logo
اتفاق بين الأمم المتحدة والنرويج لزيادة مساهمة الطاقة المتجددة في دعم الكهرباء بسورية

اتفاق بين الأمم المتحدة والنرويج لزيادة مساهمة الطاقة المتجددة في دعم الكهرباء بسورية

الأنباءمنذ 5 أيام

وقع الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سورية سوديبتو موكيرجي اتفاقية إطارية مع وزير التنمية الدولية النرويجي آسموند أوكروست، لتطوير الخطة الرئيسية للطاقة المتجددة في سورية، في إطار جهود دعم قطاع الكهرباء وتعزيز الاستدامة.
وأشار مكتب الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن الاتفاق يأتي وسط أزمة كهرباء خانقة تشهدها سورية، ويهدف إلى وضع خارطة طريق لإعادة بناء قطاع الطاقة بشكل أكثر كفاءة واستدامة.
وتستند الخطة إلى دمج الطاقة المتجددة في الخطة الوطنية للكهرباء، مع اتخاذ خطوات عملية لإعادة هيكلة النظام الكهربائي بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية.
وقال الوزير النرويجي إن الوضع السياسي في سورية «هش»، لكنه شدد على ضرورة البدء بإعادة الإعمار وتوفير الخدمات الأساسية من دون تأخير، مؤكدا التزام بلاده بدور «بناء» في هذه المرحلة.
وتتضمن الخطة التي سيجري تطويرها خلال 12 شهرا، مراجعة السياسات واللوائح، وإنشاء إطار قانوني متين، وتعزيز القدرات المؤسسية لتخطيط وإدارة مشاريع الطاقة المتجددة، إضافة إلى تحديد مصادر الطاقة النظيفة وإدماجها ضمن الشبكة الحالية.
وأوضح موكيرجي أن البرنامج الأممي يسعى إلى تسريع الوصول إلى الطاقة المتجددة ومعالجة «فقر الطاقة»، مشيدا بدعم النرويج الذي سيسهم في تأمين طاقة نظيفة وبأسعار معقولة للجميع في سورية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فيصل الكندري أعد دراسة تحليلية عن البيئة القانونية للقتل والإصابة الخطأ
فيصل الكندري أعد دراسة تحليلية عن البيئة القانونية للقتل والإصابة الخطأ

الأنباء

timeمنذ 38 دقائق

  • الأنباء

فيصل الكندري أعد دراسة تحليلية عن البيئة القانونية للقتل والإصابة الخطأ

حرص تشريعي على إرساء معايير واضحة للتمييز بين الخطأ العادي والمُؤَثَّم التعديلات جاءت تعبيراً عن تحول في مفاهيم السياسة العقابية الكويتية باتجاه مزيد من الضبط والموضوعية في مساءلة الأفعال غير العمدية جوهر المسؤولية الجنائية في الأفعال غير العمدية لم يعد يقاس بالنتيجة الضارة بل بمدى الانحراف عن مستوى السلوك المشرع الكويتي اتجه من خلال التعديل إلى توسيع نطاق الخطأ القابل للمساءلة بإضافة القوانين واللوائح ضمن مصادر الإخلال إدراج ظروف مشددة في جريمة القتل الخطأ يعد توسيعاً لنطاق التوصيف الجنائي للسلوك غير العمدي فأصبح الخطأ يقيم بناء على تأثيره الزمني أعد أستاذ القانون الجنائي د.فيصل الكندري دراسة تحليلية مقارنة حول البيئة القانونية للقتل والإصابة الخطأ في التشريع الكويتي، وذلك بعد صدور المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 2025 الذي اجرى تعديلا جوهريا على منظومة التجريم في قانون الجزاء الكويتي، من حيث تحديد الخطأ العمدي، بأن أدخلت مفاهيم جديدة حول درجات الخطأ وتشديد المهنية في السياق المهني، وإلى الدراسة: تعد المسؤولية الجنائية الناشئة عن الأفعال غير العمدية من أبرز الموضوعات التي احتلت مكانة محورية في التشريعات الجزائية الحديثة، ذلك أنها تعبر عن التطور في فهم القانون للخطأ، بوصفه سلوكا قد يبلغ في جسامته درجة تبرر التدخل الزجري، حتى في غياب النية الإجرامية. وقد أدى تعاظم دور المهن التقنية والعلمية، وتزايد الاعتماد على التخصصات المهنية في المجالات الصحية، والهندسية، والخدمية، إلى بروز تحديات جديدة أمام المشرع تفرض إعادة النظر في المفهوم التقليدي للإهمال والتقصير، وتدفع باتجاه ضبط المسؤولية غير العمدية ضمن معيار مهني احترازي صارم. وفي هذا السياق، صدر المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 2025 ليجري تعديلا جوهريا على منظومة التجريم في قانون الجزاء الكويتي تمثل في إعادة صياغة المادة 44 (الخاصة بتحديد الخطأ غير العمدي)، والمادتين 154 و164، إلى جانب استحداث مادتين جديدتين هما 154 مكرر و164 مكرر. وقد مثلت هذه الخطوة نقلة نوعية في السياسة العقابية الكويتية، إذ لم تقتصر على تحديث الصياغة، بل أدخلت مفاهيم حديثة حول درجات الخطأ، وتشديد المسؤولية في السياق المهني، وتجريم الامتناع عن الحذر الواجب، ما يدعو إلى وقفة علمية تحليلية لتقييم هذه التعديلات في ضوء الفقه والقضاء، والمقارنة بالتجربة الفرنسية بوصفها نموذجا مرجعيا متطورا. أهمية الدراسة تبرز أهمية هذه الدراسة في عدة جوانب: ٭ حداثة النصوص القانونية المعنية بالتحليل، مما يجعلها غير مغطاة بحثيا بصورة كافية حتى الآن. ٭ الطابع العملي للموضوع، حيث تشكل جرائم القتل والإصابة الخطأ نسبة ملحوظة من القضايا المطروحة أمام القضاء الكويتي. ٭ أهمية الموازنة بين تعزيز الحماية الجنائية للحق في الحياة، وضمان مبدأ شخصية المسؤولية وحرمة العقوبة بلا تمييز. ٭ تقديم رؤية مقارنة بين التشريع الكويتي والنموذج الفرنسي، بما يسهم في تقييم التجربة الوطنية على ضوء نظام قانوني مؤسس. إشكالية الدراسة تنطلق الدراسة من إشكالية محورية مفادها: إلى أي مدى تحقق النصوص المعدلة والمستحدثة في قانون الجزاء الكويتي توازنا بين تشديد المساءلة عن الجرائم غير العمدية في السياق المهني، وضمان حماية مبدأ الشرعية وشخصية المسؤولية الجنائية؟ وتتفرع من هذه الإشكالية الرئيسة الأسئلة التالية: 1 - ما المفهوم القانوني الدقيق للخطأ غير العمدي وفقا للمادة 44 بعد تعديلها؟ 2 - ما الفرق بين الخطأ العادي والخطأ الجسيم في ضوء المادة 154 مكرر؟ 3 - ما نطاق تطبيق المسؤولية عن الامتناع في سياق الإصابة الخطأ وفق المادة 164 مكرر؟ 4 - ما مدى قدرة القضاء الكويتي على تفسير هذه النصوص ضمن إطار موضوعي منضبط؟ 5 - كيف يمكن مقارنة التجربة الكويتية بالنموذج الفرنسي من حيث المفاهيم، والصياغة، والتطبيقات؟ منهج الدراسة تعتمد الدراسة على ثلاثة مناهج تكاملية: ٭ المنهج التحليلي: لشرح النصوص المعدلة والمستحدثة، وبيان مقاصدها القانونية. ٭ المنهج الوصفي النقدي: لتحليل الاجتهادات القضائية الكويتية ذات الصلة، والكشف عن أنماط التفسير وتوجهات المحاكم. ٭ المنهج المقارن: من خلال دراسة التجربة الفرنسية (قانون العقوبات والممارسة القضائية) كمصدر مقارن مرجعي. خطة الدراسة تقسم الدراسة إلى أربعة أبواب رئيسية، يعالج كل منها محورا أساسيا في نظام المسؤولية غير العمدية وفق التعديلات الجديدة: الباب الأول: الأساس العام للخطأ غير العمدي وفقا للمادة 44 من قانون الجزاء الكويتي. يتناول تحليل النص المعدل، وموقعه التأسيسي في تعريف الخطأ، والمعيار الموضوعي للشخص المعتاد. الباب الثاني: المسؤولية الجزائية عن القتل الخطأ وفقا للمادة 154: ويعالج القتل الناتج عن الخطأ العادي، وتحليل أركانه، وصور الإهمال والتقصير، والركن المعنوي في الجريمة غير العمدية، مع نماذج قضائية كويتية ومقارنة. الباب الثالث: القتل الخطأ المشدد وفقا للمادة 154 مكرر. يحلل الظروف المشددة، ومفهوم الإخلال الجسيم. الباب الرابع: الإصابة الخطأ والامتناع المؤثم وفقا للمادتين 164 و164 مكرر. يتناول المسؤولية عن الإصابة الناتجة عن الإهمال أو الامتناع، وتحليل ركن السلبية، ومسؤولية الامتناع المهني، وأثر الصياغة الجديدة على المهن الطبية والوظائف العمومية. الباب الأول شرح المادة 44 من قانون الجزاء الكويتي تشكل المادة 44 من قانون الجزاء الكويتي، بعد تعديلها بموجب المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 2025، القاعدة العامة التي يبنى عليها مفهوم الخطأ غير العمدي، الذي يمثل الركن المعنوي في أغلب الجرائم التي لا يتطلب القانون فيها قصدا جنائيا مباشرا، لا سيما جرائم القتل الخطأ، والإصابة غير العمدية، والمخالفات الناتجة عن الإخلال بواجبات المهنة أو الوظيفة. وقد اتجه المشرع الكويتي من خلال التعديل الأخير إلى توسيع نطاق الخطأ القابل للمساءلة بإضافة «القوانين» إلى جانب «اللوائح» ضمن مصادر الإخلال، وهو ما يعكس تحولا جوهريا في بنية النص من حيث التفسير القضائي وسلطة المحكمة في استخلاص المسؤولية. ففي السابق، كانت المادة 44 تقتصر على خمس صور للخطأ، هي: الرعونة، التفريط، الإهمال، عدم الانتباه، ومخالفة اللوائح. وكان القاضي يطالب بإثبات أن السلوك قد خالف لائحة تنظيمية صريحة كي يعد خطأ، وهو ما حد من فاعلية النص في مواجهة الأخطاء المهنية التي ترتكب في ظل غياب لوائح أو في ظل سكوت إداري عن تنظيم بعض الممارسات. أما بعد التعديل، فقد أصبح من الجائز للمحكمة الاستناد إلى أي نص قانوني مباشر ـ كقانون المرور، أو الصحة العامة، أو العمل، أو البناء ـ كمصدر للاحتراز، وبالتالي، كمصدر للمساءلة عند الإخلال به. وإذا نظرنا إلى الصور الست التي نصت عليها المادة 44 المعدلة، فإننا نجد أنها تغطي طيفا واسعا من درجات الخطأ، بدءا من السلوك الطائش، إلى الإهمال اليومي، إلى التقصير المهني، وذلك على النحو التالي: أولا: الرعونة، وهي الصورة الأشد جسامة، وتعني اندفاع الفاعل نحو تنفيذ فعل خطر دون احتياط أو تقدير للعواقب، على نحو يعكس تهورا واضحا. وتتحقق الرعونة متى تجاوز الفاعل الحد الأدنى من الحذر الذي يفرضه عليه القانون، كما في حالة قيادة مركبة بسرعة عالية في منطقة مكتظة دون أدنى احتياط. وتعد الرعونة من صور الخطأ التي تقترب من القصد الاحتمالي، إذ إنها تنم عن استهانة ضمنية بالنتيجة، حتى إن لم تكن هناك نية صريحة لتحقيقها. ثانيا: التفريط، ويقصد به ترك واجب كان الفاعل ملزما بأدائه قانونا أو عرفا مهنيا. وهو يختلف عن الرعونة من حيث انه فعل سلبي يتمثل في الامتناع عن القيام بسلوك احترازي كان متوقعا من شخص في مركزه. ومثال ذلك أن يهمل طبيب مراقبة المريض بعد الجراحة، أو أن يغفل عامل الصيانة عن إعادة تثبيت أداة خطرة. ويتحقق التفريط عندما تكون النتيجة الضارة مرتبطة مباشرة بتقصير الفاعل في أداء ما كان يجب عليه فعله، سواء علم بذلك أم لم يعلم. ثالثا: الإهمال، ويعتبر أكثر صور الخطأ شيوعا، ويقوم على غياب الحذر المعتاد الذي ينتظر من الشخص العادي في ذات الظروف. ويختلف عن التفريط في كونه لا يبنى على إخلال بواجب واضح، بل على سلوك غير يقظ يفتقر إلى الدراية أو التركيز. ومثال ذلك ترك باب مفتوح في منشأة دون وجود تحذير أو تدابير أمان، مما يؤدي إلى دخول شخص وإصابته. ويتميز الإهمال بأنه يقاس دوما بمعيار الشخص المعتاد، لا الشخص الخبير، ما يجعله أكثر ملاءمة في تقييم سلوك الأفراد العاديين خارج السياقات الفنية الخاصة. رابعا: عدم الانتباه، وهو صورة من صور الخطأ العرضي الذي قد يصدر حتى عن الحذرين، لكنه يكون مؤاخذا حين تكون الظروف تستوجب يقظة خاصة. ويقصد به فقدان التركيز أو الشرود الذهني في لحظة كان يجب فيها الانتباه. وتكمن خطورته في السياقات التي تتطلب انتباها مستمرا، كالمراقبة الأمنية، أو قيادة المركبات، أو تشغيل آلات. ويساءل الفاعل في هذه الحالة لا لأنه أخل بواجب مكتوب، بل لأنه غفل عن بيئة كانت تستوجب منه الحذر التام. خامسا: مخالفة اللوائح، وهي الصورة التقليدية التي يقوم فيها الخطأ على انتهاك قاعدة تنظيمية صادرة عن جهة إدارية أو مهنية. وتعد هذه الصورة من أسهل صور الخطأ من حيث الإثبات، لأنها تقوم على فعل مخالف لنص مكتوب، سواء كان متعلقا بالسلامة المهنية، أو بالإجراءات الإدارية، أو بالتعليمات الخاصة باستخدام أدوات أو تشغيل مرافق. وكانت هذه الصورة قبل التعديل هي المرجع الرئيس في مساءلة الفاعلين في المهن المنظمة. أما سادسا: وهي مخالفة القوانين، فهي الصورة التي أضيفت صراحة بموجب التعديل الأخير، وتشكل نقطة التحول الأكثر أهمية في المادة. فبدل أن يقتصر مصدر الخطأ على اللائحة، أصبح يشمل القانون ذاته، ما يعني أن أي إخلال بواجب قانوني ـ حتى لو لم يفصل بلائحة ـ يمكن أن يؤسس للمسؤولية. وتكمن أهمية ذلك في السماح بمساءلة الفاعلين في القطاعات غير المنظمة لائحيا، متى ثبت أنهم خالفوا قاعدة تشريعية تفرض عليهم واجبا احترازيا. ومن الأمثلة: مخالفة طبيب لنص في قانون مزاولة المهنة، أو عدم التزام صاحب منشأة بنص في قانون الصحة العامة، أو خرق مقاول لبند احترازي في قانون البناء. ويلاحظ أن هذه الصور ليست متساوية في الجسامة، لذلك فإن المحكمة ينبغي أن تراعي في توصيفها للفعل الظروف المحيطة، والمركز القانوني للفاعل، وطبيعة الالتزام المفترض، ومدى إمكانية توقع النتيجة. ولا يجوز، مثلا، مساواة العامل غير المؤهل بمهندس مختص، ولا اعتبار الغفلة العابرة في ظرف عادي كالرعونة في موقع خطر، لأن مبدأ التناسب في المسؤولية يقتضي التمييز بين حالات القصور البسيط، والانحراف الجسيم، والاستهانة المتعمدة، حتى وإن لم تصل إلى القصد. وعليه، فإن المادة 44 بصيغتها المعدلة تمثل اليوم قاعدة معيارية دقيقة تمكن القضاء من تطبيق المسؤولية غير العمدية على نحو يراعي خصوصية الفاعل، ويستند إلى النصوص القانونية والتنظيمية، ويقوم السلوك وفقا لدرجة الحذر الواجب لا بحسب مزاج الفاعل أو قناعته الخاصة. وينتظر من الاجتهادات القضائية المقبلة أن تبني على هذا النص مسارا تفسيريا يفرق بوضوح بين كل صورة من صور الخطأ، ويكيفها ضمن السياق الذي ينتج فيه الخطأ أثرا يستوجب العقوبة أو الإعفاء. الباب الثاني جريمة القتل غير العمد وفقا للمادة 154 من قانون الجزاء الكويتي بعد التعديل تمهيد عام للباب: تعد جريمة القتل غير العمد من الجرائم ذات الطبيعة الخاصة التي لا تستند إلى rw] جنائي مباشر، لكنها مع ذلك تشكل اعتداء خطيرا على الحق في الحياة، مما يوجب تدخل القانون لتقرير مسؤولية الفاعل الذي تسبب في الوفاة دون قصد، نتيجة سلوك خاطئ أو غير مسؤول. وقد جاء التعديل الذي أدخله المشرع الكويتي بموجب المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 2025 على المادة 154 من قانون الجزاء ليعيد ضبط هذا المفهوم الجنائي ويرسخ إطارا تشريعيا جديدا يتلاءم مع تعقيدات الواقع المهني والتقني والاجتماعي المعاصر، إذ لم يعد الخطأ غير العمدي مقتصرا على حالات الإهمال البسيط، بل بات يشمل صورا دقيقة من الإخلال الوظيفي والمهني التي قد تصدر عن ذوي الاختصاص، والذين يفترض فيهم إدراك خاص بمواضع الخطر ووسائل الوقاية. وفي هذا السياق، برزت المادة 154 المعدلة بوصفها نصا تأسيسيا لنموذج متقدم من المسؤولية الجنائية في الجرائم غير العمدية، من خلال بيان دقيق لصور الخطأ، وتحديد الشروط الموضوعية التي يجب توافرها لقيام المسؤولية، مع ربط ذلك بعنصر السببية القانونية. وسيتناول هذا الباب تحليلا متكاملا للمادة من خلال فصلين رئيسيين: أولهما مخصص لتحليل البنية القانونية لجريمة القتل الخطأ وصورها الستة، وثانيهما مخصص لبحث المسؤولية المهنية وخصوصيتها، مع الاستناد إلى التطبيقات القضائية والمقارنة بالنموذج الفرنسي. الفصل الأول التكوين القانوني لجريمة القتل الخطأ: يعد تحديد البنية القانونية لجريمة القتل الخطأ أمرا أساسيا لفهم فلسفة العقاب التي تبناها المشرع الكويتي في نص المادة 154 المعدلة. فالنص لم يكتف بتجريم السلوك المؤدي إلى الوفاة، بل حرص على تفصيل صور الخطأ التي تنشئ المسؤولية، بما يعكس حرصا تشريعيا على إرساء معايير واضحة للتمييز بين الخطأ العادي والخطأ المؤثم، وبين الحوادث العارضة والفعل الجرمي. كما أشار النص إلى صلة هذا الخطأ بظروف الجاني المهنية والوظيفية، مما أضفى على الجريمة طابعا مزدوجا يراعي كلا من النتيجة والسياق المهني الذي وقعت فيه. نص المادة 154 بعد التعديل (بموجب القانون رقم 65 لسنة 2025): (من قتل نفسا خطأ أو تسبب في قتلها من غير قصد، بأن كان ذلك ناشئا عن رعونة أو تفريط أو إهمال أو عدم انتباه أو عدم مراعاة القوانين واللوائح، أو إخلاله بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ألف دينار ولا تقل عن خمسمائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين). المبحث الأول الطبيعة القانونية لجريمة القتل الخطأ وأركانها: ترتكز جريمة القتل الخطأ في جوهرها على توافر سلوك مادي يؤدي إلى نتيجة مميتة دون أن تكون هناك نية جنائية. ويظهر نص المادة 154 أن المشرع اعتمد هذا المفهوم حين أشار إلى أن القتل يكون «من غير قصد»، مما يعني أن محور الجريمة لا يتعلق بالقصد الجنائي، وإنما بوجود خطأ يرتقي إلى الحد الذي يجعله مجرما قانونا. ويشترط لقيام الجريمة توافر ثلاثة أركان رئيسية: أولا: فعل مادي يصدر عن الجاني ويتصف بإحدى صور الخطأ الست. ثانيا: نتيجة مادية هي وفاة المجني عليه. ثالثا: علاقة سببية قانونية بين الفعل والنتيجة، وهي ليست افتراضية، بل يجب إثباتها وفقا لمعايير قضائية. هذا البناء القانوني يعبر عن نهج دقيق يوازن بين ضمانات المحاكمة العادلة ومبدأ المسؤولية عن النتائج الضارة. كما يتيح النص المجال أمام القضاء لممارسة سلطته التقديرية وفقا لمعيار «المهني المعتاد»، دون إخضاع الوقائع لتقديرات مطلقة. المبحث الثاني صور الخطأ غير العمدي في المادة 154 ـ تحليل موسع: لقد نصت المادة 154 على ست صور محددة للخطأ الذي ينهض عليه الوصف الجنائي للقتل الخطأ، وهي صور متباينة من حيث الطبيعة والسياق والدرجة، لكنها جميعا تظهر إخلالا بواجب الحيطة، وتكشف عن انحراف في السلوك الواجب قانونا. وفيما يلي تحليل موسع لكل صورة: 1 ـ الرعونة (Imprudence): الرعونة تمثل سلوكا يتسم بالاندفاع وعدم التقدير الواعي للعواقب، وهي تعد من أشد صور الخطأ في حالات القيادة أو العمل الميداني. وتظهر الرعونة عندما يقدم الفاعل على فعل فيه مخاطرة واضحة دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة. مثلا، قيادة مركبة بسرعة مفرطة في حي سكني دون مراعاة الأطفال أو المشاة يعد نموذجا كلاسيكيا للرعونة. ويلاحظ أن هذه الصورة لا تتطلب علما متخصصا، بل تتعلق بسلوك عام متسرع ينطوي على خطر ظاهر. 2 ـ التفريط (Grave Negligence): يتجلى التفريط في ترك الفاعل لواجب إيجابي كان يتعين عليه أداؤه بحكم منصبه أو مهنته. ويمتاز هذا النوع من الخطأ بارتباطه بسياقات تنظيمية أو مهنية. مثال على ذلك أن يهمل مهندس فحص مبنى قبل الترخيص له بالسكنى، مما يؤدي إلى انهياره لاحقا. التفريط يعد من الأخطاء المرتبطة غالبا بالمراكز الفنية أو الرقابية، ويتطلب إثبات وجود التزام سابق بالإجراء الذي تم تجاهله. 3 ـ الإهمال (Ordinary Negligence): الإهمال هو التغاضي عن الحذر المعتاد الذي يتوقعه القانون من الشخص العادي، دون أن يكون هناك اختصاص أو وظيفة معينة. فهو خطأ ناتج عن لا مبالاة أو غفلة، لكنه لا يرتقي إلى مستوى التفريط المهني. ومثاله ترك عامل مواد زلقة على سلم يؤدي إلى سقوط أحد المارة. ويمتاز الإهمال بأنه يقدر بمعيار «الشخص المعتاد»، ويعد من أكثر صور الخطأ شيوعا في الحياة اليومية. 4 ـ عدم الانتباه (Inattention): عدم الانتباه يشير إلى الغفلة اللحظية عن المحيط أو الأحداث، دون أن يكون سلوك الجاني في ذاته خاطئا. وهو خطأ غير مقصود ناتج عن شرود أو تشتت، لكنه يكتسب وصفا جنائيا إذا وقع في ظروف تستوجب يقظة خاصة. فمثلا، انشغال سائق حافلة بتفقد هاتفه أثناء القيادة مما يؤدي إلى دهس تلميذ، يعد حالة نموذجية لعدم الانتباه المجرم. 5 ـ مخالفة القوانين واللوائح: هذه الصورة تنشأ عندما يرتكب الفاعل فعلا يخالف قاعدة قانونية أو تنظيمية واضحة، مثل القيادة بدون رخصة، أو تجاوز الإشارة الحمراء. ويتميز هذا الخطأ بسهولة إثباته من خلال وسائل الضبط، ويعتبر من أكثر الحالات التي يتعامل معها القضاء الجزائي، حيث تعتبر المخالفة بحد ذاتها قرينة على عدم الحيطة. 6 ـ الإخلال بأصول الوظيفة أو المهنة أو الحرفة: تعد هذه الإضافة من أبرز مميزات النص الجديد، إذ قرر المشرع أن مجرد الإخلال بالأصول المهنية يعد سلوكا مجرما، حتى دون وجود مخالفة لقانون عام. وتبنى هذه الصورة على فكرة أن لكل مهنة قواعد داخلية يفترض في المشتغل بها العلم بها، والإخلال بها يظهر استخفافا خطيرا لا يعذر صاحبه عليه. ومن أمثلتها قيام طبيب بوصف دواء دون معاينة المريض، أو قيام فني بتركيب جهاز كهربائي دون فحص. وقد تطورت هذه الصورة لتشكل أساسا لفهم المسؤولية المهنية كما سيتم تفصيله في الفصل التالي. الفصل الثاني تطبيقات المسؤولية المهنية في القضاء ـ تحليل تطبيقي في ضوء المادة 154: إن فحص الاجتهادات القضائية يعد مسلكا رئيسيا في استيعاب الكيفية التي تتفاعل بها المحاكم مع النصوص القانونية المجردة، وتفعلها على وقائع الحياة العملية. وتبرز أهمية هذه الاجتهادات خصوصا في مجال المسؤولية المهنية عن القتل غير العمد، حيث تتقاطع عناصر الخطأ الفني مع الوقائع، وتفرض على القاضي مهمة تقدير الجسامة في سياق مهني متخصص لا يدار وفق قواعد العناية العادية، بل وفق قواعد احتياط دقيقة يفترضها القانون في ذوي الاختصاص. وتظهر مراجعة لأحكام محكمة التمييز الكويتية، أن القضاء قد أدرك منذ سنوات أهمية تشخيص مركز الجاني المهني عند تقدير الخطأ، فجاءت عدة قرارات قضائية تحمل المهنيين مسؤولية جزائية عن الإخلال بأصول مهنتهم، حتى وإن لم تكن هناك مخالفة صريحة لنص قانوني أو لائحة. وهذا الاتجاه القضائي ينسجم انسجاما وثيقا مع المادة 154 في صيغتها المعدلة، التي تبنت هذا التصور التشريعي بشكل صريح حين أدرجت الإخلال بما تفرضه أصول الوظيفة أو المهنة أو الحرفة ضمن صور الخطأ غير العمدي. فعلى سبيل المثال، عندما اعتبرت محكمة التمييز أن ترك فني مصاعد لحاجز السلامة دون تثبيت يعد خطأ جسيما يرتب المسؤولية عن الوفاة، فإنها لم تستند إلى نص تنظيمي يلزم بتثبيت الحاجز، وإنما استندت إلى قاعدة مهنية بديهية يفترض في المهني العلم بها. وهذا يعكس تطورا قضائيا فاعلا في التكييف، حيث يقدر الفعل بحسب معيار المهني الحريص، لا المواطن العادي، وهو ما يجسد تطبيقا مباشرا للمادة 154 بعد تعديلها. والملاحظ أن هذه الأحكام لا تقيم الفعل بناء على النتيجة فقط (الوفاة)، بل تقيمه في ضوء مركز الجاني، ومدى مخالفته للمعايير المهنية التي يفترض علمه بها. وهذا ما يقابل في الفقه الفرنسي نظرية (الخطأ الجسيم المرتبط بوظيفة أو التزام احتياطي)، التي تم تكريسها في المادة 221-6 من قانون العقوبات الفرنسي، وفي أحكام محكمة النقض، منها الذي اعتبر أن تقنيا في قاعة عامة مسؤول جنائيا عن سقوط جهاز إضاءة تسبب في وفاة، رغم عدم قصده، لأنه أهمل تثبيت الجهاز، في مخالفة واضحة للعرف المهني في هذا المجال. وهكذا، تتقاطع الرؤية القضائية في الكويت مع نظيرتها الفرنسية في تقدير أن (الإخلال الفني) هو سلوك مستقل بذاته يصلح لتكوين الخطأ غير العمدي، متى ثبت أن المهني قد تجاوز حدود ما يتوقع منه معرفته أو فعله. وهذه المقاربة تعبر عن تطور فلسفي في فهم المسؤولية الجنائية، حيث لم تعد الجريمة تقاس فقط بنية الفاعل، بل بالموقع الذي يشغله، والمعرفة التي يمتلكها، والواجبات التي يفترض به أداؤها بمستوى معين من الدقة واليقظة. وإذا كان النص المعدل قد جاء صريحا في ربط المسؤولية بأصول المهنة، فإن القضاء بدوره كرس عبر التطبيق مفهوما متقدما للخطأ المهني لا يقوم فقط على الإهمال، بل على الإخلال الوظيفي المتخصص. وهذا المفهوم يعزز الردع العام، ويضفي طابعا زجريا على الفعل غير العمدي حين يصدر عن شخص يفترض فيه أن يعلم. كما يحقق الانسجام بين النظام القانوني والممارسات المهنية المعاصرة، ويمكن القضاء من ضمان التوازن بين الحقوق الفردية وواجبات المراكز الوظيفية. يتضح من الربط بين المادة 154 المعدلة والأحكام القضائية أن المسؤولية المهنية عن القتل غير العمد قد انتقلت من مجرد صورة محتملة من صور التقصير إلى أساس مستقل للتجريم، وذلك استنادا إلى معيار «المحترف المعتاد» الذي يصبح به الإخلال بسلوك مهني مستقر خطأ جزائيا بمجرد وقوع النتيجة الضارة. وقد أسهمت محكمة التمييز في تطوير هذا المفهوم، وأكد القضاء الفرنسي صحته، بما يجعله دعامة متينة لتقدير الجسامة في الجرائم غير العمدية ذات الطابع الفني أو المؤسسي. الباب الثاني جريمة القتل الخطأ المشدد وفقا للمادة 154 مكررا يشكل النص المستحدث للمادة 154 مكررا من قانون الجزاء الكويتي تطورا تشريعيا بارزا في نطاق تجريم القتل غير العمد، إذ يمثل نقلة نوعية من التصور التقليدي الذي يربط العقوبة حصريا بحدوث النتيجة، إلى تصور أكثر تركيبا يربطها بالسلوك والظروف المرافقة له. فالمسؤولية لم تعد تبنى فقط على الإهمال أو التفريط في صورتهما المعروفة، وإنما أصبحت قائمة على مدى خطورة المحيط الذي وقع فيه الفعل، ومدى إدراك الجاني لاحتمال تحقق النتيجة. وهذا التوجه يتسق مع ما قرره الفقه الجنائي الحديث من أن (العقوبة لا تقاس فقط بدرجة النتيجة، وإنما بمدى استخفاف الفاعل بها قبل حدوثها). وقد أورد المشرع الكويتي في نص المادة صورا دقيقة لما يعد ظرفا مشددا في جريمة القتل الخطأ، وهي: تعاطي المؤثرات العقلية، وتعدد الوفيات، والامتناع عن تقديم المساعدة، ثم ربط بينها وبين مبدأ تصاعد العقوبة حسب عددها. وجاء النص كما يلي: مادة (154 مكررا): «يعاقب على القتل المذكور في المادة السابقة مدة لا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تجاوز ألفي دينار ولا تقل عن ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا اقترن القتل بأحد الظروف الآتية: ٭ تعاطي الجاني مادة مسكرة أو مخدرة أومؤثرة عقليا أو أي مادة أخرى تؤثر على قوى الشخص الطبيعية. ٭ إذا ترتب على فعل الجاني وفاة شخصين فأكثر. ٭ امتناع الجاني، أو إهماله وقت ارتكابه للفعل، عن مساعدة المجني عليه وهو قادر عليها. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات وبغرامة لا تجاوز عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا اجتمع ظرفان فأكثر من الظروف المنصوص عليها في الفقرة السابقة». ويندرج هذا النموذج ضمن الفقه المعروف باسم (الخطأ المركب) أو la faute aggravée في القانون الفرنسي، والذي يرى أن جسامة الفعل غير العمدي تتجاوز القصد حين يتكرر الإهمال أو يتراكم معطيات ظرفية تظهر لا مبالاة شديدة بحقوق الغير. الفصل الأول البنية الموضوعية للتشديد ـ تحليل صور الظروف المشددة: إن إدراج ظروف مشددة في جريمة القتل الخطأ يعد توسيعا لنطاق التوصيف الجنائي للسلوك غير العمدي، حيث لم يعد الخطأ يفهم بمعزل عن محيطه، بل أصبح يقيم بناء على تأثيره الزمني، والنفسي، والمهني. وقد تبنى الفقه هذا المفهوم منذ فترة طويلة، حين فرق بين (الخطأ العرضي) و(الخطأ الكاشف عن استخفاف) و(الخطأ المتعدد الأبعاد). وهو ما استلهمه المشرع الكويتي في المادة 154 مكرر، عبر النص على ثلاث صور تشكل، كل منها، موجبا مستقلا لتغليظ العقوبة. المبحث الأول تعاطي المؤثرات العقلية .. بين الاستعداد الإرادي وفقدان السيطرة: يعد تعاطي الجاني لمادة مسكرة أو مخدرة ظرفا ذا طابع مزدوج، إذ يعبر عن حالة من الضعف الإدراكي الذي يعيق ضبط النفس، لكنه في الوقت ذاته يعد قرارا سابقا على الفعل، ما يعني أن الجاني قد اختار بإرادته أن يضعف إرادته، وبالتالي تحمل مسؤولية الخطر الناتج. ويرى الفقيه الفرنسي Jean Pradel أن (المخاطرة الإرادية بفقدان السيطرة تعد صورة من صور القصد غير المباشر حين تقرن بالفعل غير العمدي). وقد أقر القضاء القطري بهذه القاعدة التي قضت بأن (تعاطي الجاني المؤثرات العقلية قبل ارتكاب فعل أودى بحياة المجني عليه، يعد ظرفا مشددا لقيامه بحالة إدراكية غير سوية، رغم إدراكه لطبيعة المهنة أو المهمة التي سيؤديها). ويعادل هذا التقدير ما قررته المادة 221-6-1 من قانون العقوبات الفرنسي، التي رفعت مستوى العقوبة تلقائيا حال وقوع القتل الخطأ تحت تأثير الكحول أو المخدر، حتى دون الحاجة لإثبات أن التعاطي كان السبب المباشر. المبحث الثاني تعدد الضحايا والامتناع عن المساعدة ـ بين الخطر المادي والخلل الأخلاقي: يرتبط تعدد الوفيات بمفهوم (النتيجة المركبة)، إذ إن ارتكاب فعل واحد يفضي إلى أكثر من وفاة يعد في حد ذاته مؤشرا على ضعف كبير في الاحتياط أو إهمال هيكلي في العمل أو السلوك، حيث إن تعدد الوفيات في نطاق واحد وبسبب واحد يعد ظرفا مشددا مستقلا يعبر عن جسامة الفعل بغض النظر عن نية الجاني. وقد سبق القانون الفرنسي إلى تجريم هذا الامتناع في المادة 223-6 من قانون العقوبات، وعده ظرفا تشديديا في حال اقترانه بنتيجة قاتلة. وأكدت محكمة النقض الفرنسية بأن (الفرد الذي امتنع عن التدخل في وضع يفرض عليه أخلاقيا وقانونيا التحرك، يسأل عن تطور النتيجة حتى لو كان الفعل الأصلي غير مقصود). الفصل الثاني التحليل التطبيقي للجسامة المركبة : يمثل التحليل التطبيقي للظروف المشددة الواردة في المادة 154 مكرر خطوة أساسية لتقييم مدى تفعيل النص التشريعي في الواقع القضائي. فالتشديد العقابي ينبغي ألا يفهم على أنه تشديد آلي، بل يجب أن يكون ناتجا عن تراكم موضوعي لعناصر الخطر الذي أحدثه الجاني بسلوكه، ومدى انكشافه على احتمال وقوع النتيجة. وهنا تتضح أهمية مبدأ (الجسامة المركبة) الذي استحدثه المشرع الكويتي، حين قرر أن اجتماع ظرفين أو أكثر يبرر مضاعفة العقوبة، ويقرب سلوك الجاني من الحد الفاصل بين الخطأ غير العمدي والفعل العمدي. ويطرح هذا التدرج العقابي على القضاء تحديا مزدوجا: أولا، في توصيف الظروف المتحققة، وثانيا، في تحقيق التناسب بين الجسامة وطبيعة العقوبة المحكوم بها. وقد أفرز هذا التحدي اجتهادات قضائية متعددة أبرزت تنوع التطبيقات القضائية، وأوضحت حدود السلطة التقديرية في موازنة الظرفين أو أكثر. المبحث الأول اجتماع الظرفين كسبب للغلو في الجسامة : ينص الجزء الأخير من المادة 154 مكرر على أن (تكون العقوبة الحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات وبغرامة لا تجاوز عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا اجتمع ظرفان فأكثر من الظروف المنصوص عليها)، وهو ما يشكل في الواقع مبدأ قانونيا قائما على التراكم التأديبي (accumulation des fautes). ويفترض هذا التراكم أن اجتماع ظرفين يخرج السلوك من حدوده غير العمدية العادية إلى مستوى من الاستخفاف المركب، أشبه بالنية الضمنية للإضرار، وإن لم يقصد. ويقابل هذا المفهوم ما قررته محكمة النقض الفرنسية حيث أدانت المحكمة ثلاثة فاعلين مهنيين ـ طبيبا، ومساعدا، وفنيا ـ لتسببهم المشترك في وفاة مريض من خلال سلسلة من الإغفالات غير المنسقة. ورأت أن (الجمع بين إهمالات متعددة داخل بيئة مهنية يعد خطأ مركبا يوجب التعامل مع النتيجة كإهمال جسيم جماعي). المبحث الثاني السلطة التقديرية القضائية والحاجة إلى توجيه تفسيري موحد: على الرغم من وضوح النص في تحديد الظروف المشددة، فإن تقدير جسامة كل ظرف ومدى كفايته لتغليظ العقوبة لايزال منوطا بالسلطة التقديرية للقاضي، وهو ما أفرز تفاوتا في التطبيقات. ففي بعض الأحكام، اكتفى القاضي بظرف واحد لتشديد العقوبة إلى الحد الأعلى من العقوبة المقررة عند توافر ظرفين، بينما في حالات أخرى اعتبر القاضي أن بعض الظروف لا تعد متكافئة من حيث الوزن التأديبي. ويثير هذا التفاوت إشكالية افتقار المادة إلى دليل تطبيقي قضائي موحد. فالتمييز بين الظرف التام والظرف غير المكتمل، أو بين تعاط مقصود وتعاط عرضي، أو بين امتناع لحظي وامتناع منهجي، يتطلب من القضاء تبني معايير مرجعية تسند التقدير القضائي إلى منطق موضوعي. وفي هذا السياق، يمكن الاستئناس بما قررته محكمة النقض الفرنسية عندما فرقت بين الفعل المرتكب تحت تأثير مادة مخدرة بشكل عرضي، وبين الحالات التي يكون فيها التعاطي ثابتا ومقصودا ومترافقا مع سلوك ينطوي على تهور. وقد أكدت المحكمة في منطوقها أن (التقدير القضائي يجب ألا يبنى على وجود الظرف فقط، بل على مدى اندماجه في سلوك الجاني العام واتساقه مع نتائج الفعل). تبرهن الأحكام القضائية الفرنسية أن التوصيف الشكلي للوقائع هو تحليل مركب لأبعاد الجسامة، خصوصا عند اجتماع أكثر من ظرف من الظروف المشددة. وهذه المقاربة تندرج ضمن الاتجاه الجنائي الحديث الذي يرى أن المسؤولية في الجرائم غير العمدية لا يكتفى فيها بثبوت الخطأ البسيط أو وقوع النتيجة، بل ينظر أيضا إلى بنية السلوك، والمعنى الأخلاقي للتصرف، ودرجة الانكشاف على الخطر. ويرى البعض أن الامتناع حين يقع من شخص ملزم بالحركة يعد صورة من صور الفعل القانوني. ويلاحظ أن هذا الاتجاه ينسجم مع ما قرره القضاء الفرنسي، حيث رفضت محكمة النقض اعتبار سلسلة من الإغفالات المهنية المتفرقة مجرد تقصير بسيط، واعتبرت أنها تكون (بنية سلوكية مشتركة تعبر عن نظام خلل مؤسسي)، بما يجعل المسؤولية موزعة جماعيا، وتؤسس لفكرة (الخطأ المشترك الناتج عن ثقافة مهنية فاسدة). وقد ميزت المحكمة النقض الفرنسية بين حالتين متقاربتين: التعاطي العرضي والتعاطي المعتاد. وأكدت أن (الظرف المشدد لا يستمد من المادة المستعملة في ذاتها، بل من العلاقة السلوكية للجاني بها)، أي إن العبرة لا تقع في أن الجاني كان مخمورا فحسب، بل في كونه قد تبنى هذه الحالة باعتبارها نمطا سلوكيا ضمن فعل ينطوي على خطر. تظهر هذه الأحكام في مجموعها، أن القضاء الكويتي قد بدأ يفعل المادة 154 مكرر لا بوصفها نصا عقابيا صارما، بل كمنظومة معيارية تخاطب وجدان القاضي ومهنيته القانونية، وتطالبه بتفكيك السلوك وتقدير معانيه المركبة. وبذلك يقترب القضاء الكويتي ـ على غرار الفرنسي ـ من فلسفة العقاب المتدرج، الذي لا يعاقب الفعل وحده، بل يعاقب السياق الذي ولد فيه الفعل، والشخص الذي اختاره، والامتناع الذي ثبته، والنتائج التي أهملها. لقد كشفت الدراسة التحليلية لمضمون المادة 154 مكرر من قانون الجزاء الكويتي، كما أدخلت بموجب المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 2025، عن تحول نوعي في بنية المسؤولية الجزائية غير العمدية، يعبر عن نضج في الفلسفة العقابية الحديثة، وتقدم في فهم المشرع لطبيعة الجريمة المترابطة بالعوامل الاجتماعية والسلوكية، إذ لم تعد هذه الجريمة تفهم من خلال إطار جامد للخطأ البسيط، بل من خلال تصور تراكمي للجسامة، يربط بين طبيعة الفعل، ومدى إدراك الفاعل لمخاطرة، وتفاعله مع النتيجة، والظروف التي أحاطت بسلوكه قبل وأثناء وبعد الوقوع. وقد أظهرت المادة محل الدراسة وضوحا منهجيا في تحديد صور التشديد التي تخرج القتل الخطأ من صورته النمطية، إلى وصف مشدد يستند إلى مؤشرات موضوعية: مثل تعاطي المؤثرات العقلية، وتعدد الضحايا، والامتناع عن تقديم المساعدة. وتعبر هذه الصور عن مزيج من الانحراف الإدراكي، والقصور في الاستجابة الأخلاقية، والخلل في ممارسة الدور الاجتماعي، وهي كلها عناصر لا تقل من حيث الخطورة عن القصد الجنائي الجزئي، بل قد تفوقه في بعض الحالات، نظرا لما تحمله من استخفاف ضمني بالقيم القانونية والإنسانية الجوهرية. ومن زاوية الفقه، فإن هذا التوجه يجد تأصيله في النظريات الحديثة التي تفترض أن الفاعل غير العمدي لا يعفى من المسؤولية متى كان في مركز يلزمه بتوقع النتيجة، واتخاذ الاحتياطات المناسبة. كما يتقاطع النص الجديد مع مفاهيم (الخطأ المركب)، و(المسؤولية عن الإحجام)، و(التعريض المتعمد للغير)، وهي مفاهيم تطورت بفعل تداخل القانون الجنائي مع علوم السلوك، والطب، والمهن الخطرة. وقد عبر عنها البعض بقولهم إن (الإهمال في موقع الالتزام المتخصص يرقى في أثره إلى حد الجريمة ذات الطبيعة المعنوية المركبة، لا لغياب الإرادة، بل لانحرافها عن مركز التوقع الواجب). وقد جاءت المقارنة بالنموذج الفرنسي لتعزز هذا الفهم، إذ إن التجربة الفرنسية رسخت عبر قوانينها وأحكامها نظرية المسؤولية المهنية الخاصة عن النتائج الجسيمة، وربطت بين المعايير الأخلاقية والمهنية في تقرير العقوبة، وكرست مبدأ الجسامة المركبة كمؤشر قانوني على أن الخطأ لا يقاس بالمادة فقط، بل بما يكشفه من داخل الجاني وقراره وموقفه من واجبه. وبذلك يمكن القول إن المادة 154 مكرر ليست فقط نصا عقابيا جديدا، بل هي إطار بنيوي يعيد تشكيل نظرية الخطأ غير العمدي في القانون الكويتي، ويؤسس لمنظومة معيارية تحمل الفاعل مسؤولية متقدمة لا على فعله وحده، بل على إدراكه وامتناعه ومركزه. وتظل الفائدة الحقيقية من هذه المادة مرهونة بما إذا كان الاجتهاد القضائي سيواصل تطوير تفسيرها ضمن منهج تحليلي متدرج، يحقق العدالة، ويراعي التناسب، ويوائم بين الردع العام ومبادئ الإنصاف الإنساني. جريمة الإصابة الخطأ وفقا للمادتين 164 و164 مكرر من قانون الجزاء الكويتي تعد جريمة الإصابة غير العمدية الوجه الآخر لجريمة القتل الخطأ، إذ تتشابه معها في البنية القانونية، وتختلف عنها في درجة النتيجة لا في جوهر الفعل. وقد درجت معظم التشريعات المقارنة على التعامل مع الإصابة الخطأ باعتبارها فعلا يعكس إخلالا بواجب الحذر الواجب، دون أن يكون مقرونا بقصد الإضرار، لكنها ـ على خلاف القتل ـ لا تفضي إلى زوال الحياة، بل إلى الإضرار بسلامة الجسد أو وظيفته أو بنيته. لهذا فإن تقييم المسؤولية في هذا السياق يقتضي قراءة مزدوجة: واحدة تستند إلى صور الخطأ، والثانية تركز على حجم الضرر الناتج. وقد حرص المشرع الكويتي على ضبط هذا النوع من الأفعال من خلال تعديل المادة 164 بموجب المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 2025، حيث حافظ على الهيكل التقليدي للجريمة في صورتها البسيطة، ثم استحدث نصا جديدا (المادة 164 مكرر) يعالج الصور المشددة، على غرار ما فعله في المادة 154 مكرر بشأن القتل الخطأ. ويعد هذا التعديل خطوة منطقية ومتسقة مع تطور السياسة الجنائية الكويتية، ويمثل إقرارا بأن الجسامة لا تتوقف عند النتيجة (الوفاة أو الإصابة)، بل ترتبط أيضا بالسلوك والسياق والظروف المحيطة. وقد ورد نص المادتين على النحو التالي: المادة (164): (كل من تسبب في جرح أحد أو إلحاق أذى محسوس به عن غير قصد، بأن كان ذلك ناشئا عن رعونة أوتفريط أو إهمال أو عدم انتباه أو عدم مراعاة القوانين واللوائح، أو عن إخلاله بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تجاوز خمسمائة دينار ولا تقل عن مائتين وخمسين دينارا أو بإحدى هاتين العقوبتين). المادة (164 مكررا):(ويعاقب على الإصابة المذكورة في المادة السابقة بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تجاوز ألف دينار ولا تقل عن خمسمائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا اقترنت بأحد الظروف الآتية: ٭ تعاطي الجاني مادة مسكرة أو مخدرة أومؤثرة عقليا أو أي مادة أخرى تؤثر على قوى الشخص الطبيعية. ٭ إذا ترتب على فعل الجاني وفاة شخص فأكثر. ٭ إذا ترتب على فعل الجاني إصابة المجني عليه بعاهة مستديمة. ٭ امتناع الجاني، أو إهماله وقت ارتكابه للفعل، عن مساعدة المجني عليه وهو قادر عليها. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ألفي دينار ولا تقل عن ألف دينار أوبإحدى هاتين العقوبتين إذا اجتمع ظرفان فأكثر من الظروف المنصوص عليها في الفقرة السابقة). وتبرز القراءة المشتركة لهذين النصين أن المشرع الكويتي قد استلهم فلسفة التصعيد العقابي التدريجي، كما كرسها في المادة 154 ومكررها، لتصبح معيارا موحدا في تقييم الأفعال غير العمدية سواء أفضت إلى الوفاة أو إلى الإصابة. وسيتناول هذا الباب تحليلا أكاديميا موسعا لهاتين المادتين من خلال فصلين متكاملين، يخصص الأول لتحليل جريمة الإصابة الخطأ في صورتها البسيطة وفق المادة 164، بينما يخصص الثاني لتفصيل حالات التشديد وتوصيف الجسامة وفق المادة 164 مكرر، وذلك من خلال دراسة العناصر القانونية والفقهية والتطبيقات القضائية ذات الصلة. الفصل الأول جريمة الإصابة غير العمد في صورتها البسيطة إن مسؤولية الشخص عن إحداث إصابة بغير قصد تمثل فرعا أصيلا من المسؤولية الجنائية غير العمدية، وهي مسؤولية ذات طبيعة مزدوجة، فهي من جهة تعكس انحرافا عن معيار السلوك الحذر الذي يفرضه القانون، ومن جهة ثانية لا تقوم على توافر نية إجرامية، بل على وقوع النتيجة الضارة عن أحد صور الخطأ. وقد استقرت التشريعات الحديثة على تنظيم جريمة الإصابة الخطأ في نص مستقل، يختلف عن نص القتل الخطأ من حيث مقدار العقوبة وشروط النتيجة، لكنه يتطابق معه من حيث البنية القانونية العامة. وفي هذا السياق، جاء التعديل الذي أجراه المشرع الكويتي على المادة 164 من قانون الجزاء بموجب المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 2025 ليعيد ضبط ملامح هذه الجريمة، ويكرس فهما أكثر دقة لفكرة الضرر الجسدي الموجب للمساءلة، إذ تمسك النص ببنية الجريمة غير العمدية التقليدية، لكنه وسع نطاق الخطأ ليشمل الإخلال بأصول الوظيفة أو المهنة أو الحرفة، وأكد على وجوب تحقق نتيجة محسوسة، مما يقيد نطاق التوسع في التجريم الذي قد يهدد مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات. وبهذا النص، يكون المشرع قد منح الفقه والقضاء أداة متوازنة لضبط المسؤولية في هذا النوع من الجرائم، بحيث تبنى على معيار موضوعي واضح، هو مدى إخلال الفاعل بمعايير الحذر، ومدى تحقق إصابة جسدية قابلة للإثبات الطبي. المبحث الأول الركن المادي في جريمة الإصابة الخطأ ـ الفعل والنتيجة والسببية: يعد الركن المادي في جريمة الإصابة غير العمد محورا مركزيا لفهم البناء القانوني للمادة 164، حيث يتكون هذا الركن من ثلاثة عناصر مترابطة: الفعل المرتكب من الجاني، والنتيجة الضارة المتمثلة في الإصابة الجسدية، والعلاقة السببية بين الفعل والنتيجة. وقد حرص المشرع الكويتي على تحديد النطاق الموضوعي لهذا الركن بصورة تضمن الحد الأدنى من الحماية الجسدية، مع الحفاظ على التناسب بين حجم الضرر وبين التوصيف الجزائي للفعل. ويتحقق الفعل المادي في هذه الجريمة من خلال أي سلوك إيجابي أو سلبي يقع من الفاعل دون قصد، ويؤدي إلى إصابة شخص آخر. وقد يكون هذا السلوك فعلا مباشرا كالدفع، أو غير مباشر كترك آلة حادة في مكان خطر، أو سلوكا سلبيا كالإخلال بواجب الإشراف أو الرقابة أو إهمال اتخاذ احتياطات السلامة في موقع العمل. وفي جميع الحالات لا بد أن يكون هذا الفعل مخالفا لمعيار السلوك الحذر الذي يلتزم به الشخص العادي أو المهني بحسب الأحوال. أما من حيث النتيجة، فقد اشترط النص أن تؤدي أفعال الجاني إلى (جرح أو أذى محسوس)، مما يعني أن المشرع قد حصر نطاق التجريم في الإصابة الجسدية القابلة للإثبات، واستبعد الأذى النفسي أو الضرر التخيلي أو الآثار المؤقتة غير القابلة للقياس. وهو ما يتفق مع المعايير الحديثة التي تربط الجريمة بنتيجة مادية واقعية تثبت من خلال تقارير طبية أو أدلة علمية. وبهذا يكون النص قد حقق توازنا بين حماية السلامة الجسدية للمجني عليه، وضمان استقرار مبدأ الشرعية الجنائية. أما العنصر الثالث، وهو العلاقة السببية، فيعد من أصعب مكونات الجريمة من حيث الإثبات والتقدير، فلا يكفي لقيام الجريمة أن يوجد خطأ من الجاني، وأن تقع إصابة، بل يجب أن تكون الإصابة نتيجة مباشرة أو راجحة لذلك الخطأ. وقد استقر القضاء الكويتي على أن العلاقة السببية (مسألة موضوعية تقدرها المحكمة في ضوء الوقائع الفنية والطبية)، كما في حكم محكمة التمييز الذي أكد على أن (قيام المسؤولية يتطلب أن تثبت الخبرة الفنية وجود علاقة سببية حقيقية بين فعل المتهم والإصابة، دون افتراض أو مجاز). ويلاحظ أن هذا العنصر يعد الفاصل بين المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية، إذ إن مجرد وجود خطأ دون أن يؤدي إلى نتيجة ملموسة لا يكفي لتجريم السلوك، بل قد يستوجب التعويض فقط. وبهذا يكون النص قد حافظ على الانضباط التشريعي، وربط الجريمة بنتيجة ثابتة لا تقدر بالتخمين. المبحث الثاني صور الخطأ في المادة 164: جاءت المادة 164 في صياغتها الجديدة متسقة مع المادة 154 من حيث تعداد صور الخطأ، وهي: الرعونة، التفريط، الإهمال، عدم الانتباه، مخالفة القوانين واللوائح، والإخلال بما تفرضه أصول الوظيفة أو المهنة أو الحرفة. ويمثل هذا التعداد نقلة نوعية في التشريع الكويتي، حيث لم يكتف المشرع بتوصيف عام للخطأ، بل حدده على نحو يضمن توحيد المعيار، ويقيد السلطة التقديرية للقاضي ضمن ضوابط موضوعية واضحة. فالرعونة هي تصرف يعكس الاندفاع والتسرع دون التبصر في العواقب، ويعد مثالا لها أن يقدم شخص على استخدام أداة خطرة في محيط مزدحم دون احتياطات. أما التفريط فهو الإخلال بالواجبات الإيجابية المقررة على الفاعل بحكم وضعه أو مهنته، مثل تجاهل طبيب لفحص إجباري قبل صرف الدواء. أما الإهمال، فيعد صورة أخف من التفريط، ويقوم على التقصير في الاحتياطات العادية التي ينتظر من الشخص العادي اتخاذها. ويتمثل عدم الانتباه في الغفلة اللحظية التي لا يعد فيها السلوك في ذاته خاطئا، لكن تشكل في ظرف معين خطأ جزائيا، مثل انشغال موظف أمني في الهاتف أثناء عبور طلاب الطريق. أما مخالفة القوانين واللوائح، فهي الخطأ الذي يثبت بمخالفة تنظيمية واضحة، كعدم تشغيل جهاز الإنذار في منشأة عامة. أما الصورة الأخيرة، وهي الإخلال بأصول الوظيفة أو الحرفة، فتمثل الإضافة الأهم في النص، لأنها تستند إلى معيار داخلي ينبع من خصوصية المهنة، لا من قاعدة قانونية عامة. وهنا يسأل الطبيب أو المهندس أو الفني أو الموظف عن الضرر إذا ثبت أنه تجاوز حدود الحذر المتوقع من شخص في مستواه المهني، حتى إذا لم يخالف نصا تنظيميا مباشرا. ومبدأ (الالتزام الحرفي الحذر) الذي تبناه القضاء الفرنسي في جرائم المهن المنظمة، كما في القضية التي حملت فني مختبر مسؤولية جنائية عن إصابة ناتجة عن خلط مواد بسبب إغفال إجراء وقائي يعد بديهيا في مهنته، دون حاجة لنص قانوني صريح. لقد بين التحليل التفصيلي للمادة 164 من قانون الجزاء الكويتي، في ضوء تعديلها الأخير، أن المشرع قد سعى إلى ضبط معالم جريمة الإصابة غير العمدية بصيغة دقيقة تراعي التوازن بين الحماية الجنائية للسلامة الجسدية، وضمان عدم الانزلاق نحو المسؤولية الموضوعية. ويتجلى هذا التوجه من خلال التحديد الصريح لصور الخطأ، والربط الوثيق بين المسؤولية الجنائية ووقوع نتيجة محسوسة قابلة للإثبات، وهو ما يشكل ضمانة قانونية مهمة. وتتسق هذه المقاربة مع ما قرره الفقه الحديث بأن (الخطأ غير العمدي ليس درجة واحدة، بل طيف يتراوح بين الإغفال العادي والخلل الجسيم في مركز احترافي). وقد أكد على هذا Gérard Cornu حين فرق بين (الإخلال الإداري) و(الإخلال الفني المؤسس)، واعتبر الثاني أكثر خطورة لأنه يكشف عن ضعف في البنية الاحتياطية للمهني ذاته. ويمكن القول في نهاية هذا الفصل إن المادة 164 قد كرست إطارا قانونيا دقيقا لجريمة الإصابة الخطأ، يقوم على ثلاثية واضحة: فعل مخالف لواجب الحذر، نتيجة جسدية ملموسة، وعلاقة سببية قائمة على معيار الخبرة. وقد ساهم القضاء الكويتي في تطوير هذا الإطار من خلال اجتهادات تحمل طابعا تفسيريا واعيا، وتراعي مركز الفاعل، وطبيعة المهنة، وخصوصية الموقف، مما يبشر بإرساء قواعد تطبيقية ثابتة تحقق التوازن بين حماية المجني عليه وضمانات الفاعل. الفصل الثاني جريمة الإصابة الخطأ المشددة ـ تحليل المادة 164 مكرر جاءت المادة 164 مكرر من قانون الجزاء الكويتي لتكمل بناء متدرجا بدأه المشرع في المادة 154 مكرر الخاصة بالقتل الخطأ، وتوسع نطاق المسؤولية في مجال الإصابة غير العمدية، من خلال الاعتراف بأن الجريمة قد ترتقي في جسامتها إلى ما يوازي الفعل العمدي، إذا اقترنت بظروف خطرة تكشف عن سلوك غير مبال أو امتناع فادح عن التدخل. وهذا التطوير لا يندرج فقط ضمن السياسة العقابية، بل يعبر عن وعي تشريعي بأن الأفعال غير العمدية لا تقف عند حدود الضرر الجسدي، بل قد تجسد، في حالات خاصة، انقطاعا في الالتزام الأخلاقي والاجتماعي. وتحدد المادة 164 مكرر أربع صور تشكل كل منها ظرفا مشددا: التعاطي، الوفاة الناتجة عن الإصابة، العاهة المستديمة، والامتناع عن المساعدة. كما تقر المادة بتصعيد إضافي للعقوبة عند اجتماع ظرفين فأكثر، مما يؤسس لنظرية «الجسامة المركبة» في نطاق الإصابة. وتظهر هذه المقاربة أن المشرع لم يربط الشدة بدرجة الضرر فحسب، بل بدرجة الانفصال الأخلاقي عن الواجب، ومدى تعمق الإهمال في سلوك الفاعل. المبحث الأول صور الظروف المشددة في المادة 164 مكرر: تعد الصور الأربع الواردة في المادة 164 مكرر تجسيدا لحالات الانفصال عن الحد الأدنى من الحيطة المهنية والاجتماعية. وسنحللها على النحو التالي: 1 - تعاطي الجاني مادة مسكرة أو مؤثرة عقليا: يفترض هذا الظرف أن الجاني كان في حالة إدراكية غير سوية وقت ارتكابه الفعل. وقد اعتبر المشرع هذا السلوك مصدرا للتشديد لأنه يعكس قرارا مسبقا بإضعاف القدرة على التقدير. ويجد هذا التصور ما يعززه في الفقه الفرنسي، حيث تعد الحالة الناتجة عن المخدر أو الكحول حالة محفوفة بالخطورة الذاتية، تبرر التشديد دون حاجة لإثبات قصد جنائي، كما في المادة 222-19-1 من قانون العقوبات الفرنسي. 2 - وفاة المجني عليه نتيجة الإصابة: في هذه الصورة تنتقل الجريمة من مجرد إصابة إلى نتيجة مميتة، رغم أن الجاني لم يكن يقصد القتل. ويفهم من النص أن التشديد لا يستند إلى النية، بل إلى تضخم النتيجة وتجاوزها التوقع الطبيعي للسلوك. ويمثل هذا النمط ما يعرف فقهيا بـ(النتيجة الفائقة)، أي تلك التي لا يقصدها الفاعل لكنها متوقعة موضوعيا. 3 - إحداث عاهة مستديمة: ترتقي الإصابة في هذا الظرف إلى تغيير دائم في وظائف الجسد أو مظهره أو قدرته على العمل. وتعد العاهة معيارا موضوعيا للتشديد، يقدر وفق تقارير طبية قطعية. 4 - امتناع الجاني عن المساعدة رغم القدرة: يجسد هذا الظرف انفصالا أخلاقيا صارخا عن الواجب الاجتماعي، ويعد في الفقه المقارن من أخطر صور الخطأ غير العمدي لأنه يكشف عن بلادة وجدانية تجاه الخطر. المبحث الثاني مبدأ الجسامة المركبة في المادة 164 مكرر: إن ما يميز المادة 164 مكرر هو تبنيها لفكرة التراكم التأديبي، أي إن اجتماع أكثر من ظرف من الظروف المشددة لا يضاعف العقوبة فحسب، بل يعكس مستوى مرتفعا من الجسامة تتجاوز الصورة النمطية للخطأ غير العمدي. وتفهم الجسامة المركبة هنا لا بوصفها عددا حسابيا للظروف، بل باعتبارها تفاعلا نوعيا بينها، وهو ما يمنح القاضي مجالا لتقدير مدى خطورة السلوك في مجموعه. وتعدد الظروف لا يقاس بتكرارها بل بانسجامها الزمني والسلوكي معا، فحين يتعاطى الجاني مادة مؤثرة، ثم يحدث عاهة دائمة، ثم يمتنع عن إسعاف المجني عليه، فإننا لا نكون أمام ثلاث وقائع منفصلة، بل أمام بنية متراكبة من السلوك تعكس استخفافا مستمرا بالمراكز المحمية قانونا، وهو ما يستدعي تشديد العقوبة حتى وإن لم تتوافر نية الإضرار. إن قراءة الاجتهادات القضائية الفرنسية الصادرة في قضايا الإصابة الخطأ المشددة تظهر تبني مقاربة وظيفية للسلوك غير العمدي، لا تعنى بتوصيف الخطأ من زاوية شكله الظاهري، بل بمضمونه القيمي، وسياقه العملي، والأثر الذي يحدثه تفاعل عناصر الجريمة، فقد تعامل القضاء مع التعاطي ليس كمجرد شرط مادي، بل كحالة مدخلة في بنية الخطأ ذاته، يستخلص منها استخفاف إرادي بالواجبات الاجتماعية. ومن هنا برز توجه قضائي يعتبر أن الجاني لا يعاقب فقط لأنه أخطأ، بل لأنه قرر أن يضع نفسه في موضع يفقد فيه القدرة على تقدير الخطر، وهو ما يعرف في الفقه الحديث بنظرية (القرار بالمخاطرة) أو la prise de risque délibérée. أما الامتناع عن تقديم المساعدة، فقد أعيد توصيفه من مجرد إغفال إلى فعل سلبي فاعل يترجم موقفا داخليا عديم المروءة المهنية. وقد ظهر هذا بوضوح في حيثيات بعض الأحكام التي ربطت بين الامتناع والنتيجة الجسدية، وعدت الامتناع امتدادا للفعل الأول، وليس سلوكا منفصلا. وهذه المقاربة تقترب من النظرية الفرنسية التي تعتبر أن (السكوت في موقع الفعل يعد لغة قانونية للإدانة)، خاصة إذا توافر عنصر القدرة. وخطورة العاهة المستديمة ليس من حيث طبيعتها الطبية بل من حيث ديمومتها وأثرها على المجني عليه، ووضعت المادة 164 مكررا بذلك معيارا موضوعيا لتقدير الجسامة يتجاوز نية الجاني، نحو حماية المستقبل الجسدي للضحية. أما من جهة اجتماع الظروف، فقد جاء التعديل الجديد بتبني مبدأ الترابط السببي بين الأوصاف المشددة، كمدخل لتحديد العقوبة المناسبة، وهو توجه يحاكي ما قررته محكمة النقض الفرنسية حين اعتبرت أن اجتماع أكثر من عنصر من عناصر الخطأ في الفعل ذاته يبرر المعاملة العقابية الأشد، حتى وإن بدا كل عنصر بمفرده قابلا للعذر أو التخفيف. إن التعديلات التي أدخلها المشرع الكويتي على المادة 164 من قانون الجزاء وإضافة المادة 164 مكرر لم تكن مجرد إعادة صياغة شكلية لأحكام الإصابة غير العمدية، بل عكست نقلة نوعية في البنية القانونية للخطأ غير العمدي، قائمة على تصور أكثر نضجا لجسامة الفعل، ومدى امتداده إلى ما يتجاوز النتيجة الجسدية نحو الانكشاف الأخلاقي والمهني في سلوك الجاني. وقد برز من خلال تحليل المادة 164 أن المشرع الكويتي تمسك بهيكل الجريمة غير العمدية من حيث قيامها على نتيجة مادية ـ «الإصابة» ـ ناتجة عن فعل غير عمدي، دون افتراض قصد الإضرار. لكنه وسع في المقابل صور الخطأ، فأدخل (الإخلال بأصول الوظيفة أو المهنة أو الحرفة) ضمن المصادر المحتملة للمساءلة، وهو إدخال يتجاوز الفهم التقليدي للإهمال، ويحمل المهنيين مسؤولية أعلى بالنظر إلى طبيعة تخصصهم. وتظهر هذه الصياغة توجها نحو تعزيز معيار (المهني المعتاد)، الذي يعد اليوم ركيزة رئيسة في تقييم الخطأ بالمهن ذات الطابع الفني أو الحساس. أما في المادة 164 مكرر، فقد تبلور بوضوح مبدأ التصعيد في العقوبة تبعا لتفاقم ظروف الفعل. فالمشرع لم يعاقب الجاني على الإصابة فقط، بل على الإطار السلوكي الذي وقع فيه الفعل: هل كان في حالة تعاط؟ هل أفضى إلى وفاة أو عاهة؟ هل امتنع عن الإنقاذ؟ وإذا اجتمع ظرفان أو أكثر فإن المشرع قد أجاز رفع العقوبة إلى أقصاها. وهذا المنهج يعيد تركيب النظرية التقليدية في الخطأ، ويدخل عنصر (السلوك المركب) ضمن التقدير الجنائي، وهو ما يعبر عنه فقهيا بأن المسؤولية غير العمدية لم تعد ترتكز فقط على طبيعة النتيجة، بل على القيمة الأخلاقية الكامنة في سلوك الفاعل وظروف امتناعه أو تجاوزه. وفي ضوء ذلك، فإن الفصلين قد أظهرا أن المادة 164 ترسخ الحد الأدنى للمسؤولية، بينما تقدم المادة 164 مكرر نموذجا لتوسيع تلك المسؤولية حين ترتبط بخطر مضاعف أو بانفصال وجداني عن الواجب الإنساني. وتظهر المقارنة بالتشريع الفرنسي أن ما قدمه المشرع الكويتي في هذا الباب يقارب النماذج الأوروبية الحديثة، لا من حيث صور الخطأ فقط، بل من حيث فلسفة التدرج في العقوبة، وربطها بتفاعل الظرف مع السلوك والنتيجة، بل إن المشرع الكويتي قد تميز بنصه الصريح على مفهوم (اجتماع الظرفين) كمضاعف للعقوبة، وهو ما لم تصرح به بعض التشريعات اللاتينية، بل ترك لتقدير محكمة الموضوع. وعليه، يمكن القول إن الباب الرابع قد كشف عن بناء تشريعي متماسك ومتكامل لجريمة الإصابة غير العمدية، في صورتها البسيطة والمشددة، يراعي التدرج في الخطأ ويمنح القضاء أدوات تفسير مرنة ويفعل التزامات المهنيين تجاه المجتمع، ويرتقي بمستوى الحماية الجنائية إلى مصاف السياسات الجنائية المتقدمة. خاتمة الدراسة تبرز هذه الدراسة أن التعديلات التي أدخلت على قانون الجزاء الكويتي بموجب المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 2025 لم تكن مجرد تحريك شكلي للنصوص، بل جاءت كتعبير عن تحول في مفاهيم السياسة العقابية الكويتية، باتجاه مزيد من الضبط والموضوعية في مساءلة الأفعال غير العمدية، خاصة تلك التي تقع في إطار مهني أو فني أو وظيفي يحتم التزاما احترازيا يفوق الالتزام الاجتماعي العام. لقد انطلقت الدراسة من أن جوهر المسؤولية الجنائية في الأفعال غير العمدية لم يعد يقاس فقط بمدى تحقق النتيجة الضارة، بل بمدى الانحراف عن مستوى السلوك الذي ينتظر من الفاعل في موقعه القانوني أو الوظيفي أو المهني. ومن هنا، كانت التعديلات التشريعية ذات بعد مزدوج: فهي من جهة، تراعي تطور المهن وارتفاع سقف التوقعات الاحترازية، ومن جهة أخرى، تحاول ضبط هذا التوسع بضمانات قانونية تمنع الانزلاق نحو المسؤولية الموضوعية أو العقوبة المبالغ فيها. وقد عالج الباب الأول من الدراسة تعديل المادة 44، التي تعد حجر الأساس في بناء مفهوم الخطأ غير العمدي في القانون الكويتي. وأظهر التحليل أن إدراج «القوانين» ضمن مصادر الخطأ في الفقرة الأولى لم يكن مجرد إضافة لفظية، بل توسعة جوهرية في نطاق التجريم غير العمدي، حيث يمكن القضاء من الاستناد إلى النصوص القانونية العامة لتقدير الإخلال، ويرسخ المعيار الموضوعي المستند إلى سلوك الشخص المعتاد في ذات الظروف. ومع ذلك، فإن بقاء الفقرة الثانية دون تعديل، بما تحمله من معيار ذاتي (التوقع أو المهارة)، يفتح الباب لإشكال تفسيري قد يضعف من اتساق النص إذا لم يعالجه القضاء تفسيرا تكامليا يدمج بين كلا المعيارين في ضوء طبيعة الفعل والفاعل معا. أما الباب الثاني، فقد خص المادة 154 بالتحليل، وهي المادة التي لاتزال تشكل الهيكل التقليدي لجريمة القتل الخطأ. وقد أوضحت الدراسة أن التعديل في المادة 44 ينعكس مباشرة على هذه المادة، حيث يمنح القاضي أداة مرجعية أوضح لتحديد وجود الخطأ، خاصة فيما يتعلق بمصادر الإخلال (القوانين واللوائح) وصوره (الرعونة، التفريط، عدم الانتباه). وقد مكن هذا من تجاوز كثير من الإشكاليات السابقة التي كانت ترتبط بتقدير الغفلة أو الإهمال من دون مرجع تشريعي مباشر. وانتقل الباب الثالث لتحليل المادة المستحدثة 154 مكرر، التي تشكل تحولا نوعيا في التشريع الكويتي، من حيث تبني مفهوم الخطأ الجسيم المرتبط بممارسة مهنية أو وظيفية. وقد أسست هذه المادة لتمايز تشريعي بين الخطأ العادي والخطأ الجسيم دون حاجة إلى إعادة تعريف شامل لمفهوم الخطأ، بل من خلال النص على صور ظرفية أو مهنية تشكل تشديدا للعقوبة. ويعد هذا الاقتراب متناغما مع التجربة الفرنسية التي تحمل المهنيين التزامات مضاعفة تتناسب مع درجة التخصص والدور الوقائي المتوقع منهم. وقد أظهرت الدراسة أن هذه المادة، رغم دقتها، تطرح تحديا كبيرا أمام القضاء في تفسير حدود «الإخلال الجسيم»، وتمييزه عن الخطأ العادي، وهو ما يتوقع أن يتبلور من خلال التراكم القضائي والاجتهاد المهني المستقر. أما الباب الرابع، فقد تناول مسؤولية الإصابة الخطأ، لا سيما في حال الامتناع، أو التقصير، عن اتخاذ الإجراء الواجب، وذلك وفقا للمادتين 164 و164 مكرر. وقد أبانت الدراسة أن إدراج «الامتناع المؤثم» كصورة من صور الخطأ غير العمدي يمثل تطورا لافتا في التشريع الكويتي يضاهي التوجهات العقابية الحديثة التي ترى أن اللامبالاة، أو الامتناع المهني عن التدخل، لا تقل خطرا عن الفعل الإيجابي المسيء، خصوصا حين يكون الفاعل في موقع مسؤولية، أو خبرة فنية، يمكنه من تجنب النتيجة. وقد أسس بذلك لنقلة مفاهيمية تجعل من الفعل السلبي، في حالات معينة، مناطا للمساءلة الجنائية الكاملة، وفق معيار يوازن بين الواجب المهني والقدرة العملية على منع النتيجة. وإذا كانت الدراسة قد قارنت بشكل رئيسي بين القانون الكويتي والنموذج الفرنسي، فإن ما خلصت إليه من استنتاجات يؤكد أن الكويت قد بدأت في التحول نحو نمط تشريعي قائم على «الاحتياط المعزز». الذي يراعي السياقات الخاصة ويحمل الفاعلين مسؤوليات تتناسب مع مواقعهم القانونية والفنية. كما أن التعديلات المدخلة، في مجملها، تنسجم مع الاتجاهات الدولية الحديثة نحو تغليظ العقوبة في حالات الإهمال الجسيم، دون التفريط في الضمانات الجوهرية للشرعية والعدالة الجنائية. وهكذا، يمكن القول إن التعديلات الأربعة (المواد 44،154،154 مكرر، 164 و164 مكرر) قد وضعت الأساس لنظام جديد في تنظيم المسؤولية عن الأفعال غير العمدية في القانون الكويتي، نظام يقوم على التمييز بين الخطأ المهني والعادي، ويعلي من معيار الاحتياط الفني، ويوسع نطاق المؤاخذة في حالات الامتناع الضار، في إطار قانوني يتطلب تفاعلا دقيقا من القضاء، وقراءات تفسيرية منضبطة من الفقه القانوني.

النائب وليد البعريني لـ «الأنباء»: قرار المفوضية السامية سياسي والمطلوب استنفار الدولة ومعالجة ملف النزوح
النائب وليد البعريني لـ «الأنباء»: قرار المفوضية السامية سياسي والمطلوب استنفار الدولة ومعالجة ملف النزوح

الأنباء

timeمنذ ساعة واحدة

  • الأنباء

النائب وليد البعريني لـ «الأنباء»: قرار المفوضية السامية سياسي والمطلوب استنفار الدولة ومعالجة ملف النزوح

قال عضو كتلة «الاعتدال الوطني» النائب وليد البعريني في حديث إلى «الأنباء»: «الضغوط الدولية مستمرة على لبنان ولن تتوقف قبل تطبيق القرار 1701 وملحقاته في اتفاق وقف إطلاق النار، وحصر السلاح كل السلاح من دون استثناء بيد الشرعية اللبنانية، واكتمال عقد الدولة الباسطة سيادتها على كامل اراضيها.. آخر الضغوط قرار المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وقف التغطية الصحية للاجئين السوريين في لبنان ابتداء من شهر نوفمبر المقبل». وأضاف البعريني «قرار المفوضية السامية سياسي بامتياز ويؤسس لانفجار اجتماعي كبير، ويتطلب بالتالي استنفار الدولة اللبنانية حكومة ومجلسا نيابيا اضافة إلى تأهب الديبلوماسية اللبنانية لمواجهته بسرعة، انما بحكمة وحنكة لتطويق تداعياته على الخزينة والاقتصاد والمجتمع اللبناني ككل، وذلك عبر تشكيل لجنة طوارئ وزارية بالتوازي مع حراك ديبلوماسي مكثف لعقد مؤتمر دولي، ينتهي اما بعودة المفوضية السامية ومن خلفها الدول المانحة عن قرارها غير الحكيم، واما استبداله بقرار يقضي بإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم الأم ضمن خطة زمنية لا تتعدى بداية شهر نوفمبر المقبل». وتابع «يعلم القاصي والداني لاسيما المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ان لبنان يعاني انهيارا اقتصاديا ونقديا حادا، وهو بالتالي عاجز ماليا عن تغطية كلفة الاستشفاء للبنانيين. فكيف بإضافة اعباء مالية جديدة عليه تتمثل بكلفة الاستشفاء للنازحين السوريين؟ وهذا بالتالي الدليل القاطع الذي لا يحتمل الشك على ان قرار المفوضية صدر في سياق استكمال حلقة الضغوط على الدولة اللبنانية، وأي تفسير آخر كذريعة الشح في التمويل المقدم من الدول المانحة، مرفوض بالمطلق ومردود سلفا إلى اصحابه». وختم بالقول «المنطقة على فوهة بركان قابل في أي لحظة للانفجار، وعلينا بالتالي كلبنانيين مسؤولين امام الله والشعب والتاريخ، تحصين الداخل اللبناني ليس فقط بتسريع الحل في مسألة النزوح السوري وحصر السلاح غير الشرعي بيد الدولة، انما ايضا بتحصين البلد سياسيا وأمنيا واجتماعيا واقتصاديا عبر تكاتف كل القوى السياسية من دون استثناء، لاسيما الرئيسين نبيه بري ونواف سلام وتعاضدهما في مواجهة كل الاحتمالات والسيناريوهات التي ترسم للمنطقة. كما نعول على حكمة وعزيمة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في قيادة سفينة الاصلاحات واخراج لبنان واللبنانيين من النفق، خصوصا في ظل الدعم العربي اللا محدود له لاسيما الدعم الخليجي منه. ونحن على ثقة أن الرئيس سلام قادر على طي هذا الملف وكل ملف شائك ومعقد بشكل كامل ونهائي».

وزراء: سمو ولي العهد يتمتع بحكمة وبُعد نظر ورؤية وطنية
وزراء: سمو ولي العهد يتمتع بحكمة وبُعد نظر ورؤية وطنية

الأنباء

timeمنذ ساعة واحدة

  • الأنباء

وزراء: سمو ولي العهد يتمتع بحكمة وبُعد نظر ورؤية وطنية

وزير الدفاع: نجدد العهد والوعد بالدفاع والمحافظة على أمن واستقرار بلدنا العزيز وزير الإعلام: سموه يجمع بين الخبرة والكفاءة والتفاني في خدمة الوطن والمواطنين وزيرة المالية: سمو ولي العهد يمثل نموذجاً في الحكمة والقيادة الراسخة وزيرة الأشغال: دور بارز لسمو ولي العهد في دعم ركائز الاستقرار وزيرة الشؤون: رؤية سموه الثاقبة أسهمت في تعزيز مسيرة التنمية والاستقرار في البلاد وزير العدل: سموه له مكانة رفيعة في قلوب الكويتيين والمقيمين لما يتمتع به من دماثة الخلق والحكمة رفع وزير الدفاع الشيخ عبدالله العلي باسمه ونيابة عن منتسبي الوزارة أسمى آيات التهاني وأجمل التبريكات إلى سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد بمناسبة الذكـــــرى الأولى لتولي سمــــوه ولايــــة العهد والثقة الغاليــــة التي حظي بها سموه من صاحب السمو الأمير. وقالت وزارة الدفاع في بيان أمس الأحــــد إن وزيـــر الدفاع بعث ببرقية تهنئة إلى سمو ولي العهد بهذه المناسبة جدد خلالها لسموه «العهد والوعد في الدفاع والمحافظة على أمن واستقرار بلدنا العزيز». وتضرع إلى المولى عز شأنه «أن يعيد هذه المناسبة العزيزة على سموكم بالخير والصحة والعافية، وعلى كويتنـــا الغاليــــة وشعبها الوفي بالعزة والرفعـــة والرخــــاء في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو أمير البلاد القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتوجيهات سموكم السديدة، حفظكم الله». من جهته، تقدم وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري أمس الأحد بخالص التهاني والتبريكات إلى سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد بمناسبة الذكرى الأولى لتولي سموه ولاية العهد. وأشاد الوزير المطيري في بيان صحافي صادر عن وزارة الإعلام بما يتمتع به سموه من حكمة وبعد نظر ورؤيــــة وطنيــــة تسهم في مواصلة مسيرة التنمية والازدهـــــار في الكـــويت. وأكد أن هذه المناسبة العزيزة تمثل محطة فخر واعتزاز لكل أبناء الكويت لما يجسده سمو ولي العهد من نموذج للقيادة الحكيمة التي تجمع بين الخبرة والكفاءة والتفاني في خدمة الوطن والمواطنين تحت القيادة الحكيمة لصاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، سائلا الله تعالي دوام التوفيق والسداد لسمو ولي العهد وأن يديم على وطننا الغالي نعمة الأمن والاستقرار والرفعة في ظل قيادتنا الرشيدة، حفظهم الله ورعاهــــم. من جانبها، تقدمت وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار م.نورة الفصام بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد بمناسبة الذكرى الأولى لتولي سموه ولاية العهد. وقالت الفصام في تصريح لـ «كونا» إن هذه المناسبة الوطنية الغالية تشكل محطة اعتزاز وفخر لدى أبناء الشعب الكويتي بما تحمله من رمزية كبيرة في مسيرة الوطن وتقدير للدور البارز الذي يقوم به سموه في دعم ركائز الاستقرار والتقدم على مختلف الصعد. وثمنت عاليا الرؤية الاقتصادية الثاقبة لسمو ولي العهد ودعم سموه المستمر لبرامج الإصلاح المالي والاقتصادي وتوجيهات سموه الحثيثة نحو تنويع مصادر الدخل وتطوير بيئة الأعمال وتعزيز جاذبية دولة الكويت للاستثمار بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة والرفاه للأجيال المقبلة. وأضافت أن سموه يمثل نموذجا في الحكمة والقيادة الراسخة، مشيدة بالعديد من المبادرات والمشروعات النوعية التي عززت من مكانة الكويت على الصعيدين الإقليمي والدولي. وأكدت أن وزارة المالية والجهات التابعة تواصل جهودها بروح الفريق الواحد لتحقيق رؤية القيادة الحكيمة. ودعت الفصام المولى عز وجل أن يمد سموه بموفور الصحة والعافية، وأن يجعله ذخرا وسندا لصاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، حفظه الله ورعاه، وأن يديم على وطننا الغالي نعمة الأمن والاستقرار والتقدم. بدورها، تقدمت وزيرة الأشغال العامة د.نورة المشعان أمس الأحد بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد بمناسبة الذكرى الأولى لتولي سموه ولاية العهد. وقالت المشعان في تصريح لـ«كونا» إن هذه المناسبة الوطنية الغالية تشكل محطة اعتزاز وفخر لدى أبناء الشعب الكويتي لما تحمله من رمزية كبيرة في مسيرة الوطن وتقدير للدور البارز الذي يقوم به سموه في دعم ركائز الاستقرار والتقدم على مختلف الصعد، مضيفة أن سموه يمثل نموذجا في الحكمة والقيادة الراسخة. وابتهلت إلى المولى عز وجل أن يسدد خطى سموه على دروب الخير وأن يوفق سموه بما يحمله من رغبة صادقة وحكمة بالغة لتحقيق تطلعات الشعب الكويتي وأن يديم على بلدنا الكويت نعمة الأمن والأمان والاستقرار والرخاء في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد. من جهتها، تقدمت وزيرة الشؤون الاجتماعية وشؤون الأسرة والطفولة د.أمثال الحويلة أمس الأحد بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد بمناسبة الذكرى الأولى لتولي سموه ولاية العهد. وقالت الوزيرة الحويلة في تصريح لـ«كونا» بهذه المناسبة إن الاحتفال بهذه الذكرى الغالية على قلوب أهل الكويت يمثل محطة فخر واعتزاز بما حققه سمو ولي العهد من إنجازات وطنية متميزة وما تميزت به قيادته من حكمة ورؤية ثاقبة أسهمت في تعزيز مسيرة التنمية والاستقرار والرخاء لوطننا الغالي. واستذكرت بكل فخر واعتزاز المسيرة الحافلة بالعطاء لسموه وما يتمتع به من صفات القيادة الحكيمة، داعية الله عز وجل أن يمده بموفور الصحة والعافية وأن يوفق سموه لما فيه خير الوطن والمواطنين ويجعله خير سند وعضد أمين لصاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد. وأكدت الحويلة أن وزارة الشؤون الاجتماعية وجميع منتسبيها يجددون العهد والولاء لسموه، لمواصلة العمل والعطاء لخدمة الكويت وأبنائها، سائلين الله تعالى أن يديم على بلادنا نعمة الأمن والاستقرار والتقدم تحت القيادة الحكيمة لصاحب السمو الأمير، وسمو ولي العهد. من جانبه، رفع وزير العدل المستشار ناصر السميط أمس الأحد أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد بمناسبة الذكرى الأولى لتولي سموه ولاية العهد. ‏وقال السميط في تصريح صحافي بهذه المناسبة إن سجل سمو ولي العهد حافل بالإنجازات العظيمة على مختلف الصعد وإن سموه رجل دولة مشهود له برجاحة الفكر ونقاء السيرة وصدق التوجه. وثمن عاليا المواقف الوطنية لسمو ولي العهد منوها بالمكانة الرفيعة التي يحظى بها سموه في قلوب الكويتيين والمقيمين لما يتمتع به سموه من دماثة الخلق والحكمة. ودعا الله جلت قدرته أن يحفظ سموه ويرعاه وأن يديم على سموه موفور الصحة وتمام العافية وأن يديم جل في علاه على الوطن العزيز نعمة الأمن والأمان والمزيد من التقدم والرخاء والاستقرار في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store