
جبهات التحليل وضجيج "التريندات"
منذ السابع من أكتوبر وما تلا ذلك من أحداث متسارعة، بدءًا بالعدوان الصهيوني على غزة ولبنان، ثم التطورات الدراماتيكية في سوريا التي انتهت بوصول هيئة تحرير الشام إلى الحكم، في سابقة هي الأولى من نوعها لجماعة "جهادية" مسلحة مصنفة كتنظيم إرهابي في الأمم المتحدة والعديد من دول العالم، إلى سدة السلطة في دولة مهمة مثل سوريا؛ مرورًا بالعدوان الأمريكي / الصهيوني على اليمن ثم بالأحداث الدامية في الساحل السوري، وانتهاءً -وليس آخرًا- بالعدوان الإسرائيلي على إيران في 13 يونيو الماضي، كل تلك الأحداث المتلاحقة استحوذت على التغطيات الإخبارية في معظم القنوات الفضائية العربية، ليصبح المحللون السياسيون والجنرالات المتقاعدون نجوم المرحلة، مع تصاعد الألقاب المتداولة مثل: "الخبير في الشؤون الإسرائيلية"، و"المتخصص في الشأن الإيراني"، وآخرون يُقدَّمون كمحللين في "شؤون الجماعات السلفية الجهادية".
في هذه البرامج، انقسمت الآراء: فهناك من رأى أن التفوق الإسرائيلي في سلاح الجو والاستخبارات مكّنه من تنفيذ سلسلة اغتيالات نوعية في غزة ولبنان وحتى داخل إيران، رغم فشله -مع تعاون استخباراته الدولية والإقليمية- في تحرير أسراه في غزة، ولو جزئيًا. وفي المقابل، ركز آخرون على دقة الصواريخ الإيرانية ومدى فاعليتها، بينما ذهب فريق ثالث إلى اعتبار هذه الأحداث مقدمة حتمية لزوال الكيان الصهيوني. ولم يغب رجال الدين عن المشهد؛ إذ اعتبر بعضهم ما يحدث من علامات الساعة، مستحضرين شخصيات مثل "اليماني" و"السفياني" في خطبهم ومنابرهم.
لكن إلى جانب "جبهات التحليل" التلفزيونية، كانت هناك جبهة أخرى مشتعلة في وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما على منصة "إكس" ومجموعات "الواتساب" التفاعلية. وتميزت هذه الجبهة بمشاركة أفراد من مختلف شرائح المجتمع: "موظفون، رجال أعمال، متقاعدون، رياضيون وغيرهم، ممن لا يملكون خلفيات سياسية عميقة"، بل تقتصر علاقتهم بالسياسة على متابعة الأخبار وقراءة بعض المقالات. إلا أن ذلك لم يمنعهم من خوض نقاشات حادة، وإصدار أحكام قطعية وتعميمات فاق بعضها ما صدر عن محللي الفضائيات.
ولا أتحدث هنا عن هذا التفاعل من باب الانتقاد، بل أراه دليلًا على حيوية المجتمع واهتمامه بما يجري حوله من أحداث مصيرية قد تؤثر فيه عاجلًا أو آجلًا. لكن المؤسف أن الطابع الغالب على مجموعات "الواتساب" هو انتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة التي تروجها حسابات إخبارية، بعضها يعمل من خارج السلطنة، وبعضها من الداخل، دون تحقق أو تمحيص.
وما يزيد الأمر سوءًا أن عددًا كبيرًا من المثقفين والكتاب والإعلاميين والفنانين في العالم العربي شاركوا، عن قصد أو غير قصد، في إعادة نشر الشائعات والمقاطع المفبركة، سواء بدافع الحماسة أو الانسياق وراء "الترند". وقد أسهم بعضهم في التحريض ونقل أخبار غير موثقة، مما عرّضهم لموجات من الانتقاد والسخرية، بل وأحيانًا للشتائم، مع تذكيرهم بدورهم الأصلي: فالإعلامي ينبغي أن يكون ناقلًا للحقيقة لا مروّجًا للدعاية، والكاتب مُحللًا لا صدىً للشائعات، والفنان داعيًا للجمال والسلام لا منخرطًا في التهييج السياسي أو الترويج للفتن.
وفي ظل هذه الفوضى التحليلية غير المعتمدة على الفهم الصحيح والنقل السليم للأخبار من مصادرها الموثوقة، يجد المجتمع نفسه حائرا بين هذا وذاك، وبين هذه النظريات وتلك، ومن المؤسف أن هذا الوضع قد يؤدي إلى تغييب الوعي المجتمعي بسبب ضجيج "الترندات"، ولذلك فإنه من الضروري أن يكون صوت العقل هو الغالب وسط هذه الفوضى التحليلية والمعلوماتية، حتى لا نفقد هيبة وعظمة الكلمة ودورها في البناء لا التحريض، وهذه المسؤولية تقع على عاتق كتابنا ومثقفينا، كما علينا جميعا كمواطنين أن نكون أكثر حذرًا من التعاطي مع كل ما يُنشر أو يُقال في زمن اختلط فيه التحليل بالتحريض والخبر بالشائعة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الرؤية
منذ 3 ساعات
- جريدة الرؤية
إمعان في تكريس الاحتلال.. تحدٍ صهيوني مستمر للعالم
خالد بن سالم الغساني في خطوة سياسية وإيديولوجية خطيرة تؤكد استمرار سياسات الاحتلال التوسعية، صادق الكنيست الإسرائيلي، بأغلبية ساحقة، على قرار يدعو إلى فرض 'السيادة الإسرائيلية' على الضفة الغربية وغور الأردن، معتبرًا هذه الأراضي الفلسطينية جزءًا لا يتجزأ من 'الوطن التاريخي المزعوم للشعب اليهودي'. ويهمنا في البداية أن نشير ونؤكد على أن هذا القرار باعتباره صادر عن سلطة احتلال غير شرعية، فإنه يفتقر إلى أي أساس قانوني بموجب القانون الدولي، ويُعد خرقًا صارخًا لقرارات الأمم المتحدة، لاسيما قراريها رقمي 242 و 2334، اللذين يؤكدان على عدم شرعية ضم الأراضي المحتلة بالقوة، كما أنه يتعارض مع اتفاقيات جنيف التي تحظر تغيير طابع الأراضي المحتلة أو نقل سكانها، ومن ناحية أخرى وبالرغم من خطورته، الا انه لا يمثل شيئاً جديداً في إطار النهج الإحتلالي الذي تمارسه سلطات الكيان المحتل التي لم تتوانى في اتخاذ إي قرار او فعل لتدعيم سلطاتها الإستيطانية على الأراضي العربية المحتلة، إلا أن دلالاته السياسية والاستراتيجية تكشف عن تصعيد متنامي وغير مسبوق في سياسات الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، بهدف تكريس الاحتلال وإجهاض أي خطوة نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة. يأتي هذا القرار في سياق إجماع متزايد داخل الائتلاف الحاكم اليميني المتطرف في إسرائيل، الذي يرفض بشكل قاطع حل الدولتين، ويعتبر إقامة دولة فلسطينية تهديدًا لما يسمى بـ'المستقبل الإسرائيلي'المبني إساساً على مستقبل شعبٍ شُّرد وطرد من أراضيه بالقوة، بعد أن مورست بحقه وأرضه أبشع أنواع القتل والتهجير والتدمير، من قبل كيانٍ محتل غاشمٍ وساديٍ وقح. إن ذلك يعكس محاولة أخرى واضحة لفرض أمر واقع على الأرض من خلال ترسيخ السيطرة على الضفة الغربية، مستندًا إلى مبررات إيديولوجية تربط بين أحداث عملية 'طوفان الأقصى' في 7 أكتوبر 2023، وادعاءات أمنية تُروج لضرورة اتخاذ خطوات "استراتيجية' لضمان هيمنة الاحتلال. وفي الواقع فإن هذه الخطوة ليست سوى إستمرار لسياسات الضم والتوسع الاستيطاني، التي تهدف إلى تهميش الفلسطينيين وتغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي للأراضي المحتلة. إنه تحدي سافر للشرعية الدولية، كما تعودت سلطات الكيان، لكنه يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية جادة للتصدي لهذه الانتهاكات التي تسعى إلى تقويض كل فرص يمكن ان تحقق السلام العادل والشامل. إنه يُفاقم التوترات في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والعمليات العسكرية اليومية في الضفة الغربية، وسياسة التجويع التي تستهدف حياة الفلسطينيين وتقتل من تبقى منهم. إن تصريحات مسؤولي الاحتلال التي تدعو إلى ضم الضفة الغربية وغزة مع تهجير الفلسطينيين الذين يرفضون الخضوع للسيادة الإسرائيلية تؤكد وتدلل على تكريس نظام فصل عنصري في الأراضي العربية المحتلة، وتنفيذ عمليات نزوح قسري واسعة النطاق. من ناحية أخرى فان هذا القرار يُشكل دعمًا مباشرًا لسياسات التوسع الاستيطاني، التي تتسارع عبر إخلاء مجتمعات الرعاة الفلسطينيين قسرًا، وتوسيع البؤر الاستيطانية، وهدم المنازل، ومصادرة الأراضي. هذه الإجراءات تهدف إلى تقطيع أوصال الضفة الغربية، وتفتيتها إلى جيوب معزولة، مما يجعل إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة مستحيلة عمليًا. كما يُضعف السلطة الفلسطينية، التي تُعاني أصلًا من أزمة شرعية داخلية بسبب الانقسام السياسي ومحدودية سلطتها تحت الاحتلال، مما يُعزز من حالة الإحباط الشعبي ويُعمق التوترات الداخلية. إن الشعب الفلسطيني الذي يواصل مقاومته الباسلة بكل الوسائل المشروعة، يجد نفسه مع هذا القرار أمام تحدٍ وجودي يتطلب منه شحذ قواه واعادة تنظيم صفوفه ورصها لتصعيد المقاومة الشعبية والمسلحة للدفاع عن أرضه وحقوقه الثابتة. وإن استمرار سلطات الاحتلال في تحدي قرارات الشرعية الدولية التي أصبحت مجرد 'أحبار على ورق' أمام تعنت الكيان الصهيوني، يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي، يتطلب استجابة دولية حاسمة تتجاوز البيانات الشكلية إلى فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على إسرائيل، بما في ذلك وقف الدعم العسكري والمالي، وتفعيل آليات المساءلة عبر المحكمة الجنائية الدولية. كما انه يدعوا الدول المحبة للسلام الى تعميق عزلة إسرائيل دوليًا، ودعم الحملات الشعبية وحركة المقاطعة وفرض العقوبات إن قرار الكنيست إعلان صريح لتكريس الاحتلال وإنهاء أي أمل بتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني؛ ذلك انه يُغلق أبواب التسوية السياسية بشكل نهائي، ويُؤكد أن الصراع مع الاحتلال، انما هو صراع وجودي تؤكده كل ممارسات سلطات الكيان المحتل، إنه يستهدف استئصال الشعب الفلسطيني من أرضه، وفي مواجهة هذا التحدي يواصل الشعب الفلسطيني تمسكه بخياراته المشروعة، عبر المقاومة بكل أشكالها، للدفاع عن حقه في الأرض والسيادة والعودة. وعلى العالم أن يتحمل مسؤولياته التاريخية، ولا يكتفي فقط بإدانة هذه السياسات، بل انه مطالب باتخاذ إجراءات عملية لردع الاحتلال ودعم نضال الشعب الفلسطيني، ففي ظل إمعان سلطات الاحتلال في تحدي العالم، يبقى العمل على تعزيز صمود الفلسطينيين ومقاومتهم الباسلة، هو الرد الأقوى على هذا العدوان، والضمانة الحقيقية لاستمرار القضية الفلسطينية كقضية مركزية للعدالة والحرية في العالم.


جريدة الرؤية
منذ 11 ساعات
- جريدة الرؤية
"الخارجية الفرنسية": 15 دولة تدعو دولا أخرى لإعلان عزمها الاعتراف بفلسطين
باريس- الوكالات قالت وزارة الخارجية الفرنسية اليوم الأربعاء، إن 15 دولة غربية وجهت الدعوة إلى البلدان الأخرى لإعلان عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ووفقا لما ذكره وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، اليوم الأربعاء، فقد دعت فرنسا و14 دولة أخرى، من بينها كندا وأستراليا، البلدان الأخرى إلى إعلان عزمها الاعتراف بدولة فلسطين. وكتب بارو عبر اكس "في نيويورك مع 14 دولة أخرى، توجه فرنسا نداء جماعيا: نعبر عن عزمنا الاعتراف بدولة فلسطين وندعو الذين لم يفعلوا ذلك حتى الآن إلى الانضمام إلينا"، غداة "إعلان نيويورك" الذي أطلق في ختام مؤتمر وزاري في الأمم المتحدة حول حل الدولتين في النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. الدول الخمسة عشر والى جانب فرنسا، انضمت كندا وأستراليا، العضوان في مجموعة العشرين، إلى النداء. ووقعت دول أخرى الدعوة وهي أندورا وفنلندا وأيسلندا وأيرلندا ولوكسمبورغ ومالطا ونيوزيلندا والنرويج والبرتغال وسان مارينو وسلوفينيا وإسبانيا. وأعربت 9 دول منها لم تعترف بعد بالدولة الفلسطينية عن "استعداد بلادها أو اهتمامها الإيجابي" في الاعتراف بها ، وهي أندورا وأستراليا وكندا وفنلندا ولوكسمبورغ ومالطا ونيوزيلندا والبرتغال وسان مارينو. وصدرت الدعوة من الدول الخمس عشرة -في ختام مؤتمر وزاري- عُقد يومي الاثنين والثلاثاء في نيويورك، برعاية فرنسا والسعودية بهدف إحياء حل الدولتين لتسوية النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، وهو فرضية تقوضها الحرب الدائرة في غزة والاستيطان في الضفة الغربية.


جريدة الرؤية
منذ يوم واحد
- جريدة الرؤية
هولندا تمنع بن غفير وسموتريتش من دخول أراضيها
أمستردام- الوكالات منعت هولندا أمس الاثنين وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسسئيل سموتريتش الإسرائيليين من دخول أراضيها لأنهما حرضا على العنف ضد الفلسطينيين ودعوا إلى التطهير العرقي في قطاع غزة وتوسيع المستوطنات غير الشرعية. كما قررت الحكومة الهولندية استدعاء السفير الإسرائيلي في لاهاي إلى جلسة توبيخ في مكتب وزير الخارجية الهولندي كاسبار فالديكامب. ووفق وسائل إعلام هولندية، كتب فالديكامب إلى أعضاء البرلمان أن "الوضع في غزة لا يطاق ولا يمكن الدفاع عنه". وأتى القرار قبيل جلسة ستعقد اليوم الثلاثاء في الاتحاد الأوروبي حول تعليق وصول إسرائيل إلى أكبر برنامج تعاون بحثي في العالم جراء عدم التزامها بالتعهدات الإنسانية باتفاقياتها مع أوروبا بشأن المساعدات المقدمة إلى قطاع غزة. ضغط هولندي بدوره، قال رئيس وزراء هولندا ديك سكوبف -عبر منصة إكس- إن بلاده ستضغط خلال جلسة الاتحاد الأوروبي من أجل تعليق اتفاقية التجارة الأوروبية مع إسرائيل وفرض قيود على صادرات الأسلحة إليها إذا تقرر أنها لم تلتزم بتعهداتها الإنسانية في قطاع غزة بما يتعلق بوصول المساعدات دون عوائق وبشكل آمن. وأضاف أنه نقل هذه الرسالة إلى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في محادثة هاتفية، الذي رد بدوره -عبر منصة إكس- بأن "اتخاذ الاتحاد الأوروبي لهذه الخطوات سيكون خطأ فادحا". وردا على قرار منعه من دخول هولندا، قال بن غفير "حتى لو تم منعي من دخول كل أوروبا سأواصل الدفاع عن إسرائيل"، وفق تعبيره. من جانبه، علق سموتريتش على قرار هولندا منعه من دخول أراضيها بأن "أوروبا لم توفر الأمان لليهود في الماضي ولن تفعل ذلك مستقبلا"، بحسب قوله. والأحد، أدرجت الوكالة الوطنية للأمن في هولندا إسرائيلَ لأول مرة على قائمة الدول التي تشكل تهديدا للبلاد، لافتة إلى محاولات إسرائيل التأثير على الرأي العام الهولندي وصناعة القرار السياسي من خلال نشر معلومات مضللة. والسبت، شدد رئيس الوزراء الهولندي على أنه يجب على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يسلك طريقا مختلفا، ويتيح إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، لافتا إلى أن تل أبيب ملزمة بذلك بالقانون الدولي.