
غزة تختفي تحت أنقاض التدمير.. وسكانها محاصرون بالمجاعة والقصف المتواصل
إنه صدى الجوع واليأس، صوتان لا يكادان ينقطعان: أمواج المتوسط تتحطم على شاطئ غزة المثقل بالركام غربًا، وفي الشرق، دوي الانفجارات المتواصلة من القذائف والصواريخ، ففي هذه المدينة التي كانت ذات يوم قلبًا نابضًا بالحياة التجارية والثقافية، يهرع الآن ما لا يقل عن 100 ألف شخص، فارين من هجوم إسرائيلي جديد، أُطلق عليه اسم "عربات جدعون"، يستهدف البلدات والأحياء المدمرة في شمال غزة، وهؤلاء النازحون، الذين دفعتهم ويلات القصف المتواصل إلى البحث عن أي مأوى، يواجهون واقعًا مريرًا من النقص الحاد في كل مقومات الحياة، بينما يتجاهل العالم محنتهم، تاركًا إياهم يواجهون مصيرًا مجهولًا في خضم صراع لا يرحم.
وأصوات الانفجارات التي يسمعها النازحون الجدد، وهم يتجمعون في ملاجئ مؤقتة ومخيمات أُنشئت على عجل، أو حتى ينصبون خيامهم وأغطيتهم البلاستيكية على الأرصفة المليئة بالحفر؛ ناتجة عن غارات جوية وقصف مدفعي، أودى بحياة نحو 750 شخصًا وأصاب 2000 آخرين في جميع أنحاء غزة خلال الأسبوع الماضي، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لمسؤولين طبيين تحدثوا إلى صحيفة "الجارديان" البريطانية.
واضطر محمد أبو نادي (33 عامًا) لنقل عائلته من جباليا، الحي الذي تحول إلى ركام في العديد من الهجمات الإسرائيلية، ويصف أبو نادي المشهد قائلًا: "ما حدث هذا الأسبوع كان تصعيدًا آخر… كان هناك قصف لا هوادة فيه في كل مكان"، ويروي كيف فقد صديقه عائلته بأكملها في لحظة: "كان صديقي في طريقه لإحضار سيارة لنقل عائلته إلى مدينة غزة، لكن عندما عاد، وجد منزله قد تحول إلى ركام. قُتلت زوجته وأطفاله جميعًا. كانوا مجرد أطفال صغار، مدنيين أبرياء لا علاقة لهم بأي شيء"، دفعه الرعب إلى حمل زوجته وعائلته والفرار فورًا باتجاه مدينة غزة.
ثمن الصراع
ويتحدث أبو آدم عبد ربه (55 عامًا) عن حصيلة مأساوية، فقد أكثر من 80 فردًا من عائلته الممتدة خلال الصراع المستمر منذ 19 شهرًا، وهذا الصراع الذي اندلع إثر هجوم حماس على إسرائيل، أدى إلى مقتل أكثر من 53 ألف فلسطيني، معظمهم أيضًا من المدنيين، وحولت جزءًا كبيرًا من الأراضي إلى دمار شامل، محطمة الطرق والمرافق الصحية والمدارس والمواقع الدينية وأنظمة الصرف الصحي والكثير غير ذلك، بينما تزعم إسرائيل أنها تستهدف أهدافًا عسكرية فقط وتتهم حماس باستخدام المدنيين كدروع بشرية، وهو ما تنفيه حماس.
وقبل أسبوع، استيقظ عبد ربه على صوت انفجار هائل استهدف منزل أخيه، مما أسفر عن مقتل خمسة أفراد من عائلته، ويصف عبد ربه الصعوبات التي واجهوها: "كافحنا لنقل جثثهم إلى المستشفى حيث كانت طائرة مسيرة رباعية المراوح تطلق الرصاص في كل مكان. تمكنا من دفنهم في مقبرة بلدة جباليا. بعد ذلك، قررنا المغادرة، خوفًا على حياة أطفالنا المتبقين"، حملوا معهم بالكاد بعض الأغراض الأساسية، وكانت زوجته تبكي بمرارة وتسأل: "كيف سننجو؟ ماذا يمكننا أن نأخذ معنا؟ إلى متى سنبقى نازحين؟"
خطر المجاعة
ويشير خبراء الأمن الغذائي المدعومون من الأمم المتحدة إلى أن الأراضي باتت معرضة لخطر المجاعة بشكل حرج، مع ارتفاع حالات سوء التغذية بسرعة، ومستودعات الأمم المتحدة في الأراضي فارغة، وأغلقت معظم المخابز المجانية التي كان يعتمد عليها الكثيرون للحصول على خبزهم اليومي قبل أسابيع، ورغم أن وكالات الإغاثة تمكنت من إبقاء بعض المطابخ المجتمعية تعمل لإنتاج حوالي 300 ألف وجبة يوميًا، إلا أن الغذاء المحدود المتاح للشراء باهظ الثمن، حيث يكلف كيلوغرام واحد من الطماطم أو البصل ما يعادل 13 دولارًا.
ويقول الدكتور إيان لينون استشاري طب الطوارئ البريطاني في المواصي، جنوب غزة: "نرى بعض الأطفال يعانون من سوء التغذية، لكن الجميع يشتكي من الجوع. غالبًا ما نرى مرضى متعبين أو مصابين بالدوار لأنهم لم يأكلوا ما يكفي"، في الأيام الأخيرة، خففت إسرائيل الحصار المشدد على غزة، الذي فُرض في أوائل مارس، عندما انتهت المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار الهش، والجمعة الماضي دخلت 100 شاحنة إلى الأراضي، لكن لم يتم توزيع سوى القليل جدًا من المساعدات.
ولا أحد يثق في أن خطة إسرائيلية مدعومة من الولايات المتحدة لجلب المساعدات، والمقرر أن تبدأ الأسبوع المقبل، ستحسن الوضع، وتتضمن الخطة عددًا صغيرًا من مراكز التوزيع في جنوب غزة يديرها متعاقدون خاصون وتحميها القوات الإسرائيلية التي ستدقق في المستفيدين، ويصف عمال الإغاثة التابعون للأمم المتحدة الخطة بأنها خطيرة وغير عملية وربما غير قانونية. للحصول على المساعدات، سيتعين على الفلسطينيين السفر لمسافة تصل إلى 25 ميلًا عبر الطرق المدمرة خلال صراع نشط، على الرغم من النقص شبه الكلي في وسائل النقل المتاحة، لاستلام طرد غذائي شهري يزن 20 كيلو جرامًا.
وفي هذه الأثناء، يدفع الضعفاء الثمن الأكبر، فقبل ستة أسابيع، حاول محمود، الابن الأكبر لإيهاب العطار (41 عامًا) من بيت لاهيا، العودة إلى منزل العائلة لاستعادة الطعام والملابس، لكنه استهدف بصاروخ وأصيب بجروح بالغة، ولم يكن هناك تحذير ولا أوامر إخلاء من الجيش الإسرائيلي، وأنقذت سلسلة من العمليات حياة محمود البالغ من العمر 21 عامًا، لكنها تركته دون جزء كبير من أمعائه وجرح ملتهب، وعندما بدأ الهجوم الإسرائيلي الجديد قبل 10 أيام، اضطرت العائلة للانتقال من منزلهم المتضرر ولكن القابل للسكن إلى خيمة في أحد شوارع مدينة غزة، ومع عدم عمل جميع المستشفيات تقريبًا في شمال غزة، واكتظاظ المستشفيات القليلة المتبقية، تحاول العائلة رعاية محمود بأنفسهم. فهل من نهاية لهذا العذاب؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 43 دقائق
- عكاظ
وزير الخارجية ونظيره الإسباني يناقشان المستجدات في قطاع غزة والضفة الغربية
/*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;} التقى وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، اليوم، وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس، على هامش الاجتماع الموسع بين اللجنة الوزارية المكلّفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية بشأن التطورات في قطاع غزة، ومجموعة مدريد، وعددٍ من الدول الأوروبية، في العاصمة الإسبانية مدريد. وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، ومجالات التعاون المشترك، ومناقشة التطورات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها المستجدات في قطاع غزة والضفة الغربية والجهود المبذولة بشأنها. أخبار ذات صلة حضر اللقاء سفيرة خادم الحرمين الشريفين لدى إسبانيا الأميرة هيفاء بنت عبدالعزيز آل مقرن، ومستشار وزير الخارجية للشؤون السياسية الأمير مصعب بن محمد الفرحان، والمستشار في وزارة الخارجية الدكتورة منال رضوان.


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
«التنافسية» يستعرض تمكين الكفاءات ومقترحات تحديات البيئة التشريعية
تابعوا عكاظ على عقدت اللجنة القانونية بالمركز الوطني للتنافسية، اليوم، اجتماعها الثامن في مقر المركز برئاسة رئيس مجلس إدارة المركز الدكتور ماجد القصبي، ومشاركة وزير الدولة عضو مجلس الوزراء محمد آل الشيخ، وتضم اللجنة في عضويتها مسؤولي الوكالات والإدارات القانونية في 32 جهة حكومية. واستعرضت اللجنة مبادراتها الـ27 التي تعمل عليها وما نتج عنها من أعمال، ومنها: «دراسة حوكمة التفويض التشريعي»، والأدلة الاسترشادية الـ6 لدعم أعمال الإدارات القانونية بالجهات الحكومية، إضافة إلى مبادرة «دليل المصطلحات التشريعية»، التي تهدف إلى إيجاد أدلة مرجعية للمصطلحات التشريعية باللغتين العربية والإنجليزية، بما يسهم في تحسين جودة المخرجات التشريعية، ويزيد استقرار البيئة التشريعية في المملكة. واطلع المشاركون على جهود اللجنة الهادفة إلى نشر المعرفة، وتمكين الكفاءات لدعم تنافسية البيئة التشريعية، إذ استُعرضت مخرجات 5 جلسات وورش عمل عقدتها اللجنة، منها «تجربة لجنة إعداد التشريعات القضائية في دراسة المشروعات المنوطة بها»، و«مستقبل الوسائل البديلة لتسوية المنازعات في ضوء التحول الرقمي ونصوص الأونسيترال». وتضمن جدول الاجتماع عدداً من المقترحات والتوصيات المرتبطة بتحديات تنافسية البيئة التشريعية في المملكة، إذ وُجّه بدراستها، واستكمال اللازم حيالها. يذكر أنّ المركز الوطني للتنافسية يهدف إلى تطوير البيئة التنافسية في المملكة وتحسينها، والارتقاء بترتيب المملكة في المؤشرات والتقارير العالمية ذات العلاقة، وذلك من خلال دراسة المعوقات والتحديات التي تواجه القطاع العام والخاص، وتحديدها وتحليلها، واقتراح الحلول والمبادرات والتوصيات ومتابعة تنفيذها، وذلك باتباع أفضل الأساليب والممارسات التي تؤدي إلى تعزيز تنافسية المملكة عالمياً. أخبار ذات صلة /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;}


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
المبعوث الأميركي لسوريا: حقبة التدخل الغربي في الشرق الأوسط انتهت
قال المبعوث الأميركي لسوريا توماس برّاك، اليوم الأحد، إن حقبة التدخل الغربي في الشرق الأوسط انتهت، مشيراً إلى أن الأمر أصبح متروكاً للحلول الإقليمية والشراكات والدبلوماسية القائمة على الاحترام. وأضاف برّاك، في حسابه على منصة «إكس»، أن «مأساة سوريا وُلدت مِن رحم الانقسام. ويجب أن تأتي ولادتها الجديدة من خلال الكرامة والوحدة والاستثمار في الشعب». وشدّد المبعوث الأميركي على أن سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد فتح الباب أمام السلام، مضيفاً أن رفع العقوبات سيفتح أمام الشعب السوري «باب الرخاء والأمن». A century ago, the West imposed maps, mandates, penciled borders, and foreign rule. Sykes-Picot divided Syria and the broader region for imperial gain—not peace. That mistake cost generations. We will not make it again. The era of Western interference is over. The future… — Ambassador Tom Barrack (@USAMBTurkiye) May 25, 2025 وعينت إدارة ترامب، توم باراك، السفير الأميركي الحالي لدى تركيا، ليكون المبعوث الخاص المقبل لوزارة الخارجية إلى سوريا. وجاء في بيان لباراك نشرته السفارة الأميركية في أنقرة يوم الجمعة: "لقد حدد الرئيس ترامب رؤيته الواضحة لشرق أوسط مزدهر وسوريا مستقرة تعيش في سلام مع نفسها وجيرانها". "بصفتي ممثل الرئيس ترامب في تركيا، أشعر بالفخر بتولي دور المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى سوريا ودعم وزير الخارجية روبيو في تحقيق رؤية الرئيس".