يكونوا يفهمون طبيعة ما نقدمه. الحمد لله، الآن أصبح الناس أكثر وعيًا وتفهّمًا". وبعيدًا عن فنه الشخصي، يحمل سعيد شغفًا كبيرًا بنقل حب الغرافيتي إلى الجيل الجديد. فقد أدار ورشات فنية للأطفال في المغرب وخارجه، من بينها ورش في بلجيكا، حرص من خلالها على تعريف الصغار بهذا الفن كوسيلة للتعبير والإبداع. حتى مع تطور مسيرته على المستوى الدولي، يظل سعيد مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بمدينة مكناس، المدينة التي يقيم فيها، والتي شهدت بداياته الأولى وكانت مهد شغفه بفن الغرافيتي.


يا بلادي
منذ 19 ساعات
- يا بلادي
من الأسطح إلى الزرابي.. رحلة DAIS بين فن الغرافيتي والتراث المغربي
DR سعيد صباح، شاب ينحدر من مدينة مكناس، شقّ طريقه إلى عالم الغرافيتي بدافع شغفه بثقافة الهيب هوب ورقص البريك منذ مطلع الألفية الجديدة. واليوم، بعد أن أصبح فنان غرافيتي بارزًا يبلغ من العمر 35 عامًا، يعزو الفضل في اكتشافه لهذا الفن، الذي نشأ في نيويورك أواخر الستينيات وبداية السبعينيات، إلى عمه المقيم في الولايات المتحدة. "كان عمي يعيش في أمريكا، وكان يجلب لنا الهدايا في كل مرة يزور فيها المغرب"، يتذكر سعيد، المعروف بلقب "تاج DAIS"، في حديث مع موقع يابلادي. "كان يعرف أنني مولع برقص البريك، وفي أحد الأيام أهداني مجلة تتضمن صورة لغرافيتي. ما إن وقعت عيناي عليها حتى شعرت بإلهام كبير". عندما كان سعيد في الثالثة عشرة من عمره، لم يتردد في التعبير عن شغفه المتنامي. صعد إلى سطح منزل والديه وبدأ في الرسم، مدفوعًا بشغف داخلي لا يتوقف. "رسمت على كل الجدران والأرضية... كان السطح بأكمله مغطى بالغرافيتي"، يتذكر. وبعدها انتقل إلى غرفته، حيث غطى كل الجدران والسقف، بل حاول حتى رسم السلم. "عندها تدخّل والداي وقالا لي: "يجب أن تهدأ قليلًا""، يقول ضاحكًا. وبعد أن مُنع من مواصلة الرسم داخل المنزل، حمل سعيد شغفه إلى الشارع. رفقة أصدقاء يشاطرونه نفس الهواية، شرع في خوض مغامرة محفوفة بالمخاطر لرسم جدران المدينة. يروي "كنا نذهب إلى مسارات السكك الحديدية لنرسم هناك، إذ لم يكن أحد يعترضنا. من هناك كانت البداية". بموارد محدودة، كان سعيد يلجأ إلى الارتجال. "كانت لدي بعض علب الطلاء، لكني كنت أعتمد أساسًا على بقايا الطلاء من ورشة أخي، الذي كان يعمل في تصميم المساحات وتركيب الستائر"، يتذكر. "كنت أجمع كل ما يتبقى من الطلاء. وذات يوم، اكتشف مخبئي وقال لي: "إذًا هنا يذهب كل طلائي!" ومنذ ذلك الحين، بدأ يعطيني إياها عن طيب خاطر". نشأ سعيد في مدينة مكناس، المعروفة بمشهدها النابض بموسيقى الراب وعشقها لثقافة الهيب هوب. في ذلك الوقت، لم يكن يعتمد على الإنترنت أو التلفاز للحصول على الإلهام. "كنا نتعلم عن الهيب هوب والغرافيتي أساسًا من الأصدقاء المقيمين في الخارج، والذين كانوا يزوروننا خلال العطل"، يوضح. "كانوا يجلبون مجلات وصورًا، وبعضهم كان يلتقط صورًا لأعمال غرافيتي في الخارج ويعرضها علينا... من برونكس، بروكلين...". تفانٍ يومي في الغرافيتي كان شغف سعيد بالغرافيتي طاغيًا لدرجة أنه كان يكرّس له كل يوم، سواء برسم توقيع جديد أو تغطية جدار آخر. "كان الأمر ينطوي على مخاطر"، يستحضر. "في بعض الأحيان كانت الشرطة أو أصحاب العقارات يمسكون بي، فأتوسل إليهم أن يتركوني. بالنسبة لهم، ما كنت أفعله بدا غريبًا". وفي عام 2009، وبعد سنوات من الرسم على جدران مكناس، حصل أخيرًا على أول مشروع مدفوع الأجر. "رسمت جداريّة لمتجر ألعاب فيديو، وتلقيت 2000 درهم. أنفقتها كلها على علب طلاء، لأكتشف لاحقًا أنها منتهية الصلاحية، ولهذا كانت رخيصة"، يروي ضاحكًا. في عام 2010، وبينما ظلّ وفيًا لفن الغرافيتي، بدأ سعيد في العمل على لوحاته الخاصة، مستكشفًا أفكارًا بصرية جديدة ومتنوعة. وخلال هذه المرحلة، كان دعم عائلته حاضرًا بقوة. "عندما كنا نرسم الغرافيتي، كنا نضيف دائمًا رسمة إلى جانب الحروف، وليس فقط التاجات. الناس أحبوا ذلك أكثر، ووجدوه أكثر تعبيرًا. يعود الفضل في ذلك إلى والدي"، يتذكر سعيد. كان عمره عشر سنوات فقط عندما اعتاد والده أن يجمعه مع إخوته وأخواته بعد صلاة العشاء لجلسات رسم عائلية. "كنا نرسم شيئًا ونريه له، فيبدي رأيه: "هذا جيد"، أو "كان عليك تكبيرها"، أو "حاول مرة أخرى". هذا جعلني أحب الرسم. وقد ساعدني ذلك لاحقًا في تطوير مهاراتي، حتى في مجال الغرافيتي". في الوقت الذي كان فيه DAIS يكتسب شهرة واسعة داخل مجتمع الغرافيتي، عبر مئات الجداريات المنتشرة في المغرب وخارجه، بدأت نفس المهارة تُلهِم مشروعًا فنيًا فريدًا من نوعه. مشروع لم يبتعد عن الغرافيتي، بل ظلّ متجذرًا بعمق في الثقافة المغربية. بدأ سعيد في الرسم على السجاد، معيدًا تدوير الزرابي المغربية التقليدية، دون أن يمحو نقوشها الأصلية، بل كما يقول: "يمنحها حياة جديدة". راودته الفكرة أثناء زيارة لمدينة خنيفرة، حين طلبت منه والدته مساعدتها في بيع سجادة. لكن الفكرة لم تأخذ شكلاً جديًا إلا في عام 2020، حيث قرر التفرغ لها من خلال البحث والتجريب والتطوير المستمر. بدأ سعيد يرسم وجوه النساء الأمازيغيات على الزرابي، سواء المصنوعة يدويًا أو المصنعة صناعيًا. وقد بيعت أول سلسلة من أعماله، المكونة من 13 سجادة، عبر صديق لأحد أفخم الفنادق في أكادير. "الرسم على السجاد يشبه الوشم"، يشرح. "فهو لا يُخفي النمط الأصلي، بل يضيف طبقة فنية فوقه". يوضح أنه يعمل على إعادة تدوير الزرابي القديمة التي يقتنيها من المزادات، ويمنحها حياة جديدة، مع الحفاظ على نقوشها الأصلية تحت التصميم الجديد. ويضيف: "إنه عمل محفوف بالمخاطر"، إذ إن كل رسمة تمثّل جهدًا فنيًا فريدًا، يمكن لخطأ صغير فيه أن يُفسد الزربية بالكامل. ومع ذلك، يواصل بثقة: "لكنني أتقن التقنية... هذا هو سر المهنة"، يقولها مبتسمًا. يعمل سعيد اليوم مع فريق مقره في أكادير يتولى مهام التواصل، التسويق، والمبيعات، إضافة إلى إدارة علاقات العملاء المرتبطة بفنه على الزرابي. وفي الوقت نفسه، لا يزال الغرافيتي يشكل جزءًا لا يتجزأ من حياته. "هذا هو عملي، وأنا أمارسه منذ زمن. أقدّم كل شيء: الغرافيتي، والفن، والسجاد"، يقول بفخر. وأثناء تجولك في شوارع الدار البيضاء، قد تصادف إحدى بصماته الفنية: وجه صبي صغير على جادة "طان طان"، أو لوحة أخرى على جادة محمد السادس بالقرب من محطة الوقود. ولم تقتصر جدارياته على المغرب فحسب، بل امتدت إلى إسبانيا، والبرتغال، والسنغال، والمملكة العربية السعودية. وبالإضافة إلى أعماله في الفضاء العام، تلقى سعيد طلبات خاصة من شركات كبرى مثل "أورنج" و"OCP" لإنجاز قطع فنية مخصصة. "اليوم، أصبح الغرافيتي أكثر قبولًا. الناس يعترفون به كفن، وأصبح جزءًا لا يتجزأ من الفضاءين العام والخاص"، يقول سعيد. "في الماضي، كنت أذهب مع صديقي ونسأل الناس إن كان بإمكاننا الرسم على جدرانهم أو مبانيهم. بعضهم كان يوافق، بينما آخرون كانوا يردون: "لا، أريد شلالًا"، أو "أريد خيولًا". لم يكونوا يفهمون طبيعة ما نقدمه. الحمد لله، الآن أصبح الناس أكثر وعيًا وتفهّمًا". وبعيدًا عن فنه الشخصي، يحمل سعيد شغفًا كبيرًا بنقل حب الغرافيتي إلى الجيل الجديد. فقد أدار ورشات فنية للأطفال في المغرب وخارجه، من بينها ورش في بلجيكا، حرص من خلالها على تعريف الصغار بهذا الفن كوسيلة للتعبير والإبداع. حتى مع تطور مسيرته على المستوى الدولي، يظل سعيد مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بمدينة مكناس، المدينة التي يقيم فيها، والتي شهدت بداياته الأولى وكانت مهد شغفه بفن الغرافيتي.