
النفق… منبر الاحتلال الجديد!نضال بن مصبــاح
النفق… منبر الاحتلال الجديد!
بقلم: نضال بن مصبــاح
لم يكن نتنياهو بحاجة للميكروفون هذه المرة، بل اختار مكبّرًا أعمق من الصوت… اختار 'النفق'.
من تحت المسجد الأقصى، أولى القبلتين، وأقدس مقدسات المسلمين، خرج زعيم الاحتلال ليبشّر بما سمّاه 'بشرى بشأن الأسرى'.
لكنه لم يكن يزف خبراً، بل كان يدفن شيئاً آخر… ربما الحقيقة، وربما وجهاً من وجوه الزمن الذي يحاول طمسه.
هل تسمعون الصوت؟
إنه صوت الحفّار،
إنها 'بشرى' محمولة على المعول، تعبر عظام التاريخ، وتخرق ذاكرة المكان، لتقول: نحن هنا… لا في السطح، بل في العمق.
اختار نتنياهو هذا الموضع بدقة جرّاح جغرافي وزعيم استعمار. لم يقف أمام الكنيست، بل في قلب النفق، في عتمة المسروق، ليُعلن 'النور' لأسرى غارقين في ظلام غزة!
أي عبث هذا؟
كم نحتاج من الصفعات حتى نستفيق؟
هذه ليست صدفة، ولا لقطة ارتجالية.
إنها ذروة الفعل الاستفزازي… حيث تصبح 'قدس الأقداس' نصراً سياسياً لمجرم ، والاقصى مسرحًا للخطاب الاستعماري.
النفق، كما يعلم الجميع، ليس مجرد ممرّ تحت الأرض، بل هو سرديّة كاملة.
إنه الشريان السريّ لتهويد القدس، والمعول الذي يحفر في جسد الأمة، حجراً حجراً، ويقدّمه للعالم على أنه 'إرث يهودي'.
وكلما تعمّق النفق… تعمّق صمت العرب.
فحين يعلن منه نتنياهو عن 'بشرى الأسرى'،
فهو لا يبشّر، بل يصفع:
صفعة للزمان، وأخرى للمكان.
صفعة للتاريخ الذي يُعاد تركيبه، وللجغرافيا التي تُمسخ تحت أقدام المحتلين.
صفعة لـ'القيم الإنسانية' التي تُعلن من قلب الانتهاك، وتُجمّل بطلاء الأمل للمستوطن و مشبعة برائحة الدم والخراب لصاحب الحق
دعونا نقرأ الصورة كما هي، لا كما يريدون:
مجرم حرب يعلن تحرير أسراه من تحت مسجدٍ أسير.
يبشّر بـ'الفرج' من داخل موقع يُقترف فيه الجُرم ضد الإنسانية وضد ذاكرة الأمة.
وهو لا يفعل ذلك فقط للداخل الإسرائيلي، بل للغافلين منّا أيضاً،
لمن يتابعون الخبر كأنه 'تطور إيجابي للمفاوضات'، لا كأنه خنجرٌ في خاصرة المعنى.
منذ متى تُزف البشرى من النفق؟
منذ متى يتحول الانتهاك إلى منصة للخطاب الإنساني؟
وهل نسي العالم أن هذا النفق ليس فقط موقعًا أثريًا متنازعًا، بل شاهدًا على عملية اقتلاع مستمرة للحق العربي والإسلامي في القدس؟
نتنياهو يعلم تمامًا ماذا يفعل.
إنه يمارس حربًا على الوعي، لا على الأرض فقط.
هو لا يحفر النفق، بل يحفر الشكّ داخل العقول:
هل القدس فعلاً لنا؟
هل الأقصى فعلاً فوق الأرض؟
وهل نحن فعلاً على قيد المعنى؟
هو لا يخاطبنا نحن، بل يخاطب أبناءنا في الغد، ليقول لهم:
'ها قد كنتُ تحت الأقصى… ولم يمنعني أحد.'
وهنا تصبح 'البشرى' ليست عن الأسرى، بل عن الاستيلاء الرمزي الكامل.
إنه يقول للعالم:
إن كنتم تتفاوضون معنا على أسير، فنحن نفاوض على القدس كلها.
وإن كنتم تنتظرون خبراً سعيداً، فاعلموا أن الحفرة التي خرج منها الخبر… أعمق من كل جراحكم.
هذا هو الوجه الجديد للدعاية الصهيونية:
دعونا نحفر تحت قداساتكم… ثم نعلن 'الإنسانية' من وسط الركام.
دعونا نسرق المكان، ونزفّ الأخبار 'الجميلة' من قلب المذبحة.
ولم يكن نتنياهو في النفق يبحث عن الضوء،
بل كان يدفن ما تبقى من ظلال الحقيقة.
ومن هناك… من عتمة النفق،
لم يكن يحرّر أحدًا، بل يدفن المعنى.
لم يعلن 'بشرى'، بل وثّق لحظة: أن الرواية باتت تُصاغ تحت الأرض.
أن الخطاب لم يعد على المنابر، بل في السراديب.
أن العدسة لم تعد شاهدة على الحقيقة، بل شريكة في اقتلاعها.
وأن من لم يمت تحت القصف… مات تحت البثّ.
فحين يتحوّل النفق إلى منبر،
والجريمة إلى خبر سار،
والاغتصاب إلى مؤتمر صحفي،
نكون أمام مرحلة جديدة،
لا تحتاج إلى أسلحة… بل إلى وعي لا يُخدع.
لكن.. هل مات فينا الوعي؟
إن كانت إجابتك 'نعم'، فترحّم على روحك!
أما أنا، فالغضب في صدري حيّ… لن يُدفن قبلي..
2025-05-28

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ساحة التحرير
منذ 8 ساعات
- ساحة التحرير
استمرار الصمود الأسطوري للمقاومة الفسطينية!علي ناصر محمد
استمرار الصمود الأسطوري للمقاومة الفسطينية! علي ناصر محمد مرّت سنة وثمانية أشهر منذ بداية حرب الإبادة التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني جهارا نهارا بدون خشية من عقاب وبدون أدنى التزام بالمواثيق والقوانين الدولية الإنسانية واستمرار الاستخدام المفرط لأحدث الأسلحة مما أدى إلى ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني المدعوم بوجه خاص وبصورة شاملة من قبل الولايات المتحدة على قطاع غزة إلى أكثر من 54200 شهيد و123 250 مصاب منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وفقًا لبيانات وزارة الصحة في غزة التي لاتستطيع دولة التطهير العرقي إنكارها. ومنذ استئناف الاحتلال لعدوانه الغاشم على القطاع ورفضه لوقف إطلاق النار الذي نتج عنه منذ 18 آذار/مارس الماضي، ارتقاء أكثر من 3,901 شهيد، و 11,088 إصابة، في وقت تتفاقم فيه الكارثة الإنسانية في كل أرجاء القطاع. غزة، التي لا تتجاوز مساحتها 350 كيلومترًا مربعًا، تُسطّر اليوم أروع ملاحم الصمود في وجه آلة الحرب والإبادة، وسط نقص حاد في الغذاء والدواء والسكن في العراء أو وسط ركام المساكن المهدمة والانعدام التام للخدمات ، والمشاهد المأساوية لمجاعة لم يشهد لها تاريخ الحروب والشعوب مثيلًا ولم ترتكبها دولة احتلال من قبل. يستمر الحصار والإبادة والتجويع في ظل صمت عربي واسلامي و دولي مخزٍ وانعدام الموارد الإغاثية والدوائية بشكل شبه كامل، بينما تتوالى مشاهد الألم والعجز في الشوارع والمستشفيات، و تحت ركام البيوت المهدّمة والموت من الجوع بينما ترابط ناقلات المساعدات الغذائية في انتظار أن يسمح لها النظام الفاشي بالعبور إلى غزة. ورغم كل ذلك ووسط هذا الظلام، تلوح بوادر صحوة عالمية، بدأت باعتراف كل من إسبانيا والسويد وإيرلندا بدولة فلسطين، وإعلان فرنسا وبريطانيا ومالطا عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية قريبا. هذه المستجدات لها قيمتها السياسية لأنها تعني أن الرافضين للعدوان والاستيطان في تزايد وأن هذه الدول ترفض استمرار العدوان وسياسة التجويع وتقف إلى جانب الحق الفلسطيني. كم كنا نأمل أن تكون مواقف الدول العربية أكثر قوة وفعالية ، وأن تُترجم أقوالها إلى أفعال، وأن تتخذ مواقف سياسية ودبلوماسية أكثر جرأة منها التهديد بفرض عقوبات على الدول التي تدعم العدوان الإسرائيلي عسكريا ودبلوماسيا ترجمة للالتزام العربي بتأييد قضية فلسطين وتقديرا لحجم التضحيات الجسيمة التي يبذلها أهلنا في غزة. إن الكيان الصهيوني اليوم يتجرّد من كل القيم الإنسانية، ويزداد عُزلة حتى في الداخل، وسط صدمات سياسية واجتماعية متفاقمة داخل مؤسساته ومنها العسكرية. وقبل أن نندم علينا تحديد موقف صارم إزاء مناقشات الكنيست لتهويد المسجد الأقصى الذي يتعرض يوميا لانتهاكات المستوطنين بقيادة الوزيرين الفاشيين بن غفير وسموتريتش وحماية جيش الاحتلال. الضفة أيضا تحرق مزارعها وأشجار زيتونها وتدمر منازلها وتحاصر مخيماتها ويعيش سكانها في ظل حصار على مدى أربع وعشرين ساعة ولا أحد يرفع صوته حتى للتنديد.أما امريكا التي كانت تشغل العالم بتقاريرها عن الحريات الدينية فتلوذ بالصمت لأنها أصبحت طرفا نشطا في كل الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية بدون خوف أو قلق من رد فعل عربي أو تضامن إسلامي. المجد والخلود للشهداء والشفاء للجرحى 2025-05-30


الرأي العام
منذ 2 أيام
- الرأي العام
الامارات تستدعي السفير الاسرائيلي وتبلغه ادانتها لممارسات اسرائيل الاستفزازية في القدس
استدعت وزارة الخارجية الإماراتية، السفير الإسرائيلي لدى الدولة وأبلغته ادانتها لممارسات اسرائيل الاستفزازية في القدس. وذكرت الوزارة في بيان، أنها'استدعت السفير الإسرائيلي وأبلغته إدانة دولة الإمارات الشديدة للانتهاكات والممارسات المشينة والمسيئة ضد الأشقاء الفلسطينيين التي شهدتها باحات المسجد الأقصى والحي الإسلامي في المدينة القديمة'، مؤكدة أن'هذه الممارسات التعسفية، تعد استفزازًا وتحريضًا خطيرًا تجاه المسلمين، وانتهاكًا صارخًا لحرمة المدينة المقدسة'. وأكدت، أن'الاعتداءات المتكررة من قبل المتطرفين الإسرائيليين وما يترافق معها من تحريض على الكراهية والعنف، تشكل حملة متطرفة ممنهجة لا تستهدف الشعب الفلسطيني الشقيق فحسب، بل المجتمع الدولي بأسره، مما يؤدي إلى تصعيد التوترات في وقت يتطلب التركيز على إنهاء المأساة في قطاع غزة'. وطالبت الإمارات الحكومة الإسرائيلية، بـ'تحمل كامل المسئولية، وإدانة هذه الممارسات التحريضية، ومعاقبة المتسببين بها دون استثناء الوزراء والمسؤولين، واتخاذ خطوات عاجلة لمنع استغلال القدس لأجندات العنف والتطرف والتحريض'. كما أكدت أن أي تقاعس عن ذلك سيُعتبر موافقة ضمنية، مما سيعمق دائرة الكراهية والعنصرية وعدم الاستقرار. وأكدت الوزارة على أهمية احترام دور المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة في رعاية المقدسات والأوقاف بموجب القانون الدولي والوضع التاريخي القائم، وعدم المساس بسلطة صلاحيات إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة والباحات المحيطة. وشددت الوزارة على رفض دولة الإمارات القاطع لكل الممارسات المخالفة للقرارات الدولية، التي تهدد بالمزيد من التصعيد، وأهمية احترام الوضع القائم للمسجد الأقصى، وتوفير الحماية الكاملة لكافة المقدسات الدينية في القدس، التي تُعتبر رمزًا للتعايش والسلام.


ساحة التحرير
منذ 3 أيام
- ساحة التحرير
لا تزال طرق الحرب على غزة طويلة!سعادة مصطفى أرشيد
لا تزال طرق الحرب على غزة طويلة! سعادة مصطفى أرشيد* تُعقد في العاصمة القطرية الدوحة مفاوضات بين المقاومة وحكومة الاحتلال تهدف لإنهاء الحرب برعاية قطرية أميركية وكما أوردت الفضائيّات العبرية أن الإدارة الأميركية قد تقدّمت بطلب للحكومة (الإسرائيلية) تدعوها الى تأجيل عمليتها العسكرية في غزة لعدة أيام بهدف إنجاح المفاوضات، فيما العملية العسكرية (الإسرائيلية) قد انطلقت بوحشية غير مسبوقة ولا يبدو أنها ستتوقف فبنيامين نتنياهو يريد أن يفاوض تحت النار متخذاً من نموذج كيسنجر في مفاوضاته مع الفيتناميين نموذجاً يتّبعه. نتنياهو مستمرّ في هذه الحرب وهو يدرك مقدار انخفاض جدّية الإدارة الأميركية في طلبها المذكور أعلاه، فهذا الضغط الأميركيّ هو موضع شك، حيث إن الإدارة الأميركية لو أرادت ذلك حقاً لاستطاعت إلزامه لا بوقف هذه العملية العسكرية وإنما بوقف الحرب برمّتها ونتنياهو يعرف أنه يستطيع أن يشاغب على الأميركيين أو أن يماطل، ولكنه كما غيره من قادة (إسرائيل) لا يستطيع رفض الأوامر الأميركية إن شعر بجديّتها. لا أحد جاد في إيقاف إجرام نتنياهو وربما لا أحد يستطيع، فقط واشنطن التي تستطيع الفرض وإلزام تل أبيب، أما المطبّعون الإبراهيميّون فيبدو أنهم لا يرغبون بذلك أصلاً بل إن أخباراً تتردّد أن سفير الإمارات في واشنطن العتيبي قد طالب صراحة في اجتماعاته بضرورة الإسراع بتهجير أهل غزة حتى ينطلق مشروع إعادة الإعمار، وأوروبا بدورها غير جادّة وإنما تعطيه مهلاً إضافية بحجة درس نصوص اتفاقية الشراكة التجارية خاصة في بندها الثاني وفحص إن كانت (إسرائيل) تخالف قواعد حقوق الإنسان – وكأن الأمر يحتاج إلى إثبات – أما داخل الكيان (الإسرائيلي) الذي أصبح يُبدي قلقاً متزايداً من مفاعيل الحرب على المدى الطويل ومقدار تأثيرها على (إسرائيل) فعلينا أن نسمع موشي يعلون نائب رئيس الحكومة ووزير الدفاع السابق يقول: إن الحرب على غزة تملك كامل مواصفات حروب الإبادة. وهو يقول أيضاً: لقد أصبحت أعتذر عن المشاركة في أي مؤتمر في الخارج أو أن أقابل الصحافة الأجنبية إلا أنني لا أستطيع الدفاع عن «إسرائيل» ويرى هو وغيره أن الرواية الأهم التي تمّ ترويجها دعماً لـ(إسرائيل) منذ ثلاثينيّات القرن الماضي كانت رواية الهلوكوست الألماني الذي عرفه العالم بأسره من خلال الروايات والأفلام السينمائيّة والوثائقيّة ولم يشاهده مباشرة ولكنه يرى اليوم في غزة هولوكوست حقيقياً، ولكن المجرم القاتل هو اليهوديّ. لكن بنيامين نتنياهو لا يلقي بالاً لكل ذلك فهو ماض في حربه ويرى أن الهدف ليس إطلاق سراح الأسرى أو استعادة جثامين القتلى، فذلك ليس إلا أضراراً جانبية وخسارة محدودة، ولا يكتفي بضمان القضاء على المقاومة التي تمت تصفية معظم قياداتها السياسية والعسكرية، فنتنياهو يرى أن الحرب هي الهدف ويرى أن التهجير هو الهدف والقضاء على المقاومة فقط وإنما على كل غزة وأهلها هو الهدف، وهذا ما يتفق في خلاصاته الأخيرة مع الخطة المعلنة للرئيس الأميركي ولعل الحرب عند نتنياهو هي فرصته الأخيرة والأثمن التي إن فاز بها فهو قادر على الحفاظ على بقائه السياسيّ وربح جولة جديدة في الانتخابات. هكذا نستطيع أن نقول إن الحرب لا زالت طويلة وإن خطط نتنياهو للخلاص من غزة لا زالت موضع شك في نجاحها فالقتل والتدمير لا يصلح انتصاراً والتهجير بشكله التطوّعي أو القسري لا زال يثبت أنّ الباقين في غزة برغم الخطر والجوع والمرض والحر والبرد ما زالوا أكثر بكثير من الذين غادروها أو سيغادرونها، استطاع نتنياهو ولا شك ذبح ما يزيد عن 60 ألف في غزة وأن يدمّر معظم القطاع وأن يقتل معظم القادة السياسيين والعسكريين وحتى معظم مَن شارك في مفاجأة صبيحة السابع من تشرين الأول 2023 لكن النتيجة أنه لم يحقق أهدافه ولن يحقق أهدافه وربحت غزة والمقاومة في قلب صورة (إسرائيل) وإعادة صناعة الهولوكوست بشكل مقلوب وهذه النتائج سيكون حصولها في مصلحتنا كبيراً وبطريقة التراكم وليس سريعاً. 2025-05-28