
حماية الأرواح لا «تخصيب» السلاح!
الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية ليلة 5 يونيو (حزيران) الحالي، عشية عيد الأضحى، هي الأوسع والأعنف منذ اتفاق وقف النار يوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. طال الاستهداف مباني في 4 مناطق دفعة واحدة، بشكل أعاد إلى الأذهان كل التوحش الإسرائيلي ونهج فرض عقوبة جماعية على اللبنانيين. سدت الطرقات ألوف الأسر وهي تندفع إلى الفرار بعيداً عن المناطق المستهدفة، التي ادعى العدو أنها تضم مخازن أسلحة لـ«حزب الله»، وأكثر من ذلك، مشاغل تجميع طائرات مسيَّرة!
لا يمكن وصف مستوى رعب المواطنين ولا الذعر الذي ساد منطقة تتميز بأعلى كثافة سكانية، ولا الخوف الذي عمّ لبنان من احتمال تجدد الحرب الإسرائيلية عليه، مع الوضع في الحسبان أن إعلام العدو كان منذ أيام يضج بتسريبات تدعي تعزيز «الحزب» لقدراته العسكرية، وقد ترافقت مع كشف السلطات السورية عن أكثر من محاولة لنقل أسلحة إلى لبنان، قالت إنها كانت مخزنة في مناطق تحكَّم فيها «فيلق القدس» الإيراني. وقد ضاعف حجم المخاوف إصرار العدو على منع الجيش اللبناني من الوصول إلى المناطق المستهدفة لتفتيشها بالتوافق مع لجنة الإشراف الدولية، بما يمنع الضربة العسكرية التي تمثل خرقاً متعمداً لاتفاق وقف النار.
بعد حرب «الإسناد» التي دمرت لبنان واستدرجت الاحتلال مجدداً، لم يعد «حزب الله» تلك القوة المناط بها حماية الهيمنة الإيرانية، فقد تلقى ضربات قاصمة أفقدته قياداته العسكرية، وكانت ضربة «البيجر»، 17 سبتمبر (أيلول) 2024، قد أفضت إلى هزيمته قبل أن يطلق أي طلقة جدية، وتوجت تلك الهزيمة بقتل زعيمه حسن نصر الله في 27 من الشهر نفسه، أي بعد 10 أيام على «النداء القاتل». المتبقي من هذه الميليشيا اليوم لا يمت كثيراً لما كان عليه من قوة إقليمية بعد حرب يوليو (تموز) 2006، زمن قاسم سليماني ووجود ألوف المستشارين من جنرالات «الحرس الثوري» في المنطقة، والتباهي بأن النظام الإيراني يسيطر على 4 عواصم عربية.
بقي خطاب إنكار لا ينتمي إلى الواقع، يرمي إلى إعادة تدوير أوهام من نوع أن «المقاومة» قادرة على الحماية والردع، وهي مهام لا طاقة للدولة على القيام بها. في حين أسقطت الحرب سرديات الـ100 ألف صاروخ و100 ألف مقاوم، مع عجز مدوٍ عن حماية حملة السلاح وقادته، وعجز مطلق عن الرد على العدو، الذي يمعن في اصطياد الكادرات العسكرية وتصفيتها يومياً، فكيف عن ادعاء ردع إسرائيل وحماية لبنان!
غير أن الأمر الأكثر خطورة فهو تأثير تداعياته على المسار العام للبنان، وخاصةً مسار العهد والحكومة. فبعد 5 أشهر على انتخاب الرئيس عون و4 أشهر على تأليف حكومة الرئيس سلام، تظهر التطورات وهناً كبيراً في المسار الذي خسر «مومنتم» شعبياً رافقه، هو المتعلق بكيفية التعاطي مع العنوان السيادي الأبرز: جمع السلاح اللاشرعي وحصره بيد الدولة، تطبيقاً لاتفاق الطائف وخطاب القسم والبيان الوزاري واتفاق وقف النار. ولم يعد سراً الافتقار إلى استراتيجية تؤكد وحدة السلطة في معالجة ملف السلاح، الميليشياوي والفلسطيني، الذي يرتبط بإنجازه كل المسار اللاحق للبلد، بدءاً من استكمال إعادة بناء الدولة إلى ملف إعادة الإعمار لتأمين عودة مستدامة لعشرات ألوف الأسر المهجرة، كما ترسيخ الأمن على كل الحدود ودوره في إنهاء الابتزاز المتكرر بزعزعة السلم الأهلي!
رئيس الحكومة تحدث عن تفكيك 500 موقع جنوب الليطاني ولا إشارة إلى شماله. هناك أكثر من قولٍ تحت عنوان حصر السلاح. أما رئيس البرلمان فيتصرف وكأن عقارب الزمن توقفت قبل 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 يوم ورّط «حزب الله» البلدَ في الحرب. إن إعلان التمسك بالسلاح والتهديد بـ«خيارات أخرى»، في حين العجز عن استخدامه ضد العدو مؤكد، يفضي بأن له مهمات أخرى. بوهج السلاح انتزع «الثنائي المذهبي» ميزات في مؤسسات الدولة ومواقع القرار، ويراهن على السلاح لحمايتها وتعزيزها.
يطبق العدو الإسرائيلي بقيادة مجرم الحرب نتنياهو نظرية جابوتنسكي حول «الجدار الحديدي»، ومفادها «لا شيء مع العرب سوى العداء»، ويراهن عليها لمواجهة تنامي عزلته الداخلية وملاحقته قضائياً، فيستفيد من رعونة المواقف اللامسؤولة من «حزب الله» التي تزعم استعادة الزخم العسكري والقدرة، فيطلق نتنياهو التحذيرات بأن «الحزب» يستعد لحرب جديدة ليشد العصب الصهيوني حول توجهاته الإجرامية. وكم هو الوضع سريالي لأنَّ الكل يعلم أن «الحزب» عاجز عن الانتقال إلى جنوب الليطاني، في حين عمقه الاستراتيجي السوري طويت صفحته وإيران بعيدة، والأكثرية الساحقة من اللبنانيين تريد حصر السلاح بيد الدولة.
لا يملك لبنان ترف الوقت ولا خيارات عدّة أمام السلطة. ولا أولوية تفوق حماية الأرواح ومسار التعافي؛ ما يحتم ترك سياسة شراء الوقت والمحاباة والتغاضي عن محاولات «تخصيب» السلاح وبقائه!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 44 دقائق
- الشرق الأوسط
تقرير: اتفاق أميركا وإسرائيل على إنهاء عمل «يونيفيل» في جنوب لبنان
قالت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، اليوم الأحد، إن الولايات المتحدة وإسرائيل اتفقتا على إنهاء عمل قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان «يونيفيل». وأوضحت الصحيفة، نقلاً عن مصادر، أن الإدارة الأميركية قررت عدم تجديد تفويض الـ«يونيفيل» وإسرائيل لم تحاول إقناعها بعكس ذلك، مشيرة إلى أن مجلس الأمن الدولي سيصوت على الأرجح على مسألة تفويض «يونيفيل» خلال أشهر.


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
هل يتعلَّم لبنان من حكومة الشرع؟
مضَى على الرئيسين جوزيف عون ونواف سلام نحو 150 يوماً. من جانب، لبنانُ يعيش أفضلَ مرحلة منذ عقدين مضيَا. ومن جانبٍ آخر، هناك قلقٌ من بُطءِ التَّقدمِ وأنَّ هناك حرباً أخرى على وشكِ أن تنفجرَ! سواء، إنْ كان المتقاتلون علَى جانبي الليطاني يستعدُّون لمعركة الحسم - وهو مُستبعدٌ - أم لَا، فإنَّ الطريقَ طويلة نحو استعادة لبنانَ كاملَ سيادته من إسرائيلَ و«حزب الله». لا تزال قواتُ إسرائيلَ على التراب اللبناني، والحزب سلَّم القليلَ من سلاحه الذي لم نرَ منه إلا رأسَ الجليد. المفردات التي تتكرَّر في خطابات الرئيسين ضد «العدو الإسرائيلي» لا وزنَ لها في واقعِ اليوم، وليست ضرورية في الأدبياتِ السياسية المعاصرة. الحقيقة المرة للبعض، هي أنَّ إسرائيل، لا السلطات اللبنانية، هي من ستكيّف «حزب الله». ستقرّر حجمَه، وحدودَ قدراته، وكذلك نفوذه. الجارة الكبرى، سوريا، تمرُّ بحالة مشابهة لكنَّها تختلف في المعالجة. سقطَ نظامُ بشار مثلما سقطَ نظام الضاحية، والإرثُ من بعده كبيرٌ مع الجارة «السوبر باور» الإقليمية. على التُّراب السوري قواتٌ إسرائيلية، واستهدافاتها متكررة لمواقعَ سورية. في هذا الظرف المعقَّد استطاعت حكومة الرئيس أحمد الشرع تحويلَ الأزمة إلى فرصة واستثمرتها، وهي اليوم محلُ ثناء عالمي ليس لما فعلته، بل لمَا لم تفعله أيضاً. لقد تخلَّصت سريعاً من سياسة نظامِ النعامة السابق، الذي فشل في التعاطي مع السياسة بواقعية داخلياً وخارجياً. لم يهاجمِ الشرع إسرائيل في خطاباته، ولم يحرك قواتِه أو يوعزْ لجماعاته بالاشتباك أو حتى الرَّد على نيرانها. ولم ينفخ بياناتِ حكومته بمزاعم مواجهاتٍ وانتصارات، بل لم يسمِ إسرائيل بالعدو، ولم يرفضِ الوساطات والتفاوض مع الجار الشّرير. لقد أوضح أنَّ هدفَه استقرار سوريا المدمرة وليس زعزعة استقرار من حولها. الرئيس اللبناني ورئيس الحكومة هما من نخبة العسكر والمدنيين اللبنانيين. سلام خريجُ جامعتي السوربون الفرنسية وهارفارد الأميركية، اعتقد أنَّه الوحيد في تاريخ الحكومات اللبنانية بمثل هذه الكفاءات التعليمية والعملية الدولية. في حين أنَّ الرئيسَ الشرع خريج «هيئة تحرير الشام» ولم يتعرَّف على العالم، قبل الحكم، سوى ما بين الأنبارِ العراقية وإدلب السورية! لا يحتاج الأمر إلى نظاراتٍ سميكة لنرى كيف أنَّ الشرع تقدَّم في إصلاح شؤون سوريا، ونجح في عقد صفقات مع كلّ القوى الصديقة و«العدوة». احتوى التهديدات من إسرائيل، وإيران، وقوى عراقية، وعقوبات أميركية، بالتَّفاهم معها، وأغرى المستثمرين من الحكومات بعقود بناء وتشغيل مطارات وموانئ وطاقة وصناعة. ندرك أنَّ التحديات مختلفة في بيروت عن دمشق، ورغم ذلك تلوح فرصة نادرة أمام اللبنانيين قد لا تتكرَّر أربعين عاماً أخرى، تتمثَّل في إنهاء هيمنة الخارج عليه بعد عقود من الفلسطينيين والسوريين والإيرانيين. وهذه المرحلة تتطلَّب مرونة ومعالجة مختلفة عمَّا كان يفعله السابقون. من قراءة وضع الفريقين المتقاتلين، «حزب الله» وإسرائيل، لا تخرج الاحتمالات أمام الحزب عن ثلاثة. الأول: أن يعودَ بوصفه قوة إقليمية عابرة للحدود، تهدّد إسرائيل، وتدير حوثي اليمن، وتعمل في سوريا والعراق. إلّا أنَّه بات واضحاً أنَّه سيستحيل على الحزب ذلك مع إصرار الإسرائيليين على سياسة منعِ قيام قوة تهدّدها حدودياً. لاحظوا أنَّ مصر والأردن وسوريا في الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل تنظم أنواع الأسلحة والمسافات عن الحدود، وهذا ما كانَ يرفضه «حزب الله». لكن في اتفاق وقف الحرب قَبِل بالخروج من جنوب الليطاني، والتَّخلي عن السّلاح الثقيل ومنصات الإنتاج العسكري وتفكيك بنيته التحتية. الاحتمال الثاني: «حزب الله» قوة محلية فقط. عليه أن يتموضعَ بعد أن يعترف بانقلاب موازين القوى، ويتخلَّى عن دوره بوصفه قوة لتهديد إسرائيل وورقة إيرانية تفاوضية. سيحاول الاحتفاظ بسلاح يمنحه الهيمنة على الساحة اللبنانية. ولتحديه، تتعاون السلطات اللبنانية والإسرائيلية، حيث يقوم الإسرائيليون بإبلاغ بيروت عن الأسلحة المخبأة، والجانب اللبناني يتولَّى المداهمة والمصادرة. لكنَّ الحزب خبير في لعبة الاختباء لولا أنَّ الوضع الجديد مختلف وأصعب عليه مما كان في الماضي. ولا توجد فرصة له للتهرب، حتى بعد تنحية الوسيطة الأميركية مورغان أورتاغوس، التي يصورها الحزب وحلفاؤه بأنَّها دمية نتنياهو. فإسرائيل، لا الإدارة الأميركية، هي من تقرّر في الشأن اللبناني، هذا ما تؤكده الهجمات الإسرائيلية العنيفة على الضاحية، وهي الأولى من نوعها منذ نهاية الحرب. الرئاسة اللبنانية وعدت باستعادة سيادة الدولة، بنزع سلاح الحزب وإنهاء دور لبنان بصفته جبهة حرب بالنيابة، ولم تنجح بعد. من دون ذلك سيكون الاستقرار هشاً والاستثمار محدوداً. مستقبل لبنانَ من عشر وعشرين سنة مقبلة مرهون بهذه الأيام، لإنهاء الوضع من أرض للميليشيات إلى دولة ذات سيادة تنشغل بشأنها الداخلي وحاجات مواطنيها. هذا ما يفعله الشرع في سوريا بشجاعة ودهاء، مع أنَّ ظروفه أصعب وأخطر مما يواجه الرئاسات اللبنانية. وليس صحيحاً أنَّ العالم هبَّ لدعم الشرع هكذا، أبداً. جعل أولوياته واضحة، فهو من صنع التحالفات، ولم يرضخ لابتزاز الدعايات المحلية والإقليمية بشأن «الجهاد» و«العدو». عليه محاربة الفلول والانفصاليين وترميم الاقتصاد والتفرغ لبناء دولة شبه منهارة منذ نهاية الحرب الباردة.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
إيران: حصلنا على «كنز استخباراتي» من إسرائيل سيعزز قدراتنا الهجومية
قال وزير الاستخبارات الإيراني، إسماعيل خطيب، إن بلاده ستنشر قريباً ما وصفه بـ«كنز من المعلومات الاستراتيجية» من إسرائيل؛ مما يعطي دفعة لقدرات بلاده «الهجومية»، مشدداً على إبقاء طرق تهريب هذا «الكنز» طيّ الكتمان. وذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، السبت، أن أجهزة الاستخبارات الإيرانية استولت على مجموعة كبيرة من الوثائق الإسرائيلية الحساسة، بعضها يتعلق بخطط ومنشآت نووية لعدو طهران اللدود. وجاء هذا الإعلان في وقتٍ تشهد فيه التوترات بشأن البرنامج النووي الإيراني تصاعداً ملحوظاً، بالتزامن مع استعداد القوى الغربية للدفع بمشروع قرار في «مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية» يوجه توبيخاً لطهران على خلفية تقليص تعاونها مع المفتشين وتوسيع التخصيب إلى مستويات قريبة من العتبة العسكرية، مع استمرار الجمود في ملف المواقع السرية المفتوح أمام التحقيق. ولم يصدر تعليق رسمي حتى الآن من إسرائيل. ولم يتضح ما إذا كان التقرير مرتبطاً بأنشطة قرصنة استهدفت مركزاً إسرائيلياً للأبحاث النووية ووردت تقارير بشأنها العام الماضي وقررت طهران الكشف عنها الآن وسط تصاعد التوتر بشأن برنامجها النووي، وفق وكالة «رويترز». وقال وزير الاستخبارات الإيراني للتلفزيون الرسمي: «جنود الإمام المهدي المجهولون في وزارة الاستخبارات (في إشارة إلى اسم منتسبي أجهزة الاستخبارات في البلاد) تمكّنوا من الوصول إلى كنز من المعلومات الاستراتيجية والعملياتية والعلمية التابعة للنظام الصهيوني». وأفاد خطيب بأن «المعلومات جرى نقلها إلى داخل البلاد»، وقال: «هذا حدث استخباراتي كبير، فالقول إنها آلاف الوثائق لا يفي بالغرض». وأضاف في السياق نفسه: «أؤكد أن كنزاً استخباراتياً بالغ الأهمية؛ استراتيجياً وعملياتياً وعلمياً، قد وقع بأيدي أبنائنا وأصدقائنا الأعزاء في الاستخبارات». وأوضح الوزير أنه «جرى الحصول على الوثائق النووية الكاملة، ونُقلت إلى البلاد»، متحدثاً أيضاً عن مصادرة وثائق أخرى «تتعلق بالعلاقات بالولايات المتحدة وأوروبا ودول أخرى، وكذلك وثائق استخباراتية تعزز من قدراتنا الهجومية». وأجاب خطيب عن سؤال بشأن كيفية نقل الوثائق إلى إيران، قائلاً: «بقدر ما أن أهمية هذه الوثائق كبيرة، فإن طرق نقلها أيضاً على قدر كبير من الأهمية؛ لذلك؛ فإننا نحافظ على سرية طرق النقل وعلى الوثائق». وأضاف أن «طرق النقل ستظل محفوظة وسرية، كما أن الإعلان عنها استغرق وقتاً حتى نتمكن من نقلها إلى داخل البلاد بأمان تام». وصرح: «لن يعلَن عن هذه الطرق في القريب العاجل، ولكن الوثائق نفسها ستُنشر قريباً». لكنه قال إنه «جرى التخطيط لعملية شاملة، معقدة ومتعددة الأبعاد في هذا المجال، حيث بدأ الأمر بالتغلغل، وتجنيد المصادر، والحصول على مصادر جديدة، وزيادة المصادر بشكل أساسي، وهو ما أتاح الفرصة لأن نكون اليوم أمام هذا الكنز المهم». ونقلت قناة «برس تي في»، الناطقة باللغة الإنجليزية في التلفزيون الرسمي، أنه «على الرغم من أن عملية الحصول على الوثائق جرت منذ بعض الوقت، فإن الحجم الهائل للمواد والحاجة إلى نقلها بأمان إلى إيران استلزم التعتيم الإعلامي لضمان وصولها إلى المواقع المحمية المحددة». وأضافت «برس تي في» أن «(المصادر المطلعة على الأمر) أشارت أيضاً إلى أن عدد الوثائق هائل لدرجة أن مراجعتها، إلى جانب الاطلاع على الصور ومشاهدة مقاطع الفيديو، استغرقت وقتاً طويلاً»، دون ذكر تفاصيل عن الوثائق. وفي عام 2018، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن عملاء إسرائيليين استولوا على «أرشيف» ضخم من الوثائق الإيرانية التي تُظهر أن طهران نفذت أنشطة نووية أكثر مما كان معروفاً من قبل. نتنياهو يشير إلى وثائق من الأرشيف النووي الإيراني تكشف عن دور محسن فخري زاده في برنامج التسلح النووي لطهران (أرشيفية - رويترز) ومنذ 7 سنوات، أعادت الوثائق المسربة إحياء تساؤلات قديمة بشأن طبيعة البرنامج النووي الإيراني، وبشكل خاص الخطة المعروفة بـ«آماد»، التي تقول طهران إنها تخلت عنها في 2003، وقالت «الوكالة الذرية» في تقرير الأسبوع الماضي، إنها لم تحرز تقدماً في التحقيق المفتوح، ولم تحصل على إجابات مُرضية. و بموازاة الإعلان عن مصادرة وثائق إسرائيلية، انتقدت إيران بشدة التقرير الجديد من مدير «الوكالة الذرية»، رافاييل غروسي، واتهمت إسرائيل بـ«التخريب» وخلق «تلوث» في المواقع السرية الأربعة «لويزان» و«رامين شيان» و«تورقوز آباد» و«مريوان». وقالت طهران في رسالة إلى «الوكالة الذرية»، نقلتها وسائل إعلام إيرانية، إنه «لا غموض بشأن الأنشطة النووية الحالية لإيران، أو أي انحراف في المواد أو الاستخدامات النووية». وجاء في التقرير: «اكتشفت السلطات الأمنية الإيرانية المختصة مؤخراً، بناءً على تحقيقات ودراسات مكثفة، أدلة إضافية تؤكد تورط أعمال تخريبية أو عدائية في تلوث تلك المواقع». كما أشار التقرير إلى أن «جميع المواد والأنشطة النووية الإيرانية قد أُبلغت لـ(الوكالة) بالكامل، وتم التحقق منها. وقد بذلت إيران كل الجهود الممكنة للكشف عن مصدر مثل هذه الجسيمات في تلك المواقع». وأضافت الرسالة الإيرانية أن «هذه القضايا قد تم حسمها سابقاً خلال تعاوننا مع الوكالة الذرية»، مشيرة إلى أن المعلومات تستند إلى وثائق «قدمها عدو إيران اللدود الذي لا يتوقف عند التآمر ضد علاقات إيران بالوكالة فحسب، بل يرتكب أيضاً أعمال تخريب وهجمات وتهديدات ضد إيران، فضلاً عن اغتيال علمائها النوويين». وأضافت: «التقييم المبني على مثل هذه البيانات يثير تساؤلات بشأن مزاعم الحيادية والاحترافية. ومن المفارقات أن الكيان الصهيوني نفسه ليس عضواً في (معاهدة حظر الانتشار النووي) وهو الوحيد في المنطقة الذي يمتلك أسلحة دمار شامل». وهدد الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بقصف إيران إذا لم تتوصل إلى اتفاق مع واشنطن بشأن برنامجها النووي. لكن تقارير أفادت بأن ترمب عرقل في أبريل (نيسان) الماضي ضربة إسرائيلية كانت مزمعة على مواقع نووية إيرانية لمنح الفرصة للتفاوض على اتفاق مع طهران. وتطالب الولايات المتحدة بوقف تخصيب اليورانيوم تماماً في المفاوضات لتسوية ملف طهران النووي. وقال المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأربعاء الماضي، إن التخلي عن تخصيب اليورانيوم «يتعارض تماماً مع مصالح البلاد».